مختصر
أحكام الأضحية
الحمد
لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن
من أعظم القربات إلى الله ـ عز وجل ـ ومن الخطوط الفاصلة بين التوحيد والشرك هي :
إراقة الدماء والذبح ابتغاء مرضات الله ـ
سبحانه ـ ، قال عز وجل: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ
رَبِّ العالمين * لاَ شَرِيكَ لَهُ وبذلك أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين } [ الأنعام
: 162-163 ] .
وهي
من شعائر الإسلام التي يحصل بها العباد تقوى القلوب، قال سبحانه: { لَن يَنَالَ الله
لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا ولكن يَنَالُهُ التقوى مِنكُمْ } [ الحج : 37 ].
وقد
سن لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عدد من الآداب والسنن لمن أراد أحياء هذه
الشعيرة.
وهذا
تلخيص لأحكام شعيرة الأضحية:
1ـ
هي سنة وليست بواجبة، قال عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : "هي سنة ومعروف"
. [البخاري].
وقال
قال الإمام النووي في الروضة [ 3 / 129 ]: " التضحية سنة مؤكدة وشعار ظاهر ينبغي
لمن قدر أن يحافظ عليها" .
قلت:
وفي المسألة خلاف.
2ـ
لابد أن تكون من بهيمة الأنعام ( الإبل ـ البقر ـ الغنم ) .. ولا فرق بينها بين
ذكر أو أنثى.
3 ـ لابد
أن تكون مسنة، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا تذبحوا إلا مسنة ، إلا أن
يعسر عليكم ، فتذبحوا جذعة من الضأن" . [رواه مسلم].
والمسنة
من البقر ما تمت سنتين ودخلت في الثالثة، ومن الإبل التي تمت خمس سنوات فما فوق،
ومن المعز ماله سنة، ومن الضأن ماله ستة أشهر.
4 ـ وتجزيء
الشاة عن الرجل وعن أهل بيته، وتجزيء البدنة والبقرة عن سبعة بأهاليهم .
قال
أبو أيوب الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ : "
كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون
ويطعمون". [رواه الترمذي وصححه الألباني].
عن جابر
بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: "
... أمرنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا
في بدنة". [ متفق على صحته].
5 ـ ويتقى
من الضحايا المعيبة والمريضة ـ فالله طيب لا يقبل إلا طيبًا ـ يقول الرسول ـ صلى
الله عليه وسلم ـ : " أربع لا تجوز في الأضاحي - فقال - : العوراء
البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها ، والكسير التي لا تنقى"
[رواه أبو داود وصححه الألباني].
وفي
رواية : " العجفاء" بدلاً من " الكسير". والمقصود بها الهزيلة
التي لا مخ لها لضعفها.
قلت
: والظلع: العرج.
وإن كان العرج يسيرًا، أو العور غير واضح، جاز في الأضحية لأنه قيد في الحديث بكونه " بينًا " يعني واضحاً، والله أعلم.
وإن كان العرج يسيرًا، أو العور غير واضح، جاز في الأضحية لأنه قيد في الحديث بكونه " بينًا " يعني واضحاً، والله أعلم.
6 ـ
ويستحب في الأضحية السمنة
عن أبي
هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد
أن يضحي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين". [رواه أحمد وابن
ماجة وصححه الشيخ في الإرواء (1138)].
وقال
أمامة بن سهل ، قال : " كنا نسمن الأضحية بالمدينة ، وكان المسلمون يسمنون"
. [البخاري].
7 ـ ويجوز
الأضحية بالفحيل والخصي
تقدم
في الحديث قبل السابق أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ "ضحى بكبشين أملحين
موجوءين". الحديث
والموجوء
هو : الخصي
وعن أبي
سعيد الخدري قال : " ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش أقرن فحيل
...".[ رواه الترمذي وصححه الشيخ ناصر في المشكاة (1766)].
والفحيل
هو: كامل الخلقة لم تقطع أنثياه.
فائدة:
قال الإمام البغوي في شرح السنة: " قد كره بعض أهل العلم الموجوء ، لنقصان العضو ، والأصح أنه
غير مكروه ، لأن الخصاء يفيد اللحم طيبا ، وينفي عنه الزهومة ، وسوء الرائحة ، وذلك
العضو لا يؤكل".أهـ
8 ـ
ويحرم على من أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا لقول الرسول ـ صلى
الله عليه وسلم ـ : " من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة ، فلا يأخذن
من شعره ، ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي ".[رواه مسلم].
9 ـ ولا
تصح الأضحية إن ذبحت قبل صلاة العيد لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن
أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل هذا فقد أصاب سنتنا ومن
نحر فإنما هو لحم يقدمه لأهله ليس من النسك في شيء".[رواه البخاري].
وفي
رواية: " من ذبح قبل أن يصلي
فليعد مكانها أخرى ومن لم يذبح فليذبح".
قلت:
وتأمل قول الرب ـ عز وجل ـ : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر : 2 ].
10 ـ
ومن الإحسان في الذبح : شحذ السكين، وإراحة الذبيحة، وعدم ذبحها أمام أخرى .
فعن شداد بن أوس ، قال : ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، فليرح ذبيحته ". [رواه مسلم].
فعن شداد بن أوس ، قال : ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، فليرح ذبيحته ". [رواه مسلم].
وعن عبد
الله بن عباس ، رضي الله عنهما أن رجلا أضجع شاة يريد أن يذبحها وهو يحد شفرته ، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم : " أتريد أن تميتها موتات هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها
".[ رواه الحاكم وصححه ووافقه الألباني في الصحيحة (24)].
11ـ ويتوجب
ذكر الله عليها عند ذبحها، قال الله تعالى : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ اسم
الله على مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام}. [الحج : 34].
وعن أنس
ـ رضي الله عنه ـ قال : " ضحى النبي صلى
الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده ، وسمى وكبر ، ووضع رجله على صفاحهما
".[متفق عليه].
وعنه
قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بكبشين أقرنين ، ووضع قدميه على صفاحهما ،
وقال : " بسم الله ، والله أكبر".
وتقول
أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بكبش أقرن ...، فأتي به ليضحي به ، فقال لها :
" يا عائشة ، هلمي المدية " ، ثم قال : " اشحذيها بحجر " ، ففعلت
: ثم أخذها ، وأخذ الكبش فأضجعه ، ثم ذبحه ، ثم قال : " باسم الله ، اللهم تقبل
من محمد ، وآل محمد ، ومن أمة محمد ، ثم ضحى به". [رواه مسلم].
12 ـ
ولا يشترط الذبح بالنهار فقط على الصحيح كما رجح شيخ الإسلام ووافقه الشيخ
العثيمين في شرحه الممتع.
13 ـ
ويجوز للمضحي أن يستعين بغيره ليتولى الذبح عنه شريطة أن لا يعطيه الأجرة من
الأضحية؛ ولكن إن أعطاه من الأضحية فوق الأجرة فلا شيء عليه إن شاء الله.
14 ـ
وله أن يأكل من أضحيته ويدخر منها لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " كلوا
وأطعموا وادخروا".[متفق على صحته].
15 ـ
لا يجوز بيع لحم الأضحية أو استبدال أجرة الجزار بجلدها، عن علي بن أبي طالب ـ رضي
الله عنه ـ قال : " أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه ، وأن
أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها ، وأن لا أعطي الجزار منها ". [رواه البخاري
ومسلم واللفظ له].
هذا؛
ونسأل الله ـ عز وجل ـ أن يحينا على التوحيد والسنة وأن يتوفانا على الأمر العتيق
.
وصلى
الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعدالقاهرة 4 / ذي الحجة / 1435
29 /
9 / 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق