إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 23 يونيو 2013

الفتنة الحمراء !






الفتنة الحمراء !

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد :

قال الله عز وجل : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ } [ سورة المائدة ] .

هذه قصة أول دم سفك على وجه الأرض ، ولهذا يقول رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم : (( لا تقتل نفس ظلما ، إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه كان أول من سن القتل )) [ متفق على صحته ] .

ويقول ربنا عز وجل : { وَلاَ تَقْتُلُواْ النفس التى حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق } [ سورة الإسراء ] .

ويكون ذلك بإقامة حدود الله، فمن قتل يقتل، ومن زنا وهو محصن يرجم، ومن ارتد عن دينه يقتل، ...الخ ؛وذلك لا يكون إلا للسلطان .

وقال عز وجل : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } [ النساء : 93 ].

وقال سبحانه في صفات عباد الرحمن : { والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النفس التى حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذلك يلق أثاماً يضاعف لَهُ العذاب يَوْمَ القيامة وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَن تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالحا } [ الفرقان : 68-70 ] .
وقال تعالى : { وَإِذَا الموءودة سُئِلَتْ بِأَىّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } [ التكوير : 8 ، 9 ] .

والموءودة : هي الفتاة التي كانت تقتل في الجاهلية بدفنها في التراب وهي حية، ليس لها ذنب إلا لأنها فتاة ! ، فيوم القيامة تسألبِأَىّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ؟ ، فإذا سئل المظلوم فما ظن الظالم إذا ؟

عند أحمد في مسنده وعند غيره في غيره ، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : من في الجنة ؟ فقال : (( النبي في الجنة ، والشهيد في الجنة ، والمولود في الجنة ، والموءودة في الجنة )) وصحح الشيخ الألباني لفظة ((  والوئيد في الجنة )) كما في تحقيقه على سنن أبي داود .

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( اجتنبوا السبع الموبقات  ، قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : " الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ( يعني : هرباً لا حيلة أو خديعة ) ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات )) [ متفق عليه ] .

وقال ابن عمر ـ رضي الله عنهما : (( إن من ورطات الأمور ، التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها ، سفك الدم الحرام بغير حله )) . [ رواه البخاري وغيره ] .

وسأل رجل عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ هل للقاتل من توبة ؟ فقال ابن عباس كالمعجب من شأنه : ماذا تقول ؟ فأعاد عليه مسألته فقال : ماذا تقول مرتين أو ثلاثا ؟
 قال ابن عباس : سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : (( يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدى يديه متلببا قاتله باليد الأخرى تشخب أوداجه دما حتى يأتي به العرش فيقول المقتول لرب العالمين : هذا قتلني ، فيقول الله عز وجل للقاتل : تعست ويذهب به إلى النار )) . [رواه الترمذي وحسنه والطبراني في الأوسط وصححه الشيخ ناصر في صحيح الترغيب والترهيب ] .

وعن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء )) [ رواه مسلم وغيره ] ، وعند النسائي بسند صحيح لغيره، قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، وأول ما يقضي بين الناس فيه الدماء )) .

قلت : وانتبه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم  : ((وأول ما يقضي بين الناس فيه الدماء )) فقال : (( الدماء )) ولم يقل : القتل .

وعن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركا أو مؤمن قتل مؤمنا متعمدا )) رواه أبو داود وابن حبان ، وصححه الشيخ الألباني ـ عليه الرحمة ـ في صحيح الجامع (4524 ) .

وعن البراء بن عازب أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق )) رواه ابن ماجة بسند صحيح .

وعنده أيضا بسند صحيح لغيره عن عبد الله بن عمرو قال رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يطوف بالكعبة ويقول : (( ما أطيبك وما أطيب ريحك ما أعظمك وما أعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك ماله ودمه )) . [ انظر صحيح الترغيب والترهيب (2441 ) ] .


قلت : ووقوع المسلم في المحرمات والمعاصي لا يبيح دمه أو ماله إلا بإحدى ثلاثة, لقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  : (( لا يحل دم امرئ مسلم ، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمارق من الدين التارك للجماعة )) [ رواه البخاري ] .

وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار )) [ رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب ، وقال الشيخ ناصر في صحيح "الترغيب والترهيب" صحيح لغيره ] . 


وعند مسلم عن أبي هريرة ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل ، ولا يدري المقتول على أي شيء قتل )) .
 
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أن بين يدي الساعة الهرج " . قيل : وما الهرج ؟ قال : " الكذب والقتل " . قالوا : أكثر مما نقتل الآن ـ وفي رواية : أكثر مما يقتل المسلمون في فروج الأرض ؟ ـ . قال : " إنه ليس بقتلكم الكفار ، ولكنه قتل بعضكم بعضا حتى يقتل الرجل جاره ، ويقتل أخاه ، ويقتل عمه ، ويقتل ابن عمه " . قالوا : سبحان الله ومعنا عقولُنا ‍‍‍ ؟ قال : " لا . إلا أنه ينزع عقول أهل ذلك الزمان ، ويخلف له هباءٌ من الناس، يَحسب أكثرهم أنهم على شيء، وليس على شيء )) ، قال أبو موسى : والذي نفس محمد بيده لقد خشيت أن تدركني وإياكم تلك الأمور ، وما أجد لي ولكم منها مخرجا فيما عهد إلينا نبينا صلى الله عليه وسلم إلا أن نخرج منها كما دخلناها ، لم نحدث فيها شيئا )) . [ رواه أحمد، والبزار، وابن ماجه، وغيرهم، وهو صحيح ].

قلت : وذلك عند حدوث الفتن التي تختلط فيها الأمور وتشتبه ، ويقع فيها القتل, وتذهب العقول، فلا يدري القاتل فيما قتل، ولا المقتول على أي شيء قتل ! ، وقد رأينا ذلك في ثورات الخريف العربي ! ، فمن أدرك مثل هذا الزمان فليلزم بيته، ويخزن لسانه، ويبكي عل خطأته .

وفي صحيح مسلم أن أبا بكرة ـ رضي الله عنه ـ لقي الأحنف بن قيس فقال :  : أين تريد يا أحنف ؟ ، قال : قلت : أريد نصر ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني عليا - قال : فقال لي : يا أحنف ارجع ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إذا تواجه المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول في النار )) فقلت : يا رسول الله هذا القاتل ، فما بال المقتول ( يعني : ما شأنه ) ؟ قال : (( إنه قد أراد قتل صاحبه ))  ، وعند البخاري : (( أنه كان حريصاً عل قتل صاحبه )) .

قلت : فهذه وصية من أحد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم باعتزال الفتن والقتال ، وإن كان العبد فيها في صف رجل مبشر بالجنة، وذلك لأن حال القاتل والمقتول فيها سوء .
ولم يكن يعلم السلف ـ عليهم الرضوان ـ فقه المجاملات ! الذي أبتدعه شيوخ الضلالة والفتنة في زماننا ، من أن من قتل في الفتنة يسمى شهيداً !، حتى سمعنا بالشهيد "مينا " !! ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وعند أحمد والحاكم وغيرهما بألفاظ متقاربة، عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه قال :  سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((  تكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع ; والمضطجع خير من القاعد , والقاعد خير من القائم , والقائم خير من الماشي , والماشي خير من الساعي , قتلاها كلها في النار " , قال : قلت : ومتى ذاك يا رسول الله , قال ; ذاك أيام الهرج , قلت : ومتى أيام الهرج ؟ قال : (( حين لا يأمن الرجل جليسه )) , قال : قلت فبم تأمرني إن أدركت ذلك , قال : (( ادخل بيتك )) , قلت : أفرأيت إن دخل علي ؟ قال : (( فادخل مخدعك )) , قال : قلت : أفرأيت إن دخل علي ؟ قال : قل هكذا , وقل : بؤ بإثمي وإثمك , وكن عبد الله المقتول )) [ قال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. وكذا الألباني ] .

وعن رجل ، من عبد القيس كان مع الخوارج ، ثم فارقهم ، قال : دخلوا قرية ، فخرج عبد الله بن خباب ، ذَعِراً يجر رداءه ، فقالوا : لم تُرَعْ ؟ قال : والله لقد رُعْتُمُونِي . قالوا : أنت عبد الله بن خباب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . قال : فهل سمعت من أبيك ، حديثا يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تُحَدِّثُناهُ ؟ قال : نعم ، سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، قال : " فإن أدركت ذاك ، فكن عبد الله المقتول ، قال أيوب : ولا أعلمه إلا قال ، ولا تكن عبد الله القاتل " . قالوا : أنت سمعت هذا من أبيك يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . قال : فقدموه على ضفة النهر ، فضربوا عنقه فسال دمه كأنه شراك نعل ما ابذقر ( المعنى : سال دمه في خط واحد ولم يتفرق كهيئة السير الجلد الذي يكون أعلى النعل يربطه ) ، وبقروا أم ولده عما في بطنها  ) [ رواه أحمد في المسند واللفظ له ، وهو في الصحيحين ] .


قلت : وهذا هو حال قتال الفتنة ..لا حرمة لدم ولا مال ولا عرض ولا لأي شيء، إنما هي وحوش تسعى في الأرض، وكلما قتل الواحد منهم أكثر، فرح أكثر !، لظنه أنه أقترب من تحقيق هدفه ومراده ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ((من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا )) [ رواه أبو داود والطبراني في مسند الشاميين، وصححه الألباني ]  .
قال خالد بن دهقان : سألت يحيى بن يحيى الغساني عن قوله " ثم اغتبط بقتله " ؟ قال : هم الذين يقتلون في الفتنة فيقتل أحدهم , فيرى أنه على هدى , ولا يستغفر الله منه أبدا .

فالواجب على العبد المسلم إن وقعت مثل هذه الفتن لا يغادر بيته، امتثالاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال فى الفتنة : ((  اجلس فى بيتك فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فغط وجهك )) وفي لفظ : (( فكن كخير ابني آدم )) وفى لفظ : (( فكن عبد الله المقتول و لا تكن عبد الله القاتل )) [ رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني في الإرواء ]  .

قلت : وكان التزام أبا سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ بهذا الحديث سبباً لنجاته من القتل، فإنه لما وقعت واقعة الحرة، انصرف أبو سعيد فدخل مغارة، فلحقه رجل من أهل الشام، فلما رآه أبو سعيد الخدري، وقع ثوبه على وجهه فغطاه، فقال الرجل : من أنت ؟ قال : أبو سعيد الخدري، قال : صاحب رسول الله، قال : بلى ، فانصرف الرجل مسرعاً .

وعن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ،القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، فكسروا قسيكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا سيوفكم بالحجارة، فإن دخل على أحد منكم بيته فليكن كخير ابني آدم )) [رواه أبو داود والبيهقي وغيرهما وصححه الشيخ ناصر في صحيح الجامع (2049 )] .

هذا؛ وليس حرمة الدماء مقتصرة على دم المسلم وحده، بل يدخل فيها دم المعاهد في بلاد الإسلام، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما )) رواه البخاري, وعند أبي داود ((من قتل معاهدا في غير كنهه ، حرم الله عليه الجنة )) . 

فلعل قومي ينتبهوا إلى الذي يجرون إليه من قِبل سماسرة السياسة !، وذئاب المبتدعة الحرورية، الذي يدعون بعث الجهاد مرة أخرى من أكناف بيت المقدس !, وذلك بإحداث الفتن في بلاد المسلمين, وتأجيج الصراع بين أبناء الدين الواحد، والتربص برجال الشرطة والجيش .. فيريدون بعث الجهاد وتطبيق الشريعة، بتبديد القوة وقتل المسلمين !، والأمر لله من قبل ومن بعد .

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 14 شعبان 1434
23 / 6 / 2013 


الأربعاء، 19 يونيو 2013

الإعلام بسبب جور الحكام

الإعلام بسبب جور الحكام

الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، و بعد : روى البخاري في صحيحه [ 3834 ] عن قيس بن أبي حازم قال : (( دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب ، فرآها لا تكلم ، فقال : ما لها لا تكلم ؟ قالوا : حجت مصمتة ، قال لها : تكلمي ، فإن هذا لا يحل ، هذا من عمل الجاهلية ، فتكلمت ، فقالت : من أنت ؟ قال : امرؤ من المهاجرين ، قالت : أي المهاجرين ؟ قال : من قريش ، قالت : من أي قريش أنت ؟ قال : إنك لسؤول ، أنا أبو بكر ، قالت : ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية ؟ قال : بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم ، قالت : و ما الأئمة ؟ قال : أما كان لقومك رؤوس وأشراف ، يأمرونهم فيطيعونهم ؟ قالت : بلى ، قال : فهم أولئك على الناس )) وفي رواية ابن الأعرابي أنها قالت : (( إنا مررنا بأقوام كنا نغزوهم ويغزونا فلم يعرضوا لنا ، ولم نعرض لهم )) قلت : وهذا هو ما كانت تعنيه من الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية ، وهو أنها مرت بقوم كانت بينهم عداوة أيام الجاهلية ، فلما جاء الإسلام مرت بهم فلم يتعرضوا لها . فبين الصديق ـ رضي الله تعالى عنه ـ في هذا الحديث أن بقاء الناس على هذا الأمر الصالح الذي يتضمن الأمن على الأنفس والأموال والحُرمات وغيرها مقرون ببقاء الأئمة على الاستقامة . هذا؛ ولا يُفهم أن الأئمة المقصود بهم الحكام والأمراء فقط ، بل يدخل معهم العلماء .
فـ " ولاة الأمور " : هم " الأمراء والعلماء " معاً

قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ... } [ النساء 59 ] قال ابن عباس رضي الله عنهما : { وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } يعني : (( أهل الفقه والدين ))، وكذا قال مُجاهد وعطاء والحسن البصري وأبو العالية : يعني : العلماء . وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره : (( والظاهر - والله أعلم - أن الآية في جميع أولي الأمر من الأمراء والعلماء ، ثم ذكر حديث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصا الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصا أميري فقد عصاني )) متفق عليه . قال الحافظ : (( فهذه أوامر بطاعة العلماء والأمراء ، ولهذا قال تعالى : { أَطِيعُوا اللَّهَ } أي : اتبعوا كتابه { وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ } أي : خذوا بسنته { وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } أي : فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصية الله ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله ، كما تقدم في الحديث الصحيح : (( إنما الطاعة في المعروف )) . حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا همام ، حدثنا قتادة ، عن أبي مراية ، عن عمران بن حصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا طاعة في معصية الله )) . اهـ قلت : فأولي الأمر تشمل العلماء والأمراء ، ولا يخفى فساد كثير من العلماء في زماننا .
والسؤال :
ما هو سبب فساد العلماء وجور الأمراء ؟
والإجابة عن هذا السؤال لا تجد إجابتها بصدق عند من يتصدر لزعامة الناس ، لأنه لو أجاب بحق لانفض الناس من حوله ، لأن الإجابة مُرة وهي : أن سبب فساد ولاة الأمور من عُلماء و أُمراء هو فساد الرعية ، فإن العبد إذا عصى الله عز وجل وأرتكب المعاصي وجاهر بها سلط الله عليه من يقهره ويُذله عقوبة له . يقول الله عز وجل : { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } [ الشورى 30 ] .
وقال سُبحانه : { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ آل عمران 165 ] .
وقال عز و جل : { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } [ النساء 79 ] . وهذا المعنى معروف عند الناس فتراهم يقولون : (( إن الحكام صورة الرعية ، ويقولون : كما تكونوا يولى عليكم ، ويقولون : كل سُلطان من طينة رعيته )) .
وقال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ : ((
وتَأمَّلْ حِكمتَه تَعالى في أن جعَلَ مُلوكَ العِبادِ وأُمراءَهم ووُلاَتَهم مِن جِنس أَعمالِهم، بل كأنَّ أَعمالَهم ظهرَت في صُوَر وُلاَتهم وملوكِهم ، فإن استَقامُوا استَقامَت مُلوكُهم ، و ن عدَلوا عدَلَت علَيهم ، وإن جارُوا جارَت مُلوكُهم ووُلاَتُهم، وإن ظهَرَ فيهم المَكرُ والخَديعةُ فوُلاَتُهم كذَلكَ ، وإن مَنَعوا حُقوقَ الله لدَيهم  وبَخِلوا بها ، مَنعَت مُلوكُهم ووُلاَتُهم مَا لهم عندَهم مِن الحقِّ وبَخِلوا بها علَيهم ، وإن أَخَذوا ممَّن يَستَضعِفونه مَا لاَ يَستَحقُّونه في مُعاملتِهم ، أَخذَت مِنهم المُلوكُ مَا لاَ يَستَحقُّونه وضَرَبَت علَيهم المُكوسَ والوَظائفَ ، وكلُّ مَا يَستَخرِجونَه من الضَّعيفِ يَستَخرِجُه الملوكُ مِنهم بالقوَّةِ ، فعمَّالُهم ظهَرَت في صُوَر أَعمالِهم ، وليسَ في الحِكمةِ الإلهيَّةِ أن يُوَلَّى على الأَشرارِ الفجَّارِ إلاَّ مَن يَكونُ مِن جِنسِهم ، ولمَّا كانَ الصَّدرُ الأوَّلُ خِيارَ القُرونِ وأبرَّها كانَت ولاَتُهم كذَلكَ

فلمَّا شابُوا شابَت لهم الولاَةُ فحِكمةُ الله تَأبَى أن يُوَلَّي علَينا في مِثل هَذهِ الأَزمانِ مِثلُ مُعاويةَ وعُمرَ بنِ عَبدِ العَزيز ، فَضلاً عن مِثل أبي بَكرٍ وعُمرَ ، بَل ولاَتُنا على قَدْرنا، ووُلاَةُ مَن قَبلَنا على قَدرِهم وكلٌّ مِن الأَمرَين مُوجبُ الحِكمةِ ومُقتَضاها )) اهـ
وانظر- بارك الله فيك - إلى قوله تعالى في بيان العلة التي سُلط بها فرعون على قومه . فقال سُبحانه : { فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ } [ الزخرف 54 ] .فوصفهم الله ـ عز وجل ـ بالفسق ولهذا سلط عليهم من يُناسبهم . وقد روى الطبراني عن الحسن البصري أنه سمع رجلاً يدعو على الحجاج _ وحال الحجاج لا يخفى على أحد ، فقد كان ظلوماً جهولاً يقتل بالظن ، صلب ابن الزبير رضى الله تعالى عنهما ، ورمى الكعبة بالمنجنيق وغير ذلك _ سمع الحسن رجلاً يدعو على الحجاج ، فقال له : (( لا تفعل إنكم من أنفسكم أُتيتم ، إنما نخاف إن عُزل الحجاج أو مات أن يتولى عليكم القردة والخنازير ، فقد روى أن أَعمالَكم عُمَّالُكم ، وكما تكونوا يُولى عليكم )) .
فأصل البلية أن الناس تجني ثمار أعمالهم ، ومن هذه الثمار ظلم و جور وفساد الأُمراء والعلماء . أخرج أبو الشيخ عن منصور بن أبي الأسود قال سألت الأعمش عن قوله تعالى { وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ... } [ الأنعام 129 ] ما سمعتم يقولون فيه ؟ قال سمعتهم يقولون : (( إذا فسد الناس أُمّرَ عليهم شِرارُهم )) . ( الدر المنثور للسيوطي 3 /358 ) . وقال عبيدة السلماني لعلي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه : (( يا أمير المؤمنين ما بال أبي بكر وعمر أنطاع الناس لهما والدنيا عليهما أضيق من شبر فاتسعت عليهما ، ووليت أنت وعثمان الخلافة ولم ينطاعوا لكما وقد اتسعت فصارت عليكما أضيق من شبر ؟! )) فقال : (( لأن رعية أبي بكر وعمر مثلي ومثل عثمان ، ورعيتي أنا اليوم مِثلك وشبهك )) . وقد أرسلوا يوماً لأحد الأُمراء يشكون له جور العمال ( المحافظين ) : فكتب لهم بلغني كتابكم وما أنتم فيه ، وليس ينبغي لمن يعمل المعصية أن يُنكر العقوبة ، ولم أرى ما أنتم فيه إلا من شُؤم المعصية ، والسلام . وجاء في تفسير حِقِّي في قوله تعالى : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء } قال : (( معناه إن كنتم من أهل الطاعة يُوَل عليكم أهل الرحمة ، وإن كنتم من أهل المعصية يُوَل عليكم أهل العقوبة )). وقال الإمام السعدي في تفسيره لقوله تعالى : { وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } ، قال : (( كذلك من سنتنا أن نولي كل ظالم ظالماً مثله ، يؤزه إلى الشر ويحثه عليه ، ويزهده في الخير وينفره عنه ، وذلك من عقوبات الله العظيمة الشنيع أثرها ، البليغ خطرها ، والذنب ذنب الظالم ، فهو الذي أدخل الضرر على نفسه ، وعلى نفسه جنى { وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ } ، و من ذلك أن العباد إذا كثر ظلمهم و فسادهم ، ومنْعهم الحقوق الواجبة ، ولَّى عليهم ظلمة ، يسومونهم سوء العذاب ، ويأخذون منهم بالظلم والجور أضعاف ما منعوا من حقوق الله ، وحقوق عباده ، على وجه غير مأجورين فيه ولا محتسبين ، كما أن العباد إذا صلحوا واستقاموا، أصلح الله رعاتهم ، وجعلهم أئمة عدل وإنصاف، لا ولاة ظلم واعتساف )) اهـ . وقال الشيخ العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - : (( كثير من الناس يريد من الرعاة أن يكونوا على أكمل ما يكون ، ولا شك أننا نريد من الرعاة أن يكونوا على أكمل ما يكون ، لكننا لا نعطيهم في المعاملة أكمل ما يكون ، بمعنى أن بعض الرعية يقول : يجب أن يكون الراعي على أكمل ما يكون ، ومع ذلك تجد الرعية على أنقص ما يكون .. أهذا عدل ؟ لا والله ما هو بعدل ، إذا كنت تريد أن تعطى الحق كاملاً ، فأعط الحق الذي عليك كاملاً ، وإلا فلا تطلب ؛ ومن حكمة الله عز وجل أن المُوَلَّى على حسب المولَّى عليه .. وهذه من الحكمة أن يكون المولى - ولي الأمر- على حسب من ولي عليه ، إن صلح هذا صلح هذا ، وإن فسد هذا فسد هذا ، وفي الأثر: ( كما تكونوا يول عليكم ) يعني : أن الله يولي على الناس على حسب حالهم ، وهذا الأثر و إن لم يكن صحيحاً مرفوعاً إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكنه صحيح المعنى ، اقرأ قول الله تعالى : { وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً }[الأنعام:129] أي : نجعل الظالم فوق الظالم ، بماذا ؟ { بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [الأنعام:129] فإذا ظلمت الرعية سلطت عليها الرعاة ، وإذا صلحت الرعية صلح الرعاة، وكذلك بالعكس : إذا صلح الراعي صلحت الرعية )) . قلت : وتأمل العلاقة بين قوله تعالى : {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } [ الإسراء 16 ] وبين قوله تعالى : { وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا }.
فهلاك القرى بظُلم أهلها أولاً { وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا } فإذا ظلموا جعل الله مترفيهم أُمراء فأظهروا الفسق { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا } فحينها ينزل بهم الدمار جميعاً { فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } .
قال الذهبي في السير [ 4 /343 ] عن الحجاج قال : وكان ظلوماً جباراً ناصبياً خبيثاً سفاكاً للدماء. 
  وعن هشام بن حسان بسند صحيح كما عند الترمذي قال : (( أحصوا ما قتل الحجاج صبراً فبلغ مئة ألف وعشرين ألف قتيل ))
ولكن لما تذمر الناس من ولايته وظلمه و ان بينهم الحسن البصري ـ ربيب بيت النبوة ـ لم يقل لهم أخرجوا على الحجاج في ثورة أو اعتصام أو احملوا عليه السيف ، ولكنه قال لهم : (( إن الحجاج عقوبة من الله عز وجل ، فلا تستقبلوا عقوبة الله بالسيف ، ولكن استقبلوها بتوبة وتضرع واستكانة وتوبوا تُكْفَوه )) ( أخرجه أبو الشيخ ، وابن أبي شيبة )
ودخل سفيان الثوري إلى الحرم فوجد الشرطة ـ ولم يكونوا يتواجدون فيه من قبل فبكى وقال : (( إن ذنوبا ولَّت علينا هؤلاء إنها لذنوب جسام )) .
فالمخرج الوحيد حتى يستقيم أمر العُلماء  الأُمراء ، وينعم الناس بالأمن ، وتُحفظ عليهم أعراضهم وأمولهم أن يتوبوا إلى الله ـ عز وجل ـ ، وأن يؤدوا الحقوق الى أهلها ، وألا يظلموا حتى لا يُظلموا ، وإن أرادوا أن يُحكم فيهم شرع الله ـ عز وجل ـ أن يأخذوا بأسبابه من تصحيح المعتقد ، وعمل الصالحات ، وعدم التفريط في الواجبات ، حينها يكون لهم الاستخلاف في الأرض . قال الله تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } .
وقال الله عز وجل : { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ } [ الرعد 11 ] وأنشد بعضهم :

بذنوبنا دامت بليتنا ......... والله يكشفها إذا تبنا

وفي المأثور في الدعوات : (( اللهم لا تُسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا )) .

و صلى الله على محمد وعلى آله و صحبه و سلم .
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
 

الاثنين، 27 مايو 2013

الأمة بين منزل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وقميص الواعظ محمد حسان


الأمة بين منزل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب 
وقميص الواعظ محمد حسان
 

من إملاءات ابن باز/
....
الإدارة العامة للآثار والمتاحف أولت اهتماما بالغا بمنزل مجدد الدعوة السلفية : محمد بن عبدالوهاب ...

وتم تعيين حارس خاص لهذا البيت..

وقد اطلعت اللجنة الدائمة ...ورأت أن هذا العمل لا يجوز ،
وأنه وسيلة للغلو في الشيخ محمد....
ورأت أن الواجب هدمه !
وجعل مكانه توسعة للطريق !!
سدا لذرائع الشرك والغلو ...
وطلبت من الجهة المختصة القيام بذلك فورا !!

ولإعلان الحقيقة والتحذير من هذا العمل المنكر !! جرى تحريره.

وهنا كلام ابن باز رحمه الله.

http://www.binbaz.org.sa/mat/8353

في حين عرض الواعظ المصري صاحب الهوى الحزبي " محمد حسان " قميصه وساعته في مزاد لنصرة أهل سوريا ـ الذين نزل بهم ما نزل بسبب فتاويه هو وأمثاله ـ فبيع القميص والساعة بـ 35 ألف جنيه !!
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد

الأصول الفكرية للسلفية الجهادية !!

الأصول الفكرية للسلفية الجهادية !!
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
فإنه بدأت تظهر على سطح الأحداث في الفترة الأخيرة أفكار فرقة جديدة الاسم ، قديمة الأصل ، عرفت بــ " السلفية الجهادية " .
وذلك لاحتراف أصحاب هذه الفرقة العزف على وتر الجهاد والمتاجرة بمآسي المسلمين و... !! ، والواقع المرير الذي تعيشه الأمة الإسلامية من ذل وهوان ناتج من بُعد كثير من أبنائها بالتمسك بأصول دين الإسلام ، والانغماس فيما حرم الله ، جعل لأصحاب هذه الفرقة الأرض الخصبة لزرع بذورهم الخبيثة بسهولة ويسر في عقائد بعض الشباب .
بيد أن أخبث ما يُدندن حوله قادة هذه الفرقة هو :استباحة أراض الحرمين الشريفين بحجة التخلص من آل سعود المرتديين !! .
وقد وضع شيوخ هذه الفرقة عدة كتابات تؤصل هذه الفكرة في عقول صبيانهم ومتبعيهم .
ولعل أشهرها ما كتبه المشبوه " أبو محمد المقدسي عصام برقاوي " في كتابه " الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية !! "، وكذلك عامة كتابات نزيل دولة الاستعمار الصليبي ـ إنجلترا !! ـ " أبو قتادة الفلسطيني " ـ ، وصاحبه " أبو بصير عبد المنعم حليمة " أغلبها تؤصل لهذه الفكرة .
ولو ضممت إليها ما سطره شيخهم الأكبر " الظوهري " من تكفير علماء هذا البلد ، وأنهم عُباد للطواغيت ، وكلامه في الشيخ " ابن باز " ـ رحمه الله ـ أشهر من أن يُذكر .
وهذا الذي يسعى إلى تنفيذه قادة هذه الفرقة ليس إلا سيراً على وصايا مؤسس أفكارهم الخبيثة ؛ فقد قال كبيرهم " سيد قطب " قديماً مجلياً لهم معالم الطريق الذي يجب السير عليه لتنفيذ مشروعهم الدموي مستفيداً من تأصيلات شيخه " المودودي ".
قال في ظلال القرآن ( 3 / 1451 الطبعة التاسعة الشرعية لدار الشروق1980 ) : (( وهذه المهمة ، مهمة إحداث انقلاب إسلامي عام غير منحصرة في قطر دون قطر !! ، بل ما يريده الإسلام ويضعه نصب عينيه أن يحدث هذا الانقلاب الشامل في جميع أنحاء المعمورة ! ، هذه هي غايته العليا ومقصده الأسمى الذي يطمح إليه ببصره إلا أنه لا مندوحة للمسلمين أو أعضاء الحزب الإسلامي ! عن المشروع في مهمتهم بإحداث الانقلاب المنشود والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنونها )) .
وقال في " ظلاله " ( سورة الأنفال ، الآية : 30 ــ 4: ( (( والإسلام ليس مجرد عقيدة . حتى يقنع بإبلاغ عقيدته للناس بوسيلة البيان . إنما هو منهج يتمثل في تجمع تنظيمي حركي يزحف لتحرير كل الناس . والتجمعات الأخرى لا تمكنه من تنظيم حياة رعاياها وفق منهجه هو . ومن ثم يتحتم على الإسلام أن يزيل هذه الأنظمة بوصفها معوقات للتحرر العام . . . .
ثم قال :
ولا بد لتحقيق هذا الهدف الضخم من أمرين أساسيين :
أولهما : دفع الأذى والفتنة عمن يعتنقون هذا الدين ،. . . وهذا لا يتم إلا بوجود عصبة مؤمنة ذات تجمع حركي تحت قيادة تؤمن بهذا الإعلان العام ، وتنفذه في عالم الواقع ,وتجاهد كل طاغوت يعتدي بالأذى والفتنة على معتنقي هذا الدين , أو يصد بالقوة وبوسائل الضغط والقهر والتوجيه من يريدون اعتناقه . .
وثانيهما : تحطيم كل قوة في الأرض تقوم على أساس عبودية البشر للبشر في صورة من الصور ـ ما يسمونه بعبادة الطواغيت يعني : الحكام ـ وذلك لضمان الهدف الأول ... " .
ثم تكلم بعدُ على سلطان الطواغيت وإقامة التوحيد .
وهذه النصوص وما شابهها هي العمدة في منتديات ومواقع هذه الفرقة حتى لا يدعي أحد أننا لا نفهم ما يقصدون .
ولعل الخلل العقدي لمفهوم التوحيد عند هؤلاء ، وأنهم لا يفرقون بين المعصية والشرك فيما يسمونه بـــ " التوحيد الخالص ! " ؛ هو السبب في تسرع هؤلاء في التكفير ..
و السؤال المهم هو :
ما هي الأصول الفكرية التي أسست عليه أفكار هذه الفرقة ؟
ولماذا تركز على بلاد الحرمين خاصة ؟
هذا ما نفصل فيه بعدُ إن شاء الله تعالى
يتبع بإذن الله ...
و كتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 25 / 12 / 2012

المشاركة الثانية

الحمد لله ، وبعد :
السلفية الجهادية ! فرقة منحرفة كسائر فرق المبتدعة في الأمة المحمدية ، اجتزأت قطعة من الدين زعماً منها أنها تمثل الدين كله ، كحال الروافض الخبثاء زعموا موالاة أهل بيت رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ هي الدين كله ! ؛ وكذلك صوفية العصر " فرقة التلبيغ والدعوة ـ إلى البدع ـ " رأت أن أمر الدعوة إلى الله هو كل الدين !! ، ولا يشترط حينها العلم أو الطريقة أو منهج الدعوة أو أي شيء .. يكفيك أن تكون داعية إلى الله !.
فكذلك " فرقة السلفية الجهادية ! " اجتزأت فريضة الجهاد من دين الإسلام ثم زعمت أنها الدين كله ! . 
ومن لم يكن مجاهداً للطواغيت ـ يقصدون : الحكام ـ ، مفسقاً أو مكفراً لعموم المسلمين !! ، فهو أما في الجهاد يَطعن أو للمخابرات العالمية مُسخر.
فضلاً عن كونه من المرجئة وعباد الطواغيت ! فهذا ليس محل بحث .
بيد أن هذه الفرقة واجهتها مشكلة ، وهي : أنه تم إلصاق فكر التكفير والتفجير بفريضة الجهاد ، بسب أنه عزف على وتر الجهاد في هذا العصر طوائف من أهل البدع تبنوا إحياء فريضة الجهاد مع تبنيهم فكرة تكفير مجتمعات مسلمي هذا العصر ( 1 )
وحال " فرقة التكفير والهجرة " المصرية لا يخفى ، فإن الأصل الذي قام عليه فكر هذا الطائفة ، أن المجتمع المصري مجتمع جاهلي كافر !! ، وقد نهى الرسول _ صلى الله عليه و سلم _ العيش بين مجتمع هذا وصفه
فقد قال في الحديث المشهور : (( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين )) [ رواه الترمذي وغيره ، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله ] .

فلم يكن بُد من هجرة هذا المجتمع _ بعد تكفيره بالطبع ( 2 ) _ فهجروا المدن و مساجدها ، واعتزلوا الناس ، وسكنوا الجبال و الصحاري فراراً بدينهم !! ( 3 ) عاضدون بالنواجذ على قول " قُطب ! " رحى نحلتهم الخبيثة ، و " سَيِّد ! " أفكارهم المنحرفة ، الأستاذ سيد قطب !!
فقد قال في كتابه ( معالم في الطريق ص / 98 ) :

(( إن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم ... بهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار المجتمع الجاهلي جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلاً ، تدخل فيه المجتمعات الشيوعية ... ، وتدخل فيه المجتمعات الوثنية ... ، وتدخل فيه المجتمعات اليهودية والنصرانية ... ، وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة !! )) اهــ .

وقال في ( ظلاله 3 /1816- دار الشروق ) :
(( وهنا يرشدهم الله إلى اعتزال معابد الجاهلية ـ يقصد : مساجد المسلمين وسماها بمعابد الجاهلية لأن المجتمع صار جاهلياً !! ـ ، واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي )) اهــ .

قلت : والعزلة التي كان يدندن حولها " سيد قطب " يقصد بها الهجرة من المجتمعات الحالية إذ أنها مجتمعات جاهلية ! ، والبحث عن بيئة تتحقق فيها الحياة الإسلامية الحقيقية ـ في رأيهم ـ كما عاش الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته عليهم الرضوان في الفترة المكية .
فهي عزلة مكانية لمن استطاع الهجرة من هذه المجتمعات ، وعزلة شعورية لمن لم يستطع الهجرة ، فيكون في وسط المجتمع ببدنه منعزل عنه بنفسه ! ( انظر الموسوعة الميسرة 1 / 336 ) .

هذا ؛ ولم يقتصر الأمر على مصر وحدها ، بل رأيناهم في جنبات الأرض يخرجون من بلادهم _ بلاد الكفر والردة !! _ إلى أرض التوحيد الخالص ( أفغانستان !! ) .
فاعتزلوا المجتمعات بعد تكفيرها ، وسكنوا الجبال ، وأصبح واجباً على العصبة المؤمنة _ الجهاديين !! _ جهاد العصبة المرتدة _ عموم المسلمين !! _ ، فجاهدوهم بالقتل والاغتيالات والتفجير كما هو معلوم .
وهذا الذي أصله لهم " سيد قطب " ـ قبحه الله ـ هو صُلب مذهب الخوارج .
قال أبو الحسن الأشعري في المقالات ( 1 / 174 ) : (( وزعمت الأزارقة أن من أقام في دار الكفر فكافر لا يسعه إلا الخروج )) .

قلت : والأزارقة : (( فرقة من فرق الخوارج ، هم أصحاب نافع بن الأزرق وقولهم أخبث الأقاويل وأبعده من الإسلام والسنة )) .
هذه واحدة ؛ وأيضاً ما قعدّه لهم " سيد قطب "من اعتزال مساجد المسلمين لأنها مساجد ضرار ـــــ كما مر النقل ـــــ فاعتزلوها وصلوا في بيوتهم ، فلا تراهم يشهدون جمعة و لا جماعة ، هو أيضاً من أصول فرق الخوارج .
قال أبو نعيم الفضل بن دكين في إسماعيل بن سميع البيهسي الخارجي :
(( كان جار المسجد أربعين سنة لم يُرَ في جمعة ولا جماعة !! )) .[ أخرجه العقيلي في الضعفاء ( 1 / 78 ) ، وجود إسناده الشيخ ناصر في الصحيحة ( 7 / 1342 ) ] .

ولكن العجيب حقاً أن سيد قطب لم يكن يشهد صلاة الجمعة لسبب أخر ذكره " علي العشماوي " في كتابه : ( التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين ص / 122 ) حيث قال : " .. وجاء وقت صلاة الجمعة ، فقلت له : دعنا نقم ونصلي _ الكلام موجه لسيد قطب _ ، وكانت المفاجأة أن علمت _ ولأوّل مرة _ أنه لا يصلي الجمعة !! . وقال : " إنّه يرى _ فقهياً _ أنّ صلاة الجمعة تسقط إذا سقطت الخلافة !! ، وأنه لا جمعة إلا بخلافة .. !! )) .
قلت : وهذا قريب من قول الرافضة ، إذ يزعمون أنه لا جمعة إلا خلف الإمام القائم ( يقصدون : مهدي السرداب ! ) ، ولو جُمعَ قول " سيد قطب " هذا ، مع انتقاصه لبعض أصحاب الرسول _ صلى الله عليه و سلم _ ، وحنقه الشديد على بني أمية ، وخصومته الظاهرة لأبي سفيان بن حرب و ابنه معاوية و أهل بيته _ رضي الله عنهم _ لربما خرج المرء بكشف غريب !! لسنا بصدد التفتيش فيه الآن ( 4 ) ...

ومعلوم أن التخلف عن شهود الجماعة في المسجد من أسباب ضلال العبد ، ففي صحيح مسلم وغيره عن ابن مسعود _ رضي الله عنه _ قال : " من سره أن يلقى الله غدا مسلما ، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادى بهن ، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى ، وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته ، لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد ، إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ، ويرفعه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف " .

و عن عبيد الله بن عدي بن خيار ، أنه دخل على عثمان بن عفان _ رضي الله عنه - وهو محصور - فقال : (( إنك إمام عامة ، ونزل بك ما نرى ، ويصلي لنا إمام فتنة ، ونتحرج ؟ فقال : " الصلاة أحسن ما يعمل الناس ، فإذا أحسن الناس ، فأحسن معهم ، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم )) . [ أخرجه البخاري ].

وعن نافع ، قال : قيل لابن عمر _ رضي الله تعالى عنه _ زمن ابن الزبير والخوارج والخشبية : أتصلي مع هؤلاء ومع هؤلاء ، وبعضهم يقتل بعضا ؟ قال : " من قال : حي على الصلاة أجبته ، ومن قال : حي على الفلاح أجبته ، ومن قال : حي على قتل أخيك المسلم وأخذ ماله قلت : لا " . ( رواه البيهقي في الكبرى ، و أبو نعيم في الحلية و اللفظ له ) .

وقال ابن حزم في المحلى ( 4 / 213 ) : (( ما نعلم أحداً من الصحابة رضى الله عنهم أمتنع من الصلاة خلف المختار ، وعبيد الله بن زياد ، والحجاج ، و لا فاسق أفسق من هؤلاء !! ، وقد قال الله _ عز و جل _ : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } [ المائدة : 2 ] .

قلت : فترك الصلاة في المساجد ديانة من أصول الخوارج ، ولا يتخلف عنها من غير علة إلا منافق معلوم النفاق كما قرر السلف .

ولعل قائل يعترض فيقول : " أنت أثبت أن فرقة " التكفير والهجرة " لها رحم موصول بفرقتهم الأم " الخوارج " ، لكن ما شأن " السلفية الجهادية !! " بهذا كله ؟
فأقول : " بينا أن " قُطب ! " رحى نِحلة هؤلاء ، و " سَيِّد ! " أفكارهم الخارجية التكفيرية ، هو : سيد قطب !!
و" سيد قطب " هو هو الأب الروحي والمرجع الأم لفرقة " السلفية الجهادية " ، وهذا ليس من كيسي ، بل باعتراف شيخ الجهاديين _ لا المجاهدين _ في العصر الحديث .

قال " أيمن الظوهري " في جريدة " الشرق الأوسط " عدد 8407 ــــــ في عام 19 / 9 / 1422 هـ : " إن سيد قطب هو الذي وضع دستور "الجهاديين !!" في كتابه الديناميت!! : ( معالم في الطريق ) ، وأن سيداً هو مصدر الإحياء الأصولي!!، وأن كتابه " العدالة الاجتماعية في الإسلام "، يُعد أهم إنتاج عقلي وفكري للتيارات الأصولية !، وإن فكره كان شرارة البدء في إشعال الثورة الإسلامية ضد أعداء الإسلام في الداخل والخارج، والتي ما زالت فصولها الدامية تتجدد يوماً بعد يوم " .

و للحديث تتمة
يُتبع إن شاء الله ...
هوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
( 1 ) : ومن علامات تكفير هذه الفرق لمجتمعات المسلمين تسميتهم لأنفسهم " بجماعة المسلمين " كما كانت تطلق ( فرقة التكفير والهجرة ) على نفسها ، أو الجماعة الإسلامية ، وهذه سنة قديمة في أصحاب هذا الفكر ، فابن تومرت الخارجي ـ مدعي المهدية المغربي ـ أسس دولته وكانت على أصول الخوارج التكفيريين وسماها " دولة الموحدين "! .
وتنظيم " الإخوان المسلمين " على هذا الأصل ، فهم يعتقدون أنهم جماعة المسلمين ، وليسوا جماعة من المسلمين !
قال " القرضاوي " وهو يتكلم عن اثر منهج سيد قطب التكفيري في نفوس شباب الإخوان : (( ... فقد أثار جدلاً طويلاً داخل الإخوان في السجون ، ومن آثاره بحث قضية : هل نحن جماعة المسلمين ؟ أم نحن جماعة من المسلمين ؟ )) [ انظر إسلام أون لاين . سبتمبر 2004 م نقلاً من الإفلاس الديني للوصيفي ]
وحادثة تكفيرهم لكل من " محمد الغزالي " و " الشيخ سيد سابق " عندما تركوا الجماعة أكبر دليل على ذلك .
يقول محمد الغزالي : (( كنت أسير مع زميلي الأستاذ سيد سابق قريباً من شعبة المنيل ، فمر بنا اثنان من أولئك الشباب المفتونين ، أبيا إلا إسماعنا رأيهم فينا ، وهو أننا من أهل جهنم ))
وقال : (( ومن المضحك المبكي أن يخطب الجمعة في مسجد الروضة عقب فصلنا من المركز الهام من يؤكد أن الولاء للقيادة يكفر السيئات ! ، وأن الخروج عن الجماعة يمحق الفضائل ، وأن الذين نابذوا الجماعة عادوا إلى الجاهلية الأولى لأنهم خلعوا البيعة ... ))
( 2 ) : وضع لهم " أبو عبد الله ماهر عبد العزيز زناني " ابن شقيقة شكري مصطفي كتاب سماه ( الهجرة )
وهذه الفرقة لها فلسفة في التكفير ! متمثلة في التقسيم الأتي :
ـ تكفير الحكام الذين لا يحكمون بالشريعة بإطلاق ـ بدون التفصيل الذي عليه أهل السنة ـ من التفريق المعروف بين المصّر والمستحل .
ـ وتكفير المحكومين لأنهم رضوا بذلك وتابعوهم ! .
ـ أما العلماء فيكفرونهم لأنهم لم يكفروا هؤلاء ولا أولئك .

ويأتي من بعد التكفير ..إقامة الحدود على المرتديين بالقتل
وكان قتلهم للشيخ المفسر " محمد حسين الذهبي ـ وزير الأوقاف المصري ـ من هذا الباب ؛ كما يكفرون كل من عرضوا عليه فكرهم فلم يقبله ، أو قبله ولم ينضم إلى جماعتهم ويبايع إمامهم ، أما من انضم إلى جماعتهم ثم تركها فهو مرتد حلال دمه .
وعلى ذلك فالجماعات الإسلامية إذا بلغها دعوتهم ولم تبايع إمامهم فهي كافرة مارقة من الدين ( انظر الموسوعة الميسرة 1 / 335 _ 336)

وهذا الذي أصلوه من تكفير المحكومين تبعاً لحكمهم هو عين دين الخوارج قال أبو الحسن الأشعري في"مقالات الإسلاميين " ( 1 / 194 ) وهو يُعدّدُ فرق الخوارج : (( وقال طائفة من البَيْهسية : إذا كفَر الإمامُ كفرت الرعية ، وقالت : الدار دارُ شركٍ ، وأهلها جميعاً مشركون ، وتركت الصلاة إلا خلف من تعرف ، وذهبت إلى قتل أهل القبلة وأخذ الأموال ، واستحلت القتل والسبي على كل حال ))
( 3 ) : سكنوا مغارات واقعة بدائرة أبي قرقاص بمحافظة المنيا ، بعد أن تصرفوا بالبيع في ممتلكاتهم وزودوا أنفسهم بالمؤن اللازمة بإيعاز من " أبو سعد شكري أحمد مصطفى " الذي بايعوه بإمارة المؤمنين وقائداً لجماعة المسلمين ، وكان خروجهم في سبتمبر 1973 م ( انظر الموسوعة الميسرة 1 / 334 ط الخامسة )
( 4 ) : أثبت في بحث ( تنظيم الإخوان قنطرة التشيع إلى بلاد الإسلام ) أن الشيعة الرافضة يقرون ويصححون تشيع " سيد قطب " ورفضه ، مستدلين على ذلك بكتبه وتكفيره لجملة من الأصحاب على رأسهم أبي سفيان بن حرب و ابنه معاوية ـ رضي الله عنهما ـ وأنهم أحتفلوا بكتبه وترجموها إلى الفارسية ، و وضعوا صورته على طوابع البريد عندهم تقديراً لجهوده في خدمة المذهب ! ( انظره [ هنا ] غير مأمور ) .




 المشاركة الثالثة
الحمد لله ، و بعد :
أسلفنا فيما سبق أن فرقة " السلفية الجهادية " و " التكفير و الهجرة " يسيران على النهج الذي رسمه " سيد قطب " والذي أحيا به أصول وسنن الخوارج في صورة عصرية تتناسب مع ثقافة هذا العصر ولغته ! .
فلا يُغتر هنا باسم السلفية الذي ألصق بهذه الفرقة ، فهم _ والله أعلم _ ما نسبوا أنفسهم إلى السلفية إلا زيادة في التمويه ، و خداع لمن لا يعرف حقيقتهم ، لما لهذا المسمى من الإجلال والتقدير في النفوس ؛
فالسلفية سلعة براقة ، ولهذا أصبحت في هذا الزمان مطية للحزبيين و التكفيريين وغيرهم ( 1 ) ، وإلى الله المشتكى .
بيد أن أهل السنة _ ولله الحمد والمنة _ لا يغترون بالأسماء والشعارات .
فالعبرة بالحقائق والمضامين وليس بالمسميات والشعارات .
وقد رأينا قديماً الخوارج عرفوا بــــ " الحرورية " نسبة إلى قرية خرجوا منها ، أو تحصنوا فيها ، ومنه حديث عائشة _ رضى الله عنها _ عندما سئلت من امرأة : أتجزي إحدانا صلاتها إذا طهرت ؟ فقالت : أحرورية أنت ؟ " كنا نحيض مع النبي صلى الله عليه وسلم فلا يأمرنا به " أو قالت : فلا نفعله . ( متفق على صحته ) .
وعرفوا بـــ " النجدية " وهم أصحاب نجدة الحروري ، وهم أول من كفر أهل القبلة بالذنوب بل بما يرونه هم من الذنوب .( بواسطة المفصل في شرح حديث من بدل دينه فاقتلوه لعلي بن نايف الشحود 2 / 198 شاملة )
وعرفوا بـــــ " الأزارقة ، والنجدية ، والإباضية ، والقعدية و ... " .
فلا ضير أن يُضم لهم اسم جديد ولو كان ملصقاً بالسلفية ،
فإن الأمر لا يتعدى كونه " تغير شكل من أجل الأكل " كما كان يقول الشيخ الألباني _ رحمه الله _ ، يعني : لا ننخدع ولا نغتر بمن تسمى بالسلفية ، لأنه ليس معنى السلفي هو : من وافق السلف في باب الأسماء والصفات فقط ، بل من أتبع أصول السلف في مسائل الإيمان والخروج وغيرها .
فلما نظرنا إلى حال فرقة " السلفية الجهادية "وجدناهم على منهج الخوارج يسيرون ، فالقوم مرضى بوَرم " حب السلطة وعقدة الحاكمية " ، ولا يفكرون إلا في التكفير ! ، ولا ينشطون إلا للتفجير والتدمير ، حصروا الجهاد في منابذة ومقارعة الحكام ، مع التشدق بالشعارات العريضة _ ولا عقيدة _ والتغني بالغيرة على الدين وحرمات المسلمين .
والأمر في المنتهى لا يتعدى بعض الخطب الرنانة والعبارات الحماسية ، ثم لا شيء .. فلا هم للجهاد أحيوا ، ولا للإسلام نصروا .
ولعل قائل يعترض قائلاً : صنفت القوم أنهم من الخوارج بناء على صورة مسبقة في ذهنك ، وهذا لا يتعدى الظن ، وليس لليقين فيه نصيب !!
فأقول : إن الرسول _ صلى الله عليه و سلم _ حلى لنا هذه الطائفة ( يعنى : الخوارج ) بأوصاف وعلامات مميزة تفضحهم لنا على مر العصور ، فقال كما عند البخاري وغيره : " يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم ، وصيامكم مع صيامهم ، وعملكم مع عملهم ، .... "، وذكر من وصفهم ( 2 ) .
ولعل أشهر علامة ذكرها لنا الرسول _ صلى الله عليه و سلم _ في وصفهم هي أنهم : " .. يقتلون أهل الإسلام و يدعون أهل الأوثان " .
وطريقة : " من فمك أدينك " ، من أفحم الطرق لإقامة الحجة على المخالف ، وهذا الذي سنسلكه في بيان منهج هذه الطائفة .
قال " أبو قتادة الفلسطيني " مفتي الجهاديين في مجلة الأنصار في عددها (147)، الموافق لـ ( 2 /5 / 1996 )
تحت عنوان : ( كلمة العدد : هكذا ليكن الجهاد .. إحياء لسيرة السلف )
يقصد : بذلك قتل الآباء والأمهات على أساس ( الولاء والبراء ! )
قال : " لقد وصل أفراد الجماعة الإسلامية إلى درجة نحمد الله عليها بالبراءة من المرتدين وأعوانهم حتى لو كانوا آباءهم وأهليهم وما ذلك إلا بسبب فهمهم لعقيدة السلف الصالح والتشبه بسيرة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ، فإن بعض عمليات أفراد الجماعة في تطبيق حكم الله في المرتدين وأعوانه ما كان ضد آبائهم وإخوانهم ، ففي بوقرة – منطقة قريبة من عاصمة الجزائر – قام شاب من أفراد الجماعة بتطبيق حكم الله تعالى في والديه بعد ما رفضا حكم الله تعالى
وذلك بقبولهما بتزويج أخته إلى رجل مليشي !!! ( يقصد : شرطي )
فالحمد لله الذي أحيا فينا سيرة سلف الأمة الصالح
{ لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ المجادلة 22 ] !!
فهذه خيرات الجهاد ، وهذه هي آثار نعمة الله تعالى على عباده إن سلكوا سبيل الأوائل في إتباع الكتاب والسنة !!" . اهـ
و قد أفتى لغلاظ الأكباد في الجزائر أن يَذبحوا النساء وفلذات الأكباد، وذلك في العدد (90) من مجلة الأنصار ، في (ص 10)، بتاريخ (الخميس 29 شوال 1415 هـ)، الموافق لـ (30 مارس 1995 م) ، تحت عنوان : " فتوى خطيرة الشان حول جواز قتل الذرية و النسوان درءاً لخطر هتك الأعراض و قتل الإخوان !! "
و كان مما قال فيها في (ص 12):
" بهذا يتبيّن أن ما فعلته الجماعة الإسلامية المسلحة من تهديد ذرية ونساء المرتدّين بالقتل ؛ من أجل تخفيف وطأتهم على النساء والمساجين والإخوان، هو عمل شرعيّ لا شبهة فيه!!" .
قلت : وقد قتلوا عدد من الخطباء والوعاظ في الجزائر بحجة أنهم فتحوا باب الحوار مع الطواغيت ( يعني : الحكام ) ، ومن كان هذا حاله فجزاءه القتل ولا كرامة !!
ومن هؤلاء الذين قتلوهم الشيخ / محمد سعيد الوناس .
ولكن الغريب حقاً هي العلة التي اختلقها شيخهم ومفتيهم " أبي قتادة الفلسطيني " لتبرير قتلهم لهذا الشيخ ، فإنه قال بعد أن بَينّ أن عقيدة " محمد سعيد الوناس " و " عبد الرزاق رجَّام " _ شيخ أخر قتل معه _ كانت أشعرية ؛ قال : " نعم ! يجوز للأمير السني السلفي أن يقتل المبتدعة إذا حاولوا الوصول إلى القيادة وتغيير منهجها ؛ لأن حالهم حينئذ أشد من حالة الداعي إلى بدعته ، فالمبتدعة هنا دعاة وزيادة "!!!
( مجلة الأنصار ، العدد ( 132 ) ص / 10 ، بتاريخ 27 شعبان 1416 هـ )
بل أدخل شيخ الأزهر في جملة من ينبغي تصفيته نصرة للإسلام ، فقال في مجلة الأنصار، العدد (94)، في (ص 5) ، بتاريخ: (27 من ذي القعدة 1415 هـ) :
" نعم ! لو قُدِّر لرجل مسلم يحترم عقله أن يرى شيخ الأزهر وهو يتكلّم في إحدى محطّات التلفزيون لأيقن أنه لا نهض لأمتنا ، ولا خروج من مأزقها حتى ترفع شعار : اقتلوا آخر حاكم مرتد بأمعاء آخر قسِّيس خبيث " !! .
فضلاً عن تكفير كل شارك في الديمقراطية واستباحة دمه ، فقال :
" وأنا أعتقد بكفر من رفع راية الديمقراطية في حزب أو تنظيم في وضع مثل الجزائر ، فمن دعا إلى العودة إلى الديمقراطية وحلِّ الأزمة كما يسمّونها _ كذبا وزورا _ عن طريق العودة إلى البرلمان والتعددية الحزبية ، وبالتآلف و التحالف الوطني فهو يُقتل ردة بعد استتابته إن كان مقدورا عليه، وبدون استتابة إن كان غير مقدورا عليه (كذا) كما في الجزائر، وخاصة أن أمثال هؤلاء دورهم الرئيسي هو القضاء على الجهاد، وإعطاء فرصة للدولة الطاغوتية للاطمئنان وترتيب أوراقها للقضاء على الإسلام وأهله "!! ( مجلة الأنصار ، العدد ( 132 ) ص / 12 ) .
أما تكفيره لجميع حكام المسلمين و جنودهم فأشهر من أن يُذكر ، بل أنه فضل يهود عليهم فقال في مجلة الأنصار في العدد (119)، في (ص 10 )، بتاريخ (الخميس 24 جمادى الأولى 1412 هـ):
" من دولة الجزائر والمغرب وليبيا وفلسطين والأردن والسعودية ، فكان من ضمن ما قاله في معتقد جماعته أنها: " لا ترى فرقا بين زَروال الجزائري (أي : الرئيس) المرتد وحكمه ونظامه ، وبين الحسن الثاني المغربي المرتد، فكلاهما في الدين الله تعالى مرتد كافر ، وأن حكمهما في القتل والقتال سواء... و معمر القذافي المرتد جبارا متسلط!!".
وقال أيضا في مدح جماعته بأنها " لا ترى فرقا بين شرطة عرفات تحت راية وقيادة عرفات، وبين الجيش اليهودي وشرطة اليهود ، إلا شرطا واحداً، وهو أن عرفات وحكومته أشد كفراً ، فهم أشد حكما من اليهود ، لكن كلاهما له القتل والقتال... وأن الملك حسين مرتد في الأولى ، ومرتد في الثانية، وليس له إلا القتل والقتال ، هو وشرطته وجهاز مخابراته !!".
وقال أيضاً أنها لا ترى فرقا حكومة السعوديين (آل سعود) المرتدين...!!" ، وزاد دولة الكويت في العدد (134) في (ص 5)، بتاريخ:(12 رمضان 1416 هـ)،ثم في غيرها من أعداد أخرى كفر جميع الدول المسلمة !!".( 3 )

يتبع بإذن الله ... 
من (هنا)
الهوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
( 1 ) : ولعل من أخبث هذه الطوائف التي استغلت اسم السلفية لترويج بدعهم وضلالهم : المدرسة البرهامية في الاسكندرية والمعروفة ( بالدعوة السلفية ! ) والتي يترأسها الكذوب " ياسر برهامي " ، والمشبوه " محمد إسماعيل المقدم " وهي على أصول الخوارج والمرجئة ، وقد تتبعهم الشيخ " أحمد بن زايد بن حمدان المصري " فهتك سترهم وبين ضلالهم وانحرافهم ، فجزاه الله عنا خيراً .
( 2 ): انتبه لقوله _ صلى الله عليه و سلم _ أنه قال : " يخرج فيكم " ولم يقل : " يخرج منكم " ، فهؤلاء" شيعة الدجال ،وكلاب أهل النار "كما أخبر الصادق المصدوق _ صلى الله عليه وسلم _ .
( 3 ) : عامة هذه النقول من كتاب : (( تخليص العباد من وحشية أبي القتاد )) للرمضاني الجزائري ـ رده الله إلى أهل السنة سالماً .

الجمعة، 3 مايو 2013

شم النسيم

شَمُّ النِّسِيْمِ !

الحمد لله ، وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
لما كانت المشابهة في الظاهر تورث مودة ومحبة ومولاة في الباطن ، جاءت سنة نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالنهي عن مشابهة الكافرين ومخالفة سننهم .
فقال صلى الله عليه وسلم : ((خالفوا المشركين : وفروا اللحى ، وأحفوا الشوارب )) . رواه البخاري
وفي رواية لمسلم : (( جزوا الشوارب ، وأرخوا اللحى خالفوا المجوس )) .

وقال صلى الله عليه وسلم : (( إن اليهود ، والنصارى لا يصبغون ، فخالفوهم )) متفق على صحته
وقال عليه الصلاة والسلام : ((صلوا في نعالكم و لا تشبهوا باليهود )) رواه الطبراني في الكبير ، وصححه الشيخ ناصر في صحيح الجامع 3790
وقال صلى الله عليه وسلم : (( إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه ، وإذا شرب فليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بشماله )) رواه مسلم
حتى لما وافق يهود الحق في صيامهم يوم عاشوراء قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ معلناً مخالفتهم والتشبه بهم : (( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع )) رواه مسلم
فمخالفة هؤلاء سنة ماضية ، لأنه يخشى على من تشبه بالمشركين أن يضم إليهم .
فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( ... وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم )) صححه الألباني في صحيح الجامع 2831 .
وقد تكلم العلماء أنه ينبغي علينا مخالفتة أهل الكفر والإلحاد في الصغير والكبير قدر المستطاع ، حتى أنهم ذكروا أن الكفار من سننهم وضع خط تحت الكلام المهم ، فخالفنهم بوضع خط أعلاه كما يوجد في آيات السجدة في المصحف .
فإن جاءت الشريعة بما مر ذكره من مخالفة المشركين في هيئة المأكل والمشرب ، وتغير لون الشعر ، والصلاة في النعال ، حتى الخط الذي يوضع تحت الكلام المهم ! .
فهل يلتبس على مسلم بعد هذا أن الشريعة نهت عن مشاركة أهل الكفر في أعيادهم ، ومنها " شَمُّ النِّسِيْمِ " الذي قيل أن سببه : احتفال النصارى بموت الرسول صلى الله عليه وسلم ـ ولا يصح ـ ؟!
قال ابن القيم - رحمه الله -: (( وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول: عيد مبارك عليك ، أو تهْنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه ، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنّأ عبداً بمعصية أو بدعة ، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه )) .[ أحكام أهل الذمة 1 / 441 ] .
وبين شيخ الإسلام ـ عليه الرحمة ـ نكتة في عدم موافقة هؤلاء في أعيادهم فقال في كتابه : " اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم: (( أن مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل خصوصا إذا كانوا مقهورين تحت ذل الجزية والصغار فانهم يرون المسلمين قد صاروا فرعا لهم في خصائص دينهم فإن ذلك يوجب قوة قلوبهم وانشراح صدورهم وربما أطعمهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء وهذا أيضا أمر محسوس لا يستريب فيه عاقل فكيف يجتمع ما يقتضي إكرامهم بلا موجب مع شرع الصغار في حقهم )) .
قلت : وتأمل الذي ذكره شيخ الإسلام مع قول الرب تعالى : { رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [الممتحنة : 5] .
هذا ؛ وقد حكى بعض العلماء الحكمة من وراء أخراج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للحائض والنفساء في صلاة العيد وليس عليهنّ صلاة ، بأنه أراد بذلك تكثير سواد المسلمين وإلقاء الرعب في قلوب الكافرين والمنافقين .
فإياك يا عبد الله أن تكون بخروجك مع أهل الصليب في هذا اليوم ، واحتفالك معهم بهذا العيد ! ممن يكثر سواد الكافرين ، ويلقى بسببك الرعب في قلوب المسلمين ! .
وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم

وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة ، الجمعة 23 جمادى الآخرة 1434
3 / 5 / 2013