إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 8 أبريل 2013

تنظيم الإخوان المسلمين و قضية فلسطين




تنظيم الإخوان المسلمين وقضية فلسطين

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد :


إن قضية تحرير فلسطين والمسجد الأقصى من دنس اليهود قضية بينة المعالم، لا يجادل فيها مسلم صحيح الإيمان, إذ كيف يرضى ببقاء أولى القبلتين تحت سلطة قوم لعنوا على لسان أنبيائهم ؟!

فالأمر لا يحتاج إلى مزايدة، أو بناء بطولات وهمية .


بيد أن بعض الفرق المعاصرة اتخذت من قضية فلسطين غرضاً لتحقيق مأرب لهم سياسية ودنيوية .

ومن هذه الفرق " تنظيم الإخوان المسلمين "، فالملَاحظ أن بعض كتب ومقالات رجال التنظيم تعزف على وتر الجهاد، وتحرير الأقصى، وإغاثة أهل غزة، تهيجاً للشعوب الإسلامية على حكوماتهم بأنهم خانوا الأمانة، وسلموا فلسطين لليهود على طبق من فضة! .


يقول محمود عساف : (( وأعلنت الهدنة الرسمية، وقبلها العرب جميعاً، إلا الإخوان المسلمين الذين لم يعترفوا بها، لذلك قامت حكومة النقراشي باعتقال المجاهدين داخل معسكرات في فلسطين يشرف عليها الجيش المصري )) [ مع الإمام الشهيد ص / 163 ]


وقال عباس السيسي : (( كان الإمام البنا لا يترك وسيلة مُمكنة لتذكير الشعب المصري بخطورة المؤامرة على فلسطين الشقيقة، كما كان شديد الحرص على استثارة العواطف الإسلامية الكامنة في نفس شعب مصر، لينهض بما تفرضه عليه واجبات الأخوة الإسلامية نحو الشعب الشقيق في فلسطين، من ذلك : ما قام به مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين من توجيه نداء إلى المسلمين في مصر، دعاهم فيه للقنوت من أجل فلسطين في الصلاة... )) [ حسن البنا مواقف في الدعوة والتربية ص /229 ]


وبعيداً عن حكم دعاء القنوت بغير إذن ولي الأمر، فهذا نص ذكر فيه " عباس السيسي " ـ أحد رجال التنظيم ـ أن إمامه " البنا " كان شديد الحرص على استثارة العواطف الإسلامية الكامنة في نفس شعب مصر من أجل قضية فلسطين، ووضح " محمود عساف " أن العرب جميعاً خانت القضية الفلسطينية بقبول الهدنة مع اليهود !، إلا الإخوان المسلمين لم يعترفوا بهذه الهدنة، فلم يكن أمام الحكومة إلا أن تعتقلهم لموقفهم هذا ! .


ولا يخفى الحرب الإعلامية التي شنها التنظيم على الرئيس المصري " السادات " لما عقد معاهدة صلح مع يهود ـ كامب ديفيد ـ والتي أوهموا الناس فيها أنه وصل إلى حد الردة بإجرائه لهذا المعاهدة !، حتى انتهى الأمر باغتياله !، والذي باركه تنظيم الإخوان ( أعني : الاغتيال !! ) .


قال مصطفي مشهور في مقدمته لكتاب ( حقيقة التنظيم الخاص ص / 29 ) :

(( فسلط عليه شباباً من شباب مصر وأظلهم بظله فباغتوه في وضح النهار وفي أوج زينته وعزه يستعرض قواته المسلحة، ولا يرى فيهم إلا عبيداً له ينحنون !، وبقوته وعظمته يشهدون !، وإذا بهم سادة يقذفونه بالنار ويدفعون عن أنفسهم وصمة الذل والعار والشنار )) أهـ


قلت : ويلاحظ النفس التكفيري لهذا التنظيم في النقل السابق، وهذا الأسلوب الذي يستخدمه القوم دائماً حتى انتهى الأمر بقتل السادات كما مر .


ولا يخفى أيضاً الحرب التي شنها التنظيم بقيادة " يوسف القرضاوي " على سماحة الشيخ " عبد العزيز بن باز " ـ رحمه الله ـ من أجل فتواه في الصلح مع اليهود، حتى انتهى الأمر بتكفيره ـ رحمه الله ـ من قِبل " أيمن الظواهري " قبحه الله .

فهل هذه مجرد شعارات عريضة يقصد من وراءها التنظيم التهيج والتشغيب من أجل مكاسب سياسية أو دنيوية للتنظيم ؟


أم أن القوم أرادوا نصرة الحق فعلاً فسلكوا سبيل التمكين  النصرة، بنصرة الله ـ عز وجل ـ في التزام أمره ونهيه، والتدين بالولاء لأحبائه، والبراءة من أعداءه ؟

لأن من نصر الله, نصره الله، قال تعالى : { وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }[ الحج : 40 ]، وقال سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [ محمد:7 ]


وما وقعت الهزيمة بالعبد إلا بعد أن أعرض الرب عن نصرته .

قال ابن القيم في ( الفوائد ص / 79 ) : (( تالله ! ما عدا عليك العدو إلا بعد أن تولى عنك الولي ، فلا تظن أن الشيطان غلب ، ولكن الحافظ اعرض )) .


قلت : لكن مع الأسف سد تنظيم الإخوان المسلمين الطريق لحسن الظن بهم، لأن أفعالهم ومواقفهم تخالف شعاراتهم ، فهذا إمامهم " البنا " يلقي بياناً أمام لجنة من الأمريكان اليهود جاءت إلى مصر من أجل نسف الكتاب البريطاني الأبيض !، الذي وضع حداً لهجرة اليهود إلى فلسطين في ذلك الوقت، فكان مما قال :

(( والناحية التي سأتحدث عنها نقطة بسيطة من الوجهة الدينية؛ لأن هذه النقطة قد لا تكون مفهومة في العالم الغربي، ولهذا فإني أحب أن أوضحها باختصار؛ فأقرر أن خصومتنا لليهود ليست دينية ! لأن القرآن الكريم حض على مصافاتهم ومصادقتهم، وحينما أراد القرآن أن يتناول مسألة اليهود تناولها من الوجهة الاقتصادية والقانونية ! ، فقال تعالى وهو أصدق القائلين : { فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ } [ النساء 160_ 161 ] .

ثم قال : (( ولي كلمة أخيرة من الوجهة الدينية فإن اليهود يقولون عن أرض فلسطين إنها أرض الميعاد، ونحن لا مانع لدينا من أن يكونوا في يوم القيامة معنا )) [ أحداث صنعت تاريخ 1 / 455 _ 456 ] .


فتراه يقرر أن خصومتهم مع اليهود من أجل الاقتصاد الربوي لليهود، وليس له تعلق بالناحية العقدية من نسبتهم الولد لله ـ عز وجل ـ ، أو كذبهم بأنه ـ سبحانه ـ فقير وهم أغنياء، أو طعنهم في الدين, أو قتلهم الأنبياء، وعداوتهم للمؤمنين، و لهذا هو لا يمانع أن يحشر معهم يوم القيامة !! ، ومعلوم أن المرء مع من أحب كما صح عن ابن مسعود مرفوعاً عند البخاري .


وهذا الذي قرره الإمام المُلهم ! الأستاذ " البنا " ، أكد عليه دكتورهم " القرضاوي " حيث قال : (( فنحن لا نقاتل اليهود من أجل العقيدة، وإنما نقاتلهم من أجل الأرض !، لا نقاتلهم لأنهم كفار !، وإنما نقاتلهم لأنهم اغتصبوا أرضنا، وأخذوها بغير حق ! )) [ جريدة الراية القطرية عدد 4696 ] .


إذاً فنحن لا نتكلم هنا عن زلة خرجت من الأستاذ " البنا " ، وإنما هو منهج للتنظيم، عليه يسيرون، وبه يؤمنون .


وقد مُكن لهذا التنظيم ـ الإخواني ـ في عدة دول ، كالدولة التركية الإخوانية، والدولة السودانية الإخوانية ، ودولة حماس الإخوانية في غزة، فكان ماذا ؟


هل حرروا الأقصى وسحقوا اليهود ، أم صالحوهم وعاهدوهم وأمّنوهم ! ؟


فهذا الشيخ حسن يوسف _ أحد قادة حماس _ يعرض على إسرائيل عرضاً تاريخياً بقبول دولتين واحدة فلسطينية وأخرى إسرائيلية ، مع توقيع هدنة مع إسرائيل لمدة عشر سنين !! [ جريدة أفاق عربية 26 شوال 1425 . 686 ]


وفي يونيو 2006 م تنشر جريدة الجمهورية المصرية خبر مفاده أن حركة حماس مستعدة لعقد هدنة مدتها من 50 إلى 60 عاماً مع إسرائيل شريطة الانسحاب إلى حدود 1967 م .


ويتعهد إسماعيل هنية _ رئيس الوزراء الفلسطيني الإخواني السابق _ في يونيو 2007 م باحترام كافة الاتفاقيات الماضية الموقعة من قبل السلطة الفلسطينية معرباً عن الأمل في التوصل إلى هدنة متبادلة وشاملة ومتزامنة مع إسرائيل . [ العربية نت . 15 يونيو 2007 م ]


وفي نفس الشهر برهن الدكتور " محمود الزهار " _ أحد قادة حماس _ على احترام الاتفاقيات السابقة بأن أعلن : (( أن حماس على استعداد لترك جميع سبل المقاومة وعدم القيام بأي عمليات عسكرية تجاه إسرائيل !! )) [ نافذة نت 22 / 6 / 2007 م نقلاً من الإخوان المسلمون بين الابتداع الديني والإفلاس السياسي للوصيفي ]


و يُسأل محمد مهدي عاكف _ المرشد العام السابق لتنظيم الإخوان المسلمين _ عن هذا الذي صدر من قادة حماس الإخوانية ، فيجيب : (( لا علاقة لنا بالسياسة الداخلية الفلسطينية ! )) [ العربي 18 يناير 2004 م ]


ومع كل ذلك ما زال تنظيم الإخوان المسلمين يعزف على وتر محنة فلسطين، وتحرير المسجد الأقصى الأسير ! .



والسؤال : ما هي المصلحة التي تجعلهم بعد أن مُكن لهم سياسيا، ما زلوا يتاجرون بمأساة فلسطين ؟


يرفع عنك هذا الإشكال مؤرخ التنظيم " محمود عبد الحليم " حيث قال في كتابه ( الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ 1 / 192 ) : (( أحب أن أنبه القارئ بهذه المناسبة إلى أن النقود التي كنا نجمعها لفلسطين من المساجد والمقاهي والبارات!! لم يكن القصد من جمعها إعانة إخواننا المجاهدين الفلسطينيين بها !، فهم كانوا من هذه الناحية في غير حاجة إليها؛ لأن أغنياء لأهل فلسطين من التجار من وراء هؤلاء المجاهدين ... وإنما كان جمعنا لهذه التبرعات أسلوباً من أساليب التأثير في نفوس الناس بهذه القضية، وأضيف الآن إلى ذلك أن هذه المبالغ لم تكن ترسل إلى المجاهدين، بل كانت تصرف في شئون الدعاية لهذه القضية )) . اهـ


فالخلاصة : مأساة القضية الفلسطينية ليست إلا ورقة يلعب بها تنظيم الإخوان المسلمين لامتحان ولاء الناس وتعاطفهم ومن ثم تحصيل بعض المصالح السياسية والدنيوية من خلال دغدغة مشاعر المسلمين من حين لأخر، بذكر جبروت الآلة العسكرية الصهيونية، وما يعانيه أهل المخيمات، وما حل بأهل غزة من التشريد والتقتيل، وتنكر الحكومات الإسلامية لهم، إلى أخر أسلوب الآلة الإعلامية الإخوانية المعروف في استغلال جراحات المسلمين ونكباتهم .


وقد أحسن من قال :

واحذر من الإخوان حقاً إنهم ... حزب تعدى شرعة الرحمن
أخذوا التلون والنفاق شعارهم ... ورضوا بتقليد لذي الطغيان


وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم




وكتب

أبو صهيب وليد بن سعد

القاهرة 24 / 2 / 2013
 

جناية فقهاء الواقع على السلفية




جناية فقهاء الواقع على السلفية

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :

بدءاً نحن لا نقصد بفقهاء الواقع أحد بعينه ، ولكن شريحة بدأت تتصدر في تغير المنهج السلفي ، وهز الثوابت الإسلامية باسم مصلحة الدعوة ، فتراهم ضاق عليهم منهج النبيين ، وسبيل المؤمنين حتى اعتمدوا النظم الغربية الكافرة للوصول إلى تطبيق الشريعة المطهرة !!
فتارة يدّعون أن في ذلك الأمر مصلحة مُرسلة والشريعة مرنة !
وتارة يدّعون أنهم مضطرون إليها وقلوبهم لها كارهة !!
وأكثر هؤلاء يردون السنة تحاكماً إلى واقعهم ، واغتراراً بتجاربهم ، و أرضاء لنخالة أذهانهم، فتراهم لا يفرقون بين عالم وحالم ، وبين فقيه ومفكر واهم .

وعامة هؤلاء سلكوا طريق السياسة الحزبية.. فدخلوا فيه ليغيروا فتغيروا ، وحق فيهم قول نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( من أتى باب السلطان فُتن )) [ رواه أحمد والترمذي وهو صحيح  ].

وإن من أغرب ما يقع فيه المتحمسون لهذا الفقه أنهم يقدمونه للناس وكأنه أشرف العلوم وأهمها ! .

ولقد غلا فيه بعضهم غلواً شديداً فجعل العلوم الشرعية من مقوماته ، ونسج حوله من الهالات الكبيرة ، بما لم يسبقه إليه الأولون والآخرون ، وهو في حقيقته لا يسمى علماُ ولا فقهاً ، ولو كان علماً أو فقهاً فأين المؤلفات فيه وأين علماؤه وفقهاؤه في السابق واللاحق ؟ وأين مدارسه ؟ ولماذا لا يُسمى علماً أو فقهاً إسلامياً ؟

أما الهدف من وراءاه :

- إسقاط المنهج السلفي المبني على الدليل من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ، والتحاكم إلى الكتاب والسنة المبني على فقه الواقع ، وهي دعوة صوفية مبناها ( التفريق بين الشريعة والحقيقة ) .

- الاستيلاء على عقول الشباب بإفساد صورة العلماء الراسخين الذين شابت رؤوسهم في طلب العلم ، ويعتمدون في تنفير الشباب عن العلماء الأثبات بقولهم : " فرقُ بين علماء الصحون وعلماء السجون " ، أو أن هؤلاء يهتمون بالتنبيه على شرك القبور ويتغافلون عن شرك القصور ، ونحوه .

وهذا الفقه مبناه على قصاصات الأخبار وردود الأفعال ، وعلى العواطف والكلام الساخر ، واستغلال النصوص الشرعية للنزوات الثورية .

أما علمائه فكلما كان الواحد منهم ثورياً متمرداً يتشدق بأنه ليس له رسالة إلا اخذ الحق من القوي للضعيف كان هو العالم .

أما الفقيه من هؤلاء فتراه يعيش بنفسية متوترة . يثور على المألوف ، ولا يثبت على مذهب ، بل يُكثر التنقل من غريب إلى أغرب ، يتبع الجديد الذي يثير الانتباه و يَمل العتيق و لو لم يكن به اشتباه .

و من أكثر الألفاظ استعمالاً عندهم كلمة ( الطواغيت ) ، بل دعوتهم لا تعيش إلا بها وجماهيرهم لا تنتعش إلا عند سماعها .

وأما مسالك فقهاء الواقع :

فإنهم يتلاعبون بالكلمات من باب فذلكة السياسيين للتخلص من العُتبى ، فيقولون كلمة تحتمل عدة معاني ، فإن جاء الأمر على مرادهم قالوا : قلنا كذا، وصرخنا ولم يُسمع لنا ، وإن جاء الأمر على خلاف ما أرادوا يقولون : قلنا كذا ، ولكن القوم لم يفهموا ما قصدناه ونحن نعذرهم فإن الغضب يُعمي ، فيكونوا في الظاهر مع الحق أينما ذهب .

وأيضاً : استخدام طريقة ( سمِّن كبشك لتُعيد به )

فتراهم يقدمون الثناء أولاً قبل النقض على ما أثنوا عليه كأنهم أنصفوا أولاً ثم هذا من تمام الإنصاف ، وهي طريقة مجربة لخداع البسطاء ، فتراهم يقولون :

" الوسيلة الديمقراطية ليست وسيلة شرعية بل هي وسيلة كفرية ، والطريق الصحيح والمنهج الحق هو الدعوة وطلب العلم ونشر الفقه في الدين وتربية الناس على ذلك ، فهذا طريق الأنبياء وسبيل المؤمنين و ... "

ثم يقولون بعدها : " ولكننا نتكلم عن واقع من إسلام يحارب ، ودعوة يُضيق عليها ، ومساجد ..."

فتكون النتيجة في المنتهى أن المنهج السلفي الإسلامي وهم وخيال ،

والمنهج الديمقراطي الكفري فواقع ملموس !!

فقل لي بربك من يرضى بالعيش في الوهم والخيال ويترك الواقع الملموس ؟!!

فضلاً عن تبنيهم لقول الشاعر :

إن تُلْقِكَ الغربةُ في معشر.... قد أجمعوا فيك على بغضهم

فدارهم ما دمت في دارهم.... وأرضهم ما مت في أرضهم

وخلاصة الأمر :

إن الاشتغال بهذا الفقه أضحى حيلة كل مُحتال ، وحيلة كل بطال ، يلقط فتات الأخبار ، من موائد إعلام الكفار ، يبلعها بلا هضم ، ثم يتقيؤها على أنه المحلل الفهم .

فتارة يُطيع عاطفة غير معصومة ، وتارة يتبع مصلحة موهومة .

والحق الذي لابد أن يُقال :

إن الطريق الموصل إلي الله واحد ، وهو ما بعث به رسله وأنزل به كتبه ، ولا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق ، ولو أتى الناس من كل طريق واستفتحوا من كل باب ، فالطرق عليهم مسدودة والأبواب عليهم مغلقة ، إلا من هذا الطريق الواحد ، فإنه متصل بالله موصل إلي الله .

يقول ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ خط لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خطاً ثم قال : هذا سبيل الله . ثُم خط خطوطاً عن يمينه ، وعن شماله ، ثُم قال : هذه سبل ، وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه . ثم قرأ : { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} [ الأنعام : 153 ] . رواه أحمد وغيره وهو صحيح .

فالمنهج المنهج عباد الله ، و إياكم و استطالة الطريق ، فمن استطال الطريق ضعف مشيه .


وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم

جمع وترتيب
أبو صهيب و ليد بن سعد
القاهرة 4 / 7 / 2012

ميدان التحرير وقصة عجوز الكشافة !


ميدان التحرير وقصة عجوز الكشافة !



الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد :
في الوقت الذي لاحظت فيه الصليبية العالمية أن حكومات الدول الإسلامية مع كونها ترفع شعارات الديمقراطية، إلا أن هذه الدول ما زالت مصبوغة بالصبغة الإسلامية، فما زالت المساجد معمورة بالناس تصلى فيها، وطائفة عريضة من أبناء الأمة التزمت بالسنن الظاهرة من إطلاق اللحى، وتقصير الملبس، والتزام نسائهم بالحجاب الشرعي، وأكثر البيوت مع دخول الفضائيات الماجنة مازالت تلتزم بالآداب الإسلامية، فلم يكن هناك سبيل إلا إسقاط هذه الحكومات واستبدالها بأخرى تنفذ ما خطط لها بلا تفكير أو روية.
 وتم إسقاط بعض هذه الحكومات بخطة كانت على رأس اهتمامات الكونجرس الأمريكي منذ عام 1989م ، تسمى " الشرق الأوسط الجديد " أو " الفوضى الخلاقة ! " ، وهي:  إحداث فوضى في هذه الدول تقوم بخلق نظام جديد يجعل من شعوب هذه الدول صورة كربونية للحياة الأوربية، ويُعد هذا أسهل أسلوب لغزو هذه البلاد، لأن حائط الصد الوحيد في عدم غزو هذه البلاد كان تمسك أهلها بالمبادئ الإسلامية في الجملة، فإن تركوا هذه المبادئ أصبح من السهل السيطرة عليهم .
وهذا ما نصح به  الفيلسوف اليهودي "نعوم تشومسكي " الإدارة الأمريكية ، بأن تستعمل مشروع أسماه بـ " القوة الناعمة ! " للسيطرة على البلاد الإسلامية .
وهذا المشروع لا دخل له بالقوة العسكرية .. بعد نزول خسائر ضخمة بأمريكا في الصومال وأفغانستان والعراق، ولكن  المشروع قائم على استخدام قوة أخرى ناعمة متمثلة في : مظاهرات !، واعتصامات !، واحتجاجات !، ومسيرات !، تعمل جميعاً على شيوع الفوضى في هذه البلاد .


ولهذا كانت شعارات هذه الثورات والمظاهرات : " الشعب يريد إسقاط النظام " ، لأنه معلوم أن النظام لو سقط لحلت مكانه الفوضى .
وبالفعل بدأت هذه الفوضى بما يسمى بـ " ثورات الربيع العربي ! "  التي كانت تحمل شعارات "حرية – مساواة – عدالة اجتماعية " وهي نفس شعارات الثورة الفرنسية التي قام بها اليهود ـ لو كانوا يعلمون ـ ، وانخدع البسطاء بهذه الشعارات البراقة، حتى لم يلاحظ أحدهم لماذا جعلت هذه المظاهرات في أماكن معينه ؟
ولماذا تم اختيار ميدان التحرير لكي تنطلق منه شرارة التغيير في مصر مثلاً ؟
ومعلوم أن للعلمانيون معركة قديمة مع الإسلام في هذا الميدان، وهي : أن زوج الزعيم الوطني الماسوني المقامر والصديق الشخصي للورد كرومر ـ المندوب البريطاني على مصر! ـ " سعد زغلول " الذي عاد من منفاه لما وقف ضد الإنجليز ليُنصب وزيراً للمعارف من قِبل الإنجليز !، قامت زوجه في هذا الوقت بخلع النقاب في هذا الميدان الذي كان يسمى " ميدان الإسماعيلية " ثم تابعها باقي النسوة، إذ هي زوج الزعيم الوطني الكبير!، فسمي من يومها " ميدان التحرير " ، إذ تحررت من نقابها !! .
انظر مقالة " الخيانة العظمى " للشيخ الأستاذ / محمود محمد شاكر في جمهرة مقالاته .
ثم بعد هذه السنوات وقد أتت خطة " صفية زغلول والإنجليز " أُكلها ، وتمكنا من جعل نساء المسلمين يقومنّ بكشف وجههنّ، يأتي مرة أخرى دور الميدان، ولكن هذه المرة لا يُكتفى بكشف الوجه، لأننا في مرحلة كشف البدن !! ـ ولعله صار معروفاً الآن من هي صفية زغلول الجديدة ! (علياء المهدي ) ـ ويكون ظهر الفرق بين " الحرية – والتحرر – والتحرير".
ولكن المحزن حقاً في هذه الفوضى هو : سرعة انخداع أبناء هذه الدول بالنظام الجديد، فبعد أن جمعتهم العقيدة .. فرقتهم الأحزاب، وبدأ بعضهم يتكلم بلسان القوم، فتسمع منهم : "نحن مع إرادة الشعب !"، "والنصارى شركائنا في الوطن بل أكثرهم مؤمنين ولكن يكتمون إيمانهم !"، "وترشيح المرأة في البرلمان يجوز من باب أخف الضرر!" .
والأغرب من هذا كله هو قولهم : " أننا نتمسك بإقامة المشروع الإسلامي! ، ولكن وفقاً للنظام الديمقراطي الكافر الذي فيه شرع الناس مُقدم على شرع الله سبحانه وتعالى!!".
بيد أن الأمر لا يخلو من بعض المرح والفكاهة، فإنهم اقنعوا العوام أن الديمقراطية تساوى الحرية !، وعلى رأس الحريات " حرية التعبير ، والإرادة، والتغيير
" .
وقد ذكرني هذا الأمر بقصة طريفة وفيها :
أن ثلاثة من فتيان الكشافة ذهبوا إلى معلمهم ومدربهم في نهاية اليوم ، وهم في سرور وفرح شديد ،
وقالوا : يا أستاذ لقد قمنا اليوم بعمل عظيم !
قال الأستاذ : وما هو ؟!
قالوا : لقد ساعدنا امرأة عجوز في عبور الطريق
قال الأستاذ : عظيم ، ولكن لماذا اشتركتم أنتم الثلاثة في هذا العمل ، ولم يقم به واحد منكم فقط ؟!
قالوا : لأنها لم تكن تريد إن تعبر الطريق !!!

وللمزيد من بيان فساد المنهج الديمقراطي انظر هذا المقال ( عور الديمقراطية )
وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبة وسلم

وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد

القاهرة 1 / 12 / 2011


لماذا تخلف عنكم النصر ؟!


2

لماذا تخلف عنكم النصر ؟!
( سؤال للحركيين )
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
قال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ : " من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع ، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج ".
[رواه أبو داود ، و صححه الإمام في صحيح الجامع برقم : 6196 .]



ومعنى ردغة الخبال : عُصارة أهل النار .

فهذا الذي يُشنع به أصحاب البدع والأهواء على أهل السنة والأثر من : رميهم بالعمالة ، والخيانة ، وأنهم يرضون بالكفر والظلم , وغير ذلك من الكذب الأقرع الذي لا يوجد عليه بينة !! , فضلاً عن أن غيرهم قد صور مع الطواغيت في خيامهم ، ونافقوهم من على المنابر و ... ، وما هذا لم نرميهم بشيء ديانة .

ولكن القوم لا يكفون عن الكذب والبهتان .

ونحن نعلم – بفضل الله – أن أهل السنة والأثر مبتلون بالتهم الفاجرة من قِبل أصحاب مدرسة مصادمة الحكام من أحفاد الخوارج .

وما ينقمون علينا إلا لأننا متمسكون بمذهب السلف الصالح

روى سليمان بن على الرابعي قال : لما كانت الفتنة ، فتنة ابن الأشعث ، إذ قاتل الحجاج بن يوسف ، انطلق عقبة بن عبد الغافر , وأبو الجوزاء , وعبد الله بن غالب في نفر من نُظرائهم ، فدخلوا على الحسن – أي : البصري – فقالوا : يا أبا سعيد : ما تقول في قتال هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام ، وأخذ المال الحرام ، وترك الصلاة ، وفعل ، وفعل ...؟ . قال : وذكروا من فعل الحجاج ... قال : فقال الحسن : أرى إلا تقاتلوه , فإنها إن تكون عقوبة من الله فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم ، وإن يكون بلاء فاصبروا حتى يحكم الله ، وهو خير الحاكمين . – قال : فخرجوا من عنده وهم يقولون : نُطيع هذا العلجْ ؟! .
قال : وهم قومٌ عربٌ ! قال : وخرجوا مع ابن الأشعث , فقتلوا جميعاً .
(رواه ابن سعد في الطبقات [7 / 163-164], و الدولابي في الكُنى [2 /121] بسند صحيح .

ومعنى أن الله ابتلاكم بالحجاج وظلمه و علاج هذا الصبر : لأن هذا عقوبة لكم على ذنوبكم ، فلن تُغالبوا الله ، لأنكم عصيتم الله شرعاً فسلطه عليكم قدراً ، فبدلا من أن تشغلوا أنفسكم بمواجهته ، فواجهوا السبب الأصلي ، الأ وهو الذنوب بالتوبة والضراعة إلي الله .

وفي رواية ابن سعد في الطبقات (7/164 ) قال الحسن : " يا أيها الناس ! أنه والله ما سلط الله الحجاج عليكم إلا عقوبة فلا تعارضوا الله بالسيف , ولكن عليكم بالسكينة والتضرع " .

ونحن نسأل هل كان الحسن البصري
- ربيب بيت النبوة ( رحمه الله ) - كان يؤصل بجوابه هذا لمذهب الإرجاء ؟!! وفقه الإستنعاج ؟!!
أم أنه كان عميلاً للحجاج ، ولا يُريد نُصرة ابن الأشعث الذي يريد تطبيق الشريعة ؟!

أم أنها سنة السلف يا قوم ؟!


وأمر آخر : أنتم قد خرجتم في مظاهرات ومليونيات لإسقاط الطواغيت ولإقامة الشريعة !! وقتل منكم من قتل ، وقد قتلهم من غرهم نسأل الله أن يرحمهم – وقدمتم كل ما تستطيعون عليه .


فلماذا تخلف عنكم النصر ؟!
 
وأصبحتم تقاتلون اليوم على دستور علماني بمسحة إسلامية ؟
وبعد أن كنتم بالإمس دعاةً للتوحيد ، أصبحتم اليوم دعاة للديمقراطية الكفرية ؟


ولا تقولوا : أنتم خذلتمونا بسلبيتكم ! فنحن لم نشارك معكم في انتخابات مجلس الشعب أو الشورى أو حتى الرئاسة ، مع ذلك اكتسحتم وفزتم !


فلم يؤثر فيكم عدم اشتراكنا معكم .. المبنى على أمر النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأله حذيفة بن اليمان : ماذا أفعل إن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟
فقال صلى الله عليه وسلم : " فاعتزل تلك الفرق كلها " .


فهل كان يأمُر حذيفة بالسلبية وعدم الايجابية ؟! حاشا وكلا .


اعتزلناكم لأننا نعلم أن عز الإسلام لن يَعُود بكلام الحزبيين الذين بعقد السياسة يتناكحون ، وبماء التصويت يتناسلون ، وفي علم الكتاب والسنة يتزاهدون
.

وإن قلتم : تاريخنا وموقفنا تثبت صحة ما نحن علية .

قُلنا : قال الله تعالى : { قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } .[الزمر:50]


ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم : ((إنما الأعمال بالخواتيم)) . [رواه البخاري] .


وإن قلتم نخاف من بني علمان أن يفعلوا كذا وكذا ، حتى يأتونا بالفلول .


قُلنا: وهل يُغلب الله ــ سبحانه وتعالى ـــ؟! (( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.))

وهل يخذُل الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ من أراد نصرة شرعته، أم الهزيمة لمن خالف شرعته ؟!


فلماذا ترككم تنكشفون ؟

وهو القائل :
{ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ المؤمنين } [ الروم : 47 ]


وأخيراً : فان كنتم على السنة حقاً ، ولست على نهج الخوارج ، فقولوا لنا : ما حكم السمع والطاعة للحكام الذين انتخبتموهم أنتم ؟
أم هناك في الدين ما يُستحى منه ؟!

هذا ؛ ونرجوا أن تكفوا ألسنتكم عن أهل السنة ، لأنكم إن لم تفعلوا اضطررتمونا إلى استخدام مذهب السفوت معكم .. وهذا ما لا نرضاه لكم في تلك المرحلة !!



وصلى الله على محمد و على اله وصحبه وسلم .

وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 6 / 12 / 2012

إياك و عثرات العلماء


إياك و عثرات العلماء



الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، و بعد : فإن الله - عز و جل - عاب على أهل الكتاب من قبلنا فقال : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ التوبة : 31 ] . قال عدي بن حاتم : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب فقال لي : " يا عدي بن حاتم : " ألق هذا الوثن من عنقك " . وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة حتى أتى على هذه الآية اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله قال : قلت : يا رسول الله إنا لم نتخذهم أربابا ، قال : " بلى ، أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه ، ويحرمون عليكم ما أحل الله لكم فتحرمونه ؟ " فقلت : بلى ، قال : " تلك عبادتهم . رواه الترمذي و حسنه الألباني .
و لهذا قال أهل العلم : " ينبغي على العلماء ذكر الدليل من الكتاب و السنة في استدلالتهم حتى لا يتخذهم الناس أرباباً من دون الله ".
و قالوا : " كلام العلماء يُستدل له و لا يُستدل به " .
و لما كانت زلة العالم من المصائب العظام حذر السلف من الاقتداء بهم في عثراتهم . فعن ابن عباس – رضي الله عنهما - قال : " ويل للأتباع من عثرات العالم " , قيل : وكيف ذاك ؟ قال : " يقول العالم برأيه , فيبلغه الشيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه , فيرجع ويمضي الأتباع بما سمعوا " . رواه البيهقي في الكبرى ، و ابن عبد البر في جامعه ، و البغدادي في الفقيه و المتفقه . و العثرة : هي الزلة والسقطة .
وروي عن تميم الداري ، أنه قال : " اتقوا زلة العالم " فسأله عمر مع ابن عباس فقال له : ما زلة العالم ؟ فقال : " العالم يزل بالناس فيؤخذ به فعسى أن يتوب والناس يأخذون به " . ذكره البيهقي في المدخل .
عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول : " اغد عالما ، أو متعلما ، ولا تغد إمعة فيما بين ذلك " و قال : " كنا ندعوا الإمعة في الجاهلية ، الذي يدعى إلى الطعام فيذهب معه آخر، وهو فيكم اليوم المحقِّب دينه الرجال " ( يعني : المقلد ) . رواه الطبراني ، والبزار ، والبيهقي في المدخل .
و عن علي بن أبي طالب قال: " إياكم والاستنان بالرجال ، فإن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة ، ثم ينقلب علم الله فيه فيعمل بعمل أهل النار فيموت وهو من أهل النار ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فينقلب لعلم الله فيعمل بعمل أهل الجنة فيموت وهو من أهل الجنة ، فإن كنتم لا بُدَّ فاعلين فبالأموات لا بالأحياء " . رواه ابن عبد البر في جامعه عن علي ، و روى آخره اللالكائي عن ابن مسعود . و أصل الحديث عند البخاري مرفوعاً .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلا إن آمن آمن وإن كفر كفر ، فإنه لا أسوة في الشر ". رواه ابن عبد البر .

و قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ( مجموع الفتاوى 32 / 239 ) : " وليس لأحد أن يتبع زلات العلماء كما ليس له أن يتكلم في أهل العلم والإيمان إلا بما هم له أهل ... " .
و قال الشاطبي في الموافقات ( 4 / 416 ) : " إن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة ، و لا الأخذ بها تقليدًا له وذلك ؛ لأنها موضوعة على المخالفة للشرع ، ولذلك عدت زلة ، و إلا فلو كانت معتدًّا بها؛ لم يجعل لها هذه الرتبة ، ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها ، كما أنه لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير ، ولا أن يشنع عليه بها، ولا ينتقص من أجلها ، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتاً ، فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين ... " .

قلت : هذا في شأن متابعة العالم في زلته و عثراته ، فما بالك بمن يتابع أئمة الضلال و البدع الذين حذرنا منهم الرسول – صلى الله عليه و سلم – فقال : " ، دعاة إلى أبواب جهنم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها " ثم حَلّاهم لنا فقال : " هم من جلدتنا ، ويتكلمون بألسنتنا " ثم زاد في الوصف فقال : " قوم يستنون بغير سنتي ، ويهدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر " و قال : " يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم ، فإياكم وإياهم " . فتسمع من هؤلاء الدعاة و تنكر ، لإنهم يهدون بغير هدي الرسول و يستنون بغير سنته ، فتراه – صلى الله عليه و سلم – يأمر في الفتن بلزوم البيت و خزانة اللسان و هؤلاء يدعون لخلاف ذلك . فتعرف منهم و تنكر .


فإياك إياك و دعاة الفتن ، و إياك إياك و فتنة الأحياء ، و استن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة .
و صلى الله على محمد و على اله و صحبه و سلم

و كتب
أبو صهيب وليد بن سعد