إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 27 مارس 2013

عور الديمقراطية !!

 

عوار الديمقراطية!

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فإنه قد كثير الكلام في الآونة الأخيرة عن الديمقراطية، وأنها الحل الأمثل الذي يَكفل الحرية والمساواة بين أفراد الشعب، وأن من أخذ بها نجا!، ومن حاد عنها هلك!، وأنها السبيل الوحيد لرفع الظلم والفساد وجور الحكام عن البلاد والعباد!! .
وإن من لم يُقر بهذا فليس له في الفهم نصيب، ولا في النظر حظ، وإنما هو رجعى وبدائي، وليس من النخبة ولا من المتنورين، إلى غير هذا مما تصوره الآلة الإعلامية.
وهذه عدة نظرات حيادية في النظرية الديمقراطية، المقصود منها عرض جوانب من الديمقراطية لا يُسلط عليها الضوء، وهذا عملا بالقاعدة الإعلامية الديمقراطية " الرأي والرأي الأخر".

أولا : يُعرفون الديمقراطية "بالسيادة الشعبية"، يعنى: أن الشعب هو الحاكم !، ولذلك يقولون: أن الديمقراطية هي حكم الشعب للشعب!، وحسب الفكر الديمقراطي أن الحكم المعتد به هنا للأغلبية التي قامت بعملية التصويت للقرارات، والتي استُثني منها ما هو دون السن القانوني (18 سنه!)، أو المتهم في بعض القضايا التي يحددها القانون، والتي من الممكن أن يُلغى هذا القانون فيما بعد فيصبح المتهم بريئا وله الحق في التصويت!.
وعليه: فإن الشعب هنا ليس هو الحاكم، بل الحاكم هنا هو طائفة منه (الأغلبية)، والتي من المُشاهد تدخل أطراف خارجية في تشكيل رأى الأغلبية هذه، كالترسانة الإعلامية التي تَعمل على صناعة وتشكيل الرأي العام، والتأثير على قناعات أفراد الشعب، أو نتيجة الاتفاق على تقسيم المغانم بين الفئات المؤثرة في المجتمع .
فيكون الأمر في المنتهى لصاحب التأثير على رأى الأغلبية.

ثانيا: ولو تجاوزنا هذه النقطة وقلنا : أنه قد حصل الإجماع من الشعب على هذا القانون، فإن هذا الإجماع لا يَدوم، فبعد مدة من الزمن قد يَرجع بعض هؤلاء ولا يستمرون على موقفهم الأول، وتظهر عليهم رغبات تغير ما اقروه أولا، وهنا تَمنع بعض الدساتير الديمقراطية عملية التغير هذه – فيما يسمى بالدساتير الجامدة - وبعضها يَضع قيودا شديدة على عملية التغير مما يتعذر معه في أحيان كثيرة إمكانية التغير مما يعنى إهمال الإرادة الشعبية الحادثة!، وهو ما يَهدم الأصل الأول، وهو: حكم الأغلبية!! .

ثالثا : ولو تجاوزنا هذه النقطة أيضا، ونظرنا إلى الدستور الذي أقرته الأغلبية، فإنه بعد جيل أو جيلين يكون الذين اقروا هذا الدستور رميمًا تحت التراب، وهذا يعنى إثبات السيادة والإرادة لأناس أموات، وهو مايعنى في الوقت نفسه إن الأحياء محكمين بإرادة الموتى، وليس بإرادتهم، فأين السيادة الشعبية في هذه ؟!.

رابعا : ولو تجاوزنا مره أخرى هذه النقطة، فإن الذين كانوا غير مؤهلين عند التصويت في المرة الأولى لأنهم كانوا دون السن القانوني (18 سنه)، قد صاروا بعد زمن رجالاً لهم جزء من السيادة الديمقراطية!، فأين تأثير هذه السيادة الحادثة على الدستور والقوانين المنبثقة عنه في أدارة البلاد، فضلا عن ما الذي جعل السن القانوني (18 سنه)؟ ولماذا ليس(17سنه) مثلا ؟!
يقولون: هذا قانون تم طرحه، وتم التصويت عليه.
فنقول: وهل طرح غيره ؟ فكان أمام المصوتين أكثر من خيار ؟!
خامسا: ولو تجاوزنا هذه أيضا، فلماذا تنفرد طائفة من الشعب بسن القوانين دون غيرها ويكون على غيرها الموافقة أو الرفض ؟! ، أليس في هذا نوع من الجور والظلم والحجر على عقول الآخرين ؟!
قالوا: هؤلاء هم النخبة، وهؤلاء هم أصحاب العقول المستنيرة، وهم الفقهاء.. وغير ذلك .
نقول: من الذي قرر أن هؤلاء هم النخبة والفقهاء وغير ذلك ؟!
هل تم الاقتراع بين الشعب عليهم ؟!
ولاشك أن هذا من الاستبداد بالرأي الذي لا ترضه الديمقراطية.

سادسا: ولو تجاوزنا هذه النقطة أيضا، ونظرنا إلى الجانب المشرق من الديمقراطية (زعموا)،أن الديمقراطية كفلت الكثير من الحقوق والحريات التي تتحقق بها إنسانية الإنسان، كحرية العقيدة والحرية الشخصية، وحق المشاركة السياسية، وحق الاستقلال في الرأي، وحرية التفكير والتنقل والتعليم .. وغيرها .
قلنا: فلماذا نرى خطوطاً حمراء في الدول التي اتخذت من الديمقراطية مرشدا وهاديا في بعض القضايا التي تخالف هذه الحقوق والحريات، مثل التعرض للمحرقة اليهودية (الهولوكوست!)، ولم نَرى حتى مجرد مناقشة لهذه القضية من باب الترف الفكري؟! .
وأيضا: لماذا تخالف الدول الراعية للديمقراطية، والتي تريد تصديرها للعالم أجمع لهذه الحقوق والحريات فنرى مخالفة كحرية العقيدة، والحرية الشخصية في فرنسا مثلا، فإنها قد سنت قانوناً يمنع على النساء المسلمات لبس النقاب في الأماكن العامة ومن يخالف يتعرض للقضاء ، أم هي حرية ... فقط؟! .

سابعا: ولو تجوزنا هذه أيضا، وقلنا: إن المحصلة النهائية للديمقراطية هي جلب السعادة لأفراد المجتمع في الدنيا.
فلماذا يَكثر عدد المنتحرين والمكتئبين نفسياً، والقانطين من هذه الحياة الدنيا في أكثر الدول تبنى لهذه النظرية الديمقراطية السعيدة؟!

ثامنا: ولا تجاوزنا هذه أيضا، وقلنا: يكفى في الديمقراطية التعددية الحزبية والتي تَكفل في ظهور الحق والكفاح من أجله! .
فلماذا دائما يتصارع حزبان فقط على السلطة في الدول الديمقراطية ؟
فترى الجمهوري والديمقراطي في أمريكا، والعمال والمحافظين في بريطانيا، والعمل والليكود في إسرائيل ؟!
ثم تتحول باقية الأحزاب إلى فسيفاء سياسية!! .

تاسعا: ولو تجاوزنا هذه أيضا، وقلنا: إن أهم ثمار الديمقراطية في المجتمعات الغربية التي مارست الديمقراطية، وهى بالنسبة لنا مثالا حياً على صحة وصواب هذه النظرية، لو قلنا أن أهم هذه الثمار هي إعطاء المرأة حقوقها ومساواتها بالرجل في كل شيء!! .
فلماذا لم نرى ولو مرة واحدة امرأة على رأس الرئاسة الأمريكية أُمّ الديمقراطية في العالم ؟!

عاشرا: ولو تجاوزنا كل ما مر ذكره، وقلنا: إن الأصل في النظرية الديمقراطية هو الوصول لشكل مثالي يحدد العلاقة بين الناس بعضهم البعض، ويتحاكمون إليه فيما بينهم .
قلت: أليس من الحق إرجاع الناس إلى خالقهم، الذي يَعلم سرهم ونجواهم، وما فيه سعادتهم وشقاهم { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }.[الملك: 14].
فيتحاكم الناس فيما بينهم إلى الملك، العدل، الخبير، اللطيف، التواب، الرحيم، العزيز، الحميد، الحكم...
{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}. [المائدة:50].

فتلك عشرة كاملة، والله المسئول أن يهدينا سبيل الرشاد

وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد

 القاهرة 12 / 2 / 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق