إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 23 نوفمبر 2013

أبو إسحاق الحويني وأصوله الحرورية


أبو إسحاق الحويني وأصوله الحرورية



الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد :
لم يَكتسب "أبو إسحق الحويني" ـ المحدث الحركي! ـ مكانته بين الناس إلا لأنه جالس يوماً من الدهر العلامة " ناصر الدين الألباني " ـ رحمه الله ـ (1)، وخرجت كلمات من الشيخ " الألباني " فيها تشجيع له للمواصلة في علم الحديث، نَصَبَ المبتدعة حول هذه الكلمات( شَرَك الألفاظ والألقاب) لسحر النشء وإفهامهم أنها تزكية من الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ لمنهج " الحويني"!
فانطلقوا يروجون أن الحويني خليفة الألباني الوحيد!، وأنه تلميذه النجيب!، وأنه...، وأنه...إلخ، انطلاقاً من (شَرَك الألفاظ والألقاب) الذي ينصبه مبتدعة زماننا لخداع النشء والبسطاء.

والحق الذي لابد أن يوضح، أن أقصى ما يُحمل عليه كلام الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في حق الحويني هو: شد الأزر في المواصلة في علم الحديث، وأما أن تُحمل كلمات الشيخ الألباني أنها تزكية لمنهج الحويني وعقيدته!، فهذا الذي لا يكون؛ فالشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ عاش حياته محارباً للمناهج المنحرفة والبدع العقائدية والعملية التي ابتليت بها الأمة، فكيف يُقرّ هذا الآدمي على منهجه المنحرف؟!
أظهر " الحويني" بعد موت الشيخ الألباني عدة أمور بينت انحرافه عن منهج السلف، وسلك طريق أهل الانحراف والبدع، بل أصل له ودعا إليه.


  • ولعل أشهر ما وقع فيه "الحويني": تبنيه لبدعة "الجهمية" الخبيثة من تكفير المصرّ على المعصية، والذي تبنته بعدها فِرَقُ الخوارج قديماً، حتى أصبح ديناً تقاتل عليه فرقهم المعاصرة اليوم!.
  • قال "الحويني" رداً على سؤال وجه إليه نصه : ((بعض أهل البدع يقولون: بكفر فاعل المعصية المصر عليها، وأن التوبة شرط لكي يعود مسلماً من جديد؟!
فأجاب : "أمَّا الرجل المُصرّ على المعصية، وهو يعلم أنها معصية فهذا مستحل !، هذا مستحل !، وهذا كفره ظاهر !!، كأن يقول: الربا أنا أعلم أنه حرام لكنني سآكله، والزنا حرام لكنني سأفعله.. هذا مستحل واضح الاستحلال فيه !، فلا شك في كفر مثل هذا الرجل.
أما مسألة المعصية غير المصر عليها فلا يكفر بها بطبيعة الحال، وهو مسلم وإن عصى، فكلمة يرجع للإسلام من جديد إذا كان قيد الكلام بالاستحلال فهذا لا شك فيه،لا شك فيه، رجل استحل المعصية وهو يعلم أنها معصية وفعلها واستحلها هذا يكفر ويخرج من الملة؛ عشان بقى( يعني : من أجل) يرجع إلى الإسلام، لابد أن يتوب ويغتسل وينطق بالشهادتين، ويرجع إلى الإسلام من جديد.. إي نعم .. والله أعلم )) .[ آخر شريط "شروط العمل الصالح"](2)

قلت: والسائل يؤصل أن هناك من يُكفر المصر على المعصية، وأن التوبة شرط لكي يعود مرة أخرى إلى دائرة الإسلام، وأن هذا المقولة تُنسب لبعض أهل البدع، فيسأل كيف نرد هذا الباطل، إذ أنه من قول أهل البدع؟.
فجاءت إجابة "الحويني" غاية في العجب!، كأنه لم يَلتفت إلى قول السائل أن هذه من مقالات المبتدعة لغلبة البدعة عليه، وسيطرة الفكرة على قلبه وعقله؛ فقرر: أن المصِرّ مستحل إن كان يعلم أن المصَرَّ عليه معصية!، ومن كان هذا حاله فلا شك في كفره، فلا بد أن يتوب ويغتسل وينطق بالشهادتين، ويرجع إلى الإسلام من جديد!!، وهو هو نفس ما قرر السائل أنه كلام أهل البدع!، وكيف يكون الرد عليه؟

  • والذي ذهب إليه "الحويني" في هذه الفتوى هو عين ما عليه الخوارج الأُول!, فقد قالت الخوارج (الإباضية) : (( الإصرار على أي ذنب كفر! )) [ مقالات الإسلاميين 1 / 187 ].
وقال ابن حزم عن الخوارج: ".. وقالوا من كذب كذبة صغيرة أو عمل عملاً صغيراً فأصر على ذلك فهو كافر مشرك وكذلك في الكبائر".[ المحلى 4 / 190].
وقال الشهرستاني في (كتابه الملل والنحل) عند ذكر فرقة النجدات العاذرية من فرق الخوارج : (قال [أي نجدة بن عامر الذي إليه تنسب هذه الفرقة الخارجية] : ومن نظر نظرة أو كذب كذبة صغيرة أو كبيرة وأصر عليها فهو مشرك ومن زنى وشرب وسرق غير مصر عليه فهو غير مشرك ).


  • وهو كذلك قول الخوارج الجدد!، فهذا " شكري مصطفى " ـ مؤسس وأمير تنظيم " التكفير والهجرة " وأحد أئمة التكفير في العصر الحديث!، يُقرر ما أصله " الحويني "في كلامه السابق. فقال : (( والإصرار على المعصية هو نية عدم التوبة منها، وإظهار ذلك هو: إعلان نية ألاً يتوب قولاً أو فعلاً. وهذا كفر صريح في اعتبار الجماعة المسلمة(3) يقتضي فلق الهام، وقطع الرقاب، فكل من أظهر إصراراً على معصية بينة من معاصي الله بقول أو فعل فإن للجماعة المسلمة حرية أن تستأصله منها، وتطهر نفسها منه تطهيراً (4). [ كتاب التكفير والهجرة وجهاً لوجه ص / 155 تأليف رجب مختار مدكور ، بواسطة إعلان النكير على غلاة التكفير ص / 163 ].
فمآل كلام الحويني السابق أن الإصرار على المعصية كفر، وهو نفس كلام الخوارج القدامى، ونفس كلام شكري مصطفى من مجددي فكر الخوارج في العصر الحديث!.
والعلة التي جعلها الحويني أنها موجبه للكفر، هي معرفة العاصي بأن فعله محرم ومع ذلك يفعله، فقال :" ... كأن يقول: الربا أنا أعلم أنه حرام لكنني سآكله، والزنا حرام لكنني سأفعله.. هذا مستحل واضح الاستحلال فيه !، فلا شك في كفر مثل هذا الرجل" أ.هـ
فعلق التكفير على معرفة العاصي بحرمة المعصية قبل الإقدام عليها!. وهذا لا يُكَفِّر به أهل السنة، فَجُلّ العصاة يعلمون بحرمة المعصية قبل مباشرتها، يدفعهم للوقوع فيها ضعف إيمانهم وغلبة الشهوة.
وقد وُجّه سؤال للشيخ العلامة "عبد الرزاق عفيفي" ـ عليه الرحمة ـ، وفيه نفس العلة التي علق عليها "الحويني" تكفيره ، فقال السائل: رجل قيل له : فعلك هذا محرم، فقال : أنا أعرف أنه حرام، ولكن سأفعله ؟!
فأجاب : (( إذا كان مضطراً إلى فعله فهو معذور، وإلا فهو مستهتر، وهي معصية كبرى تصل إلى درجة الكفر والعياذ بالله )). [مجموع الفتاوى تحقيق الشيخ خالد عثمان، ص 79 ـ ط دار علم السلف ] .
فتأمل ـ يرحمك الله ـ إلى التفصيل المعهود من أهل السنة في مسألة التكفير، لم يُكفره الشيخ مع أنه قال بنفس القول الذي ضربه الحويني في مثاله، وذلك لعل هناك مانع يَمنع من تكفيره. حتى لما قال أن هذه معصية كبرى تصل إلى درجة الكفر، لم يَذكر أن صاحبها يَكفر بها مع أنها تصل إلى درجة الكفر، لأنه ربما يقع الرجل في الكفر ولا يقع الكفر عليه، وهكذا أهل السنة يعلمون الحق ويرحمون الخلق, وهذا هو منهجهم.

  • يقول " ابن قيم الجوزية " ـ رحمه الله ـ : (( ... ونرى أن لا نُكَفِّر أحداً من أهل القبلة بذنب يرتكبه كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر، كما دانت بذلك الخوارج وزعموا أنهم بذلك كافرون، ونقول: أن من عمل كبيرة من الكبائر وما أشبهها مستحلاً لها، كان كافراً إذا كان غير معتقد لتحريمها )). [ اجتماع الجيوش الإسلامية ص/ 185] .
  • وقال الشيخ الألباني : ((وخلاصة الكلام : لا بد من معرفة أن الكفر - كالفسق والظلم - ينقسم إلى قسمين :
كفر وفسق وظلم يُخرج من الملة وكل ذلك يعود إلى الاستحلال القلبي، وآخر لا يُخرج من الملة يعود إلى الاستحلال العملي.
فكل المعاصي - وبخاصة ما فشا في هذا الزمان من استحلال عملي للربا والزنا وشرب الخمر وغيرها - هي من الكفر العملي فلا يجوز أن نكفر العصاة المتلبسين بشيء من المعاصي لمجرد ارتكابهم لها واستحلالهم إياها عمليا، إلا إذا ظهر - يقينا - لنا منهم - يقينا - ما يكشف لنا عما في قرارة نفوسهم أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله اعتقادًا ، فإذا عرفنا أنهم وقعوا في هذه المخالفة القلبية حكمنا حينئذ بأنهم كفروا كفر ردة, أما إذا لم نعلم ذلك فلا سبيل لنا إلى الحكم بكفرهم لأننا نخشى أن نقع تحت وعيد قوله - عليه الصلاة والسلام - : " إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما " . والأحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرة جداً أذكر منها حديثاً ذا دلالة كبيرة وهو في قصة ذلك الصحابي الذي قاتل أحد المشركين فلما رأى هذا المشرك أنه صار تحت ضربة سيف المسلم الصحابي قال : "أشهد أن لا إله إلا الله" فما قالها الصحابي فقتله، فلما بلغ خبره النبي صلى الله عليه وسلم، أنكر عليه ذلك أشد الإنكار، فاعتذر الصحابي بأن المشرك ما قالها إلا خوفًا من القتل، وكان جوابه صلى الله عليه و سلم : " هلّا شققت عن قلبه ؟ ". [ أخرجه البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه ] ، إذاً الكفر الاعتقادي ليس له علاقة أساسية بمجرد العمل إنما علاقته الكبرى بالقلب، ونحن لا نستطيع أن نعلم ما في قلب الفاسق والفاجر والسارق والزاني والمرابي . . . ومن شابههم إلا إذا عبر عما في قلبه بلسانه، أما عمله فينبئ أنه خالف الشرع مخالفة عملية )) اهـ .[فتنة التكفير ص/32] .

قلت : فأين الحويني من كلام أهل السنة ومنهم كلام الشيخ الذي يدعي الانتساب إليه والتتلمذ على يديه؟!
وتأمل مفهوم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ((من مات من أمتي وهو يشرب الخمر حرم الله عليه شربها في الجنة، ومن مات من أمتي وهو يتحلى بالذهب حرم الله عليه لباسه في الجنة )) [ رواه أحمد والطبراني وصححه الشيخ ناصر في صحيح الترغيب والترهيب ] . فالمفهوم من الحديث أن من مات وهو مستمراً على شرب الخمر ولبس الذهب عوقب بحرمانها في الجنة، يعني: لم يمت كافراً كما زعم الحويني(5)؛ بل هو تحت مشيئة الرب ـ سبحانه ـ إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه.

  • وقال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في أصول السنة ( 32 ) : (( ومَن لقيه مُصِرًّا غير تائب من الذنوب التي قد استوجب بها العقوبة، فأمره إلى الله إن شاء عذبه، وإن شاء غفر لله)).
فالإمام أحمد هنا بين أن من مات وهو مُصِرًّا على المعصية ولم يتب، فهو تحت المشيئة، في العقاب والعفو. فلم يكفره.

  • ويقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ : ((وأما أن المصرَّ على المعصية فاسقٌ مؤاخذ، فهذا إنما هو فيمن عَمِلَ المعصية، ثم أصرَّ عليها، فهُنا عمل اتصل به العزمُ علي معاودته، فهذا هو المُصِرُّ)).[زاد المعاد (5 / 204 ) ط السابعة والعشرون لدار الرسالة].
وكعادة المبتدعة يتكلمون بالمتشابه من الكلام ، يخدعون به جهال الناس بما يشبهون عليهم؛ لما روجع الحويني في هذا الكلام ذهب يقول: إنه لا يُكَفِّر بالكبيرة، ولا خطر على قلبه يوماً هذا الأمر، فانخدع بكلامه كثير من الناس.

وموطن النزاع أن أهل السنة يدينونه بالتكفير بالإصرار على المعصية، وليس بالتكفير بالكبيرة(6)، وليس هذا هو ما فهمه أهل السنة وحدهم من كلام "الحويني" بل ما فهمه الخوارج أيضاً من كلامه!.
فهناك تكفيري مشبوه يُعرف بـ "عبد الحميد أبو النعيم السلفي المغربي" له مقطع مصور على الشبكة تحت اسم " أبو النعيم يُكفر المصر على المعصية" من شريط موانع التكفير!، قال فيه أن أبا إسحاق الحويني قد أصاب، يعني: في تكفيره للمصر على المعصية!.
فخلاصة كلام الحويني في هذه المسألة أنه قعد وأصل أن : ( المصر مستحل، والمستحل كافر)، وهذا قول الخوارج بشهادة الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ نفسه.

 قال الشيخ الألباني في شريط (لا عزة إلا بالعودة للدين): "الخوارج القدامى كان ضلالهم محصوراً على أنهم يكفرون المصرِّين على الكبائر، أما اليوم فقد نبتت نابتة جديدة يكفرون المصر على المعصية الذي مات عليها ولم يتب". اهـ.

  • هذا؛ وقد وافق الحويني كذلك أصول الخوارج الحرورية الجدد من التأصيل والتقعيد بأن الحاكمية هي أخص خصائص الإلهية؛ هذه القاعدة التي أحدثوها لينطلقوا منها لتكفير حكام المسلمين ابتدأ، ثم سائر المسلمين تبعاً، لأنه إن كان توحيد الحاكمية هو أخص خصائص توحيد الإلهية، فبلا شك من ترك الحكم بغير ما أنزل الله ـ ولو في مسألة واحدة ـ فقد ترك أخص خصائص التوحيد، ومن ترك أخص خصائص التوحيد، كيف يكون مسلماً (7)؟!
  • قال "الحويني"في شريط ((مذهب الشيطان)): " توحيد العبادة في مثل قوله تبارك وتعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ}، يَقص الحق يعني: يقضيه. وفي الرواية الأخرى المتواترة - وهي قراءة حمزة، وأبي عمرو بن العلاء، والكسائي، وخَلَف- : {يَقْضِي الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ}، {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ}، {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ}، {وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}، وقال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
فهذا هو توحيد العبادة، {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ}، توحيد الحاكمية، أخص خصائص توحيد الألوهيةّ!" اهـ

  • وقال أيضاً : " فكم يا تُرى للتجار مستشارين من أهل العلم؟ التجار الكبار لهم مستشارون قانونيون ومحاسبون، ويعطونهم رواتب عالية وثابتة، ويعطونهم نِسَبًا أيضًا، وأهل العلم استشارتهم مجانية، بلا مال، فهل يا تُرى لكل تاجر كبير مستشار يقول له هذا حلال وهذا حرام ويَصْدُر عن فتواه؟ هذا من أدل الأدلة على أننا لا نوحد الله - عز وجل - توحيد الحاكمية!، الذي هو أخص خصائص توحيد الألوهية!!" اهـ
قلت: وتبَنَّي" الحويني" لبدعة " توحيد الحاكمية " موافقةً منه لما عليه خوارج العصر، إذ ليس هذا من كلام أهل السنة الخُلّص، وإنما هو لسان الحركين من التكفريين والقطبيين ومن اتبع طريقتهم .

  • قال العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ رداً على سؤال وُجّه إليه: "شيخنا! - بارك الله فيك - ذكر علماء السلف ـ رحمة الله عليهم ـ أن أنواع التوحيد ثلاثة: ألوهية وربوبية وأسماء وصفات، فهل يَصح أن نقول: بأن هناك توحيدً رابعًا هو توحيد الحاكمية أو توحيد الحكم؟
فقال الشيخ: "لا يصح، أبشر، لا يصح، ولكن الرد ما يكون بهذا الجواب،الحاكمية فرع من فروع توحيد الألوهية، والذين يدندنون بهذه الكلمة المحدثة في العصر الحاضر يتخذونها سلاحًا، ليس لتعليم المسلمين التوحيد الذي جاءبه الأنبياء والرسل كلهم، وإنما سلاحا سياسياً، وأنا من أجل أن أثبت لكم ما قلت لكم آنفًا أن هذا السؤال كثر مني جوابه مراراً وتكرارًا... أنا قلت في مثل هذه المناسبة تأييداً لمِا قلته آنفاً أن استعمال كلمة الحاكمية هو من تمام الدعوة السياسية التي يختص بها بعض الأحزاب القائمة اليوم، ... ثم ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ:أنهم طوروا جزءًا من توحيد الألوهية أو العبادة وعنونوه بهذه الكلمة المحدثة لغرض سياسي!".[سلسلة الهدى والنور (784) بواسطة الحدود الفاصلة ص / 265].


  • وسئل العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : ما تقول - عفا الله عنك - في من أضاف للتوحيد قسماً رابعاً، سماه توحيد الحاكمية؟

فأجاب: "نقول: إنه ضال، وجاهل؛ لأن توحيد الحاكمية هو توحيد الله - عز وجل- ، فالحاكم هو الله - عز وجل-؛ فإذا قلت: التوحيد ثلاثة أنواع، كما قاله العلماء، توحيد الربوبية، فإن توحيد الحاكمية داخل في الربوبية، لأن توحيد الربوبية هو توحيد الحكم والخلق والتدبير لله -عز وجل-؛ وهذا قول محدث منكر؛ وكيف توحيد الحاكمية؟! ما يمكن أن توَحّد الحاكمية، المعنى أن يكون حاكم الدنيا واحداً؟!! أم ماذا؟ فهذا قول محدث مبتدَع منكر، يُنكَر على صاحبه، ويقال له: إن أردت الحكمَ فالحكمُ لله وحده، وهو داخل في توحيد الربوبية، لأن الرب هو الخالق المالك المدبر للأمور كلها؛ فهذه بدعة وضلالة، نعم". اهـ . [فتاوى نور على الدرب 150 ].

قلت: فهذا ما عليه أهل السنة من السلفيين أن توحيد الحاكمية قول محدث مبتدَع منكر يستخدمه الأحزاب السياسية لغرض سياسي، وأن القائل به جاهل ضال يُنكر عليه؛ فمن سلف الحويني في كلامه الذي يتناقض مع كلام شيخه الألباني؟
سلف الحويني في هذا الكلام هو جد الخوارج المعاصرين!"سيد قطب" ـ قبحه الله ـ ، والذي استمات الحويني في الدفاع عنه، وسَمَّى دفع العلماء للباطل الذي سطره في كتبه من سب الأنبياء والأصحاب والقول بعقيدة وحدة الوجود وتفسير القرآن على أنه لوحة فنية أو مقطوعة موسيقية! سمى هذا "تلكيك" (يعني: افتراء وتربص)، قال " سيد قطب "في ظلاله ( 2 / 367 ) : " إن أخص خصائص الألوهية - كما أسلفنا - هي الحاكمية .. والذي يشرع لمجموعة من الناس يأخذ فيهم مكان الألوهية ويستخدم خصائصها. فهم عبيده لا عبيد الله، وهم في دينه لا في دين الله"(8).

قلت :فالحويني يسير على نهج الخوارج، فيتكلم بلسانهم، ويدافع عن معتقداتهم، ويؤصل لباطلهم، ولهذا لا يَستغرب المرء عندما يجد أن أصحابه وجلسائه هم من أئمة هذا الفكر، بل هم من رؤوس التكفير في زماننا!.
فأصحاب الحويني وأخدانه هم: محمد عبد المقصود، وفوزي السعيد، وسيد العربي، وغيرهم من الضالين، بل هم عنده نجوم لا يحتاجون إلى تذكير(9)، مع أنهم من أخبث أهل البدع، وأشدهم حملاً وكذباً على أهل السنة، إذ هم من نسبوا بدعة الإرجاء إلى عقيدة الشيخ الألباني!، وأنه على عقيدة الجهم بن صفوان!! (10) ، فهو منهم وهُم منه، فالمرء على دين خليله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم(11).
ومن جلسائه كذلك التكفيري "عمر الحدوشي" ـ القائل أن شيوخ المداخلة لا يحتاجون الرد بل يحتاجون الحد! ـ ،و " أبو النعيم المغربي" الذي مر ذكره انفاً، فضلاً عن ثنائه عليهم، فأثنى على "عبدالله السماوي" ـ المؤسس الحقيقي للجماعة الإسلامية ـ ووصفه بأنه حسن الخلق والحلم ـ وثنائه الحار على الشيخ أحمد ياسين ـ عفا الله عنه ـ والإعراض عن بيان فساد عقيدته(12)، وثنائه كذلك واستقباله لـ"عبد الرحمن عبد الخالق"، والذي يرى "الحويني" أن من رد عليه لم يرد بحق!، ليغمز من طرف خفي أئمة السلفية في العصر الحديث الذين ردوا باطل هذا المنحرف وعلى رأسهم الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ .
ومع أن ـ المحدث الحركي! ـ كثير الزعم أنه من المدافعين عن السلف، وينبغي تكوين حرس حدود للدفاع والذب عنهم، إلا أن عامة دروسه وخطبه لا يلحظ فيها هذا الإدعاء، فلا يُعلم عنه أنه شرح كتب السلف التي تناولت ما كانوا عليه من معتقد، كأصول السنة للإمام أحمد، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة للآلكائي، والشريعة للآجري، وغيرها من الكتب التي يتميز بشرحها والاعتناء بها من رضي بمعتقد السلف منهجاً وسبيلاً، وإنما اكتفى من سير السلف بقصصهم كحال عامة الوعاظ ممن لا يهتم بتأصيل العقيدة، وتحذير الأمة من البدع.
وحتى تناوله لبعض قصص السلف كانت تقوية لنحلته وبدعته، فتراه يَزهد وهو (المحدث!) في قصة الإمام أحمد بن حنبل (شيخ المحدثين ) ـ رحمه الله ـ في محنة خلق القرآن مع أمراء بني العباس، وذلك لأنها تهدم مذهبه، ويتمسك بقصة " العز بن عبد السلام " مع " الصالح أيوب " حاكم مصر ـ (13) ليجعلها كأنها منهج ينبغي أن تسير عليه الأمة!، فلا تراه يملّ من تكرارها في خطبه ودروسه، وما ذلك إلا لأنها تخدم وتقوي بدعته ومذهبه!.

فالرجل من الخوارج (القعدية) ، الذين يُحَسِّنون لغيرهم الخروج على المسلمين، ولا يباشرون القتال، وهذا الصنف من أخبث الخوارج!، كما قال عبد الله بن محمد أبو محمد الضعيف ـ رحمه الله ـ(14).
فعامة دروسه وخطبه ـ خاصة ـ قائمة على هذا الأصل، إما تصريحاً أو تلميحًا، فليست سوى مجالس تهييج وتشغيب وتهويل من أخطاء الحكام والقادة، والتندر بمثالبهم، وسلب محاسنهم، وهذا الأمر واضح وضوح الشمس!،لا يُنكره حتى بعض أحباء الحويني، وهذا مثال واحد:

  • قال في شريط له سماه ((ابن تيمية))! : "الذين عاينوا السجن قديماً في الستينيات لهم مواقف أشد مرارة، يأتي أحد النواب المصريين في كتابٍ له اسمه "الطريق إلى المنصة" يقول: وهذا الرجل كان الذراع الأيمن للمشير عبد الحكيم عامر، إذا أراد المشير أن ينام مع امرأة يذهب إلى باريس فيأتي له بغرفة النوم - يعني: رجل من أوليائه - وكان صلاح نصر آنذاك يُصور المشير عارياً مع المرأة، وهو صديقه الحميم، لعله يحتاج إليها في يوم من الأيام .. لا يوجد في قواميس هؤلاء معنى للوفاء ولا للصداقة".اهـ
فهذه عينة من مجالس تحديث أبي إسحاق الحويني، فضلاً عن تلميحه وتصريحه أحياناً برِدَّة الحاكم الفُلاني، وأن فلانًا من الرؤساء لا يحسن يصلي فيضع يده اليسرى على اليمنى.. وهكذا.

ولعل تصريحه بتكفير "صدام حسين" ـ غفر الله له ـ تكرر غير مرة، حتى أنه وضعه يوماً في مقارنة مع الحجاج بن يوسف الثقفي، ثم قال: أن الحجاج على ما فيه له حسنات تذكر، أما هذا الرجل فلا يعلم له حسنة قط!؛ فلما قتل "صدام" على يدي الروافض، ونطق بالشهادة متمكناً غير متلعثم، وكان هذا على مرآى ومسمع من الجميع، كان من المتوقع أن يُعقب الحويني على هذه الحادثة بذكر حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة "، وفي رواية " وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ" [متفق عليه]، وهذه الأحاديث التي في هذا المعنى، لكنه بخبثه علم أن هذا يَناقض ما أصله في نفوس أتباعه من تكفير الحكام، فاستغل كلمة قالها أحد الروفض لصدام عند شنقه، فقال له : " إلى جهنم" أو كلمة مثلها، فعقب الحويني عليها بحديث الرجل الذي قال : واللهِ لا يغفر اللهُ لفلان ، فقال الله تعالى: من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان ، فإني قد غفرت لفلان ، وأحبطت عملك" [رواه مسلم].

والخلاصة: أن أبا إسحق الحويني لا يسير على أصول أهل السنة ولا ينتهج منهج السلف الصالح الذي كان عليه شيخه الألباني، بل يسير على أصول الخوارج الحرورية وينتهج ويؤصل لبدعتهم، من تكفير عصاة المسلمين بالكبيرة أو بالإصرار عليها، وجعل توحيد الحاكمية أخص خصائص توحيد الألوهية والذي هو بدعة خارجية حديثة، وجعل محاضراته ودروسه دورات لتعليم تكفير الحكام والخروج عليهم، وتقديم شُذّاذ الآفاق من الخوارج والمبتدعين لعوام المسلمين على أنهم هم العلماء والنجوم! ، فضلاً عن مجالستهم والثناء عليهم.(15)

هذا؛ وتراه كذلك لم يفارق سنة الخوارج في العذر بالجهل، فلم يعذر أهل البوسنة لعجمتهم وبعدهم عن أرض الإسلام في موالاتهم للنصارى ففرح بإبادتهم لزعمه أنه لا ينفع معهم نصح أو تعليم!، وكذا فارق سبيل الأكابر من أهل السنة الذين قالوا بحرمة العمليات الانتحارية وأنها لا تجوز بهذه الصورة الحالية، ومال إلى صف إخوانه من الخوارج ووصف هؤلاء العلماء الذين قالوا بالحرمة ـ ومنهم الشيخ الألباني ـ أنهم "جَلْيَطَة"!! ومعلوم موقفه الأخير من التشجيع على المظاهرات والاعتصامات التي أصبحت من أصول دين الخوارج في العصر الحديث.

ولولا أني خصصت هذه الكلمة لبيان أصول أبو إسحاق الحويني الخارجية الحرورية، لتناولت له عدة مخالفات خطيرة أخرى، كتهوره وهو يتكلم عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح ـ رحمة الله عليهم ـ (16)، وأخذه ببدعة الموازنات الخبيثة التي لَبَّسَتْ الحق على كثير من عوام أهل السنة، وطعنه في عدد من كبار علماء الأمة ،وغيرها من البلايا.

  • وقد حذر من "الحويني" وبدعه جماعة من العلماء، منهم:
  • الإمام مقبل بن هادي الوادعي ـ رحمه الله ـ ، فقال في رده على سؤال فيه: ما رأيكم فيمن يدعي السلفية، وهو لا يقتني الكتب السلفية ، ولا الأشرطة السلفية، وكذلك يدافع عن المتحزبيين؟
فقال ـ رحمه الله ـ : " الذي ننصح به إخواننا أن يُقبلوا على الكتب النافعة، مثل: "رياض الصالحين"، ومثل "بلوغ المرام"، ومثل "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد"، هذا حتى أنفع لهم من الأشرطة،... أما عدم اقتنائه للأشرطة فليس دليلاً على أنه ليس بسلفي، لكن ينبغي أن ننظر إلى من يُوَادّ، أيُوَادُّ المبتدعة؟ نعم، مثل عبد الرحمن عبد الخالق، وأبي إسحاق الحويني، فهذان يُعتبران من المبتدعة، أيْنعم، وكذا مثل أيضًا سَفَر، وكذلك سلمان، يُعتبران من المبتدعة...". [شريط (المجروحون العدد(3) تسجيلات أهل الحديث. الجزائر)].

  • وسئل العلامة أحمد بن يحيى النجمي ـ رحمه الله ـ:ما هو وضع كل من: محمد المغراوي، أبو إسحاق الحويني، وحسين يعقوب؟
فقال: "الذي أعرفه عن محمد المغراوي أنه تكفيري، وأبو إسحاق الحويني كذلك، وهو من أصدقاء أبي الحسن ومناصريه، أما حسين يعقوب فأنا لا أعرف حاله." اهـ

  • وتكلم فيه أيضاً العلامة ربيع بن هادي المدخلي، الشيخ عبيد الجابري، الشيخ محمد بن هادي المدخلي، الشيخ محمد بن عمر بن بازمول، والشيخ فلاح بن إسماعيل مندكار، الشيخ محمد بن عبد الوهاب البنا، والشيخ أبو عبد الأعلى خالد عثمان ، وغيرهم ـ رحم الله الأموات وحفظ الأحياء ـ .
  • هذا؛ لله در "أبو قدامة المصري" ـ حفظه الله ـ فقد لخص طوام بلايا "الحويني" في أبيات غاية في الروعة.. قالها في معرض رده على القطبي المميع! " أحمد النقيب"، فكان مما قال:


- غَـلا فِي الْـحَـاكِـمِـيَّـةِ كَــ ( ابْنِ قُـطْـبٍ ) ======
=============== بـلا سَــلَـفٍ وَ لا أَثَرٍ مُــصِــيبِ
- فَـلا سُـلْـطَـانَ شَــرْعِــيًّا يَـرَاهُ ============
============== بـلازِمِ قَـوْلِ سَـيِّـدِهِ ( الأَدِيبِ ):
- “أَخـصُّ خَـصَـائِصِ الـتَّـوْحِـيدِ حُــكْـمٌ========
=============== وَ ذَلِكَ بَابُ تَـكْـفِـيرِ الشُّـعُـوبِ
- وَ لَمْ يَـأْبـَهْ – كَـعَـادَتِهِ – لِـنُـصْـحٍ ===========
=============== وَ سَـفّـهَ كُـلَّ مُـعْـتَرِضٍ لَـبيبِ
- وَ شَــجَّـعَ الانْـتِـحَـارِيـينَ خَــلْـطًـا ==========
============= بـمَـسْأْلَةِ انْـغِـمَاسٍ فِي الْحُـرُوبِ
- وَ أَلْـقَى مَـنْ يُـخَـالِـفُ مِـنْ شُـيُوخٍ =========
============== أَكَـابرَ كَــ( ابْنِ بَـازٍ ) بالْمَــعِــيبِ
- رَأَى خَـيْرًا إبَادَةَ شَـعْـبِ ( بُوسْــنَـهْ ) ========
============== وَ أَلْـحَـقَـهُـمْ بــعُــبَّـادِ الـصَّـلِـيبِ
- فَـلَمْ يَـعْـذُرْ جَـهُـولًا أَعْـجَـمِـيًّا ============
=========== وَ ظَـنَّ فَـقَالَ : لَـيْـسَ بـمُـسْـتَـجـيبِ
- رَأَى ذَا الْكِـبْرِ أَوْ مَنْ جَـرَّ ثَـوْبـًا ============
=========== مِـنَ الْخُـيَلاءِ ( يَـخْـلُدُ ) فِي اللَّـهِـيبِ
- كَـمَـا ضَـرَبَ الْمِــثَالَ بـشُرْبِ خَـمْـرٍ =========
========= عَـلَى الْـكُـفْـرِ الصَّـرِيحِ ، فَــيَا نَـحِـيبي !!ـ
- وَ رَغْـمَ الـنُّـصْـحِ لَمْ يَـفْـتَأْ مُــصِـرًّا ==========
============ عَـلَى كُــفْــرِ الْمُـصِـرِّ عَـلَى الذنُوبِ
- يَـرَاهُ قَـدِ اسْـتَـحَـلَّ !! أَخَـارِجيٌّ ===========
=========== حَــبـيـبُـكَ ؟! أَمْ عَـلَى نَـهْـجٍ قَـرِيبِ ؟
- وَ أَنْـكَـرَ بَـعْـدَ ذَلِكَ مَـا جَـنَاهُ =============
=============== بـمَـكْـرٍ لا يَـرُوجُ عَـلَى اللَّبيبِ
- فَقَالَ : قَـصَدتُّ إصْـرَارَ الْمُـرابي ===========
============== يَقُولُ : “ عَلِمْتُ بالإثْمِ الرَّهِـيبِ
- وَ أَنَّ الله حَــرَّمَـهُ ، وَ لَــكِـنْ =============
========== سَـآكُـلُـهُ ” !! فَــمَـا رَأْيُ ( النَّـقِـيبِ ) ؟
- أُرَاكَ تَـقُـولُ : “ذَا رَأْيٌ سَــقِـيمٌ ===========
============== وَ يَـصْـدُرُ عَنْ جَـهُـولٍ أَوْ كَـذُوبِ”ـ
- فَـهَــذَا الْـقَـوْلُ مُـحْـتَمِلٌ مُـرِيبٌ ===========
=========== وَالاسْـتِـحْـلالُ مِـنْ عَــمَـلِ الْـقُـلُـوبِ

- وَ كَـاشِـفُـهُ : بـفِــعْـلٍ أَوْ بـقَـوْلٍ ===========
=========== صَــــرِيـحٍ ، لَـيْـسَ رَجْــمًـا بالْـغُــيُوبِ
- فَـهَـلْ قَـالَ الْمُـصِــرُّ : “النَّهْيُ ظُـلْمٌ” ========
=========== وَ سَـفّـهَ حِـكْـمَـةَ الْمَـلِكِ الْحَـسِـيبِ
- لِـيُـلْـحِـقَـهُ بمَنْ كَـفَـرُوا إباءً =============
=========== مَـعَ الشَّـيْـطَانِ فِي قَـعْـرِ اللَّهِـيبِ ؟!ـ
- فَـوَااااغَـوْثَـااااهُ مِـنْ سُـوءِ اجْـتِرَاءٍ ==========
============== وَ تدْلِـيسٍ وَ تلْبيسٍ عَـجـيبِ !!
- فَـإمَّـا أَنْ تـقِـرَّ لَهُ بـجَـهْـلٍ ==============
============ فَـحَـسْـبُكَ مِـنْهُ رُؤْيـَا الْـعَـنْدَلِيبِ !!(17)
 

تنبيه: أقوال "الحويني" موثقة بصوته في وصلات الأبيات
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 16 محرم 1435
20 / 11 / 2013


الهوامش ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): قال الحويني: أنا كل رصيدي مع الشيخ الألباني في الملاقاة شهر: واحد وثلاثين يوماً، دا كل رصيدي مع الشيخ الألباني ، ثلاثة أسابيع من الزيارة الأولى من اثنين وعشرين سنة، ثم أيام الحج لما حججت معه أول مرة، وكان دي آخر حجة للشيخ الألباني،ما حج بعدها فيما أعلم. [الحدود الفاصلة ص 793 ].

(2): ولما روجع في هذا الكلام، وأنه بهذا يُكفر عصاة المسلمين، تكلم بكلام طويل مفاده أنه ما اعتقد يوماً كفر فاعل الكبيرة،ـ مع أن موطن النزاع أن العلماء أنكروا عليه أنه يُكفر( المَصِر) على الكبيرة وليس فاعل الكبيرة فانتبه! ـ
ثم قال: المصر: ليس هو الذي يفعل الذنب ويكرره، ولو مرارًا. إن تكرير الذنب لا يدل على الإصرار. العبد إذا كرر الذنب مرارًا وتكرارًا لا يدل على الإصرار، والفعل بمجرده أيضًا لا يدل على الإصرار. يعني واحد واضع أمواله في البنوك، يا أخي هذا ربا! الله يتوب عليَّ، أعمل إيه؟! لا أجد من يشغل لي أموالي، الأمانة راحت، وضعنا أموالنا في الشركة الفلانية سرقوها، الشركة العلانية سرقوها، أنا ماذا أفعل؟ ربنا يتوب عليَّ، هذا لا يكفر، وإن كان مرتكبًا لهذه الكبيرة الموبقة، وهي وضع الأموال في البنوك، أنسوى بين هذا الذي قال هذا الكلام، وبين من يقول: "إن الله حرم الربا، لكني آكله!" من الذي يسوى بين هذا في العالمين؟! لا يشك أحد في كفر هذا الجنس على الإطلاق !! ... إنما الذي (يجحد) ما أنزل الله (ويصر) على أن يخالف الله سبحانه وتعالي هذا كافر لا شك في ذلك وأنا لا أعلم أحد من أهل العلم خالف في هذا! . فكيف يقال أنى أكفر فاعل الكبيرة ؟ مجرد فعله للكبيرة )) اهـ .[تفريغ لكلامه من على موقعه الرسمي].

قلت: فانظر إلى التلاعب والمراوغة، أنكر أن يكون ممن يكفر بالكبيرة، والذي أخذ عليه هو تكفير المصر على الكبيرة وليس تكفير فاعل الكبيرة، ثم قال: ليس معنى الإصرار على الذنب هو تكراره، ثم ضرب مثالاً لرجل يقيم على كبيرة ولكنه اعتذر عنها بلسانه، وأخر مقيم على كبيرة ولم يعتذر عنها بل صرح أنه مقيم عليها، فكفر الثاني!، بزعمه أنه (يجحد) ما أنزل الله، (ويصر) على أن يخالف الله سبحانه وتعالي.
ولا أدري من أين استنبط أنه (يجحد) ما أنزل الله ؟! ثم يزعم أنه لا يَشك أحد في كفر هذا الجنس على الإطلاق!، ثم يقول: فكيف يُقال أنى أكفر فاعل الكبيرة؟!.
فالرجل على سنة المبتدعة من الغموض وعدم الوضوح والصراحة فيتكلم بالمتشابه من الكلام، ليخدع به جهال الناس بما يشبه عليهم.
والذي أجمع عليه العلماء هو كفر من يقول: (الربا حلال) فأحل ما حرم الله ـ وإن لم يأكله ـ فهو كافر، أما تكفير من يقول: (الربا حرام مع تصريحه بأكله) فلا أدري من هو سلف هذا المكفر إلا الخوارج؟ والغريب زعمه أنه لا يشك أحد في كفر هذا الجنس على الإطلاق !.

(3): يقصد بالجماعة المسلمة : فرقته التي أسسها فسماها ( جماعة المسلمين )، وعرفت إعلامياً بـ " التكفير والهجرة "، ومن العلامات الظاهرة في الفرق التي تبنت تكفير مجتمعات المسلمين، أنها تطلق على نفسها اسم تحتكر به الإسلام لأتباعها، فعمر عبد الرحمن سمى فرقته " الجماعة الإسلامية "، وحسن البنا سمى فرقته " الإخوان المسلمون " وهي سنة قديمة في أصحاب هذا الفكر ، فابن تومرت الخارجي ـ مدعي المهدية المغربي ـ أسس دولته وكانت على أصول الخوارج التكفيريين وسماها " دولة الموحدين "! [انظر الأصول الفكرية للسلفية الجهادية].

(4): ولا عجب من هذا التوافق الغريب بين كلام "الحويني" و كلام "شكري مصطفى"، فالكلام يكاد يكون بحروفه!، وذلك لأن النبع واحد .. وهو: كتب إمام الحرورية الجدد " سيد قطب "، والذي دافع الحويني عنه ولمعه ، وسفه كلام من حذر منه وبين فساد معتقده، وقد اختلطت أفكار سيد وكلماته بلحم الحويني ودمه! ، حتى أنه لم يَجد وصف للثورة المصرية المشئومة إلا أنها كانت (فورة! ) وليست ثورة ، كما وصف "سيد" الثورة التي قامت على "عثمان" ـ رضوان الله عليه ـ بأنها ( فورة من روح الإسلام ! ) ، فالحويني قطبي جلد منذ نشأته، شرب المنهج التكفيري القطبي من شيخه الأول "عبد الحميد كشك" ، وتأثر بأسلوبه ومنهجه في التهيج والتشغيب على الحكام، وبُعده عن تأصيل أمور الاعتقاد ومحاربة البدع ، واتباع أسلوب القصاص في محاضرته وخطبه،
وحتى السُنة التي يُكثر الدندنة حولها من الحديث الذي يهوى الناس سماعه، ويتفكهون بذكر آثاره وحكايته، ألا وهي سنة ( تعدد الزوجات )، ولهذا قلت: إنه من الظلم البين نسبة منهج هذا الشخص إلى الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ الذي كانت جميع مجالسه قائمة على تصفية الدين مما علق به من المحدثات والبدع، وتربية أبنائه على الدين الصحيح السالم من تلك المحدثات، ولهذا نسبنا الحويني في المشيخة إلى ( عبد الحميد كشك )، فهو نفس المنهج والأسلوب، بيد أن الحويني كان يتوقَّى الأحاديث الضعيفة أحياناً، وقد أثنى الحويني على كشك في مقدمة كتابه "تنبيه الهاجد" بقوله (حاشية ص9): "ثم توفي الشيخ رحمه الله في رجب 1417 فاللهم اغفر له وارحمه وارض عنه كفاء ما نافح عن دينك وما جاهر بكلمة الحق" ا.ه
فيثني على الإخواني عبد الحميد كشك وأنه كان قوالاً للحق منافحاً عن الدين!، في الوقت الذي يعتقد أن الألباني ـ رحمه الله ـ لم يربي الأمة بالعلم، وإنما علمه وتربيته كانت مبذولة لمن حوله!

قال في مجلسه الأخير في الأردن الذي كان مع الحلبيين! : " فأنا أعتقد أن هذا لم يتح للشيخ الألباني ـ رحمة الله عليه ـ أن يُربي بالعلم، ربما الشيخ ربَّى الذين تسنَّى لهم أن يلاصقوه، وأن يكونوا قريبين منه، لكنه لم يُحدث طفرة في التربية على المستوى العام !" .

(5): ولا أدرى كيف يُفهم على أصل الحويني الفاسد من تكفير المصر على المعصية حديث عبد الله، الملقب حماراً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأتي به يوماً فأمر به فجلد ، فقال رجل من القوم : اللهم الْعنه، ما أكثر ما يؤتى به ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تلعنوه فوالله ما علمتُ إلا أنه يحب الله ورسوله".
[رواه البخاري]، وفيه: (( ما أكثر ما يؤتى به)) فهو كان مُصِرًّا على شرب الخمر، ويعلم أن شربها حرام لأنه يُحدُّ من أجل ذلك، ومع هذا لم يُكَـفِّره رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل شهد له بمحبة الله ورسوله، فتأمّل! .

(6): وله كذلك كلام يُفهم منه أنه يكفر بالكبيرة وليس بالإصرار عليها ! كقوله: ((صار كثير من المفتين يستحسن البدع ، لما يرى في مقابلها من الكفر الصريح ، يعني رجل يذكر الله مثلاً أو يعبده بطريقة مبتدعة، يقولك: سيبه! مش غيره سهران في شارع الهرم بيشرب خمرة, صاروا يقارنون أهل البدع بأهل الكفر، فرأوا أن أهل البدع على خير عظيم)) [شريط نداء الغرباء] .
وانظر إلزام الشيخ "أبو عبد الأعلى خالد بن عثمان" ـ حفظه الله ـ للحويني بالحجة والدليل في كتابه " الحدود الفاصلة بين أصول منهج السلف وأصول القطبية السرورية"، وهو كتاب ماتع نافع ،ولو وضع له الشيخ مختصراً لكان النفع به أكبر، والله أعلم.

(7): الحدود الفاصلة ص / 261.

(8): وقد كرر هذا الكلام في عدة مواضع من كتابه، انظر:( 2 / 160 )، ( 4 / 190 ) ، ( 4 / 311 ) هذا؛ ويَعلم الحويني أن للعلماء مآخذ وكلام على هذه العبارة، ومع هذا يكررها ويلوكها ضارباً عرض الحائط بكلامهم وتحذيراتهم، قال في شريط ((فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)) الجزء الأول وجه ب : "فمثلاً هناك بعض الناس سمع قولاً وأنا أقول: إن توحيد الحاكمية أخص خصائص توحيد الإلهية، فقال: هو يقول بقول "سيد قطب"، ويقول بقول الجماعة القطبيين، وهو قطبي احذروه والخبيث....ومبتدع سروري إلخ اللستة الجاهزة التي بتلصق بأي أحد!".

(9): قال الحويني في عقيقة ابنته ميمونة عندما زاره هؤلاء الثلاثة: ((الذين شرفونا في هذا الحفل المبارك، ونسأل الله ـ تبارك وتعالى ـ أن ينفعكم بهم!.. تفضل يا شيخ محمد عبد المقصود!، الشيخ محمد عبد المقصود، والشيخ فوزي السعيد، والشيخ سيد العربي: هؤلاء نجوم ... هم نجوم لا يحتاجون إلى تذكير منا)).

(10): قال محمد عبد المقصود ـ عامله الله بعدله ـ عن الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ : ((لقد دَخَلَتْ على الشيخ بعض شبه المرجئة)).

وقال فوزي السعيد ـ أخرس الله لسانه ـ : ((الإرجاء الذي أعنيه والذي أركز عليه هو إخراج العمل من دائرة الإيمان ، ومن ثَمَّ قالت: (مدرسة الأردن) على جلالة زعيمها وقائدها على جلالة قدره، وعلى رفعة شأنه عند جميع أهل السنة، وعلى أنه إمام عظيم، ومُحَدِّث الزمان، أنا عن نفسي لولا هذا الرجل ولولا ما قرأت في كتب هذا الرجل، لكنت كما يُقال نسيًا منسيًّا إلا أن يشاء الله عز وجل شيئًا!، يعني له فضل على جميع الناس، عندما نحج نأخذ حجة النبي عليه الصلاة والسلام للشيخ الألباني، عندما نصلي نحتكم إلى ما كتبه، لأكثر هذه الأمور لأنه مُحَدِّث الزمان، ومع ذلك أراد الله ـ عز وجل ـ أن يُمتحن أهل السنة بأن يقول هذا الإمام العظيم في الاعتقاد في هذه المسألة تمامًا هو كما قاله الجهم بن صفوان !! فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فلا يجعل كفرًا أكبر إلا كفر الاعتقاد ، عُمِّيَت عليه المسألة)).[انظر الحدود الفاصلة من 466 : 470 ].

(11): ولا يدعي أحد هنا أن الحويني لا يلزمه كلامهم، فهو يَجلس معهم ولكن لا يوفقهم على قولهم، فنقول: هو يَعلم حكم الجلوس مع أهل البدع، وأن من جالسهم أخذ حكمهم، فقد قال عند ظهوره مع يوسف أستتيس ـ داعية الجهمية الأمريكي ـ ، أنه سئل عن منهجه أولاً قبل الجلوس معه، فهو يَعلم أن من جلس مع مبتدع أخذ حكمه، وثانياً: إن لم يكن موافقاً لكلامهم! فأين إنكاره عليهم، والرد على من رمي شيخه ببدعة مكفرة؟!،فهو منهم وعلى مذهبهم وقولهم، ويقول المصريون: السكوت علامة الرضا!.

(12): ومن كلام أحمد ياسين الباطل : "إحنا ما بنطلب أكثر من حقنا إحنا ما بنكره اليهود! ونقاتل اليهود لأنهم يهود!! ... أنا ما أقاتل أمريكا وبريطانيا ولا كل الناس الأخرى أنا كل الناس معهم في سلام، بحب الخير لكل الناس كما أحب الخير لليهود!!" .

(13): ومعلوم فساد عقيدة " العز بن عبد السلام " وأنه كان على طريقة المتكلمين ممن يصف أهل السنة بأنهم مشبهة وحشوية!، وذلك لوصفهم الرب بما وصف به نفسه، فضلاً عن كونه من المتصوفة ممن لبس الخرقة ! واستمع إلى الغناء وكان يتواجد!، وقد رد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية في [مجموع الفتاوى (4/144-164)].، وانظر مقال (حقيقة العز بن عبد السلام وموقف شيخ الإسلام ابن تيمية منه ) للشيخ أبو عبد الله المدني.

(14): مسائل الإمام أحمد (رواية أبي داود) (1749)، ومعلوم كلام الحويني الأخير في فتنة مصر وإفتاؤه بنزول التظاهرات ـ والتي هي بدعة من بدع الخوارج، إذ أن أول مظاهرة خرجت في الإسلام قام بها الخوارج وقُتل فيها شهيد الدار عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ .

(15): سد أبو إسحق الحويني الطريق على كل من يمكنه التشغيب ويقول: هذا كلام قديم وربما عاد عنه، وربما... ,وربما ... ومثل هذا الكلام ، فقال في محاضرة ((الحيدة)) ـ والتي كان خصصها كذلك للسياسة والغمز في السادات ـ رحمه الله ـ ولم يَذكر فيها تقريباً إلا حديثًا واحدًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ قال: "الشاب الصحفي بتاع موقع اليوم السابع.. هم يبحثوا على أي شيء من قديم .. يجيبولي (يأتوا لي) محاضرة -مثلاً- من عشرين سنة، مش معنا عشرين سنة إن أنا غيَّرتُ كلامي، لأ. كلامي هو هو ما غيرتوش (لم أغيره) طالما بتكلم دين يبئه أنا كلامي ثابت.
من تلاتين سنة تلاقي كلامي زي كلام النهاردة!، وافتح إسلام واي هات أي شريط، من تلاتين سنة تلاقي كلامي من تلاتين سنة هو كلامي دلوقتي (الآن) أهوه! فيما يتعلق بالمنهج والعقيدة.
لكن الأحكام الشرعية ممكن الرأي يتغير، كنتُ من 30 عامًا شابًا يافعًا ممكن ما كنش درستُ الأدلة كويس.. ممكن ما كنش تعمقتُ في علم (أصول الفقه) كويس.. (أصول الحديث) كويس، فممكن أغلط، أو ممكن أغيَّر رأيي في الأحكام الشرعية العملية: الحلال والحرام ؛ كان ممكن أقول: دا آثم. ممكن أقول: دلوقي ليس بآثم.. دي واردة على أكبر العلماء مش عليّ أنا بس!، إنما فيما يتعلق بالاعتقاد والمنهج كلامي من 30 سنة هو كلامي زي دلوقتي".

(16): كوصفه للصحابي الذي وقع على امرأته في نهار رمضان، فأعطاه النبي صلى الله عليه عرقًا فيه تمر، وقال : "تصدق به"، فقال الرجل: ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا "، قال الحويني معقباً : دى ده باع الجلدة وجيه!.
ووصفه لإبراهيم النخعي ـ رحمه الله ـ أنه صاحب نكتة ودمه خفيف ، وأن الأعمش كان يباريه في خفة الدم! .

(17): من قصيدة"منتهَى صبر اللبيب في الرد على النقيب وهدم منهج التمييع العجيب" لأبي قدامة المصري، نقلاً من موقعه من [هنا].




الجمعة، 15 نوفمبر 2013

من أفضل ما كتب في الرد على "سيد قطب" وكتابه "معالم في الطريق".

من أفضل ما كتب في الرد على "سيد قطب" وكتابه "معالم في الطريق"

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد روج الإخوان المسلمون، ودعاة القطبية!، أن العلماء تلقوا كتابات "سيد قطب" بالقبول.. بل استفادوا منها!، وأن الشيخ "ربيع المدخلي" ـ حفظه الله ـ أول من فارق غرز العلماء فتكلم في "سيد" بدافع من الهوى!!، ولهذا لا تجد أحد يتناول كتابات "سيد قطب" بالنقض إلا يوصف "بالمدخلي" كأنه وافق الشيخ في هواه!
وهذا كذب أصلع، فقد رد على "سيد قطب" جماعة من أهل العلم من معاصريه، وعلى رأسهم الشيخ الأستاذ" محمود محمد شاكر" ـ رحمه الله ـ .

ومن أروع ما قرأت في الرد على ضلال "سيد قطب" من معاصريه، ما سطره الشيخ "محمد عبد اللطيف السبكي(1)" ـ رئيس لجنة الفتوى بالأزهر وقتئذ ـ في مقال عنوانه "عن كتاب معالم في الطريق وهو دستور الإخوان المفسدين" بعد أن أسند إليه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية مراجعة وكتابة تقرير عن مضمون كتاب "معالم في الطريق" لسيد قطب" ، فكتب:


" لأول نظرة في الكتاب يدرك القارئ أن موضوعه دعوة إلى الإسلام ولكن أسلوبه أسلوب استفزازي، يفاجئ القارئ بما يهيج مشاعره الدينية وخاصة إذا كان من الشباب أو البسطاء الذين يندفعون في غير روية إلى دعوة الداعي باسم الدين ويتقبلون ما يوحي إليهم به من أهداف، ويحسبون أنها دعوة الحق الخالصة لوجه الله وأن الأخذ به سبيل إلى الجنة .
وأحب أن أذكر بعض نصوص من عبارات المؤلف لتكون أمامنا في تصور موقفه الإفسادي :
1ـ في صفحة (6) يقول : " ووجود الأمة المسلمة يعتبر قد انقطع من قرون كثيرة، ولابد من إعادة وجود هذه الأمة لكي يؤدي الإسلام دوره المرتقب في قيادة البشرية مرة أخرى .. لابد من بعث لتك الأمة التي واراها ركام الأجيال وركام التصورات، وركام الأوضاع، وركام الأنظمة التي لا صلة لها بالإسلام… إلخ .".

إن المؤلف يُنكر وجود أمة إسلامية منذ قرون كثيرة!، ومعنى هذا أن عهود الإسلام الزاهرة، وأئمة الإسلام، وأعلام العلم في الدين، في التفسير والحديث والفقه وعموم الاجتهاد في آفاق العالم الإسلامي، معنى هذا أنهم جميعًا كانوا في تلك القرون الكثيرة السابقة يعيشون في جاهلية، وليسوا من الإسلام في شئ .. حتى يجئ إلى الدنيا "سيد قطب" فينهض إلى ما غفلوا عنه من إحياء الإسلام وبعثه من جديد!!.

2ـ صفحة (9): " إن العالم يعيش اليوم كله في جاهلية .. هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض، وعلى أخص خصائص الألوهية وهي الحاكمية ، إنها تسند الحاكمية إلى البشر ".

وفي هذا ينفرد المنهج الإسلامي، فالناس في كل نظام غير النظام الإسلامي يعبد بعضهم بعضًا .

3ـ صفحة (10): " وفي المنهج الإسلامي وحده يتحرر الناس جميعًا من عبادة بعضهم بعضًا، وهذا هو المقصود الجديد الذي نملك إعطاءه للبشرية .. ولكن هذا الجديد لابد أن يتمثل في واقع عملي، لابد أن تعيش به أمة، وهذا يقتضي بعث في الرقعة الإسلامية، فكيف تبدأ عملية البعث؟! .. إنه لابد من طليعة تعزم هذه العزلة وتمشي في الطريق".

4 ـ صفحة (11) : ولابد لهذه الطليعة التي تعزم هذه العزمة من " معالم في الطريق"، ولهذه الطليعة المرجوة المرتقبة كتبت " معالم في الطريق " .وذلك كلامه .

فهذه دعوة مكشوفة إلى قيام طليعة من الناس ببعث جديد في الرقعة الإسلامية .. وهذا البعث الجديد رسالة دينية تقوم بها طليعة تحتاج إلى معالم تهتدي بها.
والمؤلف هو الذي تكفل بوضع المعالم لهذه الطليعة ولهذا البعث المرتقب، وفي غضون كلامه الآتي : تتبين المعالم التي تصدى لها في البعث الجديد .5 ـ صفحة (11) : " ونحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام ، أو أظلم ، كل ما حولنا جاهلية ".

6 ـ صفحة 23 : " إن مهمتنا الأولى هي تغيير واقع هذا المجتمع ..مهمتنا هي تغيير هذا الوضع الجاهلي من أساسه ".
وهذا إعلان منه لما يدعو إليه من الثورة على المجتمع
.

7 ـ صفحة 31 : " وليس الطريق أن نخلص الأرض من يد طاغوت روماني أو طاغوت فارسي إلى يد طاغوت عربي، فالطاغوت كله طاغوت، إن الأرض لله .. وليس الطريق أن يتحرر الناس في هذه الأرض من طاغوت إلى طاغوت! .. إن الناس عبيد الله وحده .. لا حاكمية إلا لله، لا شريعة إلا من الله .. ولا سلطان لأحد على أحد .. وهذا هو الطريق ".

وهذا أسلوب المدلسين باسم الدين في قوله: "إن الأرض لله ، وإن الحاكمية لله .. ولا حاكمية إلا لله ".
كلمة قالها الخوارج قديمًا، وهي وسيلتهم إلى ما كان منهم في عهد الإمام علي، من تشقيق الجماعة الإسلامية، وتفريق الصفوف، وهي الكلمة المغرضة الخبيثة التي قال عنهم الإمام علي :" إنها كلمة حق أريد بها باطل ".
فالمؤلف يدعو مرة إلى بعث جديد في الرقعة لإسلامية ثم يتوسع فيجعلها دعوة في الدنيا كلها، وهي دعوة على يد الطليعة التي ينشدها والتي وضع كتابه هذا ليرشد بمعالمه هذه الطليعة .. كما يقرر .
وليس أغرب من هذه النزعة الخيالية، وهي نزعة تخريبية، يسميها طريق الإسلام .
والإسلام كما هو اسمه ومسماه يأبى الفتنة ولو في أبسط صورة، فكيف إذا كانت فتنة غاشمة، جبارة كالتي يتخيلها المؤلف؟! .
وما معنى الحاكمية لله وحده؟
هل يسير الدين على قدمين بين الناس ليمنع الناس جميعًا عن ولاية الحكم ؛ أو يكون الممثل لله في الحكم هو شخصية هذا المؤلف الداعي والذي ينكر وجود الحكام من البشر ويضع المعالم في الطريق للخروج على كل حاكم في الدنيا؟!.
أن القرآن نفسه يعترف بالحكام المسلمين ويفرض لهم حق الطاعة علينا، كما يفرض عليهم العدل فينا، ويوجه الرعية دائما إلى التعاون معهم، والإسلام نفسه لا يعتبر الحكام رسلًا معصومين من الخطأ كما يضللنا المؤلف، بل فرض فيهم أخطاء تبدر من بعضهم، وناشدهم أن يصححوا أخطاءهم بالرجوع إلى الله وسنة الرسول[ صلى الله عليه وسلم]، وبالتشاور في الأمر مع أهل الرأي من المسلمين . ولم يبح أبدًا أن تكون ثورة كهذه .
فغريب جدًا أن يقوم واحد، أو نفر من الناس ويرسموا طريقًا معوجة يسموها طريق الإسلام لا غير، ثم ينصبوا أنفسهم للهيمنة على هذا النظام الذي يزعمونه إسلامًا!.
لابد لاستقرار الحياة على أي وضع من أوضاعها من وجود حكام يتولون أمور الناس بالدين، وبالقوانين العادلة التي تقتضيها الحياة، كما يأذن القرآن، وسنة الرسول[ صلى الله عليه وسلم].
ومن المقررات الإسلامية أن الله يزع بالسلطان ما لم يزع بالقرآن.
فكيف يستقيم في عقل إنسان أن تقوم طليعة مزعومة لتجريد الحكام جميعًا من سلطانهم. ولتفتح الطريق أمام طغمة من الخبثاء، يوهمون الناس أنها طليعة الإيمان؟!.
وبين الحكام كثيرون يسيرون على الجادة بقدر ما يتاح لهم من الوسائل، فليسوا طواغيت أبدًا.. أن هذا شطط في الخيال يجمح بمؤلف الكتاب إلى الشذوذ عن الأوضاع الصحيحة، والتصورات المعقولة، ويقذف به وبدعوته وأتباعه إلى أحضان الشيطان بعيدين عن حوزة الإسلام .

8 ـ صفحة (43) : " فلا بد - أولًا – أن يقوم المجتمع المسلم الذي يقر عقيدة لا إله إلا الله، وأن الحاكمية ليست إلا لله .. وحين يقوم هذا المجتمع فعلا تكون له حياة واقعية، وعندئذ فقط يبدأ هذا الدين في تقرير النظر والشرائع ".

فهذا هجوم من المؤلف على الواقع إذ ينكر وجود مجتمع إسلامي !، وينكر وجود نظام إسلامي، ويدعو إلى الانتظار في التشريع الإسلامي حتى يوجد المجتمع المحتاج إليه..
يريد المجتمع الذي سينشأ على يده – ويد الطليعة .. ويخيل إلينا أن المؤلف شطح شطحة جديدة، فزعم لنفسه الهيمنة العليا على " الإلهية "في تنظيم الحياة الدنيا ، حيث يقترح أولًا هدم النظم القائمة دون استثناء وطرد الحكام، وإيجاد مجتمع جديد، ثم التشريع من جديد لهذا المجتمع الجديد.

9ـ صفحة (45) : يكرر هذا الكلام .

10 ـ صفحة 46 : يصرح به مرة ثالثة أو رابعة فيقول : أن دعاة الإسلام حين يدعون الناس لإنشاء هذا الدين! لذا يجب أولًا أن يدعوهم إلى اعتناق العقيدة حتى لو كانوا يدعون أنفسهم مسلمين، وتشهد لهم شهادات الميلاد بأنهم مسلمون ويعلمهم أن كلمة لا إله إلا الله، مدلولها الحقيقي هو رد الحاكمية لله ، وطرد المعتدين على سلطان الله" .

وهكذا من تبجحه في وجه الواقع وسفاهته على مجموع المسلمين.
وتلك نزعة المؤلف المتهوس، يناقض بها الإسلام، ويزعم أنه أغير الخلق على تعاليم الإسلام .
أليست هذه هي الفتنة الجامحة، بل الفتنة الجائحة .. من إنسان يفرض نفسه على الدين ، وعلى المجتمع ؟.

11 ـ صفحة (50) : - يعزز فكرته الفائتة فيقول : " وهكذا ينبغي أن تكون كلما أريد إعادة البناء من جديد – يريد تجريد الثورة العامة كلما احتيج إلى إصلاح في المجتمع .

12 ـ صفحة (81) يقول : " أن إعلان ربوبية الله وحده للعالمين : معناها الثورة الشاملة على حاكمية البشر في كل صورها وأشكالها، وأنظمتها وأوضاعها، والتمرد الكامل على كل وضع في أرجاء الأرض، الحكم فيها للبشر في صورة من الصور ..إلخ".

وبهذا الكلام يلفظ المؤلف ما في نفسه من الحقد المستعر أو من الجنون المستحكم .

13 ـ صفحة (83) يقول : " أن هذا الإعلان العام لتحرير الإنسان في الأرض لم يكن إعلانًا نظريًا فلسفيًا، إنما كان إعلانًا حركيًا، واقعيًا إيجابيًا .. ثم لم يكن بد من أن يتخذ شكل الحركة إلى جانب شكل البيان.. إلخ".

ويسير المؤلف على هذا النحو من الإغراء للبسطاء والشباب باسم الجهاد للإسلام حتى يقرر ما يأتي :
14 ـ في صفحة (90) يقول :" أن الجهاد ضرورة للدعوة إذا كانت أهدافها هي إعلان تحرير الإنسان ، إعلانًا جادًا ، يواجه الواقع الفعلي.
.. سواء كان الوطن الإسلامي آمنًا أم مهددًا من جيرانه ، فالإسلام حين يسعى إلى السلم لا يقصد تلك السلم الرخيصة وهي مجرد أن يؤمن الرقعة الخاصة التي يعتنق أهلها العقيدة الإسلامية ".

فهذه دعوة إلى إشعال الحروب مع الغير ولو كان الوطن الإسلامي آمنًا مع أن نصوص القرآن والسنة ، وتوجيهات الإسلام عامة لا تدعو إلى مثل هذا الانفعال الغاشم، إنما تعتبر الحرب وسيلة علاجية لاستقرار الحياة، وقمع الفتن، وشق طريق الدعوة إذا وقف في سبيلها خصوم يعاندونها والإسلام كله يدعو إلى المسالمة مع من يسالمه ويترك الآخرين على عقائدهم الكتابية الأولى، ويقبل منهم الجزية، بل الإسلام يحبب إلينا أن نحسن إلى المسالمين منهم ، والبر والعدل معهم ، وينهانا عن التودد إلى المسيئين إلينا منهم، وهذه الملاطفة مع المسالمين والمقاطعة للمسيئين، هي ظاهرة العزة الرحيمة الإسلامية وترفعها عن الجبروت أولًا، وعن المذلة ثانيًا .
ولكن صاحب " معالم في الطريق "يفهم غير ذلك ، ويعمد إلى بعض الكتب وينقل منها كلامًا عن ابن القيم ونحوه، ثم يفهم كلامهم على ما يطابق نزعته، ويتخذ من ذلك دليلًا على أن الإسلام دين المهاجمات لكل طائفة وفي كل وطن وفي كل حين.
وليس أجهل ممن يفهم ذلك، ولا أخبث قصدًا ممن ينادي بذلك، والقرآن نفسه يدعونا حتى في حالة الحرب أن نقتصد في العداوة { وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا }، فكيف نشعلها حربًا لا تخمد؟

15 ـ في صفحة (105) يقول : " وكما أسلفنا فإن الانطلاق بالمذهب الإلهي .." يريد مذهبه في الثورة والفتنة والتدمير ، تقوم في وجهه عقبات مادية عن سلطة الدولة ، ونظام المجتمع ، وأوضاع البيئة ، وهذه كلها هي التي ينطلق الإسلام ليحطمها بالقوة .. ".

وهنا يعاوده عقله المريض بأنه سيصادف عقبات وسيحطمها هو بوسائله التخريبية التي يسميها قوة الإسلام.
ولو حاولت أنا شخصيًا أن أغالط فيما فهمته، أو أحسن الظن بما يقوله مؤلف "معالم في الطريق " لكنت في نظر نفسي مدلسًا في الحقيقة السافرة، مبتعدًا عن الصواب وعما يريده هو من كلامه من صدام وتخريب، وشر مستطير لا يعلم مداه غير الله.

16 ـ وفي الصفحات (110) إلى (156) وما يليها تشتعل الثورة الحانقة في نفوس الكاتب فيلهب مشاعر القارئ البسيط، ويدلس في الكلام توجيهًا معسولًا رطبًا جذابًا نحو الأمل الذي يتخيله لنفسه ولمن ينصاع لفتنته .
17 ـ ويقول في صفحة (156) سطر [9] ، [10] : " المجتمع الإسلامي وليد الحركة .. والحركة هي التي تعين مقدار الأشخاص فيه، وقيمتهم، ومن ثم تحدد وظائفهم فيه ومراكزهم ". هكذا يقول.
ويكرر ذلك الأمل في صفحة (158) سطر [8] وما بعده .
ثم يتابع هذه العبارات بعبارات مثلها أو أشد منها خداعًا وإغراءًا وتوريطًا ، مما لا يدعو مجالًا لحسن الظن بما يقوله الكاتب في كتابِه.
وهكذا يدور المؤلف في الكتاب كله حول فكرته في عبارات متشابهة، أو بعضها أشد من بعض في تحريضه .
وإني لأكتفي بما أنقله أخيرًا من كلماته :
18 ـ صفحة (206) ، (207) يقول : " وحين يدرك الإسلام هذا النحو الذي فهمه هو في ثورته فان هذا الإدراك بطبيعته سيجعلنا نخاطب الناس، ونحن نقدم لهم السلام في ثقة، وفي عطف كذلك ورحمة" .
ثقة الذي يستيقن أن ما معه هو الحق وأن ما عليه الناس هو الباطل، وعطف الذي يرى شقوة البشر وهو يعرف كيف يسعدهم .. ورحمة الذي يرى ضلال الناس، وهو يعرف أين الهدى الذي ليس بعده هدى .. وهذه كلمات يستبيحها لنفسه ومن يتطاول إلى مقام الرسل إذ يكون مطمئنًا إلى ما يتلقاه من الوحي، ومستشعرًا بعصمة نفسه بسبب عصمة الله له من الخطأ، وأنه على الهدى الذي لا هدى بعده، عجب ، وعجيب شأن هذا المتهور ..
ومن ذلك الذي بلغ هذا المبلغ بعد محمد بن عبد الله يا ترى ؟!
أهو "سيد قطب" الذي سول له شيطانه أن ينعق في الناس بهذه المزاعم ويقتادهم وراءه إلى المهالك ليظفر بأوهامه التي يحلم بها؟

19 ـ إنه ليمعن في غروره فيقول ـ نفس صفحة(206) : "لن نتدسس إليهم بالإسلام..سنكون صرحاء معهم غاية الصراحة : هذه الجاهلية التي أنتم فيها نجس والله يريد أن يطهركم ، هذه الأوضاع التي أنتم فيها خبث، الله يريد أن يطيبكم، هذه الحياة التي تحيونها دون والله يريد أن يرفعكم ، هذا الذي أنتم فيه شقوة وبؤس ونكد والله يريد أن يخفف عنكم ويرحمكم ويسعدكم، الإسلام سيغير تصوراتكم وأوضاعكم وقيمكم ، وسيرفعكم إلى حياة أخرى تنكرون معها هذه الحياة التي تعيشونها ... إلخ".

وذلك تكرار لما سبق مثله من التغرير بالآمال، والأماني واستدراج البسطاء إلى المطامع والتهور.

20 ـ صفحة (209) : " ولم تكن الدعوة في أول عهدها في وضع أقوى ولا أفضل منها الآن، كانت مجهولة، مستنكرة من الجاهلية، وكانت محصورة في شعاب مكة مطاردة من أصحاب الجاه والسلطان فيها ..إلخ".

21 ـ صفحة (212) : " وحين نخاطب الناس بهذه الحقيقة، ونقدم لهم القاعدة العقيدية للتصور الإسلامي الشامل يكون لديهم في أعماق فطرتهم ما يبرر الانتقال من تصور إلى تصور، ومن وضع إلى وضع .. إلخ".
وبهذا الذي نقلته من الكتاب صار واضحًا من منطق الكاتب نفسه أنها دعوة هدامة غير سلمية، ولا هادفة إلى إصلاح، وإن كانت مسماه عند صاحبها بذلك الاسم المصطنع .
ومهما يكن أسلوب الكاتب مزيجًا بآيات قرآنية، وذكريات تاريخية إسلامية فإنه كأساليب الثائرين للإفساد في كل مجتمع فهم يخلطون بين حق وباطل ليموهوا على الناس.
والمجتمعات لا تخلو من أغرار بسطاء، فيحسنون الظن بما لا يكون كله حقًا ولا إخلاصًا، وقد يسيرون وراء كل ناعق وخاصاً إذا كان يهدي الغير باسم الدين، ووجدوا في غضون هذه الدعوة تلميحًا بالأمل في المراكز، والأوضاع والقيم الجديدة في المجتمع الجديد.
وهذه الحيلة هي نفسها حيلة إبليس فيما صنعه مع آدم وحواء، وفيما يدأب عليه دائما في فتنة الناس عن دينهم، وعن الخير في دنياهم. ويزين لهم كل قبيح، ويوهون عليهم كل عسير، حتى إذا ما تورطوا في الفتنة تبرأ منهم وقال للإنسان: { إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ }، ولكن بعد أن يكون ما تكون من الإفساد الذي حظرنا منه ونهانا عنه في كثير من الآيات ، وهددنا عليه بشر العقوبات والعذاب .وبعد :

فقد انتهيت في كتاب " معالم في الطريق " إلى أمور :
1 ـ إن المؤلفَ إنسانُ مسرفُ في التشاؤم، يَنظر إلى المجتمع الإسلامي، بل يَنظر إلى الدنيا بمنظار أسود ويصورها للناس كما يراها هو أو أسود مما يراها، ثم يتخيل بعد ذلك آمالًا ويَسْبح في خيال.
2- إن "سيد قطب" استباح باسم الدين أن يستفز البسطاء إلى ما يأباه الدين من مطاردة الحكام مهما يكن في ذلك عندي من إراقة دماء والفتك بالأبرياء وتخريب العمران وترويع المجتمع، وتصدع الأمن، وإلهاب الفتن في صور من الإفساد لا يعلم مداها غير الله وذلك هو معــنى الثورة الحركيــة التي رددها كلامه (2)". انتهى.
  
قلت: فانظر ـ رحمك الله ـ إلى فراسة هذا الشيخ الذي فطن أن "سيد قطب" من خلال هذا الكتاب قد "استباح باسم الدين أن يستفز البسطاء إلى ما يأباه الدين من مطاردة الحكام مهما يكن في ذلك عندي من إراقة دماء والفتك بالأبرياء وتخريب العمران وترويع المجتمع، وتصدع الأمن، وإلهاب الفتن في صور من الإفساد لا يعلم مداها غير الله"، وهو بالفعل ما وقع!، فقد أصبح كتاب "معالم في الطريق" هو الشرارة التي ينطلق منها خوارج العصر للإفساد في الأرض باسم الإصلاح وتطبيق الشريعة!!.
يقول أمير الخوارج " أيمن الظوهري": " إن سيد قطب هو الذي وضع دستور "الجهاديين " في كتابه الديناميت : ( معالم في الطريق ) ، وأن سيدًا هو مصدر الإحياء الأصولي!!، وأن كتابه " العدالة الاجتماعية في الإسلام "، يُعد أهم إنتاج عقلي وفكري للتيارات الأصولية !، وإن فكره كان شرارة البدء في إشعال الثورة الإسلامية ضد أعداء الإسلام في الداخل والخارج، والتي ما زالت فصولها الدامية تتجدد يوماً بعد يوم (3)".

قلت: وهذا هو ما يدفع علماء زماننا للتحذير مما سطره سيد قطب في كتبه من أفكار شيطانية تبث الفتن والدمار في بلاد الإسلام، فالأمر ليس خصومة شخصية، ولا تنازع على ملك زائل، ولكن الرجل يُكفر المسلمين بلا مكفر، ويزعم أنها مجتمعات المسلمين مجتمعات جاهلية! . ويدعو إلى بدعة ما سبقه لها حتى الخوارج الأول، وهي: أن يعيش الناس في فوضوية بلا حكومات ولا رؤساء لأن هذا يُعد شرك في الألوهية!. وأن الناس كما يقول
:" عبيد الله وحده .. لا حاكمية إلا لله، لا شريعة إلا من الله .. ولا سلطان لأحد على أحد .. وهذا هو الطريق".

وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 10 محرم 1430
14 / 11/ 2013 م

الهوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): لقب بالسبكي نسبة إلى بلدته التي ولد فيها فى ١٨ سبتمبر عام 1896 ، وهي " سبك الضحاك" بمحافظة المنوفية، وليست "سبك الأحد" بلد "تقي الدين السبكي" ، والشيخ "محمد سعيد رسلان".
حصل على شهادة العالمية عام ١٩٢٣ وتدرج فى المناصب إلى أن حصل على عضوية هيئة كبار العلماء، كان رئيسًا للجنة إحياء التراث الإسلامى بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ولجنة التعريف بالإسلام، له عدد من المؤلفات منها : "فى رياض القرآن" و"الهجرة والسيرة النبوية والجهاد" و"كتاب الحلال والحرام" و"المنتخب من القرآن"و"المنتخب من السنة" و"الموسوعة الدينية" ، فضلًا عن مئات المقالات.

وتوفي ـ رحمه الله وعفا عنه ـ في 31 مارس سنة 1969 .
(2): مجلة "الثقافة الإسلامية" العدد الثامن لسنة 23 في شعبان سنة 1385 هـ – 24 نوفمبر سنة 1965م، نقلًا من كتاب"تنبيه الغافلين بحقيقة الإخوان المسلمين" لمحمود لطفي عامر ـ هداه الله ـ .
(3): جريدة " الشرق الأوسط " عدد 8407 ــــــ في عام 19 / 9 / 1422 .

الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

عاشوراء بين الروافض والنواصب!


عاشوراء بين الروافض والنواصب!

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل [الحسين] رضي الله عنه، فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة، وابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي هي أفضل بناته، وقد كان عابدا وشجاعا وسخيا، ولكن لا يحسن ما يفعله الشيعة من إظهار الجزع والحزن الذي لعل أكثره تصنع ورياء، وقد كان أبوه أفضل منه فقتل، وهم لا يتخذون مقتله مأتما كيوم مقتل الحسين، فإن أباه قتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين، وكذلك عثمان كان أفضل من علي عند أهل السنة والجماعة، وقد قتل وهو محصور في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذبح من الوريد إلى الوريد، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتما، وكذلك عمر بن الخطاب وهو أفضل من عثمان وعلي، قتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتما، وكذلك الصديق كان أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتما، وكذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وقد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، ولم يتخذ أحد يوم موته مأتما يفعلون فيه ما يفعله هؤلاء الجهلة من الرافضة يوم مصرع الحسين؛ ولا ذكر أحد أنه ظهر يوم موتهم وقبلهم شيء مما ادعاه هؤلاء يوم مقتل الحسين ...، مثل كسوف الشمس والحمرة التي تطلع في السماء وغير ذلك(1).

وقد أسرف الرافضة في دولة بني بويه في حدود الأربعمائة وما حولها، فكانت الدبادب تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء، ويذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق، وتعلق المسوح على الدكاكين، ويظهر الناس الحزن والبكاء، وكثير منهم لا يشرب الماء لَيْلَتَئِذ موافقة للحسين؛ لأنه قتل عطشانا. ثم تخرج النساء حاسرات عن وجوههن ينحن ويلطمن وجوههن وصدورهن، حافيات في الأسواق، إلى غير ذلك من البدع الشنيعة، والأهواء الفظيعة، والهتائك المخترعة، وإنما يريدون بهذا وأشباهه أن يشنعوا على دولة بني أمية، لأنه قتل في دولتهم.
وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام، فكانوا إلى يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم، ويتخذون ذلك اليوم عيداً يصنعون فيه أنواع الأطعمة، ويظهرون السرور والفرح، يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم(2).

قلت: فالناس في يوم عاشوراء على ثلاث طوائف.

الطائفة الأولى : وهم الرافضة يجعلون هذا اليوم للطم والنوح وإظهار الحزن والبكاء لمقتل الحسين ـ عليه الرضوان ـ وهم قتلته!، وحرص أئمة الشيعة الرافضة على تخصيص هذا اليوم لإظهار الجزع والحزن والمبالغة في ذلك الأمر لنكتة، وهي: تثبيتاً منهم لقلوب أتباعهم من الذين فسقوا، لأنهم يعلمون جيداً أن نحلتهم الخبيثة لا تستند إلى دليل من الكتاب والسنة وإنما هي شبهات وأغلوطات ..فلو هدمت هذه البدعة لهدم الرفض والتشيع!. فحال هؤلاء الأئمة مع أتباعهم كحال قساوسة النصارى مع أتباعهم!، فلو هدمت أكذوبة الفداء وصلب عيسى ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ، لهدمت معها النصرانية. وكذلك الحال بالنسبة للأئمة الرافضة يزرعون في نفوس أتباعهم أن مدار الدين على محنة قتل الحسين!.
والطائفة الثانية: وهم النواصب أعداء أهل بيت النبوة ـ من أهل الشام ـ الذين فرحوا بمقتل الحسين واتخذوا ذلك اليوم عيداً؛ وقد تسربت بدعة هؤلاء إلى كثير من بلاد المسلمين، فعندنا في مصر يصنع العوام في يوم عاشوراء نوع من الحلوى المصنوعة من القمح يسمونها (عاشورا)، ويطبخ الأكثرون في ذلك اليوم لأنه كما يقولون: ( موسم!) ، وكثير من النسوة يكتحلن هن وأطفالهن في هذا اليوم!، وكل ذلك من بدع النواصب ـ أعداء أهل بيت النبوة ـ التي تسربت إلى بلاد المسلمين.

والطائفة الثالث: هم أهل السنة الخُلص، الذين وقفوا عند النصوص والتزموا بهدي السلف، فلا إفراط ولا تفريط.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء ، فسئلوا عن ذلك ، فقالوا : هذا اليوم الذي أظفر الله فيه موسى ، وبني إسرائيل على فرعون ، ونحن نصومه تعظيما له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نحن أولى بموسى منكم ، ثم أمر بصومه". [متفق على صحته].

وحين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع " قال : فلم يأت العام المقبل ، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. [رواه مسلم].

فكان صيام يوم عاشوراء فرضاً في أول الأمر، ثم نسخ صيامه بعد فرض صيام شهر رمضان، وقال صلى الله عليه وسلم في فضل صيامه: ((صيام يوم عاشوراء ، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)). [رواه مسلم].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : " ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم ، يوم عاشوراء ، وهذا الشهر يعني شهر رمضان ". [رواه البخاري].

فالسنة لم تأتي إلا بصيام هذا اليوم ، وكل من يحدثه الناس من إظهار الحزن والجزع، أو السرور والفرح فهو من جملة المحدثات و البدع.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 8 محرم 1435
13 / 11 / 2013 م


الهوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): البداية والنهاية (8 / 196 : 197 ) ط دار الحديث.
(2): المصدر السابق.