إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 9 أبريل 2013

لا . للدولة المدنية لا . للدولة الدينية نعم . للــــــــدولـــــــة ...




لا . للدولة المدنية

       لا . للدولة الدينية
                 نعم . للدولـــــــة .....


الحمد لله ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد ..


فإنه مما لا شك فيه أن الثورة المصرية فجرت معها ثورة من المصطلحات التي لم يعتاد الناس على إستعمالها ، او حتى سماعها ، فلا يمر عليك يوماً الان الا وتسمع في وسائل الإعلام ، او تقرأ في الصحف عن ( الليبرالية ، العلمانية ، الحداثة ، الفوضى الخلاقة ، الايدلوجية ، الإشتراكية .... ) وغيرها كثير.


وكل هذه المصطلحات ما هي الا شعارات براقة لاسماء لا تفسر لمستمعيها ، او لقارئيها ، وذلك عن عمد .
وما ذلك الا نكاية في الإسلام واهله ، فان عادة أعداء الإسلام استعمال " مصطلحات وشعارات " ظاهرها فيها الرحمة ، وباطنها من قبلها العذاب ، متبعين في ذلك سُنة قائدهم الأعظم " ابليس " عندما قال لآدم - عليه السلام – : { هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى } [ طه 120] .


ولعل من أخطر هذه المصطلحات التي باتت تُردد على مسامع الناس في الآونة الاخيرة ، وخاصة بعد الإستفتاء الاخير ، هو مصطلح " الدولة المدنية " ، فمنذ اليوم الاول لهذه " الفوضى " اقصد " الثورة " خرج من ينادي ( نعم للدولة المدنية ، لا للدولة الدينية ) .


من البلاء الذي يعيش فيه المسلمين اليوم ، هو انسياق كثير من المتكلمين ، او المنظرين باسم الأمة لاي محدثة تأتي على الأمة تحت تسليط إعلامي يزعم ان هذه المحدثة فيها التقدم والتحضر ، فلما ظهرت " الإشتراكية " خرج هؤلاء يدعون ان " الإشتراكية " من الإسلام ، ولما لمعت وسائل الإعلام " الديموقراطية " خرجوا مرة اخرى يقولون الإسلام دين الديموقراطية ، و الحق ان الأمر ليس كذلك ففرق كبير بين " الشورى " وبين " الديموقراطية " ، وايضا ً لا يحرم الإسلام " الملكية الفردية " فكيف يقول هؤلاء ان " الإشتراكية " من الإسلام ! .


و أصل هذا البلاء من استخدام الألفاظ المجملة او المحدثة التي ليس لها أصل عندنا في الشرع نفهمها به ، وان كان لابد من استخدامها ، فلابد من شرح معانيها ، وما يقصد بها بفهم اصحابها الأصليين الذين اخترعوها وابتدعوها ( فأهل مكة اعلم بشعابها ) .


فنظرنا الى من ينادي بالدولة المدنية فوجدناهم " العلمانيون " الذين يطالبون بفصل الدين عن الدولة ، ثم النصارى الذين ينادون بلا للدولة الدينية ونعم للمواطنة ، وان وجد غيرهما فيطالب بدولة مدنية كفرنسا مثلاً.
اذاً فليس ما يقصده هؤلاء بالدولة المدنية انها ليست دولة عسكرية ، او بُدائية ، ولكنهم اعطونا مثالاً للدولة المدنية التي يُريدون كـ ( فرنسا ) وانها تقوم على المواطنة .


وعليه فالدولة التي ينادي بها هؤلاء ، هي التي تكفل " الحقوق والحريات " ، يعني ان كل فرد في الدولة حُر يفعل ما يشاء وقتما يشاء ، فالقانون في الدولة المدنية يحمي حرية الإعتقاد فمن اراد ان يعبد بقرة فهذا شأنه ، ومن اراد ان يتحول من الإسلام الى البوذية مثلاً فلا شئ عليه ، فلا يوجد ما يسمى بالرِدة ، ولكن فيها حرية الإعتقاد ، وكذا " الحريات " فحرية الفسوق والفجور ايضاً مكفولة ، وان كان هذا علي العلن من خلال القنوات الفضائية فيما يسمى " بمسابقات الشاطئ " وهي مسابقات لقياس اعضاء النساء ! ، وايضاً حرية الرأي مكفولة ، و إن وصل الأمر لسب الله عز وجل ، او انتقاص الأنبياء فيما يسمى بـ " الحداثة " ، وان كنت تعتقد ان هذا خطأ وحرام فالقانون يكفل لك حق الرد ، ولكن لا تكفر من سب الله ، أو سب الانبياء ، ولكن تبين انه اخطأ فقط ، فالدين في الدولة المدنية " حرية شخصية " .


فضلاً عن مشروعية " اللواط " و " السحاق " ، او زواج المثلين فيما يسمى بـ " الزواج المدني ! " والذي طالب به مؤخراً  . عمرو حمزاوي – من المطالبين بالدولة المدنية - ، ولا خلاف في الدولة المدنية حول مشروعية العلاقة الجنسية بين الانسان والحيوان .


اما عن الخمور ، وبيع الخنازير ، والقمار ، والربا ، والزنا ، فكله يدخل تحت الحرية الشخصية القائمة على موافقة الطرفين " البايع والمشتري " .


اما معنى ان الدولة المدنية قائمة على المواطنة يعني انها قائمة على جنسية المواطنين وليس دياناتهم .


مثال لتطبيق الدولة المدنية في مصر :


فالمجتمع المصري مكون من عدة عناصر


فـ محمد مسلم مصري
مينا نصراني مصري
عزرا يهودي مصري
مدحت بهائي مصري
فلو نظرنا الى النسيج المكون منه المجتمع المصري كما في المثال السابق ، نلاحظ انهم مختلفين في شيئين ، و مجتمعين في أمر واحد ، مختلفين في الدين والأسماء ، و مشتركين في كونهم مصريين ، فمصر هي الوطن الذي يجمع هؤلاء جميعاً .


وعليه فالمواطنة هي النظر لأفراد المجتمع من حيث الجنسية والقومية ، وليس من حيث الديانة ، وهذا هو معنى ان " الدولة المدنية " دولة لا دينية ، وهذا هو السبب الرئيسي في اصرار هؤلاء على ان تكون الإنتخابات القادمة على اسس دولة مدنية ، فقد ظهر لهم بعد هذا الإستفتاء " الديموقراطي " الاخير الذي كانت نتيجته ان اكثر من 70% من المصريين يُريدون بقاء الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ، يعني ان الأغلبية تُريد الدين ، فماذا نفعل ؟


نجعل الإنتخابات الرئاسية القادمة على اسس الدولة المدنية ، فان جاءت هذه الإنتخابات بالشيخ " الشعراوي " مثلاً ، واصبح هو رئيس الجمهورية ، فمرحباً ، ولكن مع ذلك لا يستطيع ان يحكم بالإسلام ، وذلك لأننا انتخبناه رئيساً لدولة مدنية قائمة على تنحية الدين من الحكم .


و عليه
فإن الدولة المدنية بهذا الشكل المتمثل في تنحية الدين ، وفي اشاعة الفاحشة واستحلال الخمور ، والربا ، والرضا بالكفر ، والفسوق ، واطلاق الحقوق والحريات بلا قيد ولا زمام ، هي نذير بهلاك الأمة ، سُئل رسول الله صل الله عليه وسلم : ( أنهلك وفينا الصالحون ؟ ، قال : نعم اذا كثُر الخبث ) رواه البخاري .


فما اكثر الخبث الذي سينتشر بفضل هذه الدعوة " الدولة المدنية " .


ولعل القائل الان يقول اذاً النجاة في " الدولة الدينية " .


نقول ايضاً هذا خطأ ، فمصطلح " الدولة الدينية " مصطلح له معنى عند اصحابه ، يقصدون به " دولة الكنيسة " في العصور الوسطى المظلمة في اوربا ، وهي دولة كانت قائمة على ان هؤلاء الكهنة والرهبان زعموا ان الحاكم هو ظل الله في الأرض ، لأنه لا يكون حاكماً الا بتفويض الهي من قبل الاله ، وما يقوله الحاكم لا يقبل الرد ، او التعديل ، او التشكيك ، او الرفض ، فهو ليس كلام الحاكم ، بل هو كلام الرب .


وليس هذا فحسب بل كانت قائمة على معاداة العلم ، وان كل من اشتغل به كان " زنديقاً ، ملحداً " لا يعطى صك الغفران من الرهبان ، بل يطرد من الملكوت السماوي ، ويخلد في النار ، وهذه الدولة يسميها اصحابها من الإفرنج " ثيوكراتيك " اي السلطان الالهي - وهي الدولة التي قامت ضدها الثورة الفرنسية – وهذه الدولة بهذا الشكل لا نعرفها ، فنحن لا نعتقد ان الحاكم او الخليفة معصوم ، او ان طلب العلم حرام ، او انه يستطيع " رجال الشريعة " حرمان انسان من الجنة او ادخاله النار ، وليس لعلماء الشريعة حكم على الناس وانما الحكم لله وحده لا شريك له .


فهذه هي الدولة الإسلامية التي ساوت بين الناس ، ولم تميز بينهم الا بالتقوى ، ولم تحارب العلم بل جعلته فريضة على كل مسلم ، ولم تكره احد في باب الإعتقاد فـ { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } ، و تدعو الى اليسر وعدم التعسير ، والإتفاق وعدم الإختلاف ، كما تدعو للعفة و حسن الخُلق (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) .


فلعل قائل يقول اذاً لماذا لا نجمع بين الأمرين فندعو لـ " دولة مدنية بمرجعية إسلامية " ؟


و الجواب : لماذا يكون الإسلام هو التابع للمدنية وليس العكس ؟


ولكن نقولها بكل صراحة.


لا . للدولة المدنية

لا . للدولة الدينية

نعم . للــــــــدولـــــــة الإســـلامـــيــة


وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


وكتب

أبو صهيب وليد سعد
القاهرة 15 صفر 1344 هـ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق