إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 27 مارس 2013

«محمد حسان» و بدعة نساء الخوارج !



محمد حسان وبدعة نساء الخوارج!

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
 قال الإمام البربهاري ـــــ رحمه الله ـــــــ : ((مَثَلُ أصحاب البدع مَثَل العقارب ، يدفنون رؤوسهم وأبدانهم في التراب و يُخرجون أذنابهم ، فإذا تمكّنوا لدَغوا، وكذلك أهل البدع هم مختفون بين الناس فإذا تمكنوا بلغوا ما يريدون)) [طبقات الحنابلة (2 / 41)].
 فرحم الله البربهاريّ الإمام .. ما أبصره بأهل البدع ، فقد رأينا ما ذكره من خروج تلك العقارب علينا بعد ثورات الخريف العربي !! ، من هؤلاء الدعاة الأدعياء الذين ينطقون بكل لسان ! ، ويأكلون على كل مائدة ! ، أصحاب مذهب:
إن تُلْقِكَ الغربةُ في معشر.... قد أجمعوا فيك على بغضهم
فدارهم ما دمت في دارهم.... وأرضهم ما مت في أرضهم


ومن هذه العقارب : الواعظ المصري , صاحب الهوى الحزبي «محمد حسان»، فقد خرج في أول الثورة مقرراً لعقيدة السلف في أن الخروج لا يجوز على أولياء الأمور، وأن هذا حرام، حتى أنه استعان به بني علمان في برامجهم الفضائية !! لكي يٌقنع الناس بالرجوع عن المظاهرات و لاعتصامات !!، بيد أنه لاحظ أن المائدة قد انقلبت على أصحابها، وأن هذه النغمة أصبحت قديمة، وأن فقه الواقع يتطلب تغير الموجة !! ، فلبس ثوب الثوري المجاهد، الذي ليس له همٌ إلا نُصرة الضعيف، والأخذ على يد الظالم ! .وهو رجلٌ فقيه .. يعلم كيف تؤكل الكتف، وكيف يلبس لكل حالة لبوسها ؟! مع استغلاله بالطبع للنصوص الشرعية في نزواته الثورية ..لكنه جاء هذه المرة بجديد !، وهو أنه قال : " أنه سينزل بزوجته إلى المظاهرات ! " ، فلم يكتفي بأنه شارك الخوارج ، بل سن للمسلمين سنة جديدة وهي : الاستعانة بالنساء في الخروج على الحكام !! وقد فُتن بفعله الآلالف من المسلمين، ضاربون عرض الحائط بقوله تعالى لنساء المسلمين : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } ، فامتلأت الميادين بالنساء، مقتفين آثر نساء الشيخ الفقيه !! ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال : "ولكن يعلم أن الضلال لا حد له، وأنه إذا ضلت العقول لم يبق لضلالها حق معقول " [ إبطال وحدة الوجود ص / 118 ].
 فـالواعظــ «محمد حسان» بفعله هذا .. أحيا سنة قديمة للخوارج كانت قد ماتت! وهي : "استخدام النساء في الخروج على الحكام".
 قال ابن الأثير في "الكامل" (3 / 412): "ثم خرج أبو مريم و هو مولى لبني الحارث بن كعب، وقد أحب أن يشرك النساء معه في الخروج؛ إذ كانت معه امرأتان : قطام وكحيلة ، فكان يقال لهم : " يا أصحاب كحيلة وقطام !! " تعبيراً لهم، وقد أراد بهذا أن يسن خروجهن فعابه أبو بلال، فقال له : " قد قاتل النساء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع المسلمين بالشام وسأردهما، فردهما، وكان بموضع يقال له بادوربا فوجه إليه المغيرة جابراً البجلي ، فقاتله حتى قتله وانهزم أصحابه". اهــ
وقال الإمام الطبري في " تاريخه " ( 6 /224-248 ) وهو يتحدث عن شبيب الخارجي : " وقد داهم في عقر داره بالكوفة فقد دخلها هو وأمة غزالة أو زوجته في قول آخر ، وخطبت على منبر الكوفة وفاءً بنذرها ! ".اهــ
وقد قيل أن "غزالة" هذه هي المقصودة بأبيات "عمران بن حطان" الشهيرة عندما واجهت "الحجاج بن يوسف" !
أسَدٌ عليّ وفي الحروبِ نَعامةٌ *** ربداءُ تَجْفُلُ من صفيرِ الصافرِ
هلاَ برزتَ إلى غزالةَ في الوغى *** بلْ كان قلبُكَ في جناحَيْ طائرِ
صَدَعتْ غَزالةُ قلبَهُ بفوارس *** تركتْ منابِرَهُ كأَمسِ الدَّابرِ

وعن أبي يزيد عمرو بن شبه قال : " كان رجل ممن قعد عن الخوارج يُدعى " مجاشعاً بن بكر بن وائل " له زوجة ترى رأيه ، ثم أفسدها رجل حتى رأت رأي الخوارج ، فدعت زوجها إلى ذلك فأبى ، وأبت إلا أن تخرج فخرجت ! ".[ بلاغات النساء للطيوري ص / 179 ].

 وقال ابو العباس المبرد : " كان في القوم كهمس ـــــ الخارجي ـــــــــ وكان من أبر الناس بأمه فقال لها : يا أماه لولا مكانك لخرجت ، فقالت :يا بني قد وهبتك لله ! ". [ أخبار الخوارج ص / 65].
 وقال قال ابن عبد ربه : " أخرج الخوارج معهم امرأة فظفر بها فقتلها ثم عراها ، فلم تخرج النساء بعدها على زياد ، وكن إذا دعين إلى الخروج قلن: لولا التعرية لسارعنا ! ". [ العقد الفريد 1 /222 ]. 
هذا ؛ ونسأل الله عز وجل أن يحفظ بلاد المسلمين من كل مكروه وسوء، وأن يخزي البدعة وأهلها ..والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
 وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد

 

عُذراً أيُها الخوارج !!!



عُذراً أيُها الخوارج !!!
الحمد لله وحده ، والصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
  فإنه من نَكد العيش أن نحيا الى زمان تشتدُ فيه شوكة البدعة ، ويضعُف فيه نور السنة ، ويُفتي فيه الأصاغر ، ويُخونُ فيه الأكابر ، وتختلط فيه الأوراق ؛ فتفسد فيه عقائد الناس .. فيرون السنة بدعة، والبدعة سنة، ويُنكرون الصحيح ، ويقرون الضعيف، و ...
ولكن .. ولله الحمد والمنة مازال في أهل الحق
بقية
، ينفون عن كتاب الله ، وعن سنة رسوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ تحريف الغاليين ، و انتحال المُبطلين ، وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة ، وأطلقوا عنان الفتنة ، الذين يقولون على الله ، و في الله ، وفي كتاب الله بغير علم ، ويكتمون الحق ، ويتكلمون بالمتشابه من الكلام ، يخدعون به جهال الناس بما يشبهون عليهم .

ومما أنخدع به أهل زماننا « بدع الخوارج » من الطعن في ولاة الأمور ، والتشهير بأخطائم على المنابر ، والتهييج عليهم بالتظاهر ، والخروج عليهم في المجالس ، وإيهام العوام أن الخروج لا يكون إلا بالسيف فلا بأس فتكلموا فهذا أفضل الجهاد ، وغيرها من بدع الخوارج .
ولما كان حال هؤلاء الخوارج كسائر المبتدعة يعلمون أنهم لن يسلموا من سهام أهل السنة من الطعن في منهجهم ، وبيان منهج السلف الذي يُخالفهم ، عمدوا إلى حيلة قديمة علمهم إياها قائدهم الأعظم :
﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ [الأنعام: ١٢١]، وهي : رمي أهل السنة بالبدع حتى يكفوا ألسنتهم عنهم ، وهي طريقة من طرق الإرهاب الفكري تسمى: رمتني بدائها ... وانسلت..
قال ابن القيم في "الصواعق المُرسلة"(1): (( ولما أراد المتأولون المُعطلون تمام هذا الغرض اخترعوا لأهل السنة الألقاب القبيحة فسموهم حشوية ، ونوابت ، ونواصب ، ومُجّبْرة ، ومجسمة ، ومشبهة ، ونحو ذلك )) . قلت : وما ذكره الإمام الصابوني في كتابه " عقيدة السلف أصحاب الحديث " في هذا الباب أشهر من أن يُذكر . ولكني وقفت على كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية - عليه الرحمة - ذكر فيه النكتة في المسألة فقال(2): (( وقد صنف أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن درباس الشافعي جزءًا سماه : " تنزيه أئمة الشريعة عن الألقاب الشنيعة " ، ذكر فيه كلام السلف وغيرهم في معاني هذا الباب ، وذكر أن أهل البدع كل صنف منهم يلقب أهل السنة بلقب افتراه ـ يزعم أنه صحيح على رأيه الفاسد ـ كما أن المشركين كانوا يلقبون النبي بألقاب افتروها .فالروافض تسميهم نواصب، والقدرية يسمونهم مجبرة، والمرجئة تسميهم شكاكا، والجهمية تسميهم مشبهة، وأهل الكلام يسمونهم حشوية، ونَوَابت [النَّوابت: الأغمار من الأحداث]. وغثاء، وغُثْرًا [الغُثْر: سَفِلَة الناس]، إلى أمثال ذلك، كما كانت قريش تسمي النبي صلى الله عليه وسلم تارة مجنونًا، وتارة شاعرًا، وتارة كاهنًا، وتارة مفتريًا ، قالوا : فهذه علامة الإرث الصحيح و المتابعة التامة فإن السنة هي ما كان عليه رسول الله صل الله عليه و سلم و أصحابه اعتقاداً و اقتصاداً وقولاً وعملاً ...)) اهـ 
 قلت : وبالفعل انبعث أشقاهم فأخرج من قاموس البدع كلمة " الإرجاء " يرمي بها كل من لا يوافقهم في تكفير الحكام بإطلاق ، أو تكفير تارك الصلاة بلا تفصيل ، أو غيرها من الأمور التي لأهل السنة فيها تأصيل معروف من " إقامة الحجة ، ونفي الشبهة ، ... " ولقد رأينا لهذا الفعل ثمرة عند العوام " والعوام كالهوام أتباع كل ناعق " ، فكل من جهر بعقيدة السلف في معاملة الحكام يرميه العوام بأنه من المرجئة أو المداخلة أو الجامية أو غيرها من الألقاب ، والأمر كله ليس إلا :

رمتني بدائها ... وانسلت..

بيد أن العجب العجيب، والنبأ الغريب أن خوارج هذا العصر لم يكتفوا لأنفسهم بـ " البدعة " فقط ، بل أصروا على استصحاب " الحماقة " معها، فلم يجدوا في قاموس البدع إلا بدعة الإرجاء ليرموا بها مخالفيهم ظناً منهم أن المرجئة لا يُكفرون الحكام ، ولا يرون الخروج عليهم وربما جعلوا زنادقة الحكام أولياء ! . وبما أن للحماقة رجال ، وللحقيقة أبطال ، فالحق على خلاف ذلك فإن المرجئة يرون الخروج على الحكام ولا يشترطون له كفر السلطان مثل الخوارج .
  • روى ابن شاهين عن سفيان الثوري : أنه قال : اتقوا هذه الأهواء المضلة ، قيل له : بين لنا - رحمك الله - فقال سفيان : أما المرجئة فيقولون ... ذكر شيئاً من أقوالهم إلى ان قال : وهم يرون السيف على أهل القبلة(3).
  • وقيل لإبن المبارك - رحمه الله - : ترى رأي الإرجاء ؟ فقال : " كيف أكون مرجئاً ، فأنا لا أرى السيف " (4).
  • وروى عبد الله بن أحمد في " السنة " بإسناد صحيح عن أبي إسحاق الفزاري قال : سمعت سفيان والأوزاعي يقولون : إن قول المرجئة يخرج الى السيف(5).
  • - وروى الصابوني في " عقيدة السلف أصحاب الحديث " بإسناده الصحيح الى أحمد بن سعيد الرباطي أنه قال : قال لي عبد الله بن طاهر: يا أحمد إنكم تبغضون هؤلاء القوم - يعني المرجئة - جهلاً ، وأنا أبغضهم عن معرفة ، أولاً : أنهم لا يرون للسلطان طاعة(6).
قلت : لأنهم يرون الخروج على الأئمة بلا تكفير ، ولهذا قال فيهم إبراهيم النخعي :" الخوارج أعذر عندي من المرجئة"(7)، وذلك لأن الخوارج لا تخرج إلا بعد أن تُكفر .
  • وقال إبراهيم النخعي - رحمه الله - أيضاً: لفتنة المرجئة على هذه الأمة أخوف عندي من فتنة الأزارقة(8)
قلت : والأزارقة هم ( فرقة من فرق الخوارج أصحاب نافع بن الأزرق وقولهم أخبث الأقاويل وأبعده من الإسلام والسنة ) .
  • وكان عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود مرجئاً ثم رجع فأنشد يقول :
لأول ما نُفارق غير شكٍ .. . نفارق ما يقول المرجئونا
وقالوا : مؤمن و أهل جور... وليس المؤمنون بجائرينا
وقالوا : مؤمن دمه حلال.. . وقد حُرمت دماء المؤمنينا(9)
  • وقال إسحاق بن إبراهيم تعقيباً على حديث " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ... قالوا يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف ؟ قال : لا ما أقاموا فيكم الصلاة ..."، قال إسحاق : ( والسنة عليه ، وفيها هلاك المرجئة )(10).
وقبل الختام فلكم هدية من إمام أهل السنة الإمام المبجل أحمد بن حنبل -رحمه الله-: فقد روى عنه أنه قال :"المرجئة هم الخوارج".
قال أبو الحسين بن أبي يعلى في " طبقات الحنابلة " ( 1 / 34 - 36 ) :وقد رأيت لأهل الأهواء والبدع والخلاف أسماء شنيعة قبيحة يسمون بها أهل السنة يريدون بذلك عيبهم والطعن عليهم ، والوقيعة فيهم ، والإزراء بهم عند السفهاء والجهال؛ فأما المرجئة فأنهم يسمون أهل السنة شُكَّاكاً وكذبت المرجئة بل هم بالشك أولى ... إلى أن قال : وأما الخوارج فإنهم يسمون أهل السنة والجماعة مرجئة وكذبت الخوارج في قولهم بل هم المرجئة يزعمون أنهم على إيمان وحق دون الناس ومن خالفهم كافر. أ هـ قلت : ورحم الله من قال المبتدعة اختلفوا في الاسم ، واجتمعوا على السيف .
فـ"عذراً أيها الخوارج" .. أنتم المرجئة ، ونحن على ما نحن عليه من السنة
،وهذا ما ندين الله به فعرفونا قولكم الذي به تقولون ، وديانتكم التي بها تدينون.
وصلى الله على محمد و على آله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة، الأحد 23/محرم/1433
18/ديسمبر/2011

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) الصواعق المرسلة لابن القيم ( 2 /440 )
(2) مجموع الفتاوى ( 5 /111 )
(3) رواه ابن شاهين في الكتاب اللطيف ( 15 ) ، الآجُري في الشريعة ( 2062 ) ، اللالكائي في شرح أصول الإعتقاد ( 1834 ) .
(4) رواه ابن شاهين في الكتاب اللطيف ( 17 ) ، ومختصر مستخرج الطوسي حديث رقم ( 17 ) تحقيق أنيس بن أحمد طاهر الأندونوسي.
(5) السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل ( 363 ) .
(6) عقيدة السلف أصحاب الحديث ( 109 ) للصابوني .
(7) السنة لعبد الله بن أحمد حديث ( 623 ) .
(8) رواه الخلال في السنة ( 963 )
(9) شرح أصول الإعتقاد لاللالكائي حديث ( 1501 ) .
(10) مستخرج أبي عوانة حديث ( 5774 ) .

ملاحظة:


  • عُذراً أيُها الخوارج !!! هي مقدمة في الرد على جماعة الإخوان المسلمين.
تم التصريح باسماء من عُرض بهم هنا في مقال :" «المدخلية» و «الجامية» فرية إخوانية "

 

المدخلية والجامية فرية إخوانية !




الـبـيـان قبـل وصول الإخوان ( 7 )
«المدخلية» و «الجامية» فرية إخوانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

   فإن أهل الأهواء والبدع قومٌ ضربت عليهم الذلة، ولو مُكِّنوا لمسخوا الملة. ولذا، فإن سهام أهل السنة والأثر لهم بالمرصاد، وهي سهامٌ لا تترك من أصول أهل البدع شيئًا إلا جعلته كالرميم.

    وللمبتدعة حيلٌ وطرقٌ يَتحصنون بها لصدِّ هذه السهام أو تفاديها.

    فمن ذلك: أنهم تارةً يَبتدعون شعاراتٍ عريضة وعباراتٍ موهمة، يَبثونها بين الناس كأنها أثرٌ محفوظ، والعمل بها تمسكٌ بصلب الدين! وغرضهم الوحيد منها: أن يُدافع عنهم عوام المسلمين، وعن بدعهم بهذه العبارات والشعارات دون تفكير أو روية.

ومن تلك الشعارات والعبارات قولهم:

"إذا حَكَمْتَ حُوكِمْتَ، وإذا دعوتَ أُجِرْتَ!".

وقولهم: "نُصحِّح ولا نُجرح!".

وقولهم: "نَبني ولا نَهدم!".

وقولهم: "لمصلحة من إسقاط الرموز؟!".

وبالطبع القاعدة الذهبية الماسونية الإخوانية:"نَجتمع فيما اتَفقنا عليه، ويَعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه!".

فهذه حيلة، ولهم حيل أخرى، منها:

   إلصاق تهمةٍ بأهل السنة الخُلَّص بنسبتهم إلى شخصٍ سوى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ليظن السامع أن هؤلاء جماعةٌ يتحمسون لقول شيخهم، ويقاتلون على شخصه، كسائر الفرق الضالة.
   وقديمًا، سموا أهل السنة: "حنابلة" نسبة إلى الإمام أحمد بن حنبل، و"بربهارية" نسبة إلى الإمام البربهاري صاحب "شرح السنة"، وقالوا: "وهابية" نسبة إلى الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، رحمهم الله جميعًا.
    ومن حيلهم أيضًا: إحياء بدعةٍ عقائدية يَتناولونها بالتأليف والتصنيف حتى يُقال: ومن أعلم الناس بها منهم؟! ثم يبدؤون برمي أهل السنة بهذه البدعة!

   ومن أشهر الأمثلة في العصر الحديث على ذلك، رميهم أهل الحديث والأثر ببدعة الإرجاء!، فقد انبعث أشقاهم، المدعو "محمد قطب"، منظّر جماعة الإخوان المسلمين، الذي أرسله أخوه "سيد قطب" إلى أرض الحجاز ليُعِدَّ هذه البلاد لغزو الفكر الإخواني الخارجي.
    فكان من خطة "محمد قطب" للنيل من الدعوة السلفية، وإفساد دعوة التوحيد، أن تناول بدعة الإرجاء بالتصنيف والتأليف
، وأزاح عنها غبار الزمان ليحييها مرة أخرى، كما تجده في كتبه:"الصحوة الإسلامية"، و"التفسير الإسلامي للتاريخ"، و"واقعنا المعاصر".

   بل لم يكتفِ بذلك، فوسوس لأحد طلابه ممن له قبولٌ في العالم السني السلفي، وحالُه يخفى على كثير من الخلق (1)، فأخرج كتابه المشهور: "ظاهرة الإرجاء"!

فكان أول سهمٍ أطلقه القوم، مُلطخًا بتهمة الإرجاء، من نصيب شيخ المحدثين في العصر الحديث، وأحد أئمة السنة، العلامة الشيخ "ناصر الدين الألباني" -رحمه الله-.
    وللأسف الشديد، كان لهم ما أرادوا، واشتهرت هذه الفرية بأن الشيخ ناصر يميل إلى الإرجاء! أو أنه وافق المرجئة!، حتى وصل الأمر إلى أن سُئل عن هذه الفرية فقيه الزمان، العلامة العثيمين -رحمه الله- فردَّ بمقولته المشهورة: "قائل هذا الكلام إما أنه لا يَعرف الإرجاء، وإما أنه لا يَعرف الألباني". اهـ

     قلت: وهذه الحيلة، رمي المبتدعة أهل السنة والأثر بالبدعة لتنفير الناس عنهم، سنةٌ قديمة.

    قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، سمعت أبي يقول: "وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر، وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل

 السنة حشوية يريدون إبطال الآثار، وعلامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة!، وعلامة القدرية تسميتهم أهل الأثر مجبرة!، وعلامة المرجئة تسميتهم أهل السنة مخالفة وَنُقْصَانِيَّة!، وعلامة الرافضة تسميتهم أهل السنة ناصبة!، ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد، ويَستحيل أن تجمعهم هذه الأسماء"(2).

    قلت: والذي يَدفع المبتدع إلى هذا الفعل هو نقمته على أهل السنة لكونهم على السنة؛ لأن وجود الشريف بين اللصوص يَفضحهم، كما أن وجود العفيفة بين البغايا يفضحهن.
وفي الأثر عن عثمان بن عفان-رضي الله عنه- أنه قال:"ودت الزانية لو زانَتِ النساء جميعًا".

   فالمبتدعة يرمون أهل السنة بالبدعة لتتساوى الرؤوس، وهيهات!، فالسنة نور وهيبة يُحسد عليها صاحبها، وكأن للمبتدعة في هذا الشأن لهم نصيبًا في قول الله تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ [البقرة: 109]. 
   وتُعد جماعة الإخوان المسلمين، ومن لَفَّ لفَّها، صاحبة الراية في العصر الحديث في نبذ أهل الحديث والأثر بالفظائع، فتارةً يصفونهم بالجمود والرجعية، أو أنهم يسكنون كوكبًا آخر، لجهلهم بالواقع! وتارة أخرى يَنعتونهم بأنهم "علماء حيض ونفاس".

   ولهم في ذلك سلف، ولكل قوم وارث.

   ففي "الاعتصام" للشاطبي (2 /239): "عن إسماعيل بن عُلية، قال: حدثني اليَسَع، قال: تكلم واصل بن عطاء يومًا -يعني المعتزلي-، فقال عمرو بن عبيد: ألا تسمعون؟ ما كلام الحسن وابن سيرين -عندما تسمعون- إلا خرقة حيض ملقاة.

   وروى أن زعيمًا من زعماء أهل البدعة كان يريد تفضيل الكلام على الفقه، فكان يقول: "إن علم الشافعي وأبي حنيفة جملته لا يخرج من سراويل امرأة!".

   قال الشاطبي -رحمه الله- معقبًا: "هذا كلام هؤلاء الزائغين، قاتلهم الله".اهـ
   هذا، وقد تسرب إلى مفردات المبتدعة في زماننا، وظهر على ألسنة العوام قولهم عن أهل السنة الخُلَّص:أنهم "جامية"! نسبة إلى الشيخ المحدِّث "محمد أمان الجامي" -رحمه الله- المدرس بقسم الحديث بالجامعة الإسلامية.
    وقولهم: "مدخلية"! نسبة إلى الشيخ المحدِّث "ربيع بن هادي المدخلي" -حفظه الله_(3)، رئيس قسم السنة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سابقًا.
   وأوضح دليل على أن تلقيب أهل السنة بـ"الجامية" و"المدخلية"، أنها حيلة شيطانية وفرية إخوانية، أن هؤلاء المبتدعة بثوها بين الناس لتنفير الناس من علم الشيخين ومن سار على دربهما، تحقيقًا لغرضهم الذي بيَّناه آنفًا، "اتقاء سهام هؤلاء العلماء التي لا تذر مبتدعًا ضالًا إلا أصابته".

   فإن للشيخين جهدًا معلومًا في التحذير من أهل البدع، من درويش وحركيين وحزبيين وغيرهم، فضلاً عن اهتمامهما ببسط مسائل الاعتقاد شرحًا وتأليفًا.

  وهذا من أشد الأسلحة على المبتدعة، لأن الناس إذا ظهرت فيهم السنة، ماتت البدعة، وهؤلاء المبتدعة كالطفيليات، تتغذى على غيرها،فلو تداوى الناس بالسنة، لتعافوا من البدعة، ولماتت البدعة وأهلها.
   فالمسألة عند المبتدع قضية حياة أو موت.

   ولا يعلم الطعن في الشيخين إلا من نهج منهج المبتدعة، أما عند العلماء، فلا يُعرفان إلا بأطيب الثناء. 
 فقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-:
"الشيخ محمد أمان: معروفٌ لديَّ بالعلم والفضل وحسن العقيدة، والنشاط في الدعوة إلى الله سبحانه، والتحذير من البدع والخرافات(4)، غفر الله له، وأسكنه فسيح جناته، وأصلح ذريته وجمعنا وإياكم وإياه في دار كرامته إنه سميع قريب".اهـ
    وقال فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان:
"الشيخ "محمد أمان" كما عرفته: إن المتعلمين وحملة الشهادات العليا المتنوعة كثيرون، ولكن قليل منهم من يُستفيد من علمه ويُستفاد منه، والشيخ "محمد أمان الجامي" هو من تلك القلة النادرة من العلماء الذين سخَّروا علمهم وجهدهم في نفع المسلمين، وتوجيههم بالدعوة إلى الله على بصيرة من خلال تدريسه في الجامعة الإسلامية، وفي المسجد النبوي الشريف، وفي جولاته في الأقطار الإسلامية الخارجية، وتجواله في المملكة لإلقاء الدروس والمحاضرات في مختلف المناطق، يدعو إلى التوحيد، وينشر العقيدة الصحيحة، ويوجِّه شباب الأمة إلى منهج السلف الصالح، ويحذِّرهم من المبادئ الهدامة والدعوات المضللة.
   ومن لم يعرفه شخصيًا فليعرفه من خلال كتبه المفيدة، وأشرطته العديدة التي تتضمن فيضًا مما يحمله من علم غزير ونفع كثير".(5)
    وقال فضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد-حفظه الله-: 
"عرفتُ الشيخ "محمد أمان بن علي الجامي" طالبًا في معهد الرياض العلمي، ثم مدرِّسًا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في المرحلة الثانوية، ثم في المرحلة الجامعية.
   عرفته حسن العقيدة سليم الاتجاه، وله عناية في بيان العقيدة على مذهب السلف، والتحذير من البدع وذلك في دروسه ومحاضراته وكتاباته، غفر الله له ورحمه وأجزل له المثوبة". اهـ 
 وأما الشيخ ربيع المدخلي-حفظه الله-:

   فقد قال فيه العلامة الألباني -رحمه الله-: "إن حامل راية الجرح والتعديل اليوم في العصر الحاضر، وبحق: هو أخونا الدكتور ربيع؛ والذين يردُّون عليه لا يردون عليه بعلم أبدًا، والعلم معه..."(6).

   وقال العلامة ابن باز -رحمه الله-: "وإخواننا المشايخ المعروفون في المدينة ليس عندنا فيهم شك، هم أهل العقيدة الطيبة، ومن أهل السنة والجماعة، مثل الشيخ "محمد أمان بن علي"، ومثل "الشيخ ربيع بن هادي"، أو مثل الشيخ "صالح بن سعد السحيمي"، ومثل الشيخ "محمد بن هادي"، كلهم معروفون لدينا بالاستقامة والعلم والعقيدة الطيبة". (7)
   قلت: وثناء العلماء على الشيخين "الجامي" و"المدخلي" كثير، يستطيع أن يقف عليه كل منصف بسهولة.

  ويبقى أمرٌ يُلبِّس به المبتدعة على عوام أهل السنة، وهو قولهم: إن الشيخين خلطا بين الجرح والتعديل الذي هو في رواة الحديث، وبين التحذير من بعض الدعاة وطلبة العلم. 
   فنقول: إن أهل العلم اتفقوا على وجوب الرد على المخالف، والتحذير من كل مخالف للسنة، ولم يشترطوا أن يكون المخالف من أهل الحديث، بل يكفي أن يكون ممن يتكلم في دين الله، فيضل بكلامه خلقًا.

   فنجد الإمام المبجل "أحمد بن حنبل"-رحمه الله-، ردَّ على الجهمية، وكتب الإمام "الدارمي" في الرد على بشر المريسي، وما اشتهر شيخ الإسلام "ابن تيمية" إلا بالرد على أهل البدعة؛ بل كان يَرد على من يفتي بغير علم، وكان شديد الإنكار عليهم.

   قال ابن القيم -رحمه الله-: "وكان شيخنا، أي: ابن تيمية، شديد الإنكار على هؤلاء، فسمعته يقول: قال لي بعض هؤلاء: أجعلت مُحتسبًا على الفتوى؟ فقلت له: يكون على الخبازين والطباخين مُحتسب، ولا يكون على الفتوى مُحتسب؟!"(8). 
    هذا، وقد بيَّن الإمام ابن بطة(9) الحكمة من وجوب الرد على المخالف،    فقال: "أنا أذكر طرفًا من أسمائهم وشيئًا من صفاتهم؛ لأن لهم كتبًا قد انتشرت ومقالات قد ظهرت، لا يعرفها الغرُّ من الناس ولا النشء من الأحداث، تخفى معانيها على أكثر من يقرؤها. 

   فلعل الحدث يقع إليه الكتاب لرجل من أهل هذه المقالات، قد ابتدأ الكتاب بحمد الله والثناء عليه والإطناب في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم أتبع ذلك بدقيق كفره وخفي اختراعه وشرِّه، فيظن الحدث الذي لا علم له، والأعجمي الغُمْر من الناس أن الواضع لذلك الكتاب عالم من العلماء أو فقيه من الفقهاء، ولعله يعتقد في هذه ما يراه فيها عبدة الأوثان ومن بارز الله ووالى الشيطان". اهـ

   قلت: فهذا ما كان عليه سلف هذه الأمة: التحذير من أهل البدع والأهواء، وكل من تصدر للكلام في دين الله بغير علم، وهي سنةٌ في الأمة قائمة إلى يوم الدين.
 والخلاصة:

   إن تسمية أهل السنة بـ"الجامية" أو "المدخلية"(10) ليست إلا أسلوبًا يستخدمه المبتدعة من قديم لصرف الناس عن الحق الذي عليه أهل السنة، وتنابزٌ بالألقاب سيسألون عنه يوم القيامة.
   
وإن تنظيم الإخوان المسلمين هو أول من سنَّ هذه السنة الخبيثةفي هذا العصر، انتقامًا من الشيخين لكونهما أول من كشف زندقة الأب الروحي للتنظيم "سيد قطب" وأخرجا من كتبه سبه للأنبياء ، كسبه لـ "موسى وسليمان وداود" -عليهم السلام-، وتكفيره لجماعة من الصحابة، منهم: عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-؛ وسبه لجماعة أخرى على رأسهم "عثمان بن عفان" -رضي الله عنه-، وقوله: إنه قُتل بحق، وأن الخوارج الذين قتلوه كانوا يحملون روح الإسلام.

   هذا فضلاً عن قول "سيد قطب" بوحدة الوجود، وخلق القرآن، والإلحاد في أسماء الله وصفاته، والقول بما كان عليه الجهمية والمعتزلة في الإيمان، ومدحه للنصرانية واليهودية والاشتراكية، وزعمه أن دين الإسلام خليط من كل هذا.

   فالشيخ "ربيع المدخلي" -رحمه الله-، له أكثر من كتاب كشف فيه هذا الضلال من كتابات "سيد قطب"، وطالب أخاه "محمد قطب" منذ أكثر من ثلاثين سنة بحذف هذا الضلال من كتبه، لكن المشبوه رفض.

   فالعداء للشيخ ربيع والشيخ الجامي إنما كان لأنهما فضحا "سيد قطب"، الأب الروحي للجماعات التكفيرية والحزبية في هذا العصر، فاجعل هذا على ذُكر.  

   هذا، والله هو المسؤول أن يرزقنا الهدى المستقيم والدين القويم، وأن يسلمنا من الهوى والفهم العقيم.
 والله وحده هو الهادي والموفق للصواب.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. 


 جمع وترتيب: أبو صهيب وليد بن سعد

الإثنين 16/شوال/1433هـ

03/سبتمبر/2012
 

 الهامشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) :الخارجي سفر الحوالي. 
(2): 
شرح أصول الاعتقاد للالكائي، حديث: 285.
(3): 
وقد توفي الشيخ "ربيع بن هادي المدخلي" -رحمه الله- يوم الأربعاء 14 محرم 1447هـ، الموافق 9 يوليو 2025م، بعد هذا المقال بنحو ثلاثة عشر عامًا، غفر الله له وأسكنه فسيح جناته.

(4): سبحان الله!، يمدحه العلماء بما يذمه به أهل البدعة، فتأمل!. 
(5): 
في كتابه المؤرخ 3/3/1418هـ.

(6): من شريط بعنوان "الموازنات" برقم (86) من تسجيلات طيبة بالمدينة النبوية، وانظر مدارك النظر ص/293 ط. التاسعة.
(7): 
من شريط توضيح البيان؛ وانظر المدارك ص/377.
(8): 
 إعلام الموقعين عن رب العالمين (4 / 167)، ط / الكتب العلمية.
(9): في 
الشرح والإبانة، ص/348.

(10): وكذلك تسميتهم:"رسلانية"! نسبة للشيخ المحدث محمد سعيد رسلان -حفظه الله- ، أو ما سيحدثوه بعدُ.

لماذا بنو أمية ؟!

  لماذا بنو أمية ؟!

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد :

فقد خرج علينا منذ فترة أحد الكُذّاب الصحفيين يُدعى (علاء الأسواني) بمقالة فيها انتقاص للخلافة الإسلامية بعموم، ثم خص أمير المؤمنين "عثمان بن عفان" - رضي الله عنهببعض التهم والبلايا منها: أنه كان من الظلمة الجبابرة.. وهذا سبب خروج الناس عليه وقتله !!، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بنبش نعشه وتكسير عظامه بعد موته!!..هذا ما كتبه هذا الكاذب الصحفي، الذي اسأل الله القوي العزيز أن يعامله بعدله.
    وظن البعض أن هذه حلقة جديدة من الحرب على أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ونحن لا نختلف على هذا؛ ولكننا ننبه أن هذه أيضاً حرب خاصة على بني أمية تحديداً، بدأت منذ زمانٍ بعيد، فقد اتهم " الجاحظ " قديماً " معاوية بن أبي سفيان " - رضي الله تعالى عنهبالكفر في رسالة له في كتاب (النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم ) للمقريزي ص / 94 ، وقال "عباس محمود العقاد " في كتابه ( معاوية بن أبي سفيان في الميزان ) ص / 66 : ( ولو حاسبه التاريخ ( يعني : معاوية ) حسابه الصحيح لما وصفه بغير " مفرق الجماعات " ) ، وقال صاحب الظلال – قبحه اللهفي كتابه ( كتب وشخصيات ) ص / 242 : ( إن معاوية وعمراً لم يغلبا علياً لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس ، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب، ولكن لأنهما طليقان في استخدام كل سلاح، وهو ( يعني : علياً ) مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع، وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب، والغش، والخديعة، والنفاق، والرشوة، وشراء الذمم، لا يملك علي ان يتدلى الى هذا الدرك الأسفل فلا عجب أن ينجحا ويفشل، وأنه لفشلٌ أشرف من كل نجاح !! )، وتابعهم على ذلك " خالد محمد خالد " في كتابه ( خلفاء الرسول ) ص / 558 قال: ( إن معاوية في الشام كان يحض الناس على سب علي وشتمه ) وذكر ألفاظاً سيُسأل عنها يوم القيامة .
ولعل هذه النقول لم يُذكر فيها إلا معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما – ولكن هم ما أرادوا إلا بني أمية، وهذا واضح في قول سيد قطب - قبحه اللهفي كتابه ( العدالة الاجتماعية في الإسلام ) ص / 172 قال : ( فلما أن جاء معاوية وصيَّر الخلافة الإسلامية ملكاً عضوضاً في بني أمية لم يكن ذلك من وحي الإسلام، إنما كان من وحي الجاهلية، فأمية بصفة عامة لم يعمر الإيمان قلوبها، وما كان الإسلام إلا رداءً تخلعه وتلبسه حسب المصالح والملابسات) اﻫـ .فتراه رمى بني أمية على بكرة أبيها بالنفاق والتستر بالإيمان من أجل الدنيا والسلطان .


ولكن..لماذا بنو أمية تحديداً ؟
يقول الحافظ "ابن كثير" – عليه الرحمة – : " كانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية ، ليس لهم شغل إلا ذلك، وقد أذلوا الكفر وأهله ، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعباً، لا يتوجه المسلمون إلى قطرٌ من الأقطار إلا أخذوه " اهــ .
 وقال غيره: "ولا يُعلم لعائلة حكمت كان لها فضل على بني الإنسان مثل عائلة بني أمية ! فلبني أمية أيادٍ بيضاء على أمة الإسلام منذ فجر الدعوة وحتى يوم القيامة ، فعثمان بن عفان الأموي هو الذي جمع القرآن، وأم المؤمنين الأموية " أم حبيبة بنت أبي سفيان " – رضي الله عنها - يكفيها ما نقلت لنا من سنن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومعاوية بن أبي سفيان الأموي هو الذي كتب الوحي من صدر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وعبد الله بن سعيد بن العاص بن أمية كان أحد شهداء بدر الثلاثة عشر، ويزيد بن أبي سفيان الأموي هو فاتح لبنان وقائد جيوش الشام، ويزيد بن معاوية الأموي هو قائد أول جيش يغزو القسطنطينية (مدينة قيصر)، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم)[البخاري] ، وبني أمية فيهم خالد بن يزيد الأموي مكتشف علم الكيمياء، وبني أمية فيهم فاتح الشمال الإفريقي عقبة بن نافع الأموي - رحمه الله -، وبني أمية فيهم عمر بن عبد العزيز الأموي، وقبة الصخرة بناها عبد الملك بن مروان الأموي، والأندلس فتحها الأمويون، وأرمينيا، وأذربيجان، وجورجيا فُتحت على أيدٍ أموية، وتركيا فتحها الأمويون، وأفغانستان، وباكستان، والهند، وأوزباكستان، وتركمانستان، وكازخستان كلها دخلت في الإسلام على ظهور خيول أموية، وحمل بنو أمية الإسلام إلى أوربا، فالأندلس فتحها الأمويون، وجنوب فرنسا أصبحت أرضاً إسلامية فقط في زمن مجاهدي بني أمية، وأنقذ عبد الرحمن الداخل الأموي الأندلس من الدمار، وكان عبد الرحمن الناصر الأموي من أعظم ملوك الأرض، ونشر بنو أمية رسلهم في أصقاع الأرض يدعون الناس الى دين الله، فوصلت رسل الأمويين إلى الصينيين الذين أسموهم بـ ( أصحاب الملابس البيضاء )، وفي عهد بني أمية أنتشر العلم وساد العدل أرجاء الخلافة، وبدأ جمع الحديث النبوي في حكم بني أمية، وبنو أمية هم الذين عربوا الدواوين، وهم الذين صكوا العملة الإسلامية، وهم أول من بنى أسطول إسلامي في التاريخ، ووصلت الخلافة الإسلامية في عهد الوليد بن عبد الملك الأموي إلى أكبر أتساع لها في تاريخ الإسلام، فكان الآذان في عهد بني أمية يرفع في جبال الهملايا في الصين، وفي أدغال أفريقيا السوداء، وفي أحراش الهند، وعند حصون القسطنطينية، وعند أبواب باريس، وفي مرتفعات البرتغال، وعلى شواطئ بحر الظلمات، وعند سهول جورجبا، وعند سواحل قبرص ترفف على قلاع تلك البلدان رايات بيضاء مكتوبٌ عليها ( لا اله إلا الله، محمدٌ رسول الله )، هي رايات بني أمية، فجزاهم الله خيراً لما قدموه للإسلام والمسلمين.
وأظن الآن أصبحت الصورة واضحة لماذا الطعن في بني أمية خاصة، وللحديث تتمة إن قدر الله وشاء .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
جمع وترتيب
أبو صهيب وليد بن سعد
 القاهرة / السبت: 23/رجب/ 1432 ه
ـ25/يونيو/2011

قبل أن يُذبح المنهج ...


 قبل أن يُذبح المنهج ...




الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبى بعده، وبعد:
أولاً : هو سبيلٌ واحد :

قال الله عز وجل : ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[الأنعام : 153].
وروى أحمد، والنسائي، وغيرهما جميعا عن عبد الله بن مسعود قال :(( خط لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خطاً
، فقال : "هذا سبيل الله" ، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله، ثم قال: "وهذه سُبل على كل سَبيل منها شيطان يَدعو إليه "، ثم تلا : ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾)).
وذكر الطبري في كتاب (آداب النفوس): بسنده ...عن معمر عن أبان أن رجلا سأل عبد الله بن مسعود: ما الصراط المستقيم؟ قال: تركنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أدناه، وطرفه في الجنة، وعن يمينه جواد، وعن يساره جواد (جمع : جادة، وهو الطريق )، وثَمَّ رجال يدعون من مرَّ بهم فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة ، ثم قرأ ابن مسعود:
﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً. [نقلاً من تفسير القرطبي] .
 
وروى ابن بطة فى الإبانة الكبرى ( 165 ) عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: ((أيها الناس إنه لا عذر لأحد بعد السنة فى ضلالة ركبها حسبها هدىً، ولا في هدىً تركه حسبه ضلالة، فقد بُيِّنت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر)) .

 
وعند ابن بطة أيضاً ( 189 ) عن عبد الله بن مسعود أنه قال: (( يجيء قوم يتركون من السنة مثل هذا ( يعنى : مَفْصِل الأنملة ) فإن تركتموهم جاءوا بالطامة الكبرى)) .

 
وروى الإمام محمد بن نصر المروزي فى السنة ( 81 ) عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ((إنكم اليوم على الفطرة، وإنكم ستُحدثون، ويحدَثُ لكم، فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالهدى الأول)) .

 
وقال شيخ الإسلام ابن تيمة كما في مجموع الفتاوى ( 4 /57 ): ((وَعَامَّةُ هَذِهِ الضَّلَالَاتِ إنَّمَا تَطَرُّقُ مَنْ لَمْ يَعْتَصِمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَمَا كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ : كَانَ عُلَمَاؤُنَا يَقُولُونَ : " الِاعْتِصَامُ بِالسُّنَّةِ هُوَ النَّجَاةُ " ، وَقَالَ مَالِكٌ " السُّنَّةُ سَفِينَةُ نُوحٍ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ " . وَذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ وَالشَّرِيعَةَ وَالْمِنْهَاجَ : هُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ الَّذِي يُوَصِّلُ الْعِبَادَ إلَى اللَّهِ . وَالرَّسُولُ : هُوَ الدَّلِيلُ الْهَادِي الْخِرِّيتُ فِي هَذَا الصِّرَاطِ )). أ.هـ

 
وقال شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف وأصحاب الحديث ص / 297 : ((العلم هو السنة ، و الجهل هو البدعة)) .

 
ثانيا :
﴿وَمَا رَبُّكَ بظلام لّلْعَبِيدِ[فصلت : 46] :
قال الله تعالى :
﴿فَلَمَّا زَاغُواْ أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ[الصف : 5]، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ فى تفسيره ( 6 / 82 ) : ((ولذلك يجب أن يُعلم أن من أشد عقوبات الذنوب أن يعاقب الإنسان بمرض القلب والعياذ بالله، فالإنسان إذا عوقب بهلاك حبيب أو فقد محبوب من المال، فهذه عقوبة لا شك، لكن إذا عوقب بانسلاخ القلب فهذه العقوبة أشد ما يكون؛

 يقول ابن القيم :
 والله ما خوفي الذنوب فإنها لعلى طريق العفو والغفران
  وإنما أخشى انسلاخ القلب من تحكيم هذا الوحي والقرآن 
 هذا هو الذي يخشاه الإنسان العاقل، أما المصائب الأخرى فهي كفارات وربما تزيد العبد إيماناً)). أهـ
 
وفي الحلية ( 8455 ) عن عطاء بن أبى رباح ـ رحمه الله ـ قال : ((بلغنا أن الشهوة والهوى يغلبان العلم والعقل والبيان)) .

 
وروى أبو نعيم فى الحلية ( 15559 ) عن أبى الحسين بن هند الفارسي قال : ((المتمسك بكتاب الله هو الملاحظ للحق على دوام الأوقات، والمتمسك بكتاب الله لا يخفى عليه شيء من أمر دينه، بل يجري فى أوقاته على المشاهدة لا الغفلة، فيأخذ الأشياء مَعْدنِها ويضعها فى مَعْدنِها )).

 
وقال الإمام الشافعي كما فى الحلية (13337 ) : ((ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلها منَّي إلا هبته واعتقدت مودته، ولا كابر أحد على الحق ودفع الحجة الصحيحة إلا سقط من عيني ورفضته)) .

 
وروى الخطيب فى الفقيه والمتفقه ( 1150 ) عن إياس بن معاوية أنه قال : ((إن البناء إذا بُني على غير أُسِّ لم يكد يَعتدل)) .
والأُس : الأصل.

 
وقال الحسن البصرى ـ رحمه الله ـ كما عند أبو نعيم فى الحلية ( 1825 ) : ((إن العالم يرى الفتنة وهي مقبلة، ويراها الجاهل وهي مدبرة)).

 
ثالثا :
﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَ‌هُمْ وَرُ‌هْبَانَهُمْ أَرْ‌بَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ[التوبة: ٣١]:

روى الخطيب البغدادي في ( الفقيه والمتفقه ) عن ابن عباس ـ عليه الرضوان ـ قال ( 380 ) :(( تمتع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( أي : في مناسك الحج ) فقال عروة بن الزبير : نهى أبو بكر وعمر عن المتعة ، فقال ابن عباس : أراكم ستهلكون !! أقول : قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتقولون : أبو بكر وعمر!. (وفي رواية) : هذا الذي أهلككم، والله ما أرى إلا سيعذبكم .
فقال عروة : هما والله كانا أعلم بسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأتبع لها منك)) .
قال الخطيب : قد كان أبو بكر وعمر على ما وصفهما به عروة، إلا أنه لا ينبغي أن يُقَلَّدَ أحدٌ في ترك ما ثبتت به سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

 
وروى ابن عبد البر ( 980 ) عن الإمام مالك ـ رحمه الله ـ أنه قال : ((إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكلما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وكلما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه)) .

 
وعند أبي نعيم فى الحلية ( 4007 ): ((كان ربيعة بن أبي عبد الرحمن يوماً جالساً فغطى رأسه، ثم اضطجع فبكى، فقيل له : ما يبكيك ؟! قال : رياء ظاهر، وشهوة خفية، والناس عند علمائهم كالصبيان في حجور أمهاتهم، ما أمروهم به ائتمروا، وما نهوهم عنه انتهوا )). أهـ

 
وعن صالح بن مهران كما فى الحلية أنه قال ( 15726 ) : ((كل صاحب صنعة لا يَقدر أن يعمل في صناعته إلا بآلة، وآلة الإسلام العلمُ، وإذا رأيت العالم لا يَتورع في علمه فليس لك أن تأخذ منه)) .

 
وسُئل سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ كما فى الحلية ( 9315 ) : ((أيُّ شيء شر ؟! قال : اللهم غَفراً، العلماء ـ (أي : إذا فسدوا) )) .

 
وروى ابن أبي شيبة في المصنف في كتاب الفتن عن حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ قال ( 38725 ) :((إن أخوف ما أخاف عليكم أن تؤثروا ما ترون على ما تعلمون، وأن تضلوا وأنتم لا تشعرون )).

 
وعند ابن أبى شيبة فى المصنف ( 38498 )، وصححه الحاكم فى المستدرك عن حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ قال :
((إذا أحب أحدكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا، فلينظر فإن كان رأى حلالاً كان يراه حراماً فقد أصابته الفتنة، وإن كان يرى حراماً كان يراه حلالاً فقد أصابته)) .

 
وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ كما عند الدارمي ( 193 ) قال : ((كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يَهرم فيها الكبير ويربو فيها الصغير، إذا ترك منها شيء، قيل : تركت السنة، قالوا: ومتى ذلك؟ قال: إذا ذهبت علماؤكم، وكثرت جهلاؤكم، وكثرت قراؤكم، وقَلت فقهاؤكم، وكثرت أمراؤكم، وقَلت أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة، وتفقه لغير الدين)) .

 
وروى ابن أبي شيبة فى المصنف من كتاب الفتن ( 38361 )، عن هلال بن خبَّاب قال : سألت سعيد بن جبير : ما علامة هلاك الناس ؟! قال : ((إذا هلك علماؤهم)) .

قيل لهلاك العلماء وجوه :
 أولها : موتهم، كما في حديث قبض العلم بقبض العلماء وهو في الصحيحين .
والوجه الثاني: أن يشتروا بآيات الله ثمناً قليلا ً، ويشتروا الدنيا بالآخرة، فيهلك الناس بهلاكهم .

 
والوجه الثالث: إذا حادوا بالناس عن المنهج القويم والصراط المستقيم الذي كان عليه سلفنا الصالح، وقالوا بآرائهم وقدّموها على قول الصحابة، ومن تبعهم بإحسان من الأئمة، فابتدعوا في الدين ما ليس منه.

 
و أخيراً : جماعة واحدة لا جماعات: 

روى أحمد فى مسنده ( 21607 )، وابن خزيمة في صحيحه ( 1486 ) عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : ((عليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية)) .

 وعند ابن ماجة بسند صححه الألباني ( 3989 ) عن عوف بن مالك، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، وسبعون في النار، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار ))، قيل : يا رسول الله من هم؟ قال : (( الجماعة ))، وفي رواية : سئل ـ صلى الله عليه و سلم ـ عن صفة هذه الجماعة فقال : ((ما أنا عليه وأصحابي)) .
 
 يقول الشيخ بكر أبو زيد في (حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب ص / 107): ((الإسلام مبني على الوحدانية، فالرب الخالق المعبود واحد، والرسول واحد، والقبلة واحدة، والحق واحد، فالدعوة إلى ذلك واحدة بسبيل واحدة، والمسلمون حزب واحد، قال تعالى:
﴿
أولئك حِزْبُ الله أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ المفلحون[ المجادلة : 22 ] . أهـ
 
قلت: ومعلوم أن تعدد السُبل بتعدد الأحزاب حلٌّ لعُرى الجماعة، وتبديد للسبيل إلى سُبل بينهما من الاختلاف والاضطراب ما هو معلوم، ولهذا يتوجب على أهل هذه الجماعة التماس طريق سلفهم الصالح حتى يَعودوا بالمسلمين مرة أخرى إلى الخلافة الراشدة بعيداً عن أهواء الناس من تلك الحزبيات والبدع .
أخرج أحمد في المسند ( 18406 )، وصححه الشيخ ناصر الدين فى الصحيحة ( 5 ) عن حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
((تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ـ يعنى : طريق النبوة ـ ، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً ـ أي : وِراثيا ـ فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرية، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت.
فلن تعود الأمة إلى الخلافة الراشدة، والحكم بشريعة الرحمن إلا بالتماس منهاج النبوة، والثبات عليه، والإيمان أنه لا سبيل سواه، والتبرؤ من المناهج المخالفة له التى يُزين لها شياطين الإنس والجنِّ.
فنسأل الله بكرمه ولطفه الثبات على هذا المنهاج حتى الممات، وأن يتوفانا على الأمر العتيق.
وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
جمع وترتيب
أبو صهيب وليد بن سعد

 القاهرة، الاثنين 26 ربيع الثاني 1433 هـ
 19/مارس/2012