إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 8 أبريل 2013

ميرابو الثورة ( سيد قطب ) . الجزء الثاني




البيان قبل وصول الإخوان (4)

ميرابو الثورة  ( سيد قطب ) . الجزء الثاني


الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من نبي بعده ، و بعد :

قال الإمام ابن رجب الحنبلي في " الفرق بين التعبير والنصيحة " : (( فرد المقالات الضعيفة ، و تبين الحق في خلافِها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء ، بل مما يحبونه و يمدحون فاعله و يثنون عليه ، فلا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية ، فلو فُرض أن أحداً يكره إظهار خطِئِة المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك ، فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة ، بل الواجب على المسلم أن يُحب ظهور الحق و معرفة المسلمين له ، سواء كان ذلك في موافقته أو مخالفته ، و هذا من النصيحة لله و لكتابه و رسوله و دينه ، و أئمة المسلمين و عامتهم ، و ذلك هو الدين كما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ... وقد بلغ الأئمة الوَرِعون في إنكار مقالاتٍ ضعيفة لبعض العلماء و ردها أبلغ الردَّ ، كما كان الإمام أحمد يُنكر على أبي ثور و غيره مقالاتٍ ضعيفة تفردوا بها ، و يُبَالغ في ردها عليهم ، هذا كله حُكم الظاهر ، و أما في باطن الأمر فإن كان مقصودة في ذلك مجرد تبين الحق ، و لئلا يغتر الناس بمقالات من اخطأ في مقالاته ، فلا ريب أنه مثابٌ على قصده ، و دخل بفعله هذا بهذه النية في النصح لله و رسوله و أئمة المسلمين و عامتهم )) . اهـ

و قال ابن الجوزي – رحمه الله - : (( و قد استشعر بعضُ جهلة الزُهاد ، و من قلَّ علمه من العباد أن ذلك القدحَ غيبة ، و هذه غفلة عن معرفة حراسة الشرائع ، و جهلٌ بمقدار الوسائل و الذرائع )). [ مقدمة الضعفاء والمتروكين 1 / 5 - 6 ] .
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : (( و النصح واجباً في المصالح الدينية الخاصة و العامة : مثل نَقَلةِ الحديث الذين يَغْلطِون أو يَكذِبون ... و مثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب و السنة ، أو العبادات المخالفة للكتاب و السنة فإن بيان حالهم و تحذير الأمة منهم وجبٌ باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل : الرجلُ يصومُ و يُصلى و يعتكف أحب إليك أو يتكلمُ في أهل البدع ؟ فقال : إذا قام و صلى و اعتكف فإنما هو لنفسه ، و إذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين ؟ هذا أفضل . فَبَيَّنَ أَنَّ نَفْعَ هَذَا عَامٌّ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دِينِهِمْ مِنْ جِنْسِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ إذْ تَطْهِيرُ سَبِيلِ اللَّهِ وَ دِينِهِ وَ مِنْهَاجِهِ وَ شِرْعَتِهِ ، و دفع بغي هؤلاء و عدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ، و لولا مَن يُقيمهُ الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين ، و كان فسادهُ أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب ، فإن هؤلاء إذا اسْتَوْلَوْا لم يُفسدوا القلوب و ما فيها من الدين إلا تبعا ، و أما أولئك فهم يُفسدون القلوب ابتداءً )) . [مجموع الفتاوى 28 / 231 . ط الثالثة . دار الوفاء ] .

وقال الإمام البربهاري – رحمه الله - : (( و لا يحل أن تكتم النصيحة أحداٌ من المسلمين برهم و فاجرهم في أمر الدين ، فمن كتم فقد غش المسلمين ، و من غش المسلمين فقد غش الدين ، و من غش الدين فقد خان الله و رسوله و المؤمنين )).[ شرح السنه ص / 43 ] .
و قد قيل :

فمن الدين كشفَ السَّتر عند كل كاذب .......................
............................... وعن كل بِدعيِّ أتى بالعجائبِ
ولولا رجالا مؤمنون لُهَّدمتْ............................

............... صوامعُ دينِ اللهِ من كلَِّ جانبِ
قلت : و الرد على أصحاب المقالات المخالفة للكتاب و السنة و فهم سلف هذه الأمة مصلحة كبرى لإصحاب هذه المقالات ابتداءً .
جادل رجلاً يوماً يوسف بن أسباط – رحمه الله – في رده على أصحاب المقالات البدعية فقال له : أما تخاف أن تكون هذه غيبة ؟ فقال : (( لِمَ يا أحمق ؟ أنا خير لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم ! أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا ، فتتبعهم أوزارهم . و من اطراهم كان أضر عليهم )) .[ تهذيب التهذيب لابن حجر 2 /1249 ] .
و قال ابن الجوزي في " مناقب الإمام أحمد . ص / 253 " : (( و قد كان الإمام أبو عبد الله لشدة تمسكه بالسنة و نهيه عن البدعة يتكلم في جماعة من الأخيار إذا صدر منهم ما يخالف السنة ، و كلامه محمول على النصيحة للدين )) . اهـ
قلت : و مصداقُ ذلك ما كان من " الإمام أحمد " على " علي بن المديني " ، فإن الإمام أحمد قبل محنة خلق القرآن كان معظماً لابن المديني جداً ، قال الحافظ المزي في( تهذيب الكمال 21/ 9 ) : " كان علي علماً في الناس في معرفة الحديث و العلل ، و كان أحمد لا يسميه إنما يكنيه تبجيلاً ، و ما سمعت أحمد سماه قط " . اهـ
فلما وقعت محنة خلق القرآن و جنح للقول بخلقه " ابن المديني " مخافة السيف ، تركه أحمد مع أنه تاب و أناب كما قال الحافظ ابن حجر في ( تهذيب التهذيب 7 /356 ) ، و قال ابن أبى حاتم : قال أبو زرعة : (( لا يرتاب في صدقه ( يعنى : ابن المديني ) و ترك أبو زرعة الرواية عنه من أجل المحنة )) .
و لعله يُظنّ أن هذا خاص برواة الحديث ، و لا شأن لمن ليس له رواية بحكم علماء الجرح و التعديل عليه !! ، أو تحذير أهل العلم منه .
و الصحيح أن الكلام في المبتدعة و التحذير منهم يدخل في تخصص علماء الجرح والتعديل ، و لعل " التاج السبكي " أول من فتح هذا الباب – أن الكلام في المبتدعة لا يدخل في جرح أهل الحديث فقد انتقد شيخه " الإمام الذهبي " لما تكلم في الفخر ( يعنى : الرازي ) ، و قال : أن " الفخر الرازي " قد اعتراف على نفسه أنه لا رواية له وهو أحد أئمة المسلمين فلا معنى لا دخاله في الضعفاء . اهـ
و قد رد على هذا الكلام الإمام ابن جحر العسقلاني فقال : وهذا الكلام خرج من " التاج السبكي " من تعصبه الشديد للأشاعرة ، ثم بين كلام العلماء في " الفخر الرازي " مع أنه ليس من أهل الرواية .( انظر لسان الميزان لابن حجر ترجمة السيف الآمدي ) .

ومعلوم أن الناس بين قادح ومادح ، فالذي يُنكر على أهل السنة جرحهم لأهل البدع و الاهواء ، تراه مادحاً لشيوخه و جماعته حتى أنه يَصعب عليك في هذا الزمان من تجده تكلم في دين الله ولا يُطلِق عليه اتباعه أنه " العلامة الحبر الفهامة " ، و العجيب أن شروط التعديل أشد من شروط الجرح !! .

يقول الإمام البربهاري في" شرح السنة ص / 128 " : (( و لا يحل لرجل أن يقول : فلان صاحب سنة حتى يعلم أنه قد اجتمعت فيه خصال السنة ، فلا يُقال : صاحب سنة حتى تجمع فيه السنة كلها )). اهـ .

فلَيْسَ العَمَى أنْ لا تَرىَ . بَلِ العَمَى أنْ لاَ تُرىَ . ُمَميزَّاً بَيْنَ الصَّوَاب و الخَطَأ
و أحياناً يسلُك الذين يشغبون على منهج أهل السنة في التحذير من أصحاب الأهواء إلى حيلة لخداع العوام ، فتراهم أحياناً يتكلمون و يحذرون من رجل ساقط بمرة ، حاله لا يخفى على العوام فضلاً عن الخواص ، فيجرحوه و يحذرون منه حتى يُقال عنهم: أنهم لا يسكتون على خطأ .
قلت : و هذا الامر من باب " تغير شَكْل ِمن أجل الأكل " و المضمون واحد .

و الفَرق بين أهل السنة و غيرهم في هذا الباب لخصه وكيع بن الجراح – رحمه الله – بقوله : (( أهل العلم يكتبون مالهم و ما عليهم و أهل الأهواء لا يكتبون إلا مالهم )) .
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : (( فلا تجد قط مبتدعاً إلا و هو يُحب كتمان النصوص التي تخالفه و يبغضها ، و يبغض إظهارها و روايتها و التحدث بها ، و يُبغض من يفعل ذلك )) . مجموع الفتاوى ( 20 /161-162 ).
وقد قال " ابن سرين " ـ رحمه الله ـ : (( أن هذا العلم دين فانظروا عن من تأخذون دينكم )) .( مقدمة صحيح مسلم ) .
فمن أجل ذلك فسنخوض فيما لا نحب ، لنميط الأذى عن منهج ارتضينه ، و حاول غيرنا التشغيب عليه بشبهاته ، والتنمر عليه باغلاطاته .
لأنه من المعلوم أن عدم رد الباطل ، و السكوت عليه ، تأثم به الإمة جميعاً ، لأن فرض الكفاية فرض عين حتى تقوم به الكفاية .

فضلاً عن أن تعظيم المبتدع و السكوت عليه ، تقوية لمذهبه ، و التحذير منه إخماداً لبدعته .
و لا يحصى عدد العلماء ممن حذّروا من آبائهم و مشايخهم لما علموا أنهم غير ثقات ، و كلامهم في الجرح و التعديل مدوّن مشهور ، و لولاهم لدخل الوهن باكرا في الإسلام .
و الامر ليس فيه إلا كما قال الشاعر :

لم أشَتْمِ لكم عِرْضاً ولَكنْ ...... حَدَوْتُ بحيثُ يُسْتَمَعُ الحَداءُ
فهذه وقفة جديدة مع رجل من جماعة الإخوان المسلمين ، أصبح فكره اليوم " سَيِّد ! " أفكار كثير من الجماعات ، و " قُطب ! " رحى أحزابهم ( السياسية ! ) كُلِّها ، هو : الأستاذ " سيد قطب"فَعَنْه يُدافِعُون ! وفي تلميع صورته يَتَماوَتون ! ومنه يَسْتَمِدُّون !! وعلى تُراثه يُعَشْعِشون !!! .

وقد اسلفنا في " الجزء الاول " نتف من أقواله و أفكاره ، و يتبقى حكم أهل العلم على هذه الأقوال و الأفكار .
و لما كان الكلام في الرجال لا يجوز إلا لتامَّ المعرفة ، تامَّ الورع ، كما قال الإمام الذهبي – رحمه الله – في ( ميزان الاعتدال 2 /46 ) .
قدمنا كلام أئمة و أعلام هذا العصر في الحكم على أقوال و أفكار الأستاذ سيد قطب – رحمه الله و عفا عنه – و نسأل الله كلمة الحق في السخطِ و الرضا .

كلام الأئمة في سيد قطب
بدءً فالمسلم الذى لا يرى جميع المسلمين أفضل منه – حقيقة – على شفا هلكة ، لأنه معظم لشأنه ، مُستَصغرَُ لذنبه ، فمثل هذا أنّى يُلَتفت لقوله ، أو يُؤخذ بمدحه أو ذمه .
و الأقبح منه من يرى حرمات الله تُنْتهك ، و أنبياء الله يُنْتقص منهم ، و يُرمي أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالعظائم ، و يَسكت .. بادعاء الورع البارد ـ ، و التَنَبُل عن نبش كلام الأموات !! .
فالحق أعز على المسلم من كل أحد ، و الباطل مردود على صاحبه كائنا من كان ، و العدل واجب ، و الظلم حرام ,
كلام الشيخ الألباني – رحمه الله - :
قال في تعليقه على تفسير سيد قطب لسورة الإخلاص : (( نَقل [سيد ] كلام الصوفية ، و لا يمكن أن يُفهم منه إلا أنه يقول بوحدة الوجود )) .
و قال في تعليقه على كتاب " العواصم مما في كتب ( سيد قطب ) من القواصم " : (( يتبين لكل قارئ مسلم على شيء من الثقافة الإسلامية أن سيد قطب لم يكن على معرفة بالإسلام بأصوله و فروعه )) .
وقال لمؤلف الكتاب ـ الشيخ ربيع المدخلي ـ : (( فجزاك الله خيراً على قيامك بواجب البيان ، و الكشف عن جهله ، و انحرافه عن الإسلام )) .
و قال عن كتاب " العدالة الاجتماعية " لسيد قطب ، و الذى قال فيه "سيد قطب " : "تحطمت أسس الإسلام في عهد عثمان " .
قال الشيخ الألباني :(( لا قيمة له إطلاقا )) .


كلام الشيخ ابن باز – رحمه الله - :
قال الشيخ معقباً على تفسير " سيد قطب " بأن الاستواء يعنى : الهيمنة كما تجده عند تفسيره لقوله تعالى : { الرحمن على العرش استوى }
قال :
(( هذا كلام فاسدٌ ، هذا معناه الهيمنة ، ما أثبت الاستواء ، معناه إنكار الاستواء المعروف ، و هو العلو على العرش ، و هذا باطلٌ يدل على أنه مسكين ضايع في التفسير )) .( تسجيلات منهاج السنه بالرياض سنة 1413 مجلس في منزل الشيخ – رحمه الله – ) .
و لما قرئ على الشيخ أيضا قول سيد قطب في كتابه " التصوير في القرآن " عن موسى عليه السلام : ( لنأخذ موسى إنه نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج ) عند تفسير قوله تعالى :{ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ... }
و قوله
: "وهنا يبدو التعصب القومي كما يبدو الانفعال العصبي وسرعان ما تذهب هذه الدفعة العصبية فيثوب إلى نفسه شأن العصبين " .
وكما عند قوله تعالى : { فَأَصْبَحَ في المدينة خَائِفاً يَتَرَقَّبُ } [ القصص : 18 ]
قال: " هو تعبير مصور لهيئة معروفة ، هيئة المتفزع المتلفت المتوقع للشر في كل حركة وتلك سمة العصبين " . ( التصوير الفني 200، 201 ، 202 – ط 13 ، دار الشروق ) .
قال الشيخ ابن باز – رحمه الله – معلقاً : (( الاستهزاء بالأنبياء ردة مستقلة )) .

و قال معلقاً على كلام " سيد قطب " عندما قال : " و حين يركن معاوية وزميله [ يعنى : عمرو بن العاص ] إلى الكذب ، و الغش و الخديعة ، و النفاق أو الرشوة ، و شراء الذمم..." .

قال الشيخ ـ رحمه الله ـ : (( كلام قبيح !! هذا كلام قبيح سب لمعاوية و سب لعمرو بن العاص ، كل هذا كلام قبيح ، و كلام منكر . معاوية و عمرو و من معهما مجتهدون أخطأوا . و المجتهدون إذا أخطأوا فالله يعفوا عنا و عنهم )) .

قال السائل : قوله : إن فيهما نفاقاً أليس تكفيراً ؟
قال الشيخ - رحمه الله - : (( هذا خطأ و غلط لا يكون كفراً ؟ فإن سبه لبعض الصحابة ، أو واحد من الصحابة منكرً و فسق يستحق أن يؤدب عليه – نسأل الله العافية – و لكن إذا سب الأكثر أو فسقهم يرتد لأنهم حملة الشرع . إذ سبهم معناه قدح في الشرع )) .
قال السائل : ألا ينهى عن هذه الكتب التي فيها هذا الكلام ؟
قال الشيخ ابن باز – رحمه الله – : (( ينبغي أن تُمزق )) .
( شرح رياض الصالحين
بتاريخ يوم الاحد 18 /7 / 1416 ) .


كلام الشيخ محمد صالح العثيمين – رحمه الله - :
قال : (( قرأت تفسيره لسورة الإخلاص ( يعني : سيد قطب ) ، و قد قال قولاً عظيماً فيها ، مخالفاً لما عليه أهل السنة والجماعة ؛ حيث أن تفسيره لها يدل على أنه يقول بوحدة الوجود ، و كذلك تفسيره للاستواء بأنه الهيمنة و السيطرة )) .
مجلة الدعوة ( رقم 1591- تاريخ 9/ 1 / 1418هـ ) . السعودية .

و قال الشيخ مجيباً على سؤال فيه : ما هو قول سماحتكم في رجل يَنصحُ الشباب السُّني بقراءة كتب سيد قطب ، و يَخص منها : " في ظلال القرآن " و " معالم على الطريق " و " لماذا أعدموني " دون أن يُنبه على الأخطاء و الضلالات الموجودة في هذه الكتب ؟
فقال ـ رحمه الله ـ : (( أنا قولي - بارك الله فيك - إن من كان ناصحاً لله و رسوله و لإخوانه المسلمين أن يَحث الناس على قراءة كتب الأقدمين في التفسير و غير التفسير فهي أبرك و أنفع و أحسن من كتب المتأخرين ، أما تفسير سيد قطب - رحمه الله - ففيه طوام - لكن نرجو الله أن يعفو عنه - فيه طوام : كتفسيره للاستواء ، و تفسيره سورة " قل هو الله أحد "، و كذلك وصفه لبعض الرسل بما لا ينبغي أن يصفه به )) .

كلام الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
قال تعليقاً على تفسير " سيد قطب " لقول الله تعالى : { وفي الرقاب } ذلك حين كان الرق نظاماً عالمياً ، تجرى المعاملة فيه على المثل فياسترقاق الأسرى بين المسلمين و أعدائهم ، و لم يكن للإسلام بُدْ من المعاملة بالمثل حتى يتعاره العالم على نظام أخر غير الاسترقاق . ( في ظلال القرآن 3 / 1669 ) .

قال الشيخ : (( هذا كلام باطل و إلحاد .. و هو و أمثاله نعذرهم بالجهل فلا نقول إنهم كفار ، لأنهم جهال أو مقلدون ، و الا الكلام خطير لو قاله إنسان متعمداً عالماً أرتد عن الإسلام )) . ( براءة الأمة للسناني ص / 48 ) .


كلام الشيخ صالح بن العزيز آل الشيخ – حفظه الله - :
قال في حق تفسير سيد قطب " الظلال " :


" اشتمل على كثير من البدع و الضلالات .. و التحريفات.."
( شرح مسائل الجاهلية . نقلاً عن النصيحة ص / 7) .

كلام الشيخ محمد جميل زينو ـ المُدرس في دار الحديث الخيري بمكة المكرمة ـ :
قال تحت عنوان ( وحدة الوجود في الظلال ) ما نصه : "
1- كنت مولعاً بظلال القرآن لمؤلفه سيد قطب ، و لما قرأته وجدت وحدة الوجود في تفسير أول سورة الحديد و سورة الإخلاص ، و غيرها من الأخطاء التي تتنافى مع عقيدة الإسلام كقوله عن تفسير الاستواء الوارد في عدة آيات : كناية عن السيطرة و الهيمنة ! ؛ و هذا مخالف للتفسير الوارد في " البخاري "عن مجاهد و أبي العالية : في قوله تعالى : { ثُمَّ استوى إِلَى السماء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سموات وَهُوَ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ } [ البقرة : 29 ]، قال مجاهد و أبو العالية : علا و ارتفع . ( انظر كتاب التوحيد ج 8 ) .

2- ذكرتُ ذلك لأخيه محمد قطب و قلتُ له : عَلِّق على كلام أخيك في الظلال ، فقال لي : أخي يتحمّل مسؤولية كلامه . و بعد سنين طلبت مني ( إحدى دور النشر ) نَشْرَ كتابي الجديد : ( شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ) .

فذكرتُ فيه من نواقض الشهادتين : وحدة الوجود عند الصوفية ، و قرأت في كتاب ( لا إله إلا الله عقيدة و شريعة و منهج حياة ) لمؤلفه محمد قطب ، ذَكَرَ فيه نواقض لا إله إلا الله ، و لم يذكر وحدة الوجود ، فاتّصلتُ به هاتفيا : قلتُ له : أنت مشرف على طبعة الشروق ( في ظلال القرآن ) أنا أُطالبك بالتعليق في الحاشية امتثالاً لأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ القائل : (( مَن رأى منكم منكراً فليُغيّره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الإيمان )) ، و أنت تستطيع أن تُغيّره بلسانك و قلمك ، فقال لي : شَكَرَ الله سعيك ، فشكرته على ذلك ، و طلبتُ منه نسخة فيها تعليقه على وحدة الوجود فسكت ، و أسأل الله أن يوفقه لذلك ...ثم قال : وليت الشيخ محمد قطب أخذ بهذه الأخطاء و علّق عليها في " طبعة الشروق " لأنه مشرف عليها ، فهو مسؤول أمام الله عنها ، و أسأل الله أن يوفقه لذلك "
( انظر : مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع ج 3 / 46-47 ) .

قلت :و لكلٍ من المشايخ : عبد المحسن العباد ، و صالح اللحيدان ، و حماد بن محمد الأنصاري ، و عبد الله بن محمد الدويش ، و أحمد بن يحيي النجمي ، و مُقبل الوادعي ، و غيرهم – رحم الله الأموات و حفظ الأحياء - ردود و تعقيبات على ما كتب سيد قطب .
و قد أحسن الأخ عصام بن عبد الله السِّنَاني ـ حفظه الله ـ بأن جمع هذه الفتاوى في كتابه" براءة علماء الأمة من تزكية أهل البدع و المذمة " و الذي قرأه و أثنى عليه فضيلة العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ و راجعة فضيلة الشيخ الفوزان ـ حفظه الله ـ
و معلوم ما كان بين الشيخ الأستاذ " محمود محمد شاكر " و بين الأستاذ "سيد قطب " ـ في حياته ـ من ردود و مراجعات في قضية سب الصحابة – رضي الله عنهم – .

ولكنى أريد أن أختم بكلمة لرجل من أعلام جماعة الإخوان لا يُختلف على علمه في صفوف الجماعة ، لعلهم يقولون : لا نريد شاهداً الا من أنفسنا .
قال الدكتور "يوسف القرضاوي " بعد أن بين أن كتابات " سيد قطب " أثارت جدلاً طويلاً داخل الإخوان في السجون و قد أثارت بحث قضية : هل نحن جماعة المسلمين ؟ أم نحن جماعة من المسلمين ؟!
و تبني فكرة التكفير و ترك الصلاة في المساجد و جعلها في البيوت و ذلك لأن المساجد تعتبر معابد جاهلية كما جاء في تفسير قول الله تعالى : { واجعلوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } [ يونس : 87 ] ( في ظلال القرآن – 3 /1816- دار الشروق ) .

قال القرضاوي : (( و القضية التي نتحدث عنها ـ قضية تكفير مسلمي اليوم ـ ليست قضيه فقهية بعيدة عن اختصاص " سيد " كما يتصور أو يُصور بعض الإخوة المتحمسين ، بل هي قضية فكريه محورية أساسية ، أو قل هي : قضية أصولية اعتقادية ، هي ألصق بعلم العقائد و الكلام منها بعلم الفقه و الفروع ؛ و لأنها قضية فكرية محورية مركزية عند " سيد " ، رأيناه يلح عليها ، و يكررها و يؤكدها بأساليبه البيانية الرائقة و الرائعة حتى تتضح كالشمس في رابحة النهار ... )) اهـ ( اسلام أون لاين . سبتمبر 2004م ) .

وقال أيضاً في كتابه ( أولويات الحركة الإسلامية ص / 110) : (( في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد " سيد قطب " التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره ، و التي تنضح بتكفير المجتمع ، و تأجيل الدعوة إلى النظام الإسلامي ، و السخرية بفكرة تجديد الفقه و تطويره ، و أحياء الاجتهاد ، و تدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع ، و قطع العلاقة مع الأخرين و إعلان الجهاد الهجومي على الناس كافه ...)) اهـ
وقال في" أفاق عربيه " 8 يوليو 2004 م " : (( و أخطر ما تحتويه التوجيهات الجديدة في هذه المرحلة لسيد قطب ، هو ركونه إلى فكرة التكفير و التوسع فيه ...)) اهـ .

و شهد " فريد عبد الخالق " بضلوع سيد قطب في نشر فكر التكفير ، قال : (( ألمعنا فيما سبق إلى نشأة فكر التكفير بدأت بين شباب بعض الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينات و أوائل الستينات ، و أنهم تأثروا بفكر سيد قطب و كتاباته ، و أخذوا منها أن المجتمع في جاهلية !! )) .( في ميزان الحق ص / 115 ) .

قلت : و هذه عينة واحدة مما انتجته مدرسة سيد قطب الفكرية التكفرية تبين صحة ما أثبته القوم .
قال فتحي يكن ـ و هو أشهر من أن يُعرف – في كتابه ( كيف ندعوا إلى الإسلام صـ/112 .ط الرسالة ) : (( و اليوم يشهد العالم أجمع ردة عن الإيمان بالله و كفراً جماعيا و عالمياً لم يعرف لهما مثيل من قبل !! )) . اهـ


فيا محنة الإسلام بهذا الفكر...

وحسبنا الله فيمن جاءوا لإيقاد النار في صفه رجال المطافئ !! .
تنبيه : لا يُفهم من كلام بعض العلماء ـ الذي مر ـ أنه يَذهب أحدهم لتكفير " سيد قطب " لأن القاعدة عند أهل السنة أن التكفير لا يكون إلا بعد إقامة الحجة الرسالية ، و انتقاء الشبهة . فانتبه !! .
و ربما يجد القارئ كلام لبعض العلماء الذين ذكرناهم أنفاً فيه ثناء على كتابات " سيد قطب " فَنُذكِر بالمرتبة الخامسة من مراتب علم الجرح و التعديل يقولون : " فلان تغير بآخره " ، فالمعتمد في الحرج أو التعديل عند العلماء هو : كلام العالم المتأخر ، و معلوم أن مذهب الرجل هو ما مات عليه ، فلا عبرة بالثناء المتقدم للعالم إذا أخلفه بجرح ، فالحكم للأخير ، كما أن الجرح المُفسر مقدم على التعديل .
و لن نناقش ما يتعلق به الـحزبيون من ثناء الشيخ " بكر أبو زيد " ـ رحمه الله ـ على كتابات " سيد قطب " فيما يُسمى بالخطاب الذهبي فهذا الخطاب من الممكن أن يُقال عنه : " لقيط ليس لها أب شرعي " حيث أن الشيخ " بكر " لم يعترف به رسمياً ، و لم يرض عن طبعه و نشره إلى أن توفي ـ رحمة الله عليه ـ ، فلا سبيل لنا على من أراد أن يتعلق بخيوط العنكبوت !! .
 سيد قطب الأديب
فإننا إن لم نمضى على سنة سلفنا الصالح من أرجاع النوازل إلى أصلها من الكتاب والسنة وفهم السلف – لئن لم نفعل هذا – لمحق الله منا نصف العقل وبقى النصف الأخر متردداً بين قال فلان وكتب فلان ، و لصرنا في المنتهى أمام هذا و ذاك نتعبد لحرفه ونخضع لنصه .
و يُصدم المرء من أُناس يطالبون غض الطرف و السكوت عن تناول ما صدر من " سيد قطب " بحجة أنه أديب ، فإلى إي فهم يستند هؤلاء ؟!
فإن قالوا : نستند إلى فهم السلف المتقدمين ، قلنا لهم : أخطأتم ، فقد رأينا السلف قديماً أخذوا " ابن المقفع " بما قال ، بل حكموا عليه بالزندقة و قُتل ، و لم يقولوا : أنه أديب له أن يتكلم في دين الله كما شاء .
و أن قالوا : نستند لفهم الخلف المتأخرين ، قلنا لهم : أخطأتم ، لأننا رأيناكم تأخذون " سلمان رشدي " بما قال ، و حكمتم عليه بالردة ، و لم تسلموا بأنه أديب – و قد اعترف أنه لم يقصد بكتابته الإساءة للإسلام – ، و لماذا نجد لكم ردود على " نجيب محفوظ " – ومن لف لفه – مع أنهم أدباء و لم يقولوا يوماً أنهم علماء ؟! .
و إن كان " سيد قطب " أديباً ، فلماذا تعرض لتفسير القرآن ؟! ، و بأي حق يتكلم في دين الله و لا يُعرف له شيوخ ، و لا تحصيل لعلم ، و لم يكن له طلبه أو حلقة تعليم ؟! .

فلمصلحة من السكوت عن رجل هذا حاله ؟!

فـ الهوى أمرُ عجيبٌ شأنُهُ .... تارةَّ بأسٌ وأحْياناً رَجَا

ليس فيمن مات مِنْهُ عَجَبٌ ...... إنما يُعْجَبَ ممن قَدْ نجا !!
ثم كيف تنسبون لشخص أمر نفاه عن نفسه ، بل عاب من كان عليه ؟
فـ " سيد قطب " يُبين أنه ما كتب تصانيفه الدينية بصفته اديب !! و لكن بصفته مُعلم يذكر الناس بالتمسك بأمور دينها و اعتقادها .

قال في الظلال ( 4 /2012) : (( إن العمل في الحقل الفكري للفقه الإسلامي عمل مريح لأنه لا خطر فيه ، و لكنه ليس عملاً للإسلام ، و لا هو من منهج هذا الدين و لا من طبيعته . و خير للذين ينشدون الراحة و السلامة أن يشتغلوا بالأدب و بالفن أو التجارة )). اهـ

وقال في ( 2 /1011) من ظلاله : " كذلك يجب أن يكون مفهوماً لأصحاب الدعوة الإسلامية ، أنهم حين يدعون الناس لإعادة إنشاء هذا الدين !! ، يجب أن يدعوهم أولاً إلى اعتناق العقيدة . حتى و لو كانوا يدعون أنفسهم مسلمين !! و تشهد لهم شهادات الميلاد بأنهم مسلمون !! " . اهـ

و لذلك فليحذر المسلم من الدفاع عن أهل البدع والاهواء والصدّ عنهم .
قال إبراهيم بن ميسرة – رحمه الله – :(( من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الدين )) .
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " و يجب عقوبة كل من انتسب إليهم أو ذب عنهم أو أثنى عليهم أو عظم كتبهم أو عرف بمساعدتهم و معاونتهم أو كره الكلام فيهم أو أخذ يعتذر لهم ، بأن هذا الكلام لا يُدرى ما هو ؟ أو من قال إنه صنف هذا الكتاب ؟ و أمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق ، بل تَجب عقوبة كل من عرف حالهم ولَمْ يعاون على القيام عليهم ، فإنَّ القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات ؟ لأنهم أفسدوا العقول و الأديان على خلق من المشايخ و العلماء و الملوك و الأمراء ، و هم يسعون في الأرض فساداً ويصدَّون عن سبيل " . مجموع الفتاوى ( 2/ 132 ) .

ميرابو الثورة
كان بداية ارتباط " سيد قطب " بجماعة الإخوان المسلمين رِدة فعل نشأت في مستشفى كان يُعالج فيها من مرض الدرن و القلب في أمريكا ، إذ وجد بعض العلوج يذكرون موت الأستاذ " البنا " ـ رحمه الله ـ بفرح و سرور . فظن أن ذلك لا يكون إلا إذا كان حسن البنا على حق ! ، و عندما عاد إلى مصر في أوائل 1915 م انضم لجماعة الإخوان ، و عين مباشرة رئيساً للجنة الدعوة ، مع أنه لم يربطه بجماعة الإخوان قبل هذه الحادثة شيء ؛ و إنما كان في كنف أستاذه الأديب " عباس محمود العقاد " يأخذ من أدبه و يقف بجواره في معاركه الأدبية .. ثم اشتغل بالسياسة منتمياً لحزب الوفد ؛ و عمل بالصحافة ، و كان صاحب قلم في الصحف الاشتراكية ؛ فما إن انضم لجماعة الإخوان حتى طلق صالونات الأدب و توجهللعمل الديني .. و لكن ـ مع الأسف ـ بنفس فكر صالونات الأدب المتعالمة بالفكر الفلسفي .

و كانت كتابات " سيد قطب " في الصحف الاشتراكية كـ " مصر الفتاة " و غيرها ، سبباً في تَعرُفِه بضباط الثورة .. حتى أن اللواء " محمد نجيب " هاتفه ، و قال له : " نحن تلاميذك ، تتلمذنا على كتابك " العدالة الاجتماعية في الإسلام " ، و على مقالاتك في مجلات الاشتراكية ، و نريد أن تكون أنت مستشارنا في الأمور الداخلية . اهـ
قال الأستاذ محمد قطب ـ شقيق سيد ـ : " فذهب إليهم بعدها و احتفوا به احتفاء شديداً في مبدأ الأمر على أساس أنا أستاذهم الذي وجههم !! ، و ما كان يعرفهم من قبل و ما التقى بهم أبداً قبل ذلك ، و لكن قالوا له : نحن تتلمذنا على فكرك الموجود في العدالة الاجتماعية ، و على مقالاتك في الاشتراكية . فذهب إليهم و عاش معهم ستة أشهر " . أهـ .( حياة سيد قطب موقع الإسلام اليوم 13 / 2 / 2001 م ) .

و قال محمد قطب ايضاً : " فتحوا أمامه كل الملفات الداخلية و طلبوا مشورته في كل الأمور ، و قد عهدوا إليه أن يكون مستشاراً لأمور الداخلية " . اهـ

و عندما وقعت النزاعات بين ضباط الثورة و بين الإخوان حاول " سيد قطب " التوفيق بينهم ، و كانوا يستجيبون له حرصاً على إبقائه معهم كما قال " محمد قطب " .

و كان " سيد قطب " متحمساً للثورة تحمساً شديداً ، و كان خطيباً لها داعياً إليها ، حتى أنه أنكر على الذين يريدون عودة الضباط إلى الثكنات العسكرية .. و طالب الضباط بعدم تمكين السياسيين من الوثوب على الثورة ، بأي صورة من الصور .. و بَيّن أن القوة المتمثلة في رجال الجيش أقوى في الوصول إلى المقصود من الجماهير الحمقاء و الأحزاب البالية ..حتى أنه طالب الضباط الأحرار بإقامة " ديكتاتورية عادلة !! " ؛ الأمر الذي أخرج " إحسان عبد القدوس " من صمته و قال : كيف تكون ديكتاتورية و عادلة ؟!! .

و كان " سيداً " منافحاً عن أهداف الثورة و شرعيتها ، و ذو علاقة وثيقة جداً بالثوار .. حتى أنه كان المدني الوحيد الذي يحضر جلسات " مجلس قيادات الثورة " ؛ و من شدة تأييده للثورة أُطلق عليه لقب " ميرابو الثورة المصرية " تشبيهاً له بـ " ميرابو " أشهر خطباء الثورة الفرنسية ، و تَحمُس "سيد " للثورة جعله يؤيد كل مطالب الثورة ، بما فيها قانون الإصلاح الزراعي ، و نزع الملكيات الخاصة و إعادة توزيعها و لو كانت قائمة على أساس شرعي !!.. و زعم أن حق المجتمع في المال حق مطلق ، و أن حق الملكية الفردية لا يقف في وجه هذا الحق العام !! .

ثم بعد ذلك وقع الصراع بينه و بين ضباط الثورة بسب الإخوان ، و انفصل عنهم و اعتزلهم و انضم لجانب الإخوان .. و ذلك في أواخر عام 1953 م . ( مقال : الشهيد سيد قطب في ذاكره الـ 39 . موقع إخوان أون لاين 29 / 8 / 2005 ) .


إعدام ميت
تبين مما سبق أن النزعة الاشتراكية التي تبنتها حكومة " الضباط الاحرار " كان منشأها وأصلها كتابات وفكر" سيد قطب " ، حتى أنهم قالوا : أنهم تتلمذوا عليها . وقد عاش " سيد قطب " في صفوف هذه النخبة يُأصل لها ، ويُنافح عن فكرها ، بل ويخطط لها أمور ربما لم تكن في حسابتها كفكرة " الدكتاتورية العادلة !! " ثم لما انفصل عنهم واعتزلهم و انضم لصفوف الإخوان بعد الصراع الذى دار بين رجال الجماعة وبين الضباط الاحرار ، أشرف " سيد قطب " بعدها على المنشورات الإخوانية التي تدعو إلى الانقلاب على الثورة ، و وجوب قتل ضباط الثورة كما قال " سيد قطب " لرئيس محكمة الشعب "جمال سالم " قال : " إنني نَصحت الأستاذ المرشد أننا جماعة الإخوان يجب أن نقضى على حركة الجيش قبل أن تقضى علينا ". ( قافلة الإخوان صـ 522 ) .

وقد صَدّق الدكتور القرضاوي على هذا الكلام في كتابه ( سيرة وميسرة 2 /77 ) .

وأيضاً كان من أسباب محاكمة " سيد قطب " قيادته لتنظيم 1965 الذي أقرت به " زينب الغزالي " و كان تنظيماً مسلحاً يَسرق ذخيرته من الجيش . وقد حكى قصته كاملة عباس السيسي في كتابه ( قافلة الإخوان صـ 711 ) .

فلم تكن محاكمة " سيد قطب " بسبب دينه و اعتقاده ، بل كانت بسبب الامور السياسة التي خاضها مع جماعة الإخوان ، و أما ما تروجه جماعة الإخوان من أن " سيد قطب " حُوكم و دفع عمره من أجل قضية الحاكمية فهذا كذبٌ أصلع ، لأن " سيد قطب " ما تعرض في مؤلفاته لقضية الحاكمية إلا في كتابه " الظلال " و من بعده كتاب " معالم على الطريق " و ( الظلال و المعالم ) لم يؤلفهما " سيد قطب " الا بعد دخوله السجن !!

فكيف يُحاكم على فكر لم يكن تبناه بعد ؟!!

وكيف يوزع و يوضع كتابه الظلال ـ وهو الكتاب المكتظ بالحديث عن قضية الحاكمية ـ في السجن الحربي ؟!! ( انظر قافلة الإخوان صـ 789 ) .


و لكن لما كان أهل الباطل لا تُسعفهم الناحية العلمية لإقامة ما يريدون ترسيخه في أذهان أتباعهم لجئوا إلى الناحية العاطفية و التي لها فعل السحر للوصول إلى هدفهم ، و حينها لا يُفكر المتبوع في مدي صحة الكلام الذى يسمعه أو يُفتش في حقيقه . و هذا المسك من علامات أهل الباطل .

و هذا مثال لما تتاجر به الإخوان دائما ، و هو المتاجرة بمأساة " سيد قطب " في سجن الثورة ، و أنه تمزق جسده بسبب السياط و أنياب الكلاب البوليسية الثورية !!

و هذا بخلاف ما شهد به الأستاذ " أحمد عبد المجيد " – أحد أعضاء تنظيم 65 م من أن " سيد قطب " كان على علاقة طيبة بضباط سجن طرة ، حتى قال : كانت صلته بالضباط و الجنود في السجن صله طيبة ، حتى إن مأمور سجن طرة قال : " إن سيداً هو مدير السجن لصلته القوية بالجميع " . ( إسلام أون لاين 12/7/2004 ) .

و لعل القضية الأكبر في قصة " سيد قطب " التي تاجر بها الإخوان هي : إعدام " سيد قطب " ، حتى أنهم اشبعوا العالم الإسلامي كلاماً حولها ، و رسموا بسبها ستاراً من القداسة حول أفكاره ، حالت زمناً كبيراً دون التعرض لها ، و لو كانت مخالفة لصميم الإسلام ، و رسموا حولها الأساطير .


و لكن العجيب أن " سيد قطب " – عفا الله عنه – لم يُعدم الا ميتاً

فبعد أربعين عاماً من موت " سيد قطب " ـ رحمه الله ـ يُفاجئنا موقع جماعة الإخوان ( إخوان أون لاين نت 7 /11 / 2006 م ) . بمقال بعنوان ( سيد قطب عملاق في زمن الأقزام ) و فيه أن سيد قطب مات ساجداً و لم يُعدم !! .


قال المستشار على جريشة : و علمنا – أخي سيد – أنك طلبت قبل التنفيذ أن تصلى ركعتين ، و دعوت في السجود أن يقبضك الله قبل أن يَصلوا إليك ، واستجاب لك ربك ، فقبضت وأنت ساجد ، لكنهم أصروا أن يُعلقوك على حبل المشنقة !! ليعطوا التمام إلى رئيسهم أنهم نفذوا فيك حكم الإعدام !! . اهـ .

و ليس معنى إيراد هذه القصة أننا نسلم بها ، و لكن لإظهار كذب القوم و تناقدهم ، و لو جمعت روايات الإخوان في مقتل سيد قطب لرأيت عجباً ، فرواية تثبت أنه ندم على ما فعل و يخشى من القادم ، و أخرى تظهر عليه السرور لقرب ملاقاة ربه ، و ثالثة في أنه طلب منه أن يطلب العفو فرفض لانه موحد !! ، إلى غير ذلك من خزعبلات القوم .
هذا و قد أحسن الشيخ الفاضل " على الوصيفي " في تتبعهم و بيان عوارهم في كتابه " الإخوان المسلمون بين الابتداع الديني و الإفلاس السياسي " و كتابه الأخير " سر الجماعة "


و نسأل الله العدل و الانصاف ، و أن يتوفانا على ما يُحب ، و أن يغفر لنا و لموتى المسلمين .

وللحديث تتمة


يتبع بإذن الله ...

البيان القادم : " الجماعة العنكبوتية "
و صلى الله على محمد و على اله و صحبه و سلم
جمع وترتيب
أبو صهيب وليد بن سعد


الإعلام بسبب جور الحكام

الإعلام بسبب جور الحكام


الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، و بعد :

روى البخاري في صحيحه [ 3834 ] عن قيس بن أبي حازم قال : (( دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب ، فرآها لا تكلم ، فقال : ما لها لا تكلم ؟ قالوا : حجت مصمتة ، قال لها : تكلمي ، فإن هذا لا يحل ، هذا من عمل الجاهلية ، فتكلمت ، فقالت : من أنت ؟ قال : امرؤ من المهاجرين ، قالت : أي المهاجرين ؟ قال : من قريش ، قالت : من أي قريش أنت ؟ قال : إنك لسؤول ، أنا أبو بكر ، قالت : ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية ؟ قال : بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم ، قالت : و ما الأئمة ؟ قال : أما كان لقومك رؤوس و أشراف ، يأمرونهم فيطيعونهم ؟ قالت : بلى ، قال : فهم أولئك على الناس ))
و في رواية ابن الأعرابي أنها قالت : (( إنا مررنا بأقوام كنا نغزوهم و يغزونا فلم يعرضوا لنا ، و لم نعرض لهم ))
قلت : و هذا هو ما كانت تعنيه من الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية ، و هو أنها مرت بقوم كانت بينهم عداوة أيام الجاهلية ، فلما جاء الإسلام مرت بهم فلم يتعرضوا لها .
فبين الصديق رضى الله تعالى عنه في هذا الحديث أن بقاء الناس على هذا الأمر الصالح الذي يتضمن الأمن على الأنفس و الأموال و الحُرمات و غيرها مقرون ببقاء الأئمة على الإستقامة .
و لا يُفهم أن الأئمة المقصود بهم الحكام و الأمراء فقط ، بل يدخل معهم العلماء .


فـ " ولاة الأمور " : هم " الأمراء و العلماء " معاً

قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ... } [ النساء 59 ]
قال ابن عباس رضى الله عنهما : { وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } يعني : (( أهل الفقه و الدين ))، و كذا قال مُجاهد و عطاء و الحسن البصري و أبو العالية : يعني : العلماء .
و قال الحافظ ابن كثير في تفسيره : (( و الظاهر - و الله أعلم - أن الآية في جميع أولي الأمر من الأمراء و العلماء ، ثم ذكر حديث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من أطاعني فقد أطاع الله ، و من عصاني فقد عصا الله ، و من أطاع أميري فقد أطاعني ، و من عصا أميري فقد عصاني )) متفق عليه .
قال الحافظ : (( فهذه أوامر بطاعة العلماء و الأمراء ، و لهذا قال تعالى : { أَطِيعُوا اللَّهَ } أي : اتبعوا كتابه { وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ } أي : خذوا بسنته { وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } أي : فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصية الله ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله ، كما تقدم في الحديث الصحيح : (( إنما الطاعة في المعروف )) .
حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا همام ، حدثنا قتادة ، عن أبي مراية ، عن عمران بن حصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا طاعة في معصية الله )) . اهـ
قلت : فأولي الأمر تشمل العلماء و الأمراء ، و لا يخفى فساد كثير من العلماء في زماننا ، و انظر غير مأمور إلى مشيخة الأزهر فستجد عليها صوفي محترف يتقرب إلى الله بالبدعة .


و السؤال :


ما هو سبب فساد العلماء و جور الأمراء ؟
و الإجابة عن هذا السؤال لا تجد إجابتها بصدق عند من يتصدر لزعامة الناس ، لأنه لو أجاب بحق لإنفض الناس من حوله ، لأن الإجابة مُرة
و هي : أن سبب فساد ولاة الأمور من عُلماء و أُمراء هو فساد الرعية ، فإن العبد إذا عصى الله عز و جل و إرتكب المعاصي و جاهر بها سلط الله عليه من يقهره و يُذله عقوبة له .
يقول الله عز و جل : { وَ مَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } [ الشورى 30 ] .


و قال سُبحانه : { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ آل عمران 165 ] .


و قال عز و جل : { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ مَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } [ النساء 79 ] .
و هذا المعنى معروف عند الناس فتراهم يقولون : (( إن الحكام صورة الرعية ، و يقولون : كما تكونوا يولى عليكم ، و يقولون : كل سُلطان من طينة رعيته )) .
و قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ : ((
و تَأمَّلْ حِكمتَه تَعالى في أن جعَلَ مُلوكَ العِبادِ و أُمراءَهم و وُلاَتَهم مِن جِنس أَعمالِهم، بل كأنَّ أَعمالَهم ظهرَت في صُوَر وُ لاَتهم و مُلوكِهم ، فإن استَقامُوا استَقامَت مُلوكُهم ، و إن عدَلوا عدَلَت علَيهم ، و إن جارُوا جارَت مُلوكُهم و وُلاَتُهم، و إن ظهَرَ فيهم المَكرُ و الخَديعةُ فوُلاَتُهم كذَلكَ ، و إن مَنَعوا حُقوقَ الله لدَيهم و بَخِلوا بها ، مَنعَت مُلوكُهم و وُلاَتُهم مَا لهم عندَهم مِن الحقِّ و بَخِلوا بها علَيهم ، و إن أَخَذوا ممَّن يَستَضعِفونه مَا لاَ يَستَحقُّونه في مُعاملتِهم ، أَخذَت مِنهم المُلوكُ مَا لاَ يَستَحقُّونه و ضَرَبَت علَيهم المُكوسَ و الوَظائفَ ، و كلُّ مَا يَستَخرِجونَه من الضَّعيفِ يَستَخرِجُه الملوكُ مِنهم بالقوَّةِ ، فعمَّالُهم ظهَرَت في صُوَر أَعمالِهم ، و ليسَ في الحِكمةِ الإلهيَّةِ أن يُوَلَّى على الأَشرارِ الفجَّارِ إلاَّ مَن يَكونُ مِن جِنسِهم ، و لمَّا كانَ الصَّدرُ الأوَّلُ خِيارَ القُرونِ و أبرَّها كانَت ولاَتُهم كذَلكَ
فلمَّا شابُوا شابَت لهم الولاَةُ
فحِكمةُ الله تَأبَى أن يُوَلَّي علَينا في مِثل هَذهِ الأَزمانِ مِثلُ مُعاويةَ وعُمرَ بنِ عَبدِ العَزيز ، فَضلاً عن مِثل أبي بَكرٍ و عُمرَ ، بَل ولاَتُنا على قَدْرنا، و وُلاَةُ مَن قَبلَنا على قَدرِهم و كلٌّ مِن الأَمرَين مُوجبُ الحِكمةِ ومُقتَضاها )) اهـ
و انظر- بارك الله فيك - إلى قوله تعالى في بيان العلة التي سُلط بها فرعون على قومه .
فقال سُبحانه : { فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ } [ الزخرف 54 ] .فوصفهم الله ـ عز و جل ـ بالفسق و لهذا سلط عليهم من يُناسبهم .
و قد روى الطبراني عن الحسن البصري أنه سمع رجلاً يدعو على الحجاج _ و حال الحجاج لا يخفى على أحد ، فقد كان ظلوماً جهولاً يقتل بالظن ، صلب ابن الزبير رضى الله تعالى عنهما ، و رمى الكعبة بالمنجنيق و غير ذلك _ سمع الحسن رجلاً يدعو على الحجاج ، فقال له : (( لا تفعل إنكم من أنفسكم أُتيتم ، إنما نخاف إن عُزل الحجاج أو مات أن يتولى عليكم القردة و الخنازير ، فقد روى أن أَعمالَكم عُمَّالُكم ، و كما تكونوا يُولى عليكم )) .

فأصل البلية أن الناس تجني ثمار أعمالهم ، و من هذه الثمار ظلم و جور و فساد الأُمراء و العُلماء .
أخرج أبو الشيخ عن منصور بن أبي الأسود قال سألت الأعمش عن قوله تعالى { وَ كَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ... } [ الأنعام 129 ] ما سمعتم يقولون فيه ؟ قال سمعتهم يقولون : (( إذا فسد الناس أُمّرَ عليهم شِرارُهم )) . ( الدر المنثور للسيوطي 3 /358 ) .
و قال عبيدة السلماني لعلي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه : (( يا أمير المؤمنين ما بال أبي بكر و عمر إنطاع الناس لهما و الدنيا عليهما أضيق من شبر فإتسعت عليهما ، و وليت أنت و عثمان الخلافة و لم ينطاعوا لكما و قد إتسعت فصارت عليكما أضيق من شبر ؟! )) فقال : (( لأن رعية أبي بكر و عمر مثلي و مثل عثمان ، و رعيتي أنا اليوم مِثلك و شبهك )) .
و قد أرسلوا يوماً لأحد الأُمراء يشكون له جور العمال ( المحافظين ) : فكتب لهم بلغني كتابكم و ما أنتم فيه ، و ليس ينبغي لمن يعمل المعصية أن يُنكر العقوبة ، و لم أرى ما أنتم فيه إلا من شُؤم المعصية ، و السلام .
و جاء في تفسير حِقِّي في قوله تعالى : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء }
قال : (( معناه إن كنتم من أهل الطاعة يُوَل عليكم أهل الرحمة ، و إن كنتم من أهل المعصية يُوَل عليكم أهل العقوبة )).
و قال الإمام السعدي في تفسيره لقوله تعالى : { وَ كَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } ، قال : (( كذلك من سنتنا أن نولي كل ظالم ظالماً مثله ، يؤزه إلى الشر و يحثه عليه ، و يزهده في الخير و ينفره عنه ، و ذلك من عقوبات الله العظيمة الشنيع أثرها ، البليغ خطرها ، و الذنب ذنب الظالم ، فهو الذي أدخل الضرر على نفسه ، وعلى نفسه جنى { وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ } ، و من ذلك أن العباد إذا كثر ظلمهم و فسادهم ، و منْعهم الحقوق الواجبة ، ولَّى عليهم ظلمة ، يسومونهم سوء العذاب ، و يأخذون منهم بالظلم و الجور أضعاف ما منعوا من حقوق الله ، و حقوق عباده ، على وجه غير مأجورين فيه و لا محتسبين ، كما أن العباد إذا صلحوا و استقاموا، أصلح الله رعاتهم ، و جعلهم أئمة عدل و إنصاف، لا ولاة ظلم و اعتساف )) اهـ .
و قال الشيخ العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - :
(( كثير من الناس يريد من الرعاة أن يكونوا على أكمل ما يكون ، ولا شك أننا نريد من الرعاة أن يكونوا على أكمل ما يكون ، لكننا لا نعطيهم في المعاملة أكمل ما يكون ، بمعنى أن بعض الرعية يقول : يجب أن يكون الراعي على أكمل ما يكون ، و مع ذلك تجد الرعية على أنقص ما يكون .. أهذا عدل ؟ لا و الله ما هو بعدل ، إذا كنت تريد أن تعطى الحق كاملاً ، فأعط الحق الذي عليك كاملاً ، وإلا فلا تطلب ؛ و من حكمة الله عز وجل أن المُوَلَّى على حسب المولَّى عليه .. و هذه من الحكمة أن يكون المولى - ولي الأمر- على حسب من ولي عليه ، إن صلح هذا صلح هذا ، و إن فسد هذا فسد هذا ، وفي الأثر: ( كما تكونوا يول عليكم ) يعني : أن الله يولي على الناس على حسب حالهم ، و هذا الأثر و إن لم يكن صحيحاً مرفوعاً إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكنه صحيح المعنى ، اقرأ قول الله تعالى : { وَ كَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً }[الأنعام:129] أي : نجعل الظالم فوق الظالم ، بماذا ؟ { بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [الأنعام:129] فإذا ظلمت الرعية سلطت عليها الرعاة ، و إذا صلحت الرعية صلح الرعاة، و كذلك بالعكس : إذا صلح الراعي صلحت الرعية )) .

قلت : و تأمل العلاقة بين قوله تعالى : {وَ إِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } [ الإسراء 16 ] و بين قوله تعالى : { وَ تِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا }.


فهلاك القرى بظُلم أهلها أولاً { وَ تِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا } فإذا ظلموا جعل الله مترفيهم أُمراء فأظهروا الفسق { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا } فحينها ينزل بهم الدمار جميعاً { فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } .
قال الذهبي في السير [ 4 /343 ] عن الحجاج قال : و كان ظلوماً جباراً ناصبياً خبيثاً سفاكاً للدماء .. و عن هشام بن حسان بسند صحيح كما عند الترمذي قال : (( أحصوا ما قتل الحجاج صبراً فبلغ مئة ألف و عشرين ألف قتيل ))
و لكن لما تذمر الناس من ولايته و ظلمه و كان بينهم الحسن البصري ربيب بيت النبوة لم يقل لهم أخرجوا على الحجاج في ثورة أو اعتصام أو احملوا عليه السيف ، و لكنه قال لهم : (( إن الحجاج عقوبة من الله عز و جل ، فلا تستقبلوا عقوبة الله بالسيف ، و لكن إستقبلوها بتوبة و تضرع و إستكانة و توبوا تُكْفَوه )) ( أخرجه أبو الشيخ ، و ابن أبي شيبة )
و دخل سفيان الثوري إلى الحرم فوجد الشرطة ـ و لم يكونوا يتواجدون فيه من قبل فبكى و قال : (( إن ذنوبا ولَّت علينا هؤلاء إنها لذنوب جسام )) .


فالمخرج الوحيد حتى يستقيم أمر العُلماء و الأُمراء ، و ينعم الناس بالأمن ، و تُحفظ عليهم أعراضهم و أمولهم أن يتوبوا الى الله ـ عز و جل ـ ، و أن يؤدوا الحقوق الى أهلها ، و ألا يظلموا حتى لا يُظلموا ، و إن أرادوا أن يُحكم فيهم شرع الله ـ عز و جل ـ أن يأخذوا بأسبابه من تصحيح المعتقد ، و عمل الصالحات ، و عدم التفريط في الواجبات ، حينها يكون لهم الإستخلاف في الأرض .
قال الله تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } .


و قال الله عز و جل : { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ } [ الرعد 11 ]
و أنشد بعضهم :

بذنوبنا دامت بليتنا ......... و الله يكشفها إذا تبنا

و في المأثور في الدعوات : (( اللهم لا تُسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا )) .

و صلى الله على محمد و على آله و صحبه و سلم .


و كتب
أبو صهيب وليد بن سعد
 

ميرابو الثورة ( سيد قطب ) !!


البيان قبل وصول الإخوان ( 3 )




ميرابو الثورة ( سيد قطب ) !!

( الجزء الأول )
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
 فسيقولون :


………… لا تصدعوا الصف من الداخل...
………………لا تثيروا الغبار من الخارج ...
…………………… لا تحركوا الخلاف بين المسلمين ...
هذا الذي يُدندن حوله بعضهم كلما تعرض أهل السنة والأثر للتحذير من فكرٍ منحرف ، أو من كاتبٍ مبتدع ، أو من فرقة ضالة ، فقدمناه حتى نُوفر عليهم ، ونخبرهم أننا على علم بما ستقولون .
ولكننا نقول : هل سكت المبطلون لنسكت، أم أنهم يهاجمون الاعتقاد على مرأى ومسمع ، ويُطلب السكوت ؟! ، اللهم لا .. ونُعيذ بالله كل مسلم من تسرب حُجة اليهود ، فهم مُختلفون على الكتاب ، مُخالفون للكتاب ، ومع هذا يُظهرون الوحدة والاجتماع ، وقد كذبهم الله تعالى فقال سبحانه : { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شتى } [ الحشر : 14 ] ، وكان من أسباب لعنتهم ما ذكره الله بقوله : { كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ } [ المائدة : 79 ] ، وإذا كان كلما أراد المؤمن أن يقَوَِّم المسار قيل له : ليس ذا الوقت والكفار متربصون !.
فمتى يعرف أخطاءه ؟! ومتى يَحجم عنها ؟!! ومتى يصح المريض ويقوى الضعيف ؟!!
وليس من المولاة للمؤمنين في شيء أن تنصر أخاك في باطله مُحتجاً بمواجهته للكفار والعلمانيين ، فعن أنس قال أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً "، قيل يا رسول الله : هذا ننصره مظلوما ، فكيف ننصره ظالماً ؟ قال : " تحجزه أو تمنعه من الظلم " . ( رواه البخاري ) . وأيضاً : استعمال الشدة في الإنكار على المخالف لا يعنى الولاء للكفار، فلا يَقُل قائل يتكلم في أخوانه ويسكت عن أعدائه . الم تر كيف أن موسى – عليه السلام – أشتد على أخيه هارون – عليه السلام – كما في قوله تعالى : {... وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ...} [ الأعراف : 150 ] ، أما مع فرعون فالآن له القول : { اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } [ طه :43 -44 ] ، فهل يحتج أحد على موسى – عليه السلام – بالولاء والبراء متهماً له بأنه يبسط لسانه ويده على أخيه و يلطف بالطواغيت ؟!

وقد قال أحدهم للأمام أحمد : أنه يثقل علي أن أقول فلان كذا وفلان كذا ، فقال : " إذا سكت أنت وسكت أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم " .( الكفاية في علم الرواية للبغدادي ص / 46) .
وقال ابن القيم : " ومعلوم أنه إذا أزدوج التكلم بالباطل ، والسكوت عن بيان الحق تولد بينهما جهل الحق ، وأضلال الخلق " . ( الصواعق المرسلة ص / 52 ) . وقد قال _ صلى الله عليه وسلم _ : " من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع ، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغه الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج " . ( رواه أبو داود ، و هو في صحيح الجامع برقم 6196 ) .
ومعنى " ردغة الخبال " : عصارة أهل النار .
ويقول _ صلى الله عليه وسلم _ :" ألا لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه " ( رواه أحمد و الترمذي ، وصححه الألباني ) .

فالواجب على المسلم أنه إذا علم الحق جهر بهِ ، ولا يشترى رضي الناس بسخط الله... ولهذا أقول : " من أجل ذلك لا يسعنا السكوت " .

فهذه وقفة جديدة مع رجل من أعلام جماعة الأخوان المسلمين ، يُعرف في الجماعة باسم الشهيد الثاني " سيد قطب "!.

والأمر لا يتعدى إلا العرض و الإبانة فما يضرك أن تسمع أو أن تقرأ ، وقد قيل :


فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول ؟

إن كان الذي يأتي حسناً قبلته.. ...... وأن كان قبيحاً تركته .

الأستاذ سيد قطب – رحمه الله - كان رجلاً فاضلاً في اللغة و الأدب ، و كانت له حماسة دينية عالية ، و كان على علم بمذاهب الفرق الضالة ، فدخل في بطونها لكنه لم يستطيع أن يخرج منها !! .
فاختلط فكره بمذهب الحلوليين ، والاتحاديين ، والجهمية المعطلين لصفات رب العالمين ، فقال بما قالوا .. ، وتأثر بمذهب الجبرية فأنكر تأثير الأسباب ، وقال بمذهب المعتزلة في الإيمان .
وادعى أن من حكم بغير حكم الله في مسألة واحدة فهو منكر للإلهية الله !! ، ورافض للإيمان بالكلية !! ، وتأثر بفكر الروافض في اعتقاده في الصحابة ، فاتهم معاوية وعمرو بن العاص بالنفاق والكذب ، وأن خلافة عثمان بن عفان _ رضى الله عنه _ كانت فجوة بين الشيخين وعلي – رضي الله عنهم – وشبه سور القران بالمنظومات الموسيقية ، كما في تفسير سورتي النجم والجن .
ورد أحاديث الآحاد في مجال العقيدة كما هو حال الأشاعرة ومن على ضربهم ، ودعا إلى نزع الملكيات والأموال ولو كانت آتية بالطريق الشرعي كما في الفكر الشيوعي الاشتراكي ، فضلاً عن طعنه في أنبياء الله : داود وسليمان وموسى ـ عليهم الصلاة والسلام ـ. كما سيأتي تفصيله بإذن الله .

أولاً : أخطر ما ينبغي أن ننبه عليه وبه نبدأ :
ـ تكفير( سيد قطب) لمجتمعات المسلمين :
يقول الدكتور القرضاوي في كتابه ( أولويات الحركة الإسلامية ص / 110 ) : " في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد " سيد قطب " ! التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره ، والتي تنضح بتكفير المجتمع ، وتأجيل الدعوة إلى النظام الإسلامي ، والسخرية بفكرة تجديد الفقه ، وتطويره ، وإحياء الاجتهاد ، وتدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع وقطع العلاقة مع الآخرين وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافةَّ .." . اهـ .
قلت :
قال " سيد قطب " في كتابه ( الظلال – 2 /1057 ) :" لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بـ : لا إله إلا الله ، فقد ارتدّت البشرية إلى عبادة العباد ، وجور الأديان ، ونكصت عن لا إله إلا الله ، وإن ظلّ فريق منها يرددون على المآذن لا إله إلا الله !! " .اهـ
وقال سيد قطب في كتابه ( معالم في الطريق ص / 21 ) :
" نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام ، أو أظلم ...!! " .

وقال في (ص / 98 ) : " إن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم ... بهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار المجتمع الجاهلي جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلاً ، تدخل فيه المجتمعات الشيوعية ... ، وتدخل فيه المجتمعات الوثنية ... ، وتدخل فيه المجتمعات اليهودية والنصرانية ... ، وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة !! " .

وقال في ( ص / 173 ) : " والمسألة في حقيقتها كفر وإيمان ... إن الناس ليسوا مسلمين كما يدعون وهم يحيون حياة الجاهلية ... والدعوة اليوم إنما تقوم لترد هؤلاء الجاهلين إلى الإسلام ، ولتجعل منهم مسلمين من جديد !! " . اهـ
قلت :
ولكن الحق يُقال أن "سيد قطب " لم يقصد بتكفيره أهل الإسلام مساواتهم بالوثنين عباد الأصنام ، حاشا وكلا 
، ولكنه جعلهم بمنزلة أهل الكتاب .
يقول علي العشماوي في كتابه ( التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين ص / 80) :
" جاءني أحد الإخوان وقال لي إنه سوف يرفض أكل ذبيحة المسلمين الموجودة حالياً ، فذهبت إلى " سيد قطب " وسألته عن ذلك ، فقال : " دعهم يأكلوها ويعتبرونها ذبيحة أهل الكتاب ، فعلي الأقل المسلمون اليوم هم أهل كتاب !! " .
وانتهي الأمر بسيد قطب بأن جعل مساجد المسلمين معابد جاهلية فقد قال في تفسير قوله تعالى : { واجعلوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } [ يونس : 87 ] . بعد أن قرر فيما سبق دخول مسلمي العصر في إطار المجتمع الجاهلي :
" وهنا يرشدهم الله إلى اعتزال معابد الجاهلية [ مساجدها ] ، واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي ". ( في ظلال القرآن – 3 /1816- دار الشروق أخر طبعة قبل موت سيد ) .
قلت :
ومعلوم أن فرقة التكفير والهجرة تبنت هذا الفكر بعدُ ، وأصبحت لا تصلي في مساجد المسلمين ، ولا تشهد جماعتهم لأنها مساجد ضرار وأهلها كفار ، وتبنت العزلة الشعورية .. فاعتزلت المجتمع بعد تكفيره وهاجرت في الجبال . ولا حول ولا قوة إلا بالله .

ثانياً : سيد قطب والقرآن :
ذهب " سيد قطب " إلى أن القرآن الكريم من صنع الله !! .
ومعلوم حساسية أهل السنة في استخدام المصطلحات ، وخاصة المتعلقة بصفات الرب - سبحانه - فالقرآن كلام الله كما قال عز وجل :{ وَإِنْ أَحَدٌ مّنَ المشركين استجارك فَأَجِرْهُ حتى يَسْمَعَ كَلاَمَ الله } [ التوبة : 6 ] ، وما كانت محنة الإمام أحمد إلا من أجل هذه القضية .
ولكن سيد قطب قال :
" ولكنهم لا يملكون أن يؤلفوا من هذه [الحروف ] مثل هذا الكتاب ، لأنه من صنع الله لا من صنع الناس " . ( في ظلال القرآن 5 /2719- دار الشروق ) .

وقال : " وهذا الحرف { ص } من صنعة الله تعالى ، فهو موجود صوتاً ، وموجود حرفاً من حروف الهجاء ".( في ظلال القرآن 5 /3006- دار الشروق ).

وكان من الممكن أن يُتأول لسيد – عفا الله عنه –
لو كان على عقيدة السلف في الأسماء والصفات ونقول : اخطأ في التعبير ، بدلاً من أن يُقال بأنه دخل بهذا تحت القول بخلق القرآن ، ولكن مع الأسف الشديد أنه كان مقرراً لعقيدة الخلف من نفي صفات الرب سبحانه ، فقد قال في تفسير قوله تعالى : " { ثُمَّ استوى عَلَى العرش }، : ( العرش ) ، نؤمن به كما ذكره ، ولا نعلم حقيقته ، أما الاستواء على العرش فنملك أن نقول : إنه كناية عن الهيمنة على الخلق ، استناداً إلى ما نعلم من القرآن عن يقين من أن الله سبحانه لا تتغير عليه الأحوال ، فلا يكون في حالة عدم استواء على العرش ، ثم تتبعها حالة استواء ، والقول بأننا نؤمن بِه [ بالاستواء ]  لا ندرك كيفيته [ وهو قول أهل السنة والجماعة ] لا يفسر قوله تعالى:{ ثُمَّ استوى عَلَى العرش }. ( في ظلال القرآن - 6 /3480 ).
قلت :
و معلوم فساد هذا القول ، وأنه قول ( الأشاعرة ) ، وسيأتي قريباً رد العلامة الألباني والشيخ العثيمين – رحمهما الله – على هذا الكلام ، وهل هو قول بخلق القرآن ونفي الصفات أم لا ؟!! .

أما الطامة الكبرى هو وصف الأستاذ سيد قطب _ القرآن الكريم _ أنه مشاهد مسرحية وسينمائية ، وأن له خصائص الشعر فمبناه على القوافي . فضلاً عن انفراد القرآن بموسيقاه الخاصة ! .
قال " سيد قطب" : " والتصوير بالألوان يلاحظ هذا التناسق [ بين اللون الذي ترسم به ، والتدرج في الظلال ] مع الفكرة والموضوع ، كما يلاحظ التوزيع في المشاهد المسرحية والسينمائية ، والتصوير في القرآن يقوم على أساسه ، خذ مثلاً سورة من السور الصغيرة التي ربما يحسب البعض أنها شبيهة بسجع الكهان أو حكمة السجاع ، خذ مثلاً سورة الفلق فما الجو الذي يراد إطلاقه فيها ؟ جوّ التعويذة بما فيه من خفاء وهيمنة ، وغموض وإبهام " . ( التصوير الفني في القرآن- ص / 115- ط دار الشروق عام 2000 م ).
وقال وهو يضرب مثلاً لما أخذه القرآن من الشعر :[القفيه ، والإيقاع ، والوزن ] ، يقول الله تعالى : { أَفَرَءيْتُمُ اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى } [ النجم : 19 ، 20 ] ، قال : " فلو أنك قلت : ومناة الثالثة ؟ لاختلت القافية! ، ولتأثر الإيقاع ، ولو قلت : ومناة الأخرى ؟ فالوزن يختل .. ، ويقول الله تعالى : { قال رَبّ إِنّى وَهَنَ العظم مِنّي } [ مريم : 4 ] ولو قلت : قال رب إني وهن مني العظم ، لأحسست بما يشبه الكسر في وزن الشعر !! ، ذلك أن ( مني ) تتوازن مع ( إني ) هكذا : { قال رب إني ... وهن العظم مني } ( المصدر السابق – ص / 104 ، 106 ).

ووصف سورة الفجر عامة بقوله : إنها تؤلف ألواناً متنوعة ، تؤلف من تفرقها وتناسقها لحناً واحداً فتعدد النغمات موحد الإيقاع ( في ظلال القرآن 6 /3901).

ووصف سورة الضحى : بالموسيقى الرتيبة الحركات ، الوئيدة الخطا ، الرقيقة الأصداء ، الشجية الإيقاع . ( التصوير الفني في القرآن – ص / 125) وقال عن سورة الليل : " بأن الموسيقا المصاحبة فيها أخشن وأعلى من موسيقا الضحى ". ( المصدر السابق – ص / 128).

ووصف آيات من سورة الفجر : بالموسيقا الرخية المُتماوجة ، ووصف آيات أخرى منها : بالعرض العسكري الذي تشترك فيه جهنم بموسيقاها العسكرية المنتظمة الدقات ( المصدر السابق – ص / 97 ، ووصفها في الظلال -6 / 3906 ) : بالموسيقا الحادة التقاسيم... !!

وقال أن سورة النازعات تميزت بنوعين من الموسيقا : " السريعة الحركة ، قصيرة الموجة ، قوية المبنى ، تنسجم مع جو مكهرب سريع النبض ، شديد الارتجاف والوانية الحركة ، الرخية الموجة ، المتوسطة الطول ، تنسجم مع الجو القصصي " . ( المصدر السابق – ص / 111) .

واستنبط ( موسيقى الطوفان ) من قوله تعالى : { وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ } ( السابق ص / 113 )
ووصف القرآن عامة بقوله : " القرآن يرسم صوراً ، ويعرض مشاهد يتوافر لها أدق مظاهر التناسق الفني في ماء الصورة ، وجو المشهد ، وتقسيم الأجزاء وتوزيعها في الرقعة الموضوعة " . ( التصوير الفني في القرآن - ص / 114 ) .

قلت :
كنا نتمنى أن نتأول لسيد قطب هنا أيضاً ، ونقول هو لم يقصد (الرسم والموسيقا )المتعارف عليهما عند أهل الفن والمجون ، ونقول : إنما هي كلمات خرجت من أديب لا يقصد معناها الحقيقي ، ولكنه سد علينا الطريق بقوله : " أنه استعان بالأستاذ الفنان " ضياء الدين محمد" _ مفتش الرسم بوزارة المعارف – بمراجعة القسم الخاص بتناسق الصور " .( المصدر السابق – ص / 114 ).
وقال : " أنه تفضيل الموسيقي المُبدع الأستاذ " محمد حسن الشُجاعي " _ مدير دار الأوبرا المصرية سابقاً – بمراجعة هذا الجزء الخاص بالموسيقا في القرآن الكريم !! ، وكان له الفضل في ضبط بعض المصطلحات الفنية الموسيقية ".
[راجع فصل الموسيقا في القرآن من كتابه . ( التصوير الفني في القرآن – ص / 106)] .

هذا ؛ وقد أستشكل أحدهم : هل يجوز استخدام الموسيقا الغربية في تفسير القرآن ، أم الاقتصار على الموسيقى العربية الأصلية إذ أن العربية هي لغة القرآن ؟!! .

ثالثا: سيد قطب والأنبياء :

قال الله تعالى : { آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } [ البقرة :285 ] .
قال  سيد قطب عن موسى – عليه السلام – عند ذكر قول الله تعالى : { فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا } قال : " وينسيه التعصب والاندفاع استغفاره وندمه " . ( التصوير الفني في القرآن – ص / 201)

وقال في ( ص/ 200 ) : " لنأخذ موسى ، إنه نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج " .
وقال في ( ص/ 201-202 ) : " ثم لندعه فترة أخرى لنرى ماذا يصنع الزمن في أعصابه ، ولكن ها هو ذا يسأل ربه سؤالا عجيباً : { قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ } " .
وقال : " فلندعه هنا لنلتقي به في فترة من حياته بعد عشر سنوات فلعله قد هدأ وصار رجلاً هادئ الطبع ، حليم النفس ، كلا ...إنه الفتى العصبي نفسه ...!! " . (ص / 201) .
ثم قال في (ص / 203) على قول الله تعالى : { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ } [ سورة هود : 75 ] "تقابل شخصية موسى شخصية إبراهيم ؟ إنه نموذج الهدوء والتسامح والحكمة ".
قلت : وأين العمل بالآية : { لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ } ، وهل مثل هذا الكلام يُقال على نبي قال الله فيه : { يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي } ، وقال فيه :{ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} ، وقال :{ وِلتُصنَع على عيني } ، وقال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا } .
هذا ، ولم يسلم ( داود ، وسليمان ، وعيسى ) - عليهم السلام - من جرأة " سيد قطب " حتى أنه أساء الأدب جداً ، وذكر ألفاظاً مُستشنعة ، أعرضنا عنها لعظيم حُرمه المُتكلم فيهم . نسأل الله الستر في الدنيا و لآخرة .

رابعاً: " سيد قطب " وأصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم _ :

يقول سيد في كتابه " العدالة الاجتماعية " (ص /159 ) وما بعدها :
" لقد أدركت الخلافة عثمان وهو شيخ كبير ومن ورائه مروان بن الحكم يُصرف الأمر بكثير من الانحراف عن الإسلام ... وقال : منح عثمان من بيت المال زوج ابنته _ الحارث بن الحكم _ يوم عرسه مائتي ألف درهم فلما أصبح الصباح جاءه _ زيد بن أرقم _ خازن مال المسلمين ، وقد بدا في وجهه الحزن ..فسأله أن يعفيه من عمله ، ولما علم منه السبب وعرف أن عطيته من مال المسلمين .. فرد الرجل الذي يستشعر روح الإسلام المرهف .. لا يا أمير المؤمنين ولكن أبكي لأني أظنك أخذت من المال عوضاً عما كنت أنفقته في سبيل الله في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فغضب عثمان – رضي الله عنه – على الرجل الذي لا يطيق ضميره هذه التوسعة من مال المسلمين على أقارب خليفة المسلمين !! ".

وقال في ( ص /168 – دار الشروق -1415) :
" فأما في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه وخلافة علي بن أبى طالب ، فكانت النظرة السائدة هي النظرة الإسلامية ... وأما حين انحراف هذا التصور قليلاً في عهد عثمان !! ، فقد بقيت للناس حقوقهم ، وفهم الخليفة أنه في حِلًّ – وقد اتسع المال عن المقررات للناس – أن يطلق فيه يده يبرَّ أهلَه ".
وقال في ( ص/ 161) : " واعتذارنا لعثمان – رضي الله عنه – أن الخلافة قد جاءت إليه متأخرة ...وهو يدلف إلى الثمانين يلعب به مروان ، فصار سيقه له يسوقه حيث شاء بعد كبر السن وصحبته لرسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ .
وقال في ( ص / 162 ) : " وسار علي – رضي الله عنه – في طريقة يرد للحكم صورته كما صاغها النبي – صلي الله عليه وسلم – والخلفيتان من بعده " .
وقال في كتابه السابق ( ص/ 172) : " ونحن نميل إلى اعتبار خلافة علي - رضي الله عنه - امتداداً طبيعياً لخلافة الشيخين قبله ، وأن عهد عثمان كان فجوة بينهما !! " .
ثم يُمجد سيد قطب الثورة التي رتب لها اليهود ، وقال أنها تحمل روح الإسلام – فسلم منه أحفاد القردة والخنازير ولم يسلم منه الرجل الذي تستحي منه الملائكة .
فقال في ( ص / 161) :(( لابد لمن ينظر إلى الأمور بعين الإسلام ، ويستشعر روح الإسلام أن يقررّ أن تلك الثورة في عمومها كانت فورة من الإسلام ، وذلك دون إغفال لما كان وراءها من كيد اليهودي ابن سبأ_ عليه لعنة الله _ )).اهـ
سبحان الله ، فالخوارج كلاب أهل النار ، قتلة عثمان ، عند سيد قطب هم الذين يحملون روح الإسلام !!
وقال في " معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص " – رضي الله عنهما – في كتابه ( كتب وشخصيات ص / 242 ) :
" إن معاوية وعمراً لم يغلبا علياً لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس ، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب ، ولكن لأنهما طليقان في استخدام كل سلاح ، وهو ( يعني : علياً ) مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع ، وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب ، والغش ، والخديعة ، والنفاق ،  الرشوة ، وشراء الذمم !!، لا يملك علي أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل فلا عجب أن ينجحا ويفشل ، وإنه لفشلٌ اشرف من كل نجاح " .

وقال :".. ذلك أبو معاوية ، فأمه أمه هند بنت عقبة ، فهي تلك التي وقفت يوم أحد تلغ في الدم إذ تنهش كبد حمزة كاللبؤة المتوحشة !! ، لا يشفع لها في هذه الفعلة الشنيعة حق الثأر على حمزة ، فقد كان قد مات ، وهي التي وقفت بعد إسلام زوجها كرها بعد إذ تقررت غلبة الإسلام تصيح : اقتلوا الخبيث الدنس الذي لا خير فيه ، قبح من طليعة قوم ، هلا قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم ؟ "
وقال : " فلئن كان إيمان عثمان وورعه ورقته كانت تقف حاجزاً أمام أميه ، لقد أنهار هذا الحاجز ، وانساح هذا السد ، وارتدت أميه طليقة حرة إلى وارثاتها في الجاهلية و الإسلام ، وجاء معاوية تعاونه العصبة التي على شاكلته ، وعلى رأسها عمرو بن العاص ، قوم تجمعهم المطامع والمأرب ، وتدفعهم المطامع والرغائب ، ولا يمسكم خلق ولا دين ولا ضمير " .
( نقلا من مجلة المسلمون العدد الثالث 3 سنة 1371هـ - من رد الشيخ محمود شاكر _ رحمه الله_ ) .
قلت :
وإن كان من العجب أن يترجم المجلس الأمريكي للدراسات الاجتماعية كتاب  سيد قطب : ( العدالة الاجتماعية في الإسلام ) للغة الإنجليزية للتعريف بسياسة الإسلام الاجتماعية كما نشرت مجلة " الرسالة " عدد 933 ، سنة 1951 ، صفحة 315 ، للسنة التاسعة عشرة ، لكن لا عجب أن يقدم " علي خامنئي " _ مرشد الثورة الإيرانية الرافضية _ لترجمة كتاب " المستقبل لهذا الدين " للأستاذ سيد قطب حيث قال : " هذا الكتاب _ رغم صغر حجمه _ خطوة رحبة فاعلة على هذا الطريق الرسالي ، مؤلفه الكريم الكبير سعى بهذا الكتاب في فصوله المبوبة تبويباً ابتكارياً أن يعطي أولاً صورة حقيقية للدين !! "
.

وقال : " أحد مؤلفاته القيمة والمبتكرة تحت عنوان : " خصائص التصور الإسلامي ومقوماته " ومترجم هذا الكتاب يعكف على ترجمته ، وسيقدم قريبا إلى قراء الدراسات الإسلامية التحليلية ".
قلت : ولعل القارئ يعلم الآن معنى كلمة الأستاذ / "محمد مهدي عاكف " – المرشد العام السابق لجماعة الأخوان – :
" نحن منذ فترة طويلة – وليس الآن – نتعاون مع الشيعة فيما اتفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضاً فيما تختلف فيه !! " . اهــ ( رسالة الأخوان العدد (478) الصادر في 29 شعبان 1427هـ )
.
وقد سبقه المرشد الأسبق _محمد حامد أبو النصر _ حين قال :
" إن أي حديث عن الشيعة ، يعنى إثارة الفتنة ، ومنهجنا عدم الخوض في هذا الأمر !! "
قلت : وكان حسبنا في هذا المقام أن نذكر حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم - : " لا تسبوا أصحابي ، لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم أو نصيفه ". ( متفق على صحته ).

ولكنى أحببت أن أُذكر بقول أبى زرعة الرازي – رحمه الله – حين قال :
" إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن القرآن حق ، والرسول حق ، وما جاء به حق، و إنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة ". ( فتح المغيث 4 /94 ) .
هذا ؛ وقد ضاق الصدر ، وانشغل الفكر ، بعد المرور بهذا الغثاء ،  لم يتبق
همة لبيان ما المقصود بـ (ميرابو الثورة ) فلعلنا نبينها فيما بعد.





القادم : البيان قبل وصول الإخوان ( 4) .



ميرابو الثورة ( 2 ).
انظر ( هنا )



وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم .
جمع وترتيب
أبو صهيب وليد بن سعد
14 / 6 / 2012