مختصر كتاب: لله ثم للتاريخ
الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، و بعد :
هذا تهذيب و اختصار لكتاب السيد / حسين الموسوي الذي سماه : (( كشف الأسرار و تبرئة الأئمة الأطهار )) و المعروف بـ " لله ثم للتاريخ " ؛ دفعني إليه ما للكتاب من بركة ملحوظة ، و احتوئه على فوائد عظيمة في بابه ، إلا أنه يشوبه أمور منها : استخدام المؤلف لبعض الألفاظ التي تخالف لسان أهل السنة ، و الإطالة في مباحث ليس لأهل السنة بها تعلق ، فهذبت بعض الألفاظ ، و اختصرت بعض المباحث بما لا يخل بغرض المؤلف .
و
أسأل الله عز و جل أن ينفع بهذا المختصر كما نفع بالأصل ، أنه جواد كريم .
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
23 / 4 / 2013
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين، وآله الطيبين الطاهرين، والتابعين
لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما
بعد: فإن المسلم يعلم أن الحياة تنتهي بالموت ، ثم يتقرر المصير: إما إلى الجنة وإما
إلى النار، ولا شك أن المسلم حريص على أن يكون من أهل الجنة، لذا لا بد أن يعمل على
إرضاء ربه جل وعلا، وأن يبتعد عن كل ما نـهى عنه، مما يوقع الإنسان في غضب الله ثم
في عقابه، ولهذا نرى المسلم يحرص على طاعة ربه وسلوك كل ما يقربه إليه، وهذا دأب المسلم
من عوام الناس، فكيف إذا كان من خواصهم؟.
إن الحياة
كما هو معلوم فيها سبل كثيرة ومغريات وفيرة، والعاقل من سلك السبيل الذي ينتهي به إلى
الجنة وإن كان صعباً، وأن يترك السبيل الذي ينتهي به إلى النار وإن كان سهلاً ميسوراً.
هذه رواية صيغت على شكل بحث، قلتها بلساني، وقيدتـها ببناني قصدت بـها وجه
الله ونفع إخواني ما دمت حياً قبل أن أُدرج في أكفاني.
ولدت
في كربلاء، ونشأت في بيئة شيعية في ظل والدي المتدين.
درست
في مدارس المدينة حتى صرت شاباً يافعاً، فبعث بي والدي إلى الحوزة العلمية النجفية
أم الحوزات في العالم !لأنـهل من علم فحول العلماء ومشاهيرهم في هذا العصر أمثال سماحة
الإمام السيد محمّد آل الحسين كاشف الغطاء.
درسنا
في النجف في مدرستها العلمية العلية، وكانت الأمنية أن يأتي اليوم الذي أصبح فيه مرجعاً
دينياً أتبوأ فيه زعامة الحوزة، وأخدم ديني وأمتي وأنـهض بالمسلمين.
وكنت
أطمح أن أرى المسلمين أمة واحدة، وشعباً واحداً، يقودهم إمام واحد، في الوقت عينه أرى
دول الكفر تتحطم وتتهاوى صروحها أمام أمة الإسلام هذه، وهناك أمنيات كثيرة مما يتمناها
كل شاب مسلم غيور، وكنت أتساءل:
ما الذي أدى بنا إلى هذه الحال المزرية من التخلف والتمزق والتفرق؟!
وأتساءل
عن أشياء أخرى كثيرة تمر في خاطري، كما تمر في خاطر كل شاب مسلم، ولكن لا أجد لهذه
الأسئلة جواباً.
ويسر
الله تعالى لي الالتحاق بالدراسة وطلب العلم، وخلال سنوات الدراسة كانت ترد عليّ نصوص
تستوقفني، وقضايا تشغل بالي، وحوادث تحيرني، ولكن كنت أتـهم نفسي بسوء الفهم وقلة الإدراك،
وحاولت مرة أن أطرح شيئاً من ذلك على أحد السادة من أساتذة الحوزة العلمية، وكان الرجل
ذكياً إذ عرف كيف يعالج فيّ هذه الأسئلة، فأراد أن يجهز عليها في مهدها بكلمات يسيرة،
فقال لي:
ماذا
تدرس في الحوزة؟
قلت
له: مذهب أهل البيت طبعاً
فقال
لي: هل تشك في مذهب أهل البيت؟!
فأجبته
بقوة: معاذ الله.
فقال:
إذن أبعد هذه الوساوس عن نفسك فأنت من أتباع أهل البيت (عليهم السلام) وأهل البيت تلقوا
عن محمّد صلى الله عليه وآله، ومحمد تلقى من الله تعالى.
سكت
قليلاً حتى ارتاحت نفسي، ثم قلت له: بارك الله فيك شفيتني من هذه الوساوس.
ثم عدت
إلى دراستي، وعادت إليَّ تلك الأسئلة والاستفسارات، وكلما تقدمت في الدراسة ازدادت
الأسئلة وكثرت القضايا والمؤاخذات.
المهم
أني أنـهيت الدراسة بتفوق حتى حصلت على إجازتي العلمية في نيل درجة الاجتهاد من أوحد
زمانه سماحة العميد محمّد الحسين آل كاشف الغطاء زعيم الحوزة، وعند ذلك بدأت أفكر جدياً
في هذا الموضوع، فنحن ندرس مذهب أهل البيت، ولكن أجد فيما ندرسه مطاعن في أهل البيت
(عليهم الرضوان ) ندرس أمور الشريعة لنعبد الله بـها، ولكن فيها نصوصاً صريحة في الكفر
بالله تعالى.
أي ربي
ما هذا الذي ندرسه؟! أيمكن أن يكون هذا هو مذهب أهل البيت حقاً؟!
إن هذا يسبب انفصاماً في شخصية المرء، إذ كيف يعبد الله وهو يكفر به؟
كيف
يقتفي أثر الرسول صلى الله عليه وآله، وهو يطعن به؟!
كيف
يتبع أهل البيت ويحبهم ويدرس مذهبهم، وهو يسبهم ويشتمهم؟!
رحماك
ربي ولطفك بي، إن لم تدركني برحمتك لأكونن من الضالين بل من الخاسرين. وأعود وأسأل
نفسي: ما موقف هؤلاء السادة والأئمة وكل الذين تقدموا من فحول العلماء، ما موقفهم من
هذا؟ أما كانوا يرون هذا الذي أرى؟ أما كانوا يدرسون هذا الذي درست؟.
بلى،
بل إن الكثير من هذه الكتب هي مؤلفاتـهم هم، وفيها ما سطرته أقلامهم، فكان هذا يدمي
قلبي ويزيده ألماً وحسرة.
وكنت
بحاجة إلى شخص أشكو إليه همومي وأبث أحزاني، فاهتديت أخيراً إلى فكرة طيبة وهي دراسة
شاملة أعيد فيها النظر في مادتي العلمية، فقرأت كل ما وقفت عليه من المصادر المعتبرة
وحتى غير المعتبرة، بل قرأت كل كتاب وقع في يدي، فكانت تستوقفني فقرات ونصوص كنت أشعر
بحاجة لأن أعلق عليها، فأخذت أنقل تلك النصوص وأعلق عليها بما يجول في نفسي، فلما انتهيت
من قراءة المصادر المعتبرة، وجدت عندي أكداساً من قصاصات الورق فاحتفظت بـها عسى أن
يأتي يوم يقضي الله فيه أمراً كان مفعولاً.
وبقيت
علاقاتي حسنة مع كل المراجع الدينية والعلماء والسادة الذين قابلتهم، وكنت أخالطهم
لأصل إلى نتيجة تعينني إذا ما اتخذت يوماً القرار الصعب، فوقفت على الكثير حتى صارت
قناعتي تامة في اتخاذ القرار الصعب، ولكني كنت انتظر الفرصة المناسبة. وكنت أنظر إلى
صديقي العلامة السيد موسى الموسوي فأراه مثلاً طيباً عندما أعلن رفضه للانحراف الذي
طرأ على المنهج الشيعي، ومحاولاته الجادة في تصحيح هذا المنهج. ثم صدر كتاب الأخ السيد
أحمد الكاتب (تطور الفكر الشيعي) وبعد أن طالعته وجدت أن دوري قد حان في قول الحق وتبصير
إخواني المخدوعين، فإننا كعلماء مسؤولون عنهم يوم القيامة فلا بد لنا من تبصيرهم بالحق
وإن كان مراً.
ولعل
أسلوبي يختلف عن أسلوب السيدين الموسوي والكاتب في طرح نتاجاتنا العلمية، وهذا بسبب
ما توصل إليه كل منا من خلال دراسته التي قام بـها.
ولعل
السيدين المذكورين في ظرف يختلف عن ظرفي، ذلك أن كلاً منهما قد غادر العراق واستقر
في دولة من دول الغرب، وبدأ العمل من هناك.
أما
أنا فما زلت داخل العراق وفي النجف بالذات، والإمكانات المتوافرة لدي لا ترقى إلى إمكانات
السيدين المذكورين، لأني وبعد تفكير طويل في البقاء أو المغادرة، قررت البقاء والعمل
هنا صابراً محتسباً ذلك عند الله تعالى، وأنا على يقين أن هناك الكثير من السادة ممن
يشعرون بتأنيب الضمير لسكوتـهم ورضاهم مما يرونه ويشاهدونه، ومما يقرأونه في أمهات
المصادر المتوافرة عندهم، فأسأل الله تعالى أن يجعل كتابي حافزاً لهم في مراجعة النفس
وترك سبيل الباطل وسلوك سبيل الحق، فإن العمر قصير والحجة قائمة عليهم، فلم يبق لهم
بعد ذلك من عذر.
وهناك
بعض السادة ممن تربطني بـهم علاقات استجابوا لدعوتي لهم - والحمد لله - فقد اطلعوا
على هذه الحقائق التي توصلت إليها وبدؤوا هم أيضاً بدعوة الآخرين فنسأل الله تعالى
أن يوفقنا وإياهم لتبصير الناس بالحقيقة، وتحذيرهم من مغبة الانجراف في الباطل، إنه
أكرم مسؤول.
وإني
لأعلم أن كتابي هذا سيلقى الرفض والتكذيب والاتـهامات الباطلة، وهذا لا يضرني، فإني
قد وضعت هذا كله في حسابي، وسيتهمونني بالعمالة لإسرائيل أو أمريكا، أو يتهمونني أني
بعت ديني وضميري بعرض من الدنيا، وهذا ليس ببعيد ولا بغريب، فقد اتـهموا صديقنا العلامة
السيد " موسى الموسوي " بمثل هذا، حتى قال السيد علي الغروي : (( إن ملك السعودية فهد بن عبد العزيز قد أغرى الدكتور الموسوي بامرأة
جميلة من آل سعود وبتحسين وضعه المادي، فوضع له مبلغاً محترماً في أحد البنوك الأمريكية
لقاء انخراطه في مذهب الوهابيين!! )).
فإذا
كان هذا نصيب الدكتور الموسوي من الكذب والافتراء والإشاعات الرخيصة، فما هو نصيبي
أنا وماذا سيشيعون عني؟! ولعلهم يبحثون عني ليقتلوني كما قتلوا قبلي من صدع بالحق،
فقد قتلوا نجل مولانا الراحل آية الله العظمى الإمام السيد " أبي الحسن الأصفهاني
" أكبر أئمة الشيعة من بعد عصر الغيبة الكبرى و إلى اليوم، وسيد علماء الشيعة
بلا منازع عندما أراد تصحيح منهج الشيعة ونبذ الخرافات التي دخلت عليه، فلم يرق لهم
ذلك، فذبحوا نجله كما يذبح الكبش ليصدوا هذا الإمام عن منهجه في تصحيح الانحراف الشيعي،
كما قتلوا قبله السيد " أحمد الكسروي " عندما أعلن براءته من هذا الانحراف،
وأراد أن يصحح المنهج الشيعي فقطعوه إرباً إرباً.
وهناك
الكثيرون ممن انتهوا إلى مثل هذه النهاية جراء رفضهم تلك العقائد الباطلة التي دخلت
إلى التشيع، فليس بغريب إذا ما أرادوا لي مثل هذا المصير.
إن هذا
كله لا يهمني ، وحسبي أني أقول الحق ، وأنصح إخواني وأذكرهم وألفت نظرهم إلى الحقيقة،
ولو كنت أريد شيئاً من متاع الحياة الدنيا فإن المتعة والخمس كفيلان بتحقيق ذلك لي،
كما يفعل الآخرون حتى صاروا هم أثرياء البلد وبعضهم يركب أفضل أنواع السيارات بأحدث
موديلاتـها، ولكني والحمد لله أعرضت عن هذا كله منذ أن عرفت الحقيقة، وأنا الآن أكسب
رزقي ورزق عائلتي بالأعمال التجارية الشريفة.
لقد
تناولت في هذا الكتاب موضوعات محددة، ليقف إخواني كلهم على الحقيقة، حتى لا تبقى هناك
غشاوة على بصر أي فرد كان منهم.
وفي
النية تأليف كتب أخرى تتعلق بموضوعات غير هذه، ليكون المسلمون جميعاً على بينة، فلا
يبقى عذراً لغافل أو حجة لجاهل.
وأنا
على يقين أن كتابي هذا سيلقى القبول عند طلاب الحق - وهم كثيرون والحمد لله - وأما
من فضل البقاء في الضلالة -لئلا يخسر مركزه فتضيع منه المتعة والخمس- من (أولئك) الذين
لبسوا العمائم وركبوا عجلات (المرسيدس) و(السوبر) فهؤلاء ليس لنا معهم كلام، و الله
حسيبهم على ما اقترفوا ويقترفون في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله
بقلب سليم.
والحمد
لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
عبد الله بن سبأ
إن الشائع
عندنا - معاشر الشيعة - أن عبد الله بن سبأ شخصية وهمية لا حقيقة لها، اخترعها أهل
السنة من أجل الطعن بالشيعة ومعتقداتـهم، فنسبوا إليه تأسيس التشيع، ليصدوا الناس عنهم
وعن مذهب أهل البيت.
(( إن
ابن سبأ خرافة وضعها الأمويون والعباسيون حقداً على آل البيت الأطهار، فينبغي للعاقل
أن لا يشغل نفسه بـهذه الشخصية )).
ولكني
وجدت في كتابه المعروف (أصل الشيعة وأصولها) ص40-41 ما يدل على وجود هذه الشخصية وثبوتـها
حيث قال: " أما عبد الله بن سبأ الذي يلصقونه بالشيعة أو يلصقون الشيعة به، فهذه
كتب الشيعة بأجمعها تعلن بلعنه والبراءة منه..".
ولا
شك أن هذا تصريح بوجود هذه الشخصية، فلما راجعته في ذلك قال: إنا قلنا هذا تقية، فالكتاب
المذكور مقصود به أهل السنة، ولهذا اتبعت قولي المذكور بقولي بعده: "على أنه ليس
من البعيد رأي القائل أن عبد الله بن سبأ (وأمثاله) كلها أحاديث خرافة وضعها القصاصون
وأرباب السمر المجوف".
وعبد
الله بن سبأ هو أحد الأسباب التي ينقم من أجلها أغلب الشيعة على أهل السنة. ولا شك
أن الذين تحدثوا عن ابن سبأ من أهل السنة لا يحصون كثرة ولكن لا يعول الشيعة عليهم
لأجل الخلاف معهم.
بيد
أننا إذا قرأنا كتبنا المعتبرة نجد أن ابن سبأ شخصية حقيقية وإن أنكرها علماؤنا أو
بعضهم. وإليك البيان:
- عن
أبي جعفر رحمه الله : ((أن عبد الله بن سبأ كان يدعي النبوة ويزعم أن أمير المؤمنين
هو الله - تعالى عن ذلك - فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه الرضوان فدعاه وسأله فأقر بذلك
وقال: نعم أنت هو، وقد كان قد ألقى في روعي أنت الله وأني نبي، فقال أمير المؤمنين
عليه الرضوان: ويلك قد سخر منك الشيطان، فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب، فأبى، فحبسه،
واستتابه ثلاثة أيام، فلم يتب، فأحرقه بالنار وقال: "إن الشيطان استهواه، فكان
يأتيه ويلقي في روعه ذلك")) .
وعن
أبي عبد الله أنه قال: (( لعن الله عبد الله بن سبأ، إنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين
عليه الرضوان ، وكان والله أمير المؤمنين عليه السلام عبداً لله طائعاً، الويل لمن
كذب علينا، وإن قوماً يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا نبرأ إلى الله منهم، نبرأ
إلى الله منهم)، (معرفة أخبار الرجال للكشي (70-71) ، وهناك روايات أخرى.
- و
قال المامقاني: (( عبد الله بن سبأ الذي رجع إلى الكفر وأظهر الغلو) وقال: (غال ملعون،
حرقه أمير المؤمنين عليه السلام بالنار، وكان يزعم أن علياً إله، وأنه نبي)) (تنقيح المقال في علم الرجال)، (2/183،
184).
و حكى
جماعة من أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً وكان يقول وهو
على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى عليه السلام بـهذه المقالة، فقال في إسلامه في
علي بن أبي طالب بمثل ذلك، وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي عليه السلام وأظهر
البراءة من أعدائه .. فمن هنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية)
(فرق الشيعة32-44 ).
فهذه
نصوص من مصادر معتبرة ومتنوعة بعضها في الرجال وبعضها في الفقه والفرق، تثبت وجود شخصية
اسمها عبد الله بن سبأ، فلا يمكننا بعد نفي وجودها خصوصاً وإن أمير المؤمنين عليه الرضوان
قد أنزل بابن سبأ عقاباً على قوله فيه بأنه إله، وهذا يعني أن أمير المؤمنين عليه الرضوان
قد التقى عبد الله بن سبأ وكفى بأمير المؤمنين حجة فلا يمكن بعد ذلك إنكار وجوده.
نستفيد من النصوص المتقدمة ما يأتي :
1- إثبات
وجود شخصية ابن سبأ ووجود فرقة تناصره وتنادي بقوله، وهذه الفرقة تعرف بالسبئية.
2- إن
ابن سبأ هذا كان يهودياً فأظهر الإسلام ، وهو وإن أظهر الإسلام إلا أن الحقيقة أنه
بقي على يهوديته، وأخذ يبث سمومه من خلال ذلك.
3- إنه
هو الذي أظهر الطعن في أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة، وكان أول من قال بذلك، وهو أول
من قال بإمامة أمير المؤمنين عليه الرضوان ، وهو الذي قال بأنه عليه السلام وصى النبي
صلى الله عليه وآله، وأنه نقل هذا القول عن اليهودية، وأنه ما قال هذا إلا محبة لأهل
البيت ودعوة لولايتهم، والتبرؤ من أعدائهم -وهم الصحابة ومن ولاهم بزعمه-.
إذن
شخصية عبد الله بن سبأ حقيقة لا يمكن تجاهلها أو إنكارها، ولهذا ورد التنصيص عليها
وعلى وجودها في كتبنا ومصادرنا المعتبرة .
فالعجب
كل العجب من فقهائنا أمثال المرتضى العسكري والسيد محمّد جواد مغنية وغيرهما في نفي
وجود هذه الشخصية ، ولا شك أن قولهم ليس فيه شيء من الصحة.
الحقيقة في انتساب الشيعة لأهل البيت
إن من
الشائع عندنا معاشر الشيعة، اختصاصنا بأهل البيت، فالمذهب الشيعي كله قائم على محبة
أهل البيت - حسب رأينا- إذ الولاء و البراء مع العامة -وهم أهل السنة- بسبب أهل البيت،
والبراءة من الصحابة وفي مقدمتهم الخلفاء الثلاثة وعائشة بنت أبي بكر بسبب الموقف من
أهل البيت، والراسخ في عقول الشيعة جميعاً صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، ذكرهم وأنثاهم،
أن الصحابة ظلموا أهل البيت، وسفكوا دماءهم واستباحوا حرماتـهم.
وإن
أهل السنة ناصبوا أهل البيت العداء، ولذلك لا يتردد أحدنا في تسميتهم بالنواصب، ونستذكر
دائماً دم الحسين الشهيد رضي الله عنه ، ولكن كتبنا المعتبرة عندنا تبين لنا الحقيقة
، إذ تذكر لنا تذمر أهل البيت صلوات الله عليهم من شيعتهم، وتذكر لنا ما فعله الشيعة
الأوائل بأهل البيت، و تذكر لنا من الذي سفك دماء أهل البيت عليهم السلام، ومن الذي
تسبب في مقتلهم واستباحة حرماتـهم.
قال
أمير المؤمنين عليه السلام : ((لو ميزت شيعتي لما وجدتـهم إلا واصفة، ولو امتحنتهم
لما وجدتـهم إلا مرتدين، ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد)) (الكافي/الروضة
8/338).
وقال
الإمام الحسين عليه السلام في دعائه على شيعته:
((اللهم
إن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترض الولاة عنهم أبداً،
فإنـهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلونا)) (الإرشاد للمفيد 241).
وقال
الحسن عليه السلام :
(( أرى
والله معاوية خيراً لي من هؤلاء يزعمون أنـهم لي شيعة، ابتغوا قتلي وأخذوا مالي، والله
لأن آخذ من معاوية ما أحقن به من دمي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني فيضيع أهل
بيتي، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوا بي إليه سلماً، ووالله لأن أسالمه
وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير)) (الاحتجاج 2/10).
وقال
الإمام زين العابدين عليه السلام لأهل الكوفة:
((هل
تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق ثم قاتلتموه
وخذلتموه .. بأي عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول لكم: قاتلتم
عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمتي)) (الاحتجاج 2/32).
وقال
أيضاً عنهم:
((إن
هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم؟)) (الاحتجاج 2/29).
وقال
الباقر عليه السلام:
((لو
كان الناس كلهم لنا شيعة لكان ثلاثة أرباعهم بنا شكاكاً والربع الآخر أحمق)) (رجال
الكشي 79).
وقال
الصادق عليه السلام:
((أما
والله لو أجد منكم ثلاثة مؤمنين يكتمون حديثي ما استحللت أن أكتمهم حديثاً)) (أصول
الكافي 1/496).
وهذه
النصوص تبين لنا من هم قتلة الحسين الحقيقيون، إنـهم شيعته أهل الكوفة، أي أجدادنا،
فلماذا نحمل أهل السنة مسؤولية مقتل الحسين عليه الرضوان ؟!
ولهذا
قال السيد محسن الأمين:
((بايع
الحسين من أهل العراق عشرون ألفاً، غدروا به وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم، وقتلوه)
(أعيان الشيعة/القسم الأول 34)).
نستفيد من هذه النصوص وقد - أعرضنا عن كثير غيرها- ما يأتي:
- ملل
وضجر أمير المؤمنين وذريته من شيعتهم أهل الكوفة لغدرهم ومكرهم وتخاذلهم.
- تخاذل
أهل الكوفة وغدرهم تسبب في سفك دماء أهل البيت واستباحة حرماتـهم.
- إن
أهل البيت عليهم الرضوان يحملون شيعتهم مسؤولية مقتل الحسين رضي الله عنه ومن معه وقد اعترف أحدهم برده على فاطمة الصغرى
بأنـهم هم الذين قتلوا علياً وبنيه وسبوا نساءهم كما قدمنا لك.
لقد
قرأت هذه النصوص مراراً، وفكرت فيها كثيراً، ونقلتها في ملف خاص وسهرت الليالي ذوات
العدد أنعم النظر فيها -وفي غيرها الذي بلغ أضعاف أضعاف ما نقلته لك- فلم أنتبه لنفسي
إلا وأنا أقول بصوت مرتفع: كان الله في عونكم يا أهل البيت على ما لقيتم من شيعتكم.
نحن
نعلم جميعاً ما لاقاه أنبياء الله ورسله عليهم السلام من أذى أقوامهم، وما لاقاه نبينا
صلى الله عليه وآله ، ولكني عجبت من اثنين ، من موسى عليه السلام وصبره على بني إسرائيل،
إذ نلاحظ أن القرآن الكريم تحدث عن موسى عليه السلام أكثر من غيره، وبين صبره على أكثر
أذى بني إسرائيل ومراوغاتـهم وحبائلهم ودسائسهم.
وأعجب
من أهل البيت عليهم الرضوان على كثرة ما لقوه من أذى من أهل الكوفة وعلى عظيم صبرهم
على أهل الكوفة مركز الشيعة، على خيانتهم لهم وغدرهم بـهم وقتلهم لهم وسلبهم أموالهم،
وصبر أهل البيت على هذا كله، ومع هذا نلقي باللائمة على أهل السنة ونحملهم المسؤولية!.
وعندما
نقرأ في كتبنا المعتبرة نجد فيها عجباً عجاباً ، قد لا يصدق أحدنا إذا قلنا : إن كتبنا
معاشر الشيعة -تطعن بأهل البيت عليهم السلام وتطعن بالنبي صلى الله عليه وآله- وإليك
البيان:
نقل
الصدوق عن الرضا عليه السلام في قوله تعالى: { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي
فِي نِفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب:37]، قال الرضا مفسراً هذه الآية:
(( إن
رسول الله صلى الله عليه وآله قصد دار زيد بن حارثة في أمر أراده ، فرأى امرأته زينب
تغتسل فقال لها: سبحان الذي خلقك)) (عيون أخبار الرضا 112).
فهل
ينظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى امرأة رجل مسلم ويشتهيها ويعجب بـها ثم يقول
لها سبحان الذي خلقك؟!، أليس هذا طعناً برسول الله صلى الله عليه وآله؟!.
وعن
أمير المؤمنين أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده أبو بكر وعمر ((فجلست بينه
وبين عائشة ، فقالت عائشة: ما وجدت إلا فخذي وفخذ رسول الله؟ فقال : مه يا عائشة))
(البرهان في تفسير القرآن 4/225).
و جاء
مرة أخرى فلم يجد مكاناً فأشار إليه رسول الله: ههنا -يعني خلفه - وعائشة قائمة خلفه
وعليها كساء: فجاء علي عليه السلام فقعد بين رسول الله وبين عائشة، فقالت وهي غاضبة:
(( ما وجدت لاستك - دبرك أو مؤخرتك- موضعاً غير حجري ؟ فغضب رسول الله وقال: يا حميراء
لا تؤذيني في أخي)) (كتاب سليم بن قيس 179).
وروى
المجلسي أن أمير المؤمنين قال: ((سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وآله، ليس له خادم
غيري، وكان له لحاف ليس له غيره، ومعه عائشه، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله ينام
بيني وبين عائشة ليس علينا ثلاثتنا لحاف غيره، فإذا قام إلى الصلاة - صلاة الليل- يحط
بيده اللحاف من وسطه بيني وبين عائشة حتى يمس اللحاف الفراش الذي تحتنا )) (بحار الأنوار
40/2).
هل يرضى
رسول الله صلى الله عليه وآله أن يجلس علي في حجر عائشة امرأته ؟ ألا يغار رسول الله
صلى الله عليه وآله على امرأته وشريكة حياته إذا تركها في فراش واحد مع ابن عمه الذي
لا يعتبر من المحارم ؟ ثم كيف يرتضي أمير المؤمنين ذلك لنفسه ؟!.
قال السيد علي غروي أحد أكبر العلماء في الحوزة: ((إن النبي صلى الله عليه
وآله لا بد أن يدخل فرجه النار، لأنه وطئ بعض المشركات)) . يريد بذلك زواجه من عائشة
وحفصة، وهذا كما هو معلوم فيه إساءة إلى النبي صلى الله عليه وآله، لأنه لو كان فرج
رسول الله صلى الله عليه وآله يدخل النار فلن يدخل الجنة أحد أبداً.
أكتفي
بـهذه الروايات المتعلقة برسول الله صلوات الله عليه لأنتقل إلى غيرها.
فقد
أوردوا روايات في أمير المؤمنين رضي الله عنه هذه بعضها:
ـ عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: (( أتى عمر بامرأة قد تعلقت برجل من الأنصار كانت تـهواه
، فأخذت بيضة وصبت البياض على ثيابـها وبين فخذيها فقام علي فنظر بين فخذيها فاتـهمها))
(بحار الأنوار 40/303).
و نحن
نتساءل هل ينظر أمير المؤمنين بين فخذي امرأة أجنبية ؟ وهل يعقل أن ينقل الإمام الصادق
هذا الخبر؟ وهل يقول هذا الكلام رجل أحب أهل البيت؟
ـ وعن
أبي عبد الله عليه السلام قال: قامت امرأة شنيعة إلى أمير المؤمنين وهو على المنبر
فقالت: هذا قاتل الأحبة ، فنظر إليها وقال لها:
(يا
سلفع يا جريئة يا بذيّة يا مذكرّة يا التي لا تحيض كما تحيض النساء يا التي علي منها
شيء بين مدلى) (البحار 41/293).
فهل
يتلفظ أمير المؤمنين بمثل هذا الكلام البذيء ؟ هل يخاطب امرأة بقوله يا التي علي منها
شيء بين مدلى؟ وهل ينقل الصادق عليه السلام مثل هذا الكلام الباطل؟ لو كانت هذه الروايات
في كتب أهل السنة لأقمنا الدنيا ولم نقعدها، و لفضحناهم شر فضيحة، ولكن في كتبنا نحن
الشيعة!
نكتفي
بـهذا القدر لننتقل إلى روايات تتعلق بفاطمة رضوان الله عليها.
ـ روى
الكليني في الفروع أنـها سلام الله عليها ما كانت راضية بزواجها من علي رضي الله
عنه إذ دخل عليها أبوها عليه السلام وهي تبكي فقال لها: ما يبكيك؟ فوالله لو كان في
أهلي خير منه ما زوجتكه، وما أنا زوجتك ولكن الله زوجك ، ولما دخل عليها أبوها صلوات
الله عليه ومعه بريده: لما أبصرت أباها دمعت عيناها، قال ما يبكيك يا بنيتي؟ قالت:
(قلة الطعم، وكثرة الهم، وشدة الغم، وقالت في رواية: والله لقد اشتد حزني واشتدت فاقتي
وطال سقمي)) (كشف الغمة 1/149-150) وقد وصفوا علياً رضي الله عنه وصفاً جامعاً فقالوا:
(كان عليه السلام أسمر مربوعاً، وهو إلى القصر أقرب، عظيم البطن، دقيق الأصابع، غليظ
الذراعين حَمِش الساقين في عينه لين عظيم اللحية أصلع، ناتئ الجبهة) (مقاتل الطالبين
27).
فإذا كانت هذه أوصاف أمير المؤمنين كما يقولون فكيف يمكن أن ترضى به؟
نقل
الكليني في الأصول من الكافي : ... أن فاطمة حملت الحسين كرهاً .. ووضعته كرهاً ولم
يرضع الحسين من فاطمة رضي الله عنها ولا من أنثى ! ، كان يؤتى بالنبي صلى الله عليه
وآله فيضع إبـهامه في فيه فيمص ما يكفيه اليومين والثلاثة)) .
ولست
أدري هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يرد أمراً بشره الله به ؟ وهل كانت الزهراء
رضي الله عنها عليها ترد أمراً قد قضاه الله وأراد تبشيرها به فتقول: (لا حاجة لي به)؟.
وهل حملت بالحملين وهي كارهة له ووضعته وهي كارهة له؟ وهل امتنعت عن ارضاعه حتى كان
يؤتى بالنبي صلوات الله عليه ليرضعه من إبـهامه ما يكفيه اليومين والثلاثة؟
و في
جلسة ضمت عدداً من السادة وطلاب الحوزة العلمية تحدث الإمام الخوئي فيها عن موضوعات
شتى ثم ختم كلامه بقوله: قاتل الله الكفرة. قلنا: من هم؟ قال: النواصب -أهل السنة-
يسبون الحسين عليه السلام بل يسبون أهل البيت!!.
ماذا
أقول للإمام الخوئي؟!
لما
زوج أمير المؤمنين عليه السلام ابنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب ، نقل أبو جعفر الكليني
عن أبي عبد الله رحمه الله أنه قال في ذلك الزواج: (إن ذلك فرج غصبناه!!!) (فروع الكافي
2/141).
ونسأل
قائل هذا الكلام: هل تزوج عمر أم كلثوم زواجاً شرعياً أم اغتصبها غصباً؟ إن الكلام
المنسوب إلى الصادق رحمه الله واضح المعنى ، فهل يقول أبو عبد الله مثل هذا الكلام
الباطل عن ابنة المرتضى رحمه الله؟
ثم لو
كان عمر اغتصب أم كلثوم فكيف رضي أبوها أسد الله وذو الفقار وفتى قريش بذلك؟!.
عندما
نقرأ في الروضة من الكافي (8/101)، في حديث أبي بصير مع المرأة التي جاءت إلى أبي عبد
الله تسأل عن (أبي بكر وعمر) فقال لها: توليهما، قالت: فأقول لربي إذا لقيته أنك أمرتني
بولايتهما؟ قال: نعم.
فهل
الذي يأمر بتولي عمر نتهمه بأنه اغتصب امرأة من أهل البيت؟؟
لما
سألت الإمام الخوئي عن قول أبي عبد الله للمرأة بتولي أبي بكر وعمر، قال: إنما قال
لها ذلك تقية!!.
وأقول
للإمام الخوئي: إن المرأة كانت من شيعة أهل البيت ، وأبو بصير من أصحاب الصادق رحمه
الله فما كان هناك موجب للقول بالتقية لو كان
ذلك صحيحاً ، فالحق إن هذا التبرير الذي قال به أبو القاسم الخوئي غير صحيح.
وأما
الحسن رضي الله عنه فقد روى المفيد في الإرشاد عن أهل الكوفة أنـهم: شدوا على فسطاطه
وانتهبوه حتى أخذوا مصلاه من تحته فبقى جالساً متقلداً السيف بغير رداء) (ص190) أيبقى
الحسن رضي الله عنه بغير رداء مكشوف العورة
أمام الناس؟ أهذه محبة؟.
ودخل
سفيان بن أبي ليلى على الحسن رضي الله عنه وهو في داره فقال للإمام الحسن: (السلام
عليك يا مذل المؤمنين! قال وما علمك بذلك؟ قال: عمدت إلى أمر الأمة فخلعته من عنقك،
وقلدته هذه الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله؟) (رجال الكشي 103).
هل كان
الحسن رضي الله عنه مذلاً للمؤمنين؟ أم أنه كان معزاً لهم لأنه حقن دمائهم ووحد صفوفهم
بتصرفه الحكيم ونظره الثاقب؟
فلو أن الحسن رضي الله عنه حارب معاوية وقاتله على الخلافة
لأريق بحر من دماء المسلمين، ولقتل منهم عدد لا يحصيه إلا الله تبارك وتعالى، ولمزقت
الأمة تمزيقاً ولما قامت لها قائمة من ذلك الوقت.
وللأسف
فإن هذا القول ينسب إلى أبي عبد الله رحمه الله ووالله إنه لبريء من هذا الكلام وأمثاله.
وأما
الإمام الصادق فقد ناله منهم شتى أنواع الأذى ونسبوا إليه كل قبيح، اقرأ معي هذا النص:
عن زرارة
قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التشهد .. قلت التحيات والصلوات .. فسألته
عن التشهد فقال كمثله، قال: التحيات والصلوات، فلما خرجت ضرطت في لحيته وقلت: لا يفلح
أبداً) (رجال الكشي 142).
حق لنا
أن نبكي دماً على الإمام الصادق عليه السلام نعم ..كلمة قذرة كهذه تقال في حق الإمام
أبي عبد الله؟ أيضرط زرارة في لحية أبي عبد الله عليه السلام؟! أيقول عن الصادق عليه
السلام لا يفلح أبداً؟؟
لقد
مضى على تأليف كتاب الكشي عشرة قرون، وتداولته أيدي علماء الشيعة كلهم على اختلاف فرقهم،
فما رأيت أحداً منهم اعترض على هذا الكلام أو أنكره أو نبه عليه، وحتى الإمام الخوئي،
لما شرع في تأليف كتابه الضخم (معجم رجال الحديث) فإني كنت أحد الذين ساعدوه في تأليف
هذا السفر وفي جمع الروايات من بطون الكتب، لما قرأنا هذه الرواية على مسمعه أطرق قليلاً،
ثم قال: لكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة، ما زاد على ذلك، ولكن أيها الإمام الجليل إن
الهفوة تكون بسبب غفلة أو خطأ غير مقصود، إن قوة العلاقة بك إذا كنت لك بمنـزلة الولد
للوالد، وكنت مني بمنـزلة الوالد لولده تحتم علي أن أحمل كلامك على حسن النية وسلامة
الطوية وإلا لما كنت أرضى منك السكوت على هذه الإهانة على الإمام الصادق أبي عبد الله
رحمه الله .
إذا
أردنا أن نستقصي ما قيل في أهل البيت جميعاً فإن الكلام يطول بنا إذ لم يسلم واحد منهم
من كلمة نابية أو عبارة قبيحة أو عمل شنيع فقد نسبت إليهم أعمال شنيعة كثيرة وفي أمهات
مصادرنا وسيأتيك شيء من ذلك في فصل قادم.
إقرأ معي هذه الرواية:
عن أبي
عبد الله عليه السلام: ( كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا ينام حتى يقبل عرض وجه
فاطمة) (بحار الأنوار 43/42).
(وكان
يضع وجهه الكريم بين ثديي فاطمة عليها السلام) (بحار الأنوار 43/78).
إن فاطمة رضوان الله عليها امرأة بالغة فهل يعقل أن يضع رسول الله وجهه
بين ثدييها؟! فإذا كان هذا نصيب رسول الله صلوات الله عليه ونصيب فاطمة فما نصيب غيرهما؟
لقد شكوا في الإمام محمّد القانع هل هو ابن الرضا أم أنه ابن ...؟.
ولقبوا
جعفراً بجعفر الكذاب فسبوه وشتموه مع أنه أخو الحسن العسكري فقال الكليني: (هو معلن
الفسق فاجر، ماجن شريب للخمور أقل ما رأيته من الرجال وأهتكهم لنفسه، خفيف قليل في
نفسه) (أصول الكافي 1/504).
فهل
في أهل البيت رضوان الله عليهم شريب خمر؟! أو فاسق؟ أو فاجر؟
إذا
أردنا أن نعرف تفاصيل أكثر فعلينا أن نقرأ المصادر المعتبرة عندنا لنعرف ماذا قيل في
حق الباقين منهم عليهم السلام، ولنعرف كيف قتلت ذرياتـهم الطاهرة وأين قتلوا؟ ومن الذين
قتلهم؟
لقد
قتل عدد كبير منهم في ضواحي بلاد فارس بأيدي أناس من تلك المناطق، ولولا أني أخشى الإطالة
أكثر مما ذكرت، لذكرت أسماء من أحصيته منهم وأسماء من قتلهم، ولكن أحيل القارئ الكريم
إلى كتاب مقاتل الطالبين للأصفهاني فإنه كفيل ببيان ذلك.
وأعلم
أن أكثر من تعرض للطعن والغمز واللمز الإمامان محمّد الباقر وابنه جعفر الصادق عليهما
السلام وعلى آبائهما، فقد نسبت إليهم أغلب المسائل كالقول بالتقية والمتعة واللواطة
بالنساء وإعارة الفرج و.. و.. إلخ
وهما
سلام الله عليهما بريئان من هذا كله.
المتعة وما يتعلق بها
كنت
أود أن أجعل عنوان هذا الفصل (المرأة عند الشيعة) لكني عدلت عن ذلك لأني رأيت أن كل
الروايات التي روتـها كتبنا تنسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وإلى أمير المؤمنين
وأبي عبد الله رحمه الله وغيرهما من الأئمة.
فما
أردت أن يصيب الأئمة عليهم الرضوان أي طعن لأن في تلك الروايات من قبيح الكلام ما لا
يرضاه أحدنا لنفسه فكيف يرضاه لرسول الله صلى الله عليه وآله وللأئمة عليهم السلام.
لقد
استغلت المتعة أبشع استغلال، وأهينت المرأة شر إهانة، وصار الكثيرون يشبعون رغباتـهم
الجنسية تحت ستار المتعة وباسم الدين، عملاً بقوله تعالى: { فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ
بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء:24]، لقد أوردوا روايات
في الترغيب بالمتعة، وحددوا أو رتبوا عليها الثواب وعلى تاركها العقاب، بل اعتبروا
كل من لم يعمل بـها ليس مسلماً. اقرأ معي هذه النصوص:
قال
النبي صلى الله عليه وآله : (( من تمتع بامرأة مؤمنة كأنما زار الكعبة سبعين مرة ))
فهل الذي يتمتع كمن زار الكعبة سبعين مرة؟ وبمن؟ بامرأة مؤمنة؟ وروى الصدوق عن الصادق
عليه الرضوان قال: (( إن المتعة ديني ودين آبائي فمن عمل بـها
عمل بديننا، ومن أنكرها أنكر ديننا، واعتقد بغير ديننا)) (من لا يحضره الفقيه
3/366) .
وهذا تكفير لمن لم يقبل بالمتعة.
وقيل
لأبي عبد الله عليه السلام: هل للمتمتع ثواب؟ قال: (إن كان يريد بذلك وجه الله لم يكلمها
كلمة إلا كتب الله له بـها حسنة، فإذا دنا منها غفر الله له بذلك ذنباً، فإذا اغتسل
غفر الله له بقدر ما مر من الماء على شعره) (من لا يحضره الفقيه 3/366).
وقال
النبي صلى الله عليه وآله: (من تمتع مرة أمن سخط الجبار، ومن تمتع مرتين حشر مع الأبرار،
ومن تمتع ثلاث مرات زاحمني في الجنان) (من لا يحضره الفقيه 3/366)
وروى
السيد فتح الله الكاشاني في تفسير منهج الصادقين عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
من تمتع مرة كانت درجته كدرجة الحسين عليه السلام، ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن
عليه السلام، ومن تمتع ثلاث مرات كانت درجته كدرجة علي بن أبي طالب عليه السلام ومن
تمتع أربع فدرجته كدرجتي).
لو فرضنا أن رجلاً قذراً تمتع مرة أفتكون درجته كدرجة الحسين عليه السلام؟
وإذا تمتع مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً كانت درجة الحسن وعلي والنبي عليهم السلام؟ أمنـزلة
النبي صلوات الله عليه ومنـزلة الأئمة هينة إلى هذا الحد؟!
وحتى
ولو كان المتمتع هذا قد بلغ في الإيمان مرتبة عالية أيكون كدرجة الحسين؟ أو أخيه؟ أو
أبيه أو جده؟
إن مقام
الحسين أسمى وأعلى من أن يبلغه أحد مهما كان قوي الإيمان، ودرجة الحسن وعلي والنبي
عليهم السلام جميعاً لا يبلغها أحد مهما سما وعلا إيمانه.
لقد
أجازوا التمتع حتى بالهاشمية كما روى ذلك الطوسي في (التهذيب 2/193).
ولا
يشترط أن تكون المتمتع بـها بالغة راشدة، بل قالوا يمكن التمتع بمن في العاشرة من العمر
ولهذا روى الكليني في (الفروع 5/463)، والطوسي في (التهذيب 7/255)، أنه قيل لأبي عبد
الله عليه السلام:
(الجارية
الصغيرة هل يتمتع بـها الرجل؟ فقال: نعم إلا أن تكون صبية تخدع. قيل: وما الحد الذي
إذا بلغته لم تخدع؟ قال: عشر سنين).
لما
كان الإمام الخميني مقيماً في العراق كنا نتردد إليه ونطلب منه العلم حتى صارت علاقتنا
معه وثيقة جداً، وقد اتفق مرة أن وجهت إليه دعوة من مدينة تلعفر وهي مدينة تقع غرب
الموصل على مسيرة ساعة ونصف تقريباً بالسيارة، فطلبني للسفر معه فسافرت معه، فاستقبلونا
وأكرمونا غاية الكرم مدة بقائنا عند إحدى العوائل الشيعية المقيمة هناك، وقد قطعوا
عهداً بنشر التشيع في تلك الأرجاء وما زالوا يحتفظون بصورة تذكارية لنا تم تصويرها
في دارهم.
ولما
انتهت مدة السفر رجعنا، وفي طريق عودتنا ومرورنا في بغداد أراد الإمام أن نرتاح من
عناء السفر، فأمر بالتوجه إلى منطقة العطيفية حيث يسكن هناك رجل إيراني الأصل يقال
له سيد صاحب، كانت بينه وبين الإمام معرفة قوية.
فرح
سيد صاحب بمجيئنا، وكان وصولنا إليه عند الظهر، فصنع لنا غداء فاخراً واتصل ببعض أقاربه
فحضروا وازدحم منـزله احتفاء بنا، وطلب سيد صاحب إلينا المبيت عنده تلك الليلة فوافق
الإمام، ثم لما كان العشاء أتونا بالعشاء، وكان الحاضرون يقبلون يد الإمام ويسألونه
ويجيب عن أسئلتهم، ولما حان وقت النوم وكان الحاضرون قد انصرفوا إلا أهل الدار، أبصر الإمام الخميني صبية بعمر أربع سنوات أو خمس ولكنها جميلة جداً،
فطلب الإمام من أبيها سيد صاحب إحضارها للتمتع بـها فوافق أبوها بفرح بالغ، فبات الإمام
الخميني والصبية في حضنه ونحن نسمع بكاءها وصريخها.
المهم
أنه أمضى تلك الليلة فلما أصبح الصباح وجلسنا لتناول الإفطار نظر إلي فوجد علامات الإنكار
واضحة في وجهي؛ إذ كيف يتمتع بـهذه الطفلة الصغيرة وفي الدار شابات بالغات راشدات كان
بإمكانه التمتع بإحداهن فلم يفعل؟
فقال
لي: سيد حسين ما تقول في التمتع بالطفلة؟
قلت
له: سيد القول قولك، والصواب فعلك، وأنت إمام مجتهد، ولا يمكن لمثلي أن يرى أو يقول
إلا ما تراه أنت أو تقوله، -ومعلوم أني لا يمكنني الاعتراض وقتذاك-.
فقال:
سيد حسين؛ إن التمتع بـها جائز ولكن بالمداعبة والتقبيل والتفخيذ.
أما
الجماع فإنـها لا تقوى عليه.
وكان
الإمام الخميني يرى جواز التمتع حتى بالرضيعة فقال: (لا بأس بالتمتع بالرضيعة ضماً
وتفخيذاً -أي يضع ذكره بين فخذيها- وتقبيلاً) انظر كتابه (تحرير الوسيلة 2/241 مسألة
رقم 12).
جلست
مرة عند الإمام الخوئي في مكتبه، فدخل علينا شابان يبدوا أنـهما اختلفا في مسألة فاتفقا
على سؤال الإمام الخوئي ليدلهما على الجواب.
فسأله
أحدهما قائلاً: سيد ما تقول في المتعة أحلال هي أم حرام؟
نظر
إليه الإمام الخوئي وقد أوجس من سؤاله أمراً ثم قال له: أين تسكن؟ قال الشاب السائل:
أسكن الموصل وأقيم هنا في النجف منذ شهرين تقريباً.
قال
له الإمام: أنت سني إذن؟
قال
الشاب: نعم.
قال
الإمام: المتعة عندنا حلال وعندكم حرام.
فقال
له الشاب: أنا هنا منذ شهرين تقريباً غريب في هذه الديار فهلا زوجتني ابنتك لأتمتع
بـها ريثما أعود إلى أهلي؟
فحملق
فيه الإمام هنيهة ثم قال له: أنا سيد وهذا حرام على السادة وحلال عند عوام الشيعة.
ونظر
الشاب إلى السيد الخوئي وهو مبتسم ونظرته توحي أنه علم أن الخوئي قد عمل بالتقية.
ثم قاما
فانصرفا، فاستأذنت الإمام الخوئي في الخروج فلحقت بالشابين فعلمت أن السائل سني وصاحبه
شيعي اختلفا في المتعة أحلال أم حرام فاتفقا على سؤال المرجع الديني الإمام الخوئي،
فلما حادثت الشابين انفجر الشاب الشيعي قائلاً: يا مجرمين تبيحون لأنفسكم التمتع ببناتنا
وتخبروننا بأنه حلال وأنكم تتقربون بذلك إلى الله، وتحرمون علينا التمتع ببناتكم؟
وراح
يسب ويشتم، وأقسم أنه سيتحول إلى مذهب أهل السنة، فأخذت أهدئ به ثم أقسمت له أن المتعة
حرام وبينت له الأدلة على ذلك.
إن المتعة
كانت مباحة في العصر الجاهلي، ولما جاء الإسلام أبقى عليها مدة ثم حرمت يوم خيبر، لكن
المتعارف عليه عند الشيعة عند جماهير فقهائنا أن عمر بن الخطاب هو الذي حرمها، وهذا
ما يرويه بعض فقهائنا.
والصواب
في المسألة أنـها حرمت يوم خيبر.
قال
أمير المؤمنين سلام الله عليه:
(حرم
رسول الله صلى الله عليه وآله يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة) انظر (التهذيب
2/186)، (الاستبصار 2/142)، (وسائل الشيعة 14/441).
وما
كان لأبي عبد الله والأئمة من قبله ومن بعده أن يخالفوا أمر رسول الله صلوات الله عليه
أو أن يحلوا أمراً حرمه أو أن يتبدعوا شيئاً ما كان معروفاً في عهده عليه السلام.
وبذلك
يتبين أن الأخبار التي تحث على التمتع ما قال الأئمة منها حرفاً واحداً، بل افتراها
وتقولها عليهم أناس زنادقة أرادوا الطعن بأهل البيت الكرام والإساءة إليهم، وإلا بم
تفسر إباحتهم التمتع بالهاشمية وتكفيرهم لمن لا يتمتع؟
مع أن الأئمة عليهم الرضوان لم ينقل عن واحد منهم نقلاً ثابتاً
أنه تمتع مرة أو قال بحلية المتعة، أيكونون قد دانوا بغير دين الإسلام؟
فإذا
توضح لنا هذا ندرك أن الذين وضعوا تلك الأخبار هم قوم زنادقة أرادوا الطعن بأهل البيت
والأئمة عليهم الرضوان ، لأن العمل بتلك الأخبار فيه تكفير للأئمة .. فتنبه.
و إن المفاسد المترتبة على المتعة كبيرة ومتعددة الجوانب:
1- فهي
مخالفة للنصوص الشرعية لأنـها تحليل لما حرم الله.
2- لقد
ترتب على هذا اختلاق الروايات الكاذبة ونسبتها إلى الأئمة عليهم السلام مع ما في تلك
الروايات من مطاعن قاسية لا يرضاها لهم من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان.
3- ومن
مفاسدها إباحة التمتع بالمرأة المحصنة - أي المتزوجة- رغم أنـها في عصمة رجل دون علم
زوجها، وفي هذه الحالة لا يأمن الأزواج على زوجاتـهم فقد تتزوج المرأة متعة دون علم
زوجها الشرعي ودون رضاه، وهذه مفسدة ما بعدها مفسدة، انظر (فروع الكافي 5/463)، (تـهذيب
الأحكام 7/554)، (الاستبصار 3/145)، وليت شعري ما رأي الرجل وما شعوره إذا اكتشف أن
امرأته التي في عصمته متزوجة من رجل آخر غيره زواج متعة؟!
4- والآباء
أيضاً لا يأمنون على بناتـهم الباكرات إذ قد يتزوجن متعة دون علم آبائهن، وقد يفاجأ
الأب أن ابنته الباكر قد حملت، .. لم؟ كيف؟ لا يدري .. ممن؟ لا يدري أيضاً فقد تزوجت
من واحد فمن هو؟ لا أحد يدري لأنه تركها وذهب.
5- إن
أغلب الذين يتمتعون، يبيحون لأنفسهم التمتع ببنات الناس، ولكن لو تقدم أحد لخطبة بناتـهم
أو قريباتـهم فأراد أن يتزوجها متعة، لما وافق ولما رضي، لأنه يرى هذا الزواج أشبه
بالزنا وإن هذا عار عليه، وهو يشعر بـهذا من خلال تمتعه ببنات الناس فلا شك أنه يمتنع
عن تزويج بناته للآخرين متعة، أي أنه يبيح لنفسه التمتع ببنات الناس وفي المقابل يحرم
على الناس أن يتمتعوا ببناته.
إذا
كانت المتعة مشروعة أو أمراً مباحاً، فلم هذا التحرج في إباحة تمتع الغرباء ببناته
وقريباته؟
6- إن
المتعة ليس فيها إشهاد ولا إعلان ولا رضى ولي أمر المخطوبة ، ولا يقع شيء من ميراث
المتمتع للمتمتع بـها، إنما هي مستأجرة كما نسب ذلك القول إلى أبي عبد الله عليه السلام
فكيف يمكن إباحتها وإشاعتها بين الناس؟
7- إن المتعة فتحت المجال أمام الساقطين والساقطات من الشباب والشابات
في لصق ما عندهم من فجور بالدين، وأدى ذلك إلى تشويه صورة الدين والمتدينين.
وبذلك
يتبين لنا أضرار المتعة دينياً واجتماعياً وخلقياً، ولهذا حرمت المتعة ولو كان فيها
مصالح لما حرمت، ولكن لما كانت كثيرة المفاسد حرمها رسول الله صلى الله عليه وآله،
وحرمها أمير المؤمنين عليه الرضوان.
إن المتعة
التي أباحها فقهاؤنا تعطي الحق للرجل في أن يتمتع بعدد لا حصر له من النسوة، ولو بألف
امرأة وفي وقت واحد.
وكم
من متمتع جمع بين المرأة وأمها، وبين المرأة وأختها، وبين المرأة وعمتها أو خالتها
وهو لا يدري.
جاءتني
امرأة تستفسر مني عن حادثة حصلت معها، إذ أخبرتني أن أحد السادة وهو السيد حسين الصدر
كان قد تمتع بـها قبل أكثر من عشرين سنة فحملت منه، فلما أشبع رغبته منها فارقها، وبعد
مدة رزقت ببنت، وأقسمت أنـها حملت منه هو إذ لم يتمتع بـها وقتذاك أحد غيره.
وبعد
أن كبرت البنت وصارت شابة جميلة متأهلة للزواج، اكتشفت الأم أن ابنتها حبلى، فلما سألتها
عن سبب حملها، أخبرتـها البنت أن السيد المذكور استمتع بـها فحملت منه، فدهشت الأم
وفقدت صوابـها، إذ أخبرت ابنتها أن هذا السيد هو أبوها وأخبرتـها القصة، فكيف يتمتع
بالأم واليوم يأتي ليتمتع بابنتها التي هي ابنته هو؟
ثم جاءتني
مستفسرة عن موقف السيد المذكور منها ومن ابنتها التي ولدتـها منه.
إن الحوادث
من هذا النوع كثيرة جداً، فقد تمتع أحدهم بفتاة تبين له فيما بعد أنـها أخته من المتعة،
ومنهم من تمتع بامرأة أبيه.
وفي
إيراد الحوادث من هذا القبيل لا يستطيع أحد حصرها، وقد رأينا ذلك بقول الله تعالى:
{ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ
مِن فَضْلِهِ } [النور:23]، فمن لم يتمكن من الزواج الشرعي بسبب قلة ذات اليد فعليه
بالاستعفاف ريثما يرزقه الله من فضله كي يستطيع الزواج.
فلو
كانت المتعة حلالاً لما أمره بالاستعفاف والانتظار ريثما تتيسر أمور الزواج بل لأرشده
إلى المتعة كي يقضي وطره بدلاً من المكوث والتحرق بنار الشهوة.
وقال
الله تعالى: { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ
الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}
-إلى قوله- { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[النساء:25].
فأرشد
الذين لا يستطيعون الزواج لقلة ذات اليد أن يتزوجوا مما ملكت أيمانـهم، ومن عجز حتى
عن ملك اليمين؛ أمره بالصبر، ولو كانت المتعة حلالاً لأرشده إليها.
ولا
بد لنا أن ننقل نصوصاً أخرى عن الأئمة عليهم السلام في إثبات تحريم المتعة:
عن عبد
الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المتعة فقال: (لا تدنس نفسك بـها)
(بحار الأنوار 100/318).
وهذا
صريح في قول أبي عبد الله عليه السلام إن المتعة تدنس النفس ولو كانت حلالاً لما صارت
في هذا الحكم، ولم يكتف الصادق عليه السلام بذلك بل صرح بتحريمها:
عن عمار
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لي ولسليمان بن خالد: (قد حرمت عليكما المتعة)
(فروع الكافي 2/48)، (وسائل الشيعة 14/450).
وكان
عليه السلام يوبخ أصحابه ويحذرهم من المتعة فقال: أما يستحي أحدكم أن يرى موضع فيحمل
ذلك على صالحي إخوانه وأصحابه؟ (الفروع 2/44)، (وسائل الشيعة 1/450).
ولما
سأل علي بن يقطين أبا الحسن عليه السلام عن المتعة أجابه: (ما أنت وذاك؟ قد أغناك الله
عنها) (الفروع 2/43)، الوسائل (14/449).
نعم
إن الله تعالى أغنى الناس عن المتعة بالزواج الشرعي الدائم.
ولهذا
لم ينقل أن أحداً تمتع بامرأة من أهل البيت عليهم السلام، فلو كان حلالاً لفعلن، ويؤيد
ذلك أن عبد الله بن عمير قال لأبي جعفر عليه السلام: (يسرك أن نساءك وبناتك وأخواتك
وبنات عمك يفعلن؟ -أي يتمتعن- فأعرض عنه أبو جعفر عليه السلام حين ذكر نساءه وبنات
عمه) (الفروع 2/42)، (التهذيب 2/186)، وبـهذا يتأكد لكل مسلم عاقل أن المتعة حرام،
لمخالفتها لنصوص القرآن الكريم وللسنة ولأقوال الأئمة عليهم السلام.
والناظر
للآيات القرآنية الكريمة والنصوص المتقدمة في تحريم المتعة -إن كان طالباً للحق محباً
له- لا يملك إلا أن يحكم ببطلان تلك الروايات التي تحث على المتعة لمعارضتها لصريح
القرآن وصريح السنة المنقولة عن أهل البيت عليهم السلام ولما يترتب عليها من مفاسد
لا حصر لها بينا شيئاً منها فيما مضى.
إن من
المعلوم أن دين الإسلام جاء ليحث على الفضائل وينهى عن الرذائل، وجاء ليحقق للعباد
المصالح التي تستقيم بـها حياتـهم، ولا شك أن المتعة مما لا تستقيم بـها الحياة إن
حققت للفرد مصلحة واحدة -افتراضاً- فإنـها تسبب مفاسد جملة أجملناها في النقاط الماضية.
إن انتشار
العمل بالمتعة جر إلى إعارة الفرج، وإعارة الفرج معناها أن يعطي الرجل امرأته أو أمته
إلى رجل آخر فيحل له أن يتمتع بـها أو أن يصنع بـها ما يريد، فإذا ما أراد رجل ما أن
يسافر أودع امرأته عند جاره أو صديقه أو أي شخص كان يختاره، فيبيح له أن يصنع بـها
ما يشاء طيلة مدة سفره. والسبب معلوم حتى يطمئن الزوج على امرأته لئلا تزني في غيابه
(!!) وهناك طريقة ثانية لإعارة الفرج إذا نزل أحد ضيفاً عند قوم، وأرادوا إكرامه فإن
صاحب الدار يعير امرأته للضيف طيلة مدة إقامته عندهم، فيحل له منها كل شيء، وللأسف
يروون في ذلك روايات ينسبونـها إلى الإمام الصادق عليه السلام وإلى أبيه أبي جعفر سلام
الله عليه.
روى
الطوسي عن محمّد عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت:
(الرجل
يحل لأخيه فرج جاريته؟ قال: نعم لا بأس به له ما أحل له منها) (الاستبصار 3/136).
وروى
الكليني والطوسي عن محمّد بن مضارب قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: (يا محمّد
خذ هذه الجارية تخدمك وتصيب منها، فإذا خرجت فارددها إلينا) (الكافي؟)، (الفروع
2/200)، (الاستبصار 3/136).
قلت:
لو اجتمعت البشرية بأسرها فأقسمت أن الإمامين الصادق والباقر عليهما السلام قالا هذا
الكلام ما أنا بمصدق؟
إن الإمامين
سلام الله عليهما أجل وأعظم من أن يقولا مثل هذا الكلام الباطل، فلا يبيحا هذا العمل
المقزز الذي يتنافى مع الخلق الإسلامي الرفيع، بل هذه هي الدياثة، لا شك أن الأئمة
سلام الله عليهم ورثوا هذا العلم كابراً عن كابر فنسبة هذا القول وهذا العمل إليهما
إنما هو نسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فهو إذن تشريع إلهي.
في زيارتنا للهند ولقائنا بأئمة الشيعة هناك كالسيد النقوي وغيره مررنا
بجماعة من الهندوس وعبدة البقر والسيخ وغيرهم من أتباع الديانات الوثنية، وقرأنا كثيراً
فما وجدنا ديناً من تلك الأديان الباطلة يبيح هذا العمل ويحله لأتباعه.
فكيف يمكن لدين الإسلام أن يبيح مثل هذا العمل الخسيس الذي يتنافى مع أبسط
مقومات الأخلاق؟
إن الواجب
أن نحذر العوام من هذا الفعل الشنيع، وأن لا يقبلوا فتاوى السادة بإباحة هذا العمل
المقزز الذي كان للأصابع الخفية التي تعمل من وراء الكواليس الدور الكبير في دسه في
الدين ونشره بين الناس.
ولم
يقتصر الأمر على هذا، بل أباحوا اللواطة بالنساء ورووا أيضاً روايات نسبوها إلى الأئمة
سلام الله عليهم، فقد روى الطوسي عن عبد الله بن أبي اليعفور قال: (سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن الرجل يأتي المرأة من دبرها قال: لا بأس إذا رضيت، قلت: فأين قول الله
تعالى: { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ } فقال: هذا في طلب الولد، فاطلبوا
الولد من حيث أمركم الله، إن الله تعالى يقول: { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ
أَنَّى شِئْتُمْ } (الاستبصار 3/243).
وروى
الطوسي عن علي بن الحكم قال: سمعت صفوان يقول: قلت للرضا عليه السلام: (إن رجلاً من
مواليك أمرني أن أسألك عن مسألة فهابك واستحيى منك أن يسألك، قال: ما هي؟ قال: للرجل
أن يأتي امرأته في دبرها؟ قال: نعم ذلك له) المصدر السابق.
لا شك
أن هذه الأخبار معارضة لنص القرآن، إذ يقول الله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ
قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى
يَطْهُرْنَ} [البقرة:222] ، فلو كان إتيان الدبر
مباحاً لأمر اعتزال الفرج فقط ولقال (فاعتزلوا فروج النساء في المحيض).
ولكن
لما كان الدبر محرماً إتيانه أمر باعتزال الفروج والأدبار في محيض النساء بقوله: { وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ }.
ثم بين
الله تعالى بعد ذلك من أين يأتي الرجل امرأته فقال تعالى: { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ
مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ } [البقرة:222].
والله
تعالى أمر بإتيان الفروج فقال: { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ
أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:223]، والحرث هو موضع طلب الولد.
إن إتيان النساء في أدبارهن لم يقل به إلا الشيعة وبالذات الإمامية الاثنا
عشرية.
و اعلم
أن جميع السادة في حوزة النجف والحوزات الأخرى بل وفي كل مكان يمارسون هذا الفعل.
وكان
صديقنا الحجة السيد أحمد الوائلي يقول بأنه منذ أن اطلع على هذه الروايات بدأ ممارسة
هذا الفعل وقليلاً ما يأتي امرأة في قبلها.
وكلما
التقيت واحداً من السادة وفي كل مكان فإني أسأله في حرمة إتيان النساء في الأدبار أو
حله فيقول لي بأنه حلال ويذكر الروايات في حليتها منها الروايات التي تقدمت الإشارة
إليها.
ولم يكتفوا بإباحية اللواطة بالنساء بل أباح كثير منهم حتى اللواطة بالذكور
وبالذات المردان. كنا
أحد الأيام في الحوزة فوردت الأخبار بأن سماحة السيد عبدالحسين شرف الدين الموسوي قد
وصل بغداد، وسيصل إلى الحوزة ليلتقي سماحة الإمام آل كاشف الغطاء. وكان السيد شرف الدين
قد سطع نجمه عند عوام الشيعة وخواصهم، خاصة بعد أن صدر بعض مؤلفاته كالمراجعات، والنص
والاجتهاد.
ولما
وصل النجف زار الحوزة فكان الاحتفاء به عظيماً من قبل الكادر الحوزي علماء وطلاباً
وفي جلسة له في مكتب السيد آل كاشف الغطاء ضمت عدداً من السادة وبعض طلاب الحوزة، وكنت
أحد الحاضرين، وفي أثناء هذه الجلسة دخل شاب في عنفوان شبابه فسلم فرد الحاضرون السلام،
فقال للسيد آل كاشف الغطاء:
سيد
عندي سؤال، فقال له السيد: وجه سؤالك إلى السيد شرف الدين
-فأحاله
إلى ضيفه السيد شرف الدين تقديراً وإكراماً له-
قال
السائل: سيد أنا أدرس في لندن للحصول على الدكتوراه، وأنا ما زلت أعزب غير متزوج، وأريد
امرأة تعينني هناك -لم يفصح عن قصده أول الأمر- فقال له السيد شرف الدين:تزوج ثم خذ
زوجتك معك.
فقال
الرجل: صعب علي أن تسكن امرأة من بلادي معي هناك.
فعرف
السيد شرف الدين قصده فقال له: تريد أن تتزوج امرأة بريطانية إذن؟
قال
الرجل: نعم، فقال له شرف الدين: هذا لا يجوز، فالزواج باليهودية أو النصرانية حرام.
فقال
الرجل: كيف أصنع إذن؟
فقال
له السيد شرف الدين: ابحث عن مسلمة مقيمة هناك عربية أو هندية أو أي جنسية أخرى بشرط
أن تكون مسلمة.
فقال
الرجل: بحثت كثيراً فلم أجد مسلمات مقيمات هناك تصلح إحداهن زوجة لي، وحتى أردت أن
أتمتع فلم أجد، وليس أمامي خيار إما الزنا وإما الزواج وكلاهما متعذر علي.
أما
الزنا فإني مبتعد عنه لأنه حرام، وأما الزواج فمتعذر علي كما ترى وأنا أبقى هناك سنة
كاملة أو أكثر ثم أعود إجازة لمدة شهر، وهذا كما تعلم سفر طويل فماذا أفعل؟
سكت
السيد شرف الدين قليلاً ثم قال: إن وضعك هذا محرج فعلاً .. على أية حال أذكر أني قرأت
رواية للإمام جعفر الصادق عليه السلام، إذ جاءه رجل يسافر كثيراً ويتعذر عليه اصطحاب
امرأته أو التمتع في البلد الذي يسافر إليه بحيث أنه يعاني مثلما تعاني أنت، فقال له
أبو عبد الله عليه السلام: (إذا طال بك السفر فعليك بنكح الذكر)
هذا جواب سؤالك.
خرج
الرجل وعليه علامات الارتياب من هذا الجواب، وأما الحاضرون ومنهم السيد زعيم الحوزة
فلم ينبس أحد منهم ببنت شفة.
ضبط
أحد السادة في الحوزة وهو يلوط بصبي أمرد من الدارسين في الحوزة. وصل الخبر إلى أسماع
الكثيرين، وفي اليوم التالي بينما كان السيد المشار إليه يتمشى في الرواق، اقترب منه
سيد آخر من علماء الحوزة أيضاً- وكان قد بلغه الخبر -فخاطبه بالفصحى مازحاً: سيد ما
تقول في ضرب الحلق ـ يريد حلقة الدبر ـ ؟
فأجابه
السيد الأول بمزاح أشد قائلاً له وبالفصحى أيضاً: يستحسن إدخال الحشفة فقط، وقهقه الاثنان
بقوة ؟؟!!
ولا
حول ولا قوة إلا بالله.
الخمس
إن الخمس
استغل هو الآخر استغلالاً بشعاً من قبل الفقهاء والمجتهدين، وصار مورداً يدر على السادة
والمجتهدين أموالاً طائلة جداً، مع أن نصوص الشرع تدل على أن عوام الشيعة في حل من
دفع الخمس، بل هو مباح لهم لا يجب عليهم إخراجه، وإنما يتصرفون فيه كما يتصرفون في
سائر أموالهم ومكاسبهم، بل إن الذي يدفع الخمس للسادة والمجتهدين يعتبر آثماً لأنه
خالف النصوص التي وردت عن أمير المؤمنين وأئمة أهل البيت سلام الله عليهم.
وحتى
يقف القارئ اللبيب على حقيقة هذا الخمس وكيفية التصرف فيه سنستعرض موضوع الخمس وتطوره
تاريخياً، وندعم بذلك نصوص الشرع وأقوال الأئمة وفتاوى المجتهدين الذين يعتد بـهم ويعول
على كلامهم.
- عن
ضريس الكناني قال أبو عبد الله عليه السلام: من أين دخل على الناس الزنا؟
قلت
لا أدري جعلت فداك، قال من قبل خمسنا أهل البيت إلا شيعتنا الأطيبين فإنه محلل لهم
لميلادهم (أصول الكافي 2/502) شرح الشيخ مصطفى.
- عن
عمر بن يزيد قال: رأيت مسمعاً بالمدينة وقد كان حمل إلى أبي عبد الله تلك السنة مالا
فرده أبو عبد الله .. إلى أن قال: يا أبا سيار قد طيبناه لك، وأحللناك منه فضم إليك
مالك وكل ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون حتى يقوم قائمنا) (أصول الكافي
2/268).
- عن
يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل من القناطين فقال:
(جعلت فداك، تقع في أيدينا الأرباح والأموال والتجارات ونعرف أن حقكم فيها ثابت وإنا
عن ذلك مقصرون، فقال عليه السلام: ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك) (من لا يحضره الفقيه
2/23).
- عن
علي بن مهزيار أنه قال: قرأت في كتاب لأبي جعفر عليه السلام جاءه رجل يسأله أن يجعله
في حل من مأكله ومشربه من الخمس، فكتب عليه السلام بخطه: (من أعوزه شيء من حقي فهو
في حل) (من لا يحضره الفقيه 2/23).
- جاء
رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام، قال: أصبت مالاً أرمضت فيه أفلي توبة؟ قال: (اتني
بخمسي، فأتاه بخمسه، فقال عليه السلام: هو لك إن الرجل إذا تاب تاب ماله معه) (من لا
يحضره الفقيه 2/22).
فهذه
الروايات وغيرها كثير صريحة في إعفاء الشيعة من الخمس وإنـهم في حل من دفعه فمن أراد
أن يستخلصه لنفسه أو أن يأكله ولا يدفع منه لأهل البيت شيئاً فهو في حل من دفعه وله
ما أراد ولا إثم عليه، بل لا يجب عليهم الدفع حتى يقوم القائم كما في الرواية الثالثة.
ولو
كان الإمام موجوداً فلا يعطى له حتى يقوم قائم أهل البيت، فكيف يمكن إذن إعطاؤه للفقهاء
والمجتهدين؟!
وإني
أهيب بإخواني وأبنائي الشيعة أن يمتنعوا عن دفع أخماس مكاسبهم وأرباحهم إلى السادة
المجتهدين، لأنـها حلال لهم هم وليس للسيد أو الفقيه أي حق فيها، ومن أعطى الخمس إلى
المجتهد أو الفقيه فإنه يكون قد ارتكب إثماً لمخالفته لأقوال الأئمة إذ أن الخمس ساقط
عن الشيعة حتى يظهر القائم.
و إن فساد الإنسان يأتي من طريقين: الجنس والمال، وكلاهما متوافر للسادة.
فالفروج
والأدبار عن طريق المتعة وغيرها. والمال عن طريق الخمس وما يلقى في العتبات والمشاهد،
فمن منهم يصمد أمام هذه المغريات، وبخاصة إذا علمنا أن بعضهم ما سلك هذا الطريق إلا
من أجل إشباع رغباته في الجنس والمال؟؟!!.
الكتب السماوية
لا شك
عند المسلمين جميعهم أن القرآن هو الكتاب السماوي المنـزل من عند الله على نبي الإسلام
محمّد بن عبد الله صلوات الله عليه.
ولكن
كثرة قراءتي ومطالعتي في مصادرنا المعتبرة، أوقفتني على أسماء كتب أخرى يدعي فقهاؤها
أنـها نزلت على النبي صلوات الله عليه، وأنه اختص بـها أمير المؤمنين عليه السلام،
وهذه الكتب هي:
1- الجامعة:
عن أبي
بصير عن أبي عبد الله قال: أنا محمد، وإن عندنا الجامعة، وما يدريهم ما الجامعة؟!
قال:
قلت: جعلت فداك وما الجامعة؟.
قال:
صحيفة طولها سبعون ذارعاً بذراع رسول الله صلى الله عليه وآله وإملائه من فلق فيه وخط
علي عليه السلام، فيها كل حلال وحرام، وكل شيء يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش..
إلخ
انظر (الكافي 1/239)، (بحار الأنوار 26/22).
وهناك
روايات أخرى كثيرة تجدها في الكافي والبحار وبصائر الدرجات ووسائل الشيعة إنما اقتصرنا
على رواية واحدة روماً للاختصار.
لست
أدري إذا كانت الجامعة حقيقة أم لا، وفيها كل ما يحتاجه الناس إلى يوم القيامة؟ فلماذا
أخفيت إذن؟ وحرمنا منها ومما فيها مما يحتاجه الناس إلى يوم القيامة من حلال وحرام
وأحكام؟ أليس هذا كتماناً للعلم؟.
2- صحيفة
الناموس:
عن الرضا
عليه السلام في حديث علامات الإمام قال: وتكون صحيفة عنده فيها أسماء شيعتهم إلى يوم
القيامة، وصحيفة فيها أسماء أعدائهم إلى يوم القيامة. انظر (بحار الأنوار 25/117)،
(ومجلد 26 ففيه روايات أخرى).
وأنا
أتساءل: أية صحيفة هذه التي تتسع لأسماء الشيعة إلى يوم القيامة؟!!! لو سجلنا أسماء
شيعة العراق في يومنا هذا لاحتجنا إلى مائة مجلد في أقل تقدير. فكيف لو سجلنا أسماء
شيعة إيران والهند وباكستان وسورية ولبنان ودول الخليج وغيرها ؟ بل كم نحتاج لو سجلنا
أسماء جميع الذين ماتوا من الشيعة وعلى مدى كل القرون التي مضت منذ ظهور التشيع وإلى
عصرنا!.
إن من
المحال أن يقول الأئمة عليهم السلام مثل هذا الكلام الذي لا يقبله عقل ولا منطق، ولو
اطلع عليه -أي على هذه الرواية- أعداؤنا لتكلموا بما يحلو لهم، ولطعنوا بدين الإسلام،
ولتكلموا وتندروا بما يشفي غيظ قلوبـهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
3- صحيفة
العبيطة:
عن أمير
المؤمنين عليه السلام قال: .. وأيم الله إن عندي لصحفاً كثيرة قطائع رسول الله صلى
الله عليه وآله، وأهل بيته وإن فيها لصحيفة يقال لها العبيطة، وما ورد على العرب أشد
منها، وإن فيها لستين قبيلة من العرب بـهرجة، مالها في دين الله من نصيب (بحار الأنوار
26/37).
4- صحيفة
ذؤابة السيف:
عن أبي
بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كان في ذؤابة سيف رسول الله صلى الله عليه وآله
صحيفة صغيرة فيها الأحرف التي يفتح كل حرف منها ألف حرف.
قال
أبو بصير: قال أبو عبد الله: فما خرج منها إلا حرفان حتى الساعة (بحار الأنوار
26/56).
قلت:
وأين الأحرف الأخرى؟ ألا يفترض أن تخرج حتى يستفيد منها شيعة أهل البيت؟ أم أنـها ستبقى
مكتومة حتى يقوم القائم؟
5- صحيفة
علي وهي صحيفة أخرى وجدت في ذؤابة السيف:
عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: وجد في ذؤابة سيف رسول الله صلى الله عليه وآله صحيفة فإذا
فيها مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم، إن أعتى الناس على الله يوم القيامة من قتل غير
قاتله، ومن ضرب غير ضاربه، ومن تولى غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله تعالى على محمد
صلى الله عليه وآله، ومن أحدث حدثاً أو آوى محدثاً لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً
ولا عدلاً (بحار الأنوار 27/65، 104/375).
6- الجفر:
وهو نوعان: الجفر الأبيض والجفر الأحمر:
عن أبي
العلاء قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن عندي الجفر الأبيض قال: فقلت:
أي شيء فيه؟
قال:
زبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم عليهم السلام والحلال والحرام..،
وعندي الجفر الأحمر.
قال:
قلت: وأي شيء في الجفر الأحمر؟
قال:
السلاح، وذلك إنما يفتح للدم يفتحه صاحب السيف للقتل.
فقال
له عبد الله بن أبي اليعفور: أصلحك الله، أيعرف هذا بنو الحسن؟
فقال:
أي والله كما يعرفون الليل أنه ليل والنهار أنه نـهار، ولكنهم يحملهم الحسد وطلب الدنيا
على الجحود والإنكار، ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيراً لهم (أصول الكافي 1/24).
وقد سألت مولانا الراحل الإمام الخوئي عن الجفر الأحمر، من الذي يفتحه ودم
من الذي يراق؟
فقال:
يفتحه صاحب الزمان عجل الله فرجه، ويريق به دماء العامة النواصب -أهل السنة- فيمزقهم
شذر مذر، ويجعل دماءهم تجري كدجلة والفرات، ولينتقمن من صنمي قريش -يقصد أبا بكر وعمر-
وابنتيهما -يقصد عائشة وحفصة- ومن نعثل -يقصد عثمان- ومن بني أمية والعباس فينبش قبورهم
نبشاً.
قلت:
إن قول الإمام الخوئي فيه إسراف إذ أن أهل البيت عليهم السلام، أجل وأعظم من أن ينبشوا
قبر ميت مضى على موته قرون طويلة.
7- مصحف
فاطمة:
أ- عن
علي بن سعيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (.. وعندنا والله مصحف فاطمة ما فيه
آية من كتاب الله، وإنه لإملاء رسول الله صلوات الله عليه وآله بخط علي عليه السلام
بيده) (بحار الأنوار 26/41).
ب- وعن
محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام: (..وخلفت فاطمة مصحفاً، ما هو قرآن، ولكنه كلام
من كلام الله أنزل عليها، إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي عليه السلام)
(البحار 26/42).
ج _عن
علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام: (..وعندنا مصحف فاطمة عليها السلام،
أما والله ما فيه حرف من القرآن، ولكنه إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي)
(البحار 26/48).
قلت:
إذا كان الكتاب من إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي، فلم كتمه عن الأمة؟
والله تعالى قد أمر رسوله صلى الله عليه وآله أن يبلغ كل ما أنزل إليه قال الله تعالى:
{ يَـأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ
فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة:67].
فكيف
يمكن لرسول الله صلى الله عليه وآله أن يكتم عن المسلمين جميعاً هذا القرآن، وكيف يمكن
لأمير المؤمنين عليه السلام والأئمة من بعده أن يكتموه عن شيعتهم؟!.
8- التوراة
والإنجيل والزبور:
عن أبي
عبد الله عليه السلام أنه كان يقرأ الإنجيل والتوراة والزبور بالسيريانية انظر (الحجة
من الكافي 1/207)، باب أن الأئمة عليهم السلام عندهم جميع الكتب التي نزلت من الله
عز وجل، وأنـهم يعرفونـها كلها على اختلاف ألسنتها.
9- القرآن:
والقرآن لا يحتاج لإثباته نص، ولكن كتب فقهائنا وأقوال جميع مجتهدينا تنص
على أنه محرف، وهو الوحيد الذي أصابه التحريف من بين كل تلك الكتب.
وقد جمع المحدث النوري الطبرسي في إثبات تحريفه كتاباً ضخم الحجم سماه:
(فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) جمع فيه أكثر من ألفي رواية تنص على التحريف،
وجمع فيه أقوال جميع الفقهاء وعلماء الشيعة في التصريح بتحريف القرآن الموجود بين أيدي
المسلمين حيث أثبت أن جميع علماء الشيعة وفقهائهم المتقدمين منهم والمتأخرين يقولون
إن هذا القرآن الموجود اليوم بين أيدي المسلمين محرف.
قال
السيد هاشم البحراني: وعندي في وضوح صحة هذا القول -أي القول بتحريف القرآن- بعد تتبع
الأخبار وتفحص الآثار بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع، وأنه من أكبر
مقاصد غصب الخلافة فتدبر (مقدمة البرهان، الفصل الرابع 49).
وقال
السيد نعمة الله الجزائري رداً على من يقول بعدم التحريف:
إن تسليم
تواتره عن الوحي الإلهي، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة،
مع أن أصحابنا قد أطبقوا على صحتها والتصديق بـها، (الأنوار النعمانية 2/357)، ولهذا
قال أبو جعفر كما نقل عنه جابر: (ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله إلا كذاب،
وما جمعه وحفظه كما نزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده) (الحجة من الكافي
1/26).
ولا
شك أن هذا النص صريح في إثبات تحريف القرآن الموجود اليوم عند المسلمين.
والقرآن
الحقيقي هو الذي كان عند علي والأئمة من بعده عليهم السلام، حتى صار عند القائم عليه
وعلى آبائه الصلاة والسلام.
ولهذا
قال الإمام الخوئي في وصيته لنا وهو على فراش الموت، عندما أوصانا كادر التدريس في
الحوزة:
(عليكم
بـهذا القرآن حتى يظهر قرآن فاطمة)
وقرآن
فاطمة الذي يقصده الإمام هو المصحف الذي جمعه علي عليه السلام والذي تقدمت الإشارة
إليه آنفاً.
نحن
نعلم أن الإسلام ليس له إلا كتاب واحد هو القرآن الكريم، وأما تعدد الكتب فهذا من خصائص
اليهود والنصارى كما هو واضح في كتبهم المقدسة المتعددة.
فالقول
بأن أمير المؤمنين حاز كتباً متعددة، وأن هذه الكتب كلها من عند الله، وأنـها كتب حوت
قضايا شرعية هو قول باطل، أدخله إلينا بعض اليهود الذين تستروا بالتشيع.
نظرة الشيعة إلى أهل السنة
عندما
نطالع كتبنا المعتبرة وأقوال فقهائنا ومجتهدينا نجد أن العدو الوحيد للشيعة هم أهل
السنة، ولذا وصفوهم بأوصاف وسموهم بأسماء: فسموهم (العامة) وسموهم النواصب، وما زال
الاعتقاد عند معاشر الشيعة أن لكل فرد من أهل السنة ذيلاً في دبره، وإذا شتم أحدهم
الآخر وأراد أن يغلظ له في الشتيمة قال له: (عظم سني في قبر أبيك) وذلك لنجاسة السني
في نظرهم إلى درجة لو اغتسل ألف مرة لما طهر ولما ذهبت عنه نجاسته.
ما زلت
أذكر أن والدي رحمه الله التقى رجلاً غريباً في أحد أسواق المدينة، وكان والدي رحمه
الله محباً للخير إلى حد بعيد، فجاء به إلى دارنا ليحل ضيفاً عندنا في تلك الليلة فأكرمناه
بما شاء الله تعالى، وجلسنا للسمر بعد العشاء وكنت وقتها شاباً في أول دراستي في الحوزة،
ومن خلال حديثنا تبين أن الرجل سني المذهب ومن أطراف سامراء جاء إلى النجف لحاجة ما،
بات الرجل تلك الليلة، ولما أصبح أتيناه بطعام الإفطار فتناول طعامه ثم هم بالرحيل،
فعرض عليه والدي رحمه الله مبلغاً من المال فلربما يحتاجه في سفره، شكر الرجل حسن ضيافتنا،
فلما غادر أمر والدي بحرق الفراش الذي نام فيه وتطهير الإناء الذي أكل فيه تطهيراً
جيداً لاعتقاده بنجاسة السني وهذا اعتقاد الشيعة جميعاً، إذ أن فقهاءنا قرنوا السني
بالكافر والمشرك والخنـزير وجعلوه من الأعيان النجسة ولهذا:
1- وجب
الاختلاف معهم: فقد روى الصدوق عن علي بن أسباط قال: قلت للرضا عليه السلام: يحدث الأمر
لا أجد بداً من معرفته، وليس في البلد الذي أنا فيه من أستفتيه من مواليك؟ قال: فقال:
ائت فقيه البلد فاستفته في أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فإن الحق فيه (عيون أخبار
الرضا 1/275 ط.طهران).
2- عدم
جواز العمل بما يوافق العامة ويوافق طريقتهم:
وهذا
باب عقده الحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة فقال:
والأحاديث
في ذلك متواترة .. فمن ذلك قول الصادق عليه السلام في الحديثين المختلفين: أعرضوهما
على أخبار العامة، فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه.
وقال
الصادق عليه السلام: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم.
وقال
عليه السلام: خذ بما فيه خلاف العامة، وقال: ما خالف العامة ففيه الرشاد.
وقال
عليه السلام: ما أنتم والله على شيء مما هم فيه، ولا هم على شيء مما أنتم فيه فخالفوهم
فما هم من الحنيفية على شيء.
وقول
الصادق عليه السلام: والله ما بقي في أيديهم شيء من الحق إلا استقبال القبلة انظر
(الفصول المهمة 325-326).
وقال
الحر عن هذه الأخبار بأنـها: (قد تجاوزت حد التواتر، فالعجب من بعض المتأخرين حيث ظن
أن الدليل هنا خبر واحد).
3- أنـهم
لا يجتمعون مع السنة على شيء: قال السيد نعمة الله الجزائري:
(إنا
لا نجتمع معهم -أي مع السنة- على إله ولا على نبي ولا على إمام، وذلك أنـهم يقولون:
إن ربـهم هو الذي كان محمد نبيه وخليفته من بعده أبو بكر.
ونحن
لا نقول بـهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول: إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس
ربنا ولا ذلك النبي نبينا)(1).
(الأنوار
الجزائرية 2/278)، باب نور في حقيقة دين الإمامية والعلة التي من أجلها يجب الأخذ بخلاف
ما تقوله العامة:
إن كراهية
الشيعة لأهل السنة ليست وليدة اليوم، ولا تختص بالسنة المعاصرين بل هي كراهية عميقة
تمتد إلى الجيل الأول لأهل السنة وأعني الصحابة ما عدا ثلاثة منهم وهم أبو ذر والمقداد
وسلمان، ولهذا روى الكليني عن أبي جعفر قال: (كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله
عليه وآله إلا ثلاثة المقداد بن الأسود وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري) (روضة الكافي
8/246).
لو سألنا اليهود: من هم أفضل الناس في ملتكم؟
لقالوا: إنـهم أصحاب موسى.
ولو سألنا النصارى: من هم أفضل الناس في أمتكم؟
لقالوا: إنـهم حواريو عيسى.
ولو سألنا الشيعة: من هم أسوأ الناس في نظركم وعقيدتكم؟
لقالوا: إنـهم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله.
إن أصحاب
محمد هم أكثر الناس تعرضاً لسب الشيعة ولعنهم وطعنهم وبالذات أبو بكر وعمر وعثمان وعائشة
وحفصة زوجتا النبي صلوات الله عليه، ولهذا ورد في دعاء صنمي قريش: (اللهم العن صنمي
قريش -أبو بكر وعمر- وجبتيهما وطاغوتيهما، وابنتيهما -عائشة وحفصة..الخ) وهذا دعاء
منصوص عليه في الكتب المعتبرة. وكان الإمام الخميني يقوله بعد صلاة الصبح كل يوم.
عن حمزة
بن محمد الطيار أنه قال: ذكرنا محمد بن أبي بكر عند أبي عبد الله عليه السلام فقال:
(رحمه الله وصلى عليه، قال محمد بن أبي بكر لأمير المؤمنين يوماً من الأيام: أبسط يدك
أبايعك، فقال: أو ما فعلت؟
قال:
بلى، فبسط يده، فقال:
أشهد
أنك إمام مفترض طاعته، وإن أبي - يريد أبا بكر أباه - في النار) (رجال الكشي 61).
وعن
شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ما من أهل بيت إلا وفيهم نجيب من أنفسهم، وأنجب
النجباء من أهل بيت سوء محمد بن أبي بكر) (الكشي 61).
وأما
عمر فقال السيد نعمة الله الجزائري:
(إن
عمر بن الخطاب كان مصاباً بداء في دبره لا يهدأ إلا بماء الرجال) (الأنوار النعمانية
1/63).
واعلم
أن في مدينة كاشان الإيرانية في منطقة تسمى (باغي فين) مشهداً على غرار الجندي المجهول
فيه قبر وهمي لأبي لؤلؤة فيروز الفارسي المجوسي قاتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب،
حيث أطلقوا عليه ما معناه بالعربية (مرقد باب شجاع الدين) وباب شجاع الدين هو لقب أطلقوه
على أبي لؤلؤة لقتله عمر بن الخطاب، وقد كتب على جدران هذا المشهد بالفارسي (مرك بر
أبو بكر، مرك بر عمر، مرك بر عثمان) ومعناه بالعربية: الموت لأبي بكر الموت لعمر الموت
لعثمان.
وهذا
المشهد يزار من قبل الإيرانيين، وتلقى فيه الأموال والتبرعات، وقد رأيت هذا المشهد
بنفسي، وكانت وزارة الإرشاد الإيرانية قد باشرت بتوسيعه وتجديده، وفوق ذلك قاموا بطبع
صورة المشهد على كارتات تستخدم لإرسال الرسائل والمكاتيب.
روى
الكليني عن أبي جعفر عليه السلام قال: (..إن الشيخين -أبا بكر وعمر- فارقا الدنيا ولم
يتوبا ولم يذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين عليه السلام فعليهما لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين) (روضة الكافي 8/246).
وأما
عثمان فعن علي بن يونس البياضي: كان عثمان ممن يلعب به وكان مخنثاً (الصراط المستقيم
2/30).
وأما
عائشة فقد قال ابن رجب البرسي: (إن عائشة جمعت أربعين ديناراً من خيانة (مشارف أنوار
اليقين 86).
وإني
أتساءل: إذا كان الخلفاء الثلاثة بـهذه الصفات فلم بايعهم أمير المؤمنين عليه السلام؟
ولم صار وزيراً لثلاثتهم طيلة مدة خلافتهم؟
أكان
يخافهم؟ معاذ الله.
ثم اذا
كان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب مصاباً بداء في دبره ولا يهدأ إلا بماء الرجال كما
قال السيد الجزائري، فكيف إذن زوجه أمير المؤمنين عليه السلام ابنته أم كلثوم؟ أكانت
إصابته بـهذا الداء، خافية على أمير المؤمنين عليه السلام وعرفها السيد الجزائري؟!..
إن الموضوع لا يحتاج إلى أكثر من استعمال العقل للحظات.
وروى
الكليني: (إن الناس كلهم أولاد زنا أو قال بغايا ما خلا شيعتنا) (الروضة 8/135).
ولهذا
أباحوا دماء أهل السنة وأموالهم فعن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
ما تقول في قتل الناصب؟
فقال:
حلال الدم، ولكني أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد
عليك فافعل) (وسائل الشيعة 18/463)، (بحار الأنوار 27/231).
وعلق
الإمام الخميني على هذا بقوله: فإن استطعت أن تأخذ ماله فخذه، وابعث إلينا بالخمس.
وقال
السيد نعمة الله الجزائري: (إن علي بن يقطين وزير الرشيد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين،
فأمر غلمانه وهدموا أسقف المحبس على المحبوسين فماتوا كلهم وكانوا خمسمائة رجل) (الأنوار
النعمانية 3/308).
وتحدثنا
كتب التاريخ عما جرى في بغداد عند دخول هولاكو فيها، فإنه ارتكب أكبر مجزرة عرفها التاريخ،
بحيث صبغ نـهر دجلة باللون الأحمر لكثرة من قتل من أهل السنة، فانـهار من الدماء جرت
في نـهر دجلة، حتى تغير لونه فصار أحمر، وصبغ مرة أخرى باللون الأزرق لكثرة الكتب التي
ألقيت فيه، وكل هذا بسبب الوزيرين النصير الطوسي ومحمد بن العلقمي فقد كانا وزيرين
للخليفة العباسي، وكانا شيعيين، وكانت تجري بينهما وبين هولاكو مراسلات سرية حيث تمكنا
من إقناع هولاكو بدخول بغداد وإسقاط الخلافة العباسية التي كانا وزيرين فيها، وكانت
لهما اليد الطولى في الحكم، ولكنهما لم يرتضيا تلك الخلافة لأنـها تدين بمذهب أهل السنة،
فدخل هولاكو بغداد وأسقط الخلافة العباسية، ثم ما لبثا حتى صارا وزيرين لهولاكو مع
أن هولاكو كان وثنياً.
ومع
ذلك فإن الإمام الخميني يترضى على ابن يقطين والطوسي والعلقمي، ويعتبر ما قاموا به
يعد من أعظم الخدمات الجليلة لدين الإسلام.
وأختم
هذا الباب بكلمة أخيرة وهي شاملة وجامعة في هذا الباب قول السيد نعمة الله الجزائري
في حكم النواصب (أهل السنة) فقال: إنـهم كفار أنجاس بإجماع علماء الشيعة الإمامية،
وإنـهم شر من اليهود والنصارى، وإن من علامات الناصبي تقديم غير علي عليه في الإمامة)
(الأنوار النعمانية 2/206-207).
وهكذا
نرى أن حكم الشيعة في أهل السنة يتلخص بما يأتي:
أنـهم
كفار، أنجاس، شر من اليهود والنصارى، أولاد بغايا، يجب قتلهم وأخذ أموالهم، لا يمكن
الالتقاء معهم في شيء لا في رب ولا في نبي ولا في إمام ولا يجوز موافقتهم في قول أو
عمل، ويجب لعنهم وشتمهم وبالذات الجيل الأول أولئك الذين أثنى الله تعالى عليهم في
القرآن الكريم، والذين وقفوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في دعوته وجهاده .. وإلا
فقل لي بالله عليك من الذي كان مع النبي صلوات الله عليه في كل المعارك التي خاضها
مع الكفار؟، فمشاركتهم في تلك الحروب كلها دليل على صدق إيمانـهم وجهادهم فلا يلتفت
إلى ما يقوله فقهاؤنا.
لما
انتهى حكم آل بـهلوي في إيران على أثر قيام الثورة الإسلامية وتسلم الإمام الخميني
زمام الأمور فيها، توجب على علماء الشيعة زيارة وتـهنئة الإمام بـهذا النصر العظيم
لقيام أول دولة شيعية في العصر الحديث يحكمها الفقهاء.
وكان
واجب التهنئة يقع علي شخصياً أكثر من غيري لعلاقتي الوثيقة بالإمام الخميني، فزرت إيران
بعد شهر ونصف -وربما أكثر- من دخول الإمام طهران إثر عودته من منفاه باريس، فرحب بي
كثيراً، وكانت زيارتي منفردة عن زيارة وفد علماء الشيعة في العراق.
وفي
جلسة خاصة مع الإمام قال لي: سيد حسين آن الأوان لتنفيذ وصايا الأئمة صلوات الله عليهم،
سنسفك دماء النواصب ونقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم، ولن نترك أحداً منهم يفلت من العقاب،
وستكون أموالهم خالصة لشيعة أهل البيت، وسنمحو مكة والمدينة من وجه الأرض لأن هاتين
المدينتين صارتا معقل الوهابيين، ولا بد أن تكون كربلاء أرض الله المباركة المقدسة،
قبلة للناس في الصلاة وسنحقق بذلك حلم الأئمة عليهم السلام، لقد قامت دولتنا التي جاهدنا
سنوات طويلة من أجل إقامتها، وما بقي إلا التنفيذ!!.
ملاحظة:
اعلم
أن حقد الشيعة على العامة -أهل السنة- حقد لا مثيل له، ولهذا أجاز فقهاؤنا الكذب على
أهل السنة وإلصاق التهم الكاذبة بـهم والافتراء عليهم ووصفهم بالقبائح.
والآن
ينظر الشيعة إلى أهل السنة نظرة حاقدة بناء على توجيهات صدرت من مراجع عليا، وصدرت
التوجيهات إلى أفراد الشيعة بوجوب التغلغل في أجهزة الدولة ومؤسساتـها وبخاصة المهمة
منها كالجيش والأمن والمخابرات وغيرها من المسالك المهمة فضلاً عن صفوف الحزب.
وينتظر
الجميع -بفارغ الصبر- ساعة الصفر لإعلان الجهاد والانقضاض على أهل السنة، حيث يتصور
عموم الشيعة أنـهم بذلك يقدمون خدمة لأهل البيت صلوات الله عليهم، ونسوا أن الذي يدفعهم
إلى هذا أناس يعملون وراء الكواليس ستأتي الإشارة إليهم في الفصل الآتي.
أثر العناصر الأجنبية في صنع التشيع
عرفنا
في الفصل الأول من هذا الكتاب دور اليهودي عبد الله بن سبأ في صنع التشيع وهذه حقيقة
يتغافل عنها الشيعة جميعاً من عوامهم وخواصهم.
لقد
فكرت كثيراً في هذا الموضوع وعلى مدى سنوات طوال، فاكتشفت كما اكتشف غيري أن هناك رجالاً
لهم دور خطير في إدخال عقائد باطلة وأفكار فاسدة إلى التشيع.
إن مكوثي
هذه المدة الطويلة في حوزة النجف العلمية التي هي أم الحوزات، واطلاعي على أمهات المصادر
جعلني أقف على حقائق خطيرة يجهلها أو يتجاهلها الكثيرون، واكتشفت شخصيات مريبة كان
لها دور كبير في انحراف المنهج الشيعي إلى ما هو عليه اليوم، فما فعله أهل الكوفة بأهل
البيت عليهم السلام وخيانتهم لهم كما تقدم بيانه يدلك على أن الذين فعلوا ذلك بـهم
كانوا من المتسترين بالتشيع والموالاة لأهل البيت.
ولنأخذ
نماذج من هؤلاء المتسترين بالتشيع:
هشام بن الحكم:
وهشام
هذا حديثه في الصحاح الثمانية وغيرها.
إن هشام
تسبب في سجن الإمام الكاظم ومن ثم قتله، ففي رجال الكشي (أن هشام بن الحكم ضال مضل
شرك في دم أبي الحسن عليه السلام 229).
(قال
هشام لأبي الحسن عليه السلام: أوصني، قال أوصيك أن تتقي الله في دمي) (رجال الكشي
226).
وقد
طلب منه أبو الحسن عليه السلام أن يمسك عن الكلام، فأمسك شهراً ثم عاد فقال له أبو
الحسن: (يا هشام أيسرك أن تشرك في دم امرئ مسلم؟
قال:
لا.
قال:
وكيف تشرك في دمي؟ فإن سكت وإلا فهو الذبح.
فما
سكت حتى كان من أمره ما كان عليه السلام) (رجال الكشي 231).
أيمكن
لرجل مخلص لأهل البيت أن يشرك في قتل هذا الإمام عليه السلام؟.
زرارة بن أعين:
قال
الشيخ الطوسي: (إن زرارة من أسرة نصرانية، وإن جده (سنسن وقيل سبسن) كان راهباً نصرانياً،
وكان أبوه عبداً رومياً لرجل من بني شيبان) (الفهرست 104)، وزرارة هو الذي قال: (سألت
أبا عبد الله عن التشهد .. إلى أن قال: فلما خرجت ضرطت في لحيته وقلت: لا يفلح أبداً)(1)
(رجال الكشي 142).
وقال
زرارة أيضاً: (والله لو حدثت بكل ما سمعته من أبي عبد الله لانتفخت ذكور الرجال على
الخشب)(2) (رجال الكشي 123).
وقال
أبو عبد الله: لعن الله بريداً، لعن الله زرارة (134).
وقال
أيضاً: لا يموت زرارة إلا تائهاً عليه لعنة الله (134).
قلت:
فإذا كان زرارة من أسرة نصرانية وكان قد شك في إمامة أبي عبد الله، وهو الذي قال بأنه
ضرط في لحية أبي عبد الله وقال عنه لا يفلح أبداً فما الذي نتوقع أن يقدمه لدين الإسلام؟؟.
إن صحاحنا
طافحة بأحاديث زرارة، وهو في مركز الصدارة بين الرواة، وهو الذي كذب على أهل البيت
وأدخل في الإسلام بدعاً ما أدخل مثلها أحد كما قال أبو عبد الله، ومن راجع صحاحنا وجد
مصداق هذا الكلام، ومثله بريد حتى إن أبا عبد الله عليه السلام لعنهما.
أبو بصير ليث بن البختري :
عن حماد
الناب قال: جلس أبو بصير على باب أبي عبد الله عليه السلام ليطلب الإذن، فلم يؤذن له
فقال: لو كان معنا طبق لأذن، قال فجاء كلب فشغر في وجه أبي بصير، فقال -أبو بصير- أف
أف ما هذا(2)؟.
فقال
له جليسه: هذا كلب شغر في وجهك (رجال الكشي 155).
أي أنه
يتهم أبا عبد الله عليه السلام بحب الثريد والطعام اللذيذ بحيث لا يأذن لأحد بالدخول
عليه إلا إذا كان معه طبق طعام، لكن الله تعالى عاقبه أيضاً فأرسل كلباً فبال في وجهه
عقاباً له على ما قال في أبي عبد الله عليه السلام.
ولم
يكن أبو بصير موثوقاً في أخلاقه، ولهذا قال شاهداً على نفسه بذلك: كنت أقرئ امرأة كنت
أعلمها القرآن، فمازحتها بشيء!!
قال:
فقدمت على أبي جعفر عليه السلام -أي تشتكيه- قال: فقال لي أبو جعفر: يا أبا بصير أي
شيء قلت للمرأة؟
قال:
قلت بيدي هكذا وغطى وجهه!!
قال:
فقال أبو جعفر: لا تعودن عليها (رجال الكشي 154).
أي أن
أبا بصير مد يده ليلمس شيئاً من جسدها بغرض المداعبة (!!) والممازحة، مع أنه كان يقرئها
القرآن!!.
وكان
أبو بصير مخلطاً:
فعن
محمّد بن مسعود قال: سألت علي بن الحسن عن أبي بصير فقال:
أبو
بصير كان يكنى أبا محمّد وكان مولى لبني أسد وكان مكفوفاً.
فسألته
هل يتهم بالغلو؟ فقال: أما الغلو فلا، لم يكن يتهم ولكن كان مخلطاً. (رجال الكشي
154).
قلت:
أحاديثه في الصحاح كثيرة جداً وفيها عجب عجاب، فإذا كان مخلطاً فماذا أدخل في الدين
من تخليط؟
إن أحاديثه
فيها عجب عجاب أليست هي من تخليطه؟؟
علماء طبرستان:
لقد
ظهر في طبرستان جماعة تظاهروا بالعلم، وهم ممن اندسوا في التشيع لغرض الفساد والإفساد.
من المعلوم أن الإنسان تشهد عليه آثاره، فإن كانت آثاره حسنة فهذا دليل حسن سلوكه وخلقه
واعتقاده وسلامة سريرته، والعكس بالعكس فإن الآثار السيئة تدل على سوء من خلفها سواء
في سلوكه أو خلقه أو اعتقاده وتدل على فساد سريرته.
إن بعض
علماء طبرستان تركوا مخلفات تثير الشكوك حول شخصياتـهم، ولنأخذ ثلاثة من أشهر من خرج
من طبرستان:
1- الميرزا
حسين بن تقي النوري الطبرسي مؤلف كتاب (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب)
جمع فيه أكثر من ألفي رواية من كتب الشيعة ليثبت بـها تحريف القرآن الكريم. وجمع أقوال
الفقهاء والمجتهدين، وكتابه وصمة عار في جبين كل شيعي.
إن اليهود
والنصارى يقولون بأن القرآن محرف، فما الفرق بين كلام الطبرسي وبين كلام اليهود والنصارى؟
وهل هناك مسلم صادق في إسلامه يشهد على الكتاب الذي أنزله الله تعالى وتكفل بحفظه،
يشهد عليه بالتحريف والتزوير والتبديل؟؟.
2- أحمد
بن علي بن أبي طالب(1) الطبرسي صاحب كتاب (الاحتجاج).
أورد
في كتابه روايات مصرحة بتحريف القرآن، وأورد أيضاً روايات زعم فيها أن العلاقة بين
أمير المؤمنين والصحابة كانت سيئة جداً، وهذه الروايات هي التي تتسبب في تمزيق وحدة
المسلمين، وكل من يقرأ هذا الكتاب يجد أن مؤلفه لم يكن سليم النية.
3- فضل
بن الحسن الطبرسي صاحب مجمع البيان في تفسير القرآن، ذاك التفسير الذي شحنه بالمغالطات
والتأويل المتكلف والتفسير الجاف المخالف لأبسط قواعد التفسير.
إن منطقة طبرستان والمناطق المجاورة لها مليئة باليهود الخزر،
وهؤلاء الطبرسيون هم من يهود الخزر المتسترين بالإسلام، فمؤلفاتـهم من أكبر الكتب الطاعنة
بدين الإسلام بحيث لو قارنا بين (فصل الخطاب) وبين مؤلفات المستشرقين الطاعنة بدين
الإسلام لرأينا (فصل الخطاب) أشد طعناً بالإسلام من مؤلفات أولئك المستشرقين.
وهكذا مؤلفات الآخرين.
ولنر لوناً آخر
من آثار العناصر الأجنبية في التشيع:
فقد عبثت هذه العناصر بكتبنا المعتبرة ومراجعنا المهمة،
ولنأخذ نماذج يطلع القارئ من خلالها على حجم هذا العبث ومداه.
إن كتاب
الكافي هو أعظم المصادر الشيعية على الإطلاق، فهو موثق من قبل الإمام الثاني عشر المعصوم
الذي لا يخطئ ولا يغلط، إذ لما ألف الكليني كتاب الكافي عرضه على الإمام الثاني عشر
في سردابه في سامراء، فقال الإمام الثاني عشر سلام الله عليه (الكافي كاف لشيعتنا)
(انظر مقدمة الكافي 25).
قال
السيد المحقق عباس القمي: (الكافي هو أجل الكتب الإسلامية وأعظم المصنفات الإمامية
والذي لم يعمل للإمامية مثله)، قال المولى محمّد أمين الاسترابادي في محكي فوائده:
(سمعنا من مشايخنا وعلمائنا أنه لم يصنف في الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه) (الكنى
والألقاب 3/98).
ولكن
اقرأ معي هذه الأقوال:
قال
الخوانساري: (اختلفوا في كتاب الروضة الذي يضم مجموعة من الأبواب هل هو أحد كتب الكافي
الذي هو من تأليف الكليني أو مزيد عليه فيما بعد؟) (روضات الجنات 6/118).
قال
الشيخ الثقة السيد حسين بن السيد حيدر الكركي العاملي المتوفى (1076هـ): (إن كتاب الكافي
خمسون كتاباً بالأسانيد التي فيه لكل حديث متصل بالأئمة عليهم السلام) (روضات الجنات
6/114).
بينما
يقول السيد أبو جعفر الطوسي المتوفى (460هـ).
(إن
كتاب الكافي مشتمل على ثلاثين كتاباً) (الفهرست 161).
يتبين
لنا من الأقوال المتقدمة أن ما زيد على الكافي ما بين القرن الخامس والقرن الحادي عشر،
عشرون كتاباً وكل كتاب يضم الكثير من الأبواب، أي أن نسبة ما زيد في كتاب الكافي طيلة
هذه المدة يبلغ 40% عدا تبديل الروايات وتغيير ألفاظها وحذف فقرات وإضافة أخرى فمن
الذي زاد في الكافي عشرين كتاباً؟ .. أيمكن أن يكون إنساناً نزيهاً؟؟
وهل
هو شخص واحد أم أشخاص كثيرون تتابعوا طيلة هذه القرون على الزيادة والتغيير والتبديل
والعبث به؟؟!!
ونسأل:
أما زال الكافي موثقاً من قبل المعصوم الذي لا يخطئ ولا يغلط؟؟!!
ولنأخذ
كتاباً آخر يأتي بالمرتبة الثانية بعد الكافي وهو أيضاً أحد الصحاح الأربعة الأولى،
إنه كتاب (تـهذيب الأحكام) للشيخ الطوسي مؤسس حوزة النجف، فإن فقهاءنا وعلماءنا يذكرون
على أنه الآن (13590) حديثاً، بينما يذكر الطوسي نفسه مؤلف الكتاب -كما في عدة الأصول-
أن تـهذيب الأحكام هذا أكثر من (5000) حديث، أي لا يزيد في كل الأحوال عن (6000) حديث،
فمن الذي زاد في الكتاب هذا الكم الهائل من الأحاديث الذي جاوز عدده العدد الأصلي لأحاديث
الكتاب؟ مع ملاحظة البلايا التي رويت في الكافي وتـهذيب الأحكام وغيرهما، فلا شك أنـها
إضافات لأيد خفية تسترت بالإسلام، والإسلام منها بريء، فهذا حال أعظم كتابين فما بالك
لو تابعنا حال المصادر الأخرى ماذا نجد؟؟ ولهذا قال السيد هاشم معروف الحسني:
(وضع
قصاص الشيعة مع ما وضعه أعداء الأئمة عدداً كثيراً من هذا النوع للأئمة الهداة) وقال
أيضاً:
في زيارتي
للهند التقيت السيد دلدار علي فأهداني نسخة من كتابه (أساس الأصول) جاء في (ص51):
(إن الأحاديث المأثورة عن الأئمة مختلفة جداً لا يكاد يوجد حديث إلا وفي مقابله ما
ينافيه، ولا يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده) وهذا الذي دفع الجم الغفير إلى ترك مذهب
الشيعة.
ولننظر
في القول بتحريف القرآن، فإن أول كتاب نص على التحريف هو كتاب سليم بن قيس الهلالي
(ت90 هـ) فإنه أورد روايتين فقط، وهو أول كتاب ظهر للشيعة، ولا يوجد فيه غير هاتين
الروايتين.
ولكن
إن رجعنا إلى كتبنا المعتبرة والتي كتبت بعد كتاب سليم بن قيس بدهور فإن ما وصل إلينا
منها طافح بروايات التحريف، حتى تسنى للنوري الطبرسي جمع أكثر من ألفي رواية في كتابه
(فصل الخطاب).
فمن
الذي وضع هذه الروايات؟ وبخاصة إذا رجعنا إلى ما ذكرناه آنفاً في بيان ما أضيف إلى
الكتب وبالذات الصحاح تبين أن هذه الروايات وضعت في الأزمان المتأخرة عن كتاب سليم
بن قيس وقد يكون في القرن السادس أو السابع، حتى أن الصدوق المتوفى (381هـ) قال: (إن
من نسب للشيعة مثل هذا القول -أي التحريف- فهو كاذب) لأنه لم يسمع بمثل هذه الروايات،
ولو كانت موجودة فعلاً لعلم بـها أو لسمع.
ولما قامت الدولة الصفوية صار هناك مجال كبير لوضع الروايات وإلصاقها بالإمام
الصادق وبغيره من الأئمة سلام الله عليهم. بعد هذا الموجز السريع تبين لنا أن مصنفات
علمائنا لا يوثق بـها، ولا يعتمد عليها، إذ لم يعتن بـها، ولهذا عبثت بـها أيدي العدى،
فكان من أمرها ما قد عرفت.
والآن نريد أن نعرج على لون
آخر من آثار العناصر الأجنبية في التشيع.
إنـها
قضية الإمام الثاني عشر وهي قضية خطيرة جداً.
لقد
تناول الأخ الفاضل السيد أحمد الكاتب هذا الموضوع فبين أن الإمام الثاني عشر لا حقيقة
له، ولا وجود لشخصه، وقد كفانا الفاضل المذكور مهمة البحث في هذا الموضوع، ولكني أقول:
كيف يكون له وجود وقد نصت كتبنا المعتبرة على أن الحسن العسكري -الإمام الحادي عشر-
توفي ولم يكن له ولد، وقد نظروا في نسائه وجواريه عند موته فلم يجدوا واحدة منهن حاملاً
أو ذات ولد. راجع لذلك كتاب (الغيبة للطوسي 74)، (الإرشاد للمفيد 345)، (أعلام الورى
للفضل الطبرسي 380) (المقالات والفرق للأشعري للقمي 102).
وقد
حقق الأخ الفاضل السيد أحمد الكاتب في مسألة نواب الإمام الثاني عشر، فأثبت أنـهم قوم
من الدجلة ادعوا النيابة من أجل الاستحواذ على ما يراد من أموال الخمس وما يلقى في
المرقد أو عند السرداب من تبرعات.
ولنر
ما يصنعه الإمام الثاني عشر المعروف بالقائم أو المنتظر عند خروجه:
1- يضع السيف في العرب:
(روى
المجلسي أن المنتظر يسير في العرب بما في الجفر الأحمر وهو قتلهم) (بحار الأنوار
52/318).
وروى
أيضاً: (ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح) (بحارا لأنوار 52/349).
وروى
أيضاً: (اتق العرب فإن لهم خبر سوء، أما إنه لم يخرج مع القائم منهم واحد) (بحار الأنوار
52/333).
قلت:
فإذا كان كثير من الشيعة هم من أصل عربي؛ أيشهر القائم السيف عليهم ويذبحهم؟؟
لا
.. لا.. إن وراء هذه النصوص رجالاً لعبوا دوراً خطيراً في بث هذه السموم. لا تستغربن
ما دام كسرى قد خلص من النار إذ روى المجلسي عن أمير المؤمنين: (إن الله قد خلصه -أي
كسرى- من النار وإن النار محرمة عليه) (البحار 41/4).
هل يعقل
إن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه يقول إن الله قد خلص كسرى من النار، وإن النار
محرمة عليه؟؟
2- يهدم المسجد الحرام،
والمسجد النبوي.
روى
المجلسي: (أن القائم يهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه والمسجد النبوي إلى أساسه)
(بحار الأنوار 52/338)، (الغيبة للطوسي 282).
وبين
المجلسي: (أن أول ما يبدأ به -القائم- يخرج هذين -يعني أبا بكر وعمر- رطبين غضين ويذريهما
في الريح ويكسر المسجد) (البحار 52/386).
إن من
المتعارف عليه، بل المسلم به عند جميع فقهائنا وعلمائنا أن الكعبة ليس لها أهمية، وأن
كربلاء خير منها وأفضل، فكربلاء حسب النصوص التي أوردها فقهاؤنا هي أفضل بقاع الأرض،
وهي أرض الله المختارة المقدسة المباركة، وهي حرم الله ورسوله وقبلة الإسلام وفي تربتها
الشفاء، ولا تدانيها أرض أو بقعة أخرى حتى الكعبة.
ولنا
أن نسأل: لماذا يكسر القائم المسجد ويهدمه ويرجعه إلى أساسه؟
والجواب:
لأن من سيبقى من المسلمين لا يتجاوزون عشر عددهم كما بين الطوسي:
(لا
يكون هذا الأمر حتى يذهب تسعة أعشار الناس) (الغيبة 146).
بسبب
إعمال القائم سيفه عموماً وفي المسلمين خصوصاً.
3- يقيم حكم آل داود:
وعقد
الكليني بابا في أن الأئمة عليهم السلام إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم آل داود، ولا يسألون
البينة ثم روى عن أبي عبد الله قال: (إذا قام قائم آل محمّد حكم بحكم داود وسليمان
ولا يسأل بينة) (الأصول من الكافي 1/397).
وروى
المجلسي: (يقوم القائم بأمر جديد وكتاب جديد وقضاء جديد) (البحار 52/354)، (غيبة النعماني
154).
وقال
أبو عبد الله عليه السلام: (لكأني انظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب
جديد) (البحار 52/135)، (الغيبة 176).
ونختم
هذه الفقرة بـهذه الرواية المروعة، فقد روى المجلسي عن أبي عبد الله عليه السلام:
(لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم ألا يروه مما يقتل من الناس ..
حتى يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل محمد، ولو كان من آل محمّد لرحم) (البحار
52/353)، (الغيبة 135).
واستوضحت
السيد الصدر عن هذه الرواية فقال: (إن القتل الحاصل بالناس أكثره مختص بالمسلمين) ثم
أهدى لي نسخة من كتابه (تاريخ ما بعد الظهور) حيث كان قد بين ذلك في كتابه المذكور،
وعلى النسخة الإهداء بخط يده.
ولا بد لنا من التعليق على هذه الروايات فنقول:
لماذا
يعمل القائم سيفه في العرب؟ ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله عربياً؟
ألم
يكن أمير المؤمنين وذريته الأطهار من العرب؟
بل القائم
الذي يعمل سيفه في العرب كما يقولون أليس هو نفسه من ذرية أمير المؤمنين؟ وبالتالي
أليس هو عربياً؟!
أليس
في العرب الملايين ممن يؤمن بالقائم وبخروجه؟
فلماذا
يخصص العرب بالقتل والذبح؟ وكيف يقال: لا يخرج مع القائم منهم واحد؟
وكيف
يمكن أن يهدم المسجد الحرام والمسجد النبوي؟ مع أن المسجد الحرام هو قبلة المسلمين
كما نص عليه القرآن وبين أنه أول بيت وجد على وجه الأرض، وكان رسول الله صلوات الله
عليه قد صلى فيه، وصلى فيه أيضاً أمير المؤمنين والأئمة من بعده وخصوصاً الإمام الصادق
الذي مكث فيه مدة طويلة.
لقد
كان ظننا أن القائم سيعيد المسجد الحرام بعد هدمه إلى ما كان عليه زمن النبي صلى الله
عليه وآله وقبل التوسعة، ولكن تبين لي فيما بعد أن المراد من قوله (يرجعه إلى أساسه)
أي يهدمه ويسويه بالأرض، لأن قبلة الصلاة ستتحول إلى الكوفة.
روى
الفيض الكاشاني: (يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز وجل بما لم يحب أحد من فضل، مصلاكم
بيت آدم وبيت نوح وبيت إدريس ومصلى إبراهيم .. ولا تذهب الأيام حتى ينصب الحجر الأسود
فيه) (الوافي 1/215).
إذن
نقل الحجر الأسود من مكة إلى الكوفة وجعل الكوفة مصلى بيت آدم ونوح وإدريس وإبراهيم
دليل على اتخاذ الكوفة قبلة للصلاة بعد هدم المسجد الحرام، إذ بعد هذا لا معنى لإرجاعه
إلى ما كان عليه قبل التوسعة ولا تبقى له فائدة، فلا بد له من الإزالة والهدم -حسبما
ورد في الروايات- وتكون القبلة والحجر الأسود في الكوفة، وقد علمنا فيما سبق أن الكعبة
ليست بذات أهيمة عند فقهائنا، فلا بد إذن من هدمها.
ونعود لنسأل مرة أخرى: ما هو الأمر الجديد الذي يقوم به القائم؟
وما
هو الكتاب الجديد والقضاء الجديد؟
إن كان
الأمر الذي يقوم به من صلب حكم آل محمّد فليس هو إذن بجديد.
وإن
كان الكتاب من الكتب التي استأثر بـها أمير المؤمنين حسبما تدعيه الروايات الواردة
في كتبنا فليس هو بكتاب جديد.
وإن
كان القضاء في أقضية محمّد وآله، والكتاب من غير كتبهم والقضاء من غير أقضيتهم فهو
فعلا أمر جديد وقضاء جديد وكيف لا يكون جديدا والقائم سيحكم بحكم آل داود كما مر؟
أنه
أمر من حكم آل داود، وكتاب من كتبهم، وقضاء من قضاء شريعتهم. ولهذا كان جديدا، ولذلك
ورد في الرواية: (لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد) كما
مر بيانه.
بقي
أن تعلم أن ما يصنعه القائم حسبما جاء في الرواية المروعة، فإنه سيثخن في القتل بحيث
يتمنى الناس ألا يروه لكثرة ما يقتل من الناس وبصورة بشعة لا رحمة فيها ولاشفقة، حتى
يقول كثير من الناس ليس هذا من آل محمد، ولو كان من آل محمّد لرحم!!.
وبدورنا
نسأل: بمن سيفتك القائم؟ ودماء من هذه التي سيجريها بـهذه الصورة البشعة؟!.
إنـها
دماء المسلمين كما نصت عليه الروايات، وكما بين السيد الصدر.
إذن ظهور القائم سيكون نقمة على المسلمين لا رحمة لهم، ولهم الحق إن قالوا أنه ليس من آل محمّد
نعم لأن آل محمّد يرحمون ويشفقون على المسلمين، أما القائم فإنه لا يرحم ولا يشفق،
فليس هو إذن من آل محمد، ثم أليس هو -أي القائم- سيملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد أن ملئت
جوراً وظلماً؟
فأين
العدل إذن إذا كان سيقتل تسعة أعشار الناس وخاصة المسلمين؟ وهذا لم يفعله في تاريخ
البشرية أحد، ولا حتى الشيوعيون الذين كانوا حريصين على تطبيق نظريتهم على حساب الناس.
فتأمل!!
لقد
أسلفنا أن القائم لا حقيقة له، وأنه غير موجود، ولكنه إذا قام فسيحكم بحكم آل داود
وسيقضي على العرب والمسلمين ويقتلهم قتلا لا رحمة فيه ولا شفقة، ويهدم المسجد الحرام
ومسجد النبي صلى الله عليه وآله، ويأخذ الحجر الأسود، ويأتي بأمر جديد وكتاب جديد،
ويقضي بقضاء جديد، فمن هو هذا القائم؟ وما المقصود به؟
إن الحقيقة التي توصلت إليها بعد دراسة استغرقت سنوات طوالاً
ومراجعة لأمهات المصادر هي أن القائم كناية عن قيام دولة إسرائيل أو هو المسيح الدجال،
لأن الحسن العسكري ليس له ولد كما أسلفنا وأثبتنا، ولهذا روى عن أبي عبد الله عليه
السلام -وهو بريء من ذلك-: (ما لمن خالفنا في دولتنا نصيب، إن الله قد أحل لنا دماءهم
عند قيام قائمنا) (البحار 52/376).
ولماذا حكم
آل داود؟ أليس هذا إشارة إلى الأصول اليهودية لهذه الدعوة؟
وقيام
دولة إسرائيل لابد أن يسودها حكم آل داود، ودولة إسرائيل إذا قامت، فإن من مخططاتـها
القضاء على العرب خصوصاً المسلمين والمسلمين عموماً كما هو مقرر في بروتوكولاتـهم،
تقضي عليهم قضاء مبرماً وتقتلهم قتلاً لا رحمة فيه ولا شفقة.
وحلم
دولة إسرائيل هو هدم قبلة المسلمين وتسويتها بالأرض، ثم هدم المسجد النبوي والعودة
إلى يثرب التي أخرجوا منها، وإذا قامت فستفرض أمراً جديداً، وتضع بدل القرآن كتاباً
جديداً، وتقضي بقضاء جديد، ولا تسأل بينة، لأن سؤال البينة من خصائص المسلمين، ولهذا
تسود الفوضى والظلم بسبب العنصرية اليهودية.
ويحسن بنا أن ننبه إلى أن أصحابنا اختاروا لهم اثني عشر
إماماً، وهذا عمل مقصود فهذا العدد يمثل عدد أسباط بني إسرائيل، ولم يكتفوا بذلك بل
أطلقوا على أنفسهم تسمية (الاثني عشرية) تيمناً بـهذا العدد، وكرهوا جبريل عليه السلام والروح الأمين
كما وصفه الله تعالى في القرآن الكريم، وقالوا إنه خان الأمانة إذ يفترض أن ينـزل على
علي عليه السلام، ولكنه حاد عنه، فنـزل إلى محمّد عليه السلام، فخان بذلك الأمانة.
ولهذا
كرهوا جبريل، وهذه هي صفة بني إسرائيل في كراهتهم له، ولهذا رد الله عليهم بقوله تعالى:
]قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ
اللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَن
كَانَ عَدُوّاً للَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ
عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ[ [البقرة:97-98]، فوصف من عادى جبريل بالكفر، وأخبر أن من
عاداه فإنه عدو لله تعالى.
ومن
أعظم آثار العناصر الأجنبية في حرف التشيع عن ركب الأمة الإسلامية هو القول بترك الجمعة
وعدم جوازها إلا وراء إمام معصوم.
لقد
صدرت في الآونة الأخيرة فتاوى تجوز إقامة صلاة الجمعة في الحسينيات، وهذا عمل عظيم،
ولي والحمد لله جهود كبيرة في حث المراجع العليا على هذا العمل وإني احتسب أجري عند
الله تعالى.
ولكني
أتساءل: من الذي تسبب في حرمان كل تلك الأجيال وعلى مدى ألف سنة تقريباً من صلاة الجمعة؟
فأية يد خبيثة هذه التي استطاعت بدهائها وسيطرتـها أن تحرم الشيعة من صلاة الجمعة،
مع وجود النص القرآني الصريح في وجوب إقامة الجمعة؟؟!
فانظروا
إلى هذه الأيدي الخبيثة ماذا فعلت وماذا تفعل!!!
الخاتمة
بعد
هذه الرحلة المرهقة في بيان تلك الحقائق المؤلمة، ما الذي يجب علي فعله؟
هل أبقى
في مكاني ومنصبي وأجمع الأموال الضخمة من البسطاء والسذج باسم الخمس والتبرعات للمشاهد،
وأركب السيارات الفاخرة (!!) وأتمتع بالجميلات؟ أم أترك عرض الدنيا الزائل وأبتعد عن
هذه المحرمات، وأصدع بالحق -لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس-؟
لقد
عرفت أن عبد الله بن سبأ اليهودي هو الذي أسس التشيع، وفرق المسلمين وجعل العداوة والبغضاء
بينهم، بعد أن كان الحب والإيمان يجمع بينهم، ويؤلف قلوبـهم، وعرفت أيضاً ما صنعه أجدادنا
-أهل الكوفة- بأهل البيت، وما روته كتبنا في نبذ الأئمة والطعن بـهم، وضجر أهل البيت
من شيعتهم كما سبق القول، ويكفي قول أمير المؤمنين عليه السلام في بيان حقيقتهم:
(لو
ميزت شيعتي لما وجدتـهم إلا واصفة، ولو امتحنتهم لما وجدتـهم إلا مرتدين، ولو تمحصتهم
لما خلص من الألف واحد) (الكافي 8/338).
وعرفت
أنـهم يكذبون الله تعالى، فإن الله تعالى بين أن القرآن الكريم لم تعبث به الأيادي،
ولن تقدر لأن الله تكفل بحفظه، وأما فقهاؤنا فيقولون إن القرآن محرف، فيردون بذلك قول
الله تعالى، فمن أصدق؟ أأصدقهم؟ أم أصدق الله تعالى؟ وعرفت أن المتعة محرمة، ولكن فقهاؤنا
أباحوها، وجرت إباحتها إلى إباحة غيرها وكان آخرها اللواط بالمردان من الشباب.
وعرفت
أن الخمس لا يجب على الشيعة دفعه ولا إعطاؤه للفقهاء والمجتهدين بل هو حل لهم حتى يقوم
القائم، ولكن فقهاؤنا هم الذين أوجبوا على الناس دفعه وإخراجه وذلك لمآربـهم -أي الفقهاء-
الشخصية ومنافعهم الذاتية.
وعرفت
أن التشيع قد عبثت به أياد خفية هي التي صنعت فيه ما صنعت - كما أوضحنا في الفصول السابقة
- فما الذي يبقيني في التشيع بعد ذلك؟
ولهذا
ورد عن محمّد بن سليمان عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
(جعلت
فداك، فإنا قد نبزنا نبزاً أثقل ظهورنا وماتت له أفئدتنا، واستحلت لله الولاة دماءنا
في حديث رواه لهم فقهاؤهم.
قال
أبو عبد الله عليه السلام: الرافضة؟ فقلت: نعم.
قال:
لا والله ما هم سموكم به ولكن الله سماكم به) (روضة الكافي 5/34).
فإذا
كان أبو عبد الله قد شهد عليهم بأنـهم رافضة -لرفضهم أهل البيت- وأن الله تعالى سماهم
به فما الذي يبقيني معهم؟ وعن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله يقول: (لو قام
قائمنا بدأ بكذابي الشيعة فقتلهم) (رجال الكشي 253) ترجمة ابن الخطاب، لماذا يبدأ بكذابي
الشيعة فيقتلهم؟
يقتلهم
قبل غيرهم لقباحة ما افتروه وجعلوه ديناً يتقربون به إلى الله تعالى به كقولهم بإباحة
المتعة واللواط، وقولهم بوجوب إخراج خمس الأموال، وكقولهم بتحريف القرآن والبدء لله
تعالى ورجعة الأئمة، وكل السادة والفقهاء والمجتهدين يؤمنون بـهذه العقائد وغيرها،
فمن منهم سينجو من سيف القائم -عجل الله فرجه-؟؟
وعن
أبي عبد الله عليه السلام قال: (ما أنزل الله سبحانه آية في المنافقين إلا وهي فيمن
ينتحل التشيع) (رجال الكشي 254 أبي الخطاب).
صدق
أبو عبد الله بأبي هو وأمي، فإذا كانت الآيات التي نزلت في المنافقين منطبقة على من
ينتحل التشيع، فكيف يمكنني أن أبقى معهم؟؟
وهل
يصح بعد هذا أن يدعوا أنـهم على مذهب أهل البيت؟؟، وهل يصح أن يدعوا محبة أهل البيت؟
لقد
عرفت الآن أجوبة تلك الأسئلة التي كانت تحيرني وتشغل بالي.
بعد
وقوفي على هذه الحقائق وعلى غيرها، أخذت أبحث عن سبب كوني ولدت شيعياً، وعن سبب تشيع
أهلي وأقربائي، فعرفت أن عشيرتي كانت على مذهب أهل السنة، ولكن قبل حوالي مائة وخمسين
سنة جاء من إيران بعض دعاة التشيع إلى جنوب العراق، فاتصلوا ببعض رؤساء العشائر، واستغلوا
طيب قلوبـهم وقلة علمهم، فخدعوهم بزخرف القول، فكان ذلك سبب دخولهم في المنهج الشيعي،
فهناك الكثير من العشائر والبطون تشيعت بـهذه الطريقة بعد أن كانت على مذهب أهل السنة.
و اللهم
أسألك بمحبتي لنبيك المختار وبمحبتي لأهل بيته الأطهار أن تضع لهذا الكتاب القبول في
الدنيا والآخرة، وأن تجعله خالصاً لوجهك الكريم، وأن تنفع به النفع العميم، والحمد
لله من قبل ومن بعد.وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق