فتنة
العافية!
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإنه ربما تجد الواحد منا بسبب هذا البرد القارص يتذكر
حال أهلنا في سوريا، ويتأثر بما حل بهم، وما يعانون في مخيماتهم من البرد والمطر
وندرة الطعام و...
ثم تمضي حالة التأثر هذه.. بأن ينتبه
أنه ليس بيده شيء!، فيدعو لهم - إن تذكر ! - ، ويدعو على من هيجيهم على الثورة
وتخريب وطنهم، ثم يقبل على حاله!.
كثير منا ذلك الرجل ..
بيد أن الرجل المشرد الذي يعيش قريبا من شارعنا، لا يختلف حاله عن
هؤلاء، وربما كان أحوج منهم، لأنه لا يجد من يعتني به، مع ما يغلب على هذه الصنف
من الناس من ضعف العقل وعدم الوعي.
والمرء لا يتصور كيف يتأقلم هؤلاء مع العيش على الأرصفة
وتحت الكباري مع الكلاب الضالة وقطاع الطريق؟.
وكيف يقضي أحدهم حاجته، ومنهم نساء عجائز؟!
أمور تجعل ما يعانيه غالب هؤلاء من ضعف العقل وعدم
الوعي منحة ربانية تستحق الشكر.
فمن يستطيع أن يعتني بمثل هؤلاء ، فلا يتأخر..
فربما كان غاية النعيم عند الواحد منهم وجبة ساخنة، أو بطانية تصرف
عنه شيئا من البرد، أو ملابس ثقيلة، أو فرش ينام عليه، أو حتى من يواسيه بكلمة
طيبة أو ابتسامه تذهب عنه بعض ما يعاني!.
ولعل الحكمة من وجود هؤلاء بيننا، وعلى مرأى منا،
أن نتذكر عظيم فضل الله علينا، وما تفضل به علينا من العقل والعافية والستر.
ونسأله سبحانه أن لا نفتن بما متعنا به في الدنيا، فندخل
في عموم قوله :
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ
اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا
السَّبِيلَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ
دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا
الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا}.
وصلى الله على
محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد.
القاهرة ٨ / جمادى الآخرة / ١٤٤٢ هـ
21/ 1 / 2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق