من أوجه فساد مخالفة السنة في زكاة الفطر:
الحمد لله وحده، والصلاة
والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن ينبغي أن يعلم من يزعم
أن إخراج زكاة الفطر نقدًا أفضل للمسكين من الطعام، أنه بزعمه هذا ساوى بين الناس في
قيمة الزكاة وليسوا كذلك.
فإن كانت الزكاة على هيئة السنة طعامًا، فكل مسلم
تجده يجتهد في إخراجها من أفضل الأطعمة، أو على الأقل مما يرضاه ويأكله في بيته.
والناس تتفاوت في الأرزاق، فمنهم من سيخرج صنف بعشر
جنيهات للكيلو، ومنهم من سيخرج صنف بمائة.
وستجد من يأكل الأرز بالزبيب والمكسرات، سيخرج
زكاته بهذه الهيئة.
ومن الناس من يتحرج من شراء صنف واحد من الطعام
للفقير، فيأتي فوق زكاته بأصناف أخرى..
كل ذلك وغيره يفعله برضا وطيب نفس.
فتحديد القيمة في الزكاة على أقل الأصناف سعرًا
كما هو الواقع ـ تحدد على سعر القمح! ـ، وتعميم ذلك على كل أفراد الأمة من غير نظر
لتفاوتهم في الفقر والغنى .. فيه ظلم شديد للفقير.
فتأمل كيف يساوى هؤلاء بين من دخله 2000 جنيه، والذي
دخله 20000 جنيه؟
ولهذا يقول العلماء: من
يخالف السنة يتناقض!
فالسنة السنة عباد الله! ودعكم مما استحسنته العقول.
فإن من استحسن فقد شرّع،
كما قال الشافعي الإمام رحمه الله تعالى.
وأيضا:
يحتجون على مخالفتهم للسنة
في هذا الباب، بأن أبا حنيفة ـ رحمه الله ـ قال بجواز النقد في زكاة الفطر!.
ومع أن كتب الأحناف على
خلاف ذلك، فالإمام رحمه الله في أكثر من كتاب ذكر أن زكاة الفطر صاعا من شعير، أو نصف
صاع من دقيق، وذكر القيمة عندما سئل عمن وجبت في حقه الزكاة وليس عنده مال، يعنى ليشترى
الطعام، فقال: هي في ذمته حتى يأتيه مال.
فليس هنا تجويز للمال مكان
الطعام، فتأمل!.
ومع ذلك فإن الجواز عند
الفقهاء = هو انتقال عن الأصل لعلة طارئة، فإن زالت العلة، رجع للأصل، وبطل الجواز.
مثال: يجوز التيمم عند فقد الماء، فإن وجد الماء
بطل التيمم.
فكانت الصلاة بالتيمم صحيحة عند فقدان الماء،
فلما وجد الماء بطلت صلاة من تيمم بعدها.
فالجواز فرع.. يُنتقل إليه عند فقد الأصل، فإن وجد
الأصل بطل العمل بالفرع .
وزكاة الفطر هي الأصل، فرضها رسول الله ـ صلى الله
عليه وسلم ـ بهيئة معينة على أمته، كما في حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ :
"فرض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير".
الحديث.
فهي فرض " أصل" ، لا يُنتقل عن صورته
في الشرع إلى "الفرع" إلا عند انعدام الأصل، كمسلم يعيش في دولة تعاني مجاعة
مثلًا.
وحتى في هذه الحالة، إخراجها نقدًا ليس بلازم أيضًا
عند التحقيق.
وذلك لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما وضع
التخيير في زكاة الفطر بين أصناف مختلفة، ولم يذكر فيها الدراهم، علمنا أنها خارجة
من المسألة.
والله أعلم.
وصلى الله على محمد وعلى
آله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة ١٧ / رمضان /
١٤٤٢ هـ
29 / ابريل / 2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق