إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

مختصر أحكام الأضحية

مختصر أحكام الأضحية


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فإن من أعظم القربات إلى الله ـ عز وجل ـ ومن الخطوط الفاصلة بين التوحيد والشرك هي : إراقة الدماء والذبح ابتغاء مرضات الله  ـ سبحانه ـ ، قال عز وجل: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ العالمين * لاَ شَرِيكَ لَهُ وبذلك أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين } [ الأنعام : 162-163 ] .
وهي من شعائر الإسلام التي يحصل بها العباد تقوى القلوب، قال سبحانه: { لَن يَنَالَ الله لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا ولكن يَنَالُهُ التقوى مِنكُمْ } [ الحج : 37 ].
وقد سن لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عدد من الآداب والسنن لمن أراد أحياء هذه الشعيرة.

وهذا تلخيص لأحكام شعيرة الأضحية:

1ـ هي سنة وليست بواجبة، قال عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : "هي سنة ومعروف" . [البخاري].
وقال قال الإمام النووي في الروضة [ 3 / 129 ]: " التضحية سنة مؤكدة وشعار ظاهر ينبغي لمن قدر أن يحافظ عليها" .
قلت: وفي المسألة خلاف.

2ـ لابد أن تكون من بهيمة الأنعام ( الإبل ـ البقر ـ الغنم ) .. ولا فرق بينها بين ذكر أو أنثى.

3 ـ لابد أن تكون مسنة، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا تذبحوا إلا مسنة ، إلا أن يعسر عليكم ، فتذبحوا جذعة من الضأن" . [رواه مسلم].
والمسنة من البقر ما تمت سنتين ودخلت في الثالثة، ومن الإبل التي تمت خمس سنوات فما فوق، ومن المعز ماله سنة، ومن الضأن ماله ستة أشهر.

4 ـ وتجزيء الشاة عن الرجل وعن أهل بيته، وتجزيء البدنة والبقرة عن سبعة بأهاليهم .
قال أبو أيوب الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ :  " كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون". [رواه الترمذي وصححه الألباني].
عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ  قال: " ... أمرنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة". [ متفق على صحته].

5 ـ ويتقى من الضحايا المعيبة والمريضة ـ فالله طيب لا يقبل إلا طيبًا ـ يقول الرسول ـ صلى الله  عليه وسلم ـ :  " أربع لا تجوز في الأضاحي - فقال - : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها ، والكسير التي لا تنقى" [رواه أبو داود وصححه الألباني].
وفي رواية : " العجفاء" بدلاً من " الكسير". والمقصود بها الهزيلة التي لا مخ لها لضعفها.
قلت : والظلع: العرج.
وإن كان العرج يسيرًا، أو العور غير واضح، جاز في الأضحية لأنه قيد في الحديث بكونه " بينًا " يعني واضحاً، والله أعلم.

6 ـ ويستحب في الأضحية السمنة
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين". [رواه أحمد وابن ماجة وصححه الشيخ في الإرواء (1138)].
وقال أمامة بن سهل ، قال : " كنا نسمن الأضحية بالمدينة ، وكان المسلمون يسمنون" . [البخاري].

7 ـ ويجوز الأضحية بالفحيل والخصي
تقدم في الحديث قبل السابق أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ "ضحى بكبشين أملحين موجوءين". الحديث
والموجوء هو : الخصي
وعن أبي سعيد الخدري قال : " ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش أقرن فحيل ...".[ رواه الترمذي وصححه الشيخ ناصر في المشكاة (1766)].
والفحيل هو: كامل الخلقة لم تقطع أنثياه.

فائدة: قال الإمام البغوي في شرح السنة: " قد كره بعض أهل العلم الموجوء ، لنقصان العضو ، والأصح أنه غير مكروه ، لأن الخصاء يفيد اللحم طيبا ، وينفي عنه الزهومة ، وسوء الرائحة ، وذلك العضو لا يؤكل".أهـ

8 ـ ويحرم على من أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة ، فلا يأخذن من شعره ، ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي ".[رواه مسلم].

9 ـ ولا تصح الأضحية إن ذبحت قبل صلاة العيد لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل هذا فقد أصاب سنتنا ومن نحر فإنما هو لحم يقدمه لأهله ليس من النسك في شيء".[رواه البخاري].
وفي رواية: " من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى ومن لم يذبح فليذبح".
قلت: وتأمل قول الرب ـ عز وجل ـ : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر : 2 ].

10 ـ ومن الإحسان في الذبح : شحذ السكين، وإراحة الذبيحة، وعدم ذبحها أمام أخرى .
فعن شداد بن أوس ، قال : ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، فليرح ذبيحته ".
[رواه مسلم].
وعن عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما أن رجلا أضجع شاة يريد أن يذبحها وهو يحد شفرته ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أتريد أن تميتها موتات هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها ".[ رواه الحاكم وصححه ووافقه الألباني في الصحيحة (24)].

11ـ ويتوجب ذكر الله عليها عند ذبحها، قال الله تعالى : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ اسم الله على مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام}. [الحج : 34].
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ  قال : " ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده ، وسمى وكبر ، ووضع رجله على صفاحهما ".[متفق عليه].
وعنه قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بكبشين أقرنين ، ووضع قدميه على صفاحهما ، وقال : " بسم الله ، والله أكبر".
وتقول أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ  أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بكبش أقرن ...، فأتي به ليضحي به ، فقال لها : " يا عائشة ، هلمي المدية " ، ثم قال : " اشحذيها بحجر " ، ففعلت : ثم أخذها ، وأخذ الكبش فأضجعه ، ثم ذبحه ، ثم قال : " باسم الله ، اللهم تقبل من محمد ، وآل محمد ، ومن أمة محمد ، ثم ضحى به". [رواه مسلم].

12 ـ ولا يشترط الذبح بالنهار فقط على الصحيح كما رجح شيخ الإسلام ووافقه الشيخ العثيمين في شرحه الممتع.

13 ـ ويجوز للمضحي أن يستعين بغيره ليتولى الذبح عنه شريطة أن لا يعطيه الأجرة من الأضحية؛ ولكن إن أعطاه من الأضحية فوق الأجرة فلا شيء عليه إن شاء الله.

14 ـ وله أن يأكل من أضحيته ويدخر منها لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " كلوا وأطعموا وادخروا".[متفق على صحته].

15 ـ لا يجوز بيع لحم الأضحية أو استبدال أجرة الجزار بجلدها، عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قال : " أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه ، وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها ، وأن لا أعطي الجزار منها ". [رواه البخاري ومسلم واللفظ له].

هذا؛ ونسأل الله ـ عز وجل ـ أن يحينا على التوحيد والسنة وأن يتوفانا على الأمر العتيق .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 4 / ذي الحجة / 1435

29 / 9 / 2014


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق