أصل ثروة نصارى مصر


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :

فإني كنت قد عزمت على كتابة مقدمة في ضرورة التعرف على التاريخ لقراءة الواقع ، بيد أني رأيت أن هذا الأمر الذي سنتكلم فيه لا يحتاج إلى مقدمات، ولكن يحتاج إلى إجابات سريعة شافية ، لعدة أسئلة مُلحة وهي :

من أين لنصارى مصر كل هذه الثروة التي يستغلونها في حربهم الصليبية على مسلمي مصر ؟

وكيف يُصبح لرجل واحد منهم فقط مثل " نجيب ساويرس " كل هذه الثروة التي تُعادل في بعض الأحيان أضعاف أملاك أسرة "محمد على" التي حكمت مصر، أو أسرة شاه إيران، وأسرة ماركوس ملك الفلبين معاً ، وما الخطط الاقتصادية التي اتبعها وفاقت في براعتها خطط علماء الاقتصاد في أكبر جامعات العالم ؟
وما هي مهارات "ساويرس" وخبراته ، وتاريخه التجاري في عالم الأعمال والمال الذي أهله لتحقيق كل تلك المكاسب الخيالية في تلك الفترة الوجيزة من الزمن؟
ولحساب من يدير كل تلك الأموال، والمعروف عنه وأسرته أن أحداً منهم لا يستطيع اتخاذ قرار في إدارة شركاته إلا بعد إتاحة وقت كافي قد يصل لأيام ؟

ومن يستشيره في أمور تخص إداراته لأمواله ولابد لرجوعه إليهم ؟ ، ومن يحكمه ويحكم أمواله وشركاته وهو الذي يجهل الكثير عن أحوال الأمور بها وطريقة إدارتها ؟

وللإجابة عن هذه الإشكاليات لابد من عودة سريعة إلى تاريخ الكنيسة المصرية .
فإن الكنيسة المصرية كانت إلى 1968 كنيسة فقيرة جداً ، تعتمد في ميزانيتها على بعض تبرعات الطبقة العلمانية المسيطرة على المجلس الملي، وبعض تبرعات ألأسر الغنية المحدودة، حتى أن الكنيسة في الستينات _ عهد كيرلس السادس _ استعانت بــ " عبد الناصر " لتقديم مساعدات مالية من خزينة الدولة لدفع رواتب العاملين بها، ولم يكن عددهم يتجاوز عُشر هذا العدد الموجود الآن، وربما أقل بكثير، وحتى مبنى الكاتدرائية لم تكن الكنيسة تملك تكاليف بنائه في نهاية الستينات، والتي تكفل عبد الناصر بكل تكاليف إنشائها، والتي استمر العمل بها إلى مطلع السبعينات، ولم تكن الكنيسة تملك حتى تكاليف الديكورات وهى التي أبدعت ألان في تشييد كنائس وكاتدرائيات، وأديرة عديدة بالمئات، والتي يفوق تكاليف الواحدة منها أضعاف ما انفق على الكاتدرائية عام 1968.
أما حال الأقباط النصارى في مصر فكانوا كسائر شرائح المجتمع المصري تسري عليهم الأحوال الاقتصادية للبلد، بل أن كثير من الفقراء المسيحيين بصعيد مصر كانوا من الطبقة المعدومة اقتصاديا من شدة الفقر، وكان منهم الكثيرون يمتهن مهن بسيطة جدا كعمال بناء ( فواعلية ) وسعاه ( فراشين ) وعمال فلاحة ( اجريين ) وغيرها من الأعمال البسيطة جداً والشريفة في نفس الوقت، حتى استلم شنودة الثالث حكم الكنيسة المصرية، ومعه عصاه السحرية التي جعلت من هؤلاء البسطاء أصحاب الطبقة المعدومة آباء لرجال أعمال نصارى معروفين الآن لهم تجارات، وشركات، ومعاملات ماليه تصل لمئات، بل وألوف الملايين من الدولارات، وأصبحت الكنيسة المصرية من بعد هذا الفقر والفاقة التي ذكرناها آنفاً، تمتلك أموال في عهد هذا الرجل ( شنودة ) تفوق في مجملها ميزانية دول .


فكيف هذا؟ وكيف خرج هؤلاء من واقع عنق الزجاجة الذي مازلنا نعيش فيه ؟!!


والجواب :
إنه منذ رئاسة شنودة للكنيسة تبنت الكنيسة خطة عمل زكية لجلب الأموال، وإنعاش الاقتصاد الكنسي، وروج شنودة و طانته بين الطبقات العلمانية وخاصة بين شباب تلك الفترة مفهوم العمل كجنود الرب لجلب كل منفعة من أجل بناء كنيسة قبطية عظيمة، وترسيخ تعاليم كنيسة ( جماعة الأمة القبطية العنصرية )، التي تعتبر أرض مصر وثرواتها حق للأقباط المسيحيين فقط دون غيرهم من المصريين الذين تحولوا إلى الإسلام، أو أصحاب الملل المسيحية الأخرى، واعتبرت الكنيسة أن أفضل عقاب لهؤلاء المصريين وذرياتهم هو حرمانهم من ثروات مصر، و اعتبار الأقباط النصارى المنتمون للكنيسة القبطية هم فقط الملاك الشرعيون لكنوز مصر وأراضيها، فراقت لقيادات الكنيسة تلك الفكرة الجهنمية، وباركها كهول رهبان الجماعة بأديرة الصحراء، وبدأت الكنيسة تتبنى مشروع الاتجار بآثار مصر بكل أنواعها وعلى اختلافها، من الفراعنة لآثار الإغريق والرومان، وحتى الآثار الإسلامية، مع الاحتفاظ بكل الآثار القبطية القديمة بكنائسهم ومتاحفهم .

والمعروف أن معظم الأديرة القبطية كانت قد بُنيت في أماكن لمعابد فرعونية ، أو إغريقية قديمة ، فقد كان مع بداية الكنيسة القبطية وعصور اضطهاد الرومان المسحيين لهم أن نشأت الرهبانية، وهرب الرهبان وكهنة الأقباط النصارى إلى الصحراء للاختفاء من عيون الرومان في مغارات، وقبور، ومساكن، ومعابد مهجورة من بقايا الفراعنة، والإغريق، وغيرهم .
حتى جاء شنودة وحلفائُه من معتنقي تعاليم الجماعة العنصرية، فنبشت القبور، وسرقت الآثار، وبدأ التنقيب، وحفر السراديب، وكل ذلك محاط بالسرية، والأسوار العالية، والإحكامات الأمنية التي تفوق إحكامات القصور الرئاسية .
وبالفعل تم استخراج الكثير من الآثار التي قامت عليها تجارة أحتكرها الأقباط النصارى، وفُتحت البازارات لتجارة الأنتيكات المقلدة للسياح، والتي هي في حقيقتها منافذ لتسويق آثار مصر بكل أنواعها، وبدأ سيل من الأموال الطائلة يصل للكنيسة، ولكن الأمر تطلب مزيداً من التوسع، والتنظيم ، والتخصص ، والحماية أيضا ...

فتطور الأمر وشمل البحث والتنقيب عن كل نفيس من ذهب، أو أحجار كريمة، أو حتى مخطوطات وخرائط علمية ، ثم أعيد تنظيم وتقسيم هذه النفائس، فصُهر الذهب واُفتتحت له محلات الصاغة والمجوهرات، حتى أصبح الأقباط النصارى الآن من أكبر محتكري تجارة الذهب والمجوهرات في المنطقة العربية، بعد أن كانت كنيستهم في أواخر الستينات تتسول من حكومة عبد الناصر بضعة آلاف من الجنيهات لدفع رواتب العاملين بها ، كل هذا حدث في غفلة من المسلمين والحكومة .
وذهب زمان عبد الناصر ، وجاء بعده السادات، وكانت قد ازدهرت تجارة الكنيسة جداً، وأحبت الكنيسة أن تلعب مع السادات نفس الدور الذي لعبته مع عبد الناصر، من الضغط عليه حتى يلبي طلباتها، واستخدام ورقة أقباط المهجر وغيرها، ولكن الريح جاءت بما لا تشتهي السفن، فاصدر الرئيس محمد أنور السادات قرار بإقالة البابا شنودة، وإحالته للتقاعد، وتعيين مجلس خماسي لإدارة شئون الأقباط النصارى مكانه، وذلك بقرار جمهوري رقم 491 لسنة 1981 .
واستمرت الكنيسة على منهجها تحت إدارة المجلس الخماسي الكنائسي الذي يرأسه الراهب متى المسكين ! ( معلم شنودة والأب الروحي له ) ... ، ولم تمضي بضعة أشهر قليلة حتى اُغتيل السادات، وحدثت الفجوة الأمنية ، فالرئيس قد قٌتل، والبلد في فوضى، وأصبحت الرؤية ضبابية لا يُعلم منها التغيرات الطارئة على نظام الحكم، خاصة أن الذي اُتهم في حادث المنصة جماعات إسلامية، فسارعت الكنيسة إلى تهريب أموالها للخارج، وإدخالها في مشاريع يُديرها أبنائها في الخارج ( نصارى المهجر)، ثم تبنت نظام جديد عصري، وهو التجارة في العملة خاصة بعد أن أصبحت الحكومة المصرية تبحث عن العملة الصعبة لتفعيل ما يسمى بالانفتاح الاقتصادي، فتمت للكنيسة ما أرادت من مسألة غسيل الأموال بهذه الحيلة التي اتبعتها من إقامة مشاريع لأقباط المهجر، ثم لما استقر الأمر مرة أخرى في مصر في عهد مبارك، أعادت الكنيسة مرة أخرى هذه الأموال باسم الاستثمار الأجنبي، وتنشيط الاقتصاد المصري، وغيرها من الشعارات .
ثم ظهرت على الساحة تلك الأسماء النصرانية التي تُدير في الظاهر هذه الأموال على أنها أموالهم، وتاجراتهم، أمثال ساويرس، و عدلي أبادير، ومايكل مُنير، وغيرهم ، وما خفى كان أعظم .

وصلى الله على محمد و آله وصحبه وسلم .

جمع وترتيب
أبو صهيب وليد سعد

المصدر :
لعنة جماعة الأمة القبطية على أقباط مصر تأليف الأخ أمجاد
للحصول على نسخة للكتاب اتبع الرابط التالي: