إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 13 يوليو 2013

اعتقاد " عبد الله هاشم " صاحب سلسلة القادمون!



    
 اعتقاد " عبد الله هاشم "
صاحب سلسلة القادمون!

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :

  فإن سلسلة القادمون لعبد الله هاشم هي جزء من "أيدلوجية الشرق الأوسط الجديد"، المقصود منها : تميع مسألة الدين وتضيع الولاء والبراء .

  فلا يُفرق بين النصراني واليهودي والبوذي والمسلم، وأيضا إذابة الفروق العقيدية بين السني والشيعي .

    و"عبد الله هاشم" مخرج هذه السلسة شيعي رافضي ، والدليل على ذلك تصريحه بذلك في الحلقة الأولى من سلسلة المرحلة الثالثة .

   بيد أن الأخطر من ذلك أن هذه السلسلة صنعت على عين اليهود، وبالأخص أصحاب عقيدة شهود يهوه .

    ومن أراد توسعة البحث فليبدأ بالتعرف على "عقيدة شهود يهوه"، وما اسم حركتهم؟، ثم يقارن بين اسم حركة عبد الله هاشم ،ثم يراجع نشره لنفس هذه العقيدة في القادمون ، وليرجع غير مأمور إلى الحلقة 49 ، 51 من سلسلة القادمون ، والحلقة 9 من سلسله المرحلة الثالثة .

    ولا ننسى أن الشيعة هم حمير اليهود لا يدخلون بلد إلا على ظهورهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ، و قد أخبر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الدجال يخرج معه من شيعته سبعون ألفًا من يهود اصبهان ، واصبهان تقع اليوم فى إيران الشيعية الرافضية ، والذين هم من نسل ابن سبأ اليهودي ، والموضوع فى حاجة لبسط ليس هذا وقته، ولكن قبل أن انتهى فأنا أتبرء من أكثر ما جاء في هذه الحلقات ولا أنصح مسلم بمشاهدتها ، وأرجو إغلاق الموسيقى في الحلقات التي أشرت إليها حتى لاندخل تحت قول الله تعالى : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ }

وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم.



وكتب

أبو صهيب وليد بن سعد  

القاهرة 28 / 9 / 2011                                                     

الثلاثاء، 9 يوليو 2013

محمد مرسي المعزول !

محمد مرسي المعزول !

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد :

فإن ما قام به الجيش المصري من عزل "محمد مرسي العياط" لم يكن انقلاباً على دولة الإسلام، أو نهاية للإسلام في مصر كما يروج البعض! .
لأن كل ما حدث على أرض مصر منذ الخروج الأول المسمى " 25 يناير" ليس للإسلام به تعلق.
فلم يكن يوماً من دين الإسلام " المظاهرات أو الاعتصامات أو العصيان المدني، بل هذه الأمور من سُبل الخروج على الحكام، وهذا محرم في هذا الدين العظيم.
وإنما الذي حدث هو: انهياراٌ لأصول وبدع روج لها وأسسها أهل الأهواء والبدع بين شباب هذه الأمة، فيما أسموه بالمشروع الإسلامي !، إذ صوروا الرسالة التي نزلت على محمد بن عبد الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالمشروع !، كأنهم يتكلمون عن تأسيس حانوت لبيع البقالة ومواد النظافة، وجعلوا أبناء هذه الرسالة الخاتمة أصحاب اتجاه فكري كالعلمانية والشيوعية، فسموهم أبناء التيار الإسلامي!، ثم زادوا في الضلال، فقسموهم إلى إسلاميين و... ( لا ندري ماذا؟ ).
ولهذا كان الفشل والذل والصغار حليف هؤلاء القوم الذين حرفوا، وبدلوا، وابتدعوا، وخالفوا الصراط المستقيم، وفي الأثر : (( ... وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم )).
فليس لدين الإسلام العظيم تعلق بما حدث، وبما كان، وبما هو كاِئن، إذا هو دين الله العظيم، دين المحجة البيضاء الذي لا يضره تلوث بعض أبناءه بالبدع والخرافات والخزعبلات، والأمر لله من قبل ومن بعد.

وإن كان القلب يكاد ينفطر مما أوصل إليه هؤلاء المنحرفون البلاد، إذ أرجعوا "مصر" مرة أخرى إلى زمن المماليك البحرية !، زمن " عز الدين أيبك" و" فارس الدين أقطاي!"و" سيف الدين قطز"و" الظاهر بيبرس!"، تلك الحقبة التي كان يتسلط على البلاد كل عدة شهور حاكم وسلطان جديد!، يلتزم له الناس ببيعة جديدة، وسمع وطاعة .. ثم عدة شهور، ويتسلط على الحكم أخر، ويلتزم الناس بما ألتزمت به في حق الأول!، ويبدأ انقسام الناس إلى مؤيد ومعارض، ويظهر البغض والشحناء بين أبناء الدين الواحد، وربما يتطور الأمر ليصبح حرب أهلية، يقتل فيها الرجل أباه، ويقتل فيها الصاحب صاحبه .. وتعم الفوضى .. وتسعد عين الأعداء .. وتضعف شوكة المسلمين .. وتشد شوكة الكافرين .. ثم يبدؤون في غزونا، فبعد أن كنا نشتكي من حاكم ظالم، يتسلط علينا حاكم كافر! .. { وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }،{ وَمَا رَبُّكَ بظلام لّلْعَبِيدِ }.

وقد قيل:

لا تَعجبوا للظلم يَغْشَى أمةً ......... فتَبوءَ منه بفادح الأثقالِ
ظُلم الرعية كالعقاب لجهلها .......... ألـمُ المريض عقوبةُ الإهمالِ

فبعد أن ظهر في الأمة المصرية منذ شهور طائفة "أسفين يا ريس!" ( أنصار المخلوع!)، ظهور اليوم طائفة "أسفين يا مرسي!" ( أنصار المعزول !)، وغداً تخرج علينا طائفة "أسفين يا ..."( أنصار المنزوع!) .. وهكذا دوليك، مع اتهام كل طائفة للأخرى بالعمالة والنفاق وبيع الوطن ، والعدو الذي زين لنا "حركة 6 أبريل" بالأمس، هو هو من زخرف لنا اليوم " حركة تمرد" ، وسيخرج علينا غداً بحركة جديدة، واسم جديد، ومازالت الأمة تتفسخ وتتفسخ، والأمر لله.

والذي يجادل في أن ما حدث في ثورات "الخريف العربي!" ليس من فعل أعداء الإسلام، فعلية أن يمسك لسانه، ولا يتكلم، إذ هو روبيضة، ليس له الكلام في أمر العامة.
وتربص ونكاية أهل الكفران بأهل الإسلام لا تحتاج إلى تذكير، بيد أنه يخفى على البعض احتراف هؤلاء في ابتكار أساليب جديدة للمكر بالمسلمين بين الحين والأخر، فتراهم في هذه الأزمان يزرعون في الأمم المتناقضات من أجل إسقاطها، والأمر قريب حين تنظر من قريب.

ففي البرتوكول الأول من تلك البرتوكولات التي وضعها يهود لإغراق العالم في الفوضى ثم السيطرة عليه، تجدهم يؤصلون لفكرة العلمانية والدفع لتبني الديمقراطية، إذ يقولون : (( لقد مضى الزمن الذي كانت الديانة فيه هي الحاكمة ( العلمانية )، وإن فكرة الحرية لا يمكن أن تتحقق، إذ ما من أحد يستطيع استعمالها استعمالاً سديداً. يكفي أن يعطي الشعب الحكم الذاتي فترة وجيزة ( الديمقراطية )، لكي يصير هذا الشعب رعاعاً بلا تمييز، ومنذ تلك اللحظة تبدأ المنازعات والاختلافات التي سرعان ما تتفاقم، فتصير معارك اجتماعية، وتندلع النيران في الدول ويزول أثرها كل الزوال.
وسواء أنهكت الدول الهزاهز ( الفتن ) الداخلية أم أسلمتها الحروب الأهلية إلى عدو خارجي، فإنها في كلتا الحالتين تعد قد خربت نهائياً كل الخراب وستقع في قبضتنا)) .

قلت : وإن كان هذا عام لإسقاط جميع الأمم وسهولة السيطرة عليها، إلا أن الأمة المصرية لها فضل تخطيط من هؤلاء .

ففي الإصدار الثاني للكتاب المقدس! لدار الكتاب المقدس بمصر لعام ( 2004 ) ص/ 510، تحت عنوان: ( نبوءة عن مصر ) من سفر إشَعياءَ، تجد هذا النص : (( ... وأهيج مصريين على مصريين، فيحاربون كل واحدٍ أخاهُ وكلُّ واحدٍ صاحبهُ: مدينةٌ مدينةً، ومملكةٌ مملكةً ، وتُهراقُ روح مصر داخلها، وأُفني مشورتها، فيسألون الأوثان والعازفين وأصحاب التوابع والعرافين. وأُغلقُ على المصريينَ في يَدِ مولى قاسٍ فيتسلطُ عليهم ملكٌ عزيزٌ يقول السيد رب الجنود.
وتنشف المياه من البحر، ويجفُّ النهرُ وييبسُ(1). وتنتن الأنهار وتضعف وتجف سواقي مصر، ويتلف القصب والأسلُ . والرياض على النيل على حافة النيل، وكل مزرعة على النيل تيبس وتتبدد ولا تكون. والصيادون يئنون، وكل الذين يلقون شصا في النيل ينوحون، والذين يبسطون شبكة على وجه المياه يحزنون. ويخزى الذين يعملون الكتان الممشط والذين يحيكون الأنسجة البيضاء. وتكون عمدها مسحوقة وكل العاملين بالأجرة مكتئبي النفس! )).

وفي صفحة ( 578) من سفر إرميا ( 46 ) تحت عنوان ( كلام الرب عن مصر ) كلام شبيه، وكذا في صفحة ( 613 ) سفر حزقيال ( 29 ) تحت عنوان ( نبوءة ضد مصر )، و حزقيال (30 ) صفحة ( 614 ) ، وفيه : (( ... ويأتي سيفٌ على مصر ، ويكون في كوشَ خوف شديد، عند سقوط القتلى في مصر، ويأخذون ثروتها وتهدم أسُسها، ... وتنحط كبرياء عزتها. من مجدل إلى أسوان يسقطون فيها بالسيف ...فتفتقر في وسط الأراضي المُقفرة، وتكون مدنها في وسط المدن الخربة، ...ويكسر جميع أعوانها )).

فهذا شيء مما في كتب يهود الذي يعتقدون أنها مقدسة، وأن السعي لتحقيق ما فيها من نبوءات فريضة واجبة، ليهج المصريون بعضهم على بعض، وليخرب النهر، ولتنزع السياسة من أيدي الحكام والساسة ولتجعل في أيدي الجماهير من العوام، لينشغل العوام بدوامة السياسة، وينشغلوا عن العمل والأنتاج، والجمهور بطبيعته بربري في تصرفاته، إذ المسيطر عليه العقل الجماعي، فما أن توضع في يده الحرية ( الديمقراطية ) حتى يمسخها سريعاً إلى فوضى، ولهذا كانت شعارات هذه الثورات المشئومة ( الشعب يريد إسقاط النظام )، فإن سقط النظام حلت الفوضى لا محالة.
فيخربون بيوتهم بأيدهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا! .

ومع مرارة الأمر وفظاعته، لكنه لا يخلوا من خير ـ إن شاء الله ـ ، فقد بحت حناجر أهل السنة الخُلصّ من التحذير من أئمة الأهواء والبدع، وشيوخ الفتنة والضلالة، وأنهم أشد خطراً على الأمة من اليهود والنصارى، إذ يُنسب ضلالهم وانحرافهم إلى دين الإسلام العظيم.

وها قد رأتهم الناس على حقيقتهم، من كونهم تجار دماء، وديمقراطيون أشد من الديمقراطيين أنفسهم !، لما وصلوا إلى الحكم تنكروا للشريعة، وحكموا بالقوانين الوضعية، بل هم من وضعوا دستور أول بنوده كانت ( السيادة للشعب ! )، وكانوا يكفرون من قبلهم بأقل من ذلك!.
وأدخلوا نصوص التوراة والإنجيل في منهاج التعليم، فضلاً عن تحرفيهم لحديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدلاً من : (( من بدل دينه فاقتلوه ))، إلى : (( من بدل دينه فاحترموه ! )).

وأكلهم الربا باسم طبيعة المرحلة!، وإباحة بيع الخمر، وتصريح فتح الكباريهات باسم تسير عجلة الإنتاج !، وتكريم أهل المجون والفسق من الفنانين وغيرهم باسم فقه الواقع!.
فضلاً عن تبنيهم لأهل الزندقة، فلم يُفتح الباب أمام الغزو الشيعي الرافضي الخبيث إلا على أيدي هؤلاء. حتى دخل علينا كبير المجوس "أحمدي نجاد" ـ الذي يرمي أمهات المؤمنين بالفاحشة!، والصحابة بالكفر، والفاروق عمر بما هو معلوم ـ مشيراً لأتباعه من الرافضة الأنجاس بعلامة النصر علينا، نحن أهل السنة.

ولما ظهر للناس انحرافهم وإفلاسهم، وأنه ليس بين أيديهم حجة من الكتاب والسنة، لجئوا إلى سُبل الدراويش والنصارى ـ عياذاً بالله ـ فيخرج علينا " عبد الرحمن عبد البر" ـ مفتي تنظيم الإخوان المفسدين ـ ليقرر لنا أن الحاكم المنتخب مختار من قِبل الله، فمن يقف أمامه يقف أمام الله!.
وأخر : يحدثنا أنه رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يكتب بيده على قبة البرلمان ـ الديمقراطي ـ لا إله إلا الله محمد رسول الله!.
وثالث : رآه صلى الله عليه وسلم يصلي مؤتماً بالرئيس المنتخب!.
ورابع: يرى جبريل ـ عليه السلام ـ ينزل عليهم في مدينة نصرـ في رابعة العدوية ـ لكي يدرك معهم قيام الليل!.
حتى أنهم لآخرِ لحظة لم يتقوا الله ـ عز وجل ـ في دماء المسلمين، ودفعوا بهم إلى الشوارع دفاعاً عن الشرعية، التي هي الديمقراطية، وليس دفاعاً عن الشريعة، التي هي دين الإسلام.
فالحمد لله الذي أظهر للناس انحرافهم وضلالهم، وأنهم قوم سوء مبتدعة، لا يُنسب شيء من فعلهم إلى الإسلام، إذ الإسلام من أفعالهم براء.
وغفر الله لمن قال : (( أهل الأهواء والبدع أقوام ضربت عليهم الذلة، ولو تمكنوا لبدلوا الملة )) ، فالحمد لله رب العالمين.

وحرف المسألة التي خالف فيها هؤلاء أهل السنة، هي : قاعدة الإصلاح في دين الإسلام لإقامة الدولة الإسلامية ، كيف تكون؟ .

هل تكون بإصلاح الرأس ( الحاكم )، أم بإصلاح القاعدة ( الجماهير ) ؟
وقاعدة الإصلاح التي عليها أهل السنة أتباع منهج السلف، أن الإصلاح يبدأ من القاعدة ( الجماهير )، لقوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حتى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ } [ الرعد : 11 ] ، أما أهل الأهواء والبدع فخالفوا وأحدثوا فهما جديدا، بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بحكومتهم!، فكانت النتيجة كلّ هذا الفساد التي تعيشه البلاد.
فالحاكم الصالح في الإسلام هو ثمرة الرعية الصالحة، فالرعية هي الشجرة، والحاكم هو الثمرة، فإن كانت جذور هذه الشجرة طيبة الأصل، صالحة المنبت، كانت ثمرتها طيبة وصالحة، وإن كانت تسقى هذه الجذور من ماء الصرف مثلاً، ما المتوقع الذي تكون عليه الثمرة؟!، فإنها حتى لو خرجت جيدة المنظر، فهي بلا شك خبيثة المذاق والمطعم.
وتأمل قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( إنما الأعمال كالوعاء إذا طاب أسفله طاب أعلاه، وإذا فسد أسفله فسد أعلاه )) [رواه ابن ماجة، وصححه الشيخ في صحيح الجامع ( 2320 )، ورواه ابن حميد في مسنده بسند أجود].
ولهذا كان من حكمة الرب ـ سبحانه ـ لإصلاح حال العباد، أن منعهم الحاكم الصالح إن كانوا أهل سوء، وذلك بجعل أمر الملك بيده وحده، واقرأ قوله تعالى : {قُلِ اللهم مَالِكَ الملك تُؤْتِي الملك مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الملك مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ الخير إِنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [ آل عمران : 26 ] .
فالذي يؤتي الملك (الله)، والذي ينزعه (الله)، فإن استقامت العباد ولي عليهم الصالحين، وإن فسدوا تسلط عليهم الظالمين.


فالحاكم صورة الرعية، وكما تكونوا يولى عليكم.


قال ابن قيم الجوزية ـ رحمه الله ـ : (( وتَأمَّلْ حِكمتَه تَعالى في أن جعَلَ مُلوكَ العِبادِ وأُمراءَهم ووُلاَتَهم مِن جِنس أَعمالِهم، بل كأنَّ أَعمالَهم ظهرَت في صُوَر وُلاَتهم ومُلوكِهم ، فإن استَقامُوا استَقامَت مُلوكُهم ، وإن عدَلوا عدَلَت علَيهم، وإن جارُوا جارَت مُلوكُهم ووُلاَتُهم، وإن ظهَرَ فيهم المَكرُ والخَديعةُ فوُلاَتُهم كذَلكَ ، وإن مَنَعوا حُقوقَ الله لدَيهم وبَخِلوا بها ، مَنعَت مُلوكُهم ووُلاَتُهم مَا لهم عندَهم مِن الحقِّ وبَخِلوا بها علَيهم ، وإن أَخَذوا ممَّن يَستَضعِفونه مَا لاَ يَستَحقُّونه في مُعاملتِهم ، أَخذَت مِنهم المُلوكُ مَا لاَ يَستَحقُّونه وضَرَبَت علَيهم المُكوسَ والوَظائفَ ، وكلُّ مَا يَستَخرِجونَه من الضَّعيفِ يَستَخرِجُه الملوكُ مِنهم بالقوَّةِ ، فعمَّالُهم ظهَرَت في صُوَر أَعمالِهم ، وليسَ في الحِكمةِ الإلهيَّةِ أن يُوَلَّى على الأَشرارِ الفجَّارِ إلاَّ مَن يَكونُ مِن جِنسِهم ، ولمَّا كانَ الصَّدرُ الأوَّلُ خِيارَ القُرونِ وأبرَّها كانَت ولاَتُهم كذَلكَ فلمَّا شابُوا شابَت لهم الولاَة.

فحِكمةُ الله تَأبَى أن يُوَلَّي علَينا في مِثل هَذهِ الأَزمانِ مِثلُ مُعاويةَ وعُمرَ بنِ عَبدِ العَزيز ، فَضلاً عن مِثل أبي بَكرٍ وعُمرَ ، بَل ولاَتُنا على قَدْرنا، ووُلاَةُ مَن قَبلَنا على قَدرِهم وكلٌّ مِن الأَمرَين مُوجبُ الحِكمةِ ومُقتَضاها )) اهـ



قلت : فالجزاء من جنس العمل، والله يقول : {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً}[الأنعام:129].

وقال الأعمش: ((إذا فسد الناس أُمّرَ عليهم شِرارُهم )).[الدر المنثور للسيوطي3 / 358 ].

وسمع الحسن البصري رجلاً يدعو على الحجاج، فقال له : (( لا تفعل إنكم من أنفسكم أُتيتم ، إنما نخاف إن عُزل الحجاج أو مات أن يتولى عليكم القردة والخنازير ، فقد روى أن أَعمالَكم عُمَّالُكم ، وكما تكونوا يُولى عليكم ))[ رواه الطبراني].

فهذا فهم السلف لهذه القضية، ولم يعلم قط أن الشرع خرج من رحم الحكم، وإلا كان وافق نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ على عرض المشركين في مكة عندما قالوا: (( إذا أردت ملكاً ملكناك ))، فرفض، لأن هذا العرض فيه تنازل عن بعض أصول الإسلام، وكانت القاعدة الإيمانية لأبناء الدولة الإسلامية لم تكن قد بنيت بعدُ، وكذلك موسى عليه السلام كان بإمكانه الرجوع إلى قصر فرعون بعد هلاك فرعون وجنوده، وأن ينشر الشريعة وهو في سدة الحكم، ومع ذلك لم يفعل، لأنه خلاف سنن الله في خلقه.
وحال النجاشي لا يخفى!، هذا الرجل مدحه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ووصفه بالعدل وذلك حال كفره، فما بالك بعد أن أسلم؟!، ومع ذلك مات ولم يوجد في أرضه مسلم يصلى عليه صلاة الجنازة بعد موته، وقد كان هو ملك البلاد، ولم يستطع إدخال غيره في الإسلام، فضلاً عن تطبيق الشرع.


فأي مخالفة لهذه السنة الكونية، لا ينتج عنها غير الدمار والفساد.
فاستبدال الحاكم الظالم بأخر صالح لا يكون إلا بتوبة الرعية، واستقامتها على أمر الله، وإلا...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (منهاج السنة النبوية) : (( ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته، والله تعالى لم يأمر بقتال كل ظالم وكل باغ كيفما كان ولا أمر بقتال الباغين ابتداء )).

وعليه: فإن تمسك المسلمون بقاعدة أهل السنة في الإصلاح، فأصلحوا من أنفسهم أولاً، منَّ الله عليهم بالحاكم الصالح الذي يطبق فيهم شرع ربهم، وإن خالفوا واتبعوا السُبل لم يتولد عن هذا إلا مزيد من الفساد والدمار، نسأل الله العفو والعافية.


والبيـتُ لا يُبْتَنَـى إلا لـهُ عَمَـدٌ......................ولا عِمـادَ إذا لـمْ تُـرْسَ أَوْتـادُ
فـإنْ تجمـعَ أَوتــادٌ وأَعـمـدَةٌ................ ... .وساكنُ بلغوا الأمرَ الـذي كـادوا
لا يَصْلُحُ الناسُ فَوضَى لا سَراةَ لَهُمْ...... ........ولا سَـراةَ إذا جُهالُهُـمْ ســادُوا
تُلفَى الأمورُ بأهلِ الرشْدِ ما صَلَحَت..... ..... ...فـإنْ تَوَلـوْا فبالأَشْـرارِ تَنْـقـادُ
إذا تَولـى سَـراةُ القـومِ أَمْرَهُـمُ............. .....نَما على ذاك أَمْرُ القـومِ فـازْدادُوا



وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 25 شعبان 1434
4 / 7 / 2013

ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) : لعله يُعلم الآن من وراء سد النهضة في أثيوبيا، ويفهم من لا يعلم أن من أراد فهم السياسة فعليه فهم دينه أولاً.

الأحد، 23 يونيو 2013

الفتنة الحمراء !






الفتنة الحمراء !

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد :

قال الله عز وجل : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ } [ سورة المائدة ] .

هذه قصة أول دم سفك على وجه الأرض ، ولهذا يقول رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم : (( لا تقتل نفس ظلما ، إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه كان أول من سن القتل )) [ متفق على صحته ] .

ويقول ربنا عز وجل : { وَلاَ تَقْتُلُواْ النفس التى حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق } [ سورة الإسراء ] .

ويكون ذلك بإقامة حدود الله، فمن قتل يقتل، ومن زنا وهو محصن يرجم، ومن ارتد عن دينه يقتل، ...الخ ؛وذلك لا يكون إلا للسلطان .

وقال عز وجل : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } [ النساء : 93 ].

وقال سبحانه في صفات عباد الرحمن : { والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النفس التى حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذلك يلق أثاماً يضاعف لَهُ العذاب يَوْمَ القيامة وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَن تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالحا } [ الفرقان : 68-70 ] .
وقال تعالى : { وَإِذَا الموءودة سُئِلَتْ بِأَىّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } [ التكوير : 8 ، 9 ] .

والموءودة : هي الفتاة التي كانت تقتل في الجاهلية بدفنها في التراب وهي حية، ليس لها ذنب إلا لأنها فتاة ! ، فيوم القيامة تسألبِأَىّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ؟ ، فإذا سئل المظلوم فما ظن الظالم إذا ؟

عند أحمد في مسنده وعند غيره في غيره ، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : من في الجنة ؟ فقال : (( النبي في الجنة ، والشهيد في الجنة ، والمولود في الجنة ، والموءودة في الجنة )) وصحح الشيخ الألباني لفظة ((  والوئيد في الجنة )) كما في تحقيقه على سنن أبي داود .

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( اجتنبوا السبع الموبقات  ، قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : " الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ( يعني : هرباً لا حيلة أو خديعة ) ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات )) [ متفق عليه ] .

وقال ابن عمر ـ رضي الله عنهما : (( إن من ورطات الأمور ، التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها ، سفك الدم الحرام بغير حله )) . [ رواه البخاري وغيره ] .

وسأل رجل عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ هل للقاتل من توبة ؟ فقال ابن عباس كالمعجب من شأنه : ماذا تقول ؟ فأعاد عليه مسألته فقال : ماذا تقول مرتين أو ثلاثا ؟
 قال ابن عباس : سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : (( يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدى يديه متلببا قاتله باليد الأخرى تشخب أوداجه دما حتى يأتي به العرش فيقول المقتول لرب العالمين : هذا قتلني ، فيقول الله عز وجل للقاتل : تعست ويذهب به إلى النار )) . [رواه الترمذي وحسنه والطبراني في الأوسط وصححه الشيخ ناصر في صحيح الترغيب والترهيب ] .

وعن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء )) [ رواه مسلم وغيره ] ، وعند النسائي بسند صحيح لغيره، قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، وأول ما يقضي بين الناس فيه الدماء )) .

قلت : وانتبه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم  : ((وأول ما يقضي بين الناس فيه الدماء )) فقال : (( الدماء )) ولم يقل : القتل .

وعن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركا أو مؤمن قتل مؤمنا متعمدا )) رواه أبو داود وابن حبان ، وصححه الشيخ الألباني ـ عليه الرحمة ـ في صحيح الجامع (4524 ) .

وعن البراء بن عازب أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق )) رواه ابن ماجة بسند صحيح .

وعنده أيضا بسند صحيح لغيره عن عبد الله بن عمرو قال رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يطوف بالكعبة ويقول : (( ما أطيبك وما أطيب ريحك ما أعظمك وما أعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك ماله ودمه )) . [ انظر صحيح الترغيب والترهيب (2441 ) ] .


قلت : ووقوع المسلم في المحرمات والمعاصي لا يبيح دمه أو ماله إلا بإحدى ثلاثة, لقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  : (( لا يحل دم امرئ مسلم ، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمارق من الدين التارك للجماعة )) [ رواه البخاري ] .

وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار )) [ رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب ، وقال الشيخ ناصر في صحيح "الترغيب والترهيب" صحيح لغيره ] . 


وعند مسلم عن أبي هريرة ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل ، ولا يدري المقتول على أي شيء قتل )) .
 
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أن بين يدي الساعة الهرج " . قيل : وما الهرج ؟ قال : " الكذب والقتل " . قالوا : أكثر مما نقتل الآن ـ وفي رواية : أكثر مما يقتل المسلمون في فروج الأرض ؟ ـ . قال : " إنه ليس بقتلكم الكفار ، ولكنه قتل بعضكم بعضا حتى يقتل الرجل جاره ، ويقتل أخاه ، ويقتل عمه ، ويقتل ابن عمه " . قالوا : سبحان الله ومعنا عقولُنا ‍‍‍ ؟ قال : " لا . إلا أنه ينزع عقول أهل ذلك الزمان ، ويخلف له هباءٌ من الناس، يَحسب أكثرهم أنهم على شيء، وليس على شيء )) ، قال أبو موسى : والذي نفس محمد بيده لقد خشيت أن تدركني وإياكم تلك الأمور ، وما أجد لي ولكم منها مخرجا فيما عهد إلينا نبينا صلى الله عليه وسلم إلا أن نخرج منها كما دخلناها ، لم نحدث فيها شيئا )) . [ رواه أحمد، والبزار، وابن ماجه، وغيرهم، وهو صحيح ].

قلت : وذلك عند حدوث الفتن التي تختلط فيها الأمور وتشتبه ، ويقع فيها القتل, وتذهب العقول، فلا يدري القاتل فيما قتل، ولا المقتول على أي شيء قتل ! ، وقد رأينا ذلك في ثورات الخريف العربي ! ، فمن أدرك مثل هذا الزمان فليلزم بيته، ويخزن لسانه، ويبكي عل خطأته .

وفي صحيح مسلم أن أبا بكرة ـ رضي الله عنه ـ لقي الأحنف بن قيس فقال :  : أين تريد يا أحنف ؟ ، قال : قلت : أريد نصر ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني عليا - قال : فقال لي : يا أحنف ارجع ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إذا تواجه المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول في النار )) فقلت : يا رسول الله هذا القاتل ، فما بال المقتول ( يعني : ما شأنه ) ؟ قال : (( إنه قد أراد قتل صاحبه ))  ، وعند البخاري : (( أنه كان حريصاً عل قتل صاحبه )) .

قلت : فهذه وصية من أحد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم باعتزال الفتن والقتال ، وإن كان العبد فيها في صف رجل مبشر بالجنة، وذلك لأن حال القاتل والمقتول فيها سوء .
ولم يكن يعلم السلف ـ عليهم الرضوان ـ فقه المجاملات ! الذي أبتدعه شيوخ الضلالة والفتنة في زماننا ، من أن من قتل في الفتنة يسمى شهيداً !، حتى سمعنا بالشهيد "مينا " !! ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وعند أحمد والحاكم وغيرهما بألفاظ متقاربة، عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه قال :  سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((  تكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع ; والمضطجع خير من القاعد , والقاعد خير من القائم , والقائم خير من الماشي , والماشي خير من الساعي , قتلاها كلها في النار " , قال : قلت : ومتى ذاك يا رسول الله , قال ; ذاك أيام الهرج , قلت : ومتى أيام الهرج ؟ قال : (( حين لا يأمن الرجل جليسه )) , قال : قلت فبم تأمرني إن أدركت ذلك , قال : (( ادخل بيتك )) , قلت : أفرأيت إن دخل علي ؟ قال : (( فادخل مخدعك )) , قال : قلت : أفرأيت إن دخل علي ؟ قال : قل هكذا , وقل : بؤ بإثمي وإثمك , وكن عبد الله المقتول )) [ قال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. وكذا الألباني ] .

وعن رجل ، من عبد القيس كان مع الخوارج ، ثم فارقهم ، قال : دخلوا قرية ، فخرج عبد الله بن خباب ، ذَعِراً يجر رداءه ، فقالوا : لم تُرَعْ ؟ قال : والله لقد رُعْتُمُونِي . قالوا : أنت عبد الله بن خباب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . قال : فهل سمعت من أبيك ، حديثا يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تُحَدِّثُناهُ ؟ قال : نعم ، سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، قال : " فإن أدركت ذاك ، فكن عبد الله المقتول ، قال أيوب : ولا أعلمه إلا قال ، ولا تكن عبد الله القاتل " . قالوا : أنت سمعت هذا من أبيك يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . قال : فقدموه على ضفة النهر ، فضربوا عنقه فسال دمه كأنه شراك نعل ما ابذقر ( المعنى : سال دمه في خط واحد ولم يتفرق كهيئة السير الجلد الذي يكون أعلى النعل يربطه ) ، وبقروا أم ولده عما في بطنها  ) [ رواه أحمد في المسند واللفظ له ، وهو في الصحيحين ] .


قلت : وهذا هو حال قتال الفتنة ..لا حرمة لدم ولا مال ولا عرض ولا لأي شيء، إنما هي وحوش تسعى في الأرض، وكلما قتل الواحد منهم أكثر، فرح أكثر !، لظنه أنه أقترب من تحقيق هدفه ومراده ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ((من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا )) [ رواه أبو داود والطبراني في مسند الشاميين، وصححه الألباني ]  .
قال خالد بن دهقان : سألت يحيى بن يحيى الغساني عن قوله " ثم اغتبط بقتله " ؟ قال : هم الذين يقتلون في الفتنة فيقتل أحدهم , فيرى أنه على هدى , ولا يستغفر الله منه أبدا .

فالواجب على العبد المسلم إن وقعت مثل هذه الفتن لا يغادر بيته، امتثالاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال فى الفتنة : ((  اجلس فى بيتك فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فغط وجهك )) وفي لفظ : (( فكن كخير ابني آدم )) وفى لفظ : (( فكن عبد الله المقتول و لا تكن عبد الله القاتل )) [ رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني في الإرواء ]  .

قلت : وكان التزام أبا سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ بهذا الحديث سبباً لنجاته من القتل، فإنه لما وقعت واقعة الحرة، انصرف أبو سعيد فدخل مغارة، فلحقه رجل من أهل الشام، فلما رآه أبو سعيد الخدري، وقع ثوبه على وجهه فغطاه، فقال الرجل : من أنت ؟ قال : أبو سعيد الخدري، قال : صاحب رسول الله، قال : بلى ، فانصرف الرجل مسرعاً .

وعن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ،القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، فكسروا قسيكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا سيوفكم بالحجارة، فإن دخل على أحد منكم بيته فليكن كخير ابني آدم )) [رواه أبو داود والبيهقي وغيرهما وصححه الشيخ ناصر في صحيح الجامع (2049 )] .

هذا؛ وليس حرمة الدماء مقتصرة على دم المسلم وحده، بل يدخل فيها دم المعاهد في بلاد الإسلام، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما )) رواه البخاري, وعند أبي داود ((من قتل معاهدا في غير كنهه ، حرم الله عليه الجنة )) . 

فلعل قومي ينتبهوا إلى الذي يجرون إليه من قِبل سماسرة السياسة !، وذئاب المبتدعة الحرورية، الذي يدعون بعث الجهاد مرة أخرى من أكناف بيت المقدس !, وذلك بإحداث الفتن في بلاد المسلمين, وتأجيج الصراع بين أبناء الدين الواحد، والتربص برجال الشرطة والجيش .. فيريدون بعث الجهاد وتطبيق الشريعة، بتبديد القوة وقتل المسلمين !، والأمر لله من قبل ومن بعد .

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 14 شعبان 1434
23 / 6 / 2013