إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

عاشوراء بين الروافض والنواصب!


عاشوراء بين الروافض والنواصب!

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل [الحسين] رضي الله عنه، فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة، وابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي هي أفضل بناته، وقد كان عابدا وشجاعا وسخيا، ولكن لا يحسن ما يفعله الشيعة من إظهار الجزع والحزن الذي لعل أكثره تصنع ورياء، وقد كان أبوه أفضل منه فقتل، وهم لا يتخذون مقتله مأتما كيوم مقتل الحسين، فإن أباه قتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين، وكذلك عثمان كان أفضل من علي عند أهل السنة والجماعة، وقد قتل وهو محصور في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذبح من الوريد إلى الوريد، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتما، وكذلك عمر بن الخطاب وهو أفضل من عثمان وعلي، قتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتما، وكذلك الصديق كان أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتما، وكذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وقد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، ولم يتخذ أحد يوم موته مأتما يفعلون فيه ما يفعله هؤلاء الجهلة من الرافضة يوم مصرع الحسين؛ ولا ذكر أحد أنه ظهر يوم موتهم وقبلهم شيء مما ادعاه هؤلاء يوم مقتل الحسين ...، مثل كسوف الشمس والحمرة التي تطلع في السماء وغير ذلك(1).

وقد أسرف الرافضة في دولة بني بويه في حدود الأربعمائة وما حولها، فكانت الدبادب تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء، ويذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق، وتعلق المسوح على الدكاكين، ويظهر الناس الحزن والبكاء، وكثير منهم لا يشرب الماء لَيْلَتَئِذ موافقة للحسين؛ لأنه قتل عطشانا. ثم تخرج النساء حاسرات عن وجوههن ينحن ويلطمن وجوههن وصدورهن، حافيات في الأسواق، إلى غير ذلك من البدع الشنيعة، والأهواء الفظيعة، والهتائك المخترعة، وإنما يريدون بهذا وأشباهه أن يشنعوا على دولة بني أمية، لأنه قتل في دولتهم.
وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام، فكانوا إلى يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم، ويتخذون ذلك اليوم عيداً يصنعون فيه أنواع الأطعمة، ويظهرون السرور والفرح، يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم(2).

قلت: فالناس في يوم عاشوراء على ثلاث طوائف.

الطائفة الأولى : وهم الرافضة يجعلون هذا اليوم للطم والنوح وإظهار الحزن والبكاء لمقتل الحسين ـ عليه الرضوان ـ وهم قتلته!، وحرص أئمة الشيعة الرافضة على تخصيص هذا اليوم لإظهار الجزع والحزن والمبالغة في ذلك الأمر لنكتة، وهي: تثبيتاً منهم لقلوب أتباعهم من الذين فسقوا، لأنهم يعلمون جيداً أن نحلتهم الخبيثة لا تستند إلى دليل من الكتاب والسنة وإنما هي شبهات وأغلوطات ..فلو هدمت هذه البدعة لهدم الرفض والتشيع!. فحال هؤلاء الأئمة مع أتباعهم كحال قساوسة النصارى مع أتباعهم!، فلو هدمت أكذوبة الفداء وصلب عيسى ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ، لهدمت معها النصرانية. وكذلك الحال بالنسبة للأئمة الرافضة يزرعون في نفوس أتباعهم أن مدار الدين على محنة قتل الحسين!.
والطائفة الثانية: وهم النواصب أعداء أهل بيت النبوة ـ من أهل الشام ـ الذين فرحوا بمقتل الحسين واتخذوا ذلك اليوم عيداً؛ وقد تسربت بدعة هؤلاء إلى كثير من بلاد المسلمين، فعندنا في مصر يصنع العوام في يوم عاشوراء نوع من الحلوى المصنوعة من القمح يسمونها (عاشورا)، ويطبخ الأكثرون في ذلك اليوم لأنه كما يقولون: ( موسم!) ، وكثير من النسوة يكتحلن هن وأطفالهن في هذا اليوم!، وكل ذلك من بدع النواصب ـ أعداء أهل بيت النبوة ـ التي تسربت إلى بلاد المسلمين.

والطائفة الثالث: هم أهل السنة الخُلص، الذين وقفوا عند النصوص والتزموا بهدي السلف، فلا إفراط ولا تفريط.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء ، فسئلوا عن ذلك ، فقالوا : هذا اليوم الذي أظفر الله فيه موسى ، وبني إسرائيل على فرعون ، ونحن نصومه تعظيما له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نحن أولى بموسى منكم ، ثم أمر بصومه". [متفق على صحته].

وحين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع " قال : فلم يأت العام المقبل ، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. [رواه مسلم].

فكان صيام يوم عاشوراء فرضاً في أول الأمر، ثم نسخ صيامه بعد فرض صيام شهر رمضان، وقال صلى الله عليه وسلم في فضل صيامه: ((صيام يوم عاشوراء ، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)). [رواه مسلم].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : " ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم ، يوم عاشوراء ، وهذا الشهر يعني شهر رمضان ". [رواه البخاري].

فالسنة لم تأتي إلا بصيام هذا اليوم ، وكل من يحدثه الناس من إظهار الحزن والجزع، أو السرور والفرح فهو من جملة المحدثات و البدع.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 8 محرم 1435
13 / 11 / 2013 م


الهوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): البداية والنهاية (8 / 196 : 197 ) ط دار الحديث.
(2): المصدر السابق.



الأحد، 13 أكتوبر 2013

العيد بين الإتباع والابتداع

العيد بين الإتباع والابتداع 
 
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

 
عن أنس بن مالك قال :كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما فلما قدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة قال: " كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما يوم الفطر ويوم الأضحى" . [أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما، وصححه الألباني في الصحيحة  ( 2021 )].

قلت: ففي هذا الحديث بيان أنه ليس في الإسلام أعياد إلا يوم الفطر ويوم الأضحى، وما سواهما مما يحتفل به الناس هو من جملة البدع والمحدثات وإن نسبت إلى الشرع! كالاحتفال بيوم رأس السنة الهجرية، والاحتفال بيوم مولد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وغيرهما.
وخلاصة الأمر: أن كل عيد ليس فيه خطبة وصلاة، فهو محدث مبتدع على خلاف السنة. 

ولعل الحكمة من الاحتفال بالعيد هو الفرح بمغفرة الرب ـ سبحانه ـ لذنوب العباد، فالعيد لا يأتي إلا بعد يوم يغفر فيه الغفار الرحيم لعباده المذنبين، فيوم الفطر يأتي بعد ليلة القدر، والتي قال فيها نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "   من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". [ أخرجاه في الصحيحين]، ويوم الأضحى يأتي بعد يوم عرفة، والذي قال فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده". [رواه مسلم].

وللعيد أحكام وسنن يتوجب على المسلم تعلمها حتى لا يأثم من حيث يريد الثواب!.
  • فكان من هدي نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يقدم زكاة الفطر على الصلاة في عيد الفطر متأولا قوله تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى وَذَكَرَ اسم رَبّهِ فصلى } [ الأعلى : 14]، وقال: "زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" [أخرجه أبو داود وحسنه ابن قدامة والنووي والألباني]، وكان يؤخر الذبح إلى بعد الصلاة يوم الأضحى متأولا قوله تعالى: {فصلي لربك وأنحر} [الكوثر]، وقال: " إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك، فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح، فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء ". [متفق عليه].
         فمن ذبح قبل الصلاة فأنه لم يضحي (وقد قيل ما سميت الأضحية بهذا الاسم إلا لأنها تذبح ساعة الضحى)، وهكذا كل من خالف هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ضاع عليه ثواب عمله ورد عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد "، يعني: مردود على صاحبه.
  • وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه "لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترا"(1)، وكان لا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع فيأكل من أضحيته" [رواه أحمد وصححه الألباني].
  • وكان من هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يذهب إلى مصلى العيد ماشيا(2)، وأنه إذا ذهب من طريق عاد من غيره، قال جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، :" كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ". [رواه البخاري]، وقيل الحكمة من ذلك: ليسلم على أهل الطريقين، وليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله، ولتكثر شهادة البقاع، و... [زاد المعاد ( 1/432 )].
  • وكان من هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يكبر وهو في طريقه إلى المصلى، قال الزهري: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى وحتى يقضي الصلاة فإذا قضى الصلاة قطع التكبير "[ رواه ابن أبي شيبة، وقال الألباني في إرواء الغليل: الحديث صحيح عندي موقوفا ومرفوعا والله أعلم ].
وقال البغوي: "ومن السنة إظهار التكبير ليلتي العيدين مقيمين وسفرا في منازلهم، ومساجدهم، وأسواقهم، وبعد الغدو في الطريق، وبالمصلى إلى أن يحضر الإمام".[ شرح السنة ( 4/309 )].

والجمهور على أن التكبير في العيد سنة مؤكدة في حق الرجال والنساء، ولا يشرع فيه أن يكون بصوت واحد، أو أن يكبر
أحدهم في المذياع والباقي يردد خلفه!، قال الألباني ـ رحمه الله ـ  في الصحيحة: " ومما يحسن التذكير به بهذه المناسبة: أن الجهر بالتكبير هنا لا يُشرع فيه الاجتماع عليه بصوت واحد كما يفعله البعض، وكذلك كل ذكر يُشرع فيه رفع الصوت أو لا يُشرع، فلا يشرع فيه الاجتماع المذكور ... فلنكن في حذر من ذلك ولنذكر دائما قوله صلى الله عليه وسلم : "وخير الهدي هدي محمد" ".اهـ

قلت: وقد صح عن جماعة من الأصحاب ـ عليهم الرضوان ـ عدة صيغ في التكبير في العيد، فكان ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ ، يقول: "الله أكبر الله أكبر، لا أله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد"[رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح]
وروى البيهقي بسند صحيح ( 3 / 315 ) عن ابن عباس بتثليث التكبير "الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا أله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد"  وفي رواية: "
الله أكبر وأجل الله أكبر على ما هدانا "[انظر الإرواء (3 / 125 )].

 ولا يصح أي صيغة من هذه الصيغ مرفوعة إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
 هذا؛ ويجب اجتناب الصيغة المشهورة " الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا ... صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده"، فهذه الصيغة فيها نكارة في هذا الموضع ، إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة كبر قريباً من هذه الصيغة. [انظر صحيح الجامع (4769)].

  • وكان من هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ دخل المصلى لم يصل إلا ركعتي العيد فقط، قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: " أن النبي صلى الله عليه وسلم " صلى يوم العيد ركعتين، لم يصل قبلها ولا بعدها، ثم أتى النساء ومعه بلال، فأمرهن بالصدقة، فجعلت المرأة تلقي قرطها" [رواه البخاري].
  • فليس من السنة صلاة ركعتين عند دخول المصلى على أنهما تحية دخول المسجد!، فالمصلى بخلاف المسجد.
  • وفي الحديث أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يخص النساء بموعظة يوم العيد.. فقد أمرهن بالخروج إلى صلاة العيد وإن لم يكن عليهن صلاة!، عن أم عطية ، قالت : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نخرجهن في الفطر والأضحى، العواتق، والحيض، وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين" [رواه مسلم].
فالحيض والنفساء ليس عليهن صلاة ومع ذلك أمرهن بالخروج إلى المصلى ليشهدن الخير ودعوة المسلمين، وقيل لتكثير سواد المسلمين وإلقاء الرعب في قلوب الكافرين والمنافقين، ولا يعلم أنه أمرهن بالخروج إلا في هذا الموضع، فمن سلف من أخرج نساء المسلمين في المظاهرات والاعتصامات سوى الخوارج؟!
هذا؛ والذي أمرهن بالخروج في هذا اليوم، هو من أمرهن أن يخرجن تفلات غير متعطرات ، قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :" لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن إذا خرجن تفلات"، وقال: " أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية".

  • ثم إذا شرع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الصلاة أقام الصفوف بلا أذان أو إقامة(3).
  • وكان من هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات(ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات)، فإذا انصرف من صلاته أقبل على الناس يعظهم وهم جلوس وهو واقف على الأرض من غير منبر، وتكون خطبته واحدة بخلاف خطبة الجمعة، تبدأ بالحمد كسائر خطبه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فمن بدأ خطبته بالتكبير فقد أساء وأحدث.
  • وقال بعض العلماء: أنه من فقه الخطيب تأخير الصلاة يوم الفطر حتى يعطى الفرصة لمن لم يخرج الزكاة أن يخرجها، وأن يخفف خطبة يوم الأضحى حتى يُسرع من كانت له أضحية في الذبح.
  • ومن جملة ما أحدثه الناس تزيين مصلى العيد بالبالونات وما شابه، فهذا لا يعلم من السنة، وأقبح منه تزيين المساجد في هذا اليوم.
  • أما التهنئة بالعيد، فقد سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : هَلْ التَّهْنِئَةُ فِي الْعِيدِ وَمَا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ:"عِيدُك مُبَارَكٌ"وَمَا أَشْبَهَهُ، هَلْ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ، أَمْ لَا؟ وَإِذَا كَانَ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ، فَمَا الَّذِي يُقَالُ؟ أَفْتَوْنَا مَأْجُورِينَ.
فأجاب: أَمَّا التَّهْنِئَةُ يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إذَا لَقِيَهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ، وَأَحَالَهُ اللَّهُ عَلَيْك، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَرَخَّصَ فِيهِ، الْأَئِمَّةُ، كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ.
لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ: أَنَا لَا أَبْتَدِئُ أَحَدًا، فَإِنْ ابْتَدَأَنِي أَحَدٌ أَجَبْته، وَذَلِكَ لِأَنَّ جَوَابَ التَّحِيَّةِ وَاجِبٌ، وَأَمَّا الِابْتِدَاءُ بِالتَّهْنِئَةِ فَلَيْسَ سُنَّةً مَأْمُورًا بِهَا، وَلَا هُوَ أَيْضًا مَا نُهِيَ عَنْهُ، فَمَنْ فَعَلَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ، وَمَنْ تَرَكَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [الفتاوى الكبرى( 2 / 371)].
 

  • وكان من هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم الأضحى أن يبدأ النحر بعد الصلاة مباشرة، فعن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ ، قال : قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن أول ما نبدأ في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن نحر قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء" .[ متفق على صحته].
ويعد الذبح وإراقة دماء الأضاحي من أعظم القربات إلى الله ـ تعالى ـ ، وهو من الخطوط الفاصلة بين التوحيد والشرك، قال تعالى: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ العالمين ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وبذلك أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين } [ الأنعام: 162 ].

  • وللذبح سنن سنها لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلمـ ، فعن شداد بن أوس ، قال : ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، فليرح ذبيحته ".[رواه مسلم].
فأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نحسن الذبح،  وهو من الإحسان الذي كتبه الله ـ عز وجل ـ على كل شيء، ويكون بحد الشفرة، وهي السكين التي يُذبح بها، فتسن حتى تصبح قريبة من الموسى تجري في اللحم الحي، وليس من الإحسان في شيء أن تسن السكين أمام الذبيحة وهي تنظر!، ، فعن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ  أن رجلا أضجع شاة يريد أن يذبحها وهو يحد شفرته ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أتريد أن تميتها موتات هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها". [أخرجه الحاكم وصححه، ووافقه الألباني].

فمن أراد الإحسان في الذبح ..فليحد الشفرة، وليرح الذبيحة، وقيل أراحتها تكون بأن يزيل ما تحتها من الأحجار والأشواك، وأن يعرض عليها الماء قبل الذبح، وأن لا يريها السكين، أو أن تذبح في مكان فيه دماء أو بقايا أعضاء لذبيحة أخرى، وأن لا تذبح أمام أخرى، وأن يكبر ويسمي وهو يضجعها على الأرض.

وهذا الأمور ربما استهان بها البعض، فتراه يقع في بلاء وعناء شديد لمخالفته السنة، فتهيج الدابة وتهرب منهم، وربما جرحت أحدهم أو قتلته!، وكل ذلك لمخالفة السنة، فأن تلك الدواب مسخرة لنا ومذللة، كما قال تعالى: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ } [ يس : 71-72 ].
فهذه الأنعام مأمورة من الله ـ عز وجل ـ بالطاعة لبني آدم شريطة التزام السنة، ومن عجيب ما قرأت ما ذكره المجد في المنتقى أن رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ  لما أراد أن ينحر الإبل في منى تسابقت إليه أيتها ينحر أولاً .. كأنها تعلم أن التولي يوم الزحف حرام!.

  • وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين عظيمين (موجوءين) [متفق عليه]، والكبش الأملح هو : ما كان بياضه أكثر من سواده.
وهناك أربع لا يجزين في الأضاحي : العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين عرجها، والعجفاء (الهزيلة) التي لا تنقي (لا عقل لها).فالله طيب لا يقبل إلا طيباً.
هذا؛ نسأل الله أن يبارك لنا وعلينا، وأن لا يأتي علينا العيد إلا وقد غفر لنا وللمسلمين أنه هو الغفار الكريم.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.       
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 8 ذي الحجة 1434 هـ
13 / 10 / 2013 م



الهوامش ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):  رواه البخاري، وهذه السنة خاصة بعيد الفطر فقط.
قال سائل للشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ :
سمعت أن الصائم عند إفطاره يجب أن يفطر على عدد فردي من التمر أي خمس أو سبع تمرات وهكذا. فهل هذا واجب؟
فأجاب الشيخ : ليس بواجب, بل ولا سنة أن يفطر الإنسان على وتر ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع , إلا يوم العيد , عيد الفطر , فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يغدو للصلاة يوم عيد الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وتراً , وما سوى ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتقصد أن يكون أكله التمر وتراً. [برنامج نور على الدرب شريط354 ].
(2): صلاة العيد تكون في الخلاء ولا تصلى في المساجد إلا لعذر، قال الألباني: " ثم إن هذه السنة - سنة الصلاة في الصحراء - لها حكمة عظيمة بالغة : أن يكون للمسلمين يومان في السنة يجتمع فيها أهل كل بلدة رجالا ونساء وصبيانا . يتوجهون إلى الله بقلوبهم تجمعهم كلمة واحدة ويصلون خلف إمام واحد يكبرون ويهللون ويدعون الله مخلصين كأنهم على قلب رجل واحد فرحين مستبشرين بنعمة الله عليهم فيكون العيد عندهم عيداً.
 وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخروج النساء لصلاة العيد مع الناس ولم يستثن منهن أحدا حتى أنه لم يرخص لمن لم يكن عندها ما تلبس في خروجها بل أمر أن تستعير ثوبا من غيرها وحتى أنه أمر من كان عندهن عذر يمنعهن الصلاة بالخروج إلى المصلى " ليشهدن الخير ودعوة المسلمين ".اهـ
قلت: وقد أحدث وابتدع أناس في هذه الأزمان فتراهم لا يصلون العيد إلا في المسجد ويقاتلون على هذا الأمر المحدث، في الوقت الذي يصلون فيه الجمع في الميادين كما يمليه عليهم فقه المظاهرات!.

(3): وليس من ألفاظ إقامة الصفوف قولهم: استقيموا  .




الأحد، 6 أكتوبر 2013

الرئيس السادات .. وخوارج العصر!

الرئيس السادات .. وخوارج العصر!


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
افترقت هذه الأمة إلى اثنتين وسبعين فرقة هالكة، وفرقة واحدة ناجية .
وهذه الفرق الهالكة ضلت كل واحدة منها في باب من أبوب الاعتقاد، وأغلبها ضلّ في مسائل الإيمان، فرفعت الإيمان عن أقوام، ونسبت الكفر لأخريين، ورأت ما ليس بمكفر مكفراً.
وتعد فرقة الخوارج من أخبث هذه الفرق ، إذ أن النفسية الخارجية لا ترى معاصي ومخالفات الحكام إلا كفراً، ولهذا تستحل قتالهم .. فَيعُم الفساد وتضيع البلاد.. ويهلك العباد!
ولعل الرئيس " محمد أنور السادات " ـ رحمه الله ـ من أشهر الأمثلة المعاصرة التي كفرها الخوارج ثم استحلوا دمه بعدها.

وأشهر ما قام عليه بوق التكفير في قصة السادات .. هو عقده لصلح واتفاقية مع يهود، فعد القوم هذا الفعل من الكفر البواح، والردة الظاهرة، التي تستوجب إقامة الحد على فاعلها!.
قال عمر التلمساني: " لقد عارضه الإخوان المسلمون في أسوأ غلطة أساءت إلى تاريخه وهي معاهدة السلام، عارضوا مبادرته إلى القدس، ووثيقتي كامب ديفيد ومعاهدة السلام وعارضوه وحدهم دون غيرهم من الأحزاب والجماعات، من أول خطاها في هذا الطريق الضار الخطير" [ أيام مع السادات ص / 108 ].  

مع أنه صح في السنة الصحيحة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عقد صلح الحديبية مع مشركي مكة، واتفق مع يهود على أمور، فلعلهم يكفرون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذا الفعل!، كما رمى جدهم الأكبر نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالشرك!، فقال كما عند البخاري عندما آثر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أناسا في القسمة من غنائم حنين : " والله ما أراد محمد بهذا وجه الله!!"، فلهم سلف ولكل قوم وارث!.

والعجيب أنهم في الوقت الذي يكفرون فيه الحكام لعقدهم لمثل هذه المعاهدات، يرون هذا الفعل هو عين الحكمة وقمة الدهاء إن صدر من أحد قادتهم (مع أنهم مطاريد في الجبال وليس لهم من الأمر شيئ) ، قال" أسامة بن لادن " الخارجي الخبيث ـ قبحه الله ـ في مقابلته مع قناة الجزيرة بتاريخ 19 / 12 / 1426 ه: (( ولا مانع من إجابتكم إلى هدنة طويلة الأمد بشروط عادلة نفي بها، فنحن أمة حرم الله علينا الغدر والكذب، لينعم في هذه الهدنة الطرفان بالأمن والاستقرار، ولنبني العراق وأفغانستان الذيْن دمرتهما الحرب )) اهـ

فهذا الذي كفروا به السادات هو عين الحكمة عند ابن لادن!!
وذهبوا إلى تكفير السادات أيضاً لكلمة خرجت منه في أحد خطبه قال فيها: " لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين"
ومع أن هذه كلمة مجملة محتملة ينفي ظاهرها باقي كلامه، إذ كان دائماً يقول: " الإسلام دين ودولة " وعندما تطاول نصارى المهجر العلمانيين، قال لهم: " أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة " ، وحادثة عزله لشنودة وإذلاله أشهر من أن تُذكر.

مع أنه بين ماذا يريد بكلمته السابقة عندما قال: " الإخوان المسلمين عاملين نفسهم الناس اللي واقفين بعيد وبتوع الدين وبس، وساعة ما نقول: "لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة".. يقولوا: أبداً.. الدين سياسة والإسلام دين ودولة.. آه دين ودولة صح، لكن أن تفرض وصاية على مصر باسم الدين على طريقة الخميني كما يكتبوا الآن.. لا.. إنه يتقتل في مصر 900(قتيل) زي الخميني ما عمل في شهر علشان الثورة الإسلامية.. لا دي ثورة إسلامية ولا ده إسلام". اهـ [جريدة الأهرام بتاريخ 15/9/1981].

قلت: فقد وضح ما كان يقصد ـ رحمه الله ـ هو عدم استغلال الدين للوصول إلى مآرب سياسية ، على طريقة إمام الضلالة الخميني ، وقد كان الإخوان حينها من أشد مؤيدي ثورة الخميني ، حتى أنه قيل أن أحدى شعاراتهم التي رفعوها في هذا الوقت كان مكتوباً عليها: (( ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في طهران!)).

وكان السادات يعلم أن الإخوان تعمل بنفس أصول الخميني الشيعي الرافضي الخبيث ، فقال: " لما جت (أتت) سنة 70 م طلَعت الإخوان المسلمين من السجن، رجعتهم إلى وظائفهم، صرفوا لهم فرق المهاية (الراتب) التي كانوا معينيين عليها .. فأنا اعتقدت إن الموضوع خلاص اصفى وانتهى. طلعوا بيعملوا بالتقية. بس التقية ليست عندنا نحن المسلمين السنة. التقية مش (ليست) عند السنة أبدا. إن تكلم بلسان وإللي في قلبك حاجة ثانية . لا ما عندناش (ليس عندنا) كده". اهـ

قلت: فالرجل يقول أنه مسلم ،وأنه رئيس دولة مسلمة، وأنه من أهل السنة، ويحاول رفع الظلم عن تنظيم الإخوان المسلمين مع علمه جيداً أن هذا التنظيم هو أصل كل التنظيمات المعاصرة، فقد قال بالحرف: " أول ما حا أبدأ به عملية استغلال الدين.. هيه إيه القصة بتاعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية اللي ظهرت أخيراً؟؟ الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية شئ واحد.. بل الجماعات الإسلامية هي نقدر نقول عليها التنظيم السري الجديد للإخوان المسلمين" . اهـ

ومع ذلك رد عنهم المظالم، وأخرجهم من السجون، وجعلهم يمارسون الدعوة بكل حرية، مما دفع المرشد العام للإخوان " عمر التلمساني" أن يقول: " كان البعض يعاتبني لما قلت له: إني أتمنى أن يطول عهد حكمك إلى أبعد مدى .. وكان هذا أحساسي نحوه حقاً، لأننا في مدة حكمه أعدنا إصدار مجلة الدعوة في ثوبها القشيب، وكنا نقيم الاحتفالات الدينية وغيرها، نقول فيها ما نشاء في جرأة ووضوح، لا نخشى فيما نقول إلا الله" [ أيام مع السادات ص / 35 ].

قلت: ومع ذلك كفروه واستحلوا دمه، وكان يوم القصاص .. هو نفس اليوم الذي أذل فيه الله اليهود على يد عبده "أنور السادات" ـ عفا الله عنه ـ ( فيا قرة عين يهود بالخوارج والإخوان) .
ولله در الإمام ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ لما قال: " .. فإذا أراد هؤلاء الخارجون على بعض الحكام المسلمين فليخرجوا على الكفار المشركين، ولكنهم يريدون أن يبثوا الفتن بين المسلمين .

ولذلك فأنا في الحقيقة في شك كبير من أمرين اثنين :
من إسلام هؤلاء حقيقة، أي : أخشى أن يكونوا من أعداء الإسلام تلبسوا بثياب المسلمين . وإن كانت الأخرى، وهي أنهم مسلمون فعلاً، ولكنهم جهلة في منتهى الجهالة ... وأنا أستبعد أن يكون هؤلاء من المسلمين، وإنما هم من المتزيين بزي الإسلام، ويريدون أن يشوهوا نصاعة الإسلام وبياضه ونقاوته, بأن ينسبوا إليه أفعالاً , الإسلام والمسلمون حقّاً هم براء (أبرياء) مما ينسب إليهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب )) . اهـ [فتاوى العلماء الأكابر لما أهدر من دماء في الجزائر ص 102 : 107 ].

ومن نظر في مقالات خوارج العصر في هذه الحادثة (مقتل السادات) يجدها ممزوجة بالشماتة والفرح والتشفي !، كأنه حدث نصر للمسلمين والإسلام بمقتل الرجل!.

فقد بارك "محمود الصباغ" قتلة السادات، كما في كتابه (حقيقة التنظيم الخاص . ص / 29) ـ والذي قدم له مصطفى مشهور ـ ، حيث قال: " فسلط عليه شباباً من شباب مصر، وأظلهم بظله فباغتوه في وضح النهار، وفي أوج زينته وعزه يستعرض قواته المسلحة ولا يرى فيهم إلا عبيدا له ينحنون بقوته وعظمته يشهدون وإذا بهم سادة يذفونه بالنار ويدفعون عن أنفسهم وصمة الذل والعر والشنار ..." .[بواسطة الإخوان بين الابتداع الديني والإفلاس السياسي للوصيفي].

وقال "عمر عبد الرحمن " في محاضرة ألقاها في أمريكا: " ولابد لكل طاغية ظالم أن يُزال من الحياة كما أزيل الشاة، وكما أزيل "أنور السادات"، من هنا كانت الثورة الإسلامية في إيران مظهراً من مظاهر العز والقوة والمجد، وأنها لتبعث في روح المسلمين المجاهدين في كل مكان بعامة، وفي مصر خاصة، روح الأمل واليقين!. هذه الثورة التي أزلت وما زالت تزيل طواغيت وجب علينا نحن المسلمين أن نزيلها!، لقد مرغت أنفهم في التراب وجعلتهم يتحدثون عن قوة الإسلام ويرهبونها!!. هذه الثورة الإسلامية في إيران مشرق أمل ومبعث فرحة وسرور، وانطلاق للجهاد في سبيل الله!!، والمسلمون في كل مكان يترسمون خطاها ويفرحون بانتصاراتها العظيمة!". [القطبية هي الفتنة ص / 69 : 70 ].

قلت: ولا عجب من تعظيم هذا الخارجي الخبيث ـ عامله الله بعدله ـ للخميني وثورته، الخميني الذي يعتقد تحريف القرآن، وكفر الصحابة، ووقوع أمهات المؤمنين في الفاحشة، وأن للأئمة (والذي هو منهم ) خلافة كونية، فهم بمنزلة الآلة في الأرض!، فيمدح هذا ويعظمه من على أرض أهل الكفران ( أمريكا) ، في الوقت الذي يفرح بقتل السادات ويصفه بالطاغوت!، ليتجسد لنا معنى حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الخوارج " يقتلون أهل الإسلام ويقربون أهل الأوثان" .

وقال " محمد إسماعيل المقدم " عن السادات: " فرعون حقير يرقد الآن في مزبلة التاريخ وحسابه على الله" [ عودة الحجاب (1 / 210 ) ط الثالثة ] .

وقال في الهامش: " وقد أقيمت الصلوات اليهودية في ميادين تل أبيب على ضوء الشموع حزناً على موته، وحضر ثلاثة من رؤساء أمريكا قداساً جنائزياً بالكنيسة على روحه، لقد كان مصراً على أن يدخل التاريخ وقد دخله، ولكن من نفس الباب الذي دخل منه إبليس وفرعون وقارون، ومضى إلى ربه بعد أن صفى كل عداوته إلا عداوته لأمته". اهـ

وقال في ( 1 / 193 ) : " ولعل سيرة أتاتورك تفسر لنا لماذا يصر طواغيت اليوم على اتخاذه أسوة وقدوة، حتى لقد افتخر ((فرعون مصر)) الملقب بـ ((أنور اليهود)) يوماً بأن مثله الأعلى هو أتاتورك" اهـ

قلت: والنقل يطول .. ومن تتبع مقالاتهم يجدها متواترة على ذم "أنور السادات" مبجلة لقتلته! ، حتى أن الرئيس المعزول " محمد مرسي" ـ قبحه الله ـ أصر على أن يحتفل في القصر الرئاسي مع قتلة الرجل!.

هذا؛ وليس قصدي من هذا المقال هو الترقيع والتلميع للرئيس " أنور السادات" ، فالرجل أعتقد أنه كان مسلماً من عوام أهل السنة، وقد أفضى إلى ما قدم .. وهو بين يدي رب كريم غفور إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه.

ولكن الغرض من المقال هو أن فكر الخوارج لم يمت وما زال بيننا حيا ينبض، يرتع في عقول شباب تستحل دماء المسلمين وأعراضهم باسم الجهاد في سبيل الله!، وتنشر الإفساد في الأرض باسم الإصلاح ونصرة الدين!.
فتكون المحصلة النهائية لسعيهم هو رفعة أهل الكفران والأوثان، وقتل أهل التوحيد والإسلام.
فأصحاب هذا الفكر المنحرف هم من محن المسلمين الحقيقية في هذا العصر. ولهذا يتوجب على من استطاع رد شبهاتهم وتفنيد أباطيلهم أن يفعل ولا يتأخر، ومن استطاع كشف مخططاتهم التي سطروها في ثنايا كتبهم فليفعل، وليعلم أن هذا جهاداً حقيقياً في سبيل الله.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : " الجهاد نوعان: جهاد باليد والسنان وهذا المشارك فيه كثير، والثاني: الجهاد بالحجة والبيان وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل، وهو جهاد الأئمة، وهو أفضل الجهادين لعظم منفعته وشدة مؤنته وكثرة أعدائه"[مفتاح دار السعادة ص 71 ].

وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 1 ذو الحجة 1434 ه
6 أكتوبر 2013 م

الخميس، 3 أكتوبر 2013

شرح الصدور بالصلاة على الرسول




شرح الصدور بالصلاة على الرسول
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد :
فقد يَحتار العبد أحيانًا بين الذكر والدعاء، أيهما أولى .. يَدعو الله أم يَذكر الله ؟
  وإذا ترجح عنده الذكر، أخذته الحيرة مرة أخرى أيهما أفضل التسبيح أم الاستغفار ؟
   أما المفاضلة بين التسبيح والاستغفار فقد كفانا أبو الفرج " ابن الجوزي " الإمام - رحمه الله - الإجابة عن هذا الإشكال ، فقد سُئل - رحمه الله - :
أيهما أفضل التسبيح أم الاستغفار ؟

فقال: " الثوب الوسَخ أحوج إلى الصابون من البخور". اهـ (ذيل طبقات الحنابلة).


   يشير " ابن الجوزي " إلى أن الاستغفار أفضل من التسبيح؛ وعلة التفضيل عنده أن الاستغفار لمحو الذنوب بينما التسبيح لتحصيل الثواب، فكان المناسب غسل الذنوب قبل تحصيل الثواب، لأن التصفية قبل التحلية كما هو معروف .
  أما أيهما أفضل للعبد " الذكر أم الدعاء " ؟
فقد كفانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإجابة عن هذا الإشكال بحديث أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي بإسناد حسن صحيح :

( عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله أني أُكثر من الصلاة عليك فهل أجعل لك ربع الصلاة؟ قال : " ما شئت ولو زدت فهو خيرٌ لك "، قال : أجعل لك ثلث الصلاة ؟ ، قال : " ما شئت وإن زدت فهو خيرٌ لك " ، قال : أجعل لك نصف الصلاة ؟ ، قال : " ما شئت وإن زدت فهو خيرٌ لك " ، قال : أجعل لك كل صلاتي أو جميع صلاتي ؟ ، قال : " إذًا تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك " ) . اهـ
   والمراد من قول أبي بن كعب - رضى الله عنه - " أجعل لك كل صلاتي؟ " يعني : دعائي .
فالصلاة هي الدعاء ، يقول الله عز وجل : { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ }
[التَّوْبَة: 103]، فسأل أبي بن كعب الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - بدلًا من وِرّده من الدعاء وطلب المغفرة وسؤال الجنة ... إلخ ، فأخبره الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنك إن فعلت ذلك كفاك الله همك وغفر لك ذنبك " إذًا تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك " .
   فيمكن المسلم أن يكتفي بملازمة الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - عوضًا عن الدعاء، ويكون بذلك حصّل فضيلة الذكر والدعاء معًا، إذ الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - تشمل فضل الذكر والدعاء لأنه قال لأبي بن كعب : " إذًا تُكفى همك"، وهذا متعلق بما كان سيدعو به مِن كل ما يهمه من أمر الدنيا والآخرة.
    ثم تأتي بركة الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيُغفر له ذنبه وهو الذي يحصله العبد من الاستغفار .
   فالخلاصة : إن الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - مشتملة على فضل الذكر والدعاء والاستغفار .

   يقول الطيبي - رحمه الله - : وقد تقرر أن العبد إذا صلى مرةً على النبي - صلى الله عليه وسلم ـ صل الله عليه بها عشرة ، وأنه إذا صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل في زمرة الملائكة المقربين في قوله تعالى : {إِنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلونَ على النَّبِيِّ يَا أَيُّها الّذينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَليْهِ وَسَلِّمُوا تَسْليمًا } . اهـ
   وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من صل الله علي واحده صل الله عليه بها عشرًا "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : "من صلى الله عليه كفاه همه وغفر له ذنبه" . ا هـ [ذكره ابن القيم في جلاء الأفهام].
  وعند أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " رَغِمَ أنف رجل ذكرت عنده وفلم يصل علي"
  قال المناوي - رحمه الله - : " أي لحقه ذلٌ وخذيٌ مجازاة له على ترك تعظيمي، وخاب وخسر من قدر ان يَنطق بأربع كلمات توجبه لنفسه عشر صلوات من الله، ورفع عشر درجات، وحط عشر خطيئات فلم يفعل، لأن الصلاة عليه عبارة تعظيمه، فمن عظمه عظمه الله، ومن لم يعظمه اهانه الله، وحقر شأنه" . ا هـ
  ومعنى الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - :

قال تعالى : { إِنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلونَ على النَّبِيِّ يَا أَيُّها الّذينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَليْهِ وَسَلِّمُوا تَسْليمًا }[ الأحزاب 56 ] .

  فالصلاة من الله سبحانه : ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، والعناية به وإظهار شرفه، وفضله وحرمته، وإرادة تكريمه وتقريبه .
 يقول ابن كثير - رحمه الله - :
   "والمقصود من هذه الآية: أن الله سبحانه أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين، وأن الملائكة تصلي عليه. ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعًا". [تفسير القرآن العظيم ( 6 / 457) ط . دار طيبة].

 وصفة هذه الصلاة :
    عن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - أنهم قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قولوا : اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم انك حميد مجيد ". 

( متفق على صحته ) .

والمواطن التي تتأكد فيها هذه الصلاة :
حري بكل محب للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُكثر من الصلاة والسلام عليه في كل وقت وحين، وتتأكد الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مواطن منها :
1. عند ذكره ، فإنه قال - صلى الله عليه وسلم - : ( البخيل من ذُكرت عنده فلم يصل علي ) [صحيح أخرجه أحمد والترمذي] .
2 . عند دخول المسجد وعند الخروج منه .
3 . عند إجابة المؤذن .
4 . عند بداية الدعاء وعند ختامه .
5 . في أول النهار وآخره .
6 . يوم الجمعة .
7 . في صلاة الجنازة والعيدين والاستسقاء .

فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد

القاهرة ٢٧ / ذو القعدة/  ١٤٣٤ هـ
3 / 10 / 2013

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرجع للتوسع :
جلاء الافهام في الصلاة والسلام على خير الأنام - ابن القيم
زاد الميعاد لابن القيم

الأحد، 22 سبتمبر 2013

دردشة عصرية!

دردشة عصرية!

الحمد لله، وبعد:

سألني أحد الأخوة عدة أسئلة واشترط الاختصار، فكان مما سئل:


من هم الخوارج؟


قلت: هم فرقة من أهل القبلة انحرفت عن فهم الدين الصحيح، ترى كفر كل من وقع في ظلم من الحكام وإن كان الحاكم الرسول صلى الله عليه وسلم!


ففي صحيح البخاري قَسم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ غنيمة بين جماعة من المؤلفة قلوبهم ـ حديثي الإسلام ـ ولم يعط آخرين، فقال رجل يسمى ذو الخويصرة التميمي : "أعدل يا محمد فهذه قسمة لم يرد بها وجه الله"!

فرمى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالشرك!، إذ جعل عمله لوجه الناس وليس لوجه الله!.
وخرجوا على شهيد الدار عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ وقتلوه بزعم أنه يولي أقاربه المناصب!

وخرجوا على علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وكفروه، وقالوا: أنت أمير الكافرين !، وذلك لأنه جعل أبو موسي الأشعري رضي الله عنه حكماً في أحدى القضايا، فقالوا: كيف هذا والله يقول: { إن الحكم إلا لله }؟، وهم مستمرون في الخروج في الأمة حتى يخرج أخرهم مع الدجال كما في سنن الترمذي.


من هم ولاة الأمور؟


قلت: هم كل من تولى أمر المسلمين وحكمهم، ولهذا يُقال له حاكم، ويُقال له سلطان لأن له سلطة، ويُقال له ملك لأنه يملك زمام الدولة، فلا يُلتفت للمسمى وإنما يلتفت إلى واقع الحاكم، فإن كان له سلطة وقوة، ويَستطيع عقد الاتفاقات الدولية، وعزل الوزراء وما شابه، فهو ولي أمر يُسمع له ويُطاع في المعروف، ولا سمع له ولا طاعة في المعصية كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.



كيف تكون ولايته؟


  • قلت
  • أبو بكر الصديق تَولى ببيعة من كان في ثقيفة بني ساعدة، وهو ما يُسمى بيعة أهل الحل والعقد.
  •  وعمر الفاروق تَولى بوصية من الحاكم الذي قبله، أعني: أبا بكر.
  •  وعثمان تولى بالشورى، إذ جعل عمر الفاروق أمر الخلافة بعده في ستة مات رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو عنهم راض، فاختار الناس عثمان بن عفان من الستة.
  •  ومعاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ تولى بتنازل الحاكم السابق له، إذ تنازل له الحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ عن الحكم.
  •  ويزيد بن معاوية تولى بوصية من أبيه، إذ كان يزيد قائد الجند فخاف معاوية أن يعود الاقتتال مرة أخرى بين المسلمين إن تولى رجل ضعيف.
  •  وتولى عبد الملك بن مروان بالسيف بعد أن قتل الحجاج بن يوسف ابن الزبير وصلبه في الكعبة، ومع هذا بايع له ابن عمر كما في صحيح مسلم وقال : ونصلي وراء من غلب.
  •  وقامت دولة المماليك البحرية على من قَتل الحاكم أخذ مكانه!، وكان أشهرهم بيبرس الذي قَتل قطز وأخذ مكانه.
  •  وقامت الدولة المصرية الحديثة بتولية "محمد على" من قِبل أهل الحل والعقد من شيوخ الأزهر، فجعل الحكم بين أبنائه من بعده.
  •  ثم حدث الانقلاب العسكري من الجنود الأحرار! على الملك فاروق، وأصبح محمد نجيب أول رئيس عسكري في دولة مدنية!.
  •  ثم دخلت الديمقراطية ومعناها حكم الأغلبية وتَولى بها جماعة من الحكام.. وكل هذه الهيئات لم يَقل العلماء أن الحاكم الذي يتولى بها غير شرعي، إذ الأصل أننا نُصلي وراء من غلب كما قال ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ، ولهذا بَين الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ أننا نَسمع ونَطيع للأمراء بأي طريقة كانت وليتهم، المهم أن يُسمى أمير المؤمنين، يعنى: يُطلق عليه اسم الحاكم لسيطرته على الحكم والملك، ويكون مسلماً.

هل يجوز اشتراك المسلمين في أحزاب؟

قلت: لا؛ إذ الحزبية والفُرقة سنة فرعونية ليست من دين المسلمين، قال تعالى : { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} أي فرقاً يشيعونه على ما يريد ويطيعونه، لا يَملك أحد منهم مخالفته، أو يشيع بعضهم بعضاً في استخدامه ، أو فرقاً مختلفة قد أغرى بينهم العداوة ليكونوا له أطوع.

ولهذا جاءت الشريعة الإسلامية بالبراءة من الفُرقة والحزبية، فقال تعالى مخاطباً النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: { إِنَّ الذين فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ . . } [ الأنعام : 159 ].

وقال تعالى : { وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}، وهذه هي العلة في منع التحزب والفُرقة: وهو أن كل جماعة وكل حزب يَحسب أنه فاز بالصواب ووقع الخطأ من غيره، فيفرح ولا يلتفت ولا يستمع  لنصح، فتطيع الأمة!، إذ إن خيرتها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.



طيب كيف تطبق الشريعة إذاً؟

قلت: الأصل أن نَفهم ما هي الشريعة أولاً، فمن فَهم الشريعة بأنها إقامة الحدود فقط، فهذا قد زعم أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان معطلاً للشريعة في فترة وجوده في مكة!، والذي فَهم أن التمكين في الأرض هو الغاية من الشريعة فهو أيضاً واهماً، إذ قال الرب عز وجل : { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}، فليس التمكين مقصوداً لذاته، ولكن لإقامة الغاية التي خلق من أجلها الخلق { وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ]، فالشريعة معنى جامع لكل ما جاء به محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فإقامة الصلوات من تطبيق الشريعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من تطبيق الشريعة، وإقامة الحدود من تطبيق الشريعة، والغزو في سبيل الله من تطبيق الشريعة، وطلب العلم وتعليمه من تطبيق الشريعة، وإطلاق اللحية من تطبيق الشريعة، ومخالفة سنن الكفار من تطبيق الشريعة، وتربية الأولاد على سنن الإسلام من تطبيق الشريعة، و...

فالكل مطالب بتطبيق الشريعة، كلٌ على قدر استطاعته، فليس الأمر مُتوقف على الحاكم فقط!، فأنت رئيس دولة بيتك ، ستُسأل لماذا لم تحجب أمرآتك وتكف أذاها عن المسلمين؟ ، وتُسأل عن أبنائك لماذا لم تقومهم على سنن المسلمين؟ ، وتسأل عن نفسك لماذا أخذت الرشوة أو سكت عن من أخذها؟ وهكذا دوليك...
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وكتب

أبو صهيب وليد بن سعد


احذر أن تُكفر صحابيا وأنت لا تَدري!


احذر أن تُكفر صحابيًا وأنت لا تَدري!
 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

     فقد جَرت عادة بعض القصاص أنهم إذ تَحدثوا في شأن الموت.. ذكروا بعض قصص المحتضرين ، ومما يُذكر في هذا الباب قصة احتضار "عمر بن العاص" ـ رضوان الله عليه ـ وفيها : " أن عمرو بن العاص كان يقول: عجبًا لمن نزل به الموت وعقله معه كيف لا يصفه؟!.
    فلما نزل به الموت ذّكره ابنه بقوله، وقال: صفه . قال: " يا بني الموت أجلّ من أن يُوصف، ولكني سأصف لك! أجدني كأن جبال رضْوَى على عنقي، وكأن في جوفي الشوك، وأجدني كأن نَفسي يخرج من إبرة "

قلت: هذه القصة أخرجها ابن سعد في "الطبقات الكبرى"، ومدارها على "هشام بن محمد بن السائب الكلبي" وهو متروك، وكان غاليًا في التشيع، فالحديث ضعيف إن لم يكن موضوعًا. وقد ضعفه شيخنا على حشيش ـ حفظه الله ـ .


   والحديث يحمل بين طياته معنى خبيث، وهو أنه خُتم لـ "عمر بن العاص" ـ رضي الله عنه ـ بالكفر ـ عياذًا بالله ـ ، إذ الوصف الذي ذُكرّ عند احتضاره، هي هيئة خروج روح الكافر !
   قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  : " ... وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة [غلاظ شداد]، سود الوجوه معهم المسوح [من النار] فيجعلون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما يتنزع السَّفود (الكثير الشعب) من الصوف المبلول [فتقطع معها العروق والعصب] فيأخذها فإذا أخذها لم يدعها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح" [ جزء من حديث صحيح أخرجة أحمد ].

 
   قلت : وهذه هي الهيئة التي وصفها عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ  تحدث له. والحديث من رواية أحد كذبة الشيعة التى ترك أهل الحديث حديثهم!
    
فاحذر يا عبد الله ! من تكرار هذا الحديث، فتكفر صحابيًا وأنت لا تدري!.
     وتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ : "أسلم الناس، وآمن عمرو بن العاص". 
 وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 9 ذو القعدة 1434

15 سبتمبر
2013

الجمعة، 13 سبتمبر 2013

زيـادة قبيحة!



زيـادة قبيحة!

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فإن أم المؤمنين عائشة ـ عليها الرضوان ـ قالت في وصف خلق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( كان خلقه القرآن)) [هذا لفظ أحمد، وأصل الحديث عن مسلم في الصحيح].

والمعنى: أنه كان يتأدب بآدابه، ويتخلق بأخلاقه، فما مدحه القرآن كان فيه رضاه، وما ذمه القرآن كان فيه سخطه.
ورأيت كثيرًا من الخطباء يزيد على صُلب الحديث زيادة قبيحة، فيزعم أن عائشة قالت: (( كان خلق الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن، كان قرآنًا يمشي على الأرض!)).
والزيادة هنا، هي قولهم: ((كان قرآنًا يمشي على الأرض! ))
وهذه مخالفة شنيعة للعقيدة، إذ يعتقد أهل السنة أن القرآن الكريم صفة للرب ـ سبحانه وتعالى ـ كما في قوله: { وَإِنْ أَحَدٌ مّنَ المشركين استجارك فَأَجِرْهُ حتى يَسْمَعَ كَلاَمَ الله } [ التوبة : 6 ]، فالقرآن (كلام الله )، وهو صفة من صفاته ـ سبحانه وتعالى وعز وجل ــ ، فإن قلنا: أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان قرآنًا!، هذا يتضمن أن صفة من صفات الله ـ عز وجل ـ حلت في النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ !!، وهذا من أفسد القول وأشنعه.
ولعل هذه الزيادة القبيحة تسللت من طريق الاتحادية الخبثاء، والذي يتبنى مذهبهم الآن الصوفية! ( علموا ذلك أم جهلوه !)، فتسمع من هؤلاء المتصوفة مثلاً : ((الله ربّي لا إله سواه.. هل في الوجود حقيقة إلاّ هو؟ ! )) فهذا قول الاتحادية الأوائل كابن عربي والتلمساني وغيرهما.

قال الشيخ ربيع  المدخلي ـ حفظه الله ـ : (( هل في الوجود حقيقة إلاّ هو؛ هذا من كلام أهل وحدة الوجود، يقول لا وجود حقيقي إلاّ الله ، هناك وجود حقيقي للمخلوقين، الله أوجدهم وأوجد هذه الحقائق فهذا يشبه كلام أهل وحدة الوجود )) .

وقال الشيخ صالح السحيمي ـ حفظه الله ـ : ((هل في الوجود حقيقة إلا هو" هذا هو القول بوحدة الوجود . وهي عقيدة ابن عربي وابن الفارض وابن سبعين والفارابي وغيرهم من زعماء الاتحاديين القائلين بأن العبد رب والرب عبد!، وأنه لا حقيقة لهذا الوجود إلا لله عز وجل؛ فكل ما تشاهده وتراه وتحسه وتذوقه وتلمسه هو الله عز وجل!! . وقد قرر أحد المنظرين أحد الكتاب الجهلة في هذا العصر ذلك عند قول الله عز وجل عند سورة الإخلاص في تفسيره المسمى ب: "في ظلال القرآن" )) .


قلت: فانتبه يا عبد الله! من تكرار هذه الزيادة، فالأمر خطير!

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 7 ذو القعدة 1434
12 سبتمبر 2013


التحذير من مقال "دفاعاً عن الشيخ رسلان، ومشايخنا الكرام"



التحذير من مقال "دفاعاً عن الشيخ رسلان، ومشايخنا الكرام"


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

قرأت كلمة سماها صاحبها" دفاعاً عن الشيخ رسلان، ومشايخنا الكرام"
فوجدت الكاتب عن قصد أو عن غير قصد (والله أعلم بالنوايا)، خلط بطريقة قبيحة في أبجديات المنهج، فوضع أهل السنة الخُلص في مقارنة وموازنة مع المبتدعة الخُلص!، فجعل الشيخ الأستاذ/ محمد سعيد رسلان  في وسط جماعة من المنحرفين والمشبوهين، ليقرر: (كل ابن آدم خطاء!)، و(مفيش حد معصوم من الخطإ!) .
ثم بدأت التمثلية!، ومضمونها.. حتى لا يتطاول أحد على شيخنا العلامة"محمد سعيد رسلان"، ويمسك عليه ثناءه على الشعراوي، وجلوسه مع الحلبي، و... أخذ يُعدد خيوط العنكبوت التي تعزف عليها الكائنات الحدادية!، (جمعها الأخ ورتبها، كأنه يقول لهم: المشاريب ده عندي!).

ثم أخذنا نبحث عن دفاع الأخ عن الشيخ رسلان، والذي ما سطر المقال إلا دفاعاً عنه!
فوجدناه يقول: العبرة في أخر سطور المقال والمنشور!
فذهبنا بسرعة! لنرى المخلص والمفر من الكائنات الشريرة التي من الممكن أن تتطاول على شيخنا بذكر (الشبهات التي جمعها الأخ المدافع عن الشيخ! في مكان واحد).
فوجدنا الأتي: " أرجو منك إن كنت منصفاً أن تستبدل الآتي:
اسم الشيخ رسلان: باسم الشيخ هشام البيلي"!(يا راجل! قول كلام غير ده ) يعني بدلاً من أن أقول: قال شيخنا الأصولي الأديب ( شيخ المحنة) محمد سعيد رسلان (حفظه الله)
أن أستبدلها بهذه العبارة: : قال شيخنا الأصولي الأديب ( شيخ المحنة) هشام البيلي (حفظه الله)!!!!!

هذا وجه؛ ( ولعلك تقصد وجه أخر )، وهو إحياء لمنهج مخنث جديد! أستطيع أن اسميه ( سيب وأنا اسيب!، أو اسكت عليا وأنا اسكت عليك! ) جرياناً على القاعدة (الشعبية) المشهوره " لا تعيرني ولا أعيرك ده الهم طايلني وطايلك!!"
فلا تلوم على الشيخ رسلان أنه جلس يوماً من الدهر مع الحلبي، كما لا يلوم أحداً هشام البيلي أنه ظل عمره يجالس المبتدعة والمجروحين.

ولو الكلام ده دخل دماغك!، خد ديه كمان!!،  لا تقارن عبد المالك رمضاني (صاحب كتاب مدارك النظر الذي قدم له العلامة الألباني والشيخ محسن العباد، ومدح الألباني الكتاب لدرجة أنه قال: أنه تعلم منه!) ، بمحمد عبد العليم ماضي!؛ فالرمضاني تكلم فيه العلماء ( يعني وِحِش! ) ومع ذلك الشيخ رسلان ينقل من كتابه في بعض الخطب ( الكتاب عمدة في فتنة الجزائر لمن لا يعلم )،ومحمد عبد العليم ماضي( الذي يرمي شيوخنا: حسن عبد الوهاب البنا، ورسلان، وخالد عبد الرحمن، وطلعت زهران ، وغيرهم بالإرجاء)(1)
لم يتكلم فيه أحد من العلماء ( يعني حلو!) (غلطش أنا! ).
فالكاتب يقرر مذهب مخنث جديد!، أراد أن يجمع فيه الموازنات والمنهج الأفيح وكل ما باضه الشيطان وفرخه في عقل مبتدع !. (حتى أنه أدخل عم محمد حسان في مقارنته!)، والله ده حصل!
فاحذروا يا أهل السنة من هؤلاء واصبروا ، فإن نبيكم ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: " وأن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسرا" [رواه أحمد وصححه الشيخ ناصر].
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 6 ذو القعدة 1434

12 سبتمبر 2013

الهوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): قال محمد عبد العليم ماضي ( الحدادي الخبيث) في رسالته السراج الوهاج ص49: " ثم إنك تصبر على أقوام من أمثال علي حشيش، وحسن عبد الوهاب البنا، وطلعت زهران، وخالد عثمان ،وخالد المصري، ورسلان، ومحمود لطفي عامر، بل وتلتقي معهم ،وترحب بهم، بل وتطلب من حسن عبد الوهاب أن يصلح بينكم، مع بقائهم على الإرجاء!!، وطعنهم على معتقد السلف في الإيمان!!!!، ولا تصبر على كلام الشيخ ربيع الذي هو أقل خطراً "!!
قلت: وفضلاً عن كونه من الحدادية الخبثاء، والمبتدعة المحترقين، فهو أيضاً سارق محترف (لهواة السرقات العلمية)، سرق مقالة لي اسمها (المدخلية والجامية فرية إخوانية) فنفخها! في رسالة سمها (المدخلية أسطورة إخوانية)، وتاريخ النشر يفضح سرقته، وقبل أن أنسى( صور يا ...!)

الخميس، 12 سبتمبر 2013

احذر يا هشام أن تَطعن في سلفنا الصالح وأنت لا تدري!



احذر يا هشام أن تَطعن في سلفنا الصالح وأنت لا تدري!

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
         قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : "الراد على أهل البدع مجاهد، حتى كان يحيى بن يحيى يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد" ( نقض المنطق ص / 12 ).

        
وقال ابن القيم : " الجهاد نوعان: جهاد باليد والسنان وهذا المشارك فيه كثير، والثاني: الجهاد بالحجة والبيان وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل، وهو جهاد الأئمة، وهو أفضل الجهادين لعظم منفعته وشدة مؤنته وكثرة أعدائه" (مفتاح دار السعادة ص 71 ).

           وقد بين شيخ الإسلام وجه من وجوه الكلام في المخالف، فقال : "وليس هذا الباب مخالفاً لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "الغيبة ذكرك أخاك بما يكره"، ( فإن الأخ هو المؤمن، والأخ المؤمن إن كان صادقــًا في إيمانه لم يكره ما قلته من هذا الحق الذي يحبه الله ورسوله وإن كان فيه شهادة عليه وعلى ذويه؛ بل عليه أن يقوم بالقسط، ويكون شاهداً لله ولو على نفسه أو والديه أو أقربيه، ومتى كره هذا الحق كان ناقصــًا في إيمانه، ينقص من إخوته بقدر ما نقص من إيمانه"(مجموع الفتاوى 28 / 235 ).

                 وقال الإمام ابن رجب الحنبلي في (( الفرق بين التعبير والنصيحة )) : " فرد المقالات الضعيفة ، وتبين الحق في خلافِها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء، بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه، فلا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية، فلو فُرض أن أحدًا يكره إظهار خطِئِة المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك، فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة، بل الواجب على المسلم أن يُحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له، سواء كان ذلك في موافقته أو مخالفته، وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسوله ودينه ، وأئمة المسلمين وعامتهم"

          ويَفصلُ القضية نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ قائلاً :" ألا لا يمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه " ( رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني ).
من الدين كشفُ السَّتر عن كل كاذب .......................
............................... وعن كل بِدعيِّ أتى بالعجائبِ
ولولا رجالٌ مؤمنون لُهَّدمتْ............................
............... صوامعُ دينِ اللهِ من كلِّ جانبِ
      فمن أجل ذلك نخوض فيما لا نحب، لنـُميط الأذى عن منهج ارتضيناه ، وحاول غيرنا التشغيب عليه بشبهاته ، والتنمر عليه بأُغلوطاته .

      وها هو رجل علمناه من زمن منحرفاً على غير السنة، يهذى بما لا يدري، ويهرفُ بما لا يعرف، متهورًا، متعالمـًا، جهولًا، ... ألا وهو: هشام بن فؤاد البيلي، سكتنا عنه لما أُشيع من صبيانه وأتباع حزبه!، أن كلام أهل السنة فيه نابع من هوى!، وأن من تكلم فيه من العلماء وجرحه كان دافعه الغيرة والحسد!!، فالتزمنا الصمت وصبرنا حتى يخرج هو من صمته الذي افتعله، ليخدع به السذج والطيبين، وقد انخدعوا بالفعل، وقالوا: انظروا يتكلمون فيه ويسكت ولا ينتصر لنفسه!.


       ولكن أبى الله إلا أن يذل من عصاه، فهذا المشبوه سكت دهرًا ونطق فسقــًا!.
راح يدافع عن نفسه في أمر أُخذ عليه وهو: أنه يَلحن في اللغة؛ ولم يكن يضره شيئا لو قال: هذا الباب مغلق علي، لا أستطيع إتقانه، ويغفر لي الله تقصيري، وهذه الأمور التي تتأتى من المسلم سليم الطوية.
لكن لأن المشبوه من جلساء المبتدعة ورفقائهم، سلك مسلكهم، وأتبع طريقتهم، فراح يطعن في أحد السلف من أجل أن يحسن صورته، ويرفع خسيسته.
      وقد أحسن ابن فارس ـ رحمه الله تعالى ـ في وصف حالته فقال : " وقد كان الناس قديمــًا يجتنبون اللحن فيما يكتبونه أو يقرؤونه اجتنابهم بعض الذنوب، فأما الآن فقد تجوزوا حتى إن المحدث يحدث فيلحن، والفقيه يؤلف فيلحن؛ فإذا نُبِّها قالا : ما ندري ما الإعراب، وإنما نحن محدثون وفقهاء!، فهما يُسران بما يساء به اللبيب!!"
( التعالم ص 70 ).


      قال المشبوه وهو يشرح ( إي والله يشرح! ) رسالة "تاريخ تدوين العقيدة السلفية" للشيخ عبد السلام بن برجس - رحمه الله - :
"قال الشيخ عبد السلام بن برجس - رحمه الله - : "فكتب أبو بكر بن حزم، عن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، والقاسم بن محمد بن أبي بكر -وكان لحَّانًا!-". اهـ
فقال- مُعَلِّقًا- : (كان لحَّانًا) : كثير الخطإ في العربية؛ لا يستطيع أن يُقيم لسانه بعبارة – وسيأتيكم - إن شاء الله- .
وقد أخرجَ مسلمٌ: أن القاسم بن محمد ورجلًا كانا عند عائشة. قال: وكان القاسم لحَّانًا!
يقول النووي: يعني كثير اللحن والخطإ ، إذا تكلم بالعربية.. كثير اللحن!
القاسم بن محمد هذا، من أين يا إخوان؟! (قول يا سيدي!)
أحد فقهاء المدينة السبعة!!
حتى قالت عائشة له: إني لأعلمُ لِمَ ينطق هذا بفصاحة وأنت تلحن؛ لأن هذا ربَّته أمه، وأنتَ ربَّتكَ أمك!
وكانت أمُّ القاسم أمَّ ولد -لا تتقن العربية- فتأثر بها!
ولم يُسقطه أحدٌ -أبدًا- بهذا اللحن، الذي لم يكن مرة أو مرتين! وإنما كان موصوفًا به!، مُكثِرًا منه!، حتى قيل: كان لحَّانًا -صيغة مبالغة- كان لحَّانًا! ومع ذلك ما سَقَطَ.
بل من حُفَّاظ الأمّة مَن كان يقول: (حدَّث عن أبوه!)، ليس عن أبيه! -مما يعرفه الصغيرُ بالسليقة ربما-.
وليس هذا دعوةً للحن - والحمد لله- ؛ فإن كثيرًا من الناس يُحسِن أن يقول: حدَّث عن أبيه -لا عن أبوه!- " أ.هـ .

       قلت: فانظر يرحمك الله إلى أسلوبه ومنهجه، راح يغمز في " القاسم بن محمد بن أبي بكر " ـ رحمة الله عليه ـ وأخذه غرضاً، فقال :" لم يكن (يلحن) مرة أو مرتين! وإنما كان موصوفًا به!، مُكثِرًا منه!، حتى قيل: كان لحَّانًا -صيغة مبالغة- كان لحَّانًا! ومع ذلك ما سَقَطَ ".أ.هـ
 وكل ذلك من أجل أن تستدل أن اللحن لا يدخل في جرح الرجل وتعديله.

         وأقول له: كان الأليق بك هنا يا مسكين! أن تستدل بقصة الوليد بن عبد الملك، وكان (يلحن رحمه الله وغفر له) فقال له عمه يوماً : "خليفة وتلحن؟!، فقال الوليد: ابنك عبد الله يلحن، فقال عمه: ولكن أخوه لا يلحن، فقال الوليد: وأخي سليمان لا يلحن!!". (انظر تاريخ دمشق، والبداية والنهاية).

      
وأيضاً عن عيسى بن عمر قال: " كان عندنا رجل لحان، فلقي رجلاً مثله فقال: من أين جئت؟فقال من عند ((أهلونا)) فتعجب منه وحسده!!، وقال: أنا أعلم من أين أخذتها: أخذتها من قوله تعالى: { شَغَلَتْنَا أموالنا وَأَهْلُونَا } [الفتح : 11].
     وارجع يا مشبوه! إلى أخبار الحمقى والمغلفين، فستجد من هذا الكثير، لتستعين به على تلبيسك وتدليسك، واترك لنا سلفنا الصالح.
       وصنيعك هذا يا مسكين! حذر منه العلماء، بل ألفوا فيه، فتجد للإمام السيوطي كتاب(( تنزيه الأنبياء عن تسفيه الأغبياء))، نبه فيه أن من راح يدافع عن نقص في نفسه بإقحام غيره من الأنبياء أو الصالحين، يُعد هذا من سبهم وانتقاصهم، وهذا لا يفعله إلا الأغبياء!.

       وليُعلم أن أمثال هذا الجهول هو من أسباب حيرة شباب هذه الأمة، لأنه يصول ويجول على أصول المبتدعة، فتراه يتكلم بالمتشابه من الكلام ، يخدع به جهال الناس بما يشبه عليهم.

فمازال يقرر ويثبت هو وصبيانه أن ما حدث في مصر كان خروجـًا على الحاكم الإخواني، (نعم يا سيدي!) كان خروجاً، ثم ماذا؟، ماذا تريد؟ تريد أن تقرر أن ولاة الأمر الآن خوارج!؛ فإن كانوا خوارج! كان ماذا؟!
أليس لهم السمع والطاعة في المعروف؟ أم تريد إثبات شيء أخر؟! صرح وأخرج ما تكتمه يا رجل! .
وها نحن تماشينا مع هذيانك وتلبيساتك، لنظفر منك بما تُبطن، فلا تبخل علينا!.

           مع أننا نقول: أن هناك فرق بين الخارجين والخوارج، فليس كل من خرج على ذي سلطان كان خارجيًـا ، ولكن من تدين بتكفير الولاة، ورام الثواب في الخروج عليهم.
وقد استقر كلام السلف على أن الخروج على الحكام حرام بأي طريقة كان، وأن السمع والطاعة في المعروف مبذول لكل من تغلب منهم على ديار الإسلام؛ فحرموا الخروج، وأقروا بالسمع والطاعة للمتغلب المسلم.

فما المشكلة؟! نسمع ونطيع في المعروف، ولا نشارك أو نقر الخروج.
          بيد أن المشكلة في من يتعامل بدهاء وخبث مع هذه الأصول فيقول: نقر بولاية فلان المتغلب، وهو ومن حوله يدندنون ليل نهار أن ما حدث كان خروجــًا ( ولولا الملامة لقالوا: انقلابـًا )، ويقول: لمصلحة من يكسر جيشنا؟، وتسمع منه أيضاً: نحن مع جيشنا مادام مع شرعنا!. فإن لم يكن مع شرعنا كان ماذا؟!
      أهذا لسان أهل السنة؟! أم لف ودوران، وخلط وتدليس؟
 نسأل الله العافية؛ وأن يَنصر من كان على السنة حريصاً، وأن يفضح من كان في الصف دسيساً.
       نقول هذا ونرد على المشبوه في الوقت الذي لا نطمع في رجوعه لكبره وجهله ـ هداه الله ـ ، قال ابن عون :" سمعت محمد بن سيرين ينهى عن الجدال؛ إلا رجلا إنْ كلّمْتَهُ طَمِعْتَ في رجوعه"(الإبانة الكبرى لابن بطة).

        ويقول قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : "أصل الأخلاق المذمومة كلها الكبر والمهانة والدناءة، وأصل الأخلاق المحمودة كلها الخشوع وعلو الهمة" (الفوائـد ص 419).

         وما نعانيه من المشبوه ومن لف لفه وسار على نهجه ، لخصه الشيخ الألباني في كلمة، فقال ـ رحمه الله ـ : "إنّ المسلمين كانوا وما زالوا يعانون أزمة عقيدة، وقد أضيفت إليها أزمةُ أخلاقٍ، وهما أزمتان حادّتان خطيرتان لا تطيب الحياةُ معهما" اهـ

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
4 ذو القعدة 1434
10 / 9 / 2013