إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 6 أكتوبر 2013

الرئيس السادات .. وخوارج العصر!

الرئيس السادات .. وخوارج العصر!


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
افترقت هذه الأمة إلى اثنتين وسبعين فرقة هالكة، وفرقة واحدة ناجية .
وهذه الفرق الهالكة ضلت كل واحدة منها في باب من أبوب الاعتقاد، وأغلبها ضلّ في مسائل الإيمان، فرفعت الإيمان عن أقوام، ونسبت الكفر لأخريين، ورأت ما ليس بمكفر مكفراً.
وتعد فرقة الخوارج من أخبث هذه الفرق ، إذ أن النفسية الخارجية لا ترى معاصي ومخالفات الحكام إلا كفراً، ولهذا تستحل قتالهم .. فَيعُم الفساد وتضيع البلاد.. ويهلك العباد!
ولعل الرئيس " محمد أنور السادات " ـ رحمه الله ـ من أشهر الأمثلة المعاصرة التي كفرها الخوارج ثم استحلوا دمه بعدها.

وأشهر ما قام عليه بوق التكفير في قصة السادات .. هو عقده لصلح واتفاقية مع يهود، فعد القوم هذا الفعل من الكفر البواح، والردة الظاهرة، التي تستوجب إقامة الحد على فاعلها!.
قال عمر التلمساني: " لقد عارضه الإخوان المسلمون في أسوأ غلطة أساءت إلى تاريخه وهي معاهدة السلام، عارضوا مبادرته إلى القدس، ووثيقتي كامب ديفيد ومعاهدة السلام وعارضوه وحدهم دون غيرهم من الأحزاب والجماعات، من أول خطاها في هذا الطريق الضار الخطير" [ أيام مع السادات ص / 108 ].  

مع أنه صح في السنة الصحيحة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عقد صلح الحديبية مع مشركي مكة، واتفق مع يهود على أمور، فلعلهم يكفرون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذا الفعل!، كما رمى جدهم الأكبر نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالشرك!، فقال كما عند البخاري عندما آثر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أناسا في القسمة من غنائم حنين : " والله ما أراد محمد بهذا وجه الله!!"، فلهم سلف ولكل قوم وارث!.

والعجيب أنهم في الوقت الذي يكفرون فيه الحكام لعقدهم لمثل هذه المعاهدات، يرون هذا الفعل هو عين الحكمة وقمة الدهاء إن صدر من أحد قادتهم (مع أنهم مطاريد في الجبال وليس لهم من الأمر شيئ) ، قال" أسامة بن لادن " الخارجي الخبيث ـ قبحه الله ـ في مقابلته مع قناة الجزيرة بتاريخ 19 / 12 / 1426 ه: (( ولا مانع من إجابتكم إلى هدنة طويلة الأمد بشروط عادلة نفي بها، فنحن أمة حرم الله علينا الغدر والكذب، لينعم في هذه الهدنة الطرفان بالأمن والاستقرار، ولنبني العراق وأفغانستان الذيْن دمرتهما الحرب )) اهـ

فهذا الذي كفروا به السادات هو عين الحكمة عند ابن لادن!!
وذهبوا إلى تكفير السادات أيضاً لكلمة خرجت منه في أحد خطبه قال فيها: " لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين"
ومع أن هذه كلمة مجملة محتملة ينفي ظاهرها باقي كلامه، إذ كان دائماً يقول: " الإسلام دين ودولة " وعندما تطاول نصارى المهجر العلمانيين، قال لهم: " أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة " ، وحادثة عزله لشنودة وإذلاله أشهر من أن تُذكر.

مع أنه بين ماذا يريد بكلمته السابقة عندما قال: " الإخوان المسلمين عاملين نفسهم الناس اللي واقفين بعيد وبتوع الدين وبس، وساعة ما نقول: "لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة".. يقولوا: أبداً.. الدين سياسة والإسلام دين ودولة.. آه دين ودولة صح، لكن أن تفرض وصاية على مصر باسم الدين على طريقة الخميني كما يكتبوا الآن.. لا.. إنه يتقتل في مصر 900(قتيل) زي الخميني ما عمل في شهر علشان الثورة الإسلامية.. لا دي ثورة إسلامية ولا ده إسلام". اهـ [جريدة الأهرام بتاريخ 15/9/1981].

قلت: فقد وضح ما كان يقصد ـ رحمه الله ـ هو عدم استغلال الدين للوصول إلى مآرب سياسية ، على طريقة إمام الضلالة الخميني ، وقد كان الإخوان حينها من أشد مؤيدي ثورة الخميني ، حتى أنه قيل أن أحدى شعاراتهم التي رفعوها في هذا الوقت كان مكتوباً عليها: (( ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في طهران!)).

وكان السادات يعلم أن الإخوان تعمل بنفس أصول الخميني الشيعي الرافضي الخبيث ، فقال: " لما جت (أتت) سنة 70 م طلَعت الإخوان المسلمين من السجن، رجعتهم إلى وظائفهم، صرفوا لهم فرق المهاية (الراتب) التي كانوا معينيين عليها .. فأنا اعتقدت إن الموضوع خلاص اصفى وانتهى. طلعوا بيعملوا بالتقية. بس التقية ليست عندنا نحن المسلمين السنة. التقية مش (ليست) عند السنة أبدا. إن تكلم بلسان وإللي في قلبك حاجة ثانية . لا ما عندناش (ليس عندنا) كده". اهـ

قلت: فالرجل يقول أنه مسلم ،وأنه رئيس دولة مسلمة، وأنه من أهل السنة، ويحاول رفع الظلم عن تنظيم الإخوان المسلمين مع علمه جيداً أن هذا التنظيم هو أصل كل التنظيمات المعاصرة، فقد قال بالحرف: " أول ما حا أبدأ به عملية استغلال الدين.. هيه إيه القصة بتاعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية اللي ظهرت أخيراً؟؟ الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية شئ واحد.. بل الجماعات الإسلامية هي نقدر نقول عليها التنظيم السري الجديد للإخوان المسلمين" . اهـ

ومع ذلك رد عنهم المظالم، وأخرجهم من السجون، وجعلهم يمارسون الدعوة بكل حرية، مما دفع المرشد العام للإخوان " عمر التلمساني" أن يقول: " كان البعض يعاتبني لما قلت له: إني أتمنى أن يطول عهد حكمك إلى أبعد مدى .. وكان هذا أحساسي نحوه حقاً، لأننا في مدة حكمه أعدنا إصدار مجلة الدعوة في ثوبها القشيب، وكنا نقيم الاحتفالات الدينية وغيرها، نقول فيها ما نشاء في جرأة ووضوح، لا نخشى فيما نقول إلا الله" [ أيام مع السادات ص / 35 ].

قلت: ومع ذلك كفروه واستحلوا دمه، وكان يوم القصاص .. هو نفس اليوم الذي أذل فيه الله اليهود على يد عبده "أنور السادات" ـ عفا الله عنه ـ ( فيا قرة عين يهود بالخوارج والإخوان) .
ولله در الإمام ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ لما قال: " .. فإذا أراد هؤلاء الخارجون على بعض الحكام المسلمين فليخرجوا على الكفار المشركين، ولكنهم يريدون أن يبثوا الفتن بين المسلمين .

ولذلك فأنا في الحقيقة في شك كبير من أمرين اثنين :
من إسلام هؤلاء حقيقة، أي : أخشى أن يكونوا من أعداء الإسلام تلبسوا بثياب المسلمين . وإن كانت الأخرى، وهي أنهم مسلمون فعلاً، ولكنهم جهلة في منتهى الجهالة ... وأنا أستبعد أن يكون هؤلاء من المسلمين، وإنما هم من المتزيين بزي الإسلام، ويريدون أن يشوهوا نصاعة الإسلام وبياضه ونقاوته, بأن ينسبوا إليه أفعالاً , الإسلام والمسلمون حقّاً هم براء (أبرياء) مما ينسب إليهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب )) . اهـ [فتاوى العلماء الأكابر لما أهدر من دماء في الجزائر ص 102 : 107 ].

ومن نظر في مقالات خوارج العصر في هذه الحادثة (مقتل السادات) يجدها ممزوجة بالشماتة والفرح والتشفي !، كأنه حدث نصر للمسلمين والإسلام بمقتل الرجل!.

فقد بارك "محمود الصباغ" قتلة السادات، كما في كتابه (حقيقة التنظيم الخاص . ص / 29) ـ والذي قدم له مصطفى مشهور ـ ، حيث قال: " فسلط عليه شباباً من شباب مصر، وأظلهم بظله فباغتوه في وضح النهار، وفي أوج زينته وعزه يستعرض قواته المسلحة ولا يرى فيهم إلا عبيدا له ينحنون بقوته وعظمته يشهدون وإذا بهم سادة يذفونه بالنار ويدفعون عن أنفسهم وصمة الذل والعر والشنار ..." .[بواسطة الإخوان بين الابتداع الديني والإفلاس السياسي للوصيفي].

وقال "عمر عبد الرحمن " في محاضرة ألقاها في أمريكا: " ولابد لكل طاغية ظالم أن يُزال من الحياة كما أزيل الشاة، وكما أزيل "أنور السادات"، من هنا كانت الثورة الإسلامية في إيران مظهراً من مظاهر العز والقوة والمجد، وأنها لتبعث في روح المسلمين المجاهدين في كل مكان بعامة، وفي مصر خاصة، روح الأمل واليقين!. هذه الثورة التي أزلت وما زالت تزيل طواغيت وجب علينا نحن المسلمين أن نزيلها!، لقد مرغت أنفهم في التراب وجعلتهم يتحدثون عن قوة الإسلام ويرهبونها!!. هذه الثورة الإسلامية في إيران مشرق أمل ومبعث فرحة وسرور، وانطلاق للجهاد في سبيل الله!!، والمسلمون في كل مكان يترسمون خطاها ويفرحون بانتصاراتها العظيمة!". [القطبية هي الفتنة ص / 69 : 70 ].

قلت: ولا عجب من تعظيم هذا الخارجي الخبيث ـ عامله الله بعدله ـ للخميني وثورته، الخميني الذي يعتقد تحريف القرآن، وكفر الصحابة، ووقوع أمهات المؤمنين في الفاحشة، وأن للأئمة (والذي هو منهم ) خلافة كونية، فهم بمنزلة الآلة في الأرض!، فيمدح هذا ويعظمه من على أرض أهل الكفران ( أمريكا) ، في الوقت الذي يفرح بقتل السادات ويصفه بالطاغوت!، ليتجسد لنا معنى حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الخوارج " يقتلون أهل الإسلام ويقربون أهل الأوثان" .

وقال " محمد إسماعيل المقدم " عن السادات: " فرعون حقير يرقد الآن في مزبلة التاريخ وحسابه على الله" [ عودة الحجاب (1 / 210 ) ط الثالثة ] .

وقال في الهامش: " وقد أقيمت الصلوات اليهودية في ميادين تل أبيب على ضوء الشموع حزناً على موته، وحضر ثلاثة من رؤساء أمريكا قداساً جنائزياً بالكنيسة على روحه، لقد كان مصراً على أن يدخل التاريخ وقد دخله، ولكن من نفس الباب الذي دخل منه إبليس وفرعون وقارون، ومضى إلى ربه بعد أن صفى كل عداوته إلا عداوته لأمته". اهـ

وقال في ( 1 / 193 ) : " ولعل سيرة أتاتورك تفسر لنا لماذا يصر طواغيت اليوم على اتخاذه أسوة وقدوة، حتى لقد افتخر ((فرعون مصر)) الملقب بـ ((أنور اليهود)) يوماً بأن مثله الأعلى هو أتاتورك" اهـ

قلت: والنقل يطول .. ومن تتبع مقالاتهم يجدها متواترة على ذم "أنور السادات" مبجلة لقتلته! ، حتى أن الرئيس المعزول " محمد مرسي" ـ قبحه الله ـ أصر على أن يحتفل في القصر الرئاسي مع قتلة الرجل!.

هذا؛ وليس قصدي من هذا المقال هو الترقيع والتلميع للرئيس " أنور السادات" ، فالرجل أعتقد أنه كان مسلماً من عوام أهل السنة، وقد أفضى إلى ما قدم .. وهو بين يدي رب كريم غفور إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه.

ولكن الغرض من المقال هو أن فكر الخوارج لم يمت وما زال بيننا حيا ينبض، يرتع في عقول شباب تستحل دماء المسلمين وأعراضهم باسم الجهاد في سبيل الله!، وتنشر الإفساد في الأرض باسم الإصلاح ونصرة الدين!.
فتكون المحصلة النهائية لسعيهم هو رفعة أهل الكفران والأوثان، وقتل أهل التوحيد والإسلام.
فأصحاب هذا الفكر المنحرف هم من محن المسلمين الحقيقية في هذا العصر. ولهذا يتوجب على من استطاع رد شبهاتهم وتفنيد أباطيلهم أن يفعل ولا يتأخر، ومن استطاع كشف مخططاتهم التي سطروها في ثنايا كتبهم فليفعل، وليعلم أن هذا جهاداً حقيقياً في سبيل الله.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : " الجهاد نوعان: جهاد باليد والسنان وهذا المشارك فيه كثير، والثاني: الجهاد بالحجة والبيان وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل، وهو جهاد الأئمة، وهو أفضل الجهادين لعظم منفعته وشدة مؤنته وكثرة أعدائه"[مفتاح دار السعادة ص 71 ].

وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 1 ذو الحجة 1434 ه
6 أكتوبر 2013 م

هناك 5 تعليقات:

  1. بارك الله فيك مقال جيد

    ردحذف
  2. مقال ماتع رائع للشيخ الفاضل الدكتور محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى

    ردحذف
  3. اشكرك على هذا التوضيح ونورت طريقنا

    ردحذف
  4. جزاكم الله خيرا
    بحث قيم جعله الله في ميزان حسناتك

    ردحذف