إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 27 مارس 2013

المدخلية والجامية فرية إخوانية !




الـبـيـان قبـل وصول الإخوان ( 7 )
«المدخلية» و «الجامية» فرية إخوانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
     فأهل الأهواء والبدع أقوام ضربت عليهمُ الذلة ولو مُكنوا لمسخوا الملة، ولذا سهام أهل السنة والأثر لهم بالمرصاد، وهي سهام ما تذرُ من أصول أهل البدع شيئًا أتت عليه إلا جعلته كالرميم.
   وللمبتدعة حيل وطرق لصدّ هذه السهام أو لتفاديها.
 فتراهم تارة يُحدثون شعارات عريضة، وعبارات موهمة، يبثونها في الناس كأنها أثر محفوظ، والعمل بها تمسك بصُلب الدين!، وغرضهم الأوحد منها: دفاع عوام المسلمين عنهم وعن بدعهم بهذه العبارات والشعارات من غير تفكير ولا روية.
ومن تلك الشعارات و العبارات قولهم: 
"إذا حَكمْتَ حُوكمت، وإذا دعوتَ أُجِرت !".
وقولهم : " نُصحح و لا نُجرح!".
و قولهم : " نبني ولا نهدم !".
وقولهم: " لمصلحة من إسقاط الرموز؟!".
وبالطبع القاعدة الذهبية الماسونية الإخوانية : " نجتمع فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه!".
فهذه حيلة؛ ولهم حيل أخرى، منها :
إلصاق أهل السنة الخُلصّ باسم شخص سوى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليَظُن السامع أن هؤلاء جماعة يتحمسون لقول شيخهم، ويقاتلون على شخصه.. كسائر الفرق الضالة، وقديمًا سموا أهل السنة: "حنابلة " نسبة للإمام أحمد بن حنبل ، وسموهم: " بربهارية " نسبة للإمام البربهاري ـ صاحب شرح السنة ـ، وقالوا: "وهابية " نسبة للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب ـ رحمهم الله جميعًا ـ

     ومن حيلهم أيضًا: إحياء بدعة عقائدية يتناولونها بالتأليف والتصنيف حتى يُقال: ومن أعلم الناس منهم بها ؟!؛ ثم يبدؤون رمي أهل السنة بهذه البدعة!.

   ومن أشهر الأمثلة في العصر الحديث على ذلك، رميهم أهل الحديث والأثر ببدعة الإرجاء!.
فقد انبعث أشقاهم المدعو: محمد قطب ـ مُنظر جماعة الإخوان المسلمين ـ بتناول بدعة الإرجاء بالتصنيف والتأليف، وأزاح عنها غبار الزمان ليحييها مرة أخرى، كما تجده في كتبه: "الصحوة الإسلامية، والتفسير الإسلامي للتاريخ، وواقعنا المعاصر".
   بل لم يكتفي بهذا، فوسوس لأحد طلابه ممن له قبول في العالم السني السلفي ـ و حاله يخفى على كثير من الخلق ـ (1) فاخرج كتابه المشهور :
" ظاهرة الإرجاء"! .
   فكان أول سهم أطلقه القوم مُلطخ بتهمة الإرجاء من نصيب شيخ المحدثين في العصر الحديث العلامة : "ناصر الدين الألباني" ـ رحمه الله ـ ؛ وللأسف الشديد كان لهم ما أرادوا، واشتهرت هذه الفرية بأن الشيخ "ناصر" يميل للإرجاء!، أو أنه وافق المرجئة!، حتى وصل الأمر إلى أن سُئل عن هذه الفرية، فقيه الزمان العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ فرد بمقولته المشهورة : " قائل هذا الكلام إمّا أنه لا يعرف الإرجاء، وإمّا أنه لا يعرف الألباني".اهـ
قلت: وهذه الحيلة ـ رَمْيُ المبتدعة أهل السنة والأثر بالبدعة من أجل تنفير الناس عنهم ـ سنة قديمة.
قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، سمعت أبي يقول : " وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر، وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الآثار. وعلامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة!، وعلامة القدرية تسميتهم أهل الأثر مجبرة!. وعلامة المرجئة تسميتهم أهل السنة مخالفة وَنُقْصَانِيَّة! . وعلامة الرافضة تسميتهم أهل السنة ناصبة! . ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد، ويستحيل أن تجمعهم هذه الأسماء " . اهـ [شرح أصول الاعتقاد للالكائي، حديث: 285].

    قلت: والذي يدفع المبتدع لهذا الفعل = أنه يَنقم على أهل السنة أنهم على السنة؛ لأن وجود الشريف وسط اللصوص يفضحهم، كما أن وجود العفيفة وسط البغايا يفضحهن ..وفي الأثر عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: " ودت الزانية لو زانت النساء جميعا".

   فالمبتدعة يرمون أهل السنة بالبدعة حتى تتساوى الرؤوس! .. وهيهات .. فاللسنة نور وهيبة يُحسد عليها صاحبها؛ وكأن للمبتدعة نصيب في قوله الله ـ تعالى ـ : ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ [البقرة: 109].

     وتُعدّ جماعة الإخوان المسلمين ـ ومن لف لفها ـ صاحبة الراية في العصر الحديث في نبز أهل الحديث والأثر بالفظائع، فتارة يصفونهم : بالجمود والرجعية .. أو أنهم يسكنون كوكبًا آخر!، فيجهلون الواقع !؟
وأخرى : أنهم علماء حيض ونفاس
ولهم في ذلك سلف .. و لكل قومٍ وارث .
      ففي الاعتصام للشاطبي ( 2 / 239 ) : "عن إسماعيل بن علية، قال: حدثنى اليسع، قال: تكلم واصل بن عطاء يومًا -يعنى: المعتزلى-، فقال عمرو بن عبيد: ألا تسمعون؟ ما كلام الحسن وابن سيرين - عندما تسمعون- إلا خرقة حيض ملقاة.
    وروى أن زعيمًا من زعماء أهل البدعة كان يريد تفضيل الكلام على الفقه، فكان يقول: "إن علم الشافعي وأبى حنيفة جملته لا يخرج من سراويل امرأة!".
قال الشاطبي ـ رحمه الله ـ معقبًا: " هذا كلام هؤلاء الزائغين، قاتلهم الله".اهـ

     هذا؛ وقد تسرب من مفردات المبتدعة في زماننا، وأصبح على لسان العوام قولهم على أهل السنة الخُلص: أنهم " جامية "! نسبة للشيخ المحَدث "محمد أمان الجامي" ـ رحمة الله عليه ـ المدرس بقسم الحديث بالجامعة الإسلامية ، أو "مداخلة"! نسبة للشيخ المحَدث "ربيع بن هادي المَدخلي" ـ حفظه الله ـ رئيس قسم السنة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سابقًاـ 

    وأوضح دليل على أن تلقيب أهل السنة بـ "الجامية أو المداخلة" هو حيلة شيطانية وفرية إخوانية..  بثها هؤلاء المبتدعة بين الناس من أجل تنفير الناس في علم الشيخين، ومن سار على ضربهما، من أجل غرضهم الذي بيناه أنفًا وهو: "أن يتقوا سهام هؤلاء العلماء التي لا تذرُ مبتدعًا ضالًا إلا وأصابته". فإن للشيخين جهدٌ معلوم في التحذير من أهل البدع من درويش، وحركيين، وحزبيين، وغيرهم .. فضلًا عن اهتمامهما ببسط مسائل الاعتقاد شرحًا وتأليفًا، وهذا من أشد الأسلحة على المبتدعة، لأن الناس إن ظهرت فيهم السنة = ماتت فيهم البدعة، وهؤلاء المبتدعة كالطفيليات تتغذى  على غيرها. فلو تداوى الناس بالسنة لتعافوا من البدعة، ولماتت البدعة وأهلها، فالمسألة عند المبتدع قضية حياة أو موت.
ولا يعلم الطعن في الشيخين إلا من نهج المبتدعة، أما عند العلماء.. فلا يعرفان إلا بأطيب ثناء.

     فقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ :
"الشيخ محمد أمان : معروفٌ لديَّ بالعلم والفضل وحسن العقيدة، والنشاط في الدعوة إلى الله سبحانه، والتحذير من البدع والخرافات(2) ، غفر الله له، وأسكنه فسيح جناته، وأصلح ذريته وجمعنا وإياكم وإياهه في دار كرامته إنه سميع قريب".[9 /1 /1418ه]ـ

    وقال فضيلة الشيخ الدكتور/ صالح بن فوزان الفوزان:
"الشيخ محمد أمان كما عرفته: إن المتعلمين وحملة الشهادات العليا المتنوعة كثيرون, ولكن قليلٌ منهم من يستفيد من علمه ويستفاد منه، والشيخ محمد أمان الجامي هو من تلك القلة النادرة من العلماء الذين سخَّروا علمهم وجهدهم في نفع المسلمين، وتوجيههم بالدعوة إلى الله على بصيرة من خلال تدريسه في الجامعة الإسلامية، وفي المسجد النبوي الشريف، وفي جولاته في الأقطار الإسلامية الخارجية، وتجواله في المملكة لإلقاء الدروس والمحاضرات في مختلف المناطق، يدعو إلى التوحيد، وينشر العقيدة الصحيحة، ويوجِّه شباب الأمة إلى منهج السلف الصالح، و يحذِّرهم من المبادئ الهدامة والدعوات المضللة. ومن لم يعرفه شخصيًا فليعرفه من خلال كتبه المفيدة، وأشرطته العديدة التي تتضمن فيض ما يحمله من علم غزير ونفع كثير".[في كتابه المؤرخ 3 /3 /1418هـ].

     وقال فضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد ـ حفظه الله ـ :
"عرفتُ الشيخ محمد أمان بن علي الجامي طالبًا في معهد الرياض العلمي، ثم مدرِّسًا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في المرحلة الثانوية، ثم في المرحلة الجامعية. عرفته حسن العقيدة سليم الاتجاه، وله عناية في بيان العقيدة على مذهب السلف، والتحذير من البدع وذلك في دروسه ومحاضراته وكتاباته، غفر الله له ورحمه وأجزل له المثوبة" .اهـ

   أما الشيخ "ربيع المدخلي" ـ حفظه الله ـ :
فقد قال فيه العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ : " إن حامل راية الجرح والتعديل اليوم في العصر الحاضر، وبحق : هو أخونا الدكتور ربيع؛ والذين يردُّن عليه لا يردون عليه بعلم أبدًا، والعلم معه... (3)"اهـ
وقال العلامة ابن باز ـ رحمه الله ـ : " وإخواننا المشايخ المعروفون في المدينة ليس عندنا فيهم شك، هم أهل العقيدة الطيبة، ومن أهل السنة والجماعة، مثل الشيخ مُحمد أمان بن علي، ومثل الشيخ ربيع بن هادي، أو مثل الشيخ صالح بن سعد السحيمي، و ... مثل الشيخ محمد بن هادي ، كلهم معرفون لدينا بالاستقامة والعلم والعقيدة الطيبة". [من شريط توضيح البيان ؛ وانظر المدارك ص/ 377 ].

     قلت : وثناء العلماء على الشيخين "الجامي والمدخلي" كثير يستطيع أن يقف عليه كل منصف بسهولة.
    ويتبقى أمر يُلبس به المبتدعة على عوام أهل السنة، وهو قولهم: أن الشيخان خلطا بين الجرح والتعديل الذي هو في رواة الحديث، وبين التحذير من بعض الدعاة، وطلبة العلم (4).

     فنقول: أن أهل العلم اتفقوا على وجوب الرد على المخالف؛ والتحذير من كل مخالف للسنة، ولم يشترطوا أن يكون المخالف من أهل الحديث، ولكن يكفي أن يكون ممن يتكلم في دين الله، فيضل بكلامه خلق. فنجد الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ رد على الجهمية ، وكتب الإمام الدارمي في الرد على بشر المريسي، وما اشتهر شيخ الإسلام ابن تيمية إلا بالرد على أهل البدعة؛ بل كان يرد على من يُفتي بغير علم، وكان شديد الإنكار عليهم .
  قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ :" وكان شيخنا أي : ابن تيمية، شديد الإنكار على هؤلاء فسمعته يقول: قال لي بعض هؤلاء : أجعلت مُحتسبًا على الفتوى؟ فقلت له: يكون على الخبازين والطباخين مُحتسب، ولا يكون على الفتوى مُحتسب ؟! ".

     هذا؛ وقد بين الإمام ابن بطة في ( الشرح و الإبانة ص/ 348 ) الحكمة من وجوب الرد على المخالف فقال :
" أنا أذكر طرفًا من أسمائهم وشيئًا من صفاتهم؛ لأن لهم كتبًا قد انتشرت ومقالات قد ظهرت، لا يعرفها الغرُّ من الناس ولا النشء من الأحداث، تخفى معانيها على أكثر من يقرؤها. فلعل الحدث يقع إليه الكتاب لرجل من أهل هذه المقالات، قد ابتدأ الكتاب بحمد الله والثناء عليه والإطناب في الصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم أتبع ذلك بدقيق كفره وخفي اختراعه وشرّه، فيظن الحدث الذي لا علم له، والأعجمي الغُمْرُ من الناس أن الواضع لذلك الكتاب عالم من العلماء أو فقيه من الفقهاء، ولعله يعتقد في هذه ما يراه فيها عبدة الأوثان ومن بارز الله ووالى الشيطان " . اهـ .
فهذا الذي كان عليه سلف هذا الأمة = التحذير من أهل البدع والأهواء، وكل من تصدر للكلام في دين الله بغير علم، وهي سنة في الأمة قائمة إلى يوم الدين.

فالخلاصة:
أن تسمية أهل السنة بـ" الجامية أو المداخلة"(5) ليس سوى أسلوب يستخدمه المبتدعة من قديم لصرف  الناس عن الحق الذي عليه أهل السنة، وتنابز بالألقاب سيسألون عنه يوم القيامة.
هذا، والله هو المسئول أن يرزقنا الهُدىَ المستقيم والدين القويم، وأن يُسلمنا من الهوى والفهم العقيم. والله وحده هو الهادي والموفق للصواب .
وصلى الله على محمد وعلى اله و صحبه وسلم .
جمع وترتيب
أبو صهيب وليد بن سعد
الاثنين 16/شوال/1433هـ
03/سبتمبر/ 2012

الهامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الخارجي سفر الحوالي
(2): يمدحه العلماء ـ رحمه الله ـ بما يذمه به أهل البدع. فتأمل!.
(3): من شريط بعنوان الموازنات برقم : ( 86 ) من تسجيلات طيبة بالمدينة النبوية ؛ وانظر مدارك النظر ص/ 293 طـ التاسعة.
(4): الكلام هنا يقصدون به الشيخين، وينصرف إلى سائر أهل السنة.
(5): كذا "رسلانية"! نسبة للشيخ المحدث محمد سعيد رسلان، أو "فركوسية"! نسبة للشيخ الفقية محمد علي فركوس ـ حفظهما الله ـ .



هناك تعليقان (2):