إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 3 أكتوبر 2013

شرح الصدور بالصلاة على الرسول




شرح الصدور بالصلاة على الرسول
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد :
فقد يَحتار العبد أحيانًا بين الذكر والدعاء، أيهما أولى .. يَدعو الله أم يَذكر الله ؟
  وإذا ترجح عنده الذكر، أخذته الحيرة مرة أخرى أيهما أفضل التسبيح أم الاستغفار ؟
   أما المفاضلة بين التسبيح والاستغفار فقد كفانا أبو الفرج " ابن الجوزي " الإمام - رحمه الله - الإجابة عن هذا الإشكال ، فقد سُئل - رحمه الله - :
أيهما أفضل التسبيح أم الاستغفار ؟

فقال: " الثوب الوسَخ أحوج إلى الصابون من البخور". اهـ (ذيل طبقات الحنابلة).


   يشير " ابن الجوزي " إلى أن الاستغفار أفضل من التسبيح؛ وعلة التفضيل عنده أن الاستغفار لمحو الذنوب بينما التسبيح لتحصيل الثواب، فكان المناسب غسل الذنوب قبل تحصيل الثواب، لأن التصفية قبل التحلية كما هو معروف .
  أما أيهما أفضل للعبد " الذكر أم الدعاء " ؟
فقد كفانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإجابة عن هذا الإشكال بحديث أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي بإسناد حسن صحيح :

( عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله أني أُكثر من الصلاة عليك فهل أجعل لك ربع الصلاة؟ قال : " ما شئت ولو زدت فهو خيرٌ لك "، قال : أجعل لك ثلث الصلاة ؟ ، قال : " ما شئت وإن زدت فهو خيرٌ لك " ، قال : أجعل لك نصف الصلاة ؟ ، قال : " ما شئت وإن زدت فهو خيرٌ لك " ، قال : أجعل لك كل صلاتي أو جميع صلاتي ؟ ، قال : " إذًا تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك " ) . اهـ
   والمراد من قول أبي بن كعب - رضى الله عنه - " أجعل لك كل صلاتي؟ " يعني : دعائي .
فالصلاة هي الدعاء ، يقول الله عز وجل : { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ }
[التَّوْبَة: 103]، فسأل أبي بن كعب الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - بدلًا من وِرّده من الدعاء وطلب المغفرة وسؤال الجنة ... إلخ ، فأخبره الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنك إن فعلت ذلك كفاك الله همك وغفر لك ذنبك " إذًا تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك " .
   فيمكن المسلم أن يكتفي بملازمة الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - عوضًا عن الدعاء، ويكون بذلك حصّل فضيلة الذكر والدعاء معًا، إذ الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - تشمل فضل الذكر والدعاء لأنه قال لأبي بن كعب : " إذًا تُكفى همك"، وهذا متعلق بما كان سيدعو به مِن كل ما يهمه من أمر الدنيا والآخرة.
    ثم تأتي بركة الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيُغفر له ذنبه وهو الذي يحصله العبد من الاستغفار .
   فالخلاصة : إن الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - مشتملة على فضل الذكر والدعاء والاستغفار .

   يقول الطيبي - رحمه الله - : وقد تقرر أن العبد إذا صلى مرةً على النبي - صلى الله عليه وسلم ـ صل الله عليه بها عشرة ، وأنه إذا صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل في زمرة الملائكة المقربين في قوله تعالى : {إِنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلونَ على النَّبِيِّ يَا أَيُّها الّذينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَليْهِ وَسَلِّمُوا تَسْليمًا } . اهـ
   وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من صل الله علي واحده صل الله عليه بها عشرًا "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : "من صلى الله عليه كفاه همه وغفر له ذنبه" . ا هـ [ذكره ابن القيم في جلاء الأفهام].
  وعند أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " رَغِمَ أنف رجل ذكرت عنده وفلم يصل علي"
  قال المناوي - رحمه الله - : " أي لحقه ذلٌ وخذيٌ مجازاة له على ترك تعظيمي، وخاب وخسر من قدر ان يَنطق بأربع كلمات توجبه لنفسه عشر صلوات من الله، ورفع عشر درجات، وحط عشر خطيئات فلم يفعل، لأن الصلاة عليه عبارة تعظيمه، فمن عظمه عظمه الله، ومن لم يعظمه اهانه الله، وحقر شأنه" . ا هـ
  ومعنى الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - :

قال تعالى : { إِنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلونَ على النَّبِيِّ يَا أَيُّها الّذينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَليْهِ وَسَلِّمُوا تَسْليمًا }[ الأحزاب 56 ] .

  فالصلاة من الله سبحانه : ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، والعناية به وإظهار شرفه، وفضله وحرمته، وإرادة تكريمه وتقريبه .
 يقول ابن كثير - رحمه الله - :
   "والمقصود من هذه الآية: أن الله سبحانه أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين، وأن الملائكة تصلي عليه. ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعًا". [تفسير القرآن العظيم ( 6 / 457) ط . دار طيبة].

 وصفة هذه الصلاة :
    عن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - أنهم قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قولوا : اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم انك حميد مجيد ". 

( متفق على صحته ) .

والمواطن التي تتأكد فيها هذه الصلاة :
حري بكل محب للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُكثر من الصلاة والسلام عليه في كل وقت وحين، وتتأكد الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مواطن منها :
1. عند ذكره ، فإنه قال - صلى الله عليه وسلم - : ( البخيل من ذُكرت عنده فلم يصل علي ) [صحيح أخرجه أحمد والترمذي] .
2 . عند دخول المسجد وعند الخروج منه .
3 . عند إجابة المؤذن .
4 . عند بداية الدعاء وعند ختامه .
5 . في أول النهار وآخره .
6 . يوم الجمعة .
7 . في صلاة الجنازة والعيدين والاستسقاء .

فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد

القاهرة ٢٧ / ذو القعدة/  ١٤٣٤ هـ
3 / 10 / 2013

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرجع للتوسع :
جلاء الافهام في الصلاة والسلام على خير الأنام - ابن القيم
زاد الميعاد لابن القيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق