إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 7 نوفمبر 2020

فلسطين .. وعقيدة الألف عام السعيدة

 فلسطين .. وعقيدة الألف عام السعيدة!


  الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

    فإن مأساة فلسطين في هذا العصر تتلخص في أن عدونا استطاع شغلنا بهذه القضية سياسيًا؛ بينما هو يحارب عليها عقائديًا = فلا تحركه سياسة أو معاهدات ومواثيق دولية؛ وإنما يحركه معتقد يتقرب به إلى ربه يعتقد فيه النجاة والخلاص.

وذلك سبب فوزه ونجاحه، وتأخرنا وفشلنا.

    وحتى السياسة التي نمارسها حتى نسترجع هذا الحق المسلوب، إنما صاغها ووضعها هذا العدو الماكر، فتأمل!.

    وهذا المعتقد الذي يحرك عدونا، ويفعل المستحيل من أجله، يوجد في كتابه المقدس، في سفر التكوين [15 / 18 : 19]  : "وفي ذلك اليوم قطع الرب مع "أبرام" ـ إبراهيم عليه السلام ـ ميثاقًا قائلًا: ((لنسلك أعطي هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات ...))".

   فعدونا يحركه هذا الوعد الإلهي من أعطاء الرب لنسل إبراهيم

ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ أرض تبدأ من نهر النيل في مصر, وتنهي عند نهر الفرات في العراق، تُقام على هذه الأرض مملكة الرب في نهاية الزمان، وتكون عاصمة هذه المملكة "أورشليم"ـ مدينة القدس في فلسطين ـ . 

   ومما يزيد الطين بله!، أن عدونا في هذه القضية ليس اليهود وحدهم، بل يشايعهم على إنفاذ هذا الوعد الإلهي طوائف من المسيحيين البروتستانت من أهل أمريكا وانجلترا.

     فإن كل الكنائس البروتستانتية على اختلاف مشاربها، والطوائف التي تؤمن بحرفية نصوص الكتاب المقدس تسعى للمشاركة في تهيئة وإيجاد هذا الوعد المقدس!، وربما بطريقة أشد تعصبًا من اليهود أنفسهم!.

    ويكفيك أن تعلم أن الأمريكان سعوا إلى تمكين اليهود من أرض فلسطين قبل أكثر من نصف قرن من وعد بلفور، وذلك إيماننًا منهم بمعتقد الألفية السعيدة، والذي ملخصه: أنه سيكون قبل نهاية التاريخ

ـ يقصدون يوم القيامة ـ معركة "هرمجدون" والتي ستكون عند سهل المجدل في فلسطين، والتي سيحارب فيها المؤمنون ـ يقصدون أنفسهم ـ الشيطان وجوج وماجوج ـ يقصدون الدجال ويأجوج ومأجوج ـ ، وبعد هذه الأحداث تبدأ ألف عام تحل فيها مملكة المسيح ـ المخلص ـ  وسلطانه، ويُقضى فيها على تبقى من كفار "المحمديين"!، ثم يبدأ المسيح في تخليص كل من آمن به من ذنوبه ومعاصيه، ويغفر له، ثم ينتهي التاريخ، ويدخلون الجنة!".

  وهذا المعتقد بالنسبة لنصارى البروتستانت يؤمنون به وفق "رؤيا يوحنا" التي توجد في العهد الجديد ـ الإنجيل ـ ، والتي غالب الرموز الماسونية مستوحاة من هذه الرؤيا ، كالتي استخدمت أيام الحروب الصليبية ، مثل الأسد الماسوني، والخروف والتنين، والحيوانات المجنحة!، وغيرها.

   هذه الرؤيا التي كُتبت أيام اضطهاد "نيرون" ـ الملك الروماني ـ للمسيحيين، وفيها البشارة لمن تَلقى الموت لأجل المسيح، وأن المسيح سيمسح دموعه أمام العرش زمن الألفية السعيدة!.      

  أما اليهود فيؤمنون بهذا المعتقد وفق ما جاء في العهد القديم ـ التوراة ـ في سفر دانيال [9 / 24 : 25]، وسفر حزقيال [ 39 / 25 : 26 ].

   ومما ينبغي التنبيه عليه أن نصارى البروتستانت يؤمنون بالكتاب المقدس كله، بل ربما قدموا نصوص التوراة على الإنجيل!.

   ويتبقى أمر، ما علاقة إرجاع اليهود إلى فلسطين بهذا المعتقد؟
والجواب: إن الألفية السعيدة لن تبدأ إلا بعد رفع غضب الله عن اليهود بسبب مخالفتهم التي تم نفيهم إلى بابل بسببها، فيصبح لزامًا إرجاعهم مرة أخرى إلى أورشليم "فلسطين" ، وإنشاء دولة يهودية لهم على هذه الأرض، ثم يبدأ العالم يتهيأ لاستقبال المسيح المخلص، ولا سبيل إلى قيام مملكة الرب دون عودة شعب "يهوه" ـ اسم آله اليهود في التوراة ـ إلى وطنه"!.

   ومعنى ذلك أنه لن تبدأ أحداث النهاية إلا بعد إقامة دولة يهودية على الأرض المقدسة وتكون عاصمتها "القدس".

   هذا العقيدة التي جعلت هؤلاء النصارى من البروتستانت، يَنسون عداوتهم لليهود بسب قتلهم للمسيح ـ حسب معتقدهم ـ ، ويكونون معهم لحمة واحدة في مواجهة العالم أجمع، حتى مع سائر طوائف النصرانية كالكاثوليك والأرثوذكس وغيرهما.

   هذا المعتقد الذي بدأ يُغذي به الشعب الأمريكي زمرة من رؤوس التبشير المسيحي من مشاهير القساوسة والوعاظ، لعل أشهرهم "جيمي سواجرت" صاحب المناظرة المشهورة مع الشيخ "أحمد ديدات" ـ رحمه الله وعفا عنه ـ .

  بيد أنه سبق "سواجرات" جماعة على رأسهم: القس " شارلز فينى" عام 1835، تبعه القس " ويليام ميللر" ، ثم القس "كريس سكوفيلد"، مرورا بكلٍ من : " شارلز تاز رسل" المؤسس الحقيقي لعقيدة "شهود يهوه"، و القس "جون نيلسون داربي" الذي حدد موعد بناء هيكل سليمان ( الهيكل = المعبد ) ، ثم اللاهوتي المشيخي "جيمس إتش بروكز" ، والألماني المهاجر " آرنو سى . جيبليان" ، وغيرهم كثير.

   ولعله من المفيد في هذا المقام حتى نتصور الأمر على حقيقته، أن الأمر لم يقتصر على الوعاظ والقساوسة، بل تعدى الأمر للساسة وصناع القرار!، فنجد الأمريكي اليهودي "موردخاي نوح" ـ وكان سفيرًا للولايات المتحدة في تونس ـ نجده في عام 1815 قام بمحاولة تأسيس دولة مؤقتة في جزيرة "جراند آيلاند" في نيويورك(1)، سماها دولة "آرارات" ، حاول فيها جمع شتات اليهود من العالم، تمهيدًا لنقلهم إلى فلسطين، إلا أن فكرة تأسيس دولة يهودية خارج أرض فلسطين، قضي عليها في مهدها.

   وأصبح بعدها حلم الساسة الأمريكان والانجليز بعث هذه الدولة اليهودية في فلسطين، ولعله لم يتخلف رئيس أمريكي عن هذا الحلم إلا الرئيس "جون كيندي" لأنه كان كاثوليكيًا، لا يؤمن بأساطير العهد القديم، ويعتقد عداوة اليهود قتلة المسيح!، ولعل هذا سبب التخلص منه بقتله.  

   هذا؛ ولوثة إنشاء الدولة اليهودية في فلسطين من أجل تهيئة الأرض للمجيء الثاني للمسيح، وبدأ الألف عام السعيدة، أصابت جماعة من رؤساء أمريكا، جعلت هذه الفكرة شغلهم الشاغل، حتى وإن كان هذا ضد مصالح أمريكا السياسية والاقتصادية.

   بدأها بطريقة رسمية الرئيس "وودرو ويلسون" ـ صاحب النقاط الأربع عشرة المشهورة ـ ، وذلك بتصديقه على وعد بلفور، رغم مخالفة وزير خارجيته لهذا القرار لأنه يضر بمصالح أمريكا الخارجية.

   ـ تابعه على هذا خليفته الرئيس "وارن هاردنج"، والذي أيد إنشاء صندوق فلسطين عام 1922.

   ـ ثم جاء الرئيس" كالفين كولدج" وأكد في عام 1924 إيمانه

ب "الوطن القومي اليهودي في فلسطين"

  ـ ومن بعده الرئيس "هربرت هوفر" ثم "فرانكلين روزفلت" الذي ذهب بنفسه لمفاوضة ملوك السعودية على هذا الأمر، ورجع بخفي حنين (2).

  ـ ثم جاء من بعده الرئيس "هاري أس . ترومان" وكان معمدانيًا محافظًا يعتبر إقامة دولة يهودية برهان واضح على صدق النبوءات التوراتية!، ولهذا أقر تقسيم فلسطين عام 47، وفي 14 مايو 1948 أعلن اعترافه بالدولة اليهودية المقامة حديثًا.

   ولذلك أطلقوا عليه لقب "قورش"!، وهو الملك الفارسي الذي أعاد اليهود من منفاهم في بابل إلى القدس. (3).

    ولم يتوقف الأمر عند قورش اليهود الأمريكي هذا!، بل استمر حتى أيامنا هذه، فرأينا الرئيس الأمريكي "بوش الأب" يُعلن أننا على أعتاب نظام عالمي جديد ـ يقصد بداية الألفية السعيدة ـ ، تبعه ابنه "بوش الابن" الذي صرح أن حربه على بلاد الإسلام كأفغانستان والعراق .. حرب صليبية!.

   وكذا كلينتون، وخليفته "أوباما" صاحب مشروع تسريع إسقاط دول ـ المحمديين ـ الواقعة من النيل إلى الفرات، من خلال الفوضى الخلاقة، أو ثورات الربيع العبري.

وعليه:

   فقضية فلسطين، قضية الصراع فيها ليس سياسيًا، بل عقائديًا، يَتدين عدونا فيها بمعتقد يَظن أن فيه الخلاص والنجاة، يتلخص في إيجاد دولة يهودية على أرض فلسطين، تكون عاصمتها القدس، يتبع ظهور هذه الدولة مجيء المسيح مرة أخرى، ليخلص رعاياه مما اقترفوا من الآثام والمعاصي حتى يدخلوا الجنة بلا ذنب أو خطيئة!.

 مع التنويه أن اليهود ونصارى البروتستانت يختلفون في شخص هذا المسيح القادم.

فاليهود تنتظر مسيحًا على هيئة مَلِك (4)، يكون من نسل داود، ولهذا لا يُقرون بالمسيح "عيسى ابن مريم"، لأنه يأتي في صورة قديس.

   ومع ذلك يجتمعون على هذا المعتقد، بل وصل الأمر منذ سنوات لترويجه في العالم الإسلامي.

   فقد جندوا منذ سنوات شابًا شيعيًا يعيش في أمريكا، أنتج سلسلة أفلام وثائقية تركز على أحداث الساعة وما يكون فيها، مع إظهار بعض العداوة للصهيونية وليس لليهود، سماها "القادمون" حاول فيها الترويج لمعتقد "الألفية السعيدة" بنفس التفاصيل التي يؤمن بها "شهود يهوه"، زعم فيها أيضًا أن المسلمون ينتظرون مسيحًا مخلصًا ـ يقصد المهدي  الذي ينتظره الشيعة ليخرجهم مما يعانون ـ (5).

وكذا لجئوا لشيخ دجال يعيش في البحر الكاريبي يدعى "حسين عمران" ـ يحمل غلًا ملحوظًا على العرب وحكامهم  ـ يروج لهذا المعتقد، ليجعل شباب المسلمين يسلمون بصحة ما عليه اليهود والنصارى من هذا الدين المحرف، ويُصور لهم أن هذا هو صحيح ما جاءت به العقيدة الإسلامية.

   فالأمر خطير، يتطلب تكاتف المسلمون برد هذا الباطل بالرجوع  إلى صحيح الدين، والعودة إلى ما كان عليه رسول الله ـ  ـ وأصحابه ـ عليهم الرضوان ـ .

  واعتزال كل حاكه اليهود من برتوكولات سياسية، ووسائل إعلامية.

وتربية أبناء المسلمين على تعلم حقيقة الدين، وفهم حقيقة الصراع، وكيف يواجه؟، قبل أن يأتينا جميعًا الذبح أو نستبدل بغيرنا!.

والله هو المسئول أن يهدينا سبيل الرشاد.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد.
القاهرة 26 / صفر / 1442
13 / 10 / 2020

الفهرس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1): تأمل هذا التاريخ حتى تعلم أن هؤلاء النصارى من البروتستانت أشد حرصًا على إقامة دولة يهودية في فلسطين من اليهود أنفسهم، وأنهم سبقوا وعد بلفور بسنوات طوال.

(2): يُعد الرئيس الأمريكي "فرانكلين روزفلت" من أكثر من خدم الفكرة اليهودية في أمريكا، فقد جمع في أيام حكمه أكبر عدد من اليهود، حشرهم في دوائر الحكومة، ومكن لهم السيطرة على اقتصاديات البلاد.

  وفي عهده اتُّخذت "نجمة داود" شعارًا رسميًا لدوائر البريد، وللخوذ التي يلبسها الجنود في الفرقة السادسة!، وعلى أختام البحرية الأمريكية، وعلى طبعة الدولار، وشارات الصدر التي يضعها العمدة sheriff في كثير من المناطق!.

  ونجمة داود هذه .. كانت علامة لاحتقار الأوروبيون لليهود، فكانت تعلق في رقابهم إذا خرجوا من الأحياء المخصصة لهم، المسماه بحارة اليهود أو "الجيتو" ، فتعلق النجمة في رقابهم تميزا لهم حتى لا يختلطوا بأهل البلد التي يعيشون فيه، فلما تمكنوا في هذا العصر جعلوها شعارًا لهم، وتذكيرًا لصبرهم وجهادهم!.

(3): انظر المسيح اليهودي ص / ( 85 : 105)  ـ رضا هلال.

(4): الذي يأتي في صورة ملِك هو الدجال، فهم ينتظرون الدجال، فهم من شيعته، ومعهم الخوارج كلاب أهل النار، كما جاءت بهذا الأحاديث الصحيحة.  

(5): قمت بالرد على باطله في كلمة مختصره عام 2013 باسم "من وراء عبد الله هاشم؟!". 


أمراء المنفى .. والديمقراطية!

 

أمراء المنفى .. والديمقراطية!

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:


   فإن أمراء المنفى هم على الراجح من وضعوا الخطوط العريضة لبروتوكولات اليهود، وذلك أيام النفي البابلي؛ أما من صاغها ورتبها بطريقة عصرية فهذا ربما نتعرض له في كلمة أخرى.

   ومع أن النفي البابلي حدث منذ قرون، إلا أن هذه العصابة التي مازالت تعرف بنفس الاسم، هي من تتحكم في اليهود عالميًا، ولا يستطيع أحد الخروج عن طاعتها، كل ذلك يفعله اليهود من باب العرفان والتقدير لهذه العقول الفذة!.

   وليس "روتشيلد" وغيره من الأسماء اليهودية الكبيرة إلا خدام لمخططات وتوجيهات هذه العصبة.

   وهذه المخططات التي وضعت في البرتوكولات إنما هي أوامر تلمودية، ووصايا توراتية = يراد منها التمهيد لنبوءات بَشرت بها التوراة.

   والبرتوكولات إنما وضعت في الأساس لخداع الأمميين من غير اليهود

- وإن كان فيها بعض الأمور التي ستحدث للشعب المختار بعد تمكينهم في نهاية الزمان - ، فهي عبارة عن حقل ألغام من وضع رجله فيها لا يستطيع النجاة منه - إلا أن يشاء الله - .

    وهي مرتبة بطريقة تسلسلية تسحب من ينغمس فيها حتى يكون جندي من أبنائها!.

   فالبرتوكول الأول مثلًا يتكلم عن العلمانية، وفصل الدين عن الدولة، ويؤصل أيضًا إلى هدم الحكم الملكي، وتأسيس حكم مدني.

  فتأتي للبرتوكول التاسع والعاشر فتجد أسس وقواعد الحكم المدني من تأسيس مجالس نيابية وتشريعية وطرق اختيار الرئيس، وكل ذلك من خلال المنظومة الديمقراطية.

   بيد أن البرتوكول الأخير يتكلم عن الحكم الملكي وأنه هو الغاية التي وضعت البرتوكولات من أجلها، وذلك لأنهم ينتظرون ملِكا من نسل داود يحكم العالم، ويدين الناس جميعًا له بالطاعة، وهذا الملك يَنص على تعيينه أمراء المنفى!. (1)

    فهم يريدون هدم الحكم الملكي في العالم ليكون هناك مملكة واحدة، وهي مملكة الملك اليهودي "المنتظر"!.

  ويكون ذلك بإدخال العالم في دوامة الديمقراطية التي تَعصف بالدول والشعوب معَا.

    ويتبقى أمر..

   إن الديمقراطية التي يُروج لها في العالم الإسلامي، ودول كثيرة من الدول النصرانية الكاثوليكية، ليست هي عينها الديمقراطية التي أسست عليها ابنة اليهود البارة "أمريكا".

   فالديمقراطية الأمريكية أسست على نظام عقدي يَدين بالولاء لليهود وحماية وصايا الكتاب المقدس.

   فمن نظر في البرتوكول التاسع والعاشر من برتوكولات اليهود، يرى أنه ترجمة حرفية للعقد الاجتماعي ل "جون لوك" ؛ ونظرية "لوك" هذه ليست سوى إعادة صياغة للعهد اللاهوتي أو "لاهوت العهد" ، والذي هو عبارة عن: التمسك بالالتزامات التي تتعلق بالرب وأعضاء المجتمع، تقابله فوائد تعود على الجميع داخل المجتمع.

   وإذا أردت أن تفهم هذا الكلام الفلسفي البغيض، فهم يقصدون تأثير طاعات الفرد أومعاصيه ومخالفاته على المجتمع.

   فجاء "جون لوك" فحول العقد الاجتماعي من عهد بين الرب والناس، إلى عهد بين الأفراد والحكومة.

   وبهذه الخلفية بدأت الديمقراطية الأمريكية، فأعضاء مجلس الشيوخ يعلمون أن بينهم وبين الرب التزام مقدس، يمنعهم من اتخاذ قرارات تخالف تعاليم الكتاب المقدس، والتي تَنص على حماية اليهود، وتهيئة الأرض للقدوم الثاني للمسيح حتى تأتي بعده الألفية السعيدة.(2)

    فالديمقراطية الأمريكية ليست ديمقراطية علمانية، وليس الأغلبية هناك على العلمانية والإلحاد، بل يَعتبر أكثر من 85 %  من الشعب الأمريكي نفسه متدينًا، بخلاف ما تروج له وسائل الإعلام.

    ولهذا لما أراد الرئيس السابق "أوباما" رمي الرئيس الأمريكي الجديد "ترامب" بالضربة القاضية عند فوزه في الانتخابات عليه، زعم أن "ترامب" أخرج تمثال القس "مارتن لوثر" من المكتب البيضاوي، فسارع "ترامب" بالظهور ونفي هذا الكلام، لعلمه بإسقاط شعبيته إن صح هذا.

   وتأمل إلى وجود تمثال لقس في مكتب الرئيس الأمريكي في دولة تزعم العلمانية!.

ولعل من نافلة القول .. التنبيه أن سبب سكون مظاهرات أمريكا التي اندلعت أخيرًا بسبب قتل شرطي أبيض لرجل زنجي = خروج "ترامب" حاملًا الكتاب المقدس في يده، ووعده بتنفيذ العدالة!. والله المستعان!.

    وبهذا تكون النتيجة في المنتهي الترويج للعلمانية عند الأمميين من خلال الديمقراطية وتحكيم الشعوب للأغلبية - وإن كانت ملحدة - ، وتمسك أمريكا البروتستانتية بتعاليم الكتاب المقدس في إطار ديمقراطي في الظاهر. وعدم صدور أي قرار يخالف مصالح الدولة اليهودية.

وبهذا يكون اليهود خدعوا الجميع واستغلوهم في إنفاذ مخططهم.

ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين.

وكتب

أبو صهيب وليد بن سعد.

القاهرة ١9/  صفر / ١٤٤٢ هـ
6 / 10 / 2020

 

 هامش

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) : سعي الفرنسيون قديمًا، ثم الإنجليز من بعدهم لمساعدة اليهود ليكونوا أوصياء على هذا العرش، ولكن الأمر استقر في المنتهى لصالح أمريكا، فهي خادمة هذه المملكة الآن، وهي من تسعى بكل ما تستطيع لسرعة ظهورها.

(2) : انظر المسيح اليهودي ص / 83 وما بعدها، لرضا هلال - عفا الله عنه - .

يهود المارانو .. والسينما الأمريكية!

 

يهود المارانو .. والسينما الأمريكية!.

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

   فإنك تتعجب من ندرة الأفكار المطروحة في صناعة السينما الأمريكية، فهي قائمة على عدة أفكار قليلة تتكرر باستمرار.

  خلاصة هذه الأفكار هي: أن العالم يتعرض للدمار؛ وأنه أوشك على النهاية لولا تدخل أمريكا.

  فلن يقف في وجه الفضائيين الذين يريدون احتلال الأرض إلا الأمريكان!.

   ولن ينشر السلام في الأرض ويقضي على الشر إلا سوبر مان، وأصدقاؤه من أبطال أمريكا الخارقين!.

   ولن يواجه فيروس الزومبي الذي يحول الناس إلى حيوانات أكلة لحوم البشر إلا عالم أمريكي معه "سر الطبخة"!.. وهكذا...

   ولعله يعتقد البعض أن هذه الأفكار موجهة لغير الأمريكان لزرع الهزيمة النفسية فيهم، وتهيئتهم للخضوع لهذه الدولة!.

   والحق أن هذه الأفكار التي تتكرر دائما في السينما الأمريكية، ولا يملّ منها الشعب الأمريكي، بدليل تحقيقها أعلى الإيرادات، أنها مما يتدين به أهل هذه الأرض!.

   فالأمريكيون غالبًا ما يرون أنفسهم مكلفين بمهمة خاصة من الرب، صاغها لهم "جون أو سوليفان" في نظرية "المصير المبين" عام 1856 ، وفيها: أن الرب قدّر للشعب المختار "الأمريكي" أن يقود العالم إلى نهاية التاريخ! ـ يقصد قيام الساعة ـ ، وهو ما يعرف بالألفية السعيدة التي تأتي بعد المجيء الثاني للمسيح.

   هذا المعتقد الذي زرعه "يهود المارانو" في معتقد البروتستانت، بدعة  القس"مارتن لوثر" القائمة على تهويد المسيحية وتعظيم التوراة وتقديمها على الإنجيل.

  ويهود المارانو هم: من تحولوا من اليهودية إلى المسيحية هروبًا من محاكم التفتيش الإسبانية.

فدخلوا المسيحية كيدًا في أهلها كما فعل إخوانهم من يهود الدونمة مع أهل الإسلام.

  واستقر اعتقاد المجيء الثاني للمسيح المخلص في اعتقاد البروتستانت من الأمريكان والانجليز، والذي لابد له من تمهيد الأرض لهذا المجيء، والذي لن يحدث إلا بإرجاع اليهود إلى أرض يهودا "فلسطين"، والتكفل بحمايتهم؛ هذه المهمة التي فشل فيها الفرنسيون أيام نابليون وغزوه للشام عام 1799، والانجليز في محاولات كثيرة بدأت منذ عام 1837 ، وانتهت بتمكينهم أيام الانتداب البريطاني.

   غير أن ضعف بريطانيا أخرجها من هذه المهمة المقدسة ، وتحملت أمريكا وحدها هذا الالتزام الإلهي!، والتي بدأته بتطهير أرض كنعان الجديدة - من أول أسماء أمريكا عند اكتشافها  - من الكنعانيين "الهنود الحمر" الذي سكنوا هذه الأرض المقدسة، وليسوا أهلًا لها.

كما فعل العبرانيون مع أهل كنعان من الفلسطينيين كما في التوراة.

   ثم بدأت تمهيد الأرض لهذا المجيء من خلال ما يعرف ب "الإمبريالية التقدمية" و"العالمية الليبرالية" وغيرها من النظريات والمسميات التي استحلت بها احتلال بعض الدول قديمًا وحديثًا لنشر وتطبيق هذه النبؤة "المصير المبين".

فاحتلت أجزاء من جارتها المكسيك، وحاولت نقل حضاراتها الصليبية اليهودية إلى "الفلبين وكوبا وبنما وفيتنام".

   ومنذ سنوات تسارع في تمهيد الأرض التي نص عليها سفر التكوين - من النيل إلى الفرات - لمجيء المسيح الثاني، وبداية "الميللية" - الألفية السعيدة - ، فاحتلت العراق، وتحارب سوريا، وتساعد على انهيار اليمن، وتعمل على إسقاط مصر.

كل ذلك تفعله تدينًا بعيدًا عن الأغراض السياسية، من التسلط على مقدرات هذه البلاد من الثروات الطبيعية وما أشبه.

ولكن الأمر دين، يعتقد الأمريكان إنهم أولى الناس بحمله، وجلب السعادة للعالم  من خلال تمهيد الأرض للمجيء الثاني للمسيح، وإعادة بناء هيكل سليمان مرة أخرى.

والأمر لله من قبل ومن بعد.

وكتب

أبو صهيب وليد بن سعد.

القاهرة ١٨/  صفر / ١٤٤٢ هـ
5 / 10 / 2020