إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 9 نوفمبر 2014

سيدهم " أحمد البدوي"!


سيدهم " أحمد البدوي"!

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فإن " أحمد البدوي" من أكبر أولياء الصوفية الصالحين!، ليس في مصر وحدها.. بل في جميع أنحاء العالم!
ومع هذا تجدهم لا يعلمون عن سيدهم " أحمد البدوي"! سوى اسمه ولقبه وأنه مقبور في مدينة طنطا بمصر.
ولأن ترجمته عزيزة، فأحببت أن أبصر الناس بحقيقته وعقيدته!

اسمه: أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد البدوي.
ولد بمدينة فاس بالمغرب سنة 596 هـ ، وتوفي سنة 675 هـ .
قال الشيخ "مصطفى عبد الرازق ـ وكان شيخاً للأزهر ـ : أنه وقع على مخطوطة فيها أن " أحمد البدوي" كان علوياً شيعياً (1) يهدف إلى إرجاع الملك العبيدي، وأن والده كان شيعياً إسماعليا نزح من المغرب إلى مكة ولم يتجاوز "البدوي" سبع سنوات، وكان ذلك في عام 603 هـ (2).

ذهبوا إلى مكة في هيئة حجاج، يسترون بلحاف التصوف والزهد، وكان سبب رحلتهم نشر دعوتهم الباطنية الضالة، واستغلال انشغال الخلافة العباسية بالحروب الصليبية.
وكان " الحلاج" و "ابن عربي" و "الشاذلي" من دعاة هذه الدعوة الباطنية الخبيثة.
وتأسست أول نواه لهم في العراق في " أم عبيدة" على يد " أحمد الرفاعي" ، وأَرسل إلى مصر " أبو الفتح الواسطي" ـ جد إبراهيم الدسوقي ـ ، فلما مات جاء " أحمد البدوي" لتولي منصبه!.
فكان في مصر في القرن السادس والسابع من هؤلاء الدعاة:
ـ الدسوقي بمدينة دسوق.
ـ أبو الحسن الشاذلي بمدينة الإسكندرية.
ـ أحمد البدوي بين القاهرة وطنطا.
وكان هدفهم إسقاط الخلافة العباسية، ونشر دعوتهم الباطنية التي كانوا يرجون بها إعادة ملك الدولة العبيدية (الفاطمية).

ظل " أحمد البدوي" عزباً بدون زواج طوال حياته.
تقول دائرة المعارف الإسلامية ( 1 / 465 ) : ((إن تصوف البدوي يشبه تصوف فرقة اليوجا الهندية)) . (يعني: في التبتل وعدم الزواج).

ظهرت أول علامات الولاية عليه عندما كان يتعبد في غار أبي قبيس بمكة، ونزلت عليه الملائكة!.
ثم جاءه هاتف في المنام، وفيه أن " أحمد الرفاعي" و "عبد القادر الجيلاني" يقولان له: ((يا أحمد لقد جئنا بمفاتيح العراق واليمن والهند والسند والروم والمشرق والمغرب بأيدينا! فإن كنت تريد أي منها شئت أعطيناك إياه، فقال: أما منكما فلا، ولكني ما أخذ المفتاح إلا من يد الفتاح! ))(3).

ذهب بعدها إلى العراق هو وشقيقة " الحسن" وقاما بزيارة قبر " الحسن بن منصور الحلاج ـ الذي أعدم عام 319 هـ بسب زندقته ـ ، ثم اتجها إلى شمال العراق لزيارة ضريح "عدي بن مسافر الهكاري" ـ صاحب الطريقة العدوية ـ ، ثم تجولا في الموصل، ولم يحسن الأكراد أهل المنطقة معاملتهما، فأشار "الحسن" ـ شقيق البدوي ـ بيده وقال لهم : ((موتوا بإذن الله تعالى!)) فوقعوا جميعا على الأرض موتى!، بيد أن البدوي حرص على التحلي بخلق العفو عند المقدرة! فالتفت إلى الأكراد الموتى وقال لهم: ((قوموا بإذن من يحي الموتى ويميت الأحياء))، فدبت فيهم الحياة ونهضوا جميعاً يقبلون أقدام البدوي والحسن!(4).
قلت: لا تخفى العداوة التي كانت بين هؤلاء الباطنية والأكراد، وذلك لأن الذي هدم الدولة العبيدية كان " الناصر صلاح الدين الأيوبي" وكان كردياً ـ رحمه الله ـ وقد شكر له العلماء ذلك، وألف الإمام ابن الجوزي حينها كتاب سماه " النصر على مصر " .
فهذه القصة خصيصا تخدم هذه النكتة، أما أمر الأحياء والإماتة فهذا تكرر أكثر من مرة!.
فقد ذُكر أيضاً أن " البدوي" أمات سبعة ألاف جمل ثم أحياهم مرة أخرى (5).
قلت : ظاهر جدا في هذه الروايات إدعاء هؤلاء للإلهية كما ذكر الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تاريخه عندما كان يتكلم عن الدولة العبيدية.
وقال "محمد فهمي عبد اللطيف" في كتابه "السيد البدوي ودولة الدراويش": (( إن هؤلاء المتصوفة قالوا بإلوهية الأئمة، وحلول الإلهية فيهم، والقول بالقطب، وأشربوا أقول الشيعة)).

نعود..
رجع البدوي بعد هذه الرحلة إلى "طنطا" ، وسكن سطح دار الشيخ " ركين الدين" ، ولم يأكل أو يشرب لمدة أربعين يوماً(6).
وأستمر على السطح حوالي 12 سنة ( ولعل هذا هو السبب في تسمية الطريقة السطوحية بهذا الاسم) .

وذكر الحافظ السخاوي في كتابه " الضوء اللامع": أن "ابن حيان" زار البدوي يوم الجمعة، فلما فرغ الخطيب من خطبته، وضع الشيخ أحمد البدوي رأسه في طوقه بعدما قام وكشف عن عورته بحضرة الناس!، وبال على ثيابه وعلى حصير المسجد!.

وذكر الشعراني ـ له ضريح مشهور في ميدان باب الشعرية بالقاهرة ـ في كتابه " الطبقات الكبرى " : إن أحد المريدين ويسمى " عبد الحميد" أصر على رؤية وجه البدوي ـ وكان ملثماً لا يُظهر إلا عينيه كعادة البدو ولهذا سمي بالبدوي ـ ، فقال البدوي: كل نظرة برجل!، فقال عبد الحميد: رضيت!، فكشف له سيدي أحمد اللثام الفوقاني فصعق عبد الحميد ومات في الحال (7).

وقال في (1 / 161): ((لما دخلت بزوجتي فاطمة (أم عبد الرحمن) وهي بكر مكثت خمسة أشهر لم أقرب منها، فجاءني البدوي وأخذني وهي معي! وفرش لي فرشاً فوق ركن القبة التي على يسار الداخل، وطبخ لي حلوى ودعا الأحياء والأموات إليها!!، وقال: أزل بكارتها هنا!، فكان الأمر تلك الليلة)).
وقال: أن البدوي كان يتكلم بالعجمي والسرياني والزنجي وسائر لغات الوحوش والطير (8).

وأنه أعترض رجل على ما يحدث في مولد البدوي من اختلاط فسلب الإيمان!، فاستغاث بالبدوي!!، فقال: بشرط ألا تعود! ، قال: نعم، فرد عليه ثواب إيمانه، ثم قال له: ماذا تنكر علينا؟، قال اختلاط الرجال بالنساء، فقال له سيدي أحمد: وذلك واقع في الطواف!.
وجاء عن "أحمد البدوي" أنه قال: (( وعزة ربي ما عصى أحد في مولدي إلا وتاب وحسنت توبته!، وإذا كنت أرعى الوحوش والسمك في البحار وأجمعهم بعضهم ببعض! أيعجزني ربي حماية من يحضر مولدي؟!)).
قلت: ولهذا تجد كل الموبقات في مولد البدوي، من خيام للممارسة الفاحشة ( أخته في الطريقة)، وشرب للخمر (البوظة)، والقمار ( التلات ورقات)، فكل شيء مباح في مولد البدوي فـ ( البساط أحمدي!)، بيد أن الظريف أن المتصوفة لا يتخذون لأوليائهم مولد إلا بعد موته، وفي الرواية السابقة يقول البدوي: (( وعزة ربي ما عصى أحد في مولدي إلا وتاب وحسنت توبته! ...))، فلعل هذا مما ينحله سدنة القبر لتحفيز الناس لشهود المولد والنذر للقبر وإنفاق المال على مجاذيب البدوي وخدامه، والله المستعان.
ولعل من هذا الباب أيضاً ما رواه "الجبرتي": أنه في عام 1147 هـ شاع بين الناس أن يوم القيامة سيكون في يوم الجمعة 26 من ذي الحجة!، وأخذ الناس يودع بعضهم البعض، ويكثروا من الصلوات والاستغفار، فلما كان اليوم المحدد ولم تقم الساعة، علل الناس أن البدي والدسوقي تشفعوا عند الله عز وجل لتأجيل الساعة حتى يشبع الناس من الدنيا!، فعقب الجبرتي ـ رحمه الله ـ قائلا:
وكم ذا بمصر من المضحكات.......... ولكنه ضحك كالبكاء.
هذا؛ والذي قام ببناء مسجد البدوي هو: "على بك الكبير" وتم توسعة المسجد في عهد الرئيس السادات.
وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم

وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 15 / محرم / 1436
8 / 11 / 2014

الهامش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
(1)  : العلويون هم النصيرية .. وهم باطنية يبطنون الزندقة والكفر ويظهرون الإسلام ، يعتقدون بإلوهية "علي بن أبي طالب" رضي الله عنه! .
(2)  : مجلة السياسة الأسبوعية عدد 89.
(3)  : كتاب السيد البدوي (ص / 57) للدكتور سعيد عاشور.
(4)  : كتاب السيد البدوي دراسة نقدية ( ص / 18) للدكتور عبد الله صابر.
(5)  : المصدر السابق ( ص / 20 ).
(6)  : لهذا الرقم (40) لمن تتبعه فلسفة كبيرة عند كثير من الفرق المنحرفة، وقد ذكر أحد أئمة البدع ـ والذي يقال أنه عاد إلى السنة في أخر حياته ـ الحكمة وراء هذا الرقم، أما مسألة أنه "لم يأكل أو يشرب لمدة أربعين يوما" فهذا أمر عادي في دنيا التصوف .. فإنهم ذكروا في ترجمة أحد أوليائهم " أنه كان يخلو في بيته صامتاً متفكراً، وما دخل حماماً قط.
(7)  : الطبقات الكبرى ( 1 / 160 )
انظر ـ يرحمك الله ـ هل هناك أظهر من هذا على أن هذا الشخص كان يدعى الإلهية، فهذا هو ما جاء في قصة موسى ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ { قَالَ رَبِّ أرني أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ولكن انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تجلى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسى صَعِقاً } [ الأعراف : 143 ].

(8)  : المصدر السابق ( 1 / 162 ).

الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

مختصر أحكام الأضحية

مختصر أحكام الأضحية


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فإن من أعظم القربات إلى الله ـ عز وجل ـ ومن الخطوط الفاصلة بين التوحيد والشرك هي : إراقة الدماء والذبح ابتغاء مرضات الله  ـ سبحانه ـ ، قال عز وجل: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ العالمين * لاَ شَرِيكَ لَهُ وبذلك أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين } [ الأنعام : 162-163 ] .
وهي من شعائر الإسلام التي يحصل بها العباد تقوى القلوب، قال سبحانه: { لَن يَنَالَ الله لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا ولكن يَنَالُهُ التقوى مِنكُمْ } [ الحج : 37 ].
وقد سن لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عدد من الآداب والسنن لمن أراد أحياء هذه الشعيرة.

وهذا تلخيص لأحكام شعيرة الأضحية:

1ـ هي سنة وليست بواجبة، قال عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : "هي سنة ومعروف" . [البخاري].
وقال قال الإمام النووي في الروضة [ 3 / 129 ]: " التضحية سنة مؤكدة وشعار ظاهر ينبغي لمن قدر أن يحافظ عليها" .
قلت: وفي المسألة خلاف.

2ـ لابد أن تكون من بهيمة الأنعام ( الإبل ـ البقر ـ الغنم ) .. ولا فرق بينها بين ذكر أو أنثى.

3 ـ لابد أن تكون مسنة، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا تذبحوا إلا مسنة ، إلا أن يعسر عليكم ، فتذبحوا جذعة من الضأن" . [رواه مسلم].
والمسنة من البقر ما تمت سنتين ودخلت في الثالثة، ومن الإبل التي تمت خمس سنوات فما فوق، ومن المعز ماله سنة، ومن الضأن ماله ستة أشهر.

4 ـ وتجزيء الشاة عن الرجل وعن أهل بيته، وتجزيء البدنة والبقرة عن سبعة بأهاليهم .
قال أبو أيوب الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ :  " كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون". [رواه الترمذي وصححه الألباني].
عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ  قال: " ... أمرنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة". [ متفق على صحته].

5 ـ ويتقى من الضحايا المعيبة والمريضة ـ فالله طيب لا يقبل إلا طيبًا ـ يقول الرسول ـ صلى الله  عليه وسلم ـ :  " أربع لا تجوز في الأضاحي - فقال - : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها ، والكسير التي لا تنقى" [رواه أبو داود وصححه الألباني].
وفي رواية : " العجفاء" بدلاً من " الكسير". والمقصود بها الهزيلة التي لا مخ لها لضعفها.
قلت : والظلع: العرج.
وإن كان العرج يسيرًا، أو العور غير واضح، جاز في الأضحية لأنه قيد في الحديث بكونه " بينًا " يعني واضحاً، والله أعلم.

6 ـ ويستحب في الأضحية السمنة
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين". [رواه أحمد وابن ماجة وصححه الشيخ في الإرواء (1138)].
وقال أمامة بن سهل ، قال : " كنا نسمن الأضحية بالمدينة ، وكان المسلمون يسمنون" . [البخاري].

7 ـ ويجوز الأضحية بالفحيل والخصي
تقدم في الحديث قبل السابق أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ "ضحى بكبشين أملحين موجوءين". الحديث
والموجوء هو : الخصي
وعن أبي سعيد الخدري قال : " ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش أقرن فحيل ...".[ رواه الترمذي وصححه الشيخ ناصر في المشكاة (1766)].
والفحيل هو: كامل الخلقة لم تقطع أنثياه.

فائدة: قال الإمام البغوي في شرح السنة: " قد كره بعض أهل العلم الموجوء ، لنقصان العضو ، والأصح أنه غير مكروه ، لأن الخصاء يفيد اللحم طيبا ، وينفي عنه الزهومة ، وسوء الرائحة ، وذلك العضو لا يؤكل".أهـ

8 ـ ويحرم على من أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة ، فلا يأخذن من شعره ، ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي ".[رواه مسلم].

9 ـ ولا تصح الأضحية إن ذبحت قبل صلاة العيد لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل هذا فقد أصاب سنتنا ومن نحر فإنما هو لحم يقدمه لأهله ليس من النسك في شيء".[رواه البخاري].
وفي رواية: " من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى ومن لم يذبح فليذبح".
قلت: وتأمل قول الرب ـ عز وجل ـ : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر : 2 ].

10 ـ ومن الإحسان في الذبح : شحذ السكين، وإراحة الذبيحة، وعدم ذبحها أمام أخرى .
فعن شداد بن أوس ، قال : ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، فليرح ذبيحته ".
[رواه مسلم].
وعن عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما أن رجلا أضجع شاة يريد أن يذبحها وهو يحد شفرته ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أتريد أن تميتها موتات هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها ".[ رواه الحاكم وصححه ووافقه الألباني في الصحيحة (24)].

11ـ ويتوجب ذكر الله عليها عند ذبحها، قال الله تعالى : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ اسم الله على مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام}. [الحج : 34].
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ  قال : " ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده ، وسمى وكبر ، ووضع رجله على صفاحهما ".[متفق عليه].
وعنه قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بكبشين أقرنين ، ووضع قدميه على صفاحهما ، وقال : " بسم الله ، والله أكبر".
وتقول أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ  أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بكبش أقرن ...، فأتي به ليضحي به ، فقال لها : " يا عائشة ، هلمي المدية " ، ثم قال : " اشحذيها بحجر " ، ففعلت : ثم أخذها ، وأخذ الكبش فأضجعه ، ثم ذبحه ، ثم قال : " باسم الله ، اللهم تقبل من محمد ، وآل محمد ، ومن أمة محمد ، ثم ضحى به". [رواه مسلم].

12 ـ ولا يشترط الذبح بالنهار فقط على الصحيح كما رجح شيخ الإسلام ووافقه الشيخ العثيمين في شرحه الممتع.

13 ـ ويجوز للمضحي أن يستعين بغيره ليتولى الذبح عنه شريطة أن لا يعطيه الأجرة من الأضحية؛ ولكن إن أعطاه من الأضحية فوق الأجرة فلا شيء عليه إن شاء الله.

14 ـ وله أن يأكل من أضحيته ويدخر منها لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " كلوا وأطعموا وادخروا".[متفق على صحته].

15 ـ لا يجوز بيع لحم الأضحية أو استبدال أجرة الجزار بجلدها، عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قال : " أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه ، وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها ، وأن لا أعطي الجزار منها ". [رواه البخاري ومسلم واللفظ له].

هذا؛ ونسأل الله ـ عز وجل ـ أن يحينا على التوحيد والسنة وأن يتوفانا على الأمر العتيق .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 4 / ذي الحجة / 1435

29 / 9 / 2014


الاثنين، 8 سبتمبر 2014

داعش .. والمهمة الصليبية!




داعش .. والمهمة الصليبية!

قال قديماً الشيخ " محمد سعيد رسلان" عن الغرب الصليبي:
"يشيعون الفوضى ويرسلون المُخلص".

وها هي "داعش" صورة جديدة لتطبيق هذا الأسلوب
صنعت على عين الأمريكان، كما صنعت "القاعدة" من قبل على أعينهم
فضربوا بها المقاومة السورية حتى تفقد الدولة قوتها
وتستمر الحرب أكبر وقت ممكن!.
فبعد إن كان "الجيش الحر" ـ وأغلبه من المبتدعة ـ كاد أن يقضي على بشار ـ بشره الله بالنار ـ وجيشه.
ظهرت "داعش" ـ صنيعة الأمريكان ـ في سوريا وبدأت في تقتيل الجيش الحر، وترك بشار وجنوده!.
فلما ظهرت نتيجة مهمتهم ونجاحهم ، وظهر بشار مرة أخرى على الساحة بعد أن كاد يتخلى عنه كل من حوله لعلمهم أنه على وشك السقوط.
جاء الإذن من السيد للعبد بالخروج من سوريا والتوجه للعراق
فخرجت "داعش" من سوريا لتكمل ما لم يستطيعه "المالكي" الرافضي في العراق.
فقامت بذبح أكبر قدر تبقى من أهل السنة هنالك باسم القضاء على الشيعة!!
فدخلوا المدن "السنية" ـ  كالموصل ونينوى ـ وقتلوا أهلها، وتركوا المدن "الشيعية" ـ كالنجف كربلاء ـ .
وهذه سنتهم من قديم "تقتيل أهل التوحيد والإسلام ، وترك أهل الشرك والأوثان!.

ثم لما كان لسيدهم الصليبي ما كان، حانت اللحظة التي لابد أن يتم التخلص فيها من العبد الغبي حتى لا يكشف شيء مما يعرف ـ إن كان يعرف شيئاً ـ   فتم قذفهم بالطائرات باسم الدفاع عن حقوق الأقليات!
وفي المنتهى الذي سيدفع للأمريكان فاتورة القضاء على "داعش" هم من وجدت "داعش" من أجل القضاء عليهم!!
وأما "البغدادي"  .. فلعله الآن يستمتع مع صاحبه "أسامة بن لادن" في شوارع نيويورك !
وذلك بعد أن حلقوا لحاهم ، ولبسوا اللباس الإفرنجي، وأتموا مهمتهم على أكمل وجه!.
ولا تعجب فأني لا أقتنع بقصة مقتل "بن لادن" على هذا النحو.
أيكون " سليمان الحلبي " ـ رحمه الله ـ  والذي لم يقتل منهم إلا واحد ، محنط في متحف عند القوم بعد أن خزوقوه !، ليكون عبرة لم يعتبر، ثم يلقى بـ" أسامة بن لادن"ـ الذي يزعمون أنه فعل بهم الأفاعيل ـ في عرض البحر!!.. 

فالله المستعان.

فما هذا كله إلا حلقة من حلقات حرب الخوارج على الكفار في الظاهر ومودتهم لهم في الباطن!.
بدأ من أبن الأشعث ـ شيخ القراء ـ حتى أبو قتادة الفلسطيني!.

وصدق من قال: "تلك هي سيرتهم في جهادهم : أما مع المسلمين , فضربُ الهامِ , وأما مع الكفار فحربُ كلامٍ , ولاَ يَغرَّنكم مَضاءُ ألسنتهم في أعراض الكفار , ولا غليانُ أَفكارِهم بهَا ولو كانت كغلي القُدورِ , فليس أكثر من تحريشِ ربِّاتِ الخُدورِ "
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 12 / ذو القعدة / 1435
7 / 9 / 2014

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

مختصر أحكام الصيام

مختصر أحكام الصيام

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
عن عبد الله بن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " بني الإسلام على خمسة ، على أن يوحد الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام رمضان ، والحج " ، فقال رجل : الحج ، وصيام رمضان ، قال : " لا ، صيام رمضان ، والحج " هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم". (أخرجه مسلم).
فوصف الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الإسلام ببيت قائم على أعمدة ودعائم، وهذه الدعائم خمسة، وهي: التوحيد، والصلاة ، والزكاة، والصيام، والحج.
ومع أن الجهاد عمود الإسلام ، وذروة سنامه، إلا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يذكره مع هذه الخمسة، وذلك لأنه من فروض الكفايات، وقد يسقط في بعض الأوقات.
أما هذه الخمسة فهي فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل.
ولهذا يتوجب على المسلم تعلم أحكامها ..حتى يأتي بها على الوجه المقبول.
وهذا تلخيص لأحكام فريضة الصيام لعل الله ـ عز وجل ـ ينفع بها مسلم.
أولاً: يبدأ الصيام برؤية هلال رمضان.
لقول الرب ـ عز وجل ـ : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } [ البقرة : 185 ].
وقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)). [متفق عليه].
والراجح أن لكل بلد مطلع، فلا يصوم المسلم إلا مع أهل بلده، وهذا ما عليه السلف، وفيه حديث "كريب" ـ مولى أم الفضل بنت الحارث ـ في صحيح مسلم، وأن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ لم يتابع أهل الشام على رؤيتهم للهلال، مع أنه كان فيهم "معاوية بن أبي سفيان" ـ رضي الله عنه ـ ، وعلل ابن عباس الأمر بقوله: " هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ". [ انظر صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم].

ثانياً: للصيام ركنان:
الركن الأول : النية.
لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( إنما الأعمال بالنية )). [ متفق عليه]. 
والنية: هي عزم القلب على الفعل.
فمن عزم بقلبه على الصوم فقد تحققت نيته، وعليه: فلا يلزم التلفظ بها، بل التلفظ بها بدعة.

الركن الثاني: الإمساك.
والمقصود به: الامتناع عن المفطرات من الطعام والشراب والنكاح من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
لقول الرب ـ عز وجل ـ : { وَكُلُواْ واشربوا حتى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخيط الأبيض مِنَ الخيط الاسود مِنَ الفجر } [ البقرة : 187 ]
وقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((إن بلالا يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن - أو قال: حتى تسمعوا أذان - ابن أم مكتوم " وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى ، لا يؤذن حتى يقول له الناس : أصبحت)). [ متفق على صحته].
هذا؛ ولا يعرف في الشرع الامتناع عن الطعام والشراب عند سماع مدفع الإمساك!، أو عند بدء تواشيح الفجر!، بل إن هذه الأمور من جملة البدع.
فأخر وقت للأكل والشرب هو عند سماع أذان الفجر.

ثالثا: ما يبطل به الصوم.

1ـ الأكل والشرب عمداً.
وقلنا: "عمداً"، لأنه من أكل أو شرب ناسياً فصيامه صحيح.
لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((من أكل ناسيا ، وهو صائم ، فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه)). [متفق عليه].
وهذا الحكم عام في صيام الفرض أو النفل، أما من تعمد الأكل أو الشرب فهذا أفسد صومه، وارتكب كبيرة من الكبائر.

2ـ تعمد القيء:
فمن تعمد القيء ـ وهو استفراغ ما في المعدة ـ فقد أفسد صومه.
لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ، ومن استقاء فعليه القضاء)). [رواه أبو داود وابن حبان، وهو صحيح].
ومعنى ذرعه القيء: غلبه على الخروج من غير تعمد.

3ـ نزول دم الحيض أو النفاس على المرأة
فإذا نزل دم الحيض أو النفاس على المرأة في أي ساعة من نهار رمضان فقد فسد صومها، وعليها قضاء هذه الأيام بعد طهرها... لقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ : ((كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم نطهر ، فيأمرنا بقضاء الصيام ، ولا يأمرنا بقضاء الصلاة)) [رواه مسلم وهذا لفظ الترمذي].
قلت: فهذه الحالات الثلاثة: الأكل أو الشرب عمداً، أو القيء عمداً، أو نزول دم الحيض أو النفاس على المرأة .. هذه الحالات من مبطلات الصوم ، وعلى أصحابها قضاء ما أفطروه بعد رمضان.
ويتبقى حاله على صحابها قضاء ما أفطره مع كفاره
وهي من وقع على أمرأته في نهار رمضان عامداً أنزل أو لم ينزل!
وذلك لحديث متفق على صحته وفيه: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : هلكت ، يا رسول الله ، قال : " وما أهلكك ؟ " قال : وقعت على امرأتي في رمضان ، قال : " هل تجد ما تعتق رقبة ؟ " قال : لا ، قال : " فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ " قال : لا ، قال : " فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا ؟ " قال : لا ، قال : ثم جلس ، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر ، فقال : " تصدق بهذا " قال : على أفقر منا ؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ، ثم قال : " اذهب فأطعمه أهلك".
ومعنى "عرق " : هو وعاء من خوص تكال به الأشياء، ويسمى زنبيلا.
قلت: وفي الحديث ترتيب الكفارة على المقدرة والاستطاعة ، فمن وجد رقبة يعتقها لا يحل له الصيام، ومن قدر على الصيام فلا يحل له الإطعام.

ـ الحالات التي يجوز فيها الفطر:
رخص الرب ـ عز وجل ـ في الفطر لعدة حالات منها:

1 ـ المريض
لقول الله ـ عز وجل ـ { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } [ البقرة : 184 ].
فالمريض معه رخصة الفطر في رمضان، وقضاء ما أفطر بعد أن يتعافى، أما أن كان مريضاً بمرض لا يرجى برؤه .. فهذا يطعم عن كل يوم مسكيناً، وهو نفس الحكم بالنسبة للشيخ الكبير والمرأة العجوز
فإنك من الممكن تجد شيخ مسن وأمرأة عجوز ليس بهما مرض ، ولكنهما لا يستطعان الصوم لكبر السن وضعف القوة، فهذان يفطران ويطعما عن كل يوم مسكيناً ، وهو ما عليه جمهور أهل العلم.
والفقهاء على أنه ليس كل مرض مبيح للفطر، ولكن المرض الذي يشق معه الصوم، أو يتضاعف بسبب الصيام، أما الذي لا يشق معه الصوم كالصداع وما شابه فلا يبيح الفطر، وخالف الظاهرية في هذه المسألة.

3ـ السفر
لقوله تعالى : { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } [ البقرة : 184 ].
فالسفر مع المرض وكبر السن من الحالات التي يجوز فيها الفطر
ولا اعتبار لوجود المشقة في السفر حتى يباح الفطر، كما أنه لا اعتبار للمسافة، فما كان في عرف الناس سفر فهو سفر
والمسافر أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر
فـ "حمزة بن عمرو الأسلمي" قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أأصوم في السفر ؟ - وكان كثير الصيام - ، فقال : " إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر" [ متفق عليه].
وعند مسلم عن أبي سعيد الخدري ، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم ، قالا : " سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيصوم الصائم ، ويفطر المفطر ، فلا يعيب بعضهم على بعض ".
فإذا أخذ المسافر برخصة الفطر .. جاز له إتيان الزوجة ، ولا كفارة عليه كما يوجد على من جامع في الحضر.
بيد أنه لا يجوز التحايل بالسفر لهذا الغرض، لأن التحايل على إسقاط واجب لا يسقطه.

4ـ المرأة الحامل والمرضع 
فيباح لهما الفطر لحديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن الله تعالى وضع شطر الصلاة ، أو نصف الصلاة والصوم عن المسافر ، وعن المرضع ، أو الحبلى" [رواه أبو داود وابن ماجه وحسنه الألباني في صحيح الجامع].
وعن ابن عباس قال : ( إذا خافت الحامل على نفسها والمرضع على ولدها في رمضان قال : يفطران ويطعمان مكان كل يوم مسكينا ولا يقضيان صوما ). [قال الشيخ الألباني في الإرواء: إسناده صحيح على شرط مسلم].
وعن نافع قال : ( كانت بنت لابن عمر تحت رجل من قريش وكانت حاملا فأصابها عطش في رمضان فأمرها ابن عمر أن تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينا ) . [قال الألباني : إسناده صحيح].
فالحامل إن خافت على نفسها فيجوز له الفطر وكذلك المرضع إن خافت على ولدها، ولا قضاء عليهما، ولكن يفطرا عن كل يوم مسكيناً.

هذا ولا يَفسد الصوم بـ : 

1ـ التقبيل والمباشرة 
تقول أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملككم لإربه ) . [رواه الجماعة إلا النسائي ].
و قال عمر بن الخطاب: هششت ، فقبلت وأنا صائم ، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : لقد صنعت اليوم أمرا عظيما ، قال : " وما هو؟ " ، قلت : قبلت وأنا صائم ، فقال صلى الله عليه وسلم : " أرأيت لو مضمضت من الماء " ، قلت : إذا لا يضر ، قال : " ففيم". [صحيح ابن حبان].

2ـ المذي
فمن أمذى وهو صائم فصيامه صحيح، ولا يبطل إلا بالإنزال حال اليقظة، لأن من أنزل في نومه وكان صائماً فصيامه صحيح أيضاً، والله أعلم.

3ـ البخور والعطور
الراجح أنها لا بأس بها للصائم، إذ أنها كانت معروفة على عهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومع هذا لم ينبه على أنها تفسد الصوم، فمن زعم خلاف هذا فعليه الدليل. 

4ـ بقايا الطعام في الفم وغبار الطريق
فكل ما لا يمكن أن يحترز منه الصائم لا يفطر، بل يجوز له تذوق الطعام.
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: " لا بأس أن يذوق الخل أو الشيء ، ما لم يدخل حلقه وهو صائم" . [مصنف ابن أبي شيبة].
ومن التنطع كثرة التفل خشية بلع الريق!.

5ـ القطرة والحقن
فالراجح أن قطرة العين والأذن لا تفطر، ولكن يحترز من قطرة الأنف لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للقيط بن صبرة ـ رضي الله عنه ـ : " أسبغ الوضوء ، وخلل الأصابع ، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما" .[ رواه أبو داود وغيره، وهو صحيح].
وكذلك الحقن ذهب جمع من أهل العلم أنها لا تفسد الصوم، والله أعلم.

6ـ السواك 
يجوز للصائم استعمال السواك في أي ساعة من ساعات الصيام، ولكن يجتنب السواك إن كان له نكهه!. ولا تعلق لحديث " لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " بهذا الحكم.
فالسواك كما قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم : "مطهرة للفم ، مرضاة للرب" .

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 15 / رمضان / 1435
14 / 7 / 2104

الاثنين، 9 يونيو 2014

بدعية ورقة هل صليت على النبي اليوم؟!

التحذير من ورقة
هل صليت على النبي اليوم؟!
صلى الله على نبينا وسلم


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن هذه الورقة أما أن تكون سنة وأما أن تكون بدعة
فمن زعم أنها سنة !
قلنا له : { ...قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [ النمل : 64 ]
فإن لم يكن عليها برهان .. فهي بدعة
وكل بدعة ضلالة ولو رآها الناس حسنة
كما قال ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ

كما أن كل دعائم البدعة قائمة على بدعية هذه الورقة
أولاً: هي محدثة ، لم يتجاوز ظهورها عدة أشهر.
ثانيا: من يكتبها أو ينشرها يرغب من وراءها في الأجر
وكذلك البدعة طريقة محدثة يقصد بالسلوك عليها الثواب.
ثالثا: تتضمن التخصيص ، ولا مخصص ( أقصد كلمة : اليوم! ).
وأخيراً: لو كان في هذه الورقة خيراً لسبقونا إليه، وكما هو معروف : كل خير في أتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف
هذا؛ والله أسأل أن يفهمنا حقيقة الدين وأن يرزقنا برد اليقين.

 وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 10 / شعبان / 1435
8 / 6 / 2014

الجمعة، 6 يونيو 2014

كبـائـر اللسان


كبـائـر اللسان

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:


أولاً: الكـــذب:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ". [متفق على صحته].

وعند أحمد والترمذي وغيرهما عن عائشة ، قالت : ما كان خلق أبغض إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب ، ولقد " كان الرجل يكذب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذبة ، فما يزال في نفسه عليه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة ". [ الصحيحة 2052].
وفي رواية الحاكم، قالت: " ما كان شيء أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب وما جربه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد وإن قل فيخرج له من نفسه حتى يجدد له توبة".

وعن عبد الله بن عامر ، أنه قال : دعتني أمي يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا ، فقالت : ها تعال أعطيك ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما أردت أن تعطيه ؟ " قالت : أعطيه تمرا ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما إنك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة". [رواه أبو داود وصححه الألباني].
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "... ألا وإن شر الروايا روايا الكذب ، ألا وإن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل ، ولا أن يعد الرجل صبيه ثم لا ينجز له".[صحيح موقوفا].

وعن بهز بن حكيم , عن أبيه , عن جده , قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ويل لمن يحدث فيكذب ليضحك به القوم , ويل له , ويل له , ويل له".[رواه أحمد والترمذي وأبو داود وحسنه الألباني في صحيح الجامع 7136].
 
وعن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان". [متفق عليه].
وفي رواية: قال صلى الله عليه وسلم : " أربع من كن فيه كان منافقا - أو كانت فيه خصلة من أربعة كانت فيه خصلة من النفاق - حتى يدعها : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر". [متفق على صحته من رواية عبد الله بن عمرو].

وعن عبد الرحمن بن شبل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن التجار هم الفجار " قالوا : يا رسول الله ، أليس قد أحل الله البيع ؟ قال : " بلى ، ولكنهم يحلفون فيأثمون ، ويحدثون فيكذبون".
وفي رواية: قال صلى الله عليه وسلم:" إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله و بر و صدق". [رواه الترمذي وابن ماجة بسند حسن].

وفي صحيح مسلم عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم " قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرارا ، قال أبو ذر : خابوا وخسروا ، من هم يا رسول الله ؟ قال : " المسبل ، والمنان ، والمُنَفِّقُ سلعته بالحلف الكاذب".
ومعنى "المُنَفِّقُ سلعته بالحلف الكاذب": المروج لسلعته بالحلف الكاذب.

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع". [رواه مسلم].
قال الإمام مالك رحمه الله : " اعلم أنه ليس يسلم رجل حدث بكل ما سمع ، ولا يكون إماما أبدا وهو يحدث بكل ما سمع".

وعن أوسط بن إسماعيل البجلي ـ ثقة أدراك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يراه ـ ، أنه سمع أبا بكر ، حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم يقول : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقامي هذا عام الأول ، ثم بكى أبو بكر ، ثم قال : " عليكم بالصدق ، فإنه مع البر وهما في الجنة ، وإياكم والكذب ، فإنه مع الفجور وهما في النار ، وسلوا الله المعافاة ، فإنه لم يؤت أحد بعد اليقين خيرا من المعافاة ، ولا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا". [رواه أحمد والنسائي في الكبرى وصححه الألباني].

وأشد الكذب..هو الكذب على الله ـ عز وجل ـ وعلى رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

قال الله تعالى: { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بالكتاب لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الكتاب وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللًّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ الله وَيَقُولُونَ عَلَى الله الكذب وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [ آل عمران : 78 ].

وقال تعالى: { فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }[ آل عمران : 94 ].

وقال عز وجل: {انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا}[ النساء : 50 ].

وقال سبحانه: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}.[المائدة :103].

وقال عز وجل: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً لِيُضِلَّ الناس بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين } [ الأنعام : 144 ]

وقال تعالى : {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ}[ يونس : 59 ].

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إن كذبا علي ليس ككذب على أحد ، من كذب علي متعمدا ، فليتبوأ مقعده من النار".[ أخرجاه في الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة].

وعن ربعي بن حراش ، يقول : سمعت عليا ، يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تكذبوا علي ، فإنه من كذب علي فليلج النار" . [رواه البخاري].


ثانيا: الغيبة والنميمة:
قال تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}[الحجرات : 12 ].

وعن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الربا ثلاثة وسبعون بابا ، أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه ، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم "
وفي رواية: " الربا اثنان وسبعون بابا ، أدناها مثل إتيان الرجل أمه ، وأربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه".
وفي رواية: "أهون الربا كالذي ينكح أمه و إن أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه". وكلها روايات صححها الألباني في صحيح الجامع.

وقد بلغ حذيفة بن اليمان  أن رجلا ينم الحديث فقال حذيفة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يدخل الجنة نمام". [رواه أحمد ومسلم].
وفي رواية: قال حذيفة : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يدخل الجنة قتات".[رواه البخاري ومسلم].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين ، فقال : " إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ، أما هذا : فكان لا يستتر من بوله ، وأما هذا : فكان يمشي بالنميمة ".[متفق عليه].

وعن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " أتدرون ما الغيبة ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : " ذكرك أخاك بما يكره " قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : " إن كان فيه ما تقول ، فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهته".[رواه مسلم وغيره].

وقال صلى الله عليه وسلم: "من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه اللّه رَدْغَة الخَبال حتى يخرج مما قال، وليس بخارج".[رواه أبو داود وصححه الألباني].
وردغة الخبال: هي عصارة أهل النار

وعن جابر بن عبد الله قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - وارتفعت ريح خبيثة منتنة- فقال: " أتدرون ما هذه ؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين".[رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني].

ومر عمرو بن العاص رضي الله عنه على بغل ميت فقال لبعض أصحابه: " لأن يأكل الرجل من هذا حتى يملأ بطنه خير له من أن يأكل لحم رجل مسلم".[رواه ابن حبان بسند صحيح موقوفاً].

ثالثاً: شهادة الزور:
قال الله تعالى: { وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.[ المجادلة : 14].
وقال سبحانه: { وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72].

وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ " ثلاثا ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : " الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين - وجلس وكان متكئا فقال - ألا وقول الزور " ، قال : فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت".[متفق عليه].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".[رواه البخاري].

فالأمر عظيم!
فينبغي على المسلم أن يحفظ لسانه عن هذه الكبائر، وأن لا يتكلم بكلام إلا كلاماً ظهرت فيه المصلحة، فإن في السكوت السلامة والنجاة، وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت".
وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
الجمعة 8 / شعبان / 1435
6 / 6 / 2104