الحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، والصَّلاةُ والسَّلامُ
عَلَى مَنْ لا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وبَعْدُ:
فَإِنَّ "أَحْمَدَ البَدَوِيَّ" مِنْ
أَعْظَمِ أَوْلِيَاءِ الصُّوفِيَّةِ الصَّالِحِينَ لَيْسَ فِي مِصْرَ فَقَطْ، بَلْ
فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ العَالَمِ!
وَمَعَ هَذَا، تَجِدُهم لا يَعْلَمُونَ عَنْ سَيِّدِهِمْ
"أَحْمَدَ البَدَوِيَّ" سِوَى اسْمِهِ ولَقَبِهِ، وَأَنَّهُ مَدْفُونٌ فِي
مَدِينَةِ طَنْطَا بِمِصْرَ.
وَلِأَنَّ تَرْجَمَتَهُ عَزِيزَةٌ، أَحْبَبْتُ
أَنْ أُبَصِّرَ النَّاسَ بِحَقِيقَتِهِ وَعَقِيدَتِهِ!
اسْمُهُ: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ مُحَمَّدٍ البَدَوِيُّ.
وُلِدَ بِمَدِينَةِ فَاسٍ بِالمَغْرِبِ سَنَةَ
596 هـ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 675 هـ.
قَالَ الشَّيْخُ مُصْطَفَى عَبْدُ الرَّازِقِ
-وَكَانَ شَيْخًا لِلْأَزْهَرِ- إِنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى مَخْطُوطَةٍ تُفِيدُ أَنَّ
"أَحْمَدَ البَدَوِيَّ" كَانَ عَلَوِيًّا شِيعِيًّا ،
يَهْدِفُ إِلَى إِرْجَاعِ المُلْكِ العُبَيْدِيِّ، وَأَنَّ وَالِدَهُ كَانَ شِيعِيًّا
إِسْمَاعِيلِيًّا، نَزَحَ مِنَ المَغْرِبِ إِلَى مَكَّةَ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ
"البَدَوِيُّ" سَبْعَ سَنَوَاتٍ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي عَامِ 603 هـ". ذَهَبُوا إِلَى مَكَّةَ فِي هَيْئَةِ حُجَّاجٍ،
يَسْتُرُونَ بِلِحَافِ التَّصَوُّفِ وَالزُّهْدِ، وَكَانَ سَبَبُ رَحْلَتِهِمْ نَشْرَ
دَعْوَتِهِمُ البَاطِنِيَّةِ الضَّالَّةِ، وَاسْتِغْلالَ انْشِغَالِ الخِلافَةِ العَبَّاسِيَّةِ
بِالحُرُوبِ الصَّلِيبِيَّةِ.
وَكَانَ "الحَلَّاجُ" وَ "ابْنُ
عَرَبِيٍّ" وَ "الشَّاذَلِيُّ" مِنْ دُعَاةِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ البَاطِنِيَّةِ
الخَبِيثَةِ.
وَتَأَسَّسَتْ أَوَّلُ نَوَاةٍ لَهُمْ فِي
العِرَاقِ فِي "أُمِّ عُبَيْدَةَ" عَلَى يَدِ "أَحْمَدَ الرِّفَاعِيِّ"،
وَأَرْسَلَ إِلَى مِصْرَ "أَبَا الفَتْحِ الوَاسِطِيَّ" -جَدَّ إِبْرَاهِيمَ
الدَّسُوقِيِّ- فَلَمَّا مَاتَ، جَاءَ "أَحْمَدُ البَدَوِيُّ" لِتَوَلِّي
مَنْصِبِهِ!
فَكَانَ فِي مِصْرَ فِي القَرْنِ السَّادِسِ وَالسَّابِعِ مِنْ هَؤُلاءِ الدُّعَاةِ:
1ـ الدَّسُوقِيُّ بِمَدِينَةِ دَسُوقٍ.
2ـ أَبُو الحَسَنِ الشَّاذَلِيُّ
بِمَدِينَةِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ.
3ـ أَحْمَدُ البَدَوِيُّ
بَيْنَ القَاهِرَةِ وَطَنْطَا.
وَكَانَ هَدَفُهُمْ إِسْقَاطَ الخِلافَةِ العَبَّاسِيَّةِ،
وَنَشْرَ دَعْوَتِهِمُ البَاطِنِيَّةِ التِي كَانُوا يَرْجُونَ بِهَا إِعَادَةَ مُلْكِ
الدَّوْلَةِ العُبَيْدِيَّةِ (الفَاطِمِيَّةِ).
ظَلَّ "أَحْمَدُ البَدَوِيُّ"
عَزَبًا بِدُونِ زَوَاجٍ طَوَالَ حَيَاتِهِ..
تَقُولُ دَائِرَةُ المَعَارِفِ الإِسْلامِيَّةِ
(1/465): ((إِنَّ تَصَوُّفَ البَدَوِيِّ يُشْبِهُ تَصَوُّفَ فِرْقَةِ اليُوجَا الهِنْدِيَّةِ))،
أَيْ فِي التَّبَتُّلِ وَعَدَمِ الزَّوَاجِ.
ظَهَرَتْ أَوَّلُ عَلامَاتِ الوِلايَةِ عَلَيْهِ
عِنْدَمَا كَانَ يَتَعَبَّدُ فِي غَارِ أَبِي قُبَيْسٍ بِمَكَّةَ، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ
المَلائِكَةُ! ثُمَّ جَاءَهُ هَاتِفٌ فِي المَنَامِ، يَقُولُ إِنَّ "أَحْمَدَ
الرِّفَاعِيَّ" وَ "عَبْدَ القَادِرِ الجِيلانِيَّ" يَقُولانِ لَهُ:
((يَا أَحْمَدُ، لَقَدْ جِئْنَا بِمَفَاتِيحِ العِرَاقِ وَاليَمَنِ وَالهِنْدِ وَالسِّنْدِ
وَالرُّومِ وَالمَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ بِأَيْدِينَا! فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَيَّ مِنْهَا
شِئْت أَعْطَيْنَاكَ إِيَّاهُ))، فَقَالَ: ((أَمَّا مِنْكُمَا فَلا، وَلَكِنِّي مَا
أَخَذْتُ المِفْتَاحَ إِلاَّ مِنْ يَدِ الفَتَّاحِ!)).
ذَهَبَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى العِرَاقِ هُوَ وَشَقِيقُهُ
"الحَسَنُ"، فَزَارَا قَبْرَ "الحَسَنِ بْنِ مَنْصُورٍ الحَلَّاجِ"
-الذِي أُعْدِمَ عَامَ 319 هـ بِسَبَبِ زَنْدَقَتِهِ- ثُمَّ اتَّجَهَا إِلَى شِمَالِ
العِرَاقِ لِزِيَارَةِ ضَرِيحِ "عَدِيِّ بْنِ مُسَافِرٍ الهَكَّارِيِّ"
-صَاحِبِ الطَّرِيقَةِ العَدَوِيَّةِ- ثُمَّ تَجَوَّلا فِي المَوْصِلِ، فَلَمْ يُحْسِنِ
الأَكْرَادُ أَهْلُ المِنْطَقَةِ مُعَامَلَتَهُمَا، فَأَشَارَ "الحَسَنُ"
-شَقِيقُ البَدَوِيِّ- بِيَدِهِ وَقَالَ لَهُمْ: ((مُوتُوا بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى!))
فَوَقَعُوا جَمِيعًا عَلَى الأَرْضِ مَوْتَى!، بَيْدَ أَنَّ البَدَوِيَّ حَرِصَ عَلَى
التَّحَلِّي بِخُلُقِ العَفْوِ عِنْدَ المَقْدِرَةِ، فَالْتَفَتَ إِلَى الأَكْرَادِ
المَوْتَى وَقَالَ لَهُمْ: ((قُومُوا بِإِذْنِ مَنْ يُحْيِي المَوْتَى وَيُمِيتُ الأَحْيَاءَ))،
فَدَبَّتْ فِيهِمُ الحَيَاةُ وَنَهَضُوا
جَمِيعًا يُقَبِّلُونَ
أَقْدَامَ البَدَوِيِّ وَالحَسَنِ!.
قُلْتُ: لا تَخْفَى العَدَاوَةُ التِي كَانَتْ
بَيْنَ هَؤُلاءِ البَاطِنِيَّةِ وَالأَكْرَادِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الذِي هَدَمَ الدَّوْلَةَ
العُبَيْدِيَّةَ كَانَ "النَّاصِرَ صَلاحَ الدِّينِ الأَيُّوبِيَّ" -وَكَانَ
كُرْدِيًّا رَحِمَهُ اللهُ- وَقَدْ شَكَرَ لَهُ العُلَمَاءُ ذَلِكَ، وَأَلَّفَ الإِمَامُ
ابْنُ الجَوْزِيِّ حِينَئِذٍ كِتَابًا سَمَّاهُ "النَّصْرُ عَلَى مِصْرَ"،
فَهَذِهِ القِصَّةُ تَخْدُمُ هَذِهِ النُّكْتَةَ خُصُوصًا.
أَمَّا أَمْرُ الإِحْيَاءِ وَالإِمَاتَةِ فَقَدْ
تَكَرَّرَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ!
فَقَدْ ذُكِرَ أَيْضًا أَنَّ "البَدَوِيَّ"
أَمَاتَ سَبْعَةَ آلافِ جَمَلٍ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ مَرَّةً أُخْرَى.
قُلْتُ: يَظْهَرُ جَلِيًّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ
ادِّعَاءُ هَؤُلاءِ لِلْإِلَهِيَّةِ، كَمَا ذَكَرَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ -رَحِمَهُ
اللهُ- فِي تَارِيخِهِ عِنْدَمَا تَكَلَّمَ عَنِ الدَّوْلَةِ العُبَيْدِيَّةِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ فَهْمِي عَبْدُ اللَّطِيفِ فِي
كِتَابِهِ "السَّيِّدُ البَدَوِيُّ وَدَوْلَةُ الدَّرَاوِيشِ": ((إِنَّ هَؤُلاءِ
المُتَصَوِّفَةَ قَالُوا بِإِلَهِيَّةِ الأَئِمَّةِ، وَحُلُولِ الإِلَهِيَّةِ فِيهِمْ،
وَالقَوْلِ بِالقُطْبِ، وَأَشْرَبُوا أَقْوَالَ الشِّيعَةِ)).
نَعُودُ.. رَجَعَ البَدَوِيُّ بَعْدَ هَذِهِ
الرِّحْلَةِ إِلَى "طَنْطَا"، وَسَكَنَ سَطْحَ دَارِ الشَّيْخِ "رُكَيْنِ
الدِّينِ"، وَلَمْ يَأْكُلْ أَوْ يَشْرَبْ لِمُدَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا!!. وَاسْتَمَرَّ
عَلَى السَّطْحِ حَوَالَيْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ
فِي تَسْمِيَةِ الطَّرِيقَةِ السَّطُوحِيَّةِ بِهَذَا الاسْمِ.
وَذَكَرَ الحَافِظُ السَّخَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ
"الضَّوْءُ اللاَّمِعُ": أَنَّ "ابْنَ حَيَّانَ" زَارَ البَدَوِيَّ
يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَلَمَّا فَرَغَ الخَطِيبُ مِنْ خُطْبَتِهِ، وَضَعَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ
البَدَوِيُّ رَأْسَهُ فِي طَوْقِهِ بَعْدَمَا قَامَ وَكَشَفَ عَنْ عَوْرَتِهِ بِحَضْرَةِ
النَّاسِ! وَبَالَ عَلَى ثِيَابِهِ وَعَلَى حَصِيرِ المَسْجِدِ!.
وَذَكَرَ الشَّعْرَانِيُّ -لَهُ ضَرِيحٌ
مَشْهُورٌ فِي مَيْدَانِ بَابِ الشَّعْرِيَّةِ بِالقَاهِرَةِ- فِي كِتَابِهِ
"الطَّبَقَاتُ الكُبْرَى": إِنَّ أَحَدَ المُرِيدِينَ وَيُسَمَّى "عَبْدُ
الحَمِيدِ" أَصَرَّ عَلَى رُؤْيَةِ وَجْهِ البَدَوِيِّ - َكَانَ مُلَثَّمًا لا
يُظْهِرُ إِلاَّ عَيْنَيْهِ كَعَادَةِ البَدْوِ وَلِهَذَا سُمِّيَ بِالبَدَوِيِّ- فَقَالَ
البَدَوِيُّ: ((كُلُّ نَظْرَةٍ بِرَجُلٍ!))، فَقَالَ عَبْدُ الحَمِيدِ: ((رَضِيتُ!))،
فَكَشَفَ لَهُ سَيِّدِي أَحْمَدُ اللِّثَامَ الفَوْقَانِيَّ فَصَعِقَ عَبْدُ الحَمِيدِ
وَمَاتَ فِي الحَالِ. وَقَالَ فِي (1/161): ((لَمَّا دَخَلْتُ
بِزَوْجَتِي فَاطِمَةَ (أُمِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) وَهِيَ بِكْرٌ، مَكَثَتْ خَمْسَةَ
أَشْهُرٍ لَمْ أَقْرَبْ مِنْهَا، فَجَاءَنِي البَدَوِيُّ وَأَخَذَنِي وَهِيَ مَعِي!
وَفَرَشَ لِي فِرَاشًا فَوْقَ رُكْنِ القُبَّةِ التِي عَلَى يَسَارِ الدَّاخِلِ، وَطَبَخَ
لِي حَلْوَى وَدَعَا الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ إِلَيْهَا!!
وَقَالَ: ((أَزِلْ بَكَارَتَهَا هُنَا!))،
فَكَانَ الأَمْرُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ)).
وَقَالَ: "إِنَّ البَدَوِيَّ كَانَ يَتَكَلَّمُ
بِالعَجَمِيَّةِ وَالسُّرْيَانِيَّةِ وَالزَّنْجِيَّةِ وَسَائِرِ لُغَاتِ الوُحُوشِ
وَالطَّيْرِ".
وَأَنَّهُ اعْتَرَضَ رَجُلٌ عَلَى مَا يَحْدُثُ
فِي مَوْلِدِ البَدَوِيِّ مِنَ اخْتِلاطٍ، فَسُلِبَ الإِيمَانَ! فَاسْتَغَاثَ بِالبَدَوِيِّ!!
فَقَالَ: ((بِشَرْطٍ أَلاَّ تَعُودَ!))، قَالَ: ((نَعَمْ))، فَرَدَّ عَلَيْهِ ثَوَابَ
إِيمَانِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: ((مَاذَا تُنْكِرُ عَلَيْنَا؟))، قَالَ: ((اخْتِلاطُ
الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ))، فَقَالَ لَهُ سَيِّدِي أَحْمَدُ: ((وَذَلِكَ وَاقِعٌ فِي
الطَّوَافِ!)).
وَجَاءَ عَنْ "أَحْمَدَ البَدَوِيِّ"
أَنَّهُ قَالَ: ((وَعِزَّةِ رَبِّي مَا عَصَى أَحَدٌ فِي مَوْلِدِي إِلاَّ وَتَابَ
وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ! وَإِذَا كُنْتُ أَرْعَى الوُحُوشَ وَالسَّمَكَ فِي البِحَارِ
وَأَجْمَعُهُمْ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ! أَيَعْجِزُنِي رَبِّي حِمَايَةَ مَنْ يَحْضُرُ
مَوْلِدِي؟!)).
قُلْتُ: وَلِهَذَا تَجِدُ كُلَّ المُوبِقَاتِ فِي
مَوْلِدِ البَدَوِيِّ، مِنْ خِيَامٍ لِمُمَارَسَةِ الفَاحِشَةِ (مع أُخْتِهِ فِي الطَّرِيقَةِ)،
وَشُرْبِ الخَمْرِ (البُوظَةِ)، وَالقِمَارِ (التَّلات وَرَقَاتٍ)، فَكُلُّ شَيْءٍ
مُبَاحٌ فِي مَوْلِدِ البَدَوِيِّ فَـ"البِسَاطُ أَحْمَدِيٌّ"!
بَيْدَ أَنَّ الظَّرِيفَ أَنَّ المُتَصَوِّفَةَ لا
يَتَّخِذُونَ لِأَوْلِيَائِهِمْ مَوْلِدًا إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَفِي الرِّوَايَةِ
السَّابِقَةِ يَقُولُ البَدَوِيُّ: ((وَعِزَّةِ رَبِّي مَا عَصَى أَحَدٌ فِي مَوْلِدِي
إِلاَّ وَتَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ!...))، فَلَعَلَّ هَذَا مِمَّا يَنْحَلُهُ سَدَنَةُ
القَبْرِ لِتَحْفِيزِ النَّاسِ لِشُهُودِ المَوْلِدِ وَالنَّذْرِ لِلْقَبْرِ وَإِنْفَاقِ
المَالِ عَلَى مَجَاذِيبِ البَدَوِيِّ وَخُدَّامِهِ، وَاللهُ المُسْتَعَانُ.
وَمِنْ هَذَا البَابِ أَيْضًا مَا رَوَاهُ
"الجَبَرْتِيُّ": أَنَّهُ فِي عَامِ 1147 هـ شَاعَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ
يَوْمَ القِيَامَةِ سَيَكُونُ فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ 26 مِنْ ذِي الحِجَّةِ! فَأَخَذَ
النَّاسُ يُوَدِّعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيُكْثِرُونَ مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالاسْتِغْفَارِ،
فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ المُحَدَّدُ وَلَمْ تَقُمِ السَّاعَةُ، عَلَّلَ النَّاسُ أَنَّ
البَدَوِيَّ وَالدَّسُوقِيَّ تَشَفَّعَا عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِتَأْجِيلِ السَّاعَةِ
حَتَّى يَشْبَعَ النَّاسُ مِنَ الدُّنْيَا! فَعَقَّبَ الجَبَرْتِيُّ -رَحِمَهُ الله
- قَائِلاً:
وَكَمْ ذَا بِمِصْرَ
مِنَ المُضْحِكَاتِ ..........
وَلَكِنَّهُ ضَحِكٌ كَالبُكَاءِ
هَذَا؛ وَالذِي قَامَ بِبِنَاءِ مَسْجِدِ البَدَوِيِّ:
"عَلِيُّ بِكْ الكَبِيرُ"، وَتَمَّتْ تَوْسِعَةُ المَسْجِدِ فِي عَهْدِ الرَّئِيسِ
السَّادَاتِ.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى
مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وكتب
أَبُو صُهَيْبٍ وَلِيدُ بْنُ سَعْدٍ
القَاهِرَةُ 15 / مُحَرَّمٍ
/ 1436
8 / 11 / 2014
ـ لِهَذَا
الرَّقْمِ (40) لِمَنْ تَتَبَّعَهُ فَلْسَفَةٌ كَبِيرَةٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الفِرَقِ
المُنْحَرِفَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَحَدُ أَئِمَّةِ البِدَعِ -وَالذِي يُقَالُ إِنَّهُ
عَادَ إِلَى السُّنَّةِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ- الحِكْمَةَ وَرَاءَ هَذَا الرَّقْمِ.
أَمَّا مَسْأَلَةُ أَنَّهُ "لَمْ يَأْكُلْ أَوْ
يَشْرَبْ لِمُدَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا" فَهَذَا أَمْرٌ عَادِيٌّ فِي دُنْيَا
التَّصَوُّفِ، فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي تَرْجَمَةِ أَحَدِ أَوْلِيَائِهِمْ "أَنَّهُ
كَانَ يَخْلُو فِي بَيْتِهِ صَامِتًا مُتَفَكِّرًا، وَمَا دَخَلَ حَمَّامًا قَطُّ".
ـ الطَّبَقَاتُ
الكُبْرَى (1/160). انْظُرْ -يَرْحَمُكَ اللهُ- هَلْ هُنَاكَ أَظْهَرُ مِنْ هَذَا عَلَى أَنَّ هَذَا الشَّخْصَ
كَانَ يَدَّعِي الإِلَهِيَّةَ، فَهَذَا هُوَ مَا جَاءَ فِي قِصَّةِ مُوسَى -عَلَيْهِ
وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ
قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ
فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى
صَعِقًا} [الأَعْرَافُ: 143].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق