إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 8 أبريل 2013

ميرابو الثورة ( سيد قطب ) . الجزء الثاني




البيان قبل وصول الإخوان (4)

ميرابو الثورة  ( سيد قطب ) . الجزء الثاني


الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من نبي بعده ، و بعد :

قال الإمام ابن رجب الحنبلي في " الفرق بين التعبير والنصيحة " : (( فرد المقالات الضعيفة ، و تبين الحق في خلافِها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء ، بل مما يحبونه و يمدحون فاعله و يثنون عليه ، فلا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية ، فلو فُرض أن أحداً يكره إظهار خطِئِة المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك ، فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة ، بل الواجب على المسلم أن يُحب ظهور الحق و معرفة المسلمين له ، سواء كان ذلك في موافقته أو مخالفته ، و هذا من النصيحة لله و لكتابه و رسوله و دينه ، و أئمة المسلمين و عامتهم ، و ذلك هو الدين كما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ... وقد بلغ الأئمة الوَرِعون في إنكار مقالاتٍ ضعيفة لبعض العلماء و ردها أبلغ الردَّ ، كما كان الإمام أحمد يُنكر على أبي ثور و غيره مقالاتٍ ضعيفة تفردوا بها ، و يُبَالغ في ردها عليهم ، هذا كله حُكم الظاهر ، و أما في باطن الأمر فإن كان مقصودة في ذلك مجرد تبين الحق ، و لئلا يغتر الناس بمقالات من اخطأ في مقالاته ، فلا ريب أنه مثابٌ على قصده ، و دخل بفعله هذا بهذه النية في النصح لله و رسوله و أئمة المسلمين و عامتهم )) . اهـ

و قال ابن الجوزي – رحمه الله - : (( و قد استشعر بعضُ جهلة الزُهاد ، و من قلَّ علمه من العباد أن ذلك القدحَ غيبة ، و هذه غفلة عن معرفة حراسة الشرائع ، و جهلٌ بمقدار الوسائل و الذرائع )). [ مقدمة الضعفاء والمتروكين 1 / 5 - 6 ] .
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : (( و النصح واجباً في المصالح الدينية الخاصة و العامة : مثل نَقَلةِ الحديث الذين يَغْلطِون أو يَكذِبون ... و مثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب و السنة ، أو العبادات المخالفة للكتاب و السنة فإن بيان حالهم و تحذير الأمة منهم وجبٌ باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل : الرجلُ يصومُ و يُصلى و يعتكف أحب إليك أو يتكلمُ في أهل البدع ؟ فقال : إذا قام و صلى و اعتكف فإنما هو لنفسه ، و إذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين ؟ هذا أفضل . فَبَيَّنَ أَنَّ نَفْعَ هَذَا عَامٌّ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دِينِهِمْ مِنْ جِنْسِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ إذْ تَطْهِيرُ سَبِيلِ اللَّهِ وَ دِينِهِ وَ مِنْهَاجِهِ وَ شِرْعَتِهِ ، و دفع بغي هؤلاء و عدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ، و لولا مَن يُقيمهُ الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين ، و كان فسادهُ أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب ، فإن هؤلاء إذا اسْتَوْلَوْا لم يُفسدوا القلوب و ما فيها من الدين إلا تبعا ، و أما أولئك فهم يُفسدون القلوب ابتداءً )) . [مجموع الفتاوى 28 / 231 . ط الثالثة . دار الوفاء ] .

وقال الإمام البربهاري – رحمه الله - : (( و لا يحل أن تكتم النصيحة أحداٌ من المسلمين برهم و فاجرهم في أمر الدين ، فمن كتم فقد غش المسلمين ، و من غش المسلمين فقد غش الدين ، و من غش الدين فقد خان الله و رسوله و المؤمنين )).[ شرح السنه ص / 43 ] .
و قد قيل :

فمن الدين كشفَ السَّتر عند كل كاذب .......................
............................... وعن كل بِدعيِّ أتى بالعجائبِ
ولولا رجالا مؤمنون لُهَّدمتْ............................

............... صوامعُ دينِ اللهِ من كلَِّ جانبِ
قلت : و الرد على أصحاب المقالات المخالفة للكتاب و السنة و فهم سلف هذه الأمة مصلحة كبرى لإصحاب هذه المقالات ابتداءً .
جادل رجلاً يوماً يوسف بن أسباط – رحمه الله – في رده على أصحاب المقالات البدعية فقال له : أما تخاف أن تكون هذه غيبة ؟ فقال : (( لِمَ يا أحمق ؟ أنا خير لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم ! أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا ، فتتبعهم أوزارهم . و من اطراهم كان أضر عليهم )) .[ تهذيب التهذيب لابن حجر 2 /1249 ] .
و قال ابن الجوزي في " مناقب الإمام أحمد . ص / 253 " : (( و قد كان الإمام أبو عبد الله لشدة تمسكه بالسنة و نهيه عن البدعة يتكلم في جماعة من الأخيار إذا صدر منهم ما يخالف السنة ، و كلامه محمول على النصيحة للدين )) . اهـ
قلت : و مصداقُ ذلك ما كان من " الإمام أحمد " على " علي بن المديني " ، فإن الإمام أحمد قبل محنة خلق القرآن كان معظماً لابن المديني جداً ، قال الحافظ المزي في( تهذيب الكمال 21/ 9 ) : " كان علي علماً في الناس في معرفة الحديث و العلل ، و كان أحمد لا يسميه إنما يكنيه تبجيلاً ، و ما سمعت أحمد سماه قط " . اهـ
فلما وقعت محنة خلق القرآن و جنح للقول بخلقه " ابن المديني " مخافة السيف ، تركه أحمد مع أنه تاب و أناب كما قال الحافظ ابن حجر في ( تهذيب التهذيب 7 /356 ) ، و قال ابن أبى حاتم : قال أبو زرعة : (( لا يرتاب في صدقه ( يعنى : ابن المديني ) و ترك أبو زرعة الرواية عنه من أجل المحنة )) .
و لعله يُظنّ أن هذا خاص برواة الحديث ، و لا شأن لمن ليس له رواية بحكم علماء الجرح و التعديل عليه !! ، أو تحذير أهل العلم منه .
و الصحيح أن الكلام في المبتدعة و التحذير منهم يدخل في تخصص علماء الجرح والتعديل ، و لعل " التاج السبكي " أول من فتح هذا الباب – أن الكلام في المبتدعة لا يدخل في جرح أهل الحديث فقد انتقد شيخه " الإمام الذهبي " لما تكلم في الفخر ( يعنى : الرازي ) ، و قال : أن " الفخر الرازي " قد اعتراف على نفسه أنه لا رواية له وهو أحد أئمة المسلمين فلا معنى لا دخاله في الضعفاء . اهـ
و قد رد على هذا الكلام الإمام ابن جحر العسقلاني فقال : وهذا الكلام خرج من " التاج السبكي " من تعصبه الشديد للأشاعرة ، ثم بين كلام العلماء في " الفخر الرازي " مع أنه ليس من أهل الرواية .( انظر لسان الميزان لابن حجر ترجمة السيف الآمدي ) .

ومعلوم أن الناس بين قادح ومادح ، فالذي يُنكر على أهل السنة جرحهم لأهل البدع و الاهواء ، تراه مادحاً لشيوخه و جماعته حتى أنه يَصعب عليك في هذا الزمان من تجده تكلم في دين الله ولا يُطلِق عليه اتباعه أنه " العلامة الحبر الفهامة " ، و العجيب أن شروط التعديل أشد من شروط الجرح !! .

يقول الإمام البربهاري في" شرح السنة ص / 128 " : (( و لا يحل لرجل أن يقول : فلان صاحب سنة حتى يعلم أنه قد اجتمعت فيه خصال السنة ، فلا يُقال : صاحب سنة حتى تجمع فيه السنة كلها )). اهـ .

فلَيْسَ العَمَى أنْ لا تَرىَ . بَلِ العَمَى أنْ لاَ تُرىَ . ُمَميزَّاً بَيْنَ الصَّوَاب و الخَطَأ
و أحياناً يسلُك الذين يشغبون على منهج أهل السنة في التحذير من أصحاب الأهواء إلى حيلة لخداع العوام ، فتراهم أحياناً يتكلمون و يحذرون من رجل ساقط بمرة ، حاله لا يخفى على العوام فضلاً عن الخواص ، فيجرحوه و يحذرون منه حتى يُقال عنهم: أنهم لا يسكتون على خطأ .
قلت : و هذا الامر من باب " تغير شَكْل ِمن أجل الأكل " و المضمون واحد .

و الفَرق بين أهل السنة و غيرهم في هذا الباب لخصه وكيع بن الجراح – رحمه الله – بقوله : (( أهل العلم يكتبون مالهم و ما عليهم و أهل الأهواء لا يكتبون إلا مالهم )) .
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : (( فلا تجد قط مبتدعاً إلا و هو يُحب كتمان النصوص التي تخالفه و يبغضها ، و يبغض إظهارها و روايتها و التحدث بها ، و يُبغض من يفعل ذلك )) . مجموع الفتاوى ( 20 /161-162 ).
وقد قال " ابن سرين " ـ رحمه الله ـ : (( أن هذا العلم دين فانظروا عن من تأخذون دينكم )) .( مقدمة صحيح مسلم ) .
فمن أجل ذلك فسنخوض فيما لا نحب ، لنميط الأذى عن منهج ارتضينه ، و حاول غيرنا التشغيب عليه بشبهاته ، والتنمر عليه باغلاطاته .
لأنه من المعلوم أن عدم رد الباطل ، و السكوت عليه ، تأثم به الإمة جميعاً ، لأن فرض الكفاية فرض عين حتى تقوم به الكفاية .

فضلاً عن أن تعظيم المبتدع و السكوت عليه ، تقوية لمذهبه ، و التحذير منه إخماداً لبدعته .
و لا يحصى عدد العلماء ممن حذّروا من آبائهم و مشايخهم لما علموا أنهم غير ثقات ، و كلامهم في الجرح و التعديل مدوّن مشهور ، و لولاهم لدخل الوهن باكرا في الإسلام .
و الامر ليس فيه إلا كما قال الشاعر :

لم أشَتْمِ لكم عِرْضاً ولَكنْ ...... حَدَوْتُ بحيثُ يُسْتَمَعُ الحَداءُ
فهذه وقفة جديدة مع رجل من جماعة الإخوان المسلمين ، أصبح فكره اليوم " سَيِّد ! " أفكار كثير من الجماعات ، و " قُطب ! " رحى أحزابهم ( السياسية ! ) كُلِّها ، هو : الأستاذ " سيد قطب"فَعَنْه يُدافِعُون ! وفي تلميع صورته يَتَماوَتون ! ومنه يَسْتَمِدُّون !! وعلى تُراثه يُعَشْعِشون !!! .

وقد اسلفنا في " الجزء الاول " نتف من أقواله و أفكاره ، و يتبقى حكم أهل العلم على هذه الأقوال و الأفكار .
و لما كان الكلام في الرجال لا يجوز إلا لتامَّ المعرفة ، تامَّ الورع ، كما قال الإمام الذهبي – رحمه الله – في ( ميزان الاعتدال 2 /46 ) .
قدمنا كلام أئمة و أعلام هذا العصر في الحكم على أقوال و أفكار الأستاذ سيد قطب – رحمه الله و عفا عنه – و نسأل الله كلمة الحق في السخطِ و الرضا .

كلام الأئمة في سيد قطب
بدءً فالمسلم الذى لا يرى جميع المسلمين أفضل منه – حقيقة – على شفا هلكة ، لأنه معظم لشأنه ، مُستَصغرَُ لذنبه ، فمثل هذا أنّى يُلَتفت لقوله ، أو يُؤخذ بمدحه أو ذمه .
و الأقبح منه من يرى حرمات الله تُنْتهك ، و أنبياء الله يُنْتقص منهم ، و يُرمي أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالعظائم ، و يَسكت .. بادعاء الورع البارد ـ ، و التَنَبُل عن نبش كلام الأموات !! .
فالحق أعز على المسلم من كل أحد ، و الباطل مردود على صاحبه كائنا من كان ، و العدل واجب ، و الظلم حرام ,
كلام الشيخ الألباني – رحمه الله - :
قال في تعليقه على تفسير سيد قطب لسورة الإخلاص : (( نَقل [سيد ] كلام الصوفية ، و لا يمكن أن يُفهم منه إلا أنه يقول بوحدة الوجود )) .
و قال في تعليقه على كتاب " العواصم مما في كتب ( سيد قطب ) من القواصم " : (( يتبين لكل قارئ مسلم على شيء من الثقافة الإسلامية أن سيد قطب لم يكن على معرفة بالإسلام بأصوله و فروعه )) .
وقال لمؤلف الكتاب ـ الشيخ ربيع المدخلي ـ : (( فجزاك الله خيراً على قيامك بواجب البيان ، و الكشف عن جهله ، و انحرافه عن الإسلام )) .
و قال عن كتاب " العدالة الاجتماعية " لسيد قطب ، و الذى قال فيه "سيد قطب " : "تحطمت أسس الإسلام في عهد عثمان " .
قال الشيخ الألباني :(( لا قيمة له إطلاقا )) .


كلام الشيخ ابن باز – رحمه الله - :
قال الشيخ معقباً على تفسير " سيد قطب " بأن الاستواء يعنى : الهيمنة كما تجده عند تفسيره لقوله تعالى : { الرحمن على العرش استوى }
قال :
(( هذا كلام فاسدٌ ، هذا معناه الهيمنة ، ما أثبت الاستواء ، معناه إنكار الاستواء المعروف ، و هو العلو على العرش ، و هذا باطلٌ يدل على أنه مسكين ضايع في التفسير )) .( تسجيلات منهاج السنه بالرياض سنة 1413 مجلس في منزل الشيخ – رحمه الله – ) .
و لما قرئ على الشيخ أيضا قول سيد قطب في كتابه " التصوير في القرآن " عن موسى عليه السلام : ( لنأخذ موسى إنه نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج ) عند تفسير قوله تعالى :{ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ... }
و قوله
: "وهنا يبدو التعصب القومي كما يبدو الانفعال العصبي وسرعان ما تذهب هذه الدفعة العصبية فيثوب إلى نفسه شأن العصبين " .
وكما عند قوله تعالى : { فَأَصْبَحَ في المدينة خَائِفاً يَتَرَقَّبُ } [ القصص : 18 ]
قال: " هو تعبير مصور لهيئة معروفة ، هيئة المتفزع المتلفت المتوقع للشر في كل حركة وتلك سمة العصبين " . ( التصوير الفني 200، 201 ، 202 – ط 13 ، دار الشروق ) .
قال الشيخ ابن باز – رحمه الله – معلقاً : (( الاستهزاء بالأنبياء ردة مستقلة )) .

و قال معلقاً على كلام " سيد قطب " عندما قال : " و حين يركن معاوية وزميله [ يعنى : عمرو بن العاص ] إلى الكذب ، و الغش و الخديعة ، و النفاق أو الرشوة ، و شراء الذمم..." .

قال الشيخ ـ رحمه الله ـ : (( كلام قبيح !! هذا كلام قبيح سب لمعاوية و سب لعمرو بن العاص ، كل هذا كلام قبيح ، و كلام منكر . معاوية و عمرو و من معهما مجتهدون أخطأوا . و المجتهدون إذا أخطأوا فالله يعفوا عنا و عنهم )) .

قال السائل : قوله : إن فيهما نفاقاً أليس تكفيراً ؟
قال الشيخ - رحمه الله - : (( هذا خطأ و غلط لا يكون كفراً ؟ فإن سبه لبعض الصحابة ، أو واحد من الصحابة منكرً و فسق يستحق أن يؤدب عليه – نسأل الله العافية – و لكن إذا سب الأكثر أو فسقهم يرتد لأنهم حملة الشرع . إذ سبهم معناه قدح في الشرع )) .
قال السائل : ألا ينهى عن هذه الكتب التي فيها هذا الكلام ؟
قال الشيخ ابن باز – رحمه الله – : (( ينبغي أن تُمزق )) .
( شرح رياض الصالحين
بتاريخ يوم الاحد 18 /7 / 1416 ) .


كلام الشيخ محمد صالح العثيمين – رحمه الله - :
قال : (( قرأت تفسيره لسورة الإخلاص ( يعني : سيد قطب ) ، و قد قال قولاً عظيماً فيها ، مخالفاً لما عليه أهل السنة والجماعة ؛ حيث أن تفسيره لها يدل على أنه يقول بوحدة الوجود ، و كذلك تفسيره للاستواء بأنه الهيمنة و السيطرة )) .
مجلة الدعوة ( رقم 1591- تاريخ 9/ 1 / 1418هـ ) . السعودية .

و قال الشيخ مجيباً على سؤال فيه : ما هو قول سماحتكم في رجل يَنصحُ الشباب السُّني بقراءة كتب سيد قطب ، و يَخص منها : " في ظلال القرآن " و " معالم على الطريق " و " لماذا أعدموني " دون أن يُنبه على الأخطاء و الضلالات الموجودة في هذه الكتب ؟
فقال ـ رحمه الله ـ : (( أنا قولي - بارك الله فيك - إن من كان ناصحاً لله و رسوله و لإخوانه المسلمين أن يَحث الناس على قراءة كتب الأقدمين في التفسير و غير التفسير فهي أبرك و أنفع و أحسن من كتب المتأخرين ، أما تفسير سيد قطب - رحمه الله - ففيه طوام - لكن نرجو الله أن يعفو عنه - فيه طوام : كتفسيره للاستواء ، و تفسيره سورة " قل هو الله أحد "، و كذلك وصفه لبعض الرسل بما لا ينبغي أن يصفه به )) .

كلام الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
قال تعليقاً على تفسير " سيد قطب " لقول الله تعالى : { وفي الرقاب } ذلك حين كان الرق نظاماً عالمياً ، تجرى المعاملة فيه على المثل فياسترقاق الأسرى بين المسلمين و أعدائهم ، و لم يكن للإسلام بُدْ من المعاملة بالمثل حتى يتعاره العالم على نظام أخر غير الاسترقاق . ( في ظلال القرآن 3 / 1669 ) .

قال الشيخ : (( هذا كلام باطل و إلحاد .. و هو و أمثاله نعذرهم بالجهل فلا نقول إنهم كفار ، لأنهم جهال أو مقلدون ، و الا الكلام خطير لو قاله إنسان متعمداً عالماً أرتد عن الإسلام )) . ( براءة الأمة للسناني ص / 48 ) .


كلام الشيخ صالح بن العزيز آل الشيخ – حفظه الله - :
قال في حق تفسير سيد قطب " الظلال " :


" اشتمل على كثير من البدع و الضلالات .. و التحريفات.."
( شرح مسائل الجاهلية . نقلاً عن النصيحة ص / 7) .

كلام الشيخ محمد جميل زينو ـ المُدرس في دار الحديث الخيري بمكة المكرمة ـ :
قال تحت عنوان ( وحدة الوجود في الظلال ) ما نصه : "
1- كنت مولعاً بظلال القرآن لمؤلفه سيد قطب ، و لما قرأته وجدت وحدة الوجود في تفسير أول سورة الحديد و سورة الإخلاص ، و غيرها من الأخطاء التي تتنافى مع عقيدة الإسلام كقوله عن تفسير الاستواء الوارد في عدة آيات : كناية عن السيطرة و الهيمنة ! ؛ و هذا مخالف للتفسير الوارد في " البخاري "عن مجاهد و أبي العالية : في قوله تعالى : { ثُمَّ استوى إِلَى السماء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سموات وَهُوَ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ } [ البقرة : 29 ]، قال مجاهد و أبو العالية : علا و ارتفع . ( انظر كتاب التوحيد ج 8 ) .

2- ذكرتُ ذلك لأخيه محمد قطب و قلتُ له : عَلِّق على كلام أخيك في الظلال ، فقال لي : أخي يتحمّل مسؤولية كلامه . و بعد سنين طلبت مني ( إحدى دور النشر ) نَشْرَ كتابي الجديد : ( شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ) .

فذكرتُ فيه من نواقض الشهادتين : وحدة الوجود عند الصوفية ، و قرأت في كتاب ( لا إله إلا الله عقيدة و شريعة و منهج حياة ) لمؤلفه محمد قطب ، ذَكَرَ فيه نواقض لا إله إلا الله ، و لم يذكر وحدة الوجود ، فاتّصلتُ به هاتفيا : قلتُ له : أنت مشرف على طبعة الشروق ( في ظلال القرآن ) أنا أُطالبك بالتعليق في الحاشية امتثالاً لأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ القائل : (( مَن رأى منكم منكراً فليُغيّره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الإيمان )) ، و أنت تستطيع أن تُغيّره بلسانك و قلمك ، فقال لي : شَكَرَ الله سعيك ، فشكرته على ذلك ، و طلبتُ منه نسخة فيها تعليقه على وحدة الوجود فسكت ، و أسأل الله أن يوفقه لذلك ...ثم قال : وليت الشيخ محمد قطب أخذ بهذه الأخطاء و علّق عليها في " طبعة الشروق " لأنه مشرف عليها ، فهو مسؤول أمام الله عنها ، و أسأل الله أن يوفقه لذلك "
( انظر : مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع ج 3 / 46-47 ) .

قلت :و لكلٍ من المشايخ : عبد المحسن العباد ، و صالح اللحيدان ، و حماد بن محمد الأنصاري ، و عبد الله بن محمد الدويش ، و أحمد بن يحيي النجمي ، و مُقبل الوادعي ، و غيرهم – رحم الله الأموات و حفظ الأحياء - ردود و تعقيبات على ما كتب سيد قطب .
و قد أحسن الأخ عصام بن عبد الله السِّنَاني ـ حفظه الله ـ بأن جمع هذه الفتاوى في كتابه" براءة علماء الأمة من تزكية أهل البدع و المذمة " و الذي قرأه و أثنى عليه فضيلة العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ و راجعة فضيلة الشيخ الفوزان ـ حفظه الله ـ
و معلوم ما كان بين الشيخ الأستاذ " محمود محمد شاكر " و بين الأستاذ "سيد قطب " ـ في حياته ـ من ردود و مراجعات في قضية سب الصحابة – رضي الله عنهم – .

ولكنى أريد أن أختم بكلمة لرجل من أعلام جماعة الإخوان لا يُختلف على علمه في صفوف الجماعة ، لعلهم يقولون : لا نريد شاهداً الا من أنفسنا .
قال الدكتور "يوسف القرضاوي " بعد أن بين أن كتابات " سيد قطب " أثارت جدلاً طويلاً داخل الإخوان في السجون و قد أثارت بحث قضية : هل نحن جماعة المسلمين ؟ أم نحن جماعة من المسلمين ؟!
و تبني فكرة التكفير و ترك الصلاة في المساجد و جعلها في البيوت و ذلك لأن المساجد تعتبر معابد جاهلية كما جاء في تفسير قول الله تعالى : { واجعلوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } [ يونس : 87 ] ( في ظلال القرآن – 3 /1816- دار الشروق ) .

قال القرضاوي : (( و القضية التي نتحدث عنها ـ قضية تكفير مسلمي اليوم ـ ليست قضيه فقهية بعيدة عن اختصاص " سيد " كما يتصور أو يُصور بعض الإخوة المتحمسين ، بل هي قضية فكريه محورية أساسية ، أو قل هي : قضية أصولية اعتقادية ، هي ألصق بعلم العقائد و الكلام منها بعلم الفقه و الفروع ؛ و لأنها قضية فكرية محورية مركزية عند " سيد " ، رأيناه يلح عليها ، و يكررها و يؤكدها بأساليبه البيانية الرائقة و الرائعة حتى تتضح كالشمس في رابحة النهار ... )) اهـ ( اسلام أون لاين . سبتمبر 2004م ) .

وقال أيضاً في كتابه ( أولويات الحركة الإسلامية ص / 110) : (( في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد " سيد قطب " التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره ، و التي تنضح بتكفير المجتمع ، و تأجيل الدعوة إلى النظام الإسلامي ، و السخرية بفكرة تجديد الفقه و تطويره ، و أحياء الاجتهاد ، و تدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع ، و قطع العلاقة مع الأخرين و إعلان الجهاد الهجومي على الناس كافه ...)) اهـ
وقال في" أفاق عربيه " 8 يوليو 2004 م " : (( و أخطر ما تحتويه التوجيهات الجديدة في هذه المرحلة لسيد قطب ، هو ركونه إلى فكرة التكفير و التوسع فيه ...)) اهـ .

و شهد " فريد عبد الخالق " بضلوع سيد قطب في نشر فكر التكفير ، قال : (( ألمعنا فيما سبق إلى نشأة فكر التكفير بدأت بين شباب بعض الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينات و أوائل الستينات ، و أنهم تأثروا بفكر سيد قطب و كتاباته ، و أخذوا منها أن المجتمع في جاهلية !! )) .( في ميزان الحق ص / 115 ) .

قلت : و هذه عينة واحدة مما انتجته مدرسة سيد قطب الفكرية التكفرية تبين صحة ما أثبته القوم .
قال فتحي يكن ـ و هو أشهر من أن يُعرف – في كتابه ( كيف ندعوا إلى الإسلام صـ/112 .ط الرسالة ) : (( و اليوم يشهد العالم أجمع ردة عن الإيمان بالله و كفراً جماعيا و عالمياً لم يعرف لهما مثيل من قبل !! )) . اهـ


فيا محنة الإسلام بهذا الفكر...

وحسبنا الله فيمن جاءوا لإيقاد النار في صفه رجال المطافئ !! .
تنبيه : لا يُفهم من كلام بعض العلماء ـ الذي مر ـ أنه يَذهب أحدهم لتكفير " سيد قطب " لأن القاعدة عند أهل السنة أن التكفير لا يكون إلا بعد إقامة الحجة الرسالية ، و انتقاء الشبهة . فانتبه !! .
و ربما يجد القارئ كلام لبعض العلماء الذين ذكرناهم أنفاً فيه ثناء على كتابات " سيد قطب " فَنُذكِر بالمرتبة الخامسة من مراتب علم الجرح و التعديل يقولون : " فلان تغير بآخره " ، فالمعتمد في الحرج أو التعديل عند العلماء هو : كلام العالم المتأخر ، و معلوم أن مذهب الرجل هو ما مات عليه ، فلا عبرة بالثناء المتقدم للعالم إذا أخلفه بجرح ، فالحكم للأخير ، كما أن الجرح المُفسر مقدم على التعديل .
و لن نناقش ما يتعلق به الـحزبيون من ثناء الشيخ " بكر أبو زيد " ـ رحمه الله ـ على كتابات " سيد قطب " فيما يُسمى بالخطاب الذهبي فهذا الخطاب من الممكن أن يُقال عنه : " لقيط ليس لها أب شرعي " حيث أن الشيخ " بكر " لم يعترف به رسمياً ، و لم يرض عن طبعه و نشره إلى أن توفي ـ رحمة الله عليه ـ ، فلا سبيل لنا على من أراد أن يتعلق بخيوط العنكبوت !! .
 سيد قطب الأديب
فإننا إن لم نمضى على سنة سلفنا الصالح من أرجاع النوازل إلى أصلها من الكتاب والسنة وفهم السلف – لئن لم نفعل هذا – لمحق الله منا نصف العقل وبقى النصف الأخر متردداً بين قال فلان وكتب فلان ، و لصرنا في المنتهى أمام هذا و ذاك نتعبد لحرفه ونخضع لنصه .
و يُصدم المرء من أُناس يطالبون غض الطرف و السكوت عن تناول ما صدر من " سيد قطب " بحجة أنه أديب ، فإلى إي فهم يستند هؤلاء ؟!
فإن قالوا : نستند إلى فهم السلف المتقدمين ، قلنا لهم : أخطأتم ، فقد رأينا السلف قديماً أخذوا " ابن المقفع " بما قال ، بل حكموا عليه بالزندقة و قُتل ، و لم يقولوا : أنه أديب له أن يتكلم في دين الله كما شاء .
و أن قالوا : نستند لفهم الخلف المتأخرين ، قلنا لهم : أخطأتم ، لأننا رأيناكم تأخذون " سلمان رشدي " بما قال ، و حكمتم عليه بالردة ، و لم تسلموا بأنه أديب – و قد اعترف أنه لم يقصد بكتابته الإساءة للإسلام – ، و لماذا نجد لكم ردود على " نجيب محفوظ " – ومن لف لفه – مع أنهم أدباء و لم يقولوا يوماً أنهم علماء ؟! .
و إن كان " سيد قطب " أديباً ، فلماذا تعرض لتفسير القرآن ؟! ، و بأي حق يتكلم في دين الله و لا يُعرف له شيوخ ، و لا تحصيل لعلم ، و لم يكن له طلبه أو حلقة تعليم ؟! .

فلمصلحة من السكوت عن رجل هذا حاله ؟!

فـ الهوى أمرُ عجيبٌ شأنُهُ .... تارةَّ بأسٌ وأحْياناً رَجَا

ليس فيمن مات مِنْهُ عَجَبٌ ...... إنما يُعْجَبَ ممن قَدْ نجا !!
ثم كيف تنسبون لشخص أمر نفاه عن نفسه ، بل عاب من كان عليه ؟
فـ " سيد قطب " يُبين أنه ما كتب تصانيفه الدينية بصفته اديب !! و لكن بصفته مُعلم يذكر الناس بالتمسك بأمور دينها و اعتقادها .

قال في الظلال ( 4 /2012) : (( إن العمل في الحقل الفكري للفقه الإسلامي عمل مريح لأنه لا خطر فيه ، و لكنه ليس عملاً للإسلام ، و لا هو من منهج هذا الدين و لا من طبيعته . و خير للذين ينشدون الراحة و السلامة أن يشتغلوا بالأدب و بالفن أو التجارة )). اهـ

وقال في ( 2 /1011) من ظلاله : " كذلك يجب أن يكون مفهوماً لأصحاب الدعوة الإسلامية ، أنهم حين يدعون الناس لإعادة إنشاء هذا الدين !! ، يجب أن يدعوهم أولاً إلى اعتناق العقيدة . حتى و لو كانوا يدعون أنفسهم مسلمين !! و تشهد لهم شهادات الميلاد بأنهم مسلمون !! " . اهـ

و لذلك فليحذر المسلم من الدفاع عن أهل البدع والاهواء والصدّ عنهم .
قال إبراهيم بن ميسرة – رحمه الله – :(( من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الدين )) .
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " و يجب عقوبة كل من انتسب إليهم أو ذب عنهم أو أثنى عليهم أو عظم كتبهم أو عرف بمساعدتهم و معاونتهم أو كره الكلام فيهم أو أخذ يعتذر لهم ، بأن هذا الكلام لا يُدرى ما هو ؟ أو من قال إنه صنف هذا الكتاب ؟ و أمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق ، بل تَجب عقوبة كل من عرف حالهم ولَمْ يعاون على القيام عليهم ، فإنَّ القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات ؟ لأنهم أفسدوا العقول و الأديان على خلق من المشايخ و العلماء و الملوك و الأمراء ، و هم يسعون في الأرض فساداً ويصدَّون عن سبيل " . مجموع الفتاوى ( 2/ 132 ) .

ميرابو الثورة
كان بداية ارتباط " سيد قطب " بجماعة الإخوان المسلمين رِدة فعل نشأت في مستشفى كان يُعالج فيها من مرض الدرن و القلب في أمريكا ، إذ وجد بعض العلوج يذكرون موت الأستاذ " البنا " ـ رحمه الله ـ بفرح و سرور . فظن أن ذلك لا يكون إلا إذا كان حسن البنا على حق ! ، و عندما عاد إلى مصر في أوائل 1915 م انضم لجماعة الإخوان ، و عين مباشرة رئيساً للجنة الدعوة ، مع أنه لم يربطه بجماعة الإخوان قبل هذه الحادثة شيء ؛ و إنما كان في كنف أستاذه الأديب " عباس محمود العقاد " يأخذ من أدبه و يقف بجواره في معاركه الأدبية .. ثم اشتغل بالسياسة منتمياً لحزب الوفد ؛ و عمل بالصحافة ، و كان صاحب قلم في الصحف الاشتراكية ؛ فما إن انضم لجماعة الإخوان حتى طلق صالونات الأدب و توجهللعمل الديني .. و لكن ـ مع الأسف ـ بنفس فكر صالونات الأدب المتعالمة بالفكر الفلسفي .

و كانت كتابات " سيد قطب " في الصحف الاشتراكية كـ " مصر الفتاة " و غيرها ، سبباً في تَعرُفِه بضباط الثورة .. حتى أن اللواء " محمد نجيب " هاتفه ، و قال له : " نحن تلاميذك ، تتلمذنا على كتابك " العدالة الاجتماعية في الإسلام " ، و على مقالاتك في مجلات الاشتراكية ، و نريد أن تكون أنت مستشارنا في الأمور الداخلية . اهـ
قال الأستاذ محمد قطب ـ شقيق سيد ـ : " فذهب إليهم بعدها و احتفوا به احتفاء شديداً في مبدأ الأمر على أساس أنا أستاذهم الذي وجههم !! ، و ما كان يعرفهم من قبل و ما التقى بهم أبداً قبل ذلك ، و لكن قالوا له : نحن تتلمذنا على فكرك الموجود في العدالة الاجتماعية ، و على مقالاتك في الاشتراكية . فذهب إليهم و عاش معهم ستة أشهر " . أهـ .( حياة سيد قطب موقع الإسلام اليوم 13 / 2 / 2001 م ) .

و قال محمد قطب ايضاً : " فتحوا أمامه كل الملفات الداخلية و طلبوا مشورته في كل الأمور ، و قد عهدوا إليه أن يكون مستشاراً لأمور الداخلية " . اهـ

و عندما وقعت النزاعات بين ضباط الثورة و بين الإخوان حاول " سيد قطب " التوفيق بينهم ، و كانوا يستجيبون له حرصاً على إبقائه معهم كما قال " محمد قطب " .

و كان " سيد قطب " متحمساً للثورة تحمساً شديداً ، و كان خطيباً لها داعياً إليها ، حتى أنه أنكر على الذين يريدون عودة الضباط إلى الثكنات العسكرية .. و طالب الضباط بعدم تمكين السياسيين من الوثوب على الثورة ، بأي صورة من الصور .. و بَيّن أن القوة المتمثلة في رجال الجيش أقوى في الوصول إلى المقصود من الجماهير الحمقاء و الأحزاب البالية ..حتى أنه طالب الضباط الأحرار بإقامة " ديكتاتورية عادلة !! " ؛ الأمر الذي أخرج " إحسان عبد القدوس " من صمته و قال : كيف تكون ديكتاتورية و عادلة ؟!! .

و كان " سيداً " منافحاً عن أهداف الثورة و شرعيتها ، و ذو علاقة وثيقة جداً بالثوار .. حتى أنه كان المدني الوحيد الذي يحضر جلسات " مجلس قيادات الثورة " ؛ و من شدة تأييده للثورة أُطلق عليه لقب " ميرابو الثورة المصرية " تشبيهاً له بـ " ميرابو " أشهر خطباء الثورة الفرنسية ، و تَحمُس "سيد " للثورة جعله يؤيد كل مطالب الثورة ، بما فيها قانون الإصلاح الزراعي ، و نزع الملكيات الخاصة و إعادة توزيعها و لو كانت قائمة على أساس شرعي !!.. و زعم أن حق المجتمع في المال حق مطلق ، و أن حق الملكية الفردية لا يقف في وجه هذا الحق العام !! .

ثم بعد ذلك وقع الصراع بينه و بين ضباط الثورة بسب الإخوان ، و انفصل عنهم و اعتزلهم و انضم لجانب الإخوان .. و ذلك في أواخر عام 1953 م . ( مقال : الشهيد سيد قطب في ذاكره الـ 39 . موقع إخوان أون لاين 29 / 8 / 2005 ) .


إعدام ميت
تبين مما سبق أن النزعة الاشتراكية التي تبنتها حكومة " الضباط الاحرار " كان منشأها وأصلها كتابات وفكر" سيد قطب " ، حتى أنهم قالوا : أنهم تتلمذوا عليها . وقد عاش " سيد قطب " في صفوف هذه النخبة يُأصل لها ، ويُنافح عن فكرها ، بل ويخطط لها أمور ربما لم تكن في حسابتها كفكرة " الدكتاتورية العادلة !! " ثم لما انفصل عنهم واعتزلهم و انضم لصفوف الإخوان بعد الصراع الذى دار بين رجال الجماعة وبين الضباط الاحرار ، أشرف " سيد قطب " بعدها على المنشورات الإخوانية التي تدعو إلى الانقلاب على الثورة ، و وجوب قتل ضباط الثورة كما قال " سيد قطب " لرئيس محكمة الشعب "جمال سالم " قال : " إنني نَصحت الأستاذ المرشد أننا جماعة الإخوان يجب أن نقضى على حركة الجيش قبل أن تقضى علينا ". ( قافلة الإخوان صـ 522 ) .

وقد صَدّق الدكتور القرضاوي على هذا الكلام في كتابه ( سيرة وميسرة 2 /77 ) .

وأيضاً كان من أسباب محاكمة " سيد قطب " قيادته لتنظيم 1965 الذي أقرت به " زينب الغزالي " و كان تنظيماً مسلحاً يَسرق ذخيرته من الجيش . وقد حكى قصته كاملة عباس السيسي في كتابه ( قافلة الإخوان صـ 711 ) .

فلم تكن محاكمة " سيد قطب " بسبب دينه و اعتقاده ، بل كانت بسبب الامور السياسة التي خاضها مع جماعة الإخوان ، و أما ما تروجه جماعة الإخوان من أن " سيد قطب " حُوكم و دفع عمره من أجل قضية الحاكمية فهذا كذبٌ أصلع ، لأن " سيد قطب " ما تعرض في مؤلفاته لقضية الحاكمية إلا في كتابه " الظلال " و من بعده كتاب " معالم على الطريق " و ( الظلال و المعالم ) لم يؤلفهما " سيد قطب " الا بعد دخوله السجن !!

فكيف يُحاكم على فكر لم يكن تبناه بعد ؟!!

وكيف يوزع و يوضع كتابه الظلال ـ وهو الكتاب المكتظ بالحديث عن قضية الحاكمية ـ في السجن الحربي ؟!! ( انظر قافلة الإخوان صـ 789 ) .


و لكن لما كان أهل الباطل لا تُسعفهم الناحية العلمية لإقامة ما يريدون ترسيخه في أذهان أتباعهم لجئوا إلى الناحية العاطفية و التي لها فعل السحر للوصول إلى هدفهم ، و حينها لا يُفكر المتبوع في مدي صحة الكلام الذى يسمعه أو يُفتش في حقيقه . و هذا المسك من علامات أهل الباطل .

و هذا مثال لما تتاجر به الإخوان دائما ، و هو المتاجرة بمأساة " سيد قطب " في سجن الثورة ، و أنه تمزق جسده بسبب السياط و أنياب الكلاب البوليسية الثورية !!

و هذا بخلاف ما شهد به الأستاذ " أحمد عبد المجيد " – أحد أعضاء تنظيم 65 م من أن " سيد قطب " كان على علاقة طيبة بضباط سجن طرة ، حتى قال : كانت صلته بالضباط و الجنود في السجن صله طيبة ، حتى إن مأمور سجن طرة قال : " إن سيداً هو مدير السجن لصلته القوية بالجميع " . ( إسلام أون لاين 12/7/2004 ) .

و لعل القضية الأكبر في قصة " سيد قطب " التي تاجر بها الإخوان هي : إعدام " سيد قطب " ، حتى أنهم اشبعوا العالم الإسلامي كلاماً حولها ، و رسموا بسبها ستاراً من القداسة حول أفكاره ، حالت زمناً كبيراً دون التعرض لها ، و لو كانت مخالفة لصميم الإسلام ، و رسموا حولها الأساطير .


و لكن العجيب أن " سيد قطب " – عفا الله عنه – لم يُعدم الا ميتاً

فبعد أربعين عاماً من موت " سيد قطب " ـ رحمه الله ـ يُفاجئنا موقع جماعة الإخوان ( إخوان أون لاين نت 7 /11 / 2006 م ) . بمقال بعنوان ( سيد قطب عملاق في زمن الأقزام ) و فيه أن سيد قطب مات ساجداً و لم يُعدم !! .


قال المستشار على جريشة : و علمنا – أخي سيد – أنك طلبت قبل التنفيذ أن تصلى ركعتين ، و دعوت في السجود أن يقبضك الله قبل أن يَصلوا إليك ، واستجاب لك ربك ، فقبضت وأنت ساجد ، لكنهم أصروا أن يُعلقوك على حبل المشنقة !! ليعطوا التمام إلى رئيسهم أنهم نفذوا فيك حكم الإعدام !! . اهـ .

و ليس معنى إيراد هذه القصة أننا نسلم بها ، و لكن لإظهار كذب القوم و تناقدهم ، و لو جمعت روايات الإخوان في مقتل سيد قطب لرأيت عجباً ، فرواية تثبت أنه ندم على ما فعل و يخشى من القادم ، و أخرى تظهر عليه السرور لقرب ملاقاة ربه ، و ثالثة في أنه طلب منه أن يطلب العفو فرفض لانه موحد !! ، إلى غير ذلك من خزعبلات القوم .
هذا و قد أحسن الشيخ الفاضل " على الوصيفي " في تتبعهم و بيان عوارهم في كتابه " الإخوان المسلمون بين الابتداع الديني و الإفلاس السياسي " و كتابه الأخير " سر الجماعة "


و نسأل الله العدل و الانصاف ، و أن يتوفانا على ما يُحب ، و أن يغفر لنا و لموتى المسلمين .

وللحديث تتمة


يتبع بإذن الله ...

البيان القادم : " الجماعة العنكبوتية "
و صلى الله على محمد و على اله و صحبه و سلم
جمع وترتيب
أبو صهيب وليد بن سعد


هناك تعليقان (2):

  1. سلمت يمنك وسلمك من كل سوء يا أبو صهيب وليد بن سعد
    http://egyptian2003.blogspot.com/

    ردحذف
  2. جزاك الله خيراَ وتوفاك على الامر العتيق

    ردحذف