إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

عاشوراء بين الروافض والنواصب!


عاشوراء بين الروافض والنواصب!

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل [الحسين] رضي الله عنه، فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة، وابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي هي أفضل بناته، وقد كان عابدا وشجاعا وسخيا، ولكن لا يحسن ما يفعله الشيعة من إظهار الجزع والحزن الذي لعل أكثره تصنع ورياء، وقد كان أبوه أفضل منه فقتل، وهم لا يتخذون مقتله مأتما كيوم مقتل الحسين، فإن أباه قتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين، وكذلك عثمان كان أفضل من علي عند أهل السنة والجماعة، وقد قتل وهو محصور في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذبح من الوريد إلى الوريد، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتما، وكذلك عمر بن الخطاب وهو أفضل من عثمان وعلي، قتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتما، وكذلك الصديق كان أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتما، وكذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وقد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، ولم يتخذ أحد يوم موته مأتما يفعلون فيه ما يفعله هؤلاء الجهلة من الرافضة يوم مصرع الحسين؛ ولا ذكر أحد أنه ظهر يوم موتهم وقبلهم شيء مما ادعاه هؤلاء يوم مقتل الحسين ...، مثل كسوف الشمس والحمرة التي تطلع في السماء وغير ذلك(1).

وقد أسرف الرافضة في دولة بني بويه في حدود الأربعمائة وما حولها، فكانت الدبادب تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء، ويذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق، وتعلق المسوح على الدكاكين، ويظهر الناس الحزن والبكاء، وكثير منهم لا يشرب الماء لَيْلَتَئِذ موافقة للحسين؛ لأنه قتل عطشانا. ثم تخرج النساء حاسرات عن وجوههن ينحن ويلطمن وجوههن وصدورهن، حافيات في الأسواق، إلى غير ذلك من البدع الشنيعة، والأهواء الفظيعة، والهتائك المخترعة، وإنما يريدون بهذا وأشباهه أن يشنعوا على دولة بني أمية، لأنه قتل في دولتهم.
وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام، فكانوا إلى يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم، ويتخذون ذلك اليوم عيداً يصنعون فيه أنواع الأطعمة، ويظهرون السرور والفرح، يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم(2).

قلت: فالناس في يوم عاشوراء على ثلاث طوائف.

الطائفة الأولى : وهم الرافضة يجعلون هذا اليوم للطم والنوح وإظهار الحزن والبكاء لمقتل الحسين ـ عليه الرضوان ـ وهم قتلته!، وحرص أئمة الشيعة الرافضة على تخصيص هذا اليوم لإظهار الجزع والحزن والمبالغة في ذلك الأمر لنكتة، وهي: تثبيتاً منهم لقلوب أتباعهم من الذين فسقوا، لأنهم يعلمون جيداً أن نحلتهم الخبيثة لا تستند إلى دليل من الكتاب والسنة وإنما هي شبهات وأغلوطات ..فلو هدمت هذه البدعة لهدم الرفض والتشيع!. فحال هؤلاء الأئمة مع أتباعهم كحال قساوسة النصارى مع أتباعهم!، فلو هدمت أكذوبة الفداء وصلب عيسى ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ، لهدمت معها النصرانية. وكذلك الحال بالنسبة للأئمة الرافضة يزرعون في نفوس أتباعهم أن مدار الدين على محنة قتل الحسين!.
والطائفة الثانية: وهم النواصب أعداء أهل بيت النبوة ـ من أهل الشام ـ الذين فرحوا بمقتل الحسين واتخذوا ذلك اليوم عيداً؛ وقد تسربت بدعة هؤلاء إلى كثير من بلاد المسلمين، فعندنا في مصر يصنع العوام في يوم عاشوراء نوع من الحلوى المصنوعة من القمح يسمونها (عاشورا)، ويطبخ الأكثرون في ذلك اليوم لأنه كما يقولون: ( موسم!) ، وكثير من النسوة يكتحلن هن وأطفالهن في هذا اليوم!، وكل ذلك من بدع النواصب ـ أعداء أهل بيت النبوة ـ التي تسربت إلى بلاد المسلمين.

والطائفة الثالث: هم أهل السنة الخُلص، الذين وقفوا عند النصوص والتزموا بهدي السلف، فلا إفراط ولا تفريط.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء ، فسئلوا عن ذلك ، فقالوا : هذا اليوم الذي أظفر الله فيه موسى ، وبني إسرائيل على فرعون ، ونحن نصومه تعظيما له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نحن أولى بموسى منكم ، ثم أمر بصومه". [متفق على صحته].

وحين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع " قال : فلم يأت العام المقبل ، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. [رواه مسلم].

فكان صيام يوم عاشوراء فرضاً في أول الأمر، ثم نسخ صيامه بعد فرض صيام شهر رمضان، وقال صلى الله عليه وسلم في فضل صيامه: ((صيام يوم عاشوراء ، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)). [رواه مسلم].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : " ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم ، يوم عاشوراء ، وهذا الشهر يعني شهر رمضان ". [رواه البخاري].

فالسنة لم تأتي إلا بصيام هذا اليوم ، وكل من يحدثه الناس من إظهار الحزن والجزع، أو السرور والفرح فهو من جملة المحدثات و البدع.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 8 محرم 1435
13 / 11 / 2013 م


الهوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): البداية والنهاية (8 / 196 : 197 ) ط دار الحديث.
(2): المصدر السابق.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق