إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 27 مارس 2013

لماذا بنو أمية ؟!

  لماذا بنو أمية ؟!

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد :

فقد خرج علينا منذ فترة أحد الكُذّاب الصحفيين يُدعى (علاء الأسواني) بمقالة فيها انتقاص للخلافة الإسلامية بعموم، ثم خص أمير المؤمنين "عثمان بن عفان" - رضي الله عنهببعض التهم والبلايا منها: أنه كان من الظلمة الجبابرة.. وهذا سبب خروج الناس عليه وقتله !!، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بنبش نعشه وتكسير عظامه بعد موته!!..هذا ما كتبه هذا الكاذب الصحفي، الذي اسأل الله القوي العزيز أن يعامله بعدله.
    وظن البعض أن هذه حلقة جديدة من الحرب على أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ونحن لا نختلف على هذا؛ ولكننا ننبه أن هذه أيضاً حرب خاصة على بني أمية تحديداً، بدأت منذ زمانٍ بعيد، فقد اتهم " الجاحظ " قديماً " معاوية بن أبي سفيان " - رضي الله تعالى عنهبالكفر في رسالة له في كتاب (النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم ) للمقريزي ص / 94 ، وقال "عباس محمود العقاد " في كتابه ( معاوية بن أبي سفيان في الميزان ) ص / 66 : ( ولو حاسبه التاريخ ( يعني : معاوية ) حسابه الصحيح لما وصفه بغير " مفرق الجماعات " ) ، وقال صاحب الظلال – قبحه اللهفي كتابه ( كتب وشخصيات ) ص / 242 : ( إن معاوية وعمراً لم يغلبا علياً لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس ، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب، ولكن لأنهما طليقان في استخدام كل سلاح، وهو ( يعني : علياً ) مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع، وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب، والغش، والخديعة، والنفاق، والرشوة، وشراء الذمم، لا يملك علي ان يتدلى الى هذا الدرك الأسفل فلا عجب أن ينجحا ويفشل، وأنه لفشلٌ أشرف من كل نجاح !! )، وتابعهم على ذلك " خالد محمد خالد " في كتابه ( خلفاء الرسول ) ص / 558 قال: ( إن معاوية في الشام كان يحض الناس على سب علي وشتمه ) وذكر ألفاظاً سيُسأل عنها يوم القيامة .
ولعل هذه النقول لم يُذكر فيها إلا معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما – ولكن هم ما أرادوا إلا بني أمية، وهذا واضح في قول سيد قطب - قبحه اللهفي كتابه ( العدالة الاجتماعية في الإسلام ) ص / 172 قال : ( فلما أن جاء معاوية وصيَّر الخلافة الإسلامية ملكاً عضوضاً في بني أمية لم يكن ذلك من وحي الإسلام، إنما كان من وحي الجاهلية، فأمية بصفة عامة لم يعمر الإيمان قلوبها، وما كان الإسلام إلا رداءً تخلعه وتلبسه حسب المصالح والملابسات) اﻫـ .فتراه رمى بني أمية على بكرة أبيها بالنفاق والتستر بالإيمان من أجل الدنيا والسلطان .


ولكن..لماذا بنو أمية تحديداً ؟
يقول الحافظ "ابن كثير" – عليه الرحمة – : " كانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية ، ليس لهم شغل إلا ذلك، وقد أذلوا الكفر وأهله ، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعباً، لا يتوجه المسلمون إلى قطرٌ من الأقطار إلا أخذوه " اهــ .
 وقال غيره: "ولا يُعلم لعائلة حكمت كان لها فضل على بني الإنسان مثل عائلة بني أمية ! فلبني أمية أيادٍ بيضاء على أمة الإسلام منذ فجر الدعوة وحتى يوم القيامة ، فعثمان بن عفان الأموي هو الذي جمع القرآن، وأم المؤمنين الأموية " أم حبيبة بنت أبي سفيان " – رضي الله عنها - يكفيها ما نقلت لنا من سنن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومعاوية بن أبي سفيان الأموي هو الذي كتب الوحي من صدر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وعبد الله بن سعيد بن العاص بن أمية كان أحد شهداء بدر الثلاثة عشر، ويزيد بن أبي سفيان الأموي هو فاتح لبنان وقائد جيوش الشام، ويزيد بن معاوية الأموي هو قائد أول جيش يغزو القسطنطينية (مدينة قيصر)، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم)[البخاري] ، وبني أمية فيهم خالد بن يزيد الأموي مكتشف علم الكيمياء، وبني أمية فيهم فاتح الشمال الإفريقي عقبة بن نافع الأموي - رحمه الله -، وبني أمية فيهم عمر بن عبد العزيز الأموي، وقبة الصخرة بناها عبد الملك بن مروان الأموي، والأندلس فتحها الأمويون، وأرمينيا، وأذربيجان، وجورجيا فُتحت على أيدٍ أموية، وتركيا فتحها الأمويون، وأفغانستان، وباكستان، والهند، وأوزباكستان، وتركمانستان، وكازخستان كلها دخلت في الإسلام على ظهور خيول أموية، وحمل بنو أمية الإسلام إلى أوربا، فالأندلس فتحها الأمويون، وجنوب فرنسا أصبحت أرضاً إسلامية فقط في زمن مجاهدي بني أمية، وأنقذ عبد الرحمن الداخل الأموي الأندلس من الدمار، وكان عبد الرحمن الناصر الأموي من أعظم ملوك الأرض، ونشر بنو أمية رسلهم في أصقاع الأرض يدعون الناس الى دين الله، فوصلت رسل الأمويين إلى الصينيين الذين أسموهم بـ ( أصحاب الملابس البيضاء )، وفي عهد بني أمية أنتشر العلم وساد العدل أرجاء الخلافة، وبدأ جمع الحديث النبوي في حكم بني أمية، وبنو أمية هم الذين عربوا الدواوين، وهم الذين صكوا العملة الإسلامية، وهم أول من بنى أسطول إسلامي في التاريخ، ووصلت الخلافة الإسلامية في عهد الوليد بن عبد الملك الأموي إلى أكبر أتساع لها في تاريخ الإسلام، فكان الآذان في عهد بني أمية يرفع في جبال الهملايا في الصين، وفي أدغال أفريقيا السوداء، وفي أحراش الهند، وعند حصون القسطنطينية، وعند أبواب باريس، وفي مرتفعات البرتغال، وعلى شواطئ بحر الظلمات، وعند سهول جورجبا، وعند سواحل قبرص ترفف على قلاع تلك البلدان رايات بيضاء مكتوبٌ عليها ( لا اله إلا الله، محمدٌ رسول الله )، هي رايات بني أمية، فجزاهم الله خيراً لما قدموه للإسلام والمسلمين.
وأظن الآن أصبحت الصورة واضحة لماذا الطعن في بني أمية خاصة، وللحديث تتمة إن قدر الله وشاء .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
جمع وترتيب
أبو صهيب وليد بن سعد
 القاهرة / السبت: 23/رجب/ 1432 ه
ـ25/يونيو/2011

هناك 8 تعليقات: