إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 27 مارس 2013

عُذراً أيُها الخوارج !!!



عُذراً أيُها الخوارج !!!
الحمد لله وحده ، والصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
  فإنه من نَكد العيش أن نحيا الى زمان تشتدُ فيه شوكة البدعة ، ويضعُف فيه نور السنة ، ويُفتي فيه الأصاغر ، ويُخونُ فيه الأكابر ، وتختلط فيه الأوراق ؛ فتفسد فيه عقائد الناس .. فيرون السنة بدعة، والبدعة سنة، ويُنكرون الصحيح ، ويقرون الضعيف، و ...
ولكن .. ولله الحمد والمنة مازال في أهل الحق
بقية
، ينفون عن كتاب الله ، وعن سنة رسوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ تحريف الغاليين ، و انتحال المُبطلين ، وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة ، وأطلقوا عنان الفتنة ، الذين يقولون على الله ، و في الله ، وفي كتاب الله بغير علم ، ويكتمون الحق ، ويتكلمون بالمتشابه من الكلام ، يخدعون به جهال الناس بما يشبهون عليهم .

ومما أنخدع به أهل زماننا « بدع الخوارج » من الطعن في ولاة الأمور ، والتشهير بأخطائم على المنابر ، والتهييج عليهم بالتظاهر ، والخروج عليهم في المجالس ، وإيهام العوام أن الخروج لا يكون إلا بالسيف فلا بأس فتكلموا فهذا أفضل الجهاد ، وغيرها من بدع الخوارج .
ولما كان حال هؤلاء الخوارج كسائر المبتدعة يعلمون أنهم لن يسلموا من سهام أهل السنة من الطعن في منهجهم ، وبيان منهج السلف الذي يُخالفهم ، عمدوا إلى حيلة قديمة علمهم إياها قائدهم الأعظم :
﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ [الأنعام: ١٢١]، وهي : رمي أهل السنة بالبدع حتى يكفوا ألسنتهم عنهم ، وهي طريقة من طرق الإرهاب الفكري تسمى: رمتني بدائها ... وانسلت..
قال ابن القيم في "الصواعق المُرسلة"(1): (( ولما أراد المتأولون المُعطلون تمام هذا الغرض اخترعوا لأهل السنة الألقاب القبيحة فسموهم حشوية ، ونوابت ، ونواصب ، ومُجّبْرة ، ومجسمة ، ومشبهة ، ونحو ذلك )) . قلت : وما ذكره الإمام الصابوني في كتابه " عقيدة السلف أصحاب الحديث " في هذا الباب أشهر من أن يُذكر . ولكني وقفت على كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية - عليه الرحمة - ذكر فيه النكتة في المسألة فقال(2): (( وقد صنف أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن درباس الشافعي جزءًا سماه : " تنزيه أئمة الشريعة عن الألقاب الشنيعة " ، ذكر فيه كلام السلف وغيرهم في معاني هذا الباب ، وذكر أن أهل البدع كل صنف منهم يلقب أهل السنة بلقب افتراه ـ يزعم أنه صحيح على رأيه الفاسد ـ كما أن المشركين كانوا يلقبون النبي بألقاب افتروها .فالروافض تسميهم نواصب، والقدرية يسمونهم مجبرة، والمرجئة تسميهم شكاكا، والجهمية تسميهم مشبهة، وأهل الكلام يسمونهم حشوية، ونَوَابت [النَّوابت: الأغمار من الأحداث]. وغثاء، وغُثْرًا [الغُثْر: سَفِلَة الناس]، إلى أمثال ذلك، كما كانت قريش تسمي النبي صلى الله عليه وسلم تارة مجنونًا، وتارة شاعرًا، وتارة كاهنًا، وتارة مفتريًا ، قالوا : فهذه علامة الإرث الصحيح و المتابعة التامة فإن السنة هي ما كان عليه رسول الله صل الله عليه و سلم و أصحابه اعتقاداً و اقتصاداً وقولاً وعملاً ...)) اهـ 
 قلت : وبالفعل انبعث أشقاهم فأخرج من قاموس البدع كلمة " الإرجاء " يرمي بها كل من لا يوافقهم في تكفير الحكام بإطلاق ، أو تكفير تارك الصلاة بلا تفصيل ، أو غيرها من الأمور التي لأهل السنة فيها تأصيل معروف من " إقامة الحجة ، ونفي الشبهة ، ... " ولقد رأينا لهذا الفعل ثمرة عند العوام " والعوام كالهوام أتباع كل ناعق " ، فكل من جهر بعقيدة السلف في معاملة الحكام يرميه العوام بأنه من المرجئة أو المداخلة أو الجامية أو غيرها من الألقاب ، والأمر كله ليس إلا :

رمتني بدائها ... وانسلت..

بيد أن العجب العجيب، والنبأ الغريب أن خوارج هذا العصر لم يكتفوا لأنفسهم بـ " البدعة " فقط ، بل أصروا على استصحاب " الحماقة " معها، فلم يجدوا في قاموس البدع إلا بدعة الإرجاء ليرموا بها مخالفيهم ظناً منهم أن المرجئة لا يُكفرون الحكام ، ولا يرون الخروج عليهم وربما جعلوا زنادقة الحكام أولياء ! . وبما أن للحماقة رجال ، وللحقيقة أبطال ، فالحق على خلاف ذلك فإن المرجئة يرون الخروج على الحكام ولا يشترطون له كفر السلطان مثل الخوارج .
  • روى ابن شاهين عن سفيان الثوري : أنه قال : اتقوا هذه الأهواء المضلة ، قيل له : بين لنا - رحمك الله - فقال سفيان : أما المرجئة فيقولون ... ذكر شيئاً من أقوالهم إلى ان قال : وهم يرون السيف على أهل القبلة(3).
  • وقيل لإبن المبارك - رحمه الله - : ترى رأي الإرجاء ؟ فقال : " كيف أكون مرجئاً ، فأنا لا أرى السيف " (4).
  • وروى عبد الله بن أحمد في " السنة " بإسناد صحيح عن أبي إسحاق الفزاري قال : سمعت سفيان والأوزاعي يقولون : إن قول المرجئة يخرج الى السيف(5).
  • - وروى الصابوني في " عقيدة السلف أصحاب الحديث " بإسناده الصحيح الى أحمد بن سعيد الرباطي أنه قال : قال لي عبد الله بن طاهر: يا أحمد إنكم تبغضون هؤلاء القوم - يعني المرجئة - جهلاً ، وأنا أبغضهم عن معرفة ، أولاً : أنهم لا يرون للسلطان طاعة(6).
قلت : لأنهم يرون الخروج على الأئمة بلا تكفير ، ولهذا قال فيهم إبراهيم النخعي :" الخوارج أعذر عندي من المرجئة"(7)، وذلك لأن الخوارج لا تخرج إلا بعد أن تُكفر .
  • وقال إبراهيم النخعي - رحمه الله - أيضاً: لفتنة المرجئة على هذه الأمة أخوف عندي من فتنة الأزارقة(8)
قلت : والأزارقة هم ( فرقة من فرق الخوارج أصحاب نافع بن الأزرق وقولهم أخبث الأقاويل وأبعده من الإسلام والسنة ) .
  • وكان عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود مرجئاً ثم رجع فأنشد يقول :
لأول ما نُفارق غير شكٍ .. . نفارق ما يقول المرجئونا
وقالوا : مؤمن و أهل جور... وليس المؤمنون بجائرينا
وقالوا : مؤمن دمه حلال.. . وقد حُرمت دماء المؤمنينا(9)
  • وقال إسحاق بن إبراهيم تعقيباً على حديث " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ... قالوا يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف ؟ قال : لا ما أقاموا فيكم الصلاة ..."، قال إسحاق : ( والسنة عليه ، وفيها هلاك المرجئة )(10).
وقبل الختام فلكم هدية من إمام أهل السنة الإمام المبجل أحمد بن حنبل -رحمه الله-: فقد روى عنه أنه قال :"المرجئة هم الخوارج".
قال أبو الحسين بن أبي يعلى في " طبقات الحنابلة " ( 1 / 34 - 36 ) :وقد رأيت لأهل الأهواء والبدع والخلاف أسماء شنيعة قبيحة يسمون بها أهل السنة يريدون بذلك عيبهم والطعن عليهم ، والوقيعة فيهم ، والإزراء بهم عند السفهاء والجهال؛ فأما المرجئة فأنهم يسمون أهل السنة شُكَّاكاً وكذبت المرجئة بل هم بالشك أولى ... إلى أن قال : وأما الخوارج فإنهم يسمون أهل السنة والجماعة مرجئة وكذبت الخوارج في قولهم بل هم المرجئة يزعمون أنهم على إيمان وحق دون الناس ومن خالفهم كافر. أ هـ قلت : ورحم الله من قال المبتدعة اختلفوا في الاسم ، واجتمعوا على السيف .
فـ"عذراً أيها الخوارج" .. أنتم المرجئة ، ونحن على ما نحن عليه من السنة
،وهذا ما ندين الله به فعرفونا قولكم الذي به تقولون ، وديانتكم التي بها تدينون.
وصلى الله على محمد و على آله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة، الأحد 23/محرم/1433
18/ديسمبر/2011

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) الصواعق المرسلة لابن القيم ( 2 /440 )
(2) مجموع الفتاوى ( 5 /111 )
(3) رواه ابن شاهين في الكتاب اللطيف ( 15 ) ، الآجُري في الشريعة ( 2062 ) ، اللالكائي في شرح أصول الإعتقاد ( 1834 ) .
(4) رواه ابن شاهين في الكتاب اللطيف ( 17 ) ، ومختصر مستخرج الطوسي حديث رقم ( 17 ) تحقيق أنيس بن أحمد طاهر الأندونوسي.
(5) السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل ( 363 ) .
(6) عقيدة السلف أصحاب الحديث ( 109 ) للصابوني .
(7) السنة لعبد الله بن أحمد حديث ( 623 ) .
(8) رواه الخلال في السنة ( 963 )
(9) شرح أصول الإعتقاد لاللالكائي حديث ( 1501 ) .
(10) مستخرج أبي عوانة حديث ( 5774 ) .

ملاحظة:


  • عُذراً أيُها الخوارج !!! هي مقدمة في الرد على جماعة الإخوان المسلمين.
تم التصريح باسماء من عُرض بهم هنا في مقال :" «المدخلية» و «الجامية» فرية إخوانية "

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق