إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 12 سبتمبر 2013

احذر يا هشام أن تَطعن في سلفنا الصالح وأنت لا تدري!



احذر يا هشام أن تَطعن في سلفنا الصالح وأنت لا تدري!

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
         قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : "الراد على أهل البدع مجاهد، حتى كان يحيى بن يحيى يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد" ( نقض المنطق ص / 12 ).

        
وقال ابن القيم : " الجهاد نوعان: جهاد باليد والسنان وهذا المشارك فيه كثير، والثاني: الجهاد بالحجة والبيان وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل، وهو جهاد الأئمة، وهو أفضل الجهادين لعظم منفعته وشدة مؤنته وكثرة أعدائه" (مفتاح دار السعادة ص 71 ).

           وقد بين شيخ الإسلام وجه من وجوه الكلام في المخالف، فقال : "وليس هذا الباب مخالفاً لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "الغيبة ذكرك أخاك بما يكره"، ( فإن الأخ هو المؤمن، والأخ المؤمن إن كان صادقــًا في إيمانه لم يكره ما قلته من هذا الحق الذي يحبه الله ورسوله وإن كان فيه شهادة عليه وعلى ذويه؛ بل عليه أن يقوم بالقسط، ويكون شاهداً لله ولو على نفسه أو والديه أو أقربيه، ومتى كره هذا الحق كان ناقصــًا في إيمانه، ينقص من إخوته بقدر ما نقص من إيمانه"(مجموع الفتاوى 28 / 235 ).

                 وقال الإمام ابن رجب الحنبلي في (( الفرق بين التعبير والنصيحة )) : " فرد المقالات الضعيفة ، وتبين الحق في خلافِها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء، بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه، فلا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية، فلو فُرض أن أحدًا يكره إظهار خطِئِة المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك، فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة، بل الواجب على المسلم أن يُحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له، سواء كان ذلك في موافقته أو مخالفته، وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسوله ودينه ، وأئمة المسلمين وعامتهم"

          ويَفصلُ القضية نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ قائلاً :" ألا لا يمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه " ( رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني ).
من الدين كشفُ السَّتر عن كل كاذب .......................
............................... وعن كل بِدعيِّ أتى بالعجائبِ
ولولا رجالٌ مؤمنون لُهَّدمتْ............................
............... صوامعُ دينِ اللهِ من كلِّ جانبِ
      فمن أجل ذلك نخوض فيما لا نحب، لنـُميط الأذى عن منهج ارتضيناه ، وحاول غيرنا التشغيب عليه بشبهاته ، والتنمر عليه بأُغلوطاته .

      وها هو رجل علمناه من زمن منحرفاً على غير السنة، يهذى بما لا يدري، ويهرفُ بما لا يعرف، متهورًا، متعالمـًا، جهولًا، ... ألا وهو: هشام بن فؤاد البيلي، سكتنا عنه لما أُشيع من صبيانه وأتباع حزبه!، أن كلام أهل السنة فيه نابع من هوى!، وأن من تكلم فيه من العلماء وجرحه كان دافعه الغيرة والحسد!!، فالتزمنا الصمت وصبرنا حتى يخرج هو من صمته الذي افتعله، ليخدع به السذج والطيبين، وقد انخدعوا بالفعل، وقالوا: انظروا يتكلمون فيه ويسكت ولا ينتصر لنفسه!.


       ولكن أبى الله إلا أن يذل من عصاه، فهذا المشبوه سكت دهرًا ونطق فسقــًا!.
راح يدافع عن نفسه في أمر أُخذ عليه وهو: أنه يَلحن في اللغة؛ ولم يكن يضره شيئا لو قال: هذا الباب مغلق علي، لا أستطيع إتقانه، ويغفر لي الله تقصيري، وهذه الأمور التي تتأتى من المسلم سليم الطوية.
لكن لأن المشبوه من جلساء المبتدعة ورفقائهم، سلك مسلكهم، وأتبع طريقتهم، فراح يطعن في أحد السلف من أجل أن يحسن صورته، ويرفع خسيسته.
      وقد أحسن ابن فارس ـ رحمه الله تعالى ـ في وصف حالته فقال : " وقد كان الناس قديمــًا يجتنبون اللحن فيما يكتبونه أو يقرؤونه اجتنابهم بعض الذنوب، فأما الآن فقد تجوزوا حتى إن المحدث يحدث فيلحن، والفقيه يؤلف فيلحن؛ فإذا نُبِّها قالا : ما ندري ما الإعراب، وإنما نحن محدثون وفقهاء!، فهما يُسران بما يساء به اللبيب!!"
( التعالم ص 70 ).


      قال المشبوه وهو يشرح ( إي والله يشرح! ) رسالة "تاريخ تدوين العقيدة السلفية" للشيخ عبد السلام بن برجس - رحمه الله - :
"قال الشيخ عبد السلام بن برجس - رحمه الله - : "فكتب أبو بكر بن حزم، عن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، والقاسم بن محمد بن أبي بكر -وكان لحَّانًا!-". اهـ
فقال- مُعَلِّقًا- : (كان لحَّانًا) : كثير الخطإ في العربية؛ لا يستطيع أن يُقيم لسانه بعبارة – وسيأتيكم - إن شاء الله- .
وقد أخرجَ مسلمٌ: أن القاسم بن محمد ورجلًا كانا عند عائشة. قال: وكان القاسم لحَّانًا!
يقول النووي: يعني كثير اللحن والخطإ ، إذا تكلم بالعربية.. كثير اللحن!
القاسم بن محمد هذا، من أين يا إخوان؟! (قول يا سيدي!)
أحد فقهاء المدينة السبعة!!
حتى قالت عائشة له: إني لأعلمُ لِمَ ينطق هذا بفصاحة وأنت تلحن؛ لأن هذا ربَّته أمه، وأنتَ ربَّتكَ أمك!
وكانت أمُّ القاسم أمَّ ولد -لا تتقن العربية- فتأثر بها!
ولم يُسقطه أحدٌ -أبدًا- بهذا اللحن، الذي لم يكن مرة أو مرتين! وإنما كان موصوفًا به!، مُكثِرًا منه!، حتى قيل: كان لحَّانًا -صيغة مبالغة- كان لحَّانًا! ومع ذلك ما سَقَطَ.
بل من حُفَّاظ الأمّة مَن كان يقول: (حدَّث عن أبوه!)، ليس عن أبيه! -مما يعرفه الصغيرُ بالسليقة ربما-.
وليس هذا دعوةً للحن - والحمد لله- ؛ فإن كثيرًا من الناس يُحسِن أن يقول: حدَّث عن أبيه -لا عن أبوه!- " أ.هـ .

       قلت: فانظر يرحمك الله إلى أسلوبه ومنهجه، راح يغمز في " القاسم بن محمد بن أبي بكر " ـ رحمة الله عليه ـ وأخذه غرضاً، فقال :" لم يكن (يلحن) مرة أو مرتين! وإنما كان موصوفًا به!، مُكثِرًا منه!، حتى قيل: كان لحَّانًا -صيغة مبالغة- كان لحَّانًا! ومع ذلك ما سَقَطَ ".أ.هـ
 وكل ذلك من أجل أن تستدل أن اللحن لا يدخل في جرح الرجل وتعديله.

         وأقول له: كان الأليق بك هنا يا مسكين! أن تستدل بقصة الوليد بن عبد الملك، وكان (يلحن رحمه الله وغفر له) فقال له عمه يوماً : "خليفة وتلحن؟!، فقال الوليد: ابنك عبد الله يلحن، فقال عمه: ولكن أخوه لا يلحن، فقال الوليد: وأخي سليمان لا يلحن!!". (انظر تاريخ دمشق، والبداية والنهاية).

      
وأيضاً عن عيسى بن عمر قال: " كان عندنا رجل لحان، فلقي رجلاً مثله فقال: من أين جئت؟فقال من عند ((أهلونا)) فتعجب منه وحسده!!، وقال: أنا أعلم من أين أخذتها: أخذتها من قوله تعالى: { شَغَلَتْنَا أموالنا وَأَهْلُونَا } [الفتح : 11].
     وارجع يا مشبوه! إلى أخبار الحمقى والمغلفين، فستجد من هذا الكثير، لتستعين به على تلبيسك وتدليسك، واترك لنا سلفنا الصالح.
       وصنيعك هذا يا مسكين! حذر منه العلماء، بل ألفوا فيه، فتجد للإمام السيوطي كتاب(( تنزيه الأنبياء عن تسفيه الأغبياء))، نبه فيه أن من راح يدافع عن نقص في نفسه بإقحام غيره من الأنبياء أو الصالحين، يُعد هذا من سبهم وانتقاصهم، وهذا لا يفعله إلا الأغبياء!.

       وليُعلم أن أمثال هذا الجهول هو من أسباب حيرة شباب هذه الأمة، لأنه يصول ويجول على أصول المبتدعة، فتراه يتكلم بالمتشابه من الكلام ، يخدع به جهال الناس بما يشبه عليهم.

فمازال يقرر ويثبت هو وصبيانه أن ما حدث في مصر كان خروجـًا على الحاكم الإخواني، (نعم يا سيدي!) كان خروجاً، ثم ماذا؟، ماذا تريد؟ تريد أن تقرر أن ولاة الأمر الآن خوارج!؛ فإن كانوا خوارج! كان ماذا؟!
أليس لهم السمع والطاعة في المعروف؟ أم تريد إثبات شيء أخر؟! صرح وأخرج ما تكتمه يا رجل! .
وها نحن تماشينا مع هذيانك وتلبيساتك، لنظفر منك بما تُبطن، فلا تبخل علينا!.

           مع أننا نقول: أن هناك فرق بين الخارجين والخوارج، فليس كل من خرج على ذي سلطان كان خارجيًـا ، ولكن من تدين بتكفير الولاة، ورام الثواب في الخروج عليهم.
وقد استقر كلام السلف على أن الخروج على الحكام حرام بأي طريقة كان، وأن السمع والطاعة في المعروف مبذول لكل من تغلب منهم على ديار الإسلام؛ فحرموا الخروج، وأقروا بالسمع والطاعة للمتغلب المسلم.

فما المشكلة؟! نسمع ونطيع في المعروف، ولا نشارك أو نقر الخروج.
          بيد أن المشكلة في من يتعامل بدهاء وخبث مع هذه الأصول فيقول: نقر بولاية فلان المتغلب، وهو ومن حوله يدندنون ليل نهار أن ما حدث كان خروجــًا ( ولولا الملامة لقالوا: انقلابـًا )، ويقول: لمصلحة من يكسر جيشنا؟، وتسمع منه أيضاً: نحن مع جيشنا مادام مع شرعنا!. فإن لم يكن مع شرعنا كان ماذا؟!
      أهذا لسان أهل السنة؟! أم لف ودوران، وخلط وتدليس؟
 نسأل الله العافية؛ وأن يَنصر من كان على السنة حريصاً، وأن يفضح من كان في الصف دسيساً.
       نقول هذا ونرد على المشبوه في الوقت الذي لا نطمع في رجوعه لكبره وجهله ـ هداه الله ـ ، قال ابن عون :" سمعت محمد بن سيرين ينهى عن الجدال؛ إلا رجلا إنْ كلّمْتَهُ طَمِعْتَ في رجوعه"(الإبانة الكبرى لابن بطة).

        ويقول قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : "أصل الأخلاق المذمومة كلها الكبر والمهانة والدناءة، وأصل الأخلاق المحمودة كلها الخشوع وعلو الهمة" (الفوائـد ص 419).

         وما نعانيه من المشبوه ومن لف لفه وسار على نهجه ، لخصه الشيخ الألباني في كلمة، فقال ـ رحمه الله ـ : "إنّ المسلمين كانوا وما زالوا يعانون أزمة عقيدة، وقد أضيفت إليها أزمةُ أخلاقٍ، وهما أزمتان حادّتان خطيرتان لا تطيب الحياةُ معهما" اهـ

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
4 ذو القعدة 1434
10 / 9 / 2013

الأحد، 8 سبتمبر 2013

حق الجار



حـق الجـار

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
      فالأصل أن يسعى المرء لاختيار الجوار قبل اختيار الدار، كما في قول امرأة فرعون: { رَبِّ ابن لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الجنة وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القوم الظالمين } [ التحريم : 11 ] ، فاختارت الجار قبل الدار(1)؛ بيد أن هذا غير متيسر في أكثر الأحيان، فيخرج المرء ليجد نفسه محاط بجيرانه، والذي يوجد فيهم أحياناً الفاسق والظالم وربما الكافر.
     ومع هذا فلهم حق حث عليه الإسلام وعظمه، فتجد هذه السنة الاجتماعية ( إن صح التعبير ) جاءت فيها آيات وأحاديث تعظم من شأنها، وتحفز على إحياءها، من حسن العشرة للجار، وكف الأذى عنه، والمحاماة دونه، مثل قول الرب ـ سبحانه وتعالى ـ : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } [ النساء : 36 ] ، فوصى الله ـ عز وجل ـ في هذه الآية بالجار، والذي قال العلماء: أن حدوده تبدأ من الأقرب باباً إليك إلى أربعين ذراعاً، وقيل: بل إلى أربعين داراً عن يمين، وأربعين داراً عن شمال، وأربعين من أمام، وأربعين من خلف(2).
      وجاء في معنى { وَالْجَارِ الْجُنُبِ}: يعني الجار البعيد؛ لأنه جعل في مقابل { وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى}، يعني القريب، ومنه قول إبراهيم ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ : { واجنبنى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الأصنام} [ إبراهيم : 35]، وقوله تعالى : { واجتنبوا قَوْلَ الزور } [ الحج : 30 ]، فالاجتناب هنا بمعنى الابتعاد.
وقرأ الأعمش والمفضل {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} بفتح الجيم وسكون النون وهما لغتان؛ يقال: جنب وجنب وأجنب وأجنبي إذا لم يكن بينهما قرابة، وجمعه أجانب. وقيل: على تقدير حذف المضاف، أي والجار ذي الجنب أي ذي الناحية(3).
فالجار الجنب هو : الجار البعيد وهو قول ابن عباس ومجاهد (4).
    وقالوا { وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى}: هو الجار الذي تربطك به قرابة ورحم، أو الذي بينك و بينه نسب.فالجيران ثلاثة: جار له ثلاثة حقوق. وجار له حقان، وجار له حق واحد.
  •  فأما الجار الذي له ثلاثة حقوق: فالجار المسلم القريب، له حق الجوار، وحق القرابة، وحق الإسلام.
  • والجار الذي له حقان: فهو الجار المسلم، فله حق الإسلام، وحق الجوار.
  •  والجار الذي له حق واحد: هو الكافر له حق الجوار (5).
فحق الجوار يكون لكل جار، سواء كان مسلماً أو كافراً، وسواء كان طائعاً أو عاصياً.
    فهذا عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ أمر بشاة فذبحت، فقال لقيمه: أهديت لجارنا اليهودي منها شيئاً؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".[أخرجه أبو داود وغيره، وهو صحيح، وأصل الحديث متفق علي صحته].
    
     وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت".[متفق عليه].

    وعند مسلم من حديث أبي شريح الخزاعي ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره".


     وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن " قيل : ومن يا رسول الله ؟ قال : " الذي لا يأمن جاره بوايقه". [متفق عليه].
وفي رواية مسلم: " لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه" ، يعني: ظلمه وشروره.

     وعن عائشة رضي الله عنها ، قلت : يا رسول الله ، إن لي جارين فإلى أيهما أهدي ؟ قال : " إلى أقربهما منك بابا".[رواه البخاري].

    وفي البخاري، أن أبا رافع (6)، ساوم سعد بن مالك بيتا بأربع مائة مثقال ، وقال : لولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " الجار أحق بصقبه " ما أعطيتك.

  
    وعند أحمد في المسند، والترمذي في جامعه ، من حديث عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه ، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره ". [قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب، وصححه الشيخ الألباني في الأدب المفرد].


     وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا نساء المسلمات ، لا تحقرن جارةٌ لجارتها ، ولو فِرْسِنَ شاة ". [متفق على صحته].

   ومعنى "ولو فِرْسِنَ شاة " ، قال زيد : " الظلف"، وهو عظم قليل اللحم، وهو خف البعير، والمعنى أن تهدي المسلمة جارتها، وإن كانت الهدية مما لا يُلتفت الناس إليه، ولا تأهبه له. كما في حديث أبي ذر في صحيح مسلم، قال : إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني : " إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ، ثم انظر أهل بيت من جيرانك ، فأصبهم منها بمعروف".

     وعن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : : إن فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وتؤذي جيرانها بلسانها فقال : " لا خير فيها هي في النار " ، قيل : فإن فلانة تصلي المكتوبة وتصوم رمضان وتتصدق بأثوار من أقط ولا تؤذي أحدا بلسانها قال : " هي في الجنة " .[أخرجه أحمد، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي في التلخيص].

 
      وعند أبي داود في سننه من حديث أبي هريرة ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره ، فقال : " اذهب فاصبر " فأتاه مرتين أو ثلاثا ، فقال : " اذهب فاطرح متاعك في الطريق " فطرح متاعه في الطريق ، فجعل الناس يسألونه فيخبرهم خبره ، فجعل الناس يلعنونه : فعل الله به ، وفعل ، وفعل ، فجاء إليه جاره فقال له : ارجع لا ترى مني شيئا تكرهه".


      وقد عظم الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الزنا، وشنع على فاعله، فلما جاء إلى الزنا بحليلة الجار ، جعله أعظم، وذلك لأن الفاعل انتهك حرمتين؛ حرمة الفرج المحرم، وحرمة الجار، فكان التغليظ أشد.

فعن عبد الله بن مسعود : قال رجل : يا رسول الله ، أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال : " أن تدعو لله ندا وهو خلقك " قال : ثم أي ؟ قال : " ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " قال : ثم أي ؟ قال : " ثم أن تزاني بحليلة جارك ". [رواه البخاري].

   فالجار في الإسلام حرمته عظيمة، فلا يُكَلم إلا بالحسنى، ولا يَسمع إلا الطيب من القول، ويُحسن إليه، ولا يؤذى ولو بالصوت المرتفع، ولو كان المسموع قرآناً، فضلاً عن أن يكون غناءً !، فربما كان مريضاً أو نائماً، فإنه يتحرز من أذيته على أي وجه كان.


     ولعل أقبح ما يؤذى به الجار في زماننا هذا هو: وضع القاذورات والأوساخ أمام بيته أو في طريقه أو بجوار سيارته.

    وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم إزاحة الأذى من طريق المسلمين من الإيمان فقال: " الإيمان بضع وسبعون - أو بضع وستون - شعبة ، فأفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان ". [رواه مسلم].

     وعن أبي برزة الأسلمي قال : قلت : يا رسول الله ، دلني على عمل يدخلني الجنة ، قال : " أمط الأذى عن طريق الناس ".[رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني].


      وعنده أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مر رجل مسلم بشوك في الطريق ، فقال : لأميطن هذا الشوك ، لا يضر رجلا مسلما ، فغفر له".[وصححه الشيخ].


     قلت: فإذا كان رفع الأذى من طريق الناس من الإيمان، ومن الأعمال التي تستجلب المغفرة، ويُثاب صاحبها بدخول الجنة، فما بالك في عدم إلقاء الأذى في الطريق من الأساس؟
     وإن كان إلقاء الأذى في طريق المسلمين مما يأثم به العبد، وهو عمل مستقبح، فهو في حق الجار أشد أثماً وقبحاً، لما للجار من حق بيناه أنفاً.
وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 1 ذو القعدة 1434
8 / 9 / 2013


الهوامش ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): تفسير ابن كثير .
(2): ينسب هذا القول إلى الزهري ـ رحمه الله ـ .
(3): تفسير القرطبي (5 / 183 )، دار عالم الكتب
(4): تفسير الماوردي (1 / 485 )
(5): تفسير القرطبي (5 / 184 ).
(6): أبو رافع القبطي مولى النبي صلى الله عليه وسلم يقال : اسمه إبراهيم ويقال : أسلم ويقال : ثابت ويقال : هرمز.
ومعنى الحديث: أن الجار أولى بالشفعة لقربه.

الأصول الفكرية للسلفية الجهادية !! (الجزء الثاني)

 الأصول الفكرية للسلفية الجهادية !!
(الجزء الثاني)

الجزء الأول من (هنا)
المشاركة الرابعة

الحمد لله وحده ، وبعد :
ذكرنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر لنا أوصاف للخوارج هي ملصقة بهم ، كأنها تجري في دمائهم ، ومن أشهر تلك الأوصاف : قتلهم لأهل الإسلام ، وتقربيهم لأهل الأوثان .
وقد سلطنا الضوء على الشطر الأول من هذا الوصف النبوي لفرقة الخوارج المعاصرة المسماة بـ " السلفية الجهادية ! " فوجدناه مطابق عليها كأنها تسعى لكي تفوز به ! ؛ وقد مرت النقولات التي تثبت ولوغهم في دماء المسلمين وأموالهم .
ويتبقى الآن النظر في الشطر الثاني من الحديث وهو : تقريبهم لأهل الأوثان !
لكن يستحب قبل البدء أن نسلط الضوء على القضية المحورية التي ينطلق منها القوم على مدار الزمان ، ومن خلالها يستقطبون شباب الأمة المسكين ! ، إلا وهي : وجوب تحكيم شرع الله ، والبراءة من موالاة الكفار والتشبه بهم .. وما كفروا أحداً من أهل القبلة إلا من هذا الباب .
ووجوب تحكيم شريعة الرب في الأرض حق لا مرية فيه ، بيد أن القوم مقتفون لسنة سلفهم الهالك من الخوارج ، إذ يرون أنه لا يوجد حكم بما أنزل الله على وجه الأرض قط ! ، ولذلك أصبح أهلها كلهم كفار بما فيهم أهل مكة والمدينة !! كما مر النقل عن شيخهم أبي محمد المقدسي .
وهذا آمر غير مستغرب منهم .. إذ رأوا قديماً أن أحد العشرة المبشرون بالجنة يحكم بغير ما أنزل الله ! فخرجوا على " علي بن أبي طالب " ـــ رضي الله عنه ـــ لزعمهم أنه حكم الرجال في دين الله ، والله يقول : { إن الحكم إلا لله } ، وهذا ليس موجباً للخروج عليه فحسب ، بل موجب لتكفيره !! فهو إذاً أميراً للكافرين وليس أميراً للمسلمين ، فلا عجب فهذا منهج قديم .. والأفكار لا تموت وإن مات أصحابها .
ويكفينا أن نفعل كما فعل سلفنا الصالح فنقول : هذه كلمة حق إريد بها باطل ! ، ولعل في كشف أسرار القوم هداية لبعضهم ...
يقول أيمن الظواهري في رسالة ( إعزاز راية الإسلام في تأكيد تلازم الحاكمية والتوحيد ص / 5 ) : (( ﺑﻞ إن ﻣﻌﺮﻛﺔ الحق ﻭالباطل الدائراة ﻋـﱪ الزمان ﻣﺎ دارت وﻻ ﺗﺪﻭﺭﺇﻻ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻟﺮﻛﲔ ﻣﻦ ﻋﻘﻴﺪﺓﺍﻹﺳﻼﻡ ؛ ﳌـﻦ ﺣﻖ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ؟!

لله ﻭﺣﺪﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ؟ ﺃﻡ ﳌﺎ ﻋﺪﺍﻩ ﻣﻦ اﻷنداد ﻭﺍﻟـﺸﺮﻛﺎﺀ ؟

وكذلك فإن معركة الإسلام في هذا العصر ما اندلعت ولا احتدت ، ولا احتدمت ، إلا حول هذه القضية البالغة الخطورة ، ولا تواجه وتقاتل وتصارع أنصار الإسلام وأعداؤه إلا حول هذا الركن الركين من أركان التوحيد ! )). اهـ
وقال المقدسي في كتابه ( تبصير العقلاء ) ( ص / 17 ) : (( هذا التوحيد العظيم _ توحيد الحاكمية _ الذي ندندن حوله ، والذي هو قطب رحى دعوة الأنبياء والمرسلين وأصل الدين رغم أنف كل مكابر ! )) . اهـ
قلت : أكثر دندنة هذه الطائفة حول توحيد الحاكمية ! ، وأحياناً يتقون فيسمونه بـــ " التوحيد الخالص " زيادة في التلبيس والتدليس .
أما أهل السنة المتبعون لمنهج السلف إذا تكلموا في التوحيد قالوا : " أنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام دل عليها الاستقراء ، فالله عز وجل أفتتح كتابه الكريم بقوله : { الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} فقوله تعالى : { الْحَمْدُ للّهِ } دليل على توحيد الإلوهية ، وقوله : { رَبِّ الْعَالَمِينَ } دليل على توحيده في ربوبيته ، وقوله : { الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} دليل على توحيده في أسمائه وصفاته .
وكذلك أختتمه بهذا التقسيم فقال : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ } فأشار إلى توحيده في ربوبيته وفي إلوهيته وهما مستلزمان لتوحيده سبحانه في أسمائه وصفاته " . ( انظر حكم الانتماء للشيخ بكر أبوز زيد ص / 56 )
أما فرقة السلفية الجهادية فجعلت التوحيد قسمٌ واحد ، وهو ما يسمى بـ " توحيد الحاكمية " الذي أحدثه لهم " سيد قطب " عندما فسر ( لا إله إلا الله ) بأنها لا حاكم إلا الله !! نائياً ومبتعداً عن تفسير القرآن لها ، بل والسنة ، وإجماع علماء السلف ومن بعدهم حتى عصرنا هذا ، بل ومخالفاً كلام العرب الذي نزل به القرآن ،وقد اجتمعت كلمة علماء التوحيد وأئمتها على أن معنى هذه الكلمة العظيمة : لا معبود بحق إلا الله . ( النصيحة السريعة ص / 6 )
وقعد لهم سيد قطب في ( ظلال القرآن 3 / 135 ) : (( .. أن من أطاع بشراً في شريعة من عند نفسه ولو في جزئية صغيرة فإنما هو مشرك إن كان في الأصل مسلماً ثم فعلها فإنما خرج بها من الإسلام إلى الشرك أيضاً .. مهما بقي بعد ذلك يقول : أشهد أن لا إله إلا الله بلسانه . بينما هو يتلقى من غير الله ، ويطيع غير الله )) . اهـ
فالقوم لا يفرقون بين المعصية والشرك ، وربما استعظموا المعصية على الشرك ! .
ولهذا هم يكفرون تلك المجتمعات التي تُحكم بالقوانين الوضعية ، لا أقصد الأنظمة بل المجتمعات بدءً من الحاكم حتى الرعية ، مخالفون بذلك حتى فكر فرقة أخرى ضالة على شاكلتهم وهي " الجماعة الإسلامية " ، وسيأتي التفريق بينهما بعدُ إن شاء الله .
يقول سيد فضل _ الملقب بعبد القادر عبد العزيز _ والذي قال فيه الظواهري في بيشاور : " عالم الجماعة وإمامها ومفتيها " .
قال في كتابه ( الجامع في طلب العلم الشرعي ص / 539 : 540 ) : " إن البلاد المحكومة بقوانين وضعية كبلاد اليوم لها أحكام خطيرة ، ومن هذه الأحكام :
1 ــ أن حكام هذه البلاد كفار كفراً أكبر خارجون من ملة الإسلام .
2 ـ أن قضاة هذه البلاد كفار كفراً أكبر خارجون من ملة الإسلام .
3 ـ أن أعضاء الهيئات التشريعية في هذه البلاد كالبرلمان ومجلس الأمة كفار كفراً أكبر .
4 ـ أن الذين ينتخبون أعضاء هذه البرلمانات كفار كفراً أكبر ؛ لأنهم بانتخابهم اتخذوهم أرباباً مشرعين من دون الله ، ويكفر كل من دعا إلى هذه الانتخابات ، وشجع الناس عليها .
5 ـ أن الجنود المدافعين عن هذه الأوضاع الكافرة ـ كفار كفراً أكبر ؛ لأنهم يقاتلون في سبيل الطاغوت ، ويدخل في هذا الحكم كل من يدافع عن هذه الأنظمة المصرية بالقتال ، كالجنود( 1 ) ، أو بالقول كبعض الصحفيين ، والإعلاميين ، والمشايخ ، وأنه لا طاعة لحكام هذه الدول على مسلم . اهـ ( بواسطة النصيحة السرية لأنصار الشريعة ص / 24 : 25 )
وقال أبو محمد المقدسي في ( تبصير العقلاء ص / 124 ) : (( ولذلك فنحن لا نخجل من إطلاق حكم الكفر والردة على الحكام ، بل نعلنه ولا نكتمه ، ونفخر به ، وندعو إليه في كتاباتنا ، ودروسنا ، ومحاضراتنا ، ونصرخ به في كل نادِ ووادِ ، ونحمد الله أن هدانا وبصرنا به ، فهو ديننا الذي ندين به ! )) . اهـ
وقال الظواهري في كتابه ( فرسان تحت راية النبي صلى الله عليه وسلم ) ( ص / 68 ) : (( لقد بدأ الصراع وهو مستمر في تصاعده ، ولن يتوقف قبل تحرير القدس ، ومكة ! ، والمدينة ! ، والقاهرة ، وجروزمي ، إن شاء الله )) . اهـ
فهذا هو معتقد القوم .. يتنفسون تكفير ! ، حتى أنه لم يبقي على مذهبهم مسلم على وجه الأرض ! ، وأن بلاد الإسلام جميعاً محتلة يجب تحريرها !!
ومن نظر إلى ما أسسه لهم سيد قطب في ظلاله ، زال عنه العجب ، وفهم طبيعة هذه العقلية ، فقد قال في ( 4 / 2122 ) : (( إنَّه ليس على وجه الأرض اليوم دولةٌ مسلمة ! ، ولا مجتمعٌ مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي !! )) . اهـ
وقال ( 3 / 1634 ) : (( إنَّ المسلمين الآن لا يجاهدون ؛ ذلك أنَّ المسلمين اليوم لا يوجدون ! ؛ إنَّ قضية وجود الإسلام ، ووجود المسلمين هي التي تحتـاج إلى علاج ! " . اهـ
ألم أقل لك أن " سيد قطب " هو قطب رحى أفكارهم الخارجية الخبيثة ؟، فمن فكره ينطلقون ، وعلى فكره يقاتلون ...
لكن هل القوم يتحاكمون فيما بينهم بما أنزل الله أم بتلك القوانين الوضعية التي كفروا كل من يعيش في بلاد المسلمين بسببها ؟
وأين هذه الأرض التي وجدوا أنها أولى من بلاد الإسلام للعيش فيها ؟!
نعود ...
قدمنا هذا الكلام قبل أن نتكلم عن تقريب هذه الطائفة لأهل الأوثان ، فنقلنا عنهم تكفيرهم لجميع المجتمعات الإسلامية اليوم ، وأن وجود الإسلام اليوم قضية تحتاج البحث ! ، ولهذا يتوجب قتال الجيوش الدول التي تزعم لنفسها الإسلام !
بيد أن المفاجأة .. أن القوم بعد أن رفضوا العيش في بلاد الكفر والردة ـــ بلاد الإسلام على مذهبهم ـــ رضوا بالعيش في بلاد التوحيد الخالص ( بريطانيا وأمريكا ) !! .
فهذا شيخهم الذي يبكونه ليل نهار ، وأنه سجين الأعادي ، وأنه لن يهنأ للعالم عيش حتى يتم فك أسره : الدكتور عمر عبد الرحمن ـــ أمير تنظيم الجهاد المصري ـــ والمنسوب إليه فتوى قتل السادات والكاتب العلماني فرج فوده ، فبعد عدة قضايا له في القضاء المصري ، منها : الانضمام لتنظيم الجهاد ، والخروج على نظام الحكم ، وتهيج المصلين ودعوتهم للتجمهر بعد صلاة الجمعة ، والإفتاء بحل دم السادات ، إلا أن محكمة أمن الدولة برأته من تلك التهم ! ، وتم تحديد إقامته بمنزله في الفيوم ، إلا أنه استطاع السفر إلى أمريكا ليقيم في ولاية نيو جرسي ، ونسب إليه تفجير مركز التجارة العالمي بعدها ، فحكم عليه بالسجن هناك ، وما زال حتى يومنا هذا لم يفرج عنه . ( انظر الموسوعة الميسرة 1 / 350 )
فخرج من بلد الأزهر بإرادته ، ولم يجد أرض أولى به في الكون إلا بلاد العم سام !

ويلحق به " أبو قتادة الفلسطيني " أحد أشهر رموز هذه الفرقة ،فلم يحلو له العيش إلا في أحضان دولة الاستعمار الصليبي " بريطانيا " ، مما دفع أبو محمد المقدسي بأن يقسم على أنه عميل للمخابرات البريطانية . ( انظر تبديد كواشف العنيد ص / 25 )

ولا يغتر بالمقدسي هذا .. فهو يدافع عن منظمة التنصير العالمي ـــــ الصليب الأحمر ــــــ ويصفه بأنه طيب ، وأعماله حسنة ، ولا يجوز استهدافهم ، أو قتالهم ، ( انظر كتاب الوقفات ص 108 : 111 ) ( 2 )
أما أبو مصعب السوري ( 3 ) ـــــ هذا الشيخ المجاهد ! ــــــ قال في كتابه " مختصر شهادتي على الجهاد في الجزائر ) ( ص / 57 ) " : " ونصحني بعض المخلصين أن أحاكم جريدة الحياة أمام القضاء الإنجليزي . وكان حلماً خيالياً ، فمن أين لي دفع تكاليف المحكمة والمحامين ، وقد علمت لدى أول تقييم لذلك أنه يكلف مبالغ أسمع عنها في الأفلام فقط ! ، ولكن ما كان حلماً حققه الله تعالى ، فقد كان كسب القضية مؤكدا ً ، وقيض الله لي بعض الأصدقاء ليقرضني التكاليف الأولية بعد أن أكد عدة محامين ربحها ، وتوقع إلزام الجريدة بدفع تعويض ضخم لي ؛ جراء تشويه السمعة الذي يعرض حياتي للخطر .
وكان القضاء البريطاني على حد من النزاهة يقنع بالوثوق به !!! ". اهـ
يتبع بإذن الله ...
الهوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 )
: ويأتي اختطافهم الأخير للجنود السبعة المصريين في سيناء ، دليلاً على صحة هذا الكلام ، وأنه ليس كلام يُقال ويُكتب فحسب ، بل عقيدة يتحرك بها القوم .
( 2 ) : مر النقل عنه أنه أطلق حكم الكفر والردة على حكام المسلمين ولم يستثني ، في حين يصف منظمة الصليب الأحمر بأنها طيبة ولا يجوز استهدافهم ، أو قتالهم ، وأن أعمالها حسنة ! .
والصليب الأحمر : منظمة تنصيرية تعمل على تنصير أبناء المسلمين ، وتخليصهم من بؤسهم باسم المسيح المخلص !
فهل هناك أوضح من ذلك لبيان قتلهم لأهل الإسلام وتقريبهم لأهل الأوثان ؟!
( 3 ) : قال فيه أيمن الظواهري في كتابه ( التبرئة ص / 54 ) بعد ترجمته لعلماء التنظيم : (( وأختم هذا العرض الموجز بمسك الختام ، الأخ الصادق الصدوق ، الشيخ أبي مصعب السوري ـ فك الله أسره ـ الداعية ، المجاهد ، المهاجر ، المرابط ، المؤرخ السياسي ، الكاتب صاحب القلم السيال الصريح الصدوق ، الآمر بالمعروف ، الناهي عن المنكر ، الشوكة في حلوق الطغاة )) . اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  
المشاركة الخامسة
 الحمد لله ، وبعد :
الأمر لا يتوقف عند عمر بن عبد الرحمن نزيل أمريكا ! ، أو أبو قتادة الفلسطيني نزيل لندن ! ، أو أبو مصعب السوري الواثق في نزاهة القضاء الإنجليزي ! في حين يرى مفتى جماعة الجهاد وعالمها وأميرها في أفغانستان : عبد القادر بن عبد العزيز ( سيد إمام الشريف ) بأن التحاكم إلى محاكم الدول العربية والإسلامية عن رضى كفر مخرج من الملة ، وهم جميعاً ممن كفروا المسلمين بحجة أنهم يحكمون بغير ما أنزل الله ! بل الأمر أكبر من ذلك .
فهذا " المِسْعَري " القائل : (( سنسمح للمسيحين ، و اليهود و االهندوس بإقامة الكنائس ، و المعابد ! )) [ انظر شريط من وراء التفجيرات في أرض الحرمين للشيخ مقبل الوداعي ] .
ومع ذلك يصفه أسامة بن لادن بالشيخ الجليل ! كما نقله عنه أبو مصعب السوري .
بل أسامة نفسه الذي ذهب إلى التلميح بتكفير علماء المملكة لما أفتوا بجواز الاستعانة بالأمريكان لإخراج جيش صدام من الكويت ، وقال أن الشيخ /عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ قد أتى بالخيانة العظمى بفتواه جواز الصلح مع اليهود ! .
وقال صاحبه " أيمن الظواهري "في كتابه [ الولاء و البراء ص / 25 ] : (( إن الصلح مع إسرائيل والاعتراف باستيلائها على فلسطين إنكار لأحكام شرعية واجبة ومعلومة من الدين بالضرورة )) اهـ
وذهب بعدُ إلى تكفير الشيخ / ابن باز ـ رحمه الله ـ ، مع أن " أسامة بن لادن " في مقابلتة مع قناة الجزيرة بتاريخ 19 / 12 / 1426 ه قال : (( ولا مانع من إجابتكم إلى هدنة طويلة الأمد بشروط عادلة نفي بها ، فنحن أمة حرم الله علينا الغدر والكذب ،لينعم في هذه الهدنة الطرفان بالأمن والاستقرار ، ولنبني العراق وأفغانستان الذيْن دمرتهما الحرب )) اهـ
فكفروا العلامة " ابن باز " ـ رحمه الله ـ بسبب فتواه ، و أما " ابن لادن " فجعلوه ركن من أركان ... !!
يقول أبو حفص الموريتاني حاكياً عن الملا عمر أنه قال : (( أن ترك ركن من أركان الإسلام أهون علينا من ترك أسامة بن لادن !!! )) اهـ[ تنظيم القاعدة جرائم فظيعة و انحرافات خطيرة ص / 24 ]
بل طالبت طالبان نفسها بالانضمام إلى هيئة الأمم المتحدة .
ففي الثالث والعشرين من شعبان سنة ألف وأربعمائة واثنين وعشرين من الهجرة ، طالب وألح قنصل دولة طالبان " عزيز الرحمن " في مقابلة له مع قناة الجزيرة على انضمام طالبان إلى هيئة الأم المتحدة ، وقال : (( إنهم مضطرون إلى ذلك ، ولهم شرط ، ألا تكون الهيئة انحيازية !! )) اهـ [ انظر ماذا بعد انهيار طالبان ؟ الجزيرة نت ]
ولا أدري ما موقف المشبوه " محمد المقدسي " من هذا الكلام ، لأنه ذكر من ضمن أدلة تكفيره للدولة السعودية انضمامها إلى هيئة الأمم المتحدة ؟!
وإما من نظر إلى حال منظري الجماعة وعلمائها ، ممن يعيشون تحت سماء بريطانيا العظمى ، وينعمون بالعيش في كنف ولي أمرهم " ديفيد كاميرون " خليفة " توني بلير " !! ، يجد من هذا الأصل الشيء الكثير
فهذا عالمهم المجاهد أبو بصير الطرطوسي ( 1 ) ـ نزيل لندن ! ـ قال معقباً بعد تفجيرات لندن المشهورة : " ... أكثر المستفيدين من هذا العمل اثنان ، أولهما : الجهات اليمينية المتطرفة الموجودة على الساحة البريطانية ، التي تنتظر ـ بفارغ من الصبر ـ حدثاً من هذا النوع لتستغله في تعبئة الرأي العام البريطاني ضد الإسلام .. وضد الجالية المسلمة المقيمة في بريطانيا!
ثانياً: طواغيت الحكم والظلم في بلاد العرب والمسلمين !! ؛ لأن التضييق على الجالية الإسلامية المقيمة في بريطانيا ـ كنتيجة لهذه الأعمال الغير مسؤولة ـ هو في حقيقته تضييق على المعارضة الفاعلة لتلك الأنظمة الديكتاتورية التي يحكمها أولئك الطواغيت الظالمين .. حيث أن جميع قوى المعارضة لتلك الأنظمة الطاغية الفاشية .. موجودة على أرض هذه المدينة التي تُسمى لندن ! .. وهذا ما سيثلج قلوب طواغيت الحكم في بلاد المسلمين .. وقد بدت عليهم علائم ذلك !
كما أن انشغال دول الغرب بهذا النوع من الأحداث الداخلية سيكون شاغلاً لها وصارفاً عن توجيه بعض الرسائل التي تؤرق طواغيت الحكم في بلاد المسلمين !! .. والتي يُطالبونهم فيها بنوع إصلاح وتصالح مع شعوبهم المقهورة !! ، والمغلوب على أمرها.. وهذه نتيجة مرضية بالنسبة لطواغيت الحكم ولأنظمتهم الفاسدة !
وأذكر بأن البيان الموقَّع باسم " جماعة تنظيم السري " ـ والصواب أن يُقال:" جماعة التنظيم السري " ـ بيان ـ على قلة سطوره وكلماته ـ مليء بالأخطاء اللغوية والمنهجية .. حتى في اسم الجماعة الموقَّع به على البيان .. مما يشكك بمصداقية صدوره عن أي جماعة إسلامية .. وهو بيان يمكن لأي شخص مغرض عادي ـ لغاية خبيثة في نفسه ـ أن يكتب مثله وأحسن منه صياغة .. ومن ثم يقوم بنشره ـ تحت أي اسم مستعار ـ في أي موقع حواري على الإنترنت .. وبالتالي لا يليق بأجهزة الأمن البريطانية التي عُرفت بسعة تجربتها وخبرتها !! .. ولا وسائل الإعلام المحلية .. بأن تفرح بمثل هذا البيان .. وأن تعوِّل عليه الكثير ولا القليل .. وأن تصدر أحكامها وتصوراتها وتُوقعاتها بناء عليه وعلى ما ورد فيه .. كما حصل !! " اهـ [ مقال بين تفجير السويد وتفجيرات لندن بتاريخ 3/6/1426 هـ الموافق 9 / 7 / 2005 ]
وأيضاً عندما قررت الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر استهداف الأجانب في الجزائر سارع " أبو بصير الطرطوسي " هذا بالإنكار الشديد بحجة انهم معاهدون .
لكن العجيب كيف يعتبر وعد النظام الجزائري معتبر الآن وهو يرى كفره...؟!!!
ومع ذلك كان ممن يشجع قتل الأبرياء المسلمين في الجزائر !
أما صاحبه في لندن ! شيخ المجاهدين الداعي إلى قتل النسوان والبنين " أبو قتادة الفلسطيني " ( 2 ) فقد قال في حواره مع جريدة ( الحياة ), العدد ( 13219 ) , في (ص / 6), بتاريخ : (3صفر 1420 ه):
(( نحنُ لا نُريدُ أن نُقاتل أمريكا إلا إذا صالَت علينا , وكانت هي من بدأ بالقتال , هذا بخلاف قتال الأنظمة المرتدة في بلادِنَا , الذي يُعتَبر جهادُها فرضَ عين على كل مُسلم !! )) .
وها هو زميله في دار الاستعمار الصليبي " بريطانيا " ، والواصف القضاء الوضعي الانجليزي بالنزاهة ! " أبو مصعب السوري " ، قال في كتابه [ مختصر شهادتي في الجزائر ص / 22 ] : " أن أبا قتادة كان لاجئاً سياسياً في بريطانيا ، ويتقاطا عطايا من تلك الدولة الكافرة ، ويصلي الجمعة في مرقص يستأجره لمدة ساعتين ! ، ويرى أن مساجد المسلمين هناك مساجد ضرار ونفاق !! , فإن قلتم قد سجنوه ، فكيف عاش هذه السنوات ! أكان يظهر الكفر ويبطن الإسلام ، أم ماذا ؟! )) .
قلت : وحال منظرهم الإعلامي " هاني السباعي " لا يختلف كثيراً عنهم فهو من سكان مدينة الخلافة ( لندن !! ) ، وهو أعجوبة حقاً ، فهو يكفر من يتحاكم للدساتير الوضعية لأنها تحكم بغير ما أنزل الله ، ومع ذلك يعمل محامياً !! ، وقد رمي أيضا بالعمالة من قبل أصحابه ، و مع ذلك يُعد من مراجع القوم ومن أعمدة الفتوى والتنظير عندهم حتى الآن ! .
ولولا الإطالة لذكرنا شيخهم اللبناني " ... " نزيل لندن أيضاً ، الذي قال سنحولها إلى " لندنستان ! " والذي تعمل أحدى بناته راقصة تعري في أحدى البارات هناك ! ، وقائدهم الأكبر الذي تعمل ابنة أخيه مغنية في سويسرا ، والمغربي الذي وجد أنه من نصرة الحق ألان خروج فيلم سينمائي يتكلم عن المجاهدين ! ، فاشترك بنفسه في التمثيل مع المخرج " ... " نصرة للحق والمجاهدين ! . ( 3 )
قلت : نكتفي بهذا القدر لبيان أن هذه الطائفة ينطبق عليها الشق الثاني من الوصف النبوي للخوارج من ( تقريبهم لأهل الأوثان )
يقول عبد المالك رمضاني في كتابه " تخليص العباد .. " : (( ومن تأمل هذه الجماعات الثائرة على دولها هنا وهناك , يجدها لا تكاد تُقاتِلُ أمةً كافِرةً , ولو كانت ألدَّ الأعداء كاليهود , بل هم – طُولَ عمرهم - يثيرون الفتن في البلدان المسلمة , ويريقون دماء أهلها ، وعَدُوُّهم الكافر امِن ، بل جاثمٌ على ديار المسلمين لا يُهيِّجه أحد , ولذلك لما خرج من بلادهم لَحِقوه , بل يلعنون الكفار , ولا يكادُ يَهنَأُ لهم عيش إلا في بلاد الكفار!
فانظر إلى رؤوس التكفير اليوم , فلن تجدهم إلا في بلاد الكُفر , قال الله تعالى: { وَمَن يُهِنِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ الله يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ } [ الحج : 18 ] .

وتمضي عليهم السنوات , وهم هكذا حتى ينقرض جيلُهم ويأتي آخرُ لِيُعيدَ الكرَّة , وهم في كل مرةٍ يُمَنُّون أنفسَهم والُمسلَمين بتحريرَ فلسطين وغيرها , ولكن ذلك لا يجاوز ساحة ألسنتهم !! وإنما يَتباكَوْن على فلسطين ومثيلاتها ليحظوا بتزكِية الناس لهم !
والأمةُ الإسلاميَّةُ لاَ تكاد تَستريحُ من كيد جيرَانِها الكفَّار الذين رموها عن قوسٍ واحدةٍ , حتى يتألب عليها من بني جِلدَتِها من يشغلها عن مَعالي أُمورِها , فكيف تستقرُّ بلادُ الإسلام وهي بين جارٍ محارب ، وشريكٍ في الدار مُشاغب ؟! )) . اهـ
وقال : (( تلك هي سيرتهم في جهادهم : أما مع المسلمين , فضربُ الهامِ , وأما مع الكفار فحربُ كلامٍ , ولاَ يَغرَّنكم مَضاءُ ألسنتهم في أعراض الكفار , ولا غليانُ أَفكارِهم بهَا ولو كانت كغلي القُدورِ , فليس أكثر من تحريشِ ربِّاتِ الخُدورِ )) اهـقلت : وانظر إلى فقه وفراسة الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ لما قال : (( .. فإذا أراد هؤلاء الخارجون على بعض الحكام المسلمين فليخرجوا على الكفار المشركين ، ولكنهم يريدون أن يبثوا الفتن بين المسلمين .
و لذلك فأنا في الحقيقة في شك كبير من أمرين اثنين :
من إسلام هؤلاء حقيقة ، أي : أخشى أن يكونوا من أعداء الإسلام تلبسوا بثياب المسلمين .
وإن كانت الأخرى ، وهي أنهم مسلمون فعلاً ، ولكنهم جهلة في منتهى الجهالة ... وأنا أستبعد أن يكون هؤلاء من المسلمين ، وإنما هم من المتزيين بزي الإسلام ، ويريدون أن يشوهوا نصاعة الإسلام وبياضه ونقاوته , بأن ينسبوا إليه أفعالاً , الإسلام والمسلمون حقّاً هم برآء (أبرياء) مما ينسب إليهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب )) . اهـ
[فتاوى العلماء الأكابر لما أهدر من دماء في الجزائر ص 102 : 107 ]
ولا حول ولا قوة إلا بالله
يتبع بإذن الله ...
الهوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
( 1 ) : صاحب مقولة : أن " الألباني " بكل وضوح يؤصل لعقيدة جهم الضال في الإيمان ! .( 2 ) : لا يذكر هذا المشبوه مجلس فيه بعض صبيان الجهاد والتكفير إلا وتراهم يقولون في نفس واحد " فك الله أسره " ، يذكروني بالرافضة الخبثاء إذا ذكر أحد أئمتهم قالوا : " سلام الله عليه ! " ، ومع أنه متهم بالعمالة للصليبين كلما مر رمي محمد المقدسي له بذلك ، إلا أنه يُعد من علماء القوم ومراجعهم !! .
( 3 ) : ومع سرعة خروج القوم بفتاوى التكفير والاستحلال لكل من تلبس بمخالفة شرعية إلا أننا لم نجد لهم نرى حرف واحد يبين لنا وجه الحكم بما أنزل الله في فعل هؤلاء ، وما حكمهم؟! ، مما يثير الشك من أن هؤلاء من صناعة ... نسأل الله العافية .



الاثنين، 19 أغسطس 2013

الأمريكان .. ودولة الإخوان



الأمريكان .. ودولة الإخوان

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فـ " الإخوان المسلمون " تنظيم عريق في الخيانة، يعرف كيف تُؤكل الكتف؟!، وكيف تُستغل الفرص؟!، وهو سريع في التعلم من تجارب غيره!؛ وقد رأى على أرض العراق أخوان له، يعانون نفس معانته، ويَحملون نفس أحزانه، من اضطهاد النظام الحاكم لهم، والتضييق عليهم وإذلالهم، ألا وهم الشيعة الرافضة، فقد كانوا يعانون الأَمَرَّين من تضيق وإذلال نظام " صدام حسين" لهم، فلم يكن منهم إلا أن وضعوا أيديهم في أيدي "عباد الصليب" من الإنجليز والأمريكان، ففتحوا لهم البلاد، ومكنوهم من رقاب العباد، وبعدها تغير بهم الحال، وأصبحوا هم حكاماً للبلاد، وارتفع عنهم ما كانوا يعانونه من القهر والإذلال.
ولما كانت الحكمة ضالة المؤمن، حيثما وجدها فهو أحق بها(1)؛ لم يكن بُدّ أمام تنظيم الإخوان إلا السير على خطا إخوانهم من الشيعة الروافض الكرام!.

فبدأت مناورات الإخوان للفت نظر الإنجليز والأمريكان، بدءًا من الترحم على بابا الفاتيكان، وأن يجعله الرب في أعالي الجنان!(2)؛ وتَثنِيَةً :بإنكار حد الردة في دين الإسلام!(3)؛ وتثليثًا: بأن المواطنة أصل أكدّ عليه النبي العدنان!(4)؛ وتَربيعًا: بأن خلافنا مع اليهود ليس من أجل دين الإسلام، بل من أجل النزاع على قطعة أرض في بلاد الشام!(5)؛ إلى غير ذلك من القضايا التي تشغل الفكر الغربي الصليبي، ويُقاس عليها مدى الولاء والبراء والتبعية له!.

ثم انتقل الإخوان المسلمون من طور الخطابات التي تتضمن التلميح والتصريح أحياناً، إلى عقد المؤتمرات مع عُباد الصليب كفاحاً!.

فاجتمع " عصام العريان" مع وفد أوروبي رسمي في النادي السويسري في الجزيرة، وذلك في يوم الاثنين الموافق ( 31 / 3 / 2003 م)، بواسطة من "سعد الدين إبراهيم" ـ مدير مركز ابن خلدون ـ ، وقال العريان: ((إن د. سعد اجتهد مثل أناس كثيرين، وقام بالاتصال بي وأخبرني أن بعض الأوربيين يريدون دعوتي على فنجان شاي، وقد قبلتُ الدعوة))، ثم أشار إلى أن الاجتماع الذي استضافه النادي السويسري، ((لم يخرج عن المناقشات المعهودة، والتي دارت حول موقف الإخوان من الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحضره مندوبون للسفارتين الإنجليزية والسويسرية)).[إسلام أون لاين ـ نت، 22 / 4 / 2003م].

وقد اعترف المستشار "المأمون الهضيبي" ـ المرشد العام السابق للتنظيم ـ بتعدُّد لقاءات أفراد من جماعة الإخوان والأوربيين في القاهرة: (( وكشف المرشد العام للإخوان عن مفاجأة جديدة عندما أشار إلى أن هذا الحوار لم يبدأ حسبما أشارت المصادر في شهر مارس الماضي، لكنه امتدَّ لحوالي ثلاثة أشهرٍ مضت، لكنه نفى في الوقت نفسه نية الجماعة في الاستمرار في عقد لقاءات مع الأمريكان أو الإنجليز سابقاً أو حالياً، باعتبارهم غُزاة للعراق!
(6))).[ إخوان أون لاين، 27 / 3 / 2004 ].

وشارك الدكتور " محمد البلتاجي" في مؤتمر أقيم في العاصمة البريطانية لندن حَوْلَ " حقوق الإنسان في مصر، والواقع السياسي والنشاطات المدنية في مصر".[ المصري اليوم 1 / 6 / 2007م].

وكتب المهندس"خيرت الشاطر" مقالاً في "الجارديان البريطانية" بتاريخ ( 23 / 11 / 2005م) أكدّ فيه للغرب أنهم لا يجب أن يخافوا من الإخوان، خاصة من تلك الجوانب التي يهتم بها الغرب، قائلاً: (( نجاح الإخوان لا يجب أن يخيف أحداً فنحن نحترم حقوق جميع الجماعات السياسية والدينية!)).[الدستور، 20 ديسمبر 2006م].

وفي يناير (2007م) التقى ممثِّلو الإخوان: "محمد سعد الكتاتني" ـ رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين ـ ، والأمين المساعد: المهندس "سعد الحسيني"...بسفير أستراليا بالقاهرة " روبرت بوك" ـ على حفل غداء في منزل الأخير، وبحضور سفيري كندا " فليب ماك ينون"، و"نيوزيلندا رينيه ويلسون" ـ .

وكان لازماً على الإخوان بالطبع طمأنت علوج الغرب على أمن إسرائيل؛ فانهالت التصريحات منهم في هذا الشأن!!.

قال مهدي عاكف ـ المرشد السابق ـ في حديثه مع وكالة "الأسوشيتد برس": (( الإخوان لن يسعوا لتغير السياسة الخارجية لمصر، ومن ضمنها معاهدة السلام مع إسرائيل)).[ موقع الإخوان، نافذة مصر].

وقال عصام العريان في لقائه مع جريدة "الحياة" اللندنية في ( 13 / 10 / 2007م): (( إن الإخوان في حال وصولهم إلى الحكم سيعترفون بإسرائيل ويحترمون المعاهدات!)).

وقال عبد المنعم أبو الفتوح في لقاء تلفزيوني باللغة الإنجليزية: (( إنه يجب أن نعترف بإسرائيل!، ويجب على الفلسطينيين أن يعترفوا بإسرائيل!!)).

قلت: وإن وجد كلام يُفهم منه خلاف ذلك، فهو من التقية الإخوانية، والنفاق السياسي!.

ولهذا لم يكن من المُستغرب أن يَفتتح"محمد مرسي" ـ المعزول ـ خطابه مع " شيمون بيريز" ـ رئيس الدولة اللقيطة ـ بقوله: ((عزيزي وصديقي العظيم!))، وأن يختمه بقوله: ((صديقكم الوفي محمد مرسي!
(7))) ، أو أن يُطالب عصام العريان رجوع اليهود مرة أخرى لمصر!.

قلت: لما تأكد الغرب الصليبي بثقته في العميل والخائن الجديد، وأنه على قدر المسئولية، خرجت التصريحات بهذا:
قال السيناتور الأمريكي "تشيك هيجل" أثناء زيارته لمصر: (( الإدارة الأمريكية لا تُمانع في إدماج جماعة الإخوان في الحياة السياسية من خلال منحها حزباً سياسياً، طالما التزمت الجماعة بقواعد اللعبة السياسية، وقدمت من الضمانات التي تؤكد التزامها بالخط العام للسياسة المصرية الخارجية، بما في ذلك الاتفاقيات والمعاهدات الدُّولية)) .اهـ


وقالت مادلين أولبريت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة: ((سيكون من الخطأ استبعاد الأحزاب الإسلامية على أساس الافتراض بأنها غير ديمقراطية بصورة متأصلة، أو أنها تميل إلى العنف))[إسلام أون لاين ـ نت، 28 / 11 / 2005م].

وقال السفير"ريتشارد هاس" ـ مدير قسم التخطيط السياسي السابق ـ : (( إن واشنطن لا تُعارض الأحزاب الإسلامية!، وإن الإدارة الأمريكية تدرك أن تكثيف الديمقراطية في العالم الإسلامي ينطوي على مغامرة بانتخاب قادة لا تُفضلهم واشنطن، وإن واشنطن عاقدة العزم على دعم الديمقراطية، حتى وإن أدت إلى تولي أشخاص (لا تحبهم) السلطة في بلادهم)).[إسلام أون لاين، 12 / 12 / 2002م].

وقالت "كونداليزا رايس" ـ وزيرة الخارجية الإمريكية ـ ، في مجلة "واشنطن بوست" ( 26 / 3 / 2005م): (( لا نعير اهتماماً لمخاوف من انتصار الإسلاميين المتشددين وحلولهم مكان الأنظمة القمعية؛ لأن جذور التطرف تنشط في غياب القنوات البديلة للنشاط السياسي)).[إسلام أون لاين ].


وجاء رد "شيمون بيريز" على الخطاب العاطفي الذي أرسله له الرئيس الإخواني المعزول: ((لسنا ضد المسلمين ولا ضد العرب!، بل على العكس!؛ لو أراد الإخوان المسلمون أن يبنوا اقتصاداً حديثاً، والتعامل مع المشكلات الحقيقية لمصر سنكون سعداء!!)).[لقاء مصور في (بى بى سى) جمعه مع السفير المصري].

قلت: وبذلك تتضح الهجمة العالمية الصليبية على مصر بعد عزل الرئيس الإخواني "محمد مرسي"، وسقوط دولة الإخوان الوليدة، وسرعة انعقاد "مجلس الأمن!" بعد فض اعتصام "رابعة والنهضة"(8)، وتحرك الأسطول الأمريكي قرابة السواحل المصرية، وسعي الثعلب الأبيض "جون ماكين" القائل: ((لو كان الأمر بيدي لهدمت الكعبة!، وجعلت القدس عاصمة أبدية لأسرائيل!)) للإفراج عن "مرسي" وإعادته للكرسي مرة أخرى؛ فلما لم يستطع دعا أمريكا الآن لقطع المعونات العسكرية عن الجيش المصري.

وذلك لأن الخطة كانت تمكين دولة الإخوان من مقاليد الحكم في مصر، وسيطرتهم على مَفاصل الدولة بما في ذلك الجيش والشرطة، لكي تُفتح البلاد بعدُ أمام الإنجليز والأمريكان، كما فعل إخوانهم الرافضة في العراق، بيد أن التواجد العسكري مُستبعد هنا، ولكن الاكتفاء بإعطاء سيناء لأهل غزة من أجل التوسعة على اليهود، لتصبح فلسطين على بكرة أبيها لهم!، واستكمال تنفيذ مخطط تقسيم البلاد، إذ هو جزء من خطة الشرق الأوسط الجديد، ولا يُستبعد وضع بعض القواعد العسكرية الأمريكية هنا وهناك.

فلما فشل ما رَتب له القوم، انتقل تنظيم الإخوان إلى الخطة البديلة، وهي: إثارة الفتن والفوضى في البلاد، ومحاولة إحراقها، واللعب على وتر الفتنة الطائفية بحرق المساجد والكنائس، والتعرض لتجارة النصارى، لكي يَحتدم الأمر، وتوجد الفرصة أمام القوة الصليبية العالمية للتدخل بزعم الإصلاح وفض النزاع والخلاف، وحفظ الأمن والسلام!، وتكون النهاية أيضاً تمكين الإخوان من حكم البلاد بعد احتلالها كما فعلوا مع الشيعة الرافضة في العراق.


وهذه مع الأسف هي الحقيقة، فإنه لم يكن الإخوان المسلمون يوماً أعداء للإنجليز والأمريكان!، بل هم لهم عاشقون!، ولطريقتهم معظمون!.

يقول "محمد الغزالي" في كتابه " من هنا نبدأ" (ص 30 ): ((إن كثيراً من بلاد الكفر أعدلُ حكماً، وأرقى ضميراً، وأرفعُ مستوًى من هذه البلاد!، فكيف يُظنُّ أن ما بها من فوضى وجور واعتساف صورةٌ لحكم إسلامي ؟!، وما هو إلا مجتمعٌ تعس من السادة والعبيد!!)). اهـ


هذا؛ وقد أحسن أبو قدامة المصري ـ حفظه الله ـ في تجسيد هذه المأساة ، قائلاً:



إخْـوَانُ ( أُوبَامَا ) بـثَوْبٍ مُـسْلِمٍ ....................
...................... يَـتَآمَـرُونَ لِـيَسْقُـطَ الأَجْـنَادُ
بلِسَانِ أَشْـيَاخِ الضَّلالَةِ أَعْـلَـنُوا .........................
.....................أَنَّ الْقِـتَالَ لِـجَـيْشِ مِـصْـرَ جـهَـادُ
رَفَـعُوا السِّلاحَ عَلَى الْـجَـمِـيعِ وَهَـدَّدُوا......................
.......................أَمْنَ الْبلادِ فَإنَّ ذَاكَ مُـرَادُ
حَـرَقُـوا دَوَاوِينَ الْمَـصَالِحِ خِـلْسَةً ..........................
....................... لِـيُصِـيبَ أَحْـوَالَ الْـعِـبَادِ كَـسَادُ
سَـفَـكُوا دِمَـاءَ الأَبْرِيَاءِ وَشَوَّهُوا ................................
.......................جُـثَثَ الضَّـحَايَا !! بئْسَتِ الأَوْغَادُ
وَتَـعَـمَّدُوا حَـرْقَ الْكِـنَائِسِ فِـتْـنَةً .............................
....................... إذْ مَـكْـرُهُمْ باللَّـيْلِ كَـانَ يُـكَـادُ
وَفَـسَادُهُمْ فِي الأَرْضِ عَمَّ وَلَـمْ يَـزَلْ .........................
............................حَـتَّى الْمَـسَاجدُ طَالَهَا الإفْـسَادُ


[من قصيدة : تبصير أهل العصر بحقيقة ما حدث بمصر(9)]


وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 12 شوال 1434
19 أغسطس 2013

الهوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): لا يصح مرفوعاً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أعلم، والله أعلم.
(2): قال القرضاوي ـ قبحه الله ـ : ((نقدم عزاءنا في هذا البابا الذي كان له مواقف تذكر وتشكر له، ربما يعني بعض المسلمين، يقول: إنه لم يعتذر عن الحروب الصليبيَّة، وما جرى فيها من مآسي للمسلمين كما اعتذر لليهود، وبعضهم يأخذ عليه بعض الأشياء، ولكن مواقف الرَّجل العامَّة وإخلاصه في نشر دينه ونشاطه حتى رغم شيخوخته وكبر سنِّه!، فقد طاف العالم كله وزار بلاداً،ومنها بلاد المسلمين نفسها، فكان مخلصاً لدينه!، وناشطاً من أعظم النُّشطاء في نشر دعوته والإيمان برسالته!!،... ولا نستطيع إلا أن ندعو الله تعالى أن يرحمه، ويثيبه بقدر ما قدَّم من خير للإنسانية!، وما خلف من عمل صالح أو أثر طيب!!، ونقدم عزاءنا للمسيحيين في أنحاء العالم، ولأصدقائنا في روما وأصدقائنا في جمعية سانت تيديو في روما، ونسأل الله أن يعوِّض الأمة المسيحية فيه خيراً!!)). [برنامج "الشريعة و الحياة" ( 3 / 4 / 2005 م )].

(3): قال بهذا غير واحد من أعضاء التنظيم، أما تصريحاً أو تلميحاً، منهم على سبيل المثال: " عبد المنعم أبو الفتوح، وعصام العريان "، وغيرهما.
قال "محمد مرسي العياط" ـ الرئيس المعزول ـ في أحدى لقاءاته التلفزيونية: (( أما الحجاب فكيف يُلزم به المرأة، والإسلام لم يلزم أحداً باعتناقه!، أما حد الردَّة فالإسلام يحمي المرتدَّ ويؤمِّنه!، وليس هناك عقوبة له!!)).
(4): قال يوسف القرضاوي: (( المطالبة بإطلاق الحريات مقدمة على تطبيق الشريعة))[ الأهرام، الأحد، 29/ 8 / 2004م].
وقال عصام العريان : ((نؤمن بحق المواطنة؛ وأن للجميع كلّ الحقوق والواجبات)).[ لقاء مع قناة دريم، نافذة مصرـ نت ، نقلاً من سر الجماعة للشيخ الوصيفي ـ حفظه الله ـ ص/ 49 ].
وقال العريان أيضاً : ((الاجتماع الذي استضافه النادي السويسري لم يخرج عن المناقشات المعهودة، والتي دارت حول موقف الإخوان من الديمقراطية وحقوق الإنسان)).[سر الجماعة ص / 27 ].
(5): وهذا يَكاد يكون متواتراً عند الإخوان المسلمين، قال به شيخهم" أحمد ياسين"، ومن قبله " القرضاوي"، ومن قبلهما " حسن البنا"!!.
قال "حسن البنا" : ((إن خصومتنا لليهود ليست دينية لأنّ القرآن الكريم حض على مصافاتهم ومصادقتهم !!)).
وقال: ((لعل قائلاً يقول : لماذا كانت أكثر القصص التي عُني بها القرآن هي قصة بني إسرائيل ؟ ولماذا أخذت الجزء الأوفى من قسم القصص في القرآن الكريم ؟ ، إن لهذا عدة أسباب : السبب الأول : هو كرم عنصر هذا الجنس ! ، وفيض الروحانية القوية التي تركزت في نفسه !! ، لأن هذا الجنس قد انحدر من أصول كريمة ، لهذا ورثوا حيوية عجيبة!))[ انظر" حديث الثلاثاء للإمام حسن البنا ص108" الأستاذ أحمد عيسى عاشور].
(6): انظر كتاب " الإخوان المسلمون بين الابتداع الديني والإفلاس السياسي" للشيخ على الوصيفي ـ حفظه الله ـ .
(7): معلوم أن "محمد مرسي"متهم بالوشاية بالعالم المصري المحبوس حاليا في السجون الأمريكية "عبد القادر حلمي" في عملية تسمى" الكربون الأسود"، وذلك أثناء عمله في برنامج حماية محركات مركبات الفضاء في وكالة “ناسا" في ولاية “ساوث كارولينا" الأمريكية.
(8): يزعمون أن ما حدث وحشية وقمع، وكأن "بشار الأسد" منذ ثلاث سنوات يوزع الحلوى والورود كل صباح على الشعب السوري!، وأين هم من الإبادة الجماعية لأهل بورما؟!؛ ولكن لا عجب فإنها السياسية الصهيوصليببية ( اكفر تعش!) .

(9):
نقلاً من موقعه (قصائد شعرية ۞ منظومات علمية) .

السبت، 17 أغسطس 2013

وقفات مع كلام الشيخ هشام البيلي الأخير...



وقفات مع كلام الشيخ هشام البيلي الأخير...

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
نُشر كلام مؤخراً للشيخ "هشام البيلي" يُؤصل فيه ويُقعدّ على أن ما حدث مع الحاكم الإخواني المعزول "محمد مرسي" إنما كان خروجاً عليه، وأنه لا يجوز لأهل الحل والعقد عزل الحاكم إلا أن يروا كفراً بواحاً كما جاءت السنة.

قلت: ومعلوم أن الرجل إذا أخطأ من غير تقعيد، أمكن أن يُعتذر له، ولكنه إذا قَعدَّ فقد سدَّ عليك طريق الاعتذار له، فلا يُقال: ألقَى الكلام على عواهنه!، ولكنَّه ألقاه على قواعده!!.

ولهذا لنا مع هذا الكلام وقفات:
أولاً: ما هي المصلحة الشرعية من ذكر مثل هذا الكلام الآن، مع سقوط ولاية الحاكم السابق بالحبس وعدم التمكن، وقد انعقد الإجماع على طاعة الحاكم المتغلب، ؟!

  • قال ابن بطال: (( والفقهاء مجمعون على أن طاعة المتغلب واجبة ما أقام على الجمعات والأعياد والجهاد وأنصف المظلوم في الأغلب، فإن طاعته خير من الخروج عليه؛ لما في ذلك من تسكين الدهماء وحقن الدماء))[ شرح صحيح البخاري ـ لابن بطال،دار مكتبة الرشد طـ الثانية (2 / 328 )].


  • وقال ابن حجر في الفتح[13 / 7 ]: ((وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه، لما في ذلك من حقن الدماء، وتسكين الدهماء ... ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح، فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليه)).


  • ولله در القائل:


وواجب نصب إمامٍ مسلمٍ ............. توفرت فيه شروط فاعلَمِ
 ومن على الناس بسيفه غلبْ .............. ولم يكن له منازع وجبْ  
طاعتهُ ولو يكون ظالمَا .............. خوفاً من الفوضى وحقناً للدِمَا

[ صيحة في حق صماخ الباطل للعلامة أحمد بن يحيى النجمي].



  • وصح عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما أنه قال: (( وأصلي وراء من غلب)).
ثانياً: لمصلحة من مثل هذا البحث الآن، والشيخ يَعلم أن أنصار الرئيس المعزول قد بدءوا في احتلال الميادين العامة، وقطع الطرق، وتفجير المنشأت الحيوية كمطار العريش، وأقسام الشرطة، ولا حجة لهؤلاء وراء هذا الإفساد في الأرض إلا أنهم يقولون أن ما حدث كان انقلاباً وخروجاً؟!!.


  • فهذا الكلام الآن لا يزيد الأمر إلا فتنة، ولا يزيد النار إلا اشتعالاً، ففي هذا الكلام أعطاء الحجة للحرورية الجدد لمزيد من الخراب والدمار والإفساد(1).
ثالثاً: أليس في هذا الكلام شحن لقلوب العوام ضد حاكمهم الجديد، وتهيج لهم عليه؟!.
لتبدأ سلسلة جديدة من منازعة الأمر أهله، ومعلوم ما عاشته البلاد وما زالت تعيشه من جراء مخالفة هذا الأصل.


  • وقد بين ابن القيم ـ رحمه الله ـ أن الخروج على الحكام أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر.
رابعاً: إلا يَدخل كلام الشيخ في الخروج على الحاكم المتغلب بالكلمة؟!

  • ومعلوم أن أول خارجي لم يزد على (( أعدل يا محمد!، فهذه قسمة لم يرد بها وجه الله!!))
  • ويقول النبي صلى الله علية وسلم : ((من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ، ولكن يأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك ، وإلا كان قد أدى الذي عليه)) . [رواه ابن ابى عاصم في السنة ( باب : كيف نصيحة الرعية للولاة ) .وصححه الألباني] .
والشيخ يَعلم أنه هناك من يعترض على الحاكم الحالي، ويقول أنه ليس بولي أمر! فلا سمع له ولا طاعة.( 2 )

خامساً: ألم يكن من الأولى بدلاً من الخوض في التأصيل والتقعيد أن ما حدث كان خروجاً، أن يذكر الشيخ للناس العلة التي زال بسببها ملك هذا المعزول ـ قبحه الله ـ ؟

  • مثل قوله للثوار من الخوارج والبغاة في ميدان التحرير بعد فوزه : (( أيها الشعب العظيم، جئت إليكم اليوم لأنني مؤمن تماماً بأنكم مصدر السلطة والشرعية التي لا تعلو عليها شرعية!، أنتم أهل السلطة ومصدرها!، أنتم الشرعية وأقوي مكان فيها!، من يحتمي بغيركم يخسر!!، ومن يسير مع أرادتكم ينجح !! ونريد لوطننا أن ينجح!، جئت إليكم لأنني مؤمن تماماً بأنكم مصدر السلطة والشرعية التي تعلو على الجميع!، تعلو على الجميع!!، لا مكان لأحد لمؤسسة ولا هيئة ولا جهة فوق هذه الإرادة!!، الأمة مصدر السلطات جميعها!!، وهي التي تحكم وتقرر!، وهي التي تعقد وتعزل!، من أجل ذلك أتيت اليوم إلى الشعب المصري ...)).
  • وكقوله : (( ليس في مصر أحد يقول بثلث ثلاثة؛ إنما النصارى يعبدون الإله الواحد الذي نعبده!)).
  • وقوله: (( بين المصريين مفيش خلاف عقائدي..المصريين كلهم مفيش بينهم خلاف عقائدي..المصريين يا إما مسلمين أو مسحيين، ومفيش خلاف بين العقيدة الإسلامية والعقيدة المسيحية كل يعتقد بما يشاء!!، مفيش خلاف عقائدي..الخلاف ديناميكي!، خلاف آليات!!)).
  • وقوله: (( إن في إقامة الحدود في الإسلام خلاف فقهي)).
  • وكإباحته الردة عن دين الإسلام مستدلاً بقوله تعالى: { لا إِكْرَاهَ فِى الدين } [ البقرة : 256 ]، إلى أخر تلك الزندقة .
  • فضلاً عن فتحه البلاد أمام الغزو الرافضي الخبيث، الذي لم يُمكن له في حكم من يوصفون بالعلمانية.
  • وتقريبه كذلك للتكفيريين والقطبيين حتى أصبحوا بطانته، ووصل الحال بأحدهم أن قال بين يديه " أن قتلانا في الجنة، وقتلى مخالفينا في النار!".

فكان من الأولى يا فضيلة الشيخ أن تُعرض عن هذا، وتَذكر هذا.
هذا؛ ولعله يُشغب قائل:" لماذا تنكرون على الشيخ شيء فعلتموه من قبل!، فقد قلتم من قبل أن ثورة 25 يناير كانت خروجاً، فلماذا تنكرون على هذا الأمر الآن؟! "

  • أقول: معلوم أن الكلام في النوازل له تعلق بالزمان والمكان، فالصورة مختلفة هنا، فالذي حدث في ثورة ( 25 يناير ) أنها انطلقت فيها المظاهرات واستمرت قرابة 15 يوم، حتى اعتزل الحاكم وتنحى، فكان طوال هذه الفترة يُحذر علماء أهل السنة العوام من الاشتراك في هذه المظاهرات، إذ أنها من سُبل الخروج على الحاكم، ومن مات على هذه الحالة مُتوعد بأن يَموت على سنة جاهلية، بخلاف الذي حدث مع الحاكم الإخواني المعزول، فالأمر لم يَستمر إلا ساعة من نهار، وتغلب أخر على الحكم، وسقطت ولاية الأول بحبسه وعدم تمكنه، فشتان بين الحالتين.
  • هذا؛ وقد قامت عدة دول على هذا النحو، فالدولة العباسية قامت بالسيف، ولا نَعلم أحد من سلف هذه الأمة أخذ يدندن أنها كانت خارجية أو ولايتها غير شرعية كما فعل الشيخ!؛ لكن استقر الأمر على (( ونصلي وراء من غلب)).
فخير الهدي في إتباع من سلف، وشر الهدي في ابتداع من خلف. وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 25 رمضان 1434
6 / 8 / 2013

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ): ومن هنا يُعلم لماذا لا يُتكلم في النوازل إلا العلماء الأثبات؟،{ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}[ النساء : 83 ]

( 2 ): مثل كلام الحدادي الخبيث " محمد بن عبد العليم ال ماضي"، فقد نشرت له صوتية مؤخراً يُقرر فيها ما مر ذكره، ثم ختمها بتهمة خطيرة نسبها لعبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ؛ بيد أن الغريب حقاً أن للشيخ "هشام البيلي" تزكية ومدح لهذا الخبيث، فالله المستعان.

الخميس، 15 أغسطس 2013

تحذيرات سلفية من قناة الجزيرة الماسونية







تحذيرات سلفية من قناة الجزيرة الماسونية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
جاء في البرتوكول الثاني عشر من البرتوكولات التي وضعها يهود للسيطرة على العالم، والتحايل على قلة عددهم، الأتي :((ما الدور الذي تلعبه الصحافة في الوقت الحاضر؟!
إنها تقوم بتهييج العواطف الجياشة في الناس، وأحياناً بإثارة المجادلات الحزبية الأنانية التي ربما تكون ضرورية لمقصدنا. وما أكثر ما تكون فارغة ظالمة زائفة، ومعظم الناس لا يدركون أغراضها الدقيقة أقل إدراك.
إننا سنسرجها وسنقودها بلُجُم حازمة. وسيكون علينا أيضاً أن نظفر بإدارة شركات النشر الأخرى، فلن ينفعنا أن نهيمن على الصحافة الدورية بينما لا نزال عرضة لهجمات النشرات Pamphlets والكتب. وسنحول إنتاج النشر الغالي في الوقت الحاضر مورداً من موارد الثروة يدر الربح لحكومتنا، بتقديم ضريبة دمغة معينة وبإجبار الناشرين على أن يقدموا لنا تأميناً، لكي نؤمن حكومتنا من كل أنواع الحملات من جانب الصحافة، وإذا وقع هجوم فسنفرض عليها الغرامات عن يمين وشمال...
وما من أحد سيكون قادراً دون عقاب على المساس بكرامة عصمتنا السياسية، وسنعتذر عن مصادرة النشرات بالحجة الآتية، سنقول: النشرة التي صودرت تثير الرأي العام على غير قاعدة ولا أساس...
ولن يصل طرف من خبر إلى المجتمع من غير أن يمر على إرادتنا، وهذا ما قد وصلنا إليه حتى في الوقت الحاضر كما هو واقع: فالأخبار تتسلمها وكالات Agincies قليلة ـ أي الوكالات الإخبارية ـ تتركز فيها الأخبار من كل أنحاء العالم.
وحينما نصل إلى السلطة ستنضم هذه الوكالات جميعاً إلينا، ولن تنشر إلا ما نختار نحن التصريح به من الأخبار.
وإذا كنا قد توصلنا في الأحوال الحاضرة إلى الظفر بإدارة المجتمع الأممي (غير اليهودي) إلى حد أنه يرى أمور العالم خلال المناظير الملونة التي وضعناها فوق أعينه: وإذا لم يقم حتى الآن عائق يعوق وصولنا إلى أسرار الدولة،...
الأدب والصحافة هما أعظم قوتين تعليميتين خطيرتين. ولهذا السبب ستشتري حكومتنا العدد الأكبر من الدوريات.
وبهذه الوسيلة سنعطل Neutralise التأثير السيئ لكل صحيفة مستقلة، ونظفر بسلطان كبير جداً على العقل الإنساني. وإذا كنا نرخص بنشر عشر صحف مستقلة فسنشرع حتى يكون لنا ثلاثون، وهكذا نسير.
ويجب ألا يرتاب الشعب أقل ريبة في هذه الإجراءات. ولذلك فإن الصحف الدورية التي ننشرها ستظهر كأنها معارضة لنظراتنا وآرائنا، فتوحي بذلك الثقة إلى القراء، وتعرض منظراً جذاباً لأعدائنا الذين لا يرتابون فينا، وسيقعون لذلك في شركنا ، وسيكونون مجردين من القوة.
وفي الصف الأول سنضع الصحافة الرسمية. وستكون دائماً يقظة للدفاع عن مصالحنا، ولذلك سيكون نفوذها على الشعب ضعيفاً نسبياً.
وفي الصف الثاني سنضع الصحافة شبه الرسمية Semi Official التي سيكون واجبها استمالة المحايد وفاتر الهمة.
وفي الصف الثالث سنضع الصحافة التي تتضمن معارضتنا، والتي ستظهر في إحدى طبعاتها مخاصمة لنا، وسيتخذ أعداؤنا الحقيقيون هذه المعارضة معتمداً لهم، وسيتركون لنا أن نكشف أوراقهم بذلك.
ستكون لنا جرائد شتى تؤيد الطوائف المختلفة: من أرستقراطية وجمهورية، وثورية، بل فوضوية أيضاً ـ وسيكون ذلك طالما أن الدساتير قائمة بالضرورة. وستكون هذه الجرائد مثل الإله الهندي فشنو Vishnu . لها مئات الأيدي، وكل يد ستجس نبض الرأي العام المتقلب.
ومتى ازداد النبض سرعة فإن هذه الأيدي ستجذب هذا الرأي نحو مقصدنا، لأن المريض المهتاج الأعصاب سهل الانقياد وسهل الوقوع تحت أي نوع من أنواع النفوذ. وحين يمضي الثرثارون في توهم أنهم يرددون رأي جريدتهم الحزبية فإنهم في الواقع يرددون رأينا الخاص!، أو الرأي الذي نريده. ويظنون أنهم يتبعون جريدة حزبهم على حين أنهم في الواقع يتبعون اللواء الذي سنحركه فوق الحزب، ولكي يستطيع جيشنا الصحافي أن ينفذ روح هذا البرنامج للظهور، بتأييد الطوائف المختلفة ـ يجب علينا أن ننظم صحافتنا بعناية كبيرة)).

قلت: ثم جاء في البرتوكول الذي يليه أنه يجب أن يكون هناك دور أخر للصحافة بعد تمكين يهود، وهو إلهاء الشعوب دائماً بالبحث عن خبزها وطعامها،وشغلها بأنواع شتى من الفن والرياضة والملاهي والألعاب، حتى يفقد الشعب تدريجياً نعمة التفكير للمستقبل بنفسه!.
ويتبين جلياً في هذاالبرتوكول! أن اليهود خططوا للسيطرة على العالم من خلال السيطرة على وسائل الإعلام مرئية ومسموعة كانت أو مقروءة، وهذا يشمل حتى الأفلام التي تُحرك بها المشاعر الجياشة عن الناس، وتغرز فيهم القيم الفاسدة، وأيضاً السيطرة على دور النشر من خلال فرض قوانين وضرائب تعيق عملها، فلا يبقى إلا الصحف والنشرات التي تنتمي إلى أحزاب أو مؤسسات تستطيع الإنفاق عليها، وهذه الصحف ذات نطاق ضيق لا تهتم إلا بقضايا حزبها ومصالحه، وبهذا يتم السيطرة على الإعلام المستقل، فلا يتبقى لرسم ثقافة الشعوب إلا الإعلام الذي يسيطر عليه اليهود، وقد قسموه إلى ثلاثة أصناف:
الأول: "الإعلام الحكومي" وهو فاقد مصداقيته عند الناس بطبيعة الحال لأنه يجري على أصول الأعراف الدولية والبرتوكولات التي وضعها اليهود أيضاً.
الثاني:" الإعلام الذي ظاهره الاعتدال والموضوعية"، وهذا لجذب أنصاف المتعلمين وأشباههم .

وثالثاً: "الإعلام الثوري المعارض"، الذي يتخذ في الظاهر صورة المناضل من أجل العدالة! وإرجاع الحق للضعيف، كقنوات " التوك شو!" والصحف المعارضة، وعامة القنوات الإخبارية الخاصة (غير الحكومية)، وهذا القسم أخطر الأقسام الثلاثة، إذ تأثيره المباشر على أكبر شريحة شعبية في المجتمع، شريحة " الهمج الرعاع" أتباع كل ناعق، فيأخذون الخبر من تلك القنوات كأنه وحي!، فلا يفكرون ولا يتدبرون، وظاهرة " توفيق عكاشة" لا تخفى على أحد!.

وقد وصل اليهود إلى ما خططوا له !، فترى العالم الآن يلهث حول مصداقية الخبر من وكالات اليهود الإخبارية! مثل "رويترز، الإذاعة البريطانية، cnn , وغيرها" ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ومما يدخل في وظائف الإعلام العالمي أيضاً، صرف العالم الإسلامي عن ديانته، فقد ذكر الشيخ "محب الدين الخطيب" ـ رحمه الله ـ طرفاً من خطة التنصير البروتستانتية للعالم الإسلامي! عن طريق السيطرة على الصحافة، وذلك في ترجمته لكتاب" الغارة على العالم الإسلامي" ص/ 15 ، للمستشرق " أ ـ ل ـ شاتليه " رئيس مجلة العالم الإسلامي! .(1)

ولا تخفى المعركة التي خاضها الشيخ الأستاذ "محمود محمد شاكر" ـ عليه الرحمة ـ لفضح مخطط المستشرق الخبيث"لويس عوض" ـ رئيس مؤسسة الأهرام الإخبارية ـ ، وقد جمعت جولات هذه المعركة في الكتاب الماتع " أباطيل وأسمار" ، ولكن المحزن حقاً أنه تم حبس الشيخ من أجل ذلك، مما يوضح سيطرة هؤلاء اليهود ـ قاتلهم الله ـ .

ولما كان اليهود أهل مكر وخديعة، يعلمون أن الخبر إن جاء من قِبلهم مباشرة ربما توقف فيه المستمع والقارئ المسلم، زرعوا في بلاد الإسلام قنوات وصحف إخبارية تخدم أغراضهم، وتبث ما يريدون إشاعته بين المسلمين، فتَقلب الحقائق، وتُصور العدو أنه حبيب، والجزار يظهر فيها في صورة الضحية!.

ومن هذه القنوات ذات التوجه الصهيوني: "قناة الجزيرة" ، القطرية في الظاهر، الماسونية في الباطن؛ فإنه كان وراء تأسيسها ، أخوان فرنسيان يحملان "الجنسية الإسرائيلية" هما "ديفيد وجان فرايدمان" David & Jean Frydman، ومذيعها الأوائل هم مذيعي القسم العربي لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية "البي بي سي" .

ومنذ انطلاقها في عام 1996م ، وهي تكيد للعالم الإسلامي في صورة المناصر له!.

ذكر "سعيد الصحاف" ـ وزير خارجية وإعلام العراق في عهد الرئيس صدام حسين ـ أنه كان يوماً أثناء الحرب الصليبية الأمريكية على العراق يُلقي خطاباً في أحد الميادين وسط جمع غفير من الناس، والحالة مستقرة، فما أن ذهب إلى مكتبه حتى شاهد على "قناة الجزيرة" خبر مفاده سقوط مطار بغداد، فاتصل سريعاً بالقادة هنالك فقالوا: أنهم يستمعون الخبر الآن ويضحكون، إذ لا صحة لهذا الخبر!؛ قال: فما هي إلا ثلاثة أيام وسقط المطار!.

ونفس الشيء فعلوه عندما ذكروا أن ثوار الناتو في ليبيا دخلوا طربلس، وأن النظام سقط، ولم يكن شيئا من هذا حدث.

وأين هي من مجازر الرافضة لأهل السنة في إيران؟!

فضلاً عن أنها القناة الوحيدة التي صورت مع رؤوس الخوارج في عصرنا أمثال "أسامة بن لادن"وأتباعه.
وأنها كانت الراعي الرسمي لثورات " الربيع العبري" ، الذي عاد بالدول الإسلامية عشرات السنين إلى الوراء.

فهي ليست إلا سلاح لأعداء الأمة، من أجل تهيئة الأمة للهزيمة النفسية قبل الانقضاض عليها!


ولهذا جاءت تحذيرات شديدة من أكابر العلماء لتوقي شر هذه القناة الخبيثة .

قال الشيخ الفوزان ـ حفظه الله ـ : (( قناة الجزيرة فيها شرٌ كثير، فيها شرٌ كثير، وفيها تحريف، وفيها يؤتى بأُناس يتخبطون في أمور من الدين ومسائل الفقه، ويحرمون ما أحل الله، أو يحلون ما حرم الله في فتاواهم، وهذا خطر شديد الاستماع والنظر فيها، قناة الجزيرة شرها مستطير الآن، وكلٌ ينسب إليها الشر، ولا يمدحها أحد، نعم )).

وقال ـ مفتي المملكة ـ الشيخ عبد العزيز آل شيخ ـ حفظة الله ـ : (( هذه القناة يُشك الحقيقة في اتجاهها، ويجد الإنسان نفسه يَشك في اتجاهها، وما تحمله من أفكار تدعو إليها من طعن في الأمة للتشكيك في ثوابتها، وأيضاً جنايتها على هذه المملكة السعودية، الجناية التي تدعوا لها، ومحاولتها إيجاد البلبلة والكلام الملفق والأكاذيب)).

وقال الشيخ السحيمي ـ حفظه الله ـ : (( عندما تتبجح قناة الخسيرة وأمثالها، القناة اليهودية المشبوهة التي في إحدى الدول المجاورة، والتي يَطرب لها كثير من الجهلة والسفهاء وهي تدس السُم في الدسم!، مديرها ...دعازر اليهودي، والقائمون عليها دروز، ونصيرية، ... ويا أخي عدوك عدو دينك ...، بل إنّ شخصاً مشهوراً من أدعياء العلم يتشدق في هذه القناة ...(2))).

قلت: فينبغي عليك أيها المسلم مقاطعة هذه الصحف والقنوات، فالأمر دين، فإن الله ـ عز وجل ـ قد أمر بالتثبت وعدم التسليم لخبر الفاسق فقال ـ سبحانه ـ : { يا أيها الذين ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ على مَا فَعَلْتُمْ نادمين } [ الحجرات : 6 ]، فجعل الله الأصل في خبر الفاسق التوقف للتبيين والتثبت، مع أنه في المنتهي يُنسب إلى أهل القبلة، ولكنه فاسق؛ فما بالك بخبر الكافر، وهو مردود باتفاق أهل الملة؟!.
وما بالك إن كان هذا الكافر من اليهود عليهم من الله الذلة؟!
فاحذر يا عبد الله أن تكون بوقاً للقوم وأنت لا تدري، واهجر هذه القنوات يسلم لك دينك ودنياك وآخرتك.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 7 / شوال / 1434 هـ
14 / 8 / 2013 م

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) : وانظر مقال"أثر الصحافة والسينما في توجيه المجتمع" ضمن مجموع مقالات العلامة محب الدين الخطيب، ص / 156 ، دار مثقفون بلا حدود.
( 2 ): يقصد الخارجي المشبوه " يوسف القرضاوي"ـ عامله الله بعدله.