النباتيون الجدد!
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد كنا قديمًا نسمع عن فلان لا يأكل اللحوم فهو "نباتي"!، وإذا
ما أراد كاتب قصصي أن يظهر بطلة قصته رقيقة وشاعرية .. أظهرها نباتية!.
وكان هذا الأمر على الندرة، حتى أنه ربما مر بك زمان طويل ولم ترى هذا
الصنف من البشر؛ إنما تسمع به من باب التفكه والندرة.
بيد أنه لفت نظري أخيرًا ظهور طائفة جديدة من هؤلاء النباتيين!، يحركهم
معتقد!، يزعمون: أنه ليس من حق البشر التسلط على حياة الحيوانات، فيقتلوها من أجل
التلذذ بلحمها، فليس القاتل بأحق من الحياة من المقتول!، فهذه الأنفس متساوية،
فالقتل هنا من الوحشية وحب الدموية وضد الإنسانية!.
ويقولون: وإن زعم من يقتل الحيوانات أنها من أسباب بقائه حيًّا، إذ هي
غذاؤه!، فإن الأرض تكفلت لنا بهذا، فإنها تخرج لنا من النباتات ما يكفي لحياتنا!.
هذا مجمل زعمهم، وما يروجون له..
والعجيب انبهار طائفة من أبناء المسلمين بهذا الهراء، وأن ذبح الحيوانات من
الوحشية والدموية، وأن الأرض هي الأم الحنون التي تكفلت برعايتنا!.
وإن كان من يروجون لهذه الأفكار يحملون أسماء إسلامية، إلا أني أعتقد أنها
أسماء مزيفة، تخفي خلفها أسماء آسيوية!، يتدين أصحابها بمعتقد بوذا الوثني، أو هم
على الهندوسية.
فليس الذي يروجون إليه من دين الإسلام أو من دين من سبقنا من الأنبياء،
وإنما هو مما لبسه الشيطان على هذه النِّحَل الأرضية.
وليس ذبح الحيوان الحلال مأكول اللحم من الوحشية؛ وإنما الوحشية هو التلذذ
بتعذيب هذه الحيوانات وقتلها للمتعة والمسابقة كما نرى في شوارع مدريد الإسبانية
في مسابقات قتل الثيران!.
أما ذبح الحيوانات للأكل فهذا مما أمر الله به وشرعه.. ألم يأتِ
"إبراهيم" -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - لضيوفه بعجل سمين؟
وقد أمره سبحانه في القرآن بذبح الطير ليريه كيف يحي الموتى.
وأمر بني إسرائيل بذبح البقرة، وقد همَّ "سليمان" -عليه السلام-
بذبح الهدهد.
وقد صح عن نبينا -صلى الله عليه وسلم- أنه ذبح ونحر بيده، وأنه كان يأكل
اللحم، بل كان يحب الذراع الأمامية للشاة.
ولما أتى ثلاثة نفر إلى بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادته،
فلما أُخبروا.. كأنهم تقالُّوها!، فقال أحدهم: أنا أقوم الليل ولا أرقد، وقال
الآخر: وأنا اعتزل النساء ولا أتزوج، وقال الثالث: وأنا أصوم الدهر ولا وأفطر، وفي
رواية مسلم: لا آكل اللحم.
فلما علم بأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ما بال أقوام يقولون
كذا وكذا، أما أنا فأصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس
مني.
فمن ترك أكل اللحم بلا عذر من مرض أو غيره، فهو مبتدع على خلاف السنة، كما
نص على ذلك الشاطبي وغيره.
ويكفينا في هذا المقام قول الرب - عز وجل - { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا
خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ
، وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ }.
فالله -عز وجل- هو الذي أحل لنا الأكل من هذه الأنعام، والكلام عن حرمة
ذبحها ووحشية قتلها إنما هو خطوة في طرق الإلحاد والوثنية. وتصوير أهل الإسلام
أنهم قتلة وحشيون، ليخرج من بينهم من يطعن فيهم، ويكون ندًّا لهم، وحربًا عليهم،
وصديقًا لعدوهم.
فالحذرَ الحذرَ من هذه الدعاوَى، وعدم التهاون مع أصحابها، فإن الأمر ما
زال يجرى وفق خطة اليهود من تفكيك الأمة، وإعادة تركبيها مرة أخرى وفق الطريقة
الغربية، لتجد بلاد المسلمين كأمريكا فيها طرق وديانات لا تحصى!، حتى وجد بينهم من
يدعو لنكاح الأمهات!.
والأمر لله من قبل ومن بعد.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ا
وليد بن سعد
القاهرة ١٣ / ذو الحجة / ١٤٤٠ هـ .
14 / 8 / 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق