إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 26 مايو 2021

من أخطاء الناس في الدعاء..

 

من أخطاء الناس في الدعاء..

 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

   فهذه جملة من مخالفات وأخطاء الناس في الدعاء، ذكرتها لعلها تُجتنب، ويُلتزم السنة مكانها في هذا الباب العظيم!

   1- رفع الصوت بالدعاء، والصراخ في التأمين!.

 وقد رفع الأصحاب ـ عليهم الرضوان ـ أصواتهم بالتكبير يومًا، فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: "ارْبعُوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون  أصم ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا وهو معكم". [ متفق عليه].

   2-  غفلة قلب الداعي وقت الدعاء.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافلٍ لاهٍ". [رواه الترمذي بسند حسن].

  3- ترك الدعاء إن تأخرت الاستجابة!.

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت ربي فلم يستجب لي". [ متفق عليه].

   ويقول صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها مأثم ، ولا قطيعة رحم إلا أعطاه إحدى ثلاث : إما أن يستجيب له دعوته ، أو يصرف عنه من السوء مثلها ، أو يدخر له من الأجر مثلها " . قالوا : يا رسول الله ، إذا نُكثر . قال : " الله أكثر  ". [رواه أحمد والحاكم وهو صحيح].

   4- عدم التزام ألفاظ الدعاء المأثور.

  فألفاظ أدعية وأذكار الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحي من الله تعالى، فإن أرد العبد الدعاء بها = التزامها بنصها ولا يتصرف فيها بزيادة أو تبديل ولو كان يُعطي نفس المعنى.

فإنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يُمَّشي للبراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ قوله: " ورسولك الذي أرسلت" بدلًا من " ونبيك الذي أرسلت" في دعاء النوم، والحديث في البخاري.

فعن البراء بن عازب ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا أتيت مضجعك ، فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ، ثم قل : اللهم أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت ، فإن مت من ليلتك ، فأنت على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تتكلم به " . قال : فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما بلغت : اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، قلت : ورسولك ، قال : " لا ، ونبيك الذي أرسلت "

قلت: فإنه لا يكاد يوجد اختلاف يذكر بين النبي والرسول من حيث المعنى، ولكن الوحي نزل بهذا ولم ينزل بتلك. فتأمل!

وما بالك إذن بمن يستدرك على الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ

 لما علم عائشة ـ رضي الله عنها ـ دعاء تقوله إن أدركت ليلة القدر، وهو: " اللهم أنك عفو تحب العفو فاعف عني".

فيأتي أحدهم فيزعم بلسان حاله أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَصر في حق الله! ، وأنه أعلم من الرسول بأسماء الله وصفاته، فلا يكتفي بدعاء الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فيزيد عليه، فيقول: " اللهم أنك عفو كريم حليم غفور ... تحب العفو فاعف عني".

  ويظن الأبعد أنه كلما زاد في الأسماء الحسنى كان لله أقرب!.

ومثل هذا الرجل لابد أن يؤخذ على يديه ويؤدب.

فخير الهدي هدي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ

   فمن أراد ثواب السنة، فأما أن يأتي بها على وجهها، وأما أن يتركها ولا يتلاعب بها.

   فمن أراد إصابة السنة في الصلاة، فلا يأتي بنصف سورة الأعلى في الركعة الأولى من التراويح مثلًا، أو جزء من سورة السجدة في فجر الجمعة.

فهذا الفعل خلاف السنة، والسنة أن تقرأ السورة كلها.

فمن شق عليه هذا، فيتركها ويقرأ بغيرها.

  وكذا في الدعاء، فيدعو أحدهم في دعاء الوتر فيزيد فيه كلمة

" بفضلك" فيقول: اللهم اهدنا " بفضلك" فيمن هديت.

وهذه اللفظة لم تثبت في السنة، كحال من يزيد لفظة

 "نستهديه" في خطبة الحاجة.

فعلى المسلم أن يتحرى ألفاظ السنة ولا يتساهل فيها.

   5 - خلط الدعاء المأثور بغيره حتى يُظن أنه من السنة.

كقولهم بعد دعاء الوتر المأثور: "فلك الحمد على ما قضيت، ولك الشكر على ما أنعمت به علينا وأوليت".

  6- التزام دعاء ورد في حديث موضوع والزهد في الصحيح.

كدعاء: اللهم أنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من ...". وقد حكم عليه الشيخ الألباني وغيره بالوضع.

  7 - التنطع في الدعاء.

كدعاء جماعة : اللهم تقبل صلاتنا وركوعنا وسجودنا!.ومثل هذه الحماقات.

وكمن يسأل الله الجنة والشرب من أنهارها، والزواج من حورها، والأكل من خيراتها. كأنه سيدخل الجنة ويمنع من هذا!.

وكل هذا من سخافات العقول والتقليد الأعمى.

ولهذا يخشى من جماعة تقبل من الصلاة والركوع والسجود، أن يصل بهم الأمر إلى الدعاء بقبول دعاء الاستفتاح، وقراءة الفاتحة، والتشهد الأوسط والأخير!.

   8 - تعمد السجع.

وهو مكروه بعموم، فما بالك بمن يتعمده حال الدعاء، والمفترض أن يكون المسلم منكسر خاشع وهو يدعو، وليس يبحث عن رونق الكلام وبهرجه، أو ما يكون على نفس الوزن والقافية!.

كمن يدعو: اللهم أرحمنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض.

   9 - الزهد في الدعاء في أوقات ثبت في السنة فضلها وأن الدعاء فيها مستجاب.

كالدعاء يوم الجمعة، على خلاف في تحديد الساعة.

ودعاء الصائم والمسافر والولد لولده، كل ذلك مستجاب.

إلا أن حديث " للصائم عند فطره دعوة لا ترد" لا يصح، فهو ضعيف.

فدعاء الصائم طوال فتره صومه مستجاب، ولكن لا يزهد أيضًا من الدعاء وقت فطره، فإن الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب أيضًا.

10 - عدم العزم في الدعاء.

 يقول الرسول  ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه"  [متفق عليه].

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وكتب

أبو صهيب وليد بن سعد.

القاهرة ٢١ / رمضان / ١٤٤٢ هـ

 3 / مايو /  2021

من أوجه فساد مخالفة السنة في زكاة الفطر

 

من أوجه فساد مخالفة السنة في زكاة الفطر:

   الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فإن ينبغي أن يعلم من يزعم أن إخراج زكاة الفطر نقدًا أفضل للمسكين من الطعام، أنه بزعمه هذا ساوى بين الناس في قيمة الزكاة وليسوا كذلك.

   فإن كانت الزكاة على هيئة السنة طعامًا، فكل مسلم تجده يجتهد في إخراجها من أفضل الأطعمة، أو على الأقل مما يرضاه ويأكله في بيته.

  والناس تتفاوت في الأرزاق، فمنهم من سيخرج صنف بعشر جنيهات للكيلو، ومنهم من سيخرج صنف بمائة.

   وستجد من يأكل الأرز بالزبيب والمكسرات، سيخرج زكاته بهذه الهيئة.

  ومن الناس من يتحرج من شراء صنف واحد من الطعام للفقير، فيأتي فوق زكاته بأصناف أخرى..

  كل ذلك وغيره يفعله برضا وطيب نفس.

  فتحديد القيمة في الزكاة على أقل الأصناف سعرًا كما هو الواقع ـ تحدد على سعر القمح! ـ، وتعميم ذلك على كل أفراد الأمة من غير نظر لتفاوتهم في الفقر والغنى .. فيه ظلم شديد للفقير.

 فتأمل كيف يساوى هؤلاء بين من دخله 2000 جنيه، والذي دخله 20000 جنيه؟

ولهذا يقول العلماء: من يخالف السنة يتناقض!

   فالسنة السنة عباد الله! ودعكم مما استحسنته العقول.

فإن من استحسن فقد شرّع، كما قال الشافعي الإمام رحمه الله تعالى.

وأيضا:

   يحتجون على مخالفتهم للسنة في هذا الباب، بأن أبا حنيفة ـ رحمه الله ـ قال بجواز النقد في زكاة الفطر!.

ومع أن كتب الأحناف على خلاف ذلك، فالإمام رحمه الله في أكثر من كتاب ذكر أن زكاة الفطر صاعا من شعير، أو نصف صاع من دقيق، وذكر القيمة عندما سئل عمن وجبت في حقه الزكاة وليس عنده مال، يعنى ليشترى الطعام، فقال: هي في ذمته حتى يأتيه مال.

فليس هنا تجويز للمال مكان الطعام، فتأمل!.

ومع ذلك فإن الجواز عند الفقهاء = هو انتقال عن الأصل لعلة طارئة، فإن زالت العلة، رجع للأصل، وبطل الجواز.

   مثال: يجوز التيمم عند فقد الماء، فإن وجد الماء بطل التيمم.

    فكانت الصلاة بالتيمم صحيحة عند فقدان الماء، فلما وجد الماء بطلت صلاة من تيمم بعدها.

 فالجواز فرع.. يُنتقل إليه عند فقد الأصل، فإن وجد الأصل بطل العمل بالفرع .

  وزكاة الفطر هي الأصل، فرضها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهيئة معينة على أمته، كما في حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : "فرض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير". الحديث.

  فهي فرض " أصل" ، لا يُنتقل عن صورته في الشرع إلى "الفرع" إلا عند انعدام الأصل، كمسلم يعيش في دولة تعاني مجاعة مثلًا.

   وحتى في هذه الحالة، إخراجها نقدًا ليس بلازم أيضًا عند التحقيق.

   وذلك لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما وضع التخيير في زكاة الفطر بين أصناف مختلفة، ولم يذكر فيها الدراهم، علمنا أنها خارجة من المسألة.

والله أعلم.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وكتب

أبو صهيب وليد بن سعد

القاهرة ١٧ / رمضان / ١٤٤٢ هـ

 29 / ابريل / 2021