إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 3 يوليو 2024

ماذا يحدث لو أسقطنا تراث الشيخ الألباني رحمه الله؟

 

ماذا يحدث لو أسقطنا تراث الشيخ الألباني رحمه الله؟

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فقد راسلني بعض الإخوة أن هناك من يطعن في الشيخ الألباني -رحمه الله-، وأرسلوا لي كلام هذا المتكلم.
فوجدت أنه يدندن حول ما يدندن حوله إخوانه من الحدادية، فالأمر لا شأن له بعلم الحديث ولا يحزنون؛ إذ الذي يحكم على رجل من أهل الحديث ينبغي أن يكون من أهل هذا الشأن، والرجل ليس من أهل الحديث ولا يفهم فيه كما سأُبَيِّن. 
  فهذا الطاعن لم يكتف بإسقاط تحقيقات الشيخ الألباني -رحمه الله- بل زعم أنه لا يَعتدُّ بتخريجات غيره من المتأخرين، أمثال: السخاوي والسيوطي وابن حجر والعراقي وحتى وصل للبيهقي.
وهؤلاء الحدادية يلبسون على غيرهم بقضية منهج المتقدمين والمتأخرين.
ثم يبدؤون الطعن في علم أكابر الأمة بزعم أنهم من المتأخرين، وأما هم فعلى منهج المتقدمين كأبي زرعة وأبي حاتم والبخاري غيرهم من النقاد المتقدمين
.
 فإذا سمع هذا التأصيل من يجهل حقيقة هؤلاء ظن أن الحق معهم، فمن الذي يُقدِّم علم ابن حجر على علم البخاري؟
إذن منهج المتقدمين هو الحق.  
وفي الحقيقة أنه لا خلاف أن علم المتقدمين ومنهجهم في النقد والتحقيق لا يقارن بمنهج من جاء بعدهم، كما لم يخترع من جاء بعدهم منهجًا جديدًا يخالف منهج هؤلاء الأكابر، ولكن وجد بعض المخالفة لسنة الله الكونية من نقص العلم مع مرور الزمان وموت العلماء وقلتهم.
وإهدار علم من تأخر من محدثي الأمة بزعم أنهم لهم منهجًا يخالف منهج المتقدمين يحدث فجوة عظيمة عند التطبيق، بمعنى: أننا لو أردنا الحكم على أحاديث في سنن النسائي أو ابن ماجة، أو مسند أحمد أو ابن أبي يعلى أو غيرها من كتب السنة التي لم يشترط أصحابها الصحة.
فهل سنجد حكمًا لأهل الحديث المتقدمين على كل حديث في هذه الكتب، أم أن هؤلاء العلماء أجابوا على أحاديث مُشكلة سُئلوا عنها فَبيَّنوا الصواب فيها وكشفوا عِلَلها؟
فالسائل لولا أنه يعرف أن هذا الحديث مُعلّ ما سأل عنه الشيخ.
وأما باقي الأحاديث المحتملة، والتي يتجاذب فيها العلماء الحكم بين القبول والرد، هل أجاب عنها هؤلاء العلماء المتقدمين؟
والجواب: لا لم يفعلوا؛ وعامة هذه الأحاديث داخلة في حيز الحديث الحسن، وهو من أصعب الأحاديث عند التحقيق؛ لأنه يتجاذب سنده بين القوة والضعف، حتى قال عنه الإمام الذهبي -رحمه الله- : " فإن الحديث الحسن يستضعفه الحافظ عن أن يُرقيه إلى رتبة الصحيح. فبهذا الاعتبار فيه ضعف ما، إذ الحسن لا ينفك عن ضعف ما. ولو انفك عن ذلك، لصح باتفاق".
وقال: " لا تطمع بأن للحسن قاعدة تندرج كل الأحاديث الحسان فيها، فأنا على إياسٍ من ذلك! فكم من حديث تردد فيه الحفاظ: هل هو حسن؟ أو ضعيف؟ أو صحيح؟ بل الحافظ الواحد يتغير اجتهاده في الحديث الواحد: فيومًا يصفه بالصحة، ويومًا يصفه بالحسن، ولربما استضعفه". اهـ
قلت: فتأمل يرحمك الله قول هذا الإمام المحقق أن الحافظ يتغير اجتهاده في هذا الصنف من الحديث، فربما يُضعِّف ما صحَّحه قبلُ، وربما يصحح ما ضعف.
وصاحبنا يعيب على الشيخ الألباني -رحمه الله- هذا الأمر، ويقول: "لو طال به العمر لنقل السلسلة الضعيفة إلى السلسلة الصحيحة".
 والآن، نجيب نحن جوابًا سُنيًّا من غير هوى عن السؤال الذي أجاب عنه هذا الرجل، وهو: هل تحقيقات الشيخ الألباني فيها تساهل وعدم اعتناء بعلل الحديث؟
والجواب: أن الحق أنه لا يوجد متأخر إلا وهو يستدرك على من تقدمه، فنجد ابن حجر يستدرك على الذهبي، والذهبي يستدرك على الحاكم وابن القطان، وابن القطان يستدرك على عبد الحق الأشبيلي، والبيهقي يستدرك على ابن فورك، وأبو زرعه وأبو حاتم والدارقطني يستدركون على البخاري، وابن معين يستدرك على نعيم بن حماد، وسفيان الثوري يستدرك على بعض محدثي زمانه، وهكذا..
فهي سنة في علم الحديث.
فالشيخ الألباني هناك بعض ما يُستدرك عليه كغيره من العلماء، لكن هل هذه الأخطاء التي توجد في كتب الشيخ تسقط علمه وتراثه؟!
مع التنبيه أن المستدرك على الشيخ لم يستطع أن يقف على الخطأ إلا بسبب البرامج الحديثية، ووالله الذي لا إله غيره لو سحب الحاسوب من الواحد منهم لصار أجهل من حمار أهله.
ووالله أكثر هؤلاء لا يستطيع الواحد منهم أن يخرج حديثًا من الفهارس وبطون الكتب، وإنما هو يكتب كلمة من الحديث في المكتبة الشاملة ثم تخرج له النتائج، وربما تحقيقات أيضًا، فينظر فيها ثم يبدأ بالطعن في علماء السنة.
وهذا الطاعن في الشيخ يستطيع أن يكذبني بأن يخرج علينا ونذكر له حديثًا يُخرِّجه لنا أمام الكاميرا من الفهارس والكتب.
كما أنه لابد أن يوضع في الاعتبار أن تحقيقات الشيخ التي يستدركونها كُتب بعضها قبل 60 سنة، ولم يكن طبعت كثير من الكتب التي بين أيدينا اليوم من كتب المسانيد والأجزاء وخاصة كتب العلل والسؤالات، ولا طبعت بعض الرسائل والأبحاث المتخصصة.
ولهذا نجد الشيخ الألباني -رحمه الله- يلجأ لكلام المنذري في الحكم على كثير من الأحاديث، فسند الحديث الذي يحققه في كتاب السيوطي مثلًا، ليس بين يدي الشيخ، وليس بين يديه إلا قول المنذري عن الحديث رجاله ثقات، أو رجاله رجال الصحيح.
فيُصحِّح الشيخ الألباني الحديث بناء على قول هذا العالم.
فيأتي من يستدرك على الشيخ اليوم، وقد طبع الأصل الذي فيه هذا الحديث، فيجد أن فيه ثقة ولكنه مدلس وقد عنعنه، أو راو ثقة ولكنه ضعيف في شيخ بعينه، فيُضعّف الحديث بسبب هذه العِلَّة، ويُشغِّب على الشيخ، وبعضهم يُخطِّئ الشيخ بسبب قضية خلافية بين العلماء، أو راوٍ تنازع العلماء في الأخذ بحديثه كابن لهيعة مثلًا، فيريد أن يلزم الشيخ بمنهجه ولا يتأول له.
هذا؛ ولو سلمنا لهذا المفتري بإسقاط تحقيقات الشيخ الألباني ومن قبله ابن حجر والسخاوي والسيوطي والبيهقي وغيرهم ممن ذكر، لأنهم على منهج المتأخرين بزعمه.
وأردنا أن نقف على تحقيق حديث في كتب السنة التي لم يشترط أصحابها الصحة، أو في كتب المسانيد أو المصنفات، فماذا نفعل؟
هل وجود كلمة لعالم في الحكم على حديث في هذه الكتب أفضل، أم الأفضل أن نقف أمام الحديث حيارى لا ندرى عنه شيئًا؟
فهذه هي الفجوة التي حدثتك عنها، وهي إن إهدار علم من يرميهم الحدادية بأنهم على منهج المتأخرين، يجعل الناس حيارى أمام كم كبير من أحاديث السنة.
فهم حمقى وأصحاب غل على أهل السنة، كإخوانهم من الخوارج سفهاء الأحلام، لا دينًا أقاموا، ولا دنيا أبقوا.
هذا؛ وكلمتي هنا ليست دفاعًا في المقام الأول عن الشيخ الألباني -رحمه الله- في علم الحديث، ولكن هي من باب دفع البغي عن عالم من علماء أهل السنة.
فالشيخ الألباني -رحمه الله- له هذه المنزلة بين أهل الإسلام لأنه من علماء السنة الذين هم على منهج السلف، وهؤلاء هم من يُحمل عنهم العلم، لأن الأمر كما قال محمد بن سيرين -رحمه الله-: "إنَّ هذا العلم دِين فانظروا عمَّن تأخذون دِينكم".
  فإن لم نلتزم بهذه السنة السلفية لفسد علينا العلم ولتصدى لتعليم الناس مثل هذا الجاهل المستدرك على الشيخ -رحمه الله- وجعله من أهل الفردوس الأعلى.

  وقد ذكرت في أول الكلام أن هذا الرجل يجهل علم الحديث، والمسكين يظن أنه بحمل رسالة دكتوراه فيه قد أصبح من أهله.
ورحم الله الشيخ مقبل الوداعي عندما قال: إنما هي عمائم على...
كما يظن هذا المسكين أن هذا الدجل الذي يتلاعب به في صفحته من أنه لم يصح حديث في باب كذا وكذا، وأن انبهار الجهلة بهذا الكلام يجعل كاتبه على شيء، فيظن أن الجميع جهلاء، وأن هذا الدجل ينطلي على الجميع، وكأننا لا نعلم أن أصل هذا الكلام موجود في مؤلفات الفيروز آبادي والشيخ بكر أبو زيد وغيرهما ممن ألف وصنف في هذا الباب.
وقبل أن أبدأ في توضيح جهله أريد أن أُوضِّح نكتة مهمة، وهي: أن العالم كلما زاد تأليفه كلما زاد الاستدراك عليه، ولهذا يقولون: من ألَّف فقد استهدف.

قال سليمان بن أحمد الدمشقي, قال: " قلت لعبد الرحمن بن مهدي: أكتب عمن يغلط في عشرة؟ قال: نعم. قيل له: يغلط في عشرين؟ قال: نعم. قلت: فثلاثين؟ قال: نعم. قلت: فخمسين؟ قال: نعم ". اهـ
قلت: وكلام ابن مهدي هنا لا يُحمل على من يُحدِّث بألف حديث مثلًا فيغلط في خمسين، ولكن هذا للمُكثر.
ومؤلفات الشيخ الألباني لا يستطيع منصف إنكار نفاسة مواضيعها مع طولها، فقراءتها تستهلك عمرًا طويًلا، فما بالنا بكتابتها وتصنيفها وتحقيق أحاديثها ومسائلها؟
ولهذا من الطبيعي أن يوجد في كتب الشيخ ما يستدرك عليه.
فالسلسلة الصحيحة تفوق أحاديثها 4000 حديث، والسلسلة الضعيفة تتجاوز 7000 حديث، والأمر ليس متوقف على تحقيق الحديث وحسب، بل يذكر الشيخ بعض أحكامه، وما فيه من سنن، وما ينبه عليه من بدع، وغير ذلك مما هو معلوم.
مع بيان سبب التصحيح أو التضعيف وتخريج طرق الحديث.
وكل هذا مما يسطو عليه محققو العصر ثم يستدركون على الشيخ.
فيسرقون جهده، ثم يجحدون فضله.
وأقلهم شرًا من يسرق مجهود الشيخ وينسبه لنفسه، ثم يتأكل به.
أما أحاديث الجامع الصغير فتتجاوز 10000 حديث، فتأمل عدد الأحاديث التي حققها الشيخ في هذه الكتب الثلاثة فقط، فما بالنا بباقي مؤلفاته؟
فإذا أردنا الأخذ بنصيحة هذا الطاعن المتعالم سنكون أمام هذا الكم الهائل من الأحاديث والتي أغلبها لم تحقق من قبل.
ولكن لا بأس..  فعندنا هذا الدكتور وعصابته، يكفون الأمة هذا العناء..
فالرجل يحقق للأمة الأحاديث بالجملة، يقول: لا يصح أحاديث في باب كذا وكذا.
فدعكم من تحقيقات الألباني وابن حجر والسخاوي والبيهقي، فأنا موجود وفي الخدمة.
وأذكر أيضًا قبل البدء في بيان جهل هذا الدكتور مسألة نبهت عليها من قبل، وهي: أنك لا تجد بين هؤلاء الحدادية من يصحح حديثًا -إلا في القليل النادر-، فهم لا يعرفون إلا التضعيف، والطعن فيمن يصحح أحاديث خارج صحيح البخاري.
وهذا يشبه النفس التكفيري عند الخوارج لمن تأمله.
وهذا الدكتور الذي يزعم أنه لا يَعتد بتراث الشيخ الألباني وغيره من العلماء الذين مر ذكرهم، لأنهم على منهج المتأخرين.
خرج علينا منذ أسبوعين ليضعف حديثًا في صحيح مسلم.
 فهل عنده الإمام مسلم على منهج المتأخرين أيضًا؟ يجيب متابعيه..
ولهذا كنت مضطرًا للنظر في كلامه حتى نعلم علم الرجل وعقله.
فوجدته يزعم بلسان حاله أن مسلمًا خَفيت عنه عِلَّة هذا الحديث! وهو بدكتوريته كشف هذه العلة!
والحديث هو: "صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده".
والذي أخرجه أيضًا ابن خزيمة وابن حبان وأبو عوانة، وهم ممن اشترط الصحة في كتبهم.
ويلزمه هنا أن يبين لمتابعيه ما الفرق إذا بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين إن كان صحيح مسلم وابن خزيمة وابن حبان لم يسلم منه؟
وهل هم في نفس المنزلة التي فيها البيهقي وابن حجر والسخاوي والألباني؟
أم هم على نفس منهج المتقدمين كالبخاري والنسائي؟
وأخشى أن يقول: أنهم في منزلة بين المنزلتين.
نريد منه الجواب..
وهذه العلة الخفية التي وقف عليها هذا المتعالم الجاهل، وقد خفيت على الإمام مسلم وغيره من أصحاب كتب الحديث:
أن راوي الحديث ليس هو الصحابي المشهور أبو قتادة الأنصاري -رضي الله عنه-، وإنما هو التابعي "أبو قتادة تميم بن نُذَير العدوي"، .. هكذا خبط لزق.
وأن هذه عِلَّة خفية لم يطَّلع عليها الإمام مسلم -بالطبع لأنه ليس معه دكتوراه في الحديث- وكذا رواة الحديث لم يكونوا يعرفون أن أبا قتادة هو التابعي، وظنوا أنه الصحابي المعروف، فكانوا دهرًا طويلًا يروون الحديث-على التَّوهُّم والظَّنِّ- كما هو نص عبارته.
وبالطبع هذه العِلَّة لم ينتبه لها أيضًا الترمذي والنسائي عندما أخرجا الحديث، ولا إمام الأئمة ابن خزيمة أو ابن حبان عندما أخرجا الحديث في صحيحيهما، ولم ينتبه لها الدارقطني أو أبو عمار الشهيد عندما غربلا صحيح مسلم في البحث عمَّا يستدرك عليه.
أو شك في هذه العلة ولو مرة طالب حديث فسأل عنها أبا زرعة أو أبا حاتم أو غيرهما من أئمة الصنعة.
وبالطبع، كيف يقفون على مثل هذه العلة الخَفيَّة وهم لا يحملون شهادة دكتوراه في الحديث كصاحبنا؟!
وكل هذا الهراء بناه هذا الدكتور لأنه وقف على كلمة للبخاري قال فيها: أنه لا يعرف سماع عبد الله بن معبد من أبي قتادة.
و عبد الله بن معبد هو الزماني البصري رواي الحديث عن أبي قتادة، وهو ثقة، وَثَّقه النسائي والذهبي وغيرهما.
ومن يتأمل في كلام البخاري لا يجد أنه قال أن أبا قتادة الذي في سند الحديث هو التابعي وليس الصحابي.
غاية ما في كلمة البخاري أنه نفى معرفته بسماع عبد الله من أبي قتادة، كما أن كلام البخاري هنا لا يفهم منه إلا أنه يتكلم عن الصحابي أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه-.
وهذا هو الذي يفهمه كل من له عناية بهذا العلم، ولهذا قال الذهبي -رحمه الله- في ترجمة عبد الله بن معبد، بعد أن ذكر نفي البخاري معرفته بسماع عبد الله من أبي قتادة، قال: "لا يضره ذلك". [ديوان الضعفاء ص / 229].
قلت: لأن نفي العلم ليس بعلم كما لا يعلم الدكتور.
ولهذا لم يقل البخاري -رحمه الله-: عبد الله بن معبد عن أبي قتادة، مرسل، أو لا يصح.
ثم إن الرجل أراد أن يمتع متابعيه بتحقيقاته النادرة وهو يدلل على خطأ الإمام مسلم ومن معه من أصحابه ممن لم ينتبه لهذه العِلَّة الخفية التي كشف عنها الرجل بدكتوريته.
فذكر حديثًا رواه النسائي، وقال: إسناده جيد.
فلما رجعنا إلى الحديث وجدنا أن فيه رجلًا لم يسم، فلا أدري في أي كتاب درسه الرجل أن مثل هذا السند يُحسَّن فضلًا عن أن يجود؟

 ثم إن الرجل شعر أن كلمة سند جيد تتماشى مع الدكتوراه، فالكل يقول حديث صحيح أو حديث حسن، أما حديث جيد؛ هذه قليلة الاستعمال.
فقال مرة أخرى: " كما أخرج ابن جرير بسند جيد عن أبي السوار: أنه سأل ابن عمر عن صوم يوم عرفة، فنهاه". 
  قلت: وتأمل حال هذا المسكين المتعالم الذي يعيب على الشيخ الألباني أنه يلجأ إلى تهذيب المزي ليعلم أسماء الشيوخ والتلاميذ للراوي -ولا أدري الصراحة ما العيب في ذلك؟ ربما عندهم في الدكتوراه الرجوع إلى كتب العلل في الكشف عن شيوخ وتلاميذ الراوي -.
وهذا المسكين لو طالبناه بأن يأتي بترجمة أبي السوار راوي هذا الحديث، ويثبت لنا أنه حَدَّث عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ما استطاع.
 لأن الراوي عن ابن عمر هو أبو السوداء، وحديثه أخرجه النسائي، والمسكين يخرج الحديث من عند ابن جرير الطبري، والله المستعان.
وعلى كل حال، فالدين النصيحة: أقول له: صحِّح نسختك من المكتبة الشاملة، فإن الذي عند ابن جرير خطأ، لأن أبا السوار المذكور في سنده هو العدوي البصري الثقة، صاحب حديث "الحياء لا يأتي إلا بخير"، وهو متفق عليه.
وأبو السوار هذا لو رجعت إلى تهذيب المزي كما عِبت على الشيخ الألباني، لعلمت أنه لم يروِ عن ابن عمر -رضي الله عنهما-.
ثم يستمر هذا الدكتور في إمتاع متابعيه ويكشف ما يؤيد أن حديث مسلم فيه عِلَّة خفية، ويبدأ الكلام في المتن، فهو معه دكتوراة في الحديث كما مر، فلا بد أذن أن يعلم الناس أن هذا الحديث أيضًا ضعيف في متنه كما هو ضعيف في سنده.
فقال: "عن سليمان الأحول قال : ذكرت لطاوس صوم يوم عرفة أنه يعدل صوم سنتين، فقال:" أين كان أبو بكر وعمر عن ذلك ؟ ". اهـ
فالرجل يريد أن يقول: إن كان هذا صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم فلماذا لم يصم صاحباه؟

ولهذا استدل بكلام الإمام الثقة "طاوس بن كيسان".
والحق أن هذه المرة الحديث الذي استدل به رجاله ثقات، غير أنه ضعيف، ففيه علة غير خفية إلا على مثل هذا الدكتور من أدعياء العلم، وهي: أن طاوسا لم يدرك الشيخين -رضي الله عنهما- ، فالحديث بذلك يكون ضعيفًا لا يصح كما درس هو في البيقونية -إن شاء الله-.
وله من البلايا الكثير في هذا الحديث فقط، هي مذكورة في رَدِّي المُفصَّل عليه.
فهذا حال من يستدرك على هؤلاء العلماء، وهذا مستواه العلمي، لم يَسلم له حديث واحد تعرض له بالتحقيق، فوقع في كل هذه الأخطاء العلمية والمنهجية التي يستحي صاحبها أن يتكلم في دين الله بعدها.

وختامًا:
على من يعجبه طعن هؤلاء الحدادية الجهلة في الشيخ الألباني ومن ذكر معه من العلماء، عليه أن يختار بينهم وبين هذا الرجل ومن على شاكلته.
ثم ينظر هل يسلم له دينه بعدها؟
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 26 9 / ذو الحجة / 1445
2 / 7 / 2024