إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 9 أبريل 2013

برد اليقين بكشف الكمين !


برد اليقين بكشف الكمين !  



الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، و بعد :

اعلم أن فرض التعددية الحزبية على الدول الضعيفة هو لون من ألوان الإستعمار الجديد ، و ذلك لما فيها من تحقيق مبدئِه القائل " فرِّق تَسُدْ " ، و قديماً مزَّقَ المملكة الإسلامية الى دول بل دُويلاتٍ مستقل بعضها عن بعض ، حتى أضحت كلُ دويلة ترى نفسها شعب الله المختار ، فأنت تجد كل بلد مسلمة تَذمُ أختها - إلا ما شاء الله - حتى لا ترى على وجه الأرض أحسن من نفسها ، و اليوم يمزق الإستعمار الجديد الدويلة المسلمة الواحدة الى أحزاب ، و { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} ، و قد فعل بهم هذا لأنه ضاق ذرعاً بالدعوة الإسلامية التي تُدخل في دين الله من الملل الاخرى سنوياً أعداداً كبيرة ، فاهتدوا الى وسيلة التعددية الحزبية ليظفروا من المسلمين بأمرين :


الأول : صرف الدُعاة عن الدعوة الولود بإشغالهم بالمهاترات البرلمانية العقيمة ، لأن في العمل السياسي شغلاً يُنسي مُمَارِسْهُ أهله خاصة ، فكيف بدعوة الناس عامة ؟!

الثاني : إطماعهم في الرئاسة بُغية تقريبهم ( من إقامة دولة إسلامية ) مما يُسهل تفريق صفهم ، بعد ان كانوا أهل دين واحد و شريعة مُحكمة واحدة ، ليصبحوا أمة متفرقة فاشلة ، قال تعالى : { وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ... } [ الأنفال : 46 ] 

و لذلك وجدنا العَلمانيين في كثير من بلاد المسلمين قد اجتهدوا في توقيف توسع الدعوة الإسلامية ، و وأد نشاطها فلم يُفلحوا في كبير شيء ، بعد أن تمكنوا من كل شيء !


فأوحى إليهم الشيطانُ بهذه الفكرة ، ليبثوها في المسلمين ، ألا وهي " الحزبيةُ السياسية " ، و سمَّاها أولئك لهؤلاء ، أسامي زُور، ودلاهم فيها الشيطانُ بحبل غرور، فقال : هذا سبيلُ العدل ، وشفافية العَذْل ، وحرية التعبير، و ديمقراطية التفكير ، و صيانة حقوق الإنسان ، و ضمان عيش الأقليات بأمان ، كلُّ ذلك ليس الا إعمالاً لمبدئهم القائل " فرِّق تَسُدْ " ، فترى الأمة لم تجن منه سوى الفتن : بدايته التفرق ، ونهايته الإقتتال بعدَ التمزق ، كل هذا وغيرُه من فعل الأحزاب في الأمة المسلمة : اقتسموا أموالَها ، وشتتوا آراءها ، فَمَسُّوها بفقر ، ووعدوها بقصر، وكلٌّ منهم يقول للشعب :
 اخرج متظاهرًا أمامي ، فالسعادةُ تحت أقدامي !!


و يقابلهم آخرون يقولون : قطعُ الرقاب لكل مشاركٍ في الانتخاب .


وهذا كله من الفتن الغَوية ، و الناس يحسبونه جهادًا في سبيل إقامة الدولة الإسلامية .
و أما من يعتزل فيرمى بالغائب عن الواقع المرير ، " السَّلبيِّ " في التأثير ، و من يتنحى يُقال له : فارٌ من الزحف ! و طاعنٌ من خلف ! ، و هو ما زاد على ان اخذ بالكتاب الكريم الذي نهى عن التفرق ، قال تعالى : { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }[ آل عمران : 105] .
و قال : { وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } [ الروم : 31-32 ]
و قال : { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ... } [ الأنعام : 159 ] .
و تأسى بالرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ الذي كان ينهى عن طلب الإمارة فيقول صلى الله عليه و سلم : ( لا تسألِ الإمارةَ ، فإنكَ إن أُعطيتها من غير مسألةٍ ، أُعنتَ عليها ، و إن أُعطيتها عن مسألةٍ وُكلتَ إليها ) متفق على صحته .
و لا تجد حجة عند اي حزب الا ترديدُ قولٍ واحدٍ :
 إلى مَن تتركون البرلمان ؟! 
ولم يتساءلوا : إلى مَن تتركون دعوةَ الناس إلى الرحمن ؟!


بل لو سألوا أنفسهم سؤالاً واحدًا لزالت عنهم الحَيرة ، و هو : هل قام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالإصلاح الذي قام به عن طريق الإصلاح السياسي أم عن طريق الإصلاح التربوي العَقَدي ؟!
و بطريقةٍ أخرى يُقال : هل بدأ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بإصلاح دولته أم بدأ بإصلاح أمته ؟!
سؤالٌ جوابُه لا يختلف فيه اثنان ، ولا ينتطح فيه عَنْزان !
ولا ينبغي أن يُقال : كيف تصلون إلى تحكيم الشريعة إذا لم تشاركوا في البرلمان ؟

و لكن يُقال : هل شاركَ رسولُ الله - صل الله عليه وآله وسلم - كفارَ قريشٍ في حكمهم حتى وصل إلى تحكيم شريعة الرحمن ؟! و قد عرضوا عليه قائلين : إذا اردت ملكاً ملكناك .


و المقام لا يحتمل الإطالة فاكتفيت بالإشارة .

و صلى الله على محمد و على آله و صحبه و سلم .

جمع و ترتيب

وليد بن سعد
القاهرة 26 صفر 1433 هـ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق