إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 7 نوفمبر 2020

فلسطين .. وعقيدة الألف عام السعيدة

 فلسطين .. وعقيدة الألف عام السعيدة!


  الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

    فإن مأساة فلسطين في هذا العصر تتلخص في أن عدونا استطاع شغلنا بهذه القضية سياسيًا؛ بينما هو يحارب عليها عقائديًا = فلا تحركه سياسة أو معاهدات ومواثيق دولية؛ وإنما يحركه معتقد يتقرب به إلى ربه يعتقد فيه النجاة والخلاص.

وذلك سبب فوزه ونجاحه، وتأخرنا وفشلنا.

    وحتى السياسة التي نمارسها حتى نسترجع هذا الحق المسلوب، إنما صاغها ووضعها هذا العدو الماكر، فتأمل!.

    وهذا المعتقد الذي يحرك عدونا، ويفعل المستحيل من أجله، يوجد في كتابه المقدس، في سفر التكوين [15 / 18 : 19]  : "وفي ذلك اليوم قطع الرب مع "أبرام" ـ إبراهيم عليه السلام ـ ميثاقًا قائلًا: ((لنسلك أعطي هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات ...))".

   فعدونا يحركه هذا الوعد الإلهي من أعطاء الرب لنسل إبراهيم

ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ أرض تبدأ من نهر النيل في مصر, وتنهي عند نهر الفرات في العراق، تُقام على هذه الأرض مملكة الرب في نهاية الزمان، وتكون عاصمة هذه المملكة "أورشليم"ـ مدينة القدس في فلسطين ـ . 

   ومما يزيد الطين بله!، أن عدونا في هذه القضية ليس اليهود وحدهم، بل يشايعهم على إنفاذ هذا الوعد الإلهي طوائف من المسيحيين البروتستانت من أهل أمريكا وانجلترا.

     فإن كل الكنائس البروتستانتية على اختلاف مشاربها، والطوائف التي تؤمن بحرفية نصوص الكتاب المقدس تسعى للمشاركة في تهيئة وإيجاد هذا الوعد المقدس!، وربما بطريقة أشد تعصبًا من اليهود أنفسهم!.

    ويكفيك أن تعلم أن الأمريكان سعوا إلى تمكين اليهود من أرض فلسطين قبل أكثر من نصف قرن من وعد بلفور، وذلك إيماننًا منهم بمعتقد الألفية السعيدة، والذي ملخصه: أنه سيكون قبل نهاية التاريخ

ـ يقصدون يوم القيامة ـ معركة "هرمجدون" والتي ستكون عند سهل المجدل في فلسطين، والتي سيحارب فيها المؤمنون ـ يقصدون أنفسهم ـ الشيطان وجوج وماجوج ـ يقصدون الدجال ويأجوج ومأجوج ـ ، وبعد هذه الأحداث تبدأ ألف عام تحل فيها مملكة المسيح ـ المخلص ـ  وسلطانه، ويُقضى فيها على تبقى من كفار "المحمديين"!، ثم يبدأ المسيح في تخليص كل من آمن به من ذنوبه ومعاصيه، ويغفر له، ثم ينتهي التاريخ، ويدخلون الجنة!".

  وهذا المعتقد بالنسبة لنصارى البروتستانت يؤمنون به وفق "رؤيا يوحنا" التي توجد في العهد الجديد ـ الإنجيل ـ ، والتي غالب الرموز الماسونية مستوحاة من هذه الرؤيا ، كالتي استخدمت أيام الحروب الصليبية ، مثل الأسد الماسوني، والخروف والتنين، والحيوانات المجنحة!، وغيرها.

   هذه الرؤيا التي كُتبت أيام اضطهاد "نيرون" ـ الملك الروماني ـ للمسيحيين، وفيها البشارة لمن تَلقى الموت لأجل المسيح، وأن المسيح سيمسح دموعه أمام العرش زمن الألفية السعيدة!.      

  أما اليهود فيؤمنون بهذا المعتقد وفق ما جاء في العهد القديم ـ التوراة ـ في سفر دانيال [9 / 24 : 25]، وسفر حزقيال [ 39 / 25 : 26 ].

   ومما ينبغي التنبيه عليه أن نصارى البروتستانت يؤمنون بالكتاب المقدس كله، بل ربما قدموا نصوص التوراة على الإنجيل!.

   ويتبقى أمر، ما علاقة إرجاع اليهود إلى فلسطين بهذا المعتقد؟
والجواب: إن الألفية السعيدة لن تبدأ إلا بعد رفع غضب الله عن اليهود بسبب مخالفتهم التي تم نفيهم إلى بابل بسببها، فيصبح لزامًا إرجاعهم مرة أخرى إلى أورشليم "فلسطين" ، وإنشاء دولة يهودية لهم على هذه الأرض، ثم يبدأ العالم يتهيأ لاستقبال المسيح المخلص، ولا سبيل إلى قيام مملكة الرب دون عودة شعب "يهوه" ـ اسم آله اليهود في التوراة ـ إلى وطنه"!.

   ومعنى ذلك أنه لن تبدأ أحداث النهاية إلا بعد إقامة دولة يهودية على الأرض المقدسة وتكون عاصمتها "القدس".

   هذا العقيدة التي جعلت هؤلاء النصارى من البروتستانت، يَنسون عداوتهم لليهود بسب قتلهم للمسيح ـ حسب معتقدهم ـ ، ويكونون معهم لحمة واحدة في مواجهة العالم أجمع، حتى مع سائر طوائف النصرانية كالكاثوليك والأرثوذكس وغيرهما.

   هذا المعتقد الذي بدأ يُغذي به الشعب الأمريكي زمرة من رؤوس التبشير المسيحي من مشاهير القساوسة والوعاظ، لعل أشهرهم "جيمي سواجرت" صاحب المناظرة المشهورة مع الشيخ "أحمد ديدات" ـ رحمه الله وعفا عنه ـ .

  بيد أنه سبق "سواجرات" جماعة على رأسهم: القس " شارلز فينى" عام 1835، تبعه القس " ويليام ميللر" ، ثم القس "كريس سكوفيلد"، مرورا بكلٍ من : " شارلز تاز رسل" المؤسس الحقيقي لعقيدة "شهود يهوه"، و القس "جون نيلسون داربي" الذي حدد موعد بناء هيكل سليمان ( الهيكل = المعبد ) ، ثم اللاهوتي المشيخي "جيمس إتش بروكز" ، والألماني المهاجر " آرنو سى . جيبليان" ، وغيرهم كثير.

   ولعله من المفيد في هذا المقام حتى نتصور الأمر على حقيقته، أن الأمر لم يقتصر على الوعاظ والقساوسة، بل تعدى الأمر للساسة وصناع القرار!، فنجد الأمريكي اليهودي "موردخاي نوح" ـ وكان سفيرًا للولايات المتحدة في تونس ـ نجده في عام 1815 قام بمحاولة تأسيس دولة مؤقتة في جزيرة "جراند آيلاند" في نيويورك(1)، سماها دولة "آرارات" ، حاول فيها جمع شتات اليهود من العالم، تمهيدًا لنقلهم إلى فلسطين، إلا أن فكرة تأسيس دولة يهودية خارج أرض فلسطين، قضي عليها في مهدها.

   وأصبح بعدها حلم الساسة الأمريكان والانجليز بعث هذه الدولة اليهودية في فلسطين، ولعله لم يتخلف رئيس أمريكي عن هذا الحلم إلا الرئيس "جون كيندي" لأنه كان كاثوليكيًا، لا يؤمن بأساطير العهد القديم، ويعتقد عداوة اليهود قتلة المسيح!، ولعل هذا سبب التخلص منه بقتله.  

   هذا؛ ولوثة إنشاء الدولة اليهودية في فلسطين من أجل تهيئة الأرض للمجيء الثاني للمسيح، وبدأ الألف عام السعيدة، أصابت جماعة من رؤساء أمريكا، جعلت هذه الفكرة شغلهم الشاغل، حتى وإن كان هذا ضد مصالح أمريكا السياسية والاقتصادية.

   بدأها بطريقة رسمية الرئيس "وودرو ويلسون" ـ صاحب النقاط الأربع عشرة المشهورة ـ ، وذلك بتصديقه على وعد بلفور، رغم مخالفة وزير خارجيته لهذا القرار لأنه يضر بمصالح أمريكا الخارجية.

   ـ تابعه على هذا خليفته الرئيس "وارن هاردنج"، والذي أيد إنشاء صندوق فلسطين عام 1922.

   ـ ثم جاء الرئيس" كالفين كولدج" وأكد في عام 1924 إيمانه

ب "الوطن القومي اليهودي في فلسطين"

  ـ ومن بعده الرئيس "هربرت هوفر" ثم "فرانكلين روزفلت" الذي ذهب بنفسه لمفاوضة ملوك السعودية على هذا الأمر، ورجع بخفي حنين (2).

  ـ ثم جاء من بعده الرئيس "هاري أس . ترومان" وكان معمدانيًا محافظًا يعتبر إقامة دولة يهودية برهان واضح على صدق النبوءات التوراتية!، ولهذا أقر تقسيم فلسطين عام 47، وفي 14 مايو 1948 أعلن اعترافه بالدولة اليهودية المقامة حديثًا.

   ولذلك أطلقوا عليه لقب "قورش"!، وهو الملك الفارسي الذي أعاد اليهود من منفاهم في بابل إلى القدس. (3).

    ولم يتوقف الأمر عند قورش اليهود الأمريكي هذا!، بل استمر حتى أيامنا هذه، فرأينا الرئيس الأمريكي "بوش الأب" يُعلن أننا على أعتاب نظام عالمي جديد ـ يقصد بداية الألفية السعيدة ـ ، تبعه ابنه "بوش الابن" الذي صرح أن حربه على بلاد الإسلام كأفغانستان والعراق .. حرب صليبية!.

   وكذا كلينتون، وخليفته "أوباما" صاحب مشروع تسريع إسقاط دول ـ المحمديين ـ الواقعة من النيل إلى الفرات، من خلال الفوضى الخلاقة، أو ثورات الربيع العبري.

وعليه:

   فقضية فلسطين، قضية الصراع فيها ليس سياسيًا، بل عقائديًا، يَتدين عدونا فيها بمعتقد يَظن أن فيه الخلاص والنجاة، يتلخص في إيجاد دولة يهودية على أرض فلسطين، تكون عاصمتها القدس، يتبع ظهور هذه الدولة مجيء المسيح مرة أخرى، ليخلص رعاياه مما اقترفوا من الآثام والمعاصي حتى يدخلوا الجنة بلا ذنب أو خطيئة!.

 مع التنويه أن اليهود ونصارى البروتستانت يختلفون في شخص هذا المسيح القادم.

فاليهود تنتظر مسيحًا على هيئة مَلِك (4)، يكون من نسل داود، ولهذا لا يُقرون بالمسيح "عيسى ابن مريم"، لأنه يأتي في صورة قديس.

   ومع ذلك يجتمعون على هذا المعتقد، بل وصل الأمر منذ سنوات لترويجه في العالم الإسلامي.

   فقد جندوا منذ سنوات شابًا شيعيًا يعيش في أمريكا، أنتج سلسلة أفلام وثائقية تركز على أحداث الساعة وما يكون فيها، مع إظهار بعض العداوة للصهيونية وليس لليهود، سماها "القادمون" حاول فيها الترويج لمعتقد "الألفية السعيدة" بنفس التفاصيل التي يؤمن بها "شهود يهوه"، زعم فيها أيضًا أن المسلمون ينتظرون مسيحًا مخلصًا ـ يقصد المهدي  الذي ينتظره الشيعة ليخرجهم مما يعانون ـ (5).

وكذا لجئوا لشيخ دجال يعيش في البحر الكاريبي يدعى "حسين عمران" ـ يحمل غلًا ملحوظًا على العرب وحكامهم  ـ يروج لهذا المعتقد، ليجعل شباب المسلمين يسلمون بصحة ما عليه اليهود والنصارى من هذا الدين المحرف، ويُصور لهم أن هذا هو صحيح ما جاءت به العقيدة الإسلامية.

   فالأمر خطير، يتطلب تكاتف المسلمون برد هذا الباطل بالرجوع  إلى صحيح الدين، والعودة إلى ما كان عليه رسول الله ـ  ـ وأصحابه ـ عليهم الرضوان ـ .

  واعتزال كل حاكه اليهود من برتوكولات سياسية، ووسائل إعلامية.

وتربية أبناء المسلمين على تعلم حقيقة الدين، وفهم حقيقة الصراع، وكيف يواجه؟، قبل أن يأتينا جميعًا الذبح أو نستبدل بغيرنا!.

والله هو المسئول أن يهدينا سبيل الرشاد.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد.
القاهرة 26 / صفر / 1442
13 / 10 / 2020

الفهرس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1): تأمل هذا التاريخ حتى تعلم أن هؤلاء النصارى من البروتستانت أشد حرصًا على إقامة دولة يهودية في فلسطين من اليهود أنفسهم، وأنهم سبقوا وعد بلفور بسنوات طوال.

(2): يُعد الرئيس الأمريكي "فرانكلين روزفلت" من أكثر من خدم الفكرة اليهودية في أمريكا، فقد جمع في أيام حكمه أكبر عدد من اليهود، حشرهم في دوائر الحكومة، ومكن لهم السيطرة على اقتصاديات البلاد.

  وفي عهده اتُّخذت "نجمة داود" شعارًا رسميًا لدوائر البريد، وللخوذ التي يلبسها الجنود في الفرقة السادسة!، وعلى أختام البحرية الأمريكية، وعلى طبعة الدولار، وشارات الصدر التي يضعها العمدة sheriff في كثير من المناطق!.

  ونجمة داود هذه .. كانت علامة لاحتقار الأوروبيون لليهود، فكانت تعلق في رقابهم إذا خرجوا من الأحياء المخصصة لهم، المسماه بحارة اليهود أو "الجيتو" ، فتعلق النجمة في رقابهم تميزا لهم حتى لا يختلطوا بأهل البلد التي يعيشون فيه، فلما تمكنوا في هذا العصر جعلوها شعارًا لهم، وتذكيرًا لصبرهم وجهادهم!.

(3): انظر المسيح اليهودي ص / ( 85 : 105)  ـ رضا هلال.

(4): الذي يأتي في صورة ملِك هو الدجال، فهم ينتظرون الدجال، فهم من شيعته، ومعهم الخوارج كلاب أهل النار، كما جاءت بهذا الأحاديث الصحيحة.  

(5): قمت بالرد على باطله في كلمة مختصره عام 2013 باسم "من وراء عبد الله هاشم؟!". 


أمراء المنفى .. والديمقراطية!

 

أمراء المنفى .. والديمقراطية!

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:


   فإن أمراء المنفى هم على الراجح من وضعوا الخطوط العريضة لبروتوكولات اليهود، وذلك أيام النفي البابلي؛ أما من صاغها ورتبها بطريقة عصرية فهذا ربما نتعرض له في كلمة أخرى.

   ومع أن النفي البابلي حدث منذ قرون، إلا أن هذه العصابة التي مازالت تعرف بنفس الاسم، هي من تتحكم في اليهود عالميًا، ولا يستطيع أحد الخروج عن طاعتها، كل ذلك يفعله اليهود من باب العرفان والتقدير لهذه العقول الفذة!.

   وليس "روتشيلد" وغيره من الأسماء اليهودية الكبيرة إلا خدام لمخططات وتوجيهات هذه العصبة.

   وهذه المخططات التي وضعت في البرتوكولات إنما هي أوامر تلمودية، ووصايا توراتية = يراد منها التمهيد لنبوءات بَشرت بها التوراة.

   والبرتوكولات إنما وضعت في الأساس لخداع الأمميين من غير اليهود

- وإن كان فيها بعض الأمور التي ستحدث للشعب المختار بعد تمكينهم في نهاية الزمان - ، فهي عبارة عن حقل ألغام من وضع رجله فيها لا يستطيع النجاة منه - إلا أن يشاء الله - .

    وهي مرتبة بطريقة تسلسلية تسحب من ينغمس فيها حتى يكون جندي من أبنائها!.

   فالبرتوكول الأول مثلًا يتكلم عن العلمانية، وفصل الدين عن الدولة، ويؤصل أيضًا إلى هدم الحكم الملكي، وتأسيس حكم مدني.

  فتأتي للبرتوكول التاسع والعاشر فتجد أسس وقواعد الحكم المدني من تأسيس مجالس نيابية وتشريعية وطرق اختيار الرئيس، وكل ذلك من خلال المنظومة الديمقراطية.

   بيد أن البرتوكول الأخير يتكلم عن الحكم الملكي وأنه هو الغاية التي وضعت البرتوكولات من أجلها، وذلك لأنهم ينتظرون ملِكا من نسل داود يحكم العالم، ويدين الناس جميعًا له بالطاعة، وهذا الملك يَنص على تعيينه أمراء المنفى!. (1)

    فهم يريدون هدم الحكم الملكي في العالم ليكون هناك مملكة واحدة، وهي مملكة الملك اليهودي "المنتظر"!.

  ويكون ذلك بإدخال العالم في دوامة الديمقراطية التي تَعصف بالدول والشعوب معَا.

    ويتبقى أمر..

   إن الديمقراطية التي يُروج لها في العالم الإسلامي، ودول كثيرة من الدول النصرانية الكاثوليكية، ليست هي عينها الديمقراطية التي أسست عليها ابنة اليهود البارة "أمريكا".

   فالديمقراطية الأمريكية أسست على نظام عقدي يَدين بالولاء لليهود وحماية وصايا الكتاب المقدس.

   فمن نظر في البرتوكول التاسع والعاشر من برتوكولات اليهود، يرى أنه ترجمة حرفية للعقد الاجتماعي ل "جون لوك" ؛ ونظرية "لوك" هذه ليست سوى إعادة صياغة للعهد اللاهوتي أو "لاهوت العهد" ، والذي هو عبارة عن: التمسك بالالتزامات التي تتعلق بالرب وأعضاء المجتمع، تقابله فوائد تعود على الجميع داخل المجتمع.

   وإذا أردت أن تفهم هذا الكلام الفلسفي البغيض، فهم يقصدون تأثير طاعات الفرد أومعاصيه ومخالفاته على المجتمع.

   فجاء "جون لوك" فحول العقد الاجتماعي من عهد بين الرب والناس، إلى عهد بين الأفراد والحكومة.

   وبهذه الخلفية بدأت الديمقراطية الأمريكية، فأعضاء مجلس الشيوخ يعلمون أن بينهم وبين الرب التزام مقدس، يمنعهم من اتخاذ قرارات تخالف تعاليم الكتاب المقدس، والتي تَنص على حماية اليهود، وتهيئة الأرض للقدوم الثاني للمسيح حتى تأتي بعده الألفية السعيدة.(2)

    فالديمقراطية الأمريكية ليست ديمقراطية علمانية، وليس الأغلبية هناك على العلمانية والإلحاد، بل يَعتبر أكثر من 85 %  من الشعب الأمريكي نفسه متدينًا، بخلاف ما تروج له وسائل الإعلام.

    ولهذا لما أراد الرئيس السابق "أوباما" رمي الرئيس الأمريكي الجديد "ترامب" بالضربة القاضية عند فوزه في الانتخابات عليه، زعم أن "ترامب" أخرج تمثال القس "مارتن لوثر" من المكتب البيضاوي، فسارع "ترامب" بالظهور ونفي هذا الكلام، لعلمه بإسقاط شعبيته إن صح هذا.

   وتأمل إلى وجود تمثال لقس في مكتب الرئيس الأمريكي في دولة تزعم العلمانية!.

ولعل من نافلة القول .. التنبيه أن سبب سكون مظاهرات أمريكا التي اندلعت أخيرًا بسبب قتل شرطي أبيض لرجل زنجي = خروج "ترامب" حاملًا الكتاب المقدس في يده، ووعده بتنفيذ العدالة!. والله المستعان!.

    وبهذا تكون النتيجة في المنتهي الترويج للعلمانية عند الأمميين من خلال الديمقراطية وتحكيم الشعوب للأغلبية - وإن كانت ملحدة - ، وتمسك أمريكا البروتستانتية بتعاليم الكتاب المقدس في إطار ديمقراطي في الظاهر. وعدم صدور أي قرار يخالف مصالح الدولة اليهودية.

وبهذا يكون اليهود خدعوا الجميع واستغلوهم في إنفاذ مخططهم.

ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين.

وكتب

أبو صهيب وليد بن سعد.

القاهرة ١9/  صفر / ١٤٤٢ هـ
6 / 10 / 2020

 

 هامش

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) : سعي الفرنسيون قديمًا، ثم الإنجليز من بعدهم لمساعدة اليهود ليكونوا أوصياء على هذا العرش، ولكن الأمر استقر في المنتهى لصالح أمريكا، فهي خادمة هذه المملكة الآن، وهي من تسعى بكل ما تستطيع لسرعة ظهورها.

(2) : انظر المسيح اليهودي ص / 83 وما بعدها، لرضا هلال - عفا الله عنه - .

يهود المارانو .. والسينما الأمريكية!

 

يهود المارانو .. والسينما الأمريكية!.

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

   فإنك تتعجب من ندرة الأفكار المطروحة في صناعة السينما الأمريكية، فهي قائمة على عدة أفكار قليلة تتكرر باستمرار.

  خلاصة هذه الأفكار هي: أن العالم يتعرض للدمار؛ وأنه أوشك على النهاية لولا تدخل أمريكا.

  فلن يقف في وجه الفضائيين الذين يريدون احتلال الأرض إلا الأمريكان!.

   ولن ينشر السلام في الأرض ويقضي على الشر إلا سوبر مان، وأصدقاؤه من أبطال أمريكا الخارقين!.

   ولن يواجه فيروس الزومبي الذي يحول الناس إلى حيوانات أكلة لحوم البشر إلا عالم أمريكي معه "سر الطبخة"!.. وهكذا...

   ولعله يعتقد البعض أن هذه الأفكار موجهة لغير الأمريكان لزرع الهزيمة النفسية فيهم، وتهيئتهم للخضوع لهذه الدولة!.

   والحق أن هذه الأفكار التي تتكرر دائما في السينما الأمريكية، ولا يملّ منها الشعب الأمريكي، بدليل تحقيقها أعلى الإيرادات، أنها مما يتدين به أهل هذه الأرض!.

   فالأمريكيون غالبًا ما يرون أنفسهم مكلفين بمهمة خاصة من الرب، صاغها لهم "جون أو سوليفان" في نظرية "المصير المبين" عام 1856 ، وفيها: أن الرب قدّر للشعب المختار "الأمريكي" أن يقود العالم إلى نهاية التاريخ! ـ يقصد قيام الساعة ـ ، وهو ما يعرف بالألفية السعيدة التي تأتي بعد المجيء الثاني للمسيح.

   هذا المعتقد الذي زرعه "يهود المارانو" في معتقد البروتستانت، بدعة  القس"مارتن لوثر" القائمة على تهويد المسيحية وتعظيم التوراة وتقديمها على الإنجيل.

  ويهود المارانو هم: من تحولوا من اليهودية إلى المسيحية هروبًا من محاكم التفتيش الإسبانية.

فدخلوا المسيحية كيدًا في أهلها كما فعل إخوانهم من يهود الدونمة مع أهل الإسلام.

  واستقر اعتقاد المجيء الثاني للمسيح المخلص في اعتقاد البروتستانت من الأمريكان والانجليز، والذي لابد له من تمهيد الأرض لهذا المجيء، والذي لن يحدث إلا بإرجاع اليهود إلى أرض يهودا "فلسطين"، والتكفل بحمايتهم؛ هذه المهمة التي فشل فيها الفرنسيون أيام نابليون وغزوه للشام عام 1799، والانجليز في محاولات كثيرة بدأت منذ عام 1837 ، وانتهت بتمكينهم أيام الانتداب البريطاني.

   غير أن ضعف بريطانيا أخرجها من هذه المهمة المقدسة ، وتحملت أمريكا وحدها هذا الالتزام الإلهي!، والتي بدأته بتطهير أرض كنعان الجديدة - من أول أسماء أمريكا عند اكتشافها  - من الكنعانيين "الهنود الحمر" الذي سكنوا هذه الأرض المقدسة، وليسوا أهلًا لها.

كما فعل العبرانيون مع أهل كنعان من الفلسطينيين كما في التوراة.

   ثم بدأت تمهيد الأرض لهذا المجيء من خلال ما يعرف ب "الإمبريالية التقدمية" و"العالمية الليبرالية" وغيرها من النظريات والمسميات التي استحلت بها احتلال بعض الدول قديمًا وحديثًا لنشر وتطبيق هذه النبؤة "المصير المبين".

فاحتلت أجزاء من جارتها المكسيك، وحاولت نقل حضاراتها الصليبية اليهودية إلى "الفلبين وكوبا وبنما وفيتنام".

   ومنذ سنوات تسارع في تمهيد الأرض التي نص عليها سفر التكوين - من النيل إلى الفرات - لمجيء المسيح الثاني، وبداية "الميللية" - الألفية السعيدة - ، فاحتلت العراق، وتحارب سوريا، وتساعد على انهيار اليمن، وتعمل على إسقاط مصر.

كل ذلك تفعله تدينًا بعيدًا عن الأغراض السياسية، من التسلط على مقدرات هذه البلاد من الثروات الطبيعية وما أشبه.

ولكن الأمر دين، يعتقد الأمريكان إنهم أولى الناس بحمله، وجلب السعادة للعالم  من خلال تمهيد الأرض للمجيء الثاني للمسيح، وإعادة بناء هيكل سليمان مرة أخرى.

والأمر لله من قبل ومن بعد.

وكتب

أبو صهيب وليد بن سعد.

القاهرة ١٨/  صفر / ١٤٤٢ هـ
5 / 10 / 2020

الأربعاء، 28 أكتوبر 2020

نفخ الطيب في ذكر وفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم.


 

نفخ الطيب في ذكر وفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم.

  الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

  ففي الوقت الذي تبدأ فيه أوربة الصليبية، حملة جديدة للطعن في دين الإسلام، وتشويه صورة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، يتزعم هذه الحملة هذه المرة الرئيس الفرنسي، فيقر نشر رسوم تسيء للرسول صلى الله عليه وسلم..
في هذا الوقت لو تجولت في بلاد المسلمين لوجدت الناس قد نصبت الخيام، وعلقت الزينة، وجهزت الحلوى والعرائس، بزعم قرب الاحتفال بالمولد النبوي!، وهو بدعة ممقوتة قبيحة، يأثم فاعلها قولا واحدا، ومن يفتى الناس بجوازها، وأنها مما يتقرب به العبد لربه، فقد أفتاهم بدين النصارى؛ فإنه لا يوجد في دين الإسلام ما يسمى بعيد الميلاد أو الكريسماس، فهذا من دين عباد الصليب.

  فضلا عن كون اليوم الذي يحتفلون فيه بمولد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس هو على الراجح اليوم الذي ولد فيه.

  فإنه بلا خلاف بين الأمة أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولد يوم الاثنين؛ فقد سئل عن صوم يوم الاثنين ؟ فقال : " ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت - أو أنزل علي فيه - ". [رواه مسلم من حديث أبي قتادة الأنصاري].

  فهو ولد بلا خلاف يوم الاثنين، في ربيع الأول، من عام الفيل، الذي يوافق سنة 571م، واختلفوا في أي يوم ولد من شهر ربيع على أقوال منها: أنه ولد في "اليوم التاسع، أو الثاني عشر، أو الرابع والعشرين، أو السابع والعشرين"، فهذا محل خلاف.

  وأهل التحقيق من الفلكيين يقولون أنه يستحيل أن يوافق يوم الاثنين من هذه السنة إلا يوم التاسع، وهذا يوافق ما عليه كثير من أهل العلم والتواريخ. [ انظر الرحيق المختوم للمبَارَكفُوري ص / 71، ط الرابعة، دار الوفاء].

    فالذين يحتفلون بمولده ـ صلى الله عليه وسلم ـ في يوم الثاني عشر من ربيع الأول يسيئون للرسول من عدة وجوه:
  الأول: أخذهم بسنة النصارى وترك سنته ـ صلى الله عليه وسلم ـ في عدم احتفاله بيوم مولده.

  الثاني: جهلهم بتاريخ مولده على التحقيق، مما يبين زيف محبتهم.
  الثالث: أن هذا اليوم يوافق يوم وفاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما سيأتي.

  فعند البيهقي في دلائل النبوة، والطبراني في الكبير، وغيرهما، جميعا من حديث ابن لهيعة، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: "   ابن عباس قال : ولد نبيكم صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ، ونبي يوم الاثنين ، وخرج من مكة يوم الاثنين ، وفتح مكة يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين".

  فيوم الاثنين يوم ولد فيه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وأنزل عليه فيه، وهاجر فيه، وتوفي فيه.

    ولو سئل الذين يحتفلون بيوم مولده، عن وفاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ هل يجدون جوابا.

فلو قيل لهم:
ـ في أي يوم دفن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟
ـ وهل دفن بالنهار أم بالليل؟

ـ ومن قام على تجهيزه وغسله؟
ـ وهل جرد من ملابسه أم غسل عليها؟
ـ وكم رجل حمل نعشه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟
ـ ومن كان إمام المسلمين في الصلاة عليه؟
وغيرها من الأسئلة التي تكشف زيف محبة هؤلاء الذين يحتفلون بمولده يوم وفاته.

  ولهؤلاء وغيرهم نسوق على عجالة أحداث وفاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعل الله أن ينفع بها، ويتوب من يحتفل بهذا اليوم، ويعلم أنه يوافق يوم وفاته  ـ صلى الله عليه وسلم ـ وليس يوم مولده.

  تكلم الله عز وجل في كتابه عن بشرية الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنه يجري عليه ما يجرى على البشر، فقال سبحانه: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ }. [ الزمر:30 : 31].

  وقال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}(1).

[ الأنبياء : 34 ].

  فتكلم القرآن عن حتمية وفاة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ هو بشر، بيد أن الله ـ عز وجل ـ أنزل سورة تبين دنو أجله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وهي سورة النصر، فقال سبحانه: { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}. [سورة النصر].
نزلت هذه السورة في أواسط أيام التشريق من حجة الوداع، فعرف الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه أجله نُعي إليه، فقام خطيبا في الناس، وقال: " يا أيها الناس خذوا عني مناسككم، لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا".
[رواه النسائي في الكبرى، وابن خزيمة في صحيحه].

  ـ وطفق يودع الناس، وقد التزم التسبيح والاستغفار من ساعتها كما أمره ربه.

  ـ وكان من سنته أنه يعتكف عشرة أيام، فاعتكف سنتها عشرين يوما.
  ـ ثم خرج إلى بقيع الغرقد في جوف الليل يستغفر لأهله، بعد أن أمره ربه بذلك، فيخرج إلى البقيع ويقول لأهله ممن توفاهم الله: " السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون"
[رواه مسلم].
  ـ ثم يرجع إلى بيته ويدخل على عائشة ـ رضي الله عنها ـ وقد أصابها صداعا تشكو منه، قالت: دخل علي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في اليوم الذي بدئ فيه، وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول : وارأساه , فقال : " بل أنا وارأساه "
(2). [رواه أحمد وغيره بسند حسن].

  ـ ثم أشتد عليه الوجع في الأيام التالية، فقال لعائشة: " يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر ، فهذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم ". [رواه البخاري].
يقول عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : " لأن أحلف بالله تسعا ، إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قتل قتلا ، أحب إلي من أن أحلف واحدة ، وذلك بأن الله عز وجل اتخذه نبيا ، وجعله شهيدا " . [رواه أحمد بسند صحيح].

  ـ ثم يبدأ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ذكر أمور من وصيته الأخيرة، فيقول لعائشة: " ادعي لي أبا بكر ، أباك ، وأخاك ، حتى أكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر". [رواه مسلم].

  وهذا الحديث مما يستأنس به أهل السنة على تعين خلافة أبي بكر من بعد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ويضم إليه حديث ابن عباس عند البخاري الذي قال فيه: خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مرضه الذي مات فيه ، عاصب رأسه بخرقة ، فقعد على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " إنه ليس من الناس أحد أمن علي في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة ، ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن خلة الإسلام أفضل ، سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد ، غير خوخة  أبي بكر "(3).

   وكذا اختياره ليصلى بالناس، فقد صلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالناس وهو مريض 11 يومًا، وقد بدأ مرضه في اليوم الثامن أو التاسع والعشرين من شهر صفر سنة 11 ه، فصلى هذه المدة بالناس، ثم أشتد عليه المرض قبل وفاته بأربعة أيام، فكان أخر صلاة صلاها بالناس، صلاة المغرب ليوم الخميس، قرأ فيها بسورة المرسلات، ثم لم يستطع الخروج للمسجد في صلاة العشاء، فأرسل إلى أبي بكر أن يصلى بالناس، فصلى أبو بكر تلك الأيام  17 صلاة في حياته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وهي صلاة العشاء من يوم الخميس، وصلاة الفجر من يوم الاثنين، وخمس عشرة صلاة فيما بينهن. [البخاري مع الفتح 2 / 193 ح (681) بواسطة الرحيق المختوم ص / 472].

  ـ وكان مما أوصى به في مرضه هذا، إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب. (4)

  ـ وقد ذكرت بعض نسائه كنيسة رأينها بأرض الحبشة يقال لها : مارية ، وكانت أم سلمة ، وأم حبيبة رضي الله عنهما أتتا أرض الحبشة ، فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها ، فرفع رأسه ، فقال : " أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ، ثم صوروا فيه تلك الصورة أولئك شرار الخلق عند الله". [رواه البخاري].

  وقال: " لعن الله اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا" . [متفق عليه].

  ـ وأوصى الناس مرارا:" الصلاة وما ملكت أيمانكم ، الصلاة وما ملكت أيمانكم " . حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يغرغر بها صدره ، وما يكاد يفيض بها لسانه". [رواه أحمد بسند صحيح].
  ـ ثم وجد في نفسه خفة قبل موته بيوم أو يومين، فخرج بين رجلين لصلاة الظهر، وأبو بكر يصلى بالناس، فجلس إلى يسار الصديق،  وهم أبو بكر أن يتأخر، فأومأ إليه بألا يتأخر، فكان أبو بكر يقتدي بصلاة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ويُسمع الناس التكبير.
[رواه البخاري].

  ـ ثم قبل وفاته بيوم ـ يوم الأحد ـ أعتق غلمانه، وتصدق بستة أو سبعة دنانير كانت عنده.

  ـ ثم في فجر يوم الاثنين كشف ستر حجرة عائشة، وكان يطبب فيها طوال فترة مرضه(5)، ونظر للمسلمين وهم يصلون خلف الصديق ـ رضي الله عنه ـ ثم تبسم يضحك، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر، ثم لم يأتي عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقت صلاة أخرى . [البخاري].

  ـ وبدأ الاحتضار بعد الضحى (6)، فأسندته عائشة إليها، وقد ألنت له سواك، فاستن به، وكان بين يديه ركَوْة فيها ماء، فجعل يدخل يديه فيها فيمسح به وجهه، ويقول: "لا إله إلا الله، إن للموت سكرات" . [رواه البخاري].
  ـ وما أن فرغ من السواك حتى رفع أصبعه، وشخص بصره نحو السقف، وتحركت شفتاه، فأصغت إليه عائشة وهو يقول: " في الرفيق الأعلى " حتى قبض، ومالت يده". [رواه البخاري].

    وكان ذلك حين أشتد الضحى من يوم الاثنين 12 / ربيع الأول / سنة 11 ه، وقد تم له ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثلاث وستون سنة وزادت أربعة أيام. [ الرحيق المختوم ص / 475].  
  وقيل: ضحى يوم الاثنين 13/ ربيع الأول / 11هـ، 8 يونيو سنة 633م.

  ـ ثم اجتمع عليه عمه العباس، وبعض أبناء عمومته، وأحد مواليه، لتجهيزه وتكفينه.
  تقول أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ : لو استقبلت من الأمر ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه"
.[ رواه أحمد والحاكم].
  وتقول أيضا ـ رضي الله عنها ـ : "لما اجتمعوا لغسل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ اختلفوا بينهم ، فقالوا : والله ما ندري أنجرد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما نجرد موتانا ، أو نغسله وعليه ثيابه ؟ ، قالت : فأرسل الله عليهم النوم حتى إن منهم من رجل إلا ذقنه في صدره ، ثم نادى مناد من جانب البيت - ما يدرون ما هو - أن اغسلوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعليه قميصه . قال : فوثبوا إليه وثبة رجل واحد ، فغسلوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعليه قميصه ، يصبون عليه الماء ويدلكونه من وراء القميص ، وكان الذي أجلسه في حجره علي بن أبي طالب ، أسنده إلى صدره . قالت : " فما رئي من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيء مما يرى من الميت". [رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني].

  وكان هذا يوم الثلاثاء، والقائمون بالغسل "العباس عم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وعلي بن أبي طالب، والفضل وقثم ابني العباس، وشقران مولى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأسامة بن زيد، وأوس بن خَوْلى.
  ـ ثم  كفن في ثلاثة أثواب بيض يمانية سحولية ـ من قطن ـ  ، ليس فيها قميص ولا عمامة" .
[رواه البخاري].
  

  ـ ثم لما لَمّا أرادُوا أن يَحْفِرُوا لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ اختلفوا مرة أخرى، هل يُلحد له القبر أم يشق؟

  وكان في المدينة رجل يشق القبر كحفر أهل مكة، وأخر يلحد القبر، فأرسلوا إليهما، فأتى صاحب اللحد أولا.

  قال سعد بن أبي وقاص  ـ رضي الله عنه ـ في مرضه الذي هلك فيه : " الحدوا لي لحدا ، وانصبوا علي اللبن نصبا ، كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم". [رواه مسلم].

  ـ واختلفوا كذلك في مكان الدفن، ثم اتفقوا أن يدفن في حجرة عائشة في المكان الذي قبض فيه، فرفع فراشه الذي مات عليه وحفر تحته.
ـ ثم بدأ يدخل عليه الناس إرسالا، الرجال ثم النساء ثم الصبيان، يصلون عليه أفذاذا ليس عليهم إمام، فكان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إمامهم حيا وميتا.
ومضى في ذلك يوم الثلاثاء كاملا، ومعظم ليلة الأربعاء.
[الرحيق المختوم ص / 477].

   تقول عائشة:"ما شعرنا بدفن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى سمعنا صوت المساحي ـ المجارف ـ  من آخر الليل". [رواه عبد الرزاق بسند صحيح].
قال أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ : " " لما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة أضاء منها كل شيء ، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء "، قال : "وما فرغنا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا ". [ رواه أحمد والترمذي بسند حسن].
  

وقالت فاطمة ـ رضي الله عنها ـ : "يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ التراب".
وقالت: " يا أبتاه ، أجاب ربا دعاه ، يا أبتاه ، من جنة الفردوس ، مأواه يا أبتاه إلى جبريل ننعاه".
[رواه البخاري].

  ـ فوفاة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أعظم المصائب التي نزلت بالأمة، كما جاء في الاثر : "  إذا أصاب أحدكم مصيبة ، فليذكر مصيبته بي ، فإنها من أعظم المصائب ".
فلا يحسن بمسلم قد رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ نبيا ورسولا، أن يحتفل في يوم وفاته!.

  ومن كان صادقا حقا في محبته، وأبى إلا الاحتفال بمولده!، فليصم كل يوم اثنين كما جاءت بذلك السنة، فهذا اليوم بلا خلاف قد ولد فيه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
ونسأل الله أن يجنبا الفتن والبدع وكل استحسن وليس من دين الله.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد.
القاهرة 11 / ربيع الأول / 1442
28 / 10 / 2020

الهامش
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1): وهذه الآية تهدم زعم المتصوفة بأن الخضر ما زال حيا، وأنه يحضر مجالسهم!.

(2): حدد ابن حبان أن بدأ الوجع يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر  كما في ثقاته (2 /130 ).

(3): الخوخة : باب صغير يكون بين بيتين.

(4) : قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ  : "لأخرجن اليهود ، والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما". [رواه مسلم].
(5): عندما اشتد عليه المرض  كان في بيت ميمونة بنت الحارث، وكان ينتقل بين بيوت أزواجه، فاستأذن منهن أن يمرض في بيت السيدة عائشة، فأذِنَّ له.
(6): قال القسطلاني: اختُلف في مدة مرضه، فالأكثر أنها ثلاثة عشر يومًا،
وقيل أربعة عشر، وقيل اثنا عشر، وقيل عشرة أيام. [المواهب اللدنية ( 4/ 516)].

 


       

السبت، 24 أكتوبر 2020

ماكرون جديد!

 

ماكرون جديد!.

   الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:


    فإن الكلام الذي قاله أخيرًا علج الفرنسيس "ماكرون"، حول أزمة الإسلام، وإقراره لرسوم مسيئة لرسولنا - صلى الله عليه وسلم -،  ليس سوى جولة جديدة من جولات الغرب الصليبي لتشويه صورة الإسلام، وصورة نبيه - صلى الله عليه وسلم - يقصد بها في المقام الأول وقف زحف الإسلام إلى هذه القارة التي تموج بالإلحاد والشك.

   فإن كل ما تقوم به هذه القارة الصليبية، من رصد مبالغ مالية ضخمة، وبعث قوافل طبية وتبشيرية إلى أحراش أفريقيا السوداء من أجل تنصير شعوب هذه الأراضي، أو تشكيك المسلمين في دينهم .. كل ذلك يرتد عليهم في عقر ديارهم = بإسلام أبناءهم ومثقفيهم!.

   فحيلتهم التي يلجئون إليها بين الحين والآخر لوقف هذا الزحف، وخف الضغط عليهم = هي سب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وانتقاصه، يقوم بهذه المهمة جندي من جنود هذه القارة الخبيثة، فليس الرئيس الفرنسي"ماكرون" هو أول من قام بهذه المهمة المقدسة عندهم، وإنما هو واحد من هذه السلالة التي أخذت على عاتقها وقف زحف الإسلام إلى القارة العجوز!، وإن كان أظهر اسمه حقيقة ما عليه القوم من مكر بالإسلام وأهله!.

فهو "ماكرون"!، وهم "ماكرون"!.

   والقوم يعلمون حمية أهل الإسلام تجاه هذه القضية؛ خاصة إن جاء هذا السب من كافر، أما إن جاء ممن ينسب إلى القبلة فإن أكثرهم لا يتعدى موقفه الحسبنة والاسترجاع!.

ومما يعود عليهم من افتعال هذه القضية بين الحين والآخر:

   - إيجاد ردود أفعال لمسلمين يستطيعون من خلالها إثبات ما يروجون له من وحشية تعاليم دين الإسلام، وجهل أهله!.

    - إصدار قوانين يستطيعون من خلالها تحجيم نشاط الدعوة في هذه البلاد.

   - فتح فجوة جديدة في الديار الإسلامية بين الشعوب وحكامها بسبب تعامل الحكومات مع هذه الدول الكافرة، وأن هذا التعامل من الرضا بمثل هذا السب، وأنه من خيانة الدين، وأنه ... وأنه ... مما هو معلوم.

    - إثارة الفوضى في بلاد المسلمين من خلال خفافيش الظلام من أهل البدع وأصحاب الأغراض، الذين يتغذون على مثل هذه الأفعال ويستغلونها لاصطياد نشأ جديد يضم إلى نحلهم وأحزابهم.

   - الهاء المسلمين عما يخطط لهم بالفعل من إبادة شعوب إسلامية بالكامل، كما يُفعل مع أهل السنة في العراق وسوريا وغيرهما، وحصر الصراع في كلمة قالها علج من علوج الغرب، أو صورة نشرت في جريدة عندهم.

 

    وللخروج من هذه الدائرة التي تتجدد كل عدة سنوات للأسباب المذكورة آنفا أو غيرها، فلابد للمسلمين الالتزام بما جاء في شريعة دين الإسلام:

  

   - من ترك العيش بين أظهر هؤلاء الكفار وفي ديارهم.

  - عدم اتباع أسلوب وطريقة القوم في تغير المنكر من خروج المظاهرات والاعتصامات، والرجوع للأمر بالمعروف بمعروف، والنهي عن المنكر بغير منكر.

    - عدم التدخل في شؤون ولاة الأمر في مثل هذه القضايا وغيرها، فالسياسة لا تعرف التصريحات العنترية التي تعجب الجماهير، وإنما هي مواقف سياسية واقتصادية لا يلحظها إلا المتخصص.

   - معاملة القوم بضدد قصدهم، فيركز من يحسن لسان القوم لدعوتهم لدين الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.

   - ترك التشبه بعادات القوم في المظهر والمأكل، مما يقطع عليهم الطريق من الترويج لثقافتهم داخل ديار الإسلام، ومما ينمي عقيدة الولاء والبراء في نفوس المسلمين، وذلك لأن المشابهة في الظاهر ينتج عنها رضى في الباطن.

 

   هذا، ولعلمائنا نصائح وتوجيهات متقدمة في حوادث شبيهة، يُرجع إليها وتُتأمل، ليقف الناس على حقيقة هذا المكر الصليبي، وطرق مواجهته.

والله أسأل أن لا يجعلنا فتنتة للذين كفروا، ويغفر لنا، أنه هو العزيز الحكيم.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وكتب

أبو صهيب وليد بن سعد.

القاهرة 6 / ربيع أول / 1442 ه
23 / 10 / 2020

الثلاثاء، 26 مايو 2020

قطر السماء في صحيح أذكار الصباح والمساء


 قطر السماء

في صحيح أذكار الصباح والمساء


صحيح أذكار الصباح

1 ـ "أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَى كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَعَلَى دِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى مِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا مُسْلِمًا، وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ".
 [صحيح . رواه أحمد (15360) ط الرسالة، والنسائي في الكبرى وغيرهما، وصححه الألباني (2989 )] .
 وهو من أذكار الصباح خاصة

2 ـ "سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ". [ثلاث مرات]
[رواه مسلم في صحيحه (2726) (79) ، والبخاري في الأدب المفرد (647)]. 
وهو من أذكار الصباح خاصة.

 3 ـ "أَسْتَغفِرُ اللهَ". [مائة مرة].
[رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (30058 ) ط دار القبلة، والنسائي في الكبرى (10202 ) ط دار الرسالة، وغيرهما، بسند صحيح، وصححه الألباني في الصحيحة ( 1600 )].
وهو من أذكار الصباح خاصة.


4 ـ " اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ، وَأَبُوءُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ".
[رواه البخاري (6306) الفتح]، من رواية "شداد بن أوس ـ رضي الله عنه ـ وليس له في البخاري إلا هذا الحديث كما قال المنذري.

5 ـ "أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِا الْيَوْمِ وَخَيْرِ مَا فِيهَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّه وَشَرِّ مَا فِيهَ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَسُوءِ الْكِبَرِ وَفِتْنَةِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْقَبْرِ".
[رواه مسلم ((2723) (75)، وأبو داود والترمذي].

6 ـ "اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرُّهُ إِلَى مُسْلِمٍ".
[صحيح، رواه أحمد في مسنده (51) ط مؤسسة الرسالة، والبخاري في الأدب المفرد، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في الصحيحة (2763)]. 
وهو من أذكار النوم أيضًا.


7 ـ "اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا ، وَبِكَ أَمْسَيْنَا ، وَبِكَ نَحْيَا ، وَبِكَ نَمُوتُ ، وَإِلَيْكَ النُّشُورُ".
[صحيح، رواه البخاري في الأدب المفرد (1199)، وابن حبان في صحيحه، والترمذي وقال: حديث حسن، وصححه الألباني في الصحيحة (263)].


8 ـ " لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".
[صحيح، رواه أحمد وأبو داود ( 5077 )، وغيرهما، وصححه الشيخ الألباني في صحيح ابن ماجة ( 3867 )].
سنة عزيزة!
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دبر كل صلاة ـ مكتوبة ـ إذا سلم : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ". [متفق عليه].
9 ـ  "يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ ، وَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ".
[حسن . أخرجه النسائي في الكبرى، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة، وحسنه، ووافقه الشيخ الألباني في الصحيحة (227)].


10 ـ "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ ، وَأَهْلِي وَمَالِي . اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي ، وَآمِنْ رَوْعَاتِي . اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي ، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي ، وَمِنْ فَوْقِي ، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ مِنْ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي".
[صحيح رواه أحمد (حديث : ‏ 4785 ‏)، والبخاري في الأدب المفرد (حديث : ‏ 1200 ‏) وابن أبي شيبة والنسائي في الكبرى ، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد].

11 ـ "سورة: الإخلاص , والفلق , والناس". [ثلاث مرات].
[حديث حسن، رواه النسائي في الكبرى (5445) وفي مسند أحمد ،  وعبد بن حميد في مسنده، ورواه الترمذي عنه في جامعه حديث : ‏3575‏   وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب ، ورواه أبو داود في سننه باب ما يقول إذا أصبح،  وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي (2829) ].
فائدة وتنبيه:
تكرار سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاث مرات في هذا الحديث هو خاص بأذكار الصباح والمساء،ولا تعلق له بالذكر بعد الصلاة، فلم يصح قراءة سور الإخلاص في أذكار دبر الصلاة، وإنما وردت في حديث باطل، انظر الضعيفة (6012) - ( مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ [ و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ] دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ
مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلا الْمَوْتُ ) .
قال الشيخ الألباني: باطل بذكر {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } . اهـ
 والصحيح قراءة المعوذتين دبر الصلوات، لحديث: " اقرؤوا المعوِّذات في دُبرِ كل صلاة " .((صحيح أبي داود)) (1363) .
وكما تجدأنه ليس في الحديث عدم التكرار ثلاثا، أو تخصيص صلاة الفجر والمغرب بثلاث مرات كما هو مشهور.
وقد سؤال الشيخ الألباني كما في سلسلة الهدى والنور : "هل ثبت أن النبى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه كان يقرأ الإخلاص دبر كل صلاة كالمعوذات وآية الكرسى ؟
الشيخ : لا
السائل : لم يثبت ، بعد صلاة الفجر وبعد صلاة المغرب؟
الشيخ : أى صلاة ، لم تثبت". اهـ
فالخلاصة:
فالأول: أنه ليس من السنة قراءة سورة الإخلاص دبر الصلاة.
 والثاني: ليس من السنة تكرار المعوذتين ثلاث مرات دبر الصلاة؛ وإنما هذا خاص بأذكار الصباح والمساء فقط.

12 ـ " بِسْمِ اللهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ". [ثلاث مرات].
[صحيح . رواه أحمد (528)، والنسائي في " اليوم والليلة " (15) والطحاوي في مشكل الآثار  من طريق محمد بن كعب القرظي، وصححه الشيخ الألباني في 6426 في صحيح الجامع] .

13ـ "أَصْبَحْتُ أُثْنِيَ عَلَيْكَ حَمْدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ". [ ثلاث مرات].

[رواه النسائي في الكبرى (10018)، بسند حسن مسلسل بالتحديث، رواته كلهم عراقيين ثقات خلا شيخ النسائي " معاوية بن صالح بن أبي عبيد أبو عبد الرحمن الأشعري "، فهو دمشقي. وقد صح سماعه من العراقيين كما في ترجمته من تهذيب الكمال ( 6059 )، قال مسلمة بن قاسم: أرجو أن يكون صدوقا، وقال ابن حجر في التقريب: صدوق.
أما باقي رجال الإسناد: منصور بن أبي مزاحم واسمه : بشير التركي أبو نصر البغدادي، وثقه ابن معين، والدارقطني، وغيرهما، وقال ابن حجر في التقريب: ثقة.
ـ وأبو المحياة هو: يحيى بن يعلى بن حرملة التيمي الكوفي،اجتمعت الكلمة على توثيقه وهو من رجال مسلم، في الجرح والتعديل للرازي (850 ): ثقة، وفي تاريخ ابن معين (1307 ): ثقة، وذكره ابن حبان في ثقاته (16328 )، ووثقه الذهبي في المغني في الضعفاء (7073 )، وفي الكاشف (6271 )، وابن حجر في التهذيب
( 487 )، وذكره ابن شاهين في كتاب "الثقات" كما في إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي الحنفي ( 5225 ).
ـ أما منصور هو: ابن المعتمر السلمي أبو عتاب الكوفي، ثقة مأمون كثير الحديث، قال أبو داود كما في تهذيب الكمال ( 6201 ): منصور لا يروي إلا عن كل ثقة. وقال البخاري في التاريخ الكبير: كان من أثبت الناس.
ـ ومالك بن الحارث فهو وإن لم يعينه النسائي فهو : مالك بن الحارث السلمي الكوفي، يتبين ذلك من أمور، منها: طبقته، وأنه من شيوخ منصور بن المعتمر.
ففي ترجمته في الجرح والتعديل ( 909 ) : مالك بن الحارث السلمي كوفي روى عن بن عباس وعبد الرحمن بن يزيد وأبيه روى عنه منصور بن المعتمر والأعمش ... وعن يحيى بن معين أنه قال: مالك بن الحارث "ثقة". اهـ
وقال البخاري في تاريخه ( 1307): مالك بن الحارث سمع بن عباس وعبد الرحمن بن يزيد كوفي يروي عنه منصور. اهـ
قال ابن حبان في الثقات ( 10925 ): مالك بن الحارث الكوفى يروى عن أبيه عن أبى موسى روى عنه منصور والأعمش. اهـ
ف " مالك بن الحارث" هو صاحبنا السلمي الكوفي، ويؤكد ذلك فإنه كما مر أن "منصور بن المتعمر" لا يحدث إلا عن ثقة.
وقد روى لمالك مسلم في المتابعات.
ـ أما "أبو زرعة بن عمرو بن جرير البجلي" هو: الكوفي و اسمه هرم، ثقة من رجال البخاري ومسلم.
وقد حسن الحديث الشيخ مقبل الوداعي ـ عليه الرحمة ـ في كتابه "الجامع الصحيح لما ليس في الصحيحين ( 2 / 473 )، قال: هذا حديث حسن، رجاله رجال الصحيح إلا شيخ النسائي معاوية بن صالح، وقد قال: لا بأس به، وقال مسلم: أرجوا أن يكون صدوقا، كما في تهذيب التهذيب.
قلت: وقد وقع تصحيف هنا، فقائل " أرجوا أن يكون صدوقا" ليس مسلم، بل مسلمة بن قاسم، والله أعلم.

 14 ـ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ".[ عشر مرات].
[صحيح، رواه أحمد (23568 )، والطبراني في الكبير، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة ( 114 )].

15 ـ "سبحان الله وبحمده".[ مائة مرة].
أو "سبحان الله العظيم وبحمده" .
[رواه البخاري ومسلم]، وفيه: عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قال : سبحان الله وبحمده ، في يوم مائة مرة ، حطت خطاياه ، وإن كانت مثل زبد البحر". هذا لفظ البخاري.
زاد مسلم في أوله: " حين يصبح وحين يمسي : سبحان الله وبحمده ، مائة مرة ...".
وعند أبي داود بسند صحيح: "سبحان الله العظيم وبحمده".

16 ـ : "سُبْحَانَ اللهِ". [ مائة مرة، كلما زاد كان أفضل].
"الْحَمْدُ لِلَّهِ" . [ مائة مرة، كلما زاد كان أفضل].
"اللَّهُ أَكْبَرُ". [ مائة مرة، كلما زاد كان أفضل].
"لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ".[ مائة مرة، كلما زاد كان أفضل].
[حسن، رواه النسائي السنن الكبرى  - حديث : ‏  10246‏]،  من حديث عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده، قال يحيى بن سعيد القطان : "عمرو بن شعيب" إذا روى عنه الثقات فهو ثقة يحتج به .
قلت: وهذا الحديث رواه عنه الأوزاعي ـ رحمه الله ـ ، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب(658).

صحيح أذكار المساء

1 ـ "أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ". [ثلاث مرات ].
[رواه مسلم ] وصحح الشيخ الألباني رواية الترمذي، وفيها: من قال حين يمسي ثلاث مرات : "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره حمة تلك الليلة". وقال الترمذي: حديث حسن.
أما رواية مسلم فليس فيها ذكر للعدد، وفيها:
 عن أبي هريرة ، أنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة ، قال : " أما لو قلت ، حين أمسيت : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم تضرك ".
وهو من أذكار المساء خاصة.

2ـ " اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي، فاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ".

3ـ "أَمسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ لِلَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا، اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَسُوءِ الْكِبَرِ، وَفِتْنَةِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْقَبْرِ".

4 ـ"اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي ، وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرُّهُ إِلَى مُسْلِمٍ".

5 ـ "اللَّهُمَّ بكَ أَمْسَيْنَا ، وَبِكَ أَصْبَحْنَا ، وَبِكَ نَحْيَا ، وَبِكَ نَمُوتُ ، وَإِليْكَ الْمَصِيرُ".

6ـ " لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".

7 ـ "يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ ، وَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ".

8 ـ "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ ، وَأَهْلِي وَمَالِي . اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي ، وَآمِنْ رَوْعَاتِي . اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي ، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي ، وَمِنْ فَوْقِي ، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ مِنْ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي".

9ـ "سورة: الإخلاص , والفلق , والناس". [ثلاث مرات].

10ـ "بِسْمِ اللهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ". [ثلاث مرات].

11ـ "أمسيت أُثْنِيَ عَلَيْكَ حَمْدًا ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ". [ثلاث مرات].

12ـ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ".[ عشر مرات].

13ـ "سبحان الله وبحمده".[مائة مرة].
أو "سبحان الله العظيم وبحمده" .

14 ـ : "سُبْحَانَ اللهِ". [مائة مرة وكلما زاد كان أفضل]
ـ "الْحَمْدُ لِلَّهِ". [مائة مرة وكلما زاد كان أفضل]
ـ"اللَّهُ أَكْبَرُ". [مائة مرة وكلما زاد كان أفضل].
- " لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" . [مائة مرة وكلما زاد كان أفضل].

وكتب
وليد بن سعد
القاهرة 3 / شوال / 1441 ه

26 / 5 / 2020