جناية فقهاء الواقع على السلفية
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا
نبي بعده ، وبعد :
بدءاً نحن لا نقصد بفقهاء الواقع أحد بعينه
، ولكن شريحة بدأت تتصدر في تغير المنهج السلفي ، وهز الثوابت الإسلامية باسم مصلحة
الدعوة ، فتراهم ضاق عليهم منهج النبيين ، وسبيل المؤمنين حتى اعتمدوا النظم الغربية
الكافرة للوصول إلى تطبيق الشريعة المطهرة !!
فتارة يدّعون أن في ذلك الأمر مصلحة مُرسلة
والشريعة مرنة !
وتارة يدّعون أنهم مضطرون إليها وقلوبهم لها
كارهة !!
وأكثر هؤلاء يردون السنة تحاكماً إلى واقعهم
، واغتراراً بتجاربهم ، و أرضاء لنخالة أذهانهم، فتراهم لا يفرقون بين عالم وحالم ،
وبين فقيه ومفكر واهم .
وعامة هؤلاء سلكوا طريق السياسة الحزبية..
فدخلوا فيه ليغيروا فتغيروا ، وحق فيهم قول نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( من أتى
باب السلطان فُتن )) [ رواه أحمد والترمذي وهو صحيح ].
وإن من أغرب ما يقع فيه المتحمسون لهذا الفقه
أنهم يقدمونه للناس وكأنه أشرف العلوم وأهمها ! .
ولقد غلا فيه بعضهم غلواً شديداً فجعل العلوم
الشرعية من مقوماته ، ونسج حوله من الهالات الكبيرة ، بما لم يسبقه إليه الأولون والآخرون
، وهو في حقيقته لا يسمى علماُ ولا فقهاً ، ولو كان علماً أو فقهاً فأين المؤلفات فيه
وأين علماؤه وفقهاؤه في السابق واللاحق ؟ وأين مدارسه ؟ ولماذا لا يُسمى علماً أو فقهاً
إسلامياً ؟
أما الهدف من وراءاه :
- إسقاط المنهج السلفي المبني على الدليل من
الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ، والتحاكم إلى الكتاب والسنة المبني على فقه الواقع
، وهي دعوة صوفية مبناها ( التفريق بين الشريعة والحقيقة ) .
- الاستيلاء على عقول الشباب بإفساد صورة العلماء
الراسخين الذين شابت رؤوسهم في طلب العلم ، ويعتمدون في تنفير الشباب عن العلماء الأثبات
بقولهم : " فرقُ بين علماء الصحون وعلماء السجون " ، أو أن هؤلاء يهتمون
بالتنبيه على شرك القبور ويتغافلون عن شرك القصور ، ونحوه .
وهذا الفقه مبناه على قصاصات الأخبار وردود
الأفعال ، وعلى العواطف والكلام الساخر ، واستغلال النصوص الشرعية للنزوات الثورية
.
أما علمائه فكلما كان الواحد منهم ثورياً متمرداً
يتشدق بأنه ليس له رسالة إلا اخذ الحق من القوي للضعيف كان هو العالم .
أما الفقيه من هؤلاء فتراه يعيش بنفسية متوترة
. يثور على المألوف ، ولا يثبت على مذهب ، بل يُكثر التنقل من غريب إلى أغرب ، يتبع
الجديد الذي يثير الانتباه و يَمل العتيق و لو لم يكن به اشتباه .
و من أكثر الألفاظ استعمالاً عندهم كلمة (
الطواغيت ) ، بل دعوتهم لا تعيش إلا بها وجماهيرهم لا تنتعش إلا عند سماعها .
وأما مسالك فقهاء الواقع :
فإنهم يتلاعبون بالكلمات من باب فذلكة السياسيين
للتخلص من العُتبى ، فيقولون كلمة تحتمل عدة معاني ، فإن جاء الأمر على مرادهم قالوا
: قلنا كذا، وصرخنا ولم يُسمع لنا ، وإن جاء الأمر على خلاف ما أرادوا يقولون : قلنا
كذا ، ولكن القوم لم يفهموا ما قصدناه ونحن نعذرهم فإن الغضب يُعمي ، فيكونوا في الظاهر
مع الحق أينما ذهب .
وأيضاً : استخدام طريقة ( سمِّن كبشك لتُعيد
به )
فتراهم يقدمون الثناء أولاً قبل النقض على
ما أثنوا عليه كأنهم أنصفوا أولاً ثم هذا من تمام الإنصاف ، وهي طريقة مجربة لخداع
البسطاء ، فتراهم يقولون :
" الوسيلة الديمقراطية ليست وسيلة شرعية
بل هي وسيلة كفرية ، والطريق الصحيح والمنهج الحق هو الدعوة وطلب العلم ونشر الفقه
في الدين وتربية الناس على ذلك ، فهذا طريق الأنبياء وسبيل المؤمنين و ... "
ثم يقولون بعدها : " ولكننا نتكلم عن
واقع من إسلام يحارب ، ودعوة يُضيق عليها ، ومساجد ..."
فتكون النتيجة في المنتهى أن المنهج السلفي
الإسلامي وهم وخيال ،
والمنهج الديمقراطي الكفري فواقع ملموس !!
فقل لي بربك من يرضى بالعيش في الوهم والخيال
ويترك الواقع الملموس ؟!!
فضلاً عن تبنيهم لقول الشاعر :
إن تُلْقِكَ الغربةُ في معشر.... قد أجمعوا
فيك على بغضهم
فدارهم ما دمت في دارهم.... وأرضهم ما مت في
أرضهم
وخلاصة الأمر :
إن الاشتغال بهذا الفقه أضحى حيلة كل مُحتال
، وحيلة كل بطال ، يلقط فتات الأخبار ، من موائد إعلام الكفار ، يبلعها بلا هضم ، ثم
يتقيؤها على أنه المحلل الفهم .
فتارة يُطيع عاطفة غير معصومة ، وتارة يتبع
مصلحة موهومة .
والحق الذي لابد أن يُقال :
إن الطريق الموصل إلي الله واحد ، وهو ما بعث
به رسله وأنزل به كتبه ، ولا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق ، ولو أتى الناس من كل
طريق واستفتحوا من كل باب ، فالطرق عليهم مسدودة والأبواب عليهم مغلقة ، إلا من هذا
الطريق الواحد ، فإنه متصل بالله موصل إلي الله .
يقول ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ خط لنا رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خطاً ثم قال : هذا سبيل الله . ثُم خط خطوطاً عن يمينه
، وعن شماله ، ثُم قال : هذه سبل ، وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه . ثم قرأ :
{ وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} [ الأنعام
: 153 ] . رواه أحمد وغيره وهو صحيح .
فالمنهج المنهج عباد الله ، و إياكم و استطالة
الطريق ، فمن استطال الطريق ضعف مشيه .
وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم
جمع وترتيب
أبو صهيب و ليد بن سعد
القاهرة 4 / 7 / 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق